Skip to main content

Full text of "رواية كيم - رديارد كييلنج"

See other formats




و بس دوس فيدر 





الا 
[ة 


| لشهدة .< 





25ظ1 


اع 





: 


مغامرات 


الولح ا 
0 


ععخلأه فكع نح 


كر 





“1 ل 


00-0 - 





لي مسح .* 
ل 


00 


0 


كيم 


مغامرات صبى حثا عن هويته فى الهند 


روايه 


المركز القومى للترجمة 
تأسس فى أكتوبر 2٠٠١"‏ بإشراف: جابر عصفور 


إشراف: فيصل يونس 


سلسلة الإبداع القصصى 
المشرف على السلسلة: خيرى دومة 


- العدد: 1825 

- كيم: مغامرات صبى بحثا عن هويته فى الهند 
- رديارد كيبلنج 

- محمد عنادئ 


- الطبعة الأولى 2011 


هذه ترجمة رواية: 
1 4 


عنام 10ه037نا :8 





حقوق الترجمة والنشر بالعربية محفوظة للمركز القومى للترجمة. 
شارع الجبلاية بالأوبرا - الجزيرة - القاهرة. ت: 717514574 517614575 فاكس: 775142514؟ 
ننة© بقنتجء© أظ ,عؤنامط وجعم0 .غ5 030213393 إخآ 
4 :1 06- -273545024 :لع1 تصوج,ومنته؟ © العم نامع اولاعع :المم-ظ 





556 


مغامرات صبى حُثا عن هويته فى الهند 


تاليف: رديارد كيبلنج 


ترجمة وتقديم: محمد عنانى 


2011 





د كل ودبارد. كما - عا ١‏ 5 


١ 


كيم: مغامرات صيى بحثا عن هويته فى ,ا 
إٍ 


تأليف: وديارد كبلخ: ترجمة وتقديم: محمد عتائى. | 


لامر الييكة القغرية العامة كنا ا ظ 

الاغص. 3 سم 0 (المركز العقومى للترجمة) ْ 

١‏ ا 

تدمك * كم 4171 لالاذ ‏ كرلاة ا 
أ. عنانى. محمد. (مترجم ومقدم) 

ب . العتثوان. | 

ا 

رقم الإيداع بدار الكتب 5١11/051٠‏ ا 

| 15 82.2978 -977- 421-838 -2 

ا 

1 

ا 


ديوى؟7/ ا 
ْ : 


تهدف إصدارات المركز القومى للترجمة إلى تقديم الاتجاهات والمذاهب الفكرية المختلفة 
للقارئ العربى وتعريفه بهاء والأفكار التى تتضمنها هى اجتهادات أصحابها فى ثقافاتهم 
ولا تعبر بالضرورة عن رأى المركز. 


صفحة 

| - تصدير ع ا لمن 
ب- المقدمة 0101021212110 0 ا ااا 
١‏ - هذا الكاتب ا تا 

؟ - هذه الرواية 1000000 

"- السياق التاريخى و م 

؛ - حياة كيبلنج يي ك5 

ه- السحر والدين فى الرواية 0000 2 

1 - البناء والنسيج ل 

7- المداخل النقدية الحديثة 0 

ج- نص الروابية ا ا و ا و ل ا 7 
د - المراجع الأجنبية 00 لخ 

اال اما ال 2 ال 02 6 


تصدير 


م 


فى عام 1358 بدأت الدرائية فى جاحة لندخ للحصول على الماجستيز 

فى الأدب الإنجليزى» وكنت كغيرى من الطلاب مُعيرًا أحتاج إلى المال 
لشراء الكتب والتوسع فى ثقافة اللغة التى أدرسهاء فلجأت إلى كتابة الأحاديث 
التى قدمتها إلى القسم الغوبى فى هيئة الإذاعة البريطانية» فى الأدب والنقد 
بين العربية والإنجليزية» ورحثٍ بها الأديب العظيم الطيب صالح - الذى كان 
يرأس قسم الدراما - وقدّمنى إلى مسز شرينجهام رئيسة قسم الأحاديث» فقالت 
لى إننا نحتفل هذا العام بالذكرى المتؤية لميلاد الكاتب رديارد كي بانج أول 
أديب إنجليزى يفوز بجائزة نوبل فيلا الآداب» فلم لا تكتب عنه؟ ولم أكن 
أعرف عن كييلتج إلا أنه 'شاعر الإمُبز اظلورية“* فقصدت إلى المكتبة 
وأتيث بمختارات شعرية كان فد جمعه© 09«7* والناقد الفذ ت. س. 
إليوت؛ وكتب لها مقدمة» فاخترت منها ما رأيته يصلح لأسماع العرب» وكتبت 
الحديث. وعندما جاء موعد التسجيل سألنى الأستاذ سعيد العيسى» المسئول عن 
تقديم الأحاديث العربية» أين قصيدة "إذا؟” (...1) فقلت له إننى لم أجدها فى 
المختارات؛ فنهض وجاء بديوان الشاعر من المكتبة» وأرانى إياها وأصر على 
أن أدرجها فى ”الحديث* فانتحيت جانبًا وترجمت بعض أبياتها على الفورء 
وما زلت أذكر مطلعها: 

إذا امنتطغت الاحتّفاظ بالرشاد بَعْدَ أن 

يجن كل من أُحَاطُوا بك 

وَبَعْد أن يَقُولوا إنلك المسئول عَنْ جُنُونِهِم... إلخ. 

وسجلت الحديث» وبعد نحو أسبوع قابلت مسز شرينجهام مصادفة فقالت 

”الشعر لا بأس به؛ ولكننا نحب هذا الأديب لرواياته.. خذ مثلا رواية كيم..“ 
وقلت فى نفسى ما أجهلنى! وقصدت المكتبة فى كلية بدفورد» التابعة لجامعة 








لندف» حيث كنت أدرس. وقضيت ساعات فى قراءة الرواية فلم أستطع أن 
أستوعب ما قرأتء فالرواية تقدم عَالمًا غريبًا عنىء إذ تدور أحداثها فى الهند 
اللغة الإنجليزية» والبعض لم يدخل لكنه يرد فى الإشارات إلى عادات 
الهندوس والبوذيين وطقوسهم ومفاهيم مذاهبهم الدينية» ولم أجد أن الجهد جدير 
ببذله» فعدت إلى دراستى للشعر الإنجليزى فى القرن التاسع عشرء نابذا 
مشروع ذلك 'الحديث* المقترح. 
عادت صورة رواية كيم إلى ذهنىء لكننى كنت لا أزال أسير انطباعى القديم 
فلم أعبأ بالعودة إليهاء وفى العام الماضى اختارت باحثة لدينا موضوعا 
للدكتوراه يتضمن مقارنة بين شعر كيبلنج وشاعرين آخرينء» فعكفت على 
ديوانه أقرؤه؛ فما.زادنى إلا نفورا منة. وفى فبراير 6" سألنى الصديق 
الشاعر فاروق جويدة إن كان أدب كييالنج قد ترجم إلى العربية» بناء على 
امتفسان الدكتوو .مسموة معني لفق ووين: الاستتمان : اتذالك متهم فقلت د لة له 
يترجم من شعره إلا شذرات قصيرة؛ وأسمعته مطلع قصيدة كنت أدرجتها فى 
حديثى عنه عام :١9556©‏ 

الشرق هُو الشرق 

والغربْ هُوَ الغرب 

لن يلتئى الاثنان 

حتى يأتى الرحمن 

بالأرض وبالأكوان 

يَوْمَ الحشر الأعظم 








وعدت - بطبيعة الحال - إلى الانشغال بهذا الأديب *الخلافى“»؛ ولم أكن 
أعجب لأن أدبه لم يترجم من قبل» فمن الطبيعى أن ينصرف من يعانون من 
الاستعمار البريطانى الغاشم عن كاتب يتحدث بلسان الإمبراطورية البريطانية: 
لكننى كنت أعجب لتجاهل هذا الشاعر والروائى .هذا التجاهل التام» فإذا لم 
نكن نحبه - وهذا صحيح وله ما يبرره - فلماذا لم ننتقده أو نهاجمه؟ 
وعندها قررت أن أوليه اهتمامى» خصوصا بعد أن قرأت مقدمة إدوارد 
سعيد (وهو من هو) لرواية كيم» فأرسلت أطلب كتبه من صديقى الأديب 
والمترجم ماهر البطوطى (من نيويورك) فأرسل لى عدذا منهاء وطلبت من 
أخى العزيز المترجم الفذ أحمد صليحة ديوانه وقصصه القصيرة فأرسلها لى 
(من قيينا)» كما أمدتنى الباحثة أميرة سعد بسبعة كتب عنه» والباحثة رانيا 
الشباسى ببعض الكتب والمادة العلمية» وبعد أن هضمت ذلك كله أو جله 
وجدتنى مدفوعا إلى تقديم هذه الرواية إلى القارئ العربى حتى يحكم بنفسه 
على هذا الأديب. 

وبعد أن انتهيت من الترجمة التى راعيت فيها الأمانة المطلقة» حتى فى 
محاكاة أسلوب الكاتب: رأيت أن القارئ العربى من حقه أن يطلع على آراء 
نقاد العالم فى هذه الروايةء وأقصد النقاد الغربيين والشرقيين جميعاء 
وخصوصا ذوى الأصول الهندية والهنود لأنهم أعلم بشئون بلادهم» وهكذا 
قضيت الشهور التالية فى تنظيم أقوال هؤلاء» وأحكامهم ومذاهبهم» وتصنيف 
هذا كله حتى أقدمه فى صورة تمهيد لقراءة الرواية التى لا يكاد يعرف أحد 
عنها شيئاء وإن كانت تطبع بانتظام ويعاد طبعها فى كل مكان فى العالم 
(وبلغات مختلفة) منذ أن صدرت أول مرة عام .١5٠١‏ 

وأخيرًا لا يسعنى وأنا أقدم هذا العمل إلا أن أتقدم بالشكر والتقدير 
للأصدقاء الذين أمدونى بالمادة العلمية» وأخص بالذكر ماهر البطوطىء» وأحمد 
صليحة» وأميرة سعدء ورانيا الشباسى؛ وقبل كل هؤلاء وبعدهم أخى العزيز 








وصديق عمرى العلامة النابه ماهر شفيق فريدء الذى جاءنى أيضًا بكتاب مهم 
فى موضوعى ثم قرأ الكتاب كله بعناية وأبدى تعليقات أخذت بها جميعا. 
وبعد فأزجو أن يجد هذا العمل قبولا لدى القراء العرب» بما له وما عليه 
فمن العسير تجاهل روائى وشاعر كان أول إنجليزى يفوز بجائزة نوبل للآداب 
عام .١91/‏ 
محمد عنانى 
القاهرة - أكتوبر ٠١٠١‏ 


بسم الله الرحمن الرحيم 


اس 


المقدمه 
١‏ - هذا الكاتب 


ارتبط اسم المؤلف رديارد كييلنج (عهنامنا 5102:4) بالإمبراطورية 
البريطانية فى أوجهاء حتى أصبح يوصف بأنه شاعر الإمبراطورية؛ كما 
ارتبطت كتاباته النثرية»ء وخصوصا رواياته وقصصه القصيرة بكل ما اتسم به 
الكية ا لأقيتفهاذ بالودو اللتكسمان المشضى تيه لذن فافكه اتوت 
العالم الثالث ويلاته رَدَحًا طويلا من الزمن» وتجرعت مصر نصيبها من هذه 
الويلات ما يربو على سبعين عاماء فكان من الطبيعى أن تسوء سمعة ذلك 
الشاعر والروائى» وأن يُوَصم كل ما كتب بوصمة الاستعمار؛ء وأن ينصرف 
عنه الناس» حتى فى بلاده بناء على هذه السمعة» وأن يتسابق المحدثون من 
أرباب النقد الثقافى إلى ذمه والهجوم عليه» حتى عندما يبدع أدبا عظيمًا من 
الناحية الفنية» وحتى حين تحول فى النصف الأخير من حياته فعدّل من مواقفه 
بعض الشىء. 

وهكذا فنحن نواجه عندما نقرأ أى شىء كتبه كييانج ترائًا هائلاً من 
العداء له قد يمنعنا من تذوق أدبه؛ ويكاد يقصر نظرتنا على موقفه الإمبريالى؛ 
ونشرع فى قراءته؛ إن قرأناه أصلاء مستندين إلى أمثال هذه الأحكام المسبقة. 
ولا شك أن لبعضها ما يبرره» من دون أن نفصيل الفصل الذي تقتضيه 
الموضوعية بين فن الكاتب وأفكاره» وذلك انجرافا منا فى تيار النقد الثقافى أو 
ما كان محمد مندور يسميه النقد الأيديولوجى. وأبدأ هنا بتقديم قصيدة أصبح 
عنوانها نفسه يمثل الفلسفة الاستعمارية التى تنبهت الشعوب لها منذ زمن 
طويلء ألا وهى أن الاستعمار واجب ملقى على كاهل الرجل الأبيضء وأن 
هذا الواجب يقضى بنقل الحضارة إلى الشعوب المستعمرة التى تعيش فى 


١١ 








أوحشية“» وما دام ذلك واجبًا فهو عبء يتحمله الرجل الأبيض» ومن ثم 
أصبح عنوان القصيدة يمثل إدانة صريحة للفلسفة الاستعمارية الفاسدة» ناهيك 
بما يرد فى أبياتها من مغالطات يؤسفنى أن أقول إنها لم تنبَدْ إلى الآن نبذا تام 
فى عالم اليوم. 

ففى عام ١695‏ أرسل كييانج إلى صديقه الرئيس الأمريكى ثيودور 
روؤاظة اشح من اقفية 'غناء الرجلالأليض #1 قبل تشترنها ابرح 4 غير ابر 
من العام نفسه فى صحيفة التايمز البريطانية» ويخاطب فيها الولايات المتحدة 
فى أعقاب الحرب التى خاضتها .عام ١694‏ مع إسيانيا وأدت إلى احتلال 
كوبا والفلبين» وكانتا من الممتلكات الإسبائية. وتقول هذه القصيدة: 


تحَمّلوا عِبْء الرجال البيض! 
وأرميلوا مِن خيْر مَن ربَيْتم 

وقَيدُوا بالنفى أَبْتاءكم 

كَيْمَا يُلَبُوا حَاجَة الذين قذ أسرتم. 
راكوا سال هدق الحو شين 
يَحْدْمُوَا الثين فى مراتغ الوكفرية 

5 2 ع لس دفي 
تلك الشعوفة الحينة القن بها :فرت 


د وي 


11 - م ل قو ا سم ٠‏ 
نيصف من الشيطان ثم نيصف نزاعة طفولية. 


تحملوا عباء الرجال البيض! 
وثابروا ثم اثبتوا 


لتَحْجِبُوا التهديد بالإرْهَاب 
وتكبتوا مَظَاهِرَ الهو العُجَابْ 


1 





ذل اتتخول التيطا قبي الكحات مو الصاررية 
ولتشرَحُوا الألفاظ حتى تَضتمنوا الؤضئوحٌ 
سَعيًا لنفع شعب آخر' 


وكسب شعب آخر. 


تحمّلوا عِسء الرّجال البيض! 

والحراب ضتارية لتنشدوا الملام 
وَلتَمْاكُوا أَفوَاة جَوْعَاهُم هُنَاكَ بِالطعَام 
ولتوقفوا زّحخف السّقام 

ولترقبُوا إذا ارتم من نوال ذلك المَّرام 
مَعَّةَ التراخى عند حَمَقى الوقنية. 

وكيف يَنْهَارُ بها كل الذى رَجوثم! 
تحَمّلُوا عباءَ الرّجال البيض! 

لكنه جُهْدٌ كجُهْد العَبْدِ أو جُهُودٍ كَناس 
وتِلك قِصَةٌ تشِيعْ بين الناس" 

ولتدئيُوا بستواعد الأحيّاء من رجَالكُم 
وَتَرَكمُوا برفات من ا مك 
ِلْكَ المَوَانِئ التى لَن؛ تَدَخْلُوهَا 
أو الشوارع التى لَنْ تَطْتُوهًا. 





تحمّلوا عبْء الرّجال البيض 
واجنوا ثِمَارَهُ المَعْهُودَة 
2 ّ مع 

مِن لم من يقل عنكم 
وب بغض من تحمونة 
تحَمّلوا صبيّاح كل حشد تسسعدونة 

. د كٍّ 
(ولو ببٍطء) سائرين نحو النور: 
"ما بالكم حَررتمونا مين عبُودِيّة 
ونَحن أَحبينا قيُود ليِنا المصنريّة!” 
تَحَمّلوا عِباْءً الرّجال البيض! 

2 2 ٍّ 
لا يَجْرُوْنَ أحدٌ على الهُبُوطٍ مِنْ هذى الذرا 
أو يَرفع الصّوات الجهير للحُرية 
درا لما أضتادة افيف الكادلة 


2 ابر 7 
فيكة: الشعوف الستافتات المكديرة 


عر 1 


ام 


3 همسكم 
وكل ما فعلتم أو تركتم 
منازل الأرْبّاب عندكم وقِيمتكم. 


0 


غذا تَقِيسُ بالذى هد 


تَحَمّلوا عبء الرّجال البيض! 
2 ره ام 2 
قد انقضى عَهِدُ الطفولة القدِيم 
وكل إكليل مِنَ الغار الذى يَحْل دون جُهْد 

وأَيْسَر المديح إن أتى بلا اعْتِرَاضْ 
1 





هذا أواق ها جولة أثرائك عكه 

وتلك حِكَمَّةٌ تبَاعٌ غاليًا ذلك كك ا 

فإنها اختيَارٌ للمَدَى الذى أَبْدَيَمُوهُ من رجُولة 

فى كل أَعْوَام مضت ولمْ تنالوا شكركم على البُطولة 

وهذه القصيدة التى تحمل عنوان “عبء الرجل الأبيض* أصبحت تغنسى 

بعض الباحثين عن الخوض فى باقى إنتاجه الشعرىء فألفاظها صريحة: 
بخلاف الكثير من الفقرات الشعرية التى يوردها الكاتب فى مستهل كل فصل 
من فصول روايته» إذ لا تتمتع كلها بهذه الصراحة فى الحديث عن 'الواجب* 


العبء؛* الملقى - فى نظر الإميرياليين - على كاهل الرجل الأبيضء 
ويقول إدوارد سعيد فى مقدمته لطبعة كيم عام /381ة :١‏ 


أصاب جورج أورويل قطعا فى تعليقه على قدرة كييلنج الفريدة 
فى إضافة عبارات ومفاهيم إلى اللغة» مثل ”الشرق هو الشرق 
والغرب هو الغرب"» ومثل ”عبء الرجل الأبيض“”» ومثل ”فى مكان 
ما شرقى السويس“. كما أصاب فى قوله إن مشاغل كييانج. 
السوقية منها والدائمة» ذات أهمية ملحة. والواقع أن أحد أسباب قوة 
كيبالنج يتمثل فى أنه كان فنانا ذا مواهب هائلة» وكان ما فعله فى 
فنه هو صوغه لأفكار كان يمكن أن يقل اتصافها بالدوام كثيراء على 
الرهعهن سؤقيتهاء من :دون فنه. ولكن السبب الآخر لقوته أنه كان 
يتمتع بالمساندة أيضًا (ومن ثمَّ كان يستطيع الانتفاع) بالعْمُد التى 
تدعمها السلطة للثقافة الأوروبية فى القرن التاسع عشر. وكانت هذه 
الثقافة: سد الى جسدامنا وزوتر ة لاجقاررن شيو انوس اونوكو وو ا 
حضارة أرقى حكمَ هذه الأجناس» وجوهر الشرقيين المطلق الذى لا 
يتغير» وكذلك جوهر السود والبدائيين والساء أى إن ذلك كان مسن 
البديهيات التى لا تناقش فى الحياة الحديثة (ص 7"). 


١ 


هذا الجو العام الذى يحيط بالنظرة النقدية إلى الكاتب لم يكن خاصًّا به 
وحده. لكننا درجنا على اختصاصه بالذم لأنه؛ كما يقول إدوارد سعيد. كان 
فنانا عظيمّاء فتمكن بفنه من إحداث تأثير أوسع كثير! من تأثير غيره الذين لم 
يكونوا يتمتعون بمواهبه. 


؟ - هذه الرواية 


ومن العسير على قارئ اليوم إذن تنحية الأفكار الشائعة عن الكاتب حتى 
يقرأ نصًا من نصوصه قراءة موضوعية محايدة» وقد يصعب عليه الفصل بين 
الفن والأيديولوجية» واكتشاف ما يسميه إدوارد سعيد ”امتيازها الجمالى”» إذ ما 
أيسر اكتشاف الأيديولوجية» خصوصاا عند كاتب يجمع بين التلميح وبين 
التصريح؛ وما أصعب دراسة العمل بمعزل عن هذه الأيديولوجية. ويزيد مسن 
تعقيد الصورة تفاوت الكتابات النقدية على امتداد القرن العشرين وحتى مطلع 
القوق: العادس رن الغندوريي كنار دا قتكية نيف التفيدتوت را بادالضةة ميق اللحسياء 
'بالمعرفة الكاملة؛ للهند فيها» ومواطن سحر الرواية باعتبارها حكاية 
للمغامرات العجيبة وملحمة ذات رؤية ثاقبة؛ أو بسبب نفعها كرواية رمزية 
للنزوح والتشرد وتقطع الجذور فى العصر الحديثء. إلى إدانة موقفها 
الإميريالى "الهمجى”“. وفى الفترة الأخيرة» منذ ثمانينيات القرن العشرين 
وحتى اليوم؛ كان جل الدراسات النقدية يركز على ما تسميه زُُهرة ب. 
سليفان (مه1110ن5) )5٠١١7(‏ "النافذة التى فتحها كي بنلنج لمناقشة 
الهويات الثقافية والشخصية وهوية كل من الجنسين فى ظل الاستعمارء إلى 
جانب كوكبة من القيم السياسية المتناقضة التى تقع فى قلب المشروعين 
الإأميريالى والقومى. 

والواقع أن التحول فى دراسات أدب كييلنج بدأ منذ الستينيات. من 
المديح الذى أسبغه راندول جاريل (18:5611) على كييائج واصفا إياه 
بأنه "عبقرية عظيمة وعُصابى عظيمء وكاتب محترف عظيمء من أمهر الكتاب 
الذى عاشوا بيننا“ إلى النقاد الذى يصرون على قراءة كيبيلنج باعتباره من 


15 








"علماء الاجتماع“ قائلاً إنه ناقد ثقافىٌ شاهد مجتمعًا ”يتأرجح على حافة الهاوية 
سياسيًا وعصبيًا وماديا وروحيًا“ (مثل نويل أنان «وصهه). وأما الاحتفاء غير 
النقدى المبكر ”بمعرفة الكاتب للهند“ فقد تحول هو أيضًا باتجاه التيار النقدى 
القائم على ما يسمى 'التمثيل؛ - أئ أئْ جزء يمثل للكل» والاختيارات التى 
تبرر إصدار الأحكام العامة - وهو الاتجاه الذى لا يزال يغذو الأنثروبولوجياء 
والتاريخ والدراسات الأدبية. ولقد كافح النقد خصوصنا فى الثمانينيات 
والتسعينيات» منذ كتابات جون ماكلور (2400[1) وإدوارد سعيدء لتفهم أوجه 
تقاطع جماليات فن كييلنج لا مع جراحه الروحية فقطء بل أيضًا مع تاريخ 
عصره ومساراته السياسية والأيديولوجية. 


وتقول زُهرة ت. سليفان إن هذه الرواية تجمع بين عدة أجناس روائية 
جما غزينا محيذاة ونقويها يسن طايه 'التركين» “فون ووااية +اسوسسية 
مثيرة» وكذلك قصة مغامرات من نوع البيكاريسك (انظر كتابى الأدب وفنونه) 
وقصة بلوغ النضج. (وهو ما نطلق عليه مصطلح صهددمءدعصب0110) ورواية 
رومانسية تصور السعى فى طلب شىء. وتشرح الكاتبة ذلك قائلة إن مصدر 
إثارتها باعتبارها رواية جاسوسية يرجع إلى متابعتها بصورة متقطعة مشكلة 
نجاح كيم مع صديقه اللاما (الكاهن البوذى) فى إحباط مسعى الجاسوسين 
الروسيين» وباعتبارها قصة مغامرات من نوع البيكاريسك» تتبع مسار كيم فى 
أثناء ممارسته ”اللعبة الكبرى“ فى طريق العربات العظيم الذى يرمز لطريق 
الحياة» وباعتبارها قصة بلوغ النضج تعتبر تنويعًا على الثيمة المألوفة فى 
القرن التاسع عشرء ثيمة البحث عن الأب» وهو التنويع الذى يتجسد فى عدد 
مخ الاشتخاضي الذرة سظسوى الأده: ويرمسرون لقافدة مقتطفية الأوهينال: 
وباعتبارها رواية رومانسية تصور السعى فى طلب شىءء تتضمن كيم لونين 
متضادين من ألوان البحث» بحث كيم عن ثور أحمر فى حقل أخضرء وبحث 
اللاما عن نهر السهم؛ أى النهر الذى سقط فيه سهم بوذا. ثم تختتم الكاتبة 
توصيفها للرواية قائلة إن ثمة ما هو أهمء ألا وهو أن طابعها التركيبى يرجع 


ل 








مغامرات صبى 





إلى جهودها فى معالجة آثار وفأة الوالد» والتوسل فى هذا بمطلبين معقدين» 
على تضادهماء وهما مطلب الظفر بالسلطة ومطلب التمتع بالحب» مضيفة: 


إن المشكلات والتناقضات الكبرى فى الرواية يغذوها ويشكلها 
إحساس كييلنج بانقسام ذاته, وتعدد صور ولائه لقوة 
الإمبراطورية فى الوقت الذى تعمقت فيه سلطتهاء وللحب الذى يكنه 
للهند التى ضاعت وكانت تطمس الفوارق بين الحاكم والمحكوم. 
وأما المسعى الباطن» أى البحث عن هوية (من كيم؟ كيم.. كيم.. 
كيم؟) فيوحى بإمكان اكتشاف الذات والتكامل بين ”الذوات* الكثيرة 
لهء والوصول من خلال اللاما إلى هوية يستطيع كيم أن يحبها. 
ولكن هذا البحث يصطدم بالمسعى الخارجىء ألا وهو الرحلة 
والمتابعة الملحة للتعريف بحثا عن الأب (الثور الأحمر فى الحقل 
الأخضر).؛ الذى سوف يحرره من بعض مظاهر القلق والمشكلات 
الكامنة فى ذلك البحث. وبعبارة أخرى نقول إن حب كيم للأما وبحثه 
عن الهوية يصلان إلينا باتساق من خلال هياكل السلطة الحاكمة» 
ويقعان آخر الأمر تحت سطوة النظام الاستعمارى (ص .)١57‏ 


لهذه الرواية. 
''- السياق التاريخى 

يدرك قارئ الرواية من الإشارات المتناثرة فى ثنايا النص»: خصوصتا فى 
الحوارء أن الأحداث تقع فى نحو أربع سنوات» ولنقل ما بين ١88/7‏ و189, 
ينتقل فيها من الطفولة إلى اليفوع (أو الرجولة كما يحلو له أن يقول). وفى 
هذه الفترة كان مؤلف الرواية يعيش فى الهند ويعمل محررا فى بعض 
صحفها. وصورة الهند التى تبرز فى الرواية مرسومة من وجهة نظر أفراد 


١6 








الشعب العاديين» بحيث لا يشعر القارئ على الإطلاق (تقريبًا) بالأحداث 
السياسية الكبرى فى تلك الفترة» وربما لم يكن كييلنج يدرك مدى أهميتها 
آنذاك» لكنها فى الواقع أدت إلى وضع أسس القومية الهندية فى القرن 
العشرين. 

ويقول بلير ب. كلينج (11128) فى دراسته التى أعتمد عليها فى بداية هذا 
القسم (؟١٠3)‏ إن الإمبراطورية الهندية البريطانية فى أوجها كان يبلغ عدد 
سكانها 705 مليوناء وتشمل شبه القارة الهندية كلها» بما فى ذلك الدول 
المستقلة اليوم وهى الهند وباكستان وبنغلاديش. وكان يحكم ثلثى الإمبراطورية 
جهانٌ بيروقراطى بريطانى لا يزيد أفراده عن 7٠٠٠١‏ شخصء وكان يشار 
إليهم باسم نخبة رجال الحكومة الهندية الذين كانوا يشرفون على عمل نحو 
٠‏ من الموظفين الكتابيين والإداريين الهنود. وأما الثلث الباقى فكان 
يتكون من ولايات وطنية يحكمها الأمراء الهنود تحت الإشراف البريطانى. 
وتظهر لنا بعض الإشارات إلى هذه الولايات فى ثنايا الرواية؛ فالسيدة 
'المهرانية» التى مدت يد الود إلى اللاما وكيم أرملة حاكم ولاية صغيرة فى 
وادى كولوء كما يظهر البنغالى موكرجى قرب النهاية (فى الفصل الثانى 
عشر) متنكرًا فى صورة مبعوث من راجا (حاكم) ولاية راميور. وأما 
المناطق الرئيسية الثلاث التى كانت تخضع مباشرة للحكم البريطانى فكانت 
مقاطعات هائلة المساحة؛» وهى البنغال وبومباى ومدراس. وكانت هذه 
'الإمارات؛ قد تضخمت فى أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع 
عشر نتيجة سلسلة من الحملات الحربية التى شنها جنود شركة الهند الشرقية. 


فبعد أن :كانك مدنا تجازية بباخلية أضمحة تضبع,فعظم مساحة فصي القدارة 
الهندية. وكان لكل منها حاكم ومجلس حكمء وإن كان هؤلاء المسؤولون من 
أبناء البلد يخضعون لحاكم الهند العام أو نائب الملكة. وفى الثمانينيات من 
القرن التاسع عشر أضيفت مقاطعات جديدة» وهى المقاطعات الشمالية الغربية: 
ومتاحكة "وناو الي ةس ني المكا عاك انعط او الحما ود ونو ريسا 


168 





وتقع أحداث الرواية فى المقاطمات الشمالية الغربية» وفى أُوذء وفى 
الينجاب. وفى الولايات الوطنية عند سفوح جبال الهيملايا. 

وعلى الرغم من خضوع الهند فى ظل الاستعمار لحكومة متسلطة؛ فلا 
تشى رواية كيم بأية صورة من صور التسلط. ولهذه القضية وجهان» الوجه 
الأول أن دعاة التسلط فى الحكومة البريطانية - الذين كانوا يبنون حجتهم على 
أن الجماهير الفقيرة الجاهلة لا تصلح لحكم نفسها أو يزعمون بأنهم يمثلون 
الحكمَ فى المنازعات الناشبة بين سكان شبه القارة الهندية»التى يفتتها التعدد 
الشديد للأعراق واللغات والأديان والطوائف والثقافات» بل والأجناس (على 
نحو ما يصوره المؤلف فى رحلة كيم واللاما فى طريق العربات العظيم) - لم 
يكونوا آنئذ على رأس الحكومة البريطانية. بل كان جلادستون الذى رأس 
الوزارة أكثر من مرة فى الثمانينيات والتسعينيات من القرن التاسع عشر يؤمن 
بضرورة الحرية وإقامة الحكم النيابى فى الهند. وأما الوجه الآخرء فهو عملى 
'براجماطيقى*؛ ألا وهو قلة عدد البريطانيين فى الهند واعتمادهم على التعاون 
مع أبناء البلد فى إدارة هذه الإمبراطورية الشاسعة. وإلى جانب هذين 
الوجهين؛ كان قد نشأ عامل جديد ألا وهو الزيادة المطردة فى أعداد الهنود 
الذين تلقوا تعليمًا غربيًا وكانوا يشكلون نواة الطبقة الوسطى البازغة؛ 
وخصوصا فى المدن الكبرى مثل كالكتا وبومباى ومدراس. وإزاء مطاليبة 
هؤلاء بالمشاركة فى الحكم والتمتع بحقوق البريطانيين» لم يكن أمام سلطة 
الاحتلال إلا أن تستقطب زعماءهمء وتشرك العديد منهم فى الإدارة» وتقيم 
'الأحلاف* مع شتى قطاعات السكان الهنودء تجنبًا لأى احتكاك يوحى بالقوة 


ع 


الغاشمة. 


وكان البنغاليون من أسبق أهل الهند إلى استيعاب العلوم الغربية. 
وخصوصنا إثقان اللغة الإنجليزية» وسرعان ما اكتسب هؤلاء الأدوات التى 
مكنت البريطانيين من السيطرة على البلادء ألا وهى مهارات التنظيم الغربية 
والنزعة الوطنية والهوية القومية» إلى جانب العلوم والتكنولوجيا الغربية. بل 








إن بعض الهنودء خصوصنا فى بومباىء بدأوا ينافسون البريطانيين فى التجارة 
الخارجية» وكان بعضهم قد أنشأ فى وقت التمرد الهندى -١861(‏ 
)9 المشار إليه فى الرواية - مصانع نسيج حديثة. وأما البنغاليون 
المتعلمون فيمثلهم فى الرواية البنغالى هورى شوندر موكرجى. وكان 
خصوله علئ: الماحستيز من" جامعة كالكتا وتفاخره العجيب يلغته الإتجليزية: 
من الرموز الدالة على انتشار أبناء البنغال فى مناطق الهند الشمالية ومزاولتهم 
المهن التى كانت مقصورة على البريطانيين. وتشهد معالجة كييلنج لهذا 
البنغالى على أن المؤسسة البريطانية الحاكمة فى الهند لم تكن تضمر ود 
خالصا للبنغاليين» فإذا كانت قبل منتصف القرن التاسع عشر ترحب وتهلل 
لظهور من كانت تدعوهم "إنجليزًا ذوى بشرة سمراء“ باعتبار ذلك دليلا على 
نجاع بكاستها"ار ماتكانت تع ةايؤنالقها: الحضارية»كانييا هذا عنيسة أن 
اعتبرتهم تهديدا لها بحلول الثمانينيات - ما داموا قد تعلموا القيام بأعمال 
الإتكارن كتين إنيا يات إلى ع الحمثيد بالشكرية وزاعيد ان كر انين اعتصونة 
كما كان البريطانيون فى الهند يقولون إن البنغاليين قد يكونون قد تظقوا تَعليمٌا 
إنجليزيًا ولكنهم يفتقرون إلى الصلابة الخلقية» والرجولة؛ والمنطق السليم - 
وهى الصفات اللازمة لشغلهم مناصب رئيسية - وعليهم أن يكتفوا بوظائف 
إدارية ثانوية» ويستطيع قارئ هذه الرواية أن يشعر بنظرة المؤلف التسى 
تضمر هذين العنصرين معا (أى الترحيب بالطبقة الجديدة والخوف منها) فى 
خالكتة لتكضيية التنقالن. 

وكان يتزامن مع أحداث الرواية حدثان يتمتعان بأهمية بالغة» الأول إنشاء 
حزب المؤتمر الوطنى الهندى فى 1480» الذى قويت شوكته فى العشرين 
عامًا التالية» فدأب على إصدار قرارات ينتقد فيها السياسات البريطانية 
ويوصى ببعض 'التحسينات» وإن كان يحرص على إعلان إخلاصه لبريطانيا 
(فى الكفة الأخرى من الميزان). وما إن حل القرن العشرون حتى ازدادت 
النزعة الثورية عند الشبان المتعلمين؛ وبعد الحرب العالمية الأولى تولى 
زعامة الحزب المهاتما غاندى الذى قاد الهند فى معركة الاستقلال. وكان 





521 








الحدث الثانى هو السماح بإجراء الانتخابات لتشكيل أجهزة الحكم المحلى؛ 
وهى التى كانت الركيزة التى استند إليها تحقيق الحكم الذاتى فيما بعد, 
خصوصا عندما سمح حاكم عام آخر للهند» بموجب قانون المجالس الهندية 
الصادر فى ».١857‏ بإشراك أفراد الطبقة المتوسطة المثقفة فى مجالس الحكم 
فى الإمبراطورية الهندية. 

وهكذا فبينما كان كيم يعمل مع أصدقائه فى مناطق الحدود الجبلية لإنقاذ 
الإمبراطورية الهندية الأوروبية من الخطر الروسىء كان مواطنو هورى البنغالى 
سائرين فى الطريق الذى انتهى باستقلال الهند وتفويض الإمبراطورية فى 
غضون ستين عاما. ولا يلمح القارئ فى صفحات الرواية أية إشارة إلى هذين 
الحدثين المُهمَّيْنء فكأنما كان كيبي لنج ورفاقه البريطانيون لا يرون الهند 
الحقيقية إلا فى صورة جماهير الفلاحين؛ ويعتبرون أنهم - أى الإنجليز - الحُمَاة 
الذين أرسلهم الله لها. كان البريطانيون لا يثقون فى الهنود المثقفين ويرون أنهم 
غير قادرين على النظرة الموضوعية؛ وإن كان هؤلاء لا يكفون عن الهجوم على 
الحكم البريطانى بسبب عجزه عن علاج الفقر» وبسبب تخصيص جانب كبير من 
ميزائية الإمبراطورية - المقتطعة من أرزاق أبناء الشعب الفقراء - للجيش (بدلا 
من التعليم والصحة) وكان الجيش يُستخدم فى المقام الأول لتأمين حدود البلد 
الشمالية الغربية» أو ما كان يسمى 'باللعبة الكبرى'. 

وأستعين هنا بالكتاب الذى أصدره بيتر هويكيرك (1كامه11) عام ١997‏ 
بعنوان اللعبة الكبرى»؛ ويشرح فيه طبيعة هذه 'اللعبة“» إذ كانت الحكومة ترى 
أن التاريخ يساند سياساتهاء ما دام الغزاة لم يستطيعوا دخول الهند إلا من 
طريق الممرات الجبلية فى الشمال حتى استطاع الأوروبيون الوصول إليها 
بحرا. وكان من بين هؤلاء الغزاة الآريون الأوائل» والفرسان الرّخّل وبناة 
اوفقو لوو داك هن اشرق اد ريط وهنا الوسطل يفنب لبا ال 
والبكتريونء والكوشان؛ والمغول. والأتراك. ويبدو أن كييلنج كان يعتبر 
الحدود الشمالية الغربية مكانا ذا سحر خاصء لأنه يتيح للمغامرين إثبات 





171 


صلابتهم» ما دأم الفكاق: حافلا بالتخطان :والاسو اند وهو ما يصوره فى رحلة 
ترمغ اننا إن :الخال : 


ويشير تعبير 'اللعبة الكبرى“» وفقا لما يقوله هويكيرك؛ إلى الصراع فى 
سبيل السيطرة على الشرق الأوسط وأسيا الوسطى بين بريطانيا وروسيا. 
وكان هذا الصراع يجرى بوسائل دبلوماسية» وعقد الأحلاف» والاعتماد على 
الولايات التابعة لكل منهماء وأيضًا من خلال التجسسء والاستكشاف» ومسسح 
الأراضى هندسيّاء ورسم الخرائطء والتنافس فى احتلال المواقع الحاسمة فى 
المناطق الحدودية. ويقول هويكيرك إن تعبير 'اللعبة الكبرى؛ كان أول من 
ابتدعه ضابط بريطانى أرسله الحاكم العام للهنفد عام ١8١5‏ لاستكشاف 
الأراضى الواقعة بين جبال القوقاز وممر خيبرء وهو الطريق الذى يمكن أن 
يسلكه الجيش الروسى إذا أراد غزو الهند (ص .)١575-١7”‏ وكان ذلك 
الضابط» واسمه كونولى» يمثل ”اللاعب الأصيل للعبة الكبرى” - بتعبير 
هويكيرك - ما دام قد خاض مغامرات فذة» وكان يستعين فيها بالتنكر 
والتحايل فى سبيل البقاء. وسوف يلمح قارئ الرواية تأثير هذه الصورة 
- ولابد أن كيبلنج كان يعرفها - فى مغامرات كيم مع اللاما والبنغالى فى 
المناطق الحدودية. 

كانت بريطانيا قد بدأت تخشى غزو الهند من حدودها الشمالية الغربية منذ 
الحروب النابليونية»؛ حتى من قبل إنشاء إمبراطوريتها الهندية» وأما فى القرن 
التاسع عشر فقد ازداد انشغالها بإمكان غزو روسيا للهند بسبب نجاح الروس 
تدريجيًا فى فتح مناطق أسيا الوسطى التى كان يحكمها التتار. وكانت كل 
منطقة تضمها روسيا إلى أملاكها تقربها من الهند. ويقول هويكيرك إن الحدود 
الروسية كانت تبعد فى بداية القرن التاسع عشر عن الهند بمسافة "٠٠١‏ 
كيلومترء وتضاءلت هذه المسافة فى نهاية القرن حتى لم تعد تزيد عن ”” 
كيلومترا فقط. وفى منطقة الهند الشمالية الغربية كانت تفصل بين روسيا 
و 'الهند البريطانية؛ دولتان تمثلان حاجزا طبيعيًا هما بلاد فارس وأفغانستان» 
وكانت روسيا وبريطانيا تتنافسان فى التحالف معهما أو فى قهرهما. 


37 








وكانت بريطانيا تسعى لتنصيب حاكم يمد يد الود لها فى أفغانستان؛ 
تاريقلة كيد بيكتلك اشن لمكنو النرتيفةا فيزن ةلافس 4 ةركل لخدو ها 
فعزلت حاكمها ونصبت قريبًا له لا يحبه رجال القبائل الذين انتظروا حتى 
فصل الشتاء فانقضوا على ذلك الجيش الذى حاول الرجوع إلى الهند فحالت 
الثلوج التى سدت الممرات الجبلية دون رجوعه.ء وتمكن رجال القبائل من إبادة 
ذلك الجيش إبادة شبه كاملة» إذ لم ينج منه سوى إنجليزى واحد وحفنة من 
الجنود الهنود. ثم حاولت بريطانيا الغزو ثانيًا بعد أن احتاطت للأمر؛» فوفقفت 
فى عام 1880-١41/4‏ - وهى الفترة القريبة من أحداث الرواية - وتنصيَت 
حاكمًا مواليًا لها فى كابول» ولكن بريطانيا كانت تحرز نجاحا أكبر فى ”اللعبة 
الكبرى“ من خلال الدبلوماسية والتجسس. وأما الحلبة الثانية التى دارت فيها 
المنافسة بين بريطانيا وروسيا فكانت التيبت. وكانت تخضع نظريًا فى 
علاقاتها الخارجية للصينء؛ لكنه عندما تولت أسرة 'مانشو>ء الضعيفة الحكم فى 
الصين؛ حاول الدلاى لاماء الزعيم الدينى الأكبر للتيبت» تحرير بلده من 
السيطرة الصينية بمساعدة روسياء وتولى تنظيم هذه المساعدة أستاذه الروسى 
الذى كان يدين علنا بالبوذية. وكان الروس يتظاهرون بأن اهتمامهم يقتصر 
على الدين» ولكن بريطانيا خشيت أن يكون الدين ستارًا لنشاط سياسى فشنت 
على التيبت حملة عام ١٠١5‏ انتهت بمذبحة لجيش الكهان البوذيين ذوى 
املف البناكينة؛ ,وق هيك اتقافزة الساررة. كالم (١‏ وسروه ان سا فا الوا :لماه 
النوريظائى على شلك «اللشكؤية الوحشى» فعذلك: الذكؤية من شراط الاثفافية: 

ويلاحظ قارئ الرواية ذلك التركيز المثير على الجانب السرى 'للعبة 
الكبرى“'؛ وهو ما يضعه سى. أ. بيلى (8219) فى سياقه التاريخى الصحيح 
فى كتابه الإمبراطورية والمعلومات الصادر عام 5 »؛ قائلا إن بريطانيا 
أقامت فى الهند من أقصاها إلى أقصاها شبكة استخبارات هائلة» تتكقون من 
شتى أنواع 'المخبرين؛ المأجورين» وجامعى المعلوماتء؛ قبل أن تبسط 
سلطانها على الهند بزمن طويل. وكان الحكام المحليون» وملاك الأراضى 
والتجار يعتمدون جميعًا على عملاء الاستخبارات. وكان رؤساء الولايات 





3 





الهندية يستخدمون مخبرين من نوع آخرء كانوا يسمون "كتاب الأخبار' الذين 
كانوا يكلفون بالخدمة فى قصور الملوك الهنود فى المناطق النائية حتى يعودوا 
بما سمعوه من تدابير ومؤامرات. وكان البريطانيون فى أول عهدهم بحكم 
مناطق شاسعة فى الهند إبان القرن الثامن عشر مضطرين إلى الاعتماد على 
شتى ضروب '"المخبرين* بسبب جهل الإنجليز باللغات والعادات وعلاقات 
القوة والموارد والطاقات. الحربية لخصومهم..:وبسبب هذه الفجوة فنى اللفة 
والثقافة خصوصا كان نجاح العمل الحكومى برمته يعتمد على جودة 
الاتصالات ما بين المسؤولين ومخبريهم الهنود. ويسمى بيلى حالات انهيار 
خطوط الاتصال بين الجانبين ”حالات فزع معلوماتى”“ كما يُرجع سبب أحداث 
التمرد فى 1858-1١/251/‏ إلى مثل هذا الانهيار ويقول إن أحد أسباب فشل 
الاستخبارات منذ منتصف القرن كان خضوع جمع الاستخبارات 
للإيووقو اطفة دو اكفاك ببالاتخضائياف نيدلا من عماكء لاخدا رانك الايدريك : 
ويقول بيلى إن أهم سبب جعل بريطانيا تسمح بإشراك الهنود فى المجالس 
التشريعية» وتشجع إنشاء حزب المؤتمر الوطنى الهندى أول الأمر كان يتمثل 
فى رغبتها فى معرفة آراء 'الرعايا' الهنود للحكومة. 

كمنا بلإحظ قارع الرؤاية الإشارات المتعددة إلى :مضلحة المستاحة الهقدية 
ورسم الخرائط وكيف تعامل فى الرواية معاملة التجبسس. ويقول هويكيرك 
المذكور فى كتاب آخر (عنوانه مسعى كيم: البعث عن اللعبة الكبرى عند 
كييانج. )١955‏ إن النموذج اذى بنى كر 1 
كرايتون فى الرواية كان ضابطا فى سلاح المهندسين الملكى برتبة نقيبء. 
و اشفنه ترمانن بس تتكره وي لحن تروقية كل لعل للها لين اماق ا ني ار كف 
والتيبت فى الستينيات والسبعينيات من القرن التاسع عشر (ص .)١١١‏ 
ويوضح هويكيرك أن هذا الرجل كان أول من تنبه إلى ضرورة الاستعانة 
بالهنود أنفسهم بعد تدريبهم على ممارسة هذا العمل فى المناطق الخطرة 
والمعادية» متنكرين فى صورة حجاج بوذيين. وكما يحدث فى الرواية» كانوا 
يستخدمون حبات مسابحهم فى حساب خطواتهم المنتظمة تحديذ! للأبعاد 


5 








ويخفون البوصلة فى عجلة الصلاة. وكانت أسماؤهم تظل طِىّ الكتمان ويشار 
إليهم بحرف متبوع برقم» على نحو ما نرى فى الرواية. وسرعان مسا كتب 
الكتاب عنهم بأساليب مثيرة» وإن كان ماثيو إدنى (لإ©م84) يرى أنها مبالغ 
فيها وفى أهمية هؤلاء أنفسهم فى إطار المسح الجغرافى للهند» وعنوان كتابه 
رسم خريطة الإمبراطورية وقد صدر عام ١55:1‏ (ص 7303-708). ولكن 
مهما تكن حقيقة ما قاموا به فقد استغل كييلنج ما وجده القراء من جاذبية 
فى هذه الشخصياتء والحق أنها كانت تتفق مع مذهبه فى جعل الهنود 
الكتهعاة التكلسو انا ١‏ لتفئسية» اهار 

ومن نماذج هؤلاء ”الأبطال من أبناء البلد“ فى الرواية شخصية الجندى 
الهرم؛ أحد قدماء المحاربين فى أحداث التمرد الهندى؛ الذى كوفئ على الدوام 
بعد ذلك على إخلاصه لسادته البريطانيين فى أحلك ساعات محنتهم. فماذا كان 
من أمر ذلك التمرد - الذى يشار إليه فى كتب التاريخ باسم 'العصيان* - عام 
17 بدأت أحداثئه من جانب الجنود الهنود فى الجيش البنغالى» وسرعان ما 
امتد التمرد إلى الولايات المحلية المستاءة» وإلى الفلاحين وملاك الأراضى. 
وكان هؤلاء الجنود قد تدربوا على القتال بالأساليب الحربية الأوروبية: 
واستخدمتهم أول الأمر شركة الهند الشرقية عام ١754‏ إبان الحروب مع 
فرنسا. وكان من المسموح لكل إمارة أن تتولى تجنيد وتدريب أفراد جيشها 
الخاص» وكان كل جيش منها خاضعا لقيادة منفصلة حتى وقوع التمرد. 
وكانت قيادة السرية فى أيدى ضباط هنودء ولكن قيادة الكتيبة كانت بريطانية. 
وقد قام هؤلاء الجنود بخوض معظم المعارك التى أدت إلى 'فتح* شبه القارة 
الهندية» ولكن بريطانيا كانت أحيانا ترسل المدد لتدعيم صفوف الجيش المقاتل. 
وفى الوقت الذى اندلع فيه التمرد كان هؤلاء الجنود يعتزون بأنفسهم ويتمتعون 
بإجادة ‏ مهنتهم'» ويتقاضون رواتب مجزية؛ بالمعايير الهندية». مضمرين 
|الولاء للكتيبة أكثر من ولائهم للحكومة البريطانية. وكان الجيش البنغالى الذى 
تمرد عام 18017 يتكون من هندوس ينتمون للطوائف العلياء من بيهارء و”أوذ' 
وأجرا. ونجح فى الاستيلاء على مناطق شاسعة فى شمال الهند. وهكذا أصيب' 


535 








البريطانيون بالهلع» خصوصا المتناثرين منهم فى الريف. وارتكب الجانبان. ... 
اعون غضصون اشتباكاتهما فظائع كثيرة؛ وعندما نجحت القوات المرسلة من 
بريطانيا فى إخماد الفتنة انتقم البريطانيون من المتمردين شر انتقام. 

ويهمنا ما تلا ذلك؛ فى إطار دراستنا للرواية» من إيمان البريطانيين عندما 
أعادوا تشكيل الجيش الهندىء بنظرية يشار إليها باسم نظرية الأجناس 
الحربية» وهى التى تقول إن بعض الأجناس فى الهند أكثر صلاحية للخدمة 
فى الجيشء» بسبب زيادة ولائها لهم» وقوتها البدنية» وعدم صلفها أو قلته! ولن 
نفيض فى ذكر الأجناس التى اختصوها بهذاء ويكفينا أنهم استبعدوا 
البراهمينيين والبنغاليين والذين تلقوا تعليمًا غربيًا فى إمارة بومباى. وكان 
كييانج مغرما بالجيش الهندى ويؤمن بأن علاقة الاحترام المتبادل والولاء 
- التى كان يتصور توافرها بين الهندى المحارب والضابط البريطانى - تمثل 
العلاقة المثالية بين الرعية والحكام. وكانت نظرية الأجناس الحربية المذكورة 
تمثل جانبًا من الأيديولوجيا العنصرية السائدة فى أوروبا الغربية وفى الولايات 
المتحدة فى العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر وحتى أوائل القرن 
البريطانيون والفرنسيون والألمان والأمريكيون يستخدمون نظرية تفوق الجنس 
الأبيض تبريرا للاستعمارء والتمييز العنصرى والاستغلال الاقتصادى. وأما 
فى الهند فكانت العنصرية البريطانية تثير حنق القادة المنتمين إلى الطوائف 
العلياء وذوى المواهب والتعليم الغربى» وإن ظلوا على ولاتهم لبريطانيا فى 
أثناء التمردء كما أدت هذه العنصرية إلى تعميق جذور الحركة القومية التى 
أدت إلى اندلاع المظاهرات المعادية للحكومة فى شتى البقاع وللى ارتكاب 
بعص أحذاك الإرهاب في العقد لدو من القرن العشرين. 

وختامًا لهذه النبذة التاريخية التى أرجو أن تكون كافية أجد لزامًا على أن 
أشير إلى ظاهرة تلعب دورا أساسيًا فى الرواية وهى السحر والعرافة» إذ كان 
الإيمان بهما شائعًا فى أوساط البريطانيين فى الهند فى أواخر العصر 
المكتورىء بل وفى بريطانيا نفسها فى أواخر القرن التاسع عشر. وقد يبدو 


3 / 








هذا غريبًا إزاء العقيدة الشائعة بأن تفوق البريطانيين كان يرجع إلى مواقفهم 
العقلانية والعلمية. ولكن نهنا يدعى لويس د. ويرجافت (10881آ) قام 
بترا كتانانة الكداب البزيظانيين فى" انين ومن ينيد #يستلتب :رو التهيسيقن 

منها إلى ”افتتانهم بالسحر والخرافة لدى أبناء البلد» وانتشار الاهتمام - على 
نطاق واسع - فى أوساط الإنجليز والهنود بالعرافة والخرافة“. (عنوان الكتاب 
الخيال الإمبراطورى .١187‏ ص 59-54 وصفحات متفرقة). ويضيف 
الكاتب أن البريطانيين كانوا مبهورين "بجهود الهنود للتحكم فى البيئة بوسائل 
سحرية» من بينها التعاويذ أو اللعنات أو الأضحيات“. ويبين أن الهندوس كانوا 
يرون الربوبية فى كل شىء.ء فى الأنهار والجبال» والطبيعة» والحيوان» وفى 
عروسينء وفى الربانيين القادرين على تكثيف الطاقة الربانية فيهم من خلال 
ضروب التقشف البالغة. ومن الطريفء وفق ما يقوله ويرجافتء أن الفلاحين 
كانوا ينسبون قوى سحرية إلى الضابط البريطانى الذى يتولى رئاسة الحى 
ويتمتع بسلطان كبيرء ومر بعض هؤلاء الضباط بأحداث غريبة عوملوا فيها 
معاملة الأرباب وذوى الطاقات السحرية. والواقع أ كييلنج يستغل هذه 
الظاهرة فى روايته» من خلال تصويره لشخصية السيد لورجان (البريطانى) 
ودكان العجائب الذى يملكه. 


ويرجح بعض الذين تعرضوا لحياة كييانج. استنادًا إلى سيرته الذاتية: 
أن انبهاره الشخصى بسحر الهند نشأ فى البداية من طفولته المبكرة فى 
بومباى» حيث ولد وعاش حتى سن الخامسة والنصف, يرعاه خدم هنود ولا 
يتكلم إلا اللغة المحلية» وكان يرى بعينى طفل مشهد الحياة اليومية فى الهند. 
ولا شك أنه كان يستكشف "حديقته السحرية“ الخاصة:؛ الحافلة بالأزهار وألوان 
العبيرء ويتأمل الحياة اليومية فى الشارع خارج منزله» حيث ينشط 'الحواة؛ 

الذين 'يروضون' الثعابين» أو يبتلعون اللهب أو السيوف» والقردة التى تسرق 
الأطعمة وغيرهاء ويشاهد الشحاذين الجوالين» والموسيقيين والمواكب الدينية 
التى تزهو بشتى الألوان. ولا شك أنه شارك فى نثر المساحيق الملونة على 
الخدم ذوى الطبع السمح فى عيد الربيع الهندوسى واحتفالاته الصاخبة» وفى 


78 





إضاءة المصابيح الصغيرة فى عيد 'ديقالى»» الذى كان يمثل انتصار الرب 
كريشنا وزوجته ساتيابهاما على شيطان يدعى ناراكا. ومن الطبيعى أن تصحو 
أمثال هذه الذكريات 'النائمة» من مكامنها عندما عاد إلى الهند بعد أن قضبى 
أحد عشر عامًا فى إنجلترا. وأما خبرته المباشرة بالعرافة والكشف عن الغيب 
فيوردها مؤلف سيرة حياة رديارد كييلنج. وهو مارتن سيمور -س ميث 
(طاتصة اممو 5) الصادرة عام 9454١»؛‏ حيث يقص قصة لقائه بعرافة تدعى 
مدام هيلينا بتروقنا بلافاتسكىء والعقيد هنرى ستيل أولكوتء؛ مؤسس 
جمعية ”الحكمة الإلهية' فى نيويوركء وكانا قد قاما بزيارة الهند ما بين عامى 
049 و6884 1» وكانت تلك المرأة تقول لأتباعها إنها تستطيع الاتصال 
المباشرء بفضل طاقتها الروحية؛ 'بالمهاتمات*» وهى كائنات روحية من 
التيبت كانت تظهر لها وللعقيد فى صور مجسدة فى الأحلام والرؤى. ومن 
أهم أتباعها محرر صحيفة اللاهأباد ييونير التى كان كييلنج يعمل فيها من 
عام ١8417‏ إلى 14885 وكان كييالنج يشكو من إسراف هذا المحرر فى 
الدعاية لذلك المذهب (ص .)”"١‏ كما قابل ”المتصوفان» والد كييانج الذى 
قال إنهما دجالان» وكان لهما تأثير كبير فى تريكس» أخت كيبي لنج التى 
كانت تعانى من العُصاب. وقد زادت هذه المرأة من اهتمام البريطانيين 
بالقيسه الله قاطن النتااهر للينل» وهنا كاك هاما مخ عو مسال اكقيسان 
كييلنج لراهب من التيبت» هو تيشو لاماء ليصبح من الشخصيات الرئيسية 
فى هذه الرواية. 


؛- حياة كيبلنج 

ذكرت فى الفقرة السابقة أن ميلاد كييانج فى الهند ونشأته فيها تركت 
فى نفسه آثارًا لا تمحىء كما أشرت إلى سيرته الذاتية النى صدرت عام 
37 والكتاب الذى كتبه سيمور- سميث عن حياته» ومن المنطقى أن أقدم 
الآن لمحة عن تلك الحياة. ولد كييلنج (واسمه الكامل جوزيف رديارد 
كيبانج) فى مدينة بومباى عام 1815» وكان والده فنانا ومعلمًا ثم أصبح 





1 ؟ 





أميا لمتحف لاهور (وهى فى باكستان الآن) وبعد ثلاث سنوات من ولادة 
أخقه اليس اميل الطفلان» وفق المتبع» إلى إنجلترا لتلقى التعليم واكتساب 
أساليب الحياة البريطانية. لكنه كان حتى هذه السن يعتبر اللغة الهندوسية لغته 
الأم» كما يقول جيفرى مايرز (80/65) فى مقدمته لطبعة الرواية عام 
٠٠‏ » فكان يتكلمها ويفكر ويحلم بها. واستقر الطفلان فى منزل كان 
كييالنج يسميه "بيت الكابة“ فى مدينة 'ساوشسى؛* على ساحل إنجلترا 
الجنوبى المطل على القنال الإنجليزى (المانش) حيث كان الطفل يتعرض 
للإيذاء لفظيًا وبدنيًا وللتعذيب. وزاد من آلامه فى هذه السن المبكرة ضعف 
بصره. وإحساسه بتخلى والديه عنه (إذ لم يبارحا الهند) وكان يفتقر بشدة إلى 
حياته الهانئة فى بومباى» حيث كان خادمه يصحبه فى زيارات للمعابد 
الهندوسية» ويحدثه عن صور الأرباب فيهاء وحيث كان يلهو ويلعب فى حديقة 
المنزل وجو الأسرة الدافئ. وهكذا لم يجد مهربًا أمامه من محبسه الجديد إلا 
القراءة» وإطلاق العنان لخياله. وأخيرًا وصلت والدته فأنقدته؛. ثم أدخلته 
مدرسة تسمى "كلية الأسلحة المتحدة' عام ١8178‏ وكما يبدو من اسمها كانت 
مدرسة لأبناء ضباط الجيشء فى مدينة 'وستورد هو!' فى مقاطعة ديقون.. 
فى أقصى غربى إنجلترا. 

وبعد أربع سنوات فى هذه المدرسة» قبيل أن يبلغ عامه السابع عشرء عاد 
إلى الهند من جديدء حيث عمل فى لاهور فى وظيفة مساعدٍ لرئيس تحرير 
الجريدة المدنية العسكرية». ولاهور مدينة سكانها مسلمون فى شمالى الهند.ء 
وهى المدينة التى تبدأ فيها أحداث روايته الحالية. ويصف كيبيالنج فى ٠‏ 
خطاباته الأولى التناقض بين مباهج حدائق لاهور التى أنشأها المغول ”تلك 
الصحائف العظمى من المياه الساكنة» وأبهاء الأعمدة الرخامية المطعمة. 
والأر انك الوتكامئة المتحومة هه أطرافها. والأشجان' اللفاع وشهيز اك الليموت": 
والمساحات الهائلة من الرياض التى تتفتح فيها الأزهاد البلا ففيظر الهو كاه 
بعبيرها الفواح“ وبين الآثار المدمرة للمناخ ”الضارى' حيث قد ترتفع الحرارة 
فى أثناء النهار فتصل إلى 507" فيسخن هيكل نظارته المعدنى ويكوى أنفه؛ ثم 





5 





كفتسن: إى شهى 308 الولا وقول إنه "كاف مشييف ”الغو افنسيفب االنائسة حتبمين 
يومض البرق ثلاثين مرة فى الدقيقة ويكاد الرعد "يبقر بطن السماء"! ويتحدث 
كذلك عن الأحوال الصحية» فالأرواح رخيصة وما أيسر أن تضيع إيان 
الأوبئة الجائحة من كوليرا وتيفود وطاعون. ويقول مايرز المشار إليه آنفا: 
كان كييلنج اليافع» الذى ولد خارج إنجلترا وتلقى تعليمه فى 
البشرة بصورة غير معتادة» ويعانى من قصر نظره الثديدء ولا 
يشعر شخصيًا بالأمان» ويحاول بإلحاح شق طريقه فى الحياة. وفى 
عام 15 نشر أول ديوانين من الشعر رص .)1١7‏ 
وهكذا انتقل كي يلنج فقضى السنوات الثلاث التالية بالعمل فى صحيفة 
أهم. وهى صحيفة ”ييونير“ التى كانت تصدر فى الاهاباد» المدينة الواقعة 
جنوبى دلهىء بين لوكناو وبيناريس. وفى عام ١8484‏ لفت الأنظار إليه 
وأدهش القاصى والدانى بمجموعتين من القصص القصيرة التى تدور أحداثها 
فى الهندء هما حكايات صريحة من الجبال ومجموعة الجنود الثلاثة. 
وفى العام التالى أبحر كي بلنج إلى إنجلترا من طريق بورماء والملايو 
وسنغافورة» وهونج كونج» واليابان وأمريكاء ثم وصف هذه الرحلة بعد ذلك 
فى كتاب عنوانه ”من بحر إلى بحر“ فإذا به يتحول فجأة من كاتب مغمور يقيم 
فى الأقالية إلى أذيب مشهون. ولكن : كندة اتهماكه :فى العطل :و إتهاكة'تقفنه إنهاكا 
بالغا تسبب فى إصابته بانهيار عصبى للمرة الثانية» فى يناير 2145٠‏ وهو 
الذق:وضنقة موضوعية ححيية فى اكه بقطانائه قائلا "تعطلت ال :و تنيت 
رأسى عن العمل» ويمنعنى الأطباء من العمل... كنت أتوقع أن تأتى الضربة 
فى أى وقت“. وعالج نفسه برحلة بحرية حول العالم» وعندما شفى أصدر 
رواية عنوانها الضوء الذى خبا فى آخر تلك السنةء ثم أصدر فى العام التالى 
مجموعة من القصص القصيرة عنوانها عقبة الحياة. 


ويقول دارسو حياة كييانج إنه 'اندفع' فتزوج فى عام ١897‏ (فى 


5١ 








لندن) أمريكية تدعى كارولاين بالستييرء وكان شقيقة صديقه وولكوط بالستيير 

عقب وفاته المفاجئة. إذ كانت تربطه بكي يلنج علاقة وثيقة وكان يعمل 
وكيا 'أدينًاك لطبل :و اشقز لمعه فى أكتابة .رزو ايكة الثانية التق ناكا حكاية عن 
الشرق والغرب .)١18515(‏ ويقول ديقيد جيلمور (2001ا1©) مؤلف أحدث 
سيرة لحياة كيينلنج (؟5١٠٠)‏ إنه كان زوجا وادعا مطيعًاء على الرغم من 
كل ما نشهده فى أدبه من شطحات وانطلاقات جسورة:؛ فكانت تسيطر هذه 
الزوجة عليه سيطرة كاملة» بل وصف أحد أصدقائه هذا الزواج بأنه كان يمثل 
"استستلامًا كاملاء إذ وطبغ كي بلئج تفسة:تحت رحمة غروسه» جسديًا وماليًا 
وروحيا” مطيعًا أوامرها من دون إبداء ”أدنى تذمر أو حتى أية بادرة على 
التمرد”* رص 5 .)١١‏ 


وانتقل الزوجان للإقامة فى أمريكاء فى مدينة براتلبوروء بولاية قيرمونت؛ 
حيث أصدر كيبلنج ذيؤانا جديدًا عنوانه “مخترعات كثيرة” 5“ )١85179(‏ 
والروايتين المشهورتين» وكل منها بعنوان "كتاب الأدغال“ ١8554(‏ و1845١)‏ 
وحيث ولدت ابنتاه جوزفين وإلزى. ولكن هناء ذلك البيت السعيد لم يلبث أن 
تحطم عام 65 بسبب منازعة اتسمت بالعنف وجلبت له الإهانة والفضيحة 
الأمر الذى أرغم كيبلنج على مغادرة أمريكا والاستقرار فى بلدة 
'روتينجدين* على ساحل 'ساسيكس“ فى عام 17 »؛ فى العام الذى ولد فيه 
ابنه 'جون' ونشر الأديب فيه روايته القادة الشجعان. 

وبعد عامين» فى أعقاب ما يسميه الدارسون الرحلة *المشئومة' إلى 
نيويورك؛. أصيب كييالنج بالتهاب رئوى كاد يقضى عليه» كما توفيت فى 
هذا العام )١855(‏ ابنته جوزفين التى لم تكن قد تخطت السادسة من عمرها. 
ا 0 لاع رامين 
جنوب ليق كل انه 2000000 (180465) صداقة 
ونح نكت بخصيص !لأس عية ‏ فن عكنة: الشافيدة وعدي دين تليق 
0 


9 








كييانج صورة الإمبريالى النشط الناجح. ويقول فى خطاب أرسله إلى أحد 
أصدقائه إن جنوب إفريقيا أمة تمر بمرحلة المخاض قبل ولادتها "وهى أمة 
ترتكن إلى موارد هائلة لا تكاد تحلم بها الآن”. 

وفى عام ١1١١‏ أصدر رواية كيم» آخر رواياته وأعظمهاء ثم انتقل فى 
العام التالى إلى الاستقرار بصورة دائمة فى منزل عتيق فى مدينة “بورواش” 
بمقاطعة ساسيكس فى إنجلتراء لكنه لم يتوقف عن كتابة القصةء فأخرج 
قصصنا تنتمى لأدب الأطفال فى عام ١1١7‏ وعام .١105‏ ثم فاز فى عام 
07 بجائزة نوبل فى الأدب فكانت تلك المرة الأولى التى يفوز بها كاتب 
إنجليزى. وكانت آخر الحوادث المأسوية فى حياته مقتل ابنه جون فى الحرب 
العالمية الأولى» وتكررت إصابته بقرح فى الاثنى عشرء ورفض منحه لقب 
'سير»» أو تكريمه بوسام الاستحقاق وبدأ يكتب قصصنا قصيرة تثير القلق 
وتتسم بالاضطراب الشديد والتعقيد البالغ»ء ويصور فيها الحزن على الفقدان؛» 
وبعض الحالات العصابية والصدمات التى يتلقاها المقاتلون. وتوفى كيبي لنج 
فى »١1751‏ ودفن فى كنيسة وستمنستر. 


ه- السحر والدين فى الرواية 


ولما كانت رواية كيم رواية تتداخل فى نسجها خيوط العرافة والسحر 
والدين»ء خصوصنا ما يقوله بلير كلينج المشار إليه فى القسم الثالث من هذه 
المقدمة من أن كييانج قد قابل مدام هيلينا بتروقنا بلافاتسكى وأنها كانت 
تؤكد للجميع أن ما تنطق به مستوحى (أو منقول) من أرواح المهاتمات (كما 
سيق أن ذكرت) وأن رسألة هذه الأرواح كانت تمثل "خليطا غير واضح من 
اللاهوت البوذى والهندوسى“ (ص :.)3١7‏ فلابد لى من التمييز بين هذين 
اللاهوتين؛ إذ أخشى أن يكونا مفهومين غائمين فى أذهان عدد غير قليل من 
قراء العربية. وأبدأ بالعلاقة المتينة التى تبرز فى ثنايا الرواية بين الطاقات 
الخفية السحرية وبين الكهان الذين يصورهم كيينلنج. سواء منهم الهندوس 
أو البوذيون. وأستند هنا إلى كتاب ”الخيال الإمبراطورى“ الذى سبق لى ذكره. 


1 








مغامرات صبى 


والذى يخصص كاتبه فصولا فيه للعلاقة بين السحر والخرافة من ناحية 
وأديان الهند من ناحية أخرىء مؤكدا ثبات تلك العلاقة وامتدادها إلى اليومء 
كما أستعين بعدد من الكتب المتخصصة فى هاتين "العقيدتين* ابتغاء إيضاح 
بعض الظواهر فى هذه الرواية. 

أولى هذه الظواهر أن الناس الذين يدينون رسميًا بالهندوسية يقبلون فى 
الرواية مباركة الكاهن البوذى لهم بل ويطالبونه بهاء كما يطالب كل من يمر 
به كيم واللاما (البوذى) صديقه» وخصوصا فى الريفء بالرقى والتعاويذ 
والتمائم. كما نلاحظ أن الجميع» حتى الأطفال الصغارء يدركون منزلة ”الرجل 
الربانى؛ بمجرد النظر إليه. وريما توقف القارئ دَهِشا عند الاستعانة بامرأة 
كفيفة مشعوذة مسلمة هى 'حنيفة' فى 'تحصين “كيم بالتعاويذ: وتقبل الجميع 
'أدعوات* هذه و وطقوس تعاويذها فى سياق هندوسى شبه خالص. ويقول 
الباحث ج. ن. فاركار (طناوعة) فى كتابه العمدة ”الخطوط العريضة 
للكتابات الدينية فى الهند“ (؟575١,‏ للد 


تين الونةوسوة موق تاهرة النند ا شق أنكان الانماة والعبعادة عد 
دون اختيار أحدها أو استبعاد أحدها بالضرورة. ويميل الهندوسى 
إلى تبجيل الربوبية أو القداسة فى كل تجلياتهاء مهما تكنء وهو 
متسامح من ناحية المذهب» رركا الآخرين - بما فى ذلك الهندوسى 
وغير الهندوسى - يمارسون العبادة التى يختارونها وتناسبهم أكثر 
من غيرهم. 

وقد يعتنق الهندوسى دينا غير هندوسى من دون أن تَخْلّعَ عنه صفة 
الهندوسى. ولما كان الهندوسى يميل إلى التفكير التركيبى ويرى أن 
صور العبادة الأخرى والأرباب الغريبة والمذاهب المنحرفة تمثل 
مذاهب غير كاملة» لكنها ليست خاطئة ولا ذميمة فإنه يرى أن القوى 
الربانية العليا متكاملة من أجل خير الدنيا والبشر. بل يندر أن توجد 
أفكار دينية يمكن أن يُظنَ بها التعارض أو عدم التكامل؛ بل إن 


1 











جوهر الدين لا يعتمد حتى على وجود إله أو عدم وجوده» 9 سحن 
وجود إله واحد أو عدة آلهة. ولما كانت الحقيقة الدينية فى نظر 
الهندوس تتجاوز كل تعريف لفظىء فإنها لا تتخذ أية صور مذهبية 
محددة... 

والتمييز فى الهندوسية واضح بين مستوى العقائد الشعبية ومستوى 
العقاتد المضمرة فى أساليب الطقوس المعقدة والتأملات الفلسفية 
الخاصة بهاء وإن كان اللونان يتعايشان ويتحول أحدهما إلى الآخر. 
وفى هذه وتلك نجد الإيمان بالسحر البدائى وصور الوثنية» وعبادة 
الحيوان» والإيمان بالشياطين» وكثيرًا ما يرتبط ذلك كله بعبادة أرباب 
شخصية إلى حد ماء إلى جانب التصوف والزهد والمذاهب التجريدية 
واللاهوتية العميقة أو العقائد السرية» وعلى سبيل المثال فإن عبادة 
الربات المحلية لا تستبعد فى البيئة نفسها الإيمان بأرباب عليا لعموم 
الهند» أو حتى الإيمان برب أعلى واحد. وقد تكون أمثال هذه 
الأرباب فى حالات كثيرة تجليات لرب أعلى واحد (ص ؟١-").‏ 


ونستطيع فى ضوء هذا التعريف أن نفهم إقبال الهندوس على اللاما 

البوذى» وتبركهم به؛ ومطالبة بعضهم إياه بتعاويذ ورقى وتمائم؛ على الرغم 

من اختلاف البوذية التى تستبعد ما يسمى 'بالرب الشخصى' أى الرب 

المتعالى على الوجود المادى» وتركيزها (كما سوف أوضح) على التحرر من 

الدنياء وهو ما يسميه اللاما فى الرواية 'عجلة الأشياء*ء ويقصد بها دورات 

الميلاد والموت والعودة إلى الحياة من جديد (تناسخ الأرواح). إذ يشرح 
فاركان فى كتابة بعضن :خضائص- المعتقدات الهندوسية قائلا: 

فى قلب الهندوسية الإيمان بوجود مبدأ غير مخلوقء خالدء لا نهائتى؛ 

متعال» يلصم كل التو ع وما دآم يضم في ذاته الوجود والعدم” فإنه 

هو الحقيقة الواحدة, وهو أقصى سيب وانحانن ومصدر وغاية 

للوجود كله. وهذه الحقيقة القصوى تسمى 'براهمان'. وباعتباره كل 


1 





شىء فإن براهمان يجعل الكون وجميع الموجودات تنبثئق منه؛ 

ويحول نفسه إلى الكون أو يتخذ مظهر الكون. ويؤمن الهندوسى 

بوجود براهمان فى جميع الأشياء» وبأنه يعتبر ”الذات' (أتمان) فحن 

كل" القاكنانتٌ: الكية: نوبز اهمانم هذ ١‏ اتقالق »م الحاففك والمجصدون لكدل 

شىء والذى إليه يرجع كل شىء. وعلى الرغم من أنه هو الوجود 

بذاته من دون صفات أو أسماء» ومن ثم من دون شخصية فإنه يمكن 

تصوره فى صورة الرب الأعلى ذى الشخصية (قيرنو أو قيشنو أو 

سيفا أو شيفا) الذى يتمتع بصفات سامية تبرر عبادته. (ص 7”) 

وعلى الرغم من اتفاق البوذية مع الهندوسية فى الإيمان ببعض المبادئ 

مثل ”احترام الحياة' أو تبجيل كل كائن حى» ومثل تناسخ الأرواح؛ والدور 

الذى تلعبه أعمال المرء فى أثناء حياته على الأرض (وتسمى كارمان) فى 

تحديد الصورة التى يعود فيها الحياة وما إلى هذا بسبيل» فإن جوهر البوذية لا 

علاقة له بأى رب متعال عن الكون المادى؛ أى إنكارها لوجود جوهر أو 

حلي ل ل 00 وذ نكا جورقاما: "لبور اك يقي شيف ١‏ 

اسم علم» وتعنى من "استيقظ؛' أو بلغ 'التنوير' الروحى - يعارض نظريات 

الكتابات الهندوسية المقدسة (أويانيشاد) فى إنكاره كود ابذاك أو اليويبة 

(وهو ما يسميه أناتمان» أى عدم وجود هذه) قائلاً إنه لا يوجد فى داخلنا ما 

يحقو ,نيه هرق ال لورية 'الميقافار نقرة سل كان مقت مانا راتفا زبنا داك 

(عدم وجود ذات أو روح باقية) وبحقيقة الشقاء على الأرض. ويقول تشارلز 

إليوت (181101) فى كتابه الضخم ( مجلدات) عن الهندوسية والبوذية 
:)١9571571(‏ 

يقول البوذا إن كل شىء زائلء فما الكون إلا واقع متغير متدفق أبداء 

سواء كان ذلك فيما يتعلق بالأشياء المادية خارجنا أو بالإنسان (جسدا 

ونفسًا) مهما يكن هذا أو ذاك وهكذا تعتبر الأشياء كلها سلسلة 

متتابعة من 'الثوانى الدقيقة'» وواحدتها تسمى ذَرْمَا أو دما (وهى 

تختلف عن استخدام الكلمة نفسها للدلالة على ”القانون* أو على 

575 








'التعاليم“)... وهكذا يقول البوذا بنظرية أناتمان أى عدم وجود 'أنا' 
خالدة» ولكن البشر مربوطون بحلقة الميلاد والموت المتكررة (التى 
تسمى سسمُسارا) لأن انطفاء جذوة الحياة لا يعنى نهاية الوجود بل 
انطلاق إلى وجود آخرء إلا إذا نجحت أعمال الشخص فى كسر هذه 
الحلقة:. و تحرين الشتقض ”من الحياة: أم سين البشقاء : التحائسة: 
كهيورهةا مز الموفن و الموتكاه: 
والوغن يذ الأمون. الاننانية حكل البوذا يسنم بعضن الحقائق ووغلى 
رأسها حقيقة الشقاء (دوخا) قائلاً إن الشقاء ينبع من داخلنا نتيجة 
شوقنا إلى اللذة» أو إلى الوجود أو العدم؛» ومنها إمكان التخلص من 
هذا الشوقء. وأن هذا التخلص لا يأتى إلا بأسلوب منهجى أو طريق 
مرسوم. وهكذا ينبغى فهم الآلية التى بها ينشأ كيان الشخص الجسدى 
والنفسىء وإلا استمر الشخص إلى الأبد فى سمسار! أى التدفق 
المتصل لحالات الوجود المؤقتة الزائلة. (ص ١١5-١١‏ - مجلد؟) 
والذلك قكاذنا لما تعوفه عق التضير قفن الأذوات السناريةه وهب التذى 
يرمى إلى الإحساس بالقرب من الخالق (بالخبرة المباشرة) أو الوعى بالقداسة 
أو ما يسمى الكيان الأعلى أو الاقتراب روحيًا من البارئ جل وعلاء نجد أن 
التصوف فى البوذية يتميز بالتركيز على معرفة الوجود لا على الانضمام إلى 
الوجود أو الاستيعاب فيه. وغاية كل تصوف بوذىء وغاية كل أساليبه 
التأملية» تمكين المرء من الاقتراب من وجوده الذاتىء فإذا نجح فى ذلك زادت 
شخصيته ثراءء وتخلص من الخوف والقلق». وهو ما يشار إليه بمصطلح عام 
هو 'التحرر'» وما التحرر عند البوذى إلا تحقيق ذاتى للوجود. وإن تفاوتت 
تفاسير ذلك فى مدارس البوذية المختلفة (المرجع نفسه ص .)١77‏ 
وأعتقد أن ما أوردته يكفى لإيضاح جو العقائد التى تنتشر فى الرواية:. 
وتتداخل بصورة محتومة فى النص بسبب تداخلها فى الحياة الواقعية » واللاما 
الذى يمثل الراهب البوذى فى الرواية مستغرق فى ذاته ويحاول أن يبلغ 





7 / 





االنتوور* الوومس: و التكلهن عرف القيوة الذى تسلةه وكجابة البحيوف ةن الفهودة 
للحياة فالموت من جديد (سمسارا)»؛ وهو يتبع فى ذلك خطى المعلم الأكبر 
سيذارتا جوتاماء البوذا الأول» كما يحاكيه فيما لجأ إليه من نبذ متع الحياة 
والعيش عيشة تقشف مبالغ فيهاء فالمعروف عن حياة البوذا (كما ترويها 
كارين آرمسترونج فى كتابها عنه عام )3٠١7‏ أنه عندما اكتشف أن الإنسان 
معرض للشيخوخة والمرض والموتهء أى إن حياة الإنسان معاناة» لجأ إلى 
ما سيم "النية الأعكظك» والكحول: إلى بزااهد متجول كان كا قصعق أيه الأمسسين 
وزوجته وطفله الرضيعء متجهًا إلى الجنوب (إلى مملكة مَجَاذَا) بحثا عن 
معلمين يهدونه إلى طريق الحقيقة. واستطاع مع أحدهم بلوغ الحالة الصوفية 
العليا 'للعدم*» وتعلم من آخر الوصول إلى المدار *الأوسطهء بين ”الإدراك 
وانعدام الإدراك"'؛ لكنه لم يقنع بهذين المجالين 'الساميين'؛ وواصل البحث عن 
'الحقيقة»» والتحق به خمسة زهاد فى دغل جميل» حيث مارس درجة مبالعا 
فيها من التقشف وتطرف فى إضعاف جسده ستة أعوام تقريبّاء وعندما أغمى 
عليه من الضعف ترك حياة الزهد بحثا عن طريقه الخاص إلى التنوير 
الروحى. وقد عَثّرَ عليه وهو يجلس القرفصاء واضعًا رجلا تحت رجل 
(بالصورة الشائعة فى الصور والتمائيل) تحت شجرة تين هندى فى مكان 
يسمى اليوم “بوذ جايا' وقرر تعليم غيره كيف اكتشف "الحقائق' المشار إليها 
آنفا وما يسمى 'سلسلة الأسباب'. 

وسوف يلحظ القارئ إشارات عديدة فى ثنايا النص إلى هذه الأفكار 
البوذية فى العبارات المقتضبة التى يقولها اللاماء وإن لم تكن هذه الأفكقار 
تشكل :دمجا فلسقنا من التورع المالوف» الذى ,صمل إليه الس بالمقطق» فادها فى 
الواقع أساليب للتأمل الذاتى وما نسميه الاستبطان» أى استغراق المرء فى تأمل 
وجوده مهقيا بتعليمات البوذاء و كييسلئج يخقار لزوايتة شسكل أدب 
الرحلات» مستغلا الموضوع الإنسانى الذى شغل الناس منذ الأزل - من 
رجال الدين إلى الفلاسفة إلى العلماء - وهو البحث عن "اليقين“» واليقين فم 
الرواية يتخذ شكل 'الخلاص البوذى“ وأترجمه أحيانا 'بالتخلص؛ (من 


18 








الارتباط بعجلة الدنيا) فى مقابل الكلمة الإنجليزية (ءهمممء0611) تميينًا له عن 
الخلاض. (581720136) بالمعتى الديتى الذئ.يوازى النجاة من الخطايا وصسولا 
إلى رضى الله (ودخول الجنة). وذلك فى حالة اللاماء وأما فى حالة كيم فهو 
يتخذ صورة البحث عن "الهوية' فى إطار التنازع عند كيم ما بين انتمائه 

العرقى الأوروبى ونشأته التى صبغت طباعه وعاداته» وهذا البحث يربط ما 
بين الرواية وشتى الروايات الكلاسيكية القائمة على الترحال طلبًا لشىء معين. 


5 - البناء والنسيج 

يعتمد بناء الرواية» وفق تقاليد النوع الأدبى 'المختلط' المشار إليه» على 
الحركة المكانية أى الانتقال من مكان إلى مكان فى مراحل زمنية متعاقبة 
(أناقشها فيما بعد) ويصاحب كل مرحلة قدر ما من التكشف وإقامة روابط 
جديدة مع الماضىء 00 إلى نهاية مفتوحة؛ ما دام الزمن مستمراء مع ثبات 
زمنى (أو ”لازمنى' فى الواقع) للاما الذئ بيدأ الزواية شيخا هنما وال يكحاد 
يتغير فى نهايتها. وكما نرى فى أدب الرحلات والأعمال الكلاسيكية القائمة 
عل لكف ع الجر ارد زد عدي وزيا ادا الى روف ايا 
الأحداث للبطل؛ أى للشخصية الرئيسية» وهى كيمء حتى عندما يبدع 
كييانج فى رسم مواقع الأحداث, فإن الصور المرسومة لا تكاد تغيب أبذدا 
عن عين كيمء» أى إنه حين يصف موقعًا لحدث ماء فإنما يكون ذلك لوجود كيم 
به فى أغلب الأحوال» ولا يُستثنى من ذلك إلا الفقرات السردية المحدودة التى 

تستخدم للربط ين المشاهدء وهى هنا تتميز بسرعة التنقل» وبحيوية الحوار 
التى يجعلها أقرب إلى المشاهد الدرامية» حيث يُبنى المشهد حواريًا حتى يصل 
إلى ذروة تؤدى إلى مشهد آخر. 

وعلى غرار هذا النسق الروائى كتب الألمانى هيرمان هسه (هو165]) 
روايته سيذارتا (الاسم الشخصى للبوذا) عام ,١977‏ وسومرست موم 
(متقطع2120) حد الموسى (أى الطريق الشاق إلى الإيمان) عام 554١»؛‏ 
وكتبت أيريس ميردوك (اء26:00) روايتها من بحر إلى بحر (مقتبسة عنوان 


8 








أحد كتب كييلنج) عام 378١ء‏ فجميعها روايات أوروبية تتخذ البوذية مادة 
لبناء هيكلهاء وخصوصا ما ذكرته عن أنطلاق البوذا من منزله نابذا العمسيش 
الرخى طلبًا "للحقيقة'» فالرحلة جوهر هذا البحث, واللاما وكيم يشيران إليها 
أحيانا باسم المسير أو المسيرة» أو باسم 'الطريق* أى طريق العربات العظيم 
الذى يمتد عبر الهند من بومباى غربًا حتى سفوح جبال الهيملايا شمالاء 
ويلتقى فى نحو منتصفه عند ”أجرا' (حيث تاج محل) بباقى طريق العربات 
العظيم المتجه شمالا من بيناريس» مارًا بمدينة لوكناوء بحذاء نهر 
الجانجيز العظيم الذى ينبع فى الشمال ويصب فى أقصى الشرق. وهكذا 
يصبح لفظ 'الطريق» نفسه مرادفا للرحلة» والرحلة فى الأدب قد تكتسب 
معانى دينية» كالحج» وهى مفعمة بدلالات رمزية خاصة بموضوع السعى فى 
سبيل شىء أو فى طلب ما هو روحى قبل أن يكون ماديًا. 

وتتصل الرحلة بالاستكشاف الذى يجرى على مستويين» الأول ظاهر 
ومادىء والثانى باطن وروحىء وقد يكون أحدهما صورة منعكسة للآخر أو 
صورة مكملة له» ومنذ البداية ندرك أننا نواجه هذا الاستكشاف فى متحف 
لاهورء حيث يعرض أمين المتحف على اللاما الأعمال الفنية التنى تصور 
وبكلة البؤذ| يهنا عن “الحقيقة واو الأساكق. القى :ز اودها» واكيتن كابيت تيك 
الرحلة المادية صورة لرحلة البوذا الروحية» واعتزام كيم منذ البداية أن ينطلق 
مصاحبًا للاما فى رحلة استكشاف لذاته» فهو صبى أيرلندى ولد فى الهند (مثل 
المؤلف) ويعتبر اللغة الهندوستانية لغته الأم» وأهل البلاد قومه وعشيرته» وإن 
كان من البداية أيضنا يمثل اليتيم الذى ينشد صورة الأب» بكل دلالات هذه 
الصورة من حب ومصدر للسلطة وللرعاية والاحتماء. 

وأود أن أشير هنا إلى أن اللغة الهندوستائية كانت لغة ممنشتركة للهند 
الحديثة قبل التقسيم عام »١31517‏ وهى لغة مبنية على لغة ”خاريبولى“'» وههى 
لهجة نشأت فى المناطق المحيطة بدلهى وميروط وسهارز:زن بي ورء وكان 
المغول والتجار هم الذين نشروها وأشاعوا التخاطب بهاء وفى أواخر القرن 
الثامن عشر وأوائل التاسع عشر قام باحث إنجليزى يدعى بورثيك جيلكرايست 
420 








(ا15نطه611) بتعزيز نشرها والترويج لها من خلال الكتاب الذى وضعه عن 
نحو تلك اللغة؛ والمعجم الذى جمع فيه مفرداتها وشرحهاء بل إنه هو الذى 
ابتدع تعبير "اللغة الهندوستانية'» ومن اللغة الهندوستانية العامية تفرعت لغتان 
أدبيتان هما اللغة الهندية التى يتبدى فيها التأثير القوى للغة السنسكريتية» 
واللغة الأوردية التى تغلب عليها ألفاظ اللغة الفارسية بما فيها من كلمات ذات 
أصول عربية» وهكذا أصبحت اللغة الهندية اليوم اللغة الرسمية للهندء 
والأوردية اللغة الرسمية لباكستان» وكان معنى اتخاذ كيم» بطل الرواية» اللغة 
الهندوستانية لغة أولى (مهما تكن معرفته بالإنجليزية التى اكتسبها فى فجر 
حياته من والديه قبل وفاتهما) أن انتماءه الأول كان لهذه اللغة» بميراثها العامى 
من لغة دع الأصلية» ومن الأوردية فى الوقت نفسه. 


المتصلين ل 'ملايس أوربية: سروالاً وتميصنا وقبعة 
مهتركئة”. ولكنه بعد مقابلة اللاما يقرر ارتداء الحلة الهندوسية الكاملة التى كان 
أحد الشبان قد أهداها له» ويعود إلى اللاما الذى ينكره أول الأمر فى هذا 
الملبس ثم يقبله فى مشهد رمزىء إذ عندما تغير مظهر كيم ظن اللاما عندما 
استيقظ من نعاسه القصير أن التلميذ الذى ”أرسل' إليه قد اختفى قبل أن يشرح 
لعي سيد ل 0 
فى نسج الصورة العامة للحدث على امتداد الرواية. ومحاولة الاقتراب من 
الواقع 'النفسى» خيط آخر من خيوط البحث عن الهوية الحقيقية لحائر بين 
عالمين من أمثاله. 

ويطرح كييلنج فى الفصل الأول من روايته خيوط القصة كلهاء 
وأهمها خيطا *البحث* - بحث اللاما عن النهر الذى سقط فيه السهم الذى 
أطلقه بوذا - وبحث كيم عن هويتهء وخيط التجسسء إذ يطلعنا المؤلف بنبرات 
تشبه نبرات الراوى فى المسرح على طبيعة عمل البنغالى» كما نشعر فى هذا 
الفصل نفسه بقوة 'القص*؛ أو 'الحكى'» وهى القوة التى سوف تتأكد فى مشهد 
١‏ 





من بعد مشهد فى هذه الرواية. فاللاما يحكى قصة النهر والسهمء وسرعان ما 

تتوالى مشاهد القص فى كل فصلء. ؛ كأنما نشهد عملا دراميّا يسترجع فيه 
الشخوص أحداثًا تمنح المواقف المرسومة الناشئة توترها. وإلى جانب ذلك فإن 
القص الشفاهى يمثل» كما يرى مايكل هولينجتون فى دراسة له بعنوان "كيم 
وكييلنج». وسيلة من وسائل البقاء» وإن كان هذا الناقد يشبهه بحكايات 
شهرزاد فى ألف ليلة وليلة التى أنقذتها من الهلاك مستندًا إلى إشارات 
كييننج إلى هذا العمل العربى العظيم فى سيرته الذاتية» خصوصيا حين شبه 
كقابكة هذه الووانة تكن الدى أطلق من متحسية فى القبق “صن :11 همق 
السيرة الذاتية)» وبالإشارة فى أوائتل الرواية إلى هارون الرشيد. 

ولكن القص الشفاهى يلعب دورا آخر أهم فى البناء الرواتى: إذ إنه يوفر 
الأبعاد الزمنية اللازمة للأحداث» حتى حين يختلط بالمشهد الآنىّ ويسهم فى 
تطوير الحدث الحاضرء تمامًا كما يحدث على المسرح. ففى كل مشهد تقريبًا 
نسمع حكاية تروىء ما بين ما وقع بالأمس القريب وبين ما وقع منذ أعوام 
وأعوام؛ وفى كل حكاية نشعر أن الحاضر دينامى تشارك فيه قوى كثيرة 
متشابكة» فالمرأة العجوز (المهيبة) أرملة أحد ملوك (راجات) الولايات 
المستقلة» تحكى قصصهاء واللاما يحكى ما يراه من الحكم والأمثال البالغة 
الدلالة» وتلاميذ المدرسة الداخلية يحكون مغامراتهم» ومحبوب على . 
الأفغانى» له حكاياته» وكذلك هورى شوندر موكرجىء البنغالى المتنجلز. 
. ولكننا قد نتوقف عند حكايات تختلف عن حكاية 'الجاسوس' المذعور فى 
القطار (وهى التى تصب فى الحدث مباشرة) بل تكاد تفف خارج سياق 
الأحداث؛ مثل حكاية الجندى الهرم الذى ساند البريطانيين أيام أحداث التمرد: 
إن قصته مسترجعة من زمن مر وانقضىء ولكنها توفر ما أسميته بالبعد 
الزمنى اللازمء وهو الذى يوحى أن الظاهر 'الخامد' الساكن - فى العلاقة بين 
الحكام والمحكومين - ذو مظهر خادع.؛ أى يسمح برؤية وميض نار خلل 
الرماد» وقد يكون له ضرامء على الرغم من جهود كيبِلنج فى تجاهل هذا 
الوميض ودلالاته. فالولاء العجيب الذى يبديه الجندى الهرم للمستعمرين لا 


ف 











ينفى وجود ذلك الوميضء كما نلمحه فى الشتائم التى يلقاها كيم حين يرتدى 
اللباس البريطانى (لباس ”السادة') من أفواه العامة الذين يظنون أنه لا يعرف 
اللغة المحلية. ويقول كييانج إن كيم لا يرى للشتائم سببّاء ولكن القارئ 
الملم بالتاريخ يدركه. 

ويشرح تشارلز ألن (411»0) بوضوح فى كتابه ”السيد كييلنج: الهند 
وتكوين رديارد كيبيلنج )٠٠٠١1(‏ كيف يتفق بناء الرواية الثلاثئى مع حياة 
هذا الكاتب. فالفصول الخمسة عشر مقسمة تقسيما ثلاثيًا يتقق مع الفترات 
الثلاث فى حياة كيب لنج: السنوات الست (تقريبًا) التى قضاها فى الهند منذ 
مو ادهو والبوت انك [الاحقف ,عشردة الت قطنا ها فحن التشرسية فحن اتنيز 
والسنوات السبع التى قضاها عاملاً بالتحرير الصحفى فى الهند بعد ذلك. ففى 
الفصول الخمسة الأولى تتناول الرواية رحلات كيم مع اللاماء وقيام كيم 
بتوصيل رسالة محبوب على إلى الضابط الإنجليزى؛ وتحقيق نبوءة والده له 
بأنه سوف يسعد حين يعثر على ثور أحمر فى حقل أخضرء ولم يكن ذلك إلا 
رمز فرقة أبيه فى الجيش البريطانى» وبالعثور عليه تنتهى المرحلة الأولى. 
وفى الفصول الخمسة التالية (من 5 - )٠١١‏ تتولى الفرقة تعليمه رسميًا فى 
مدرسة القديس خافييرء كما يشارك فى تدريبه على المشاركة فى 'اللعبة 
الكبرى* الإنجليزى لورجان والبنغالى هورى. وفى الفصول الخمسة الأخيرة 
)١5-1١(‏ يعاود الارتباط باللاما ويصطحبه معه إلى الشمال» إلى الجبال التى 
َشَعِرٌ اللاما بجمال وطنه التيبت؛ وحيث يقوم كيم (بمعاونة من البنغالى) 
بالاستيلاء على أوراق الجاسوس الروسى وخرائط زميله الجاسوس الفرنسى 
اللذين كانا يعملان فى خدمة روسيا (وربما فرنسا أيضا) تمهيدًا لغزو الممالك 
الشمالية المستقلة المتحالفة مع البريطانيين رسميّاء ويستولى كذلك على الرسالة 
التى تدين أحد ملوك هذه الممالك. وفى القسم الأول يبدو لنا كيمو فى صورة 
هندى كاملء وفى القسم الثانى يبدو بريطانيًا (يتمتع بعطلات هندية) وفى 
الثالث يصبح بريطانيا متنكرًا فى صورة هندى. وفى القسم الأول لا يذكر كيم 


1 





الحياة البريطانية أبدّاء وفى الثانى يثور عليهاء وفى الثالث يقبلها ويكتمل 
انتماؤه لبنى جلدته. 

ويستخدم كييانج رمزين معينين أيضنًا فى بناء هذه الرواية التى كانت 
قريبة إلى قلبه؛ فاللاما يطلب نهر! معينا حتى يحرر نفسه من عجلة الدنيا 
(دورات الموت والحياة)» ونلاحظ أن رحلته مع كيم تتبع مجرى نهر 
الجانجيز العظيم الذى يجرى بحذائه طريق العربات العظيم من لاهور إلى 
بيناريسء ثم يحاكى الحركة الدائرية للعجلة عندما يرحل من جبال الهيملايا 
إلى السهول الوسطىء ثم يعود أدراجه فى دورة أخرى إلى جبال كشميرء بل 
ويعود منها مرة ثانية إلى سهل الجانجيز الهندى. وعندما يجد نهره أخيرًا 
يصاب بغيبوبة» ويكاد يغرقء» ولكن البنغالى هورى ينقذه فى اللحظة الأخيرة 
حتى يعود إلى الدنيا. ولو كان نهر السهم الذى خرج اللاما للبحث عنه نهرا 
حقيقيًا لكان قد اكتثيف فى القرون المنصرمة وأصبح مزارا يحج إليه الحجاج؛ 
ولكن اللاما يجده من طريق الحدس وحده. ولنا أن نعتبره رمزا روحتااو 
حتى 'حقيقة باطنة؛ وحسب, وهو ما يتناقض تناقضًا صارخا مع مطلب كيم 
الواقعى: فإذا كان اللاما يرى كل ما فى الدنيا وَهْمّاء فإن كيم يراه حقائق 
واقعة. 

ولكن البناء الدافق القائم على الحركة؛ كما ذكرت؛ يكتسب حركة داخلية 
من نوع آخرء نابعة من التنويع المحسوب فى أساليب الحوار وأشكال اللغة 
المستخدمة فيه (وهو ما نقلتة بدقة تقترب من الحرفية فى الترجمة) ما بين 
الشخصيات المختلفة» والمواقف المتباينة» واللقاءات العارضة التنى تقتضيها 
رواية المغامرات. فمنذ البداية نرى كيم اليتيم - الذى فقد أباه الأيرلندى» الذى 
كان جنديا فى الجيش البريطانى برتبة رقيب ومدمنا للشراب - وقد استوعب 
حياة الشارع *الحرة“ فى لاهورء واكتسب أساليب لغة الصبيان ”الأشقياء*» فئ 
الحديث وفى السلوك» حتى غدا من الصعب التمييز بينه وبين غيره منهم فى 
هذين معًا. وما إن يبدأ انجذابه إلى اللاماء الكاهن الغريب من التيبتء» حتى 


5 








يبدأ الدخول فى عالم الكبار من الهنود والإنجليز» فيتعاون أولاً مع محبوب - 
على؛ الأفغانى المسلم الذى يعمل بتجارة الخيول» ثم يتعاون مع الإنجليز 
محتفظا بعاداته التقليدية. ونشهد هنا أول ملمح من ملامح هذه الحركة الداخلية 
فى باطن كيم نفسه حين يفطن إلى ما يُرَادْ بمحبوب على من سوءء فيخشى 
على نفسه مما يحاك بصديقه وينطلق خارجا مع اللاما من سراى كشميرء 
مبتدئين رحلتهما فى "الطريق"“. 

وفى كل مغامرة من مغامرات كيم تطرأ تغييرات مطردة على لغة كيم 
وسلوكه؛» خصوصنا بعد مقابلة الضباط الإنجليز فى الفرقة التى كان والده يعمل 
فيهاء وخصوصنا الكاهنين الإنجليزيين - مستر بينيت البروتستانتى؛ والأب 
مكتور الكاثوليكى - اللذين يحاول كل منهما إدخاله فى مذهبه الدينى. . 
ونواجه فى هذه المشاهد حركة فكرية من نوع آخر عند اصطدام *الخطاب 
الأوروبى* 'بالخطاب* الهندى في المعسكرء كأنها لبنة جديدة تضاف إلى بناء 
كيم الذى يحاول جاهدا تحديد هويته؛ عند لقائه بالمستر لورجان؛ الإنجليزى 
الذى ولد فى الهندء والذى يتولى تدريبه على ممارسة اللعبة الكبرىء أى 
الجاسوسية. وفى منزل لورجان يلتقى كيم بهندى آخرء وهو همورى شوندر 
موكرجىء البنغالى المتنجلزء وخريج إحدى الكليات التى أنشأها الإنجليز فى 
الهند. وبعدها يقابل العقيد كرايتون الذى يتبين قدرات كيم الفريدة ويقرر 
استغلال مواهبه النادرة. وهذا العقيد» كما يتضح لناء يعمل فى جهاز 
الاستخبارات البريطانى مع أنه متخصص فى علم الأعراق. وأما ما وصفته 
بمحاولة كيم الجاهدة تحديد هويته فإنها تمنى بالفشل» ويتحول بسبب ذلك 
أسلوب حديثه من جديد. 

ولكن كل فرد من هؤلاء يتميز بلغته الخاصة أيضاء وخصوصا أبناء البلد 
الذين يُعلمون كيم فنون 'الصنعة“ فى إطار اللعبة الكبرى. ويستغل كيب لنج 
ما تتيحه الترجمة - أى ترجمة ما يقولونه باللغة المحلية إلى الإنجليزية التى 
يكتب بها الرواية - فى إظهار هذه الخصائصء فهو لا 'يترجمها' إلى اللغفة 
الإنجليزية الاصطلاحية فى عصره؛ بل يترجمها حرفيًا حتى يشعرنا بتفرد 


م؟ 








اللغة المحلية وخصائصها التى نجدها اليوم غريبة (وحاكيته أنا بالنقل الأمين 
الدقيق لذلك كله). ويلجأ كييانج أحيانا إلى استخدام الألفاظ المهجورة التسى 
تنتمى إلى القرن السابع عشرء ونقل الأمثال المحلية حرفيّاء والصيغ التعبيرية 
الثابتة المتكررة» حتى يشعرنا بمذاق لغة هؤلاء الأهالى فى إطار ثقافتهم 
المحلية. وأما اللاما فهو يكرر عباراته التى أصبحت علمًا عليه؛ بوقار وإيمان 
البوذى الصادقء, وبتنغيم خاص "والجميع مربوط بالعجلة. مربوط من حياة 
إلى حياة. لم يُكشف النقاب عن الطريق لأى من هؤلاء!“ وكثيرا ما يلجا 
محبوب على إلى صيحات التعجب والدهشة "*لعنة الله على كل الكفار!“ وأمثال 
ذلك؛ ونحن نعرف ما نعرفه عن خبثه ومكره. ولكن البنغالى هورى يتكلم 
الإنجليزية» ظانا أنه ملك ناصيتها حين حصل على درجة الماجستير من 
جامعة كالكتاء وإن كان فى الواقع يسىء استخدامها بجوره على مصطلح اللغة 
وارتكاب أخطاء نحوية مما يرتكبه الأجانب. كما إن امرأة 'شملة» التى تحاول 
إغواء كيم تستخدم إشارات وتلميمات لا تخفى على اللبيب ويحرص 
كييلنج على نقلها بدقة. وأهم تغييرء كما ذكرت»ء هو التغيير الذى يطرأ 
على لغة كيم قبل دخوله المدرسة وبعد خروجه منهاء ونشعر فى هذا بما 
أسميته الحركة الداخلية» ما دامت تصور لنا البناء الصاعد من بدايات التجربة 
إلى مراحل نضجها. 

ودراسة اللغة وخصائصها تنتمى شكليًا إلى دراسة النسيجء لكننا فى الواقع 
لا نستطيع الفصل فى هذا العمل الأدبى بين البناء والنسيج. فبناء الشخصيات 
يتضمن إسماعنا أصواتهاء وبناء الأحداث حواريًا يتضمن رصد التوترات 
الناشئة عن “المصادمات' اللغوية» على نحو ما يحدث فى كيم» ويمتدح ت. 
س. إليوت صدق تصوير الشخصيات فى كيم بسبب حب الكاتب للهند القائم 
على الفهم قائلا ”إن الشخصيات الهندية الكبرى فى رواية كيم هى الشخصيات 
الحقيقية: اللاما [ليس هنديًا] ومحبوب على» وهورى شوندر موكرجىء 
والأرملة الثرية من الشمال“ (من مقدمته للمختار من شعر كييانج 2.١54١‏ 
و977١‏ ص ؟١)‏ ويتضمن النسيج إلى جانب اللغة» بطبيعة الحال» الوصف 


1 








الحى الذى يخاطب الحواس باستمرارء ويبدو أنه شفاف» وإن كانت شفافيته 
خادعةء فهو نثر ثرى حافلء إذ نجد فى الرواية» فى لوحة من بعد لوحة؛ 
صور الهند التى يرسمها كييالنج بدقة تجعلها تنبض بالحياة - بالناس 
والحيوان معًا - فى سراى كشميرء التى يصفها فيما يطلق عليه مايرز المشار 
إليه تعبير “الومضات السينمائية”“ (ص :)١١‏ 
كانت تجتمع هنا شتى ضروب أبناء الشمال» بعضهم يربط المهور 
وبعضهم يرعى الجمال التى بركتء. وغيرهم يحمل الدواب بالبالات 
واللفائف أو ينزلها من فوق ظهورهاء وآخرون ينزحون الميساه 
اللازمة لوجبة المساء من الآبار بأصوات الصريرء أو يضعون الكل 
أمام الخيول ذات العيون الشاردة والصهيل العالى؛ أو يربطون كلاب 
القوافل ذات النباح الفظء أو يدفعون أجور سائقى الجمالء أو 
يستأجرون ساسة جددا للخيل» والجميع يتشاتمون ويتصايحون 
ويتجادلون ويتساومون فى الميدان المكتظ بالبشر. 
وعندما تشرق الشمس على السهل الحارء يصفها كي يبانج بأسلوبه 
الخاص (الذى نقلته بخصائصه) قائلا: "بألوان ذهبية ووردية» صفراء وحمراء 
معاء تماوجت أبخرة الصبح الضبابية عبر السهول الخضراء المديدة» وبدأت 
الينجاب الحافلة كلها تنبسط فى بهاء تحت أشعة الشمس المسنونة". 
وفى الفصل الحار الذى يسلب الإنسان قوته ونشاطه» تتردد أصوات تبعث 
على النعاس ”وترددت أصوات طنين الحشرات التى تجلب النعاس فى ضوء 
الشمس الحارء إلى جانب هديل الحمامء والأزيز الحالم للسواقى المقامة فوق 
الآبار عبر الحقول“. وأما الطريق الذى يتلوى صاعد! الجبال فى سيملا التى 
كان كييلنج يعشقهاء فإنه يريحه من حرارة الجو ويأتيه بمباهج نباتات 
الجبال وحيواناتهاء وما يستطيع الصاعد فيه أن يشهد من قمم الجبال الشماء 
ويلقى بصره على السهول التى خلفها وراءه: 





[كان] الطريق يتلوى؛ ويصعد ويهبط» ويلتف حول الأشواك النامية؛ 
فترى الصبحء وهو يشرق على امنداد التلوج النائية» ونباتات الصبار 
بفروعهاء فى طبقة من فوق طبقة على جوانب التلال الحجرية:. 
وأصوات ألف قناة من قنوات الماء» وثرثرة القرود» ومشهد أشجار 
الدردار الرزينة التى تعلو كل دوحة منها فوق دوحة بأغصان تتدلى» 
. والمساحات الشاسعة من السهول المنبسطة على البعد من تحتهم. 
والصليل الذى لا يتوقف نتيجة اصطدام قرون الثيران التنى تجر 
العربات؛ واندفاع الخيول التى يقودها الرجال عندما تنحرف إحدى 
العربات بشدة فى أحد المنحنيات» والتوقف لأداء الصلاة. وكان 
محبوب يراعى تعاليم دينه بدقة فى التيمم ورفع الأذان فى وقت 
الصلاة» والاجتماع لتبادل الأحاديث فى المساء فى محطات الراحة: 
والجمال والثيران تجتر طعامها برزانة معّاء والسائقون الأشداء 
يتلقون الأخبار الخاصة بالطريق: كانت كل هذه الأشياء تسمو بقلب 
كيم إلى دنيا من النغم فى صدره. 

وأخيرا يهبط الليل» فتختلف درجات الحرارة» وتختلف الألوان والروائح: 
ويأتى الليل بالراحة المنشودة من تعب النهار: ”ثم هبط الليل فغير ملمس 
الهواء ملقيًا غشاوة دانية منتظمة:» كأنها خيوط بيت أزرق نسجته عنكبوتء» 
فوق وجه البلد. وناشرًا رائحة حادة متميزة» تجمع بين دخان الأخشاب 
والماشية» والرائحة الطيبة للفطير المخبوز من القمح على رماد الجمرات... 
وتوهجت جمرة متقدة بلونها الأحمر فى قلب شيشة سائق عربة يستريح على 
جانب الطريق؛: ولمحت عينا كيم إذ ذاك - بصورة آلية - آخر بريق لشمس 

الغروب منعكسا من ملقاط الشيشة المصنوع من النحاس الأصفر“. 
وقد أوردت الوصف إلى آخره للتدليل على ما ذكرته فى البداية من أن 
القصة تروى دائمًا من وجهة نظر كيمء فالوصف لا يقدم من أجل الوصفء. 
مهما يكن المشهد خلابّاء لكنه دائمًا يرتبط بنظرة الشخصية المحورية إلى 





86 





المشهد. وكييلنج يبنى روايته بناء ثلاثيًا باعتبارها رواية وصول إلى 
النضج (مقدمموع ه111) كما سبق أن ذكرت مركن على بطله. 

ومثلما تبدأ الرواية بكيم تنتهى به؛ ولكن ختام الرواية ليس نهاية» وكان 
الباحث مارك كنكيد - ويكس (5علاءء/ت - 0معكلمك؟) من أوائل من تناولوا ذلك 
الختام فى كتابه عن فكر كييلنج وفنه (1937154. )١155‏ بالتفصيل الشديد 
شارحا ومدافعاء كما كانت زُهرة ساليقان من أحدثهم )٠٠١7(‏ لكننى سأبدأ 
بعرض رأى مايكل هولينجتون )١5554(‏ الذى سبق لى أن أشرت إليه» إذ يبدأ 
دفاعه عن ذلك الختام قائلاً: 

على 'الأقل مقن" اذمزونة 'ووتسوة 15411] والكاتفينة التركينة العافلدة 

بالدلالات تثير فى القراء» فى حالات كثيرة» مشاعر استياء. إما لأنهم 

(مثل ويلسون) يجدون أن كيم موشك على خيانة اللاماء أو لسبب أبسط 

وهو أنها خاتمة غير حاسمة. وسوف أركز هنا على هذا الجانب الأخير: 

راجيا أن أبين أنها تمثل تعدد طبقات الرواية الشفاهية للنص والنص 

الباطن ”الخافت الذى يختفى تحته' (ص 37). 

وينطلق من هذا إلى محاولة إثبات أن الخاتمة ”غير غائية' أى لا تقصد 
ايه اده وتحسنهة: تاكاذ إن اللانا مسا عم الخدوية القن مز مساك 
الأخيرة فى الرواية؛ فالبطل كيم ينام للمرة الثانية فى حجر الأرض الأم 
ويستيقظ منتعشا فى المساء. راضيًا بالصمت والإصغاء إلى صوت يوحى 
بعودة الشباب إليه "كأنه صنج" رنان. فاعتقاد اللاما أن بحثه انتهى قد لا ينم 
على اقتناع كامل بما يقول» وقد يكون وهما مثل اعتقاد كيم قبل ذلك أنه قد 
عثر على ”الثور الأحمر فى الحقل الأخضر" الذى تنبأ به أبوه؛ قائلا إن ذلك 
قطعًا تفسيره للجملة الأخيرة فى الرواية ”وعقد يديه فى حجره وابتسم. مثلما 
يحق لرجل فاز بالخلاص لنفسه ولحبيبه أن يبتسم”. ويشرح هولنجتون 
التناقض فى عبارة هذا الزاهد بين ”الخلاص“ و”الحبيب“» مضيفا أن الفعهل 
الماضى "فاز“ يتناقض مع مدلولات عبارة سابقة توحى بأن المهمة قد بدأت 
لتوهاء وهى "إنى انتزعت نفسى انتزاعا من عتبة الحرية عائدا إليك لتحريرك 


6:5 








من كل الخطايا“. ولكننا لا نجد هنا منظور! ختاميًا موثوقا به ونستعين به فى 
الحكم: فما يقوله يمثل (قراءة) للموقف. وما يقوله هورى البنغالى يمثل 
(قراءة) أخرىء والنص يقول بصحة القراءتين» ويختتم الباحث دراسته قائلا: 
إذا نظرنا إلى الرواية هذه النظرة؛ وجدنا أن جوهرها هو محاولة 
العثور على طرق لصهر حقائق واقعية متعددة ومتضاربة فى وحدة 
واحدة؛ والعثور على لغة المجاز المناسبة للتعبيير عن خطوات 
الصهر المذكور (ص 268). 
وأعود الآن إلى ما قاله كنكيد-ويكس المشار إليه عن الخاتمة» إذ ينتهى 
ل الي 
(اللعبة الكبرى)» قا 1 الاتجاه الأخير الذى يسير 
فيه الاستكشاف الروحى فى هذه الرواية» مؤكدًا أن ”الصراعات الأخيرة لكيم 
واللاما متكاملة فى جوهرهاء وأن النتيجة توحد بينهما آخر الأمر“. ثم يقول إن 
اي ا لا ا ا ا أفقدان 
للإحساس بهويته» يتضح لنا السبب وهو أ نال دكن فوفيظا وحسي د اعميا» 
تلميذا للاما بالروح المحبة عند الرجل العجوز بل أيضنا بأيديولوجبيته 
البوذية. إذ يضيف كييانج 'لقد تسببت نغمة غير إنسانية فى جوهرها فى 
أن تجعله يشعرء وإن لم يستطع التعبير عن ذلك؛ بأن روحه لم تكن متناغمة 
مع ما يحيط بها... كانت الببغاوات تصيح من حوله؛ والأصوات فى المنزل 
الذى تقيم فيه الأسر خلفه... تصل إلى أذن صماء. ثم قال ”أنا كيم. أنا كيم. 
فما كيم؟" وكررت روحه ذلك عدة مرات. لم يكن يشعر بالحاجة إلى البكاء... 
ولكنه وجد فجأة عبرات بلهاء تنساب فى يسر على أنفه» وأن عجلات كيانسه. 
عادت بصوت يكاد يسمع إلى الارتباط من جديد بالعالم الخارجى. فإذا بالأشياء 
التى كانت تركب بلا معنى متن عينيه منذ لحظة واحدة قد اتخذت أبعادها 
الصحيحة. فالطرق قد جُعلت للمشى فيهاء والمساكن للإقامة: والماشية لتساق» 
والحقول لتفلح» والرجال والنساء للحديث معهم. أصبح كل ذلك حقيقيا 
وضياتقا» صاصنالا مو سلصالة لز أكذن بول اقل 


م6 








ويعلق الباحث على هذا المقتطف قائلاً إن شفاءه قد اكتمل هكذا على 
الأرضء إذ كان يستمد القوة منهاء وعلى نحو ما يتضح من صورة 'التناغم'» 
فإن كيم لم يعد ملتزمًا 'باللعبة' الكبرىء بل يؤكد أنها لم تعد تهمناء بل - 
وعلى مستوى أساسى وجوهرى - أصبح كيم ملتزمًا بعجلة الحياة الأرضية 
والبشرية» معارضنا القول بأن هذه الأمور جميعًا 'وهم“: وبأن على المرء أن 
ينصرف عنها. ثم يقول الباحث: 
ولكن هذا يعنى انتفاء أى تضاد ختامى مع اللاماء لأن اللاماا فى 
النهاية يعارض الانفصال أيضنا. ففى اللحظة التى يحقق الإخماد 
الأخير لبشريته مندمجا فى الروح العظمىء إذ به يتراجع "بما لا 
يحصى من الأشواق والمجالدة والتهوع والألم“. وفى اللحظة الأخيرة 
نفسها يُصبح الحب والعلاقة الإنسانية أهم للنفس من النيرقانا 
[التنوير الروحى] والصور التى يستخدمها كي بانج صور خلاقة 
وإيجابية ومثمرة "ومثلما تخرج البيضة من السمكة؛» والسمكة من 
الماء» والماء من السحاب؛ والسحاب من الهواء الكثيف؛ انطلقت بل 
وثبت» بل انسحبتء بل تبخرت روح تيشو لاما من الروح العظمى . 
(ص ؟7؟١73).‏ ْ 
ويعلق على ذلك قائلاً إنه لم يكن ليستطيع فى غير هذه اللحظة رؤية النهر 
لقان على تطهيق وويخة مرح الخطلركة: الف" لذ تن ال غالقة وف وماد ام اللتقين 
قد بلغ هذه المرحلة فيمكن لأى نهر عتيق أن يؤدى المهمة. وأما ”"الخطيئة“ 
فليست سوى عنصر الأنانية فى نشدان الكمال للنفس بالتخلى عن الآخرين. 
وإذن فإنه استطاع العثور على النهر من خلال نبذ الكمال المذكورء ما دام 
يقول "كنت أزيح عالمًا من بعد عالم من أجلك“. ومن المحال أن يضمر إنسان 
حُبّا أعظم من هذا الذى يضحى بالآخرة فى سبيل صديقه .)١77(‏ 


وأما زهرة ساليقان فتقدم تحليلا للخاتمة يجمع بين عناصر التحليل 


6١ 








النفسى التى وضعها جاك لاكان (1.3630) - وخصوصا رمزية صورة الأب 
اللاحقة على صورة الأم عند الرضيع - وبين عنااصر نظرية السيطرة 
والمعرفة المصاحبة للاستعمارء منطلقة فى البداية من الانقسام النفسى الذى 
يعانيه كيبيلنج. ؛ قائلة: 
إن المشكلات والتناقضات الرئيسية فى الرواية يغذوها وتشكلهاً 
إحساس كييالنج بانقسام نفسى» وتعدد صور ولائها لسلطة 
الإمبراطورية فى وقت اشتداد سطوتهاء وحبه للهند التى فقدها والتى 
كانت تطمس الفوارق بين الحاكم والمحكوم. وأما البحث الداخلىء: 
البحث عن الهوية (من كيم.. كيم.. كيم؟) فيوحى بإمكان اكتشاف 
الذات» والتكامل بين (ذوات) كثيرة» والوصول إلى هوية من خلال 
اللاما الذى يتعلم كيم أن يحبه. ولكن هذا البحث يصطدم ببحثه 
الخارجىء بالرحلة وبالإصرار على نشدان التعريف فى البحث عن 
أب (الثور الأحمر فى الحقل الأخضر) وهو الذى يستطيع أن يحرره 
من القلق ومن المشكلات القائمة فى مثل هذا البحث. وبعبارة أخرى 
فإن حب كيم للاما وبحثه عن هوية تتوسلان بانتظام بهياكل السلطة 
الحاكمة وتقعان آخر الأمر تحت سيطرة النظام الاستعمارى. (ص 
1). 


وبعد تحليل مطول للتطور النفسى والتنازع الداخلى عند كيم ما بين 
الاستقلال الذى يؤكد هويته أو ذاته المستقلة فى مرحلة النضج وبين الانتماء 
إلى الحب الأبوى ممثلا فى اللاما وفى رجال السلطة البريطانية» وهو التنازع 
الذى تشرحه الباحثة فى ضوء نظريات لاكان السيكلوجية وفى ضوء النظام 
الوق" اللنضيارى معرجة على القانه بامرزاة اسملة ررقي , التى شار لهينا 
كييلنج فى قصة قصيرة أسماها فيها ليزبيث) تصل إلى دلالة ختام الرواية 
(عنوان دراستها) قائلة: 


تعالج رواية كيم اكتشاف طفل لهويته واستعادته هذه الهوية وأسلوب 


ىه 











هذه الاستعادة القائم على سلسلة من الخسائر داخل الهند التى يوشك 
أن يفقدهاء فهو طفل يتماهى مبدئيًا مع لاما لابد أن يفقد أبوته حتى 
ينخرط فى النظام الاستعمارى. وبحث كيم الأول - عن ثور أحمر 
فى حقل أخضر - يفصل بينه وبين رغائبه (الهندية) الأولى» ويحتم 
خضوعه لما لا نهاية له من خيبة الأمل» والوحدة: والاغتراب. ولكن 
تعاونه مع بحث اللاما يطمس حدود بحث كيم عن أصوله وهويته 
وغايته ويغير من صورها جميعا. وعلى الرغم من أن كيم قد تحول 
من مغامر يافع متهور سعيد إلى سِن من أسنان العجلة 
الإمبيريلية؛ فإن خاتمة الرواية تبارك هذا التحول وتكسوه قداسة 
بأن تضفى عليه الوهج الصادر من تحؤل اللاما. 

ولكن المشهد الختامى يتجاوز فيما يبدو قضيتى الهوية والأصول 
اللتين تثاران فى كل مرحلة من مراحل انضمام كيم إلى النظام 
الاستعمارى الذى ورثه من والده. فالكلمات الأخيرة فى الرواية لا 
تنتمى إلى كيم بل إلى اللاما. وهذا ”التحاثيى* الأخير هو الذى يسبب 
لى أكبر المشكلات باعتبارى قارئة للنصء إذ إن جانبًا من المفارقة 
الخقامية ركم:قى تقريسن الطاقات» المخصيضية اللانا د طاقاة» التامل 
والاستبطان والرؤيا والراحة والامتناع عن الفعل - وهو التقفويض 
الذى تقوم به فى النهاية كل من الحبكة والأيديولوجياء وما يفعله 
اللاما آخرا. كما إن اختيار اللاما بحرية أن يرجع من النيركئن انا 
(التحرر الروحى) من أجل كيم يعنى أنه 'ارتكب»ء عملا يتنصف 
بالإنسانية والحب والتضحية وفى الوقت نفسه بتدعيم الأيديولوجية 
الرسمية. أى إن اللاما حين يؤثر حب كيم 'السيد' (الإنجليزى) على 
التحرر من عجلة الحياة» يكون قد خضع لقيم العمل المرتبطة ببعض 
المقاتلين من أمثال محبوب والسادة الاستعماريين. ولكن اللاما يقوم 
فى هذاء بطبيعة الحال» بعمل يتضمن التضحية بالنفس وهو ما يتميز 


؟ 





به كل 'بوذيسافا؛ - الشخص الربانى الذى يؤجل دخوله النيرقانا 
حتى يساعد الآخرين على بلوغ 'الطريق؛ - وبهذا يطابق كيبلنج 
بين الأيديولوجيتين التى كانتا متضادتين (المسيحية/ الغربية والبوذية) 
ما دام قد أعلى قيمة عالم العمل؛ والإرادة؛ والاختيار» ورفعه فوق 
مبادئ نبذ الدنيا والتقشف التى كانت تسيطر على الفكر 0 
وأما كيم فإن موقفه يثير الالتباس: ا تقل اللاما ويدفعه إلى أن 
يتصور أن "تلميذه» أيضنًا متأهب للتخلص من عجلة الحياة؟ إن 
دخوله مثل هذه ”الصفقة* باسم الحب يعتبر جزءًا من المجال 
العاطفى الذى يمارس كيم عمله فيه على امتداد حياته ”الخيالية“'. أى 
الدكم ضير جبرووي ين ووو الطب ويتكبي الترقيق انيدو 
ومكتوب عليه الانفصال عن كل ما يحبه» وهكذا فلابد أن يتنكر للاما 
آخر الأمرء وهو الذى يعطيه المؤلف الكلمات الأخيرة - الكاذبة 
ماديّاء والقائمة على المفارقة - فى الرواية: ” 'يا ابن روحى! إنى 
انتزعت نفسى انتزاعًا من عتبة الحرية عائدا إليك لتحريرك من كل 
الخطانا دما ديك حر اويل تقطكة :ما" أعسوة ل الحواسة | حاضيا 
مؤكد! هيا!! وعقد يديه فى حجره وابتسم» مثلما يحق لرجل فاز 
بالخلاص لنفسه ولحبيبه أن يبتسم». 

إن عهذ1 النشنهد يمال الفظة 'سونمائية كازثة مشوكة تدقه مهنا 
الرواية ولكنه يترك كيم والقارئ معلقين فى الهواء»؛ ما دام كل ما 
سبق قوله (من حيث بناء مجتمع مثالى يصبح كيم فيه جزءًا صغيرًا 
من كيان هندى كلىّ) يذوب فى جو وهم الرؤى والصلوات. ومع 
ذلك فإن هذه النهاية أيضنا بداية» أو بالأحرى خيال استعمارى يوحى 
بأصول مستحيلة التحقيق لتكوين نوع جديد من المٌسْتعْمِرء يتميز 
بالإحساس بانقسام ذاته» وبإنكار اختلافه عن ابن البلد» مع يقينه 
بخلاف ذلك. (ص 55-448:). 


كت 





وتنتقل الباحثة بعد ذلك إلى الحديث المسهب عن الانفصام العميق فى 
'الخطاب الاستعمارى'؛ ودلالاته المزدوجة؛ وكذلك عن السياق الفكرى الذى 
أوجده إدراك المفكرين البريطانيين فى الفترة من ١1١١-١4517‏ (أواخر عهد 
الملكة قكتورياء 'إمبراطورة الهند“) لاستحالة التوفيق بين الألفاظ الرنانة 
المستخدمة فى مجال الإمبراطورية والواقع» ثم تتطرق إلى بعمض الصور 
الشعرية (عند كييانج) التى تمتل هذا سكس وعن المعرفة والسلطة. 
وغيزها من القضايا الثى قلت ابحثًا ثم تنتهى إلى أن الرواية» بما فيها من 
مفارقات تؤكد وتنفى فى أن واحد منطق السلطة ومنطق الإمبيريالية. 

وتختتم هذه الباحثة التى تعمل أستاذة فى جامعة إلينوى» والتتى حررت 
طبعة نورتون للرواية» التى تضم أهم الدراسات الحديثة» دراستها المطولة 
بفقرة أحب أن أقدمها إلى القارئ العربى بسبب استخدامها مسصطلحات غير 
شائعة فى لغة النقد الحديث» وبسبب ما توحى به الققرة من أن وراء هذه 
المصسطلحات منهجًا نقديًا جديدا. تقول ساليقفان: 


أبغى من توجيه الأنظار إلى الأشكال التى تضم قلق كاتب معين من 
كتاب الإمبراطورية؛ وهو رديارد كيبانجء أن أقول إن تاريخ 
الإمبراطورية والشخصيات التى أخرجتها الإمبراطورية يعيد نفسه. 

إن كييلنج يبنى ياثولوجيا (علم أمراض) رين (ذوات 
0 لتشخيص ترجه الإمبراطورية. بوتي قصص 
بات يتظلي هنا إغادة قرو اق السدون ‏ الكن: تسل لشي )انس لت 
*ا؟ة) فيها من حيث ثقافة الإمبراطورية» وكذلك أيضياء الصور التى 
تمثل الإمبراطورية من حيث النفس فى ذاتها. والدرس الذى نتعلمه 
من كييانج (وغيره من كتاب الاستعمار) يقول إن نظراتنا إلى 
'الغيرية» وإلى الآخرين ذوات جذور راسخة أيضا فى التاريخ 
النفسى (/053/61011156013) وإن ضروب قلق الإمبراطورية هى 
نفسها ضروب قلق الأسرة» وهكذا فإنٌّ خلقنا لنظم عالمية جديدة. 


68 








وأساليب تشكيلنا وتركيبنا لعناصر نفوسنا وعناصر نفوس الآخرين 
وتنظيم هذه وتلك تنتمى لعلم النفس المرضى الشائع فى الحياة 
اليومية» وتعتبر كذلك دفاعًا وترياقا لضروب قلق الانقسام. فالواقع 
أن قلق النظم الإميريالية لايزال قائمًا وكاملاً غير منقوصء وإن 
كانت شهيته قد نزحت فاحتلت السوق “الحرة". قد تكون التواريخ 
والموضوعات قد تغيرت» ولكن لم يتغير شىء فى التركة العنصرية. 
والإكراه على التوحيد. والمركزية» وصورة المجتمع المهيمنء 
والطباع؛ والاقتصادات العالمية» والشره النهم؛ الذى يتستر بقناع 
الشركات المتعددة الجنسية» والخلط بين التنكر فى العلن والواقع 
الباطن» (كما نرى فى إجراء انتخابات الرئاسة الأمريكية أو فى 
حروب "التحرير”)؛ بل والقضايا الكبرى» قضايا التفاوت الاقتصادى 
بين العوالم المسورة والأدغال غير المسورة. وبين العالم الأول 
والعالم الثالث» وما زالت الأحكام تصدر على العالم الثالث من حيث 
اعتناقه لقيم العالم الأول السياسية والثقافية والاقتتصادية, ولابد أن 
يتعلم كيم جدول الضرب باللغة الإنجليزية؛» كما يجب على “باندر 
لوج“ (فريق القرود فى كتابئ الأدغال) - من هنودهء وأيرلنديين» 
وعربء وأهل أمريكا الوسطى وس كان أمريكا الأصليين - أن 
يََعَلِمو ١|‏ أن «تكثر هوا ويعققو ١‏ نفادة النيلطة» وسنادة القانوت وشعيادة 
الحكومة التى تمثلها بانتظام أشكال خبيثة من الرقابة والسيطرة تنتمى 
إلى الاستعمار الجديد. (ص 457). 


- المداخل النقدية الحديثة 


قو نكر انط هزالمسشياف" القن 'تحيتك ١‏ اقتكلة نك سين مذي تمهاد 
واضحة لاستخدام أحد مداخل النقد الحديثة فى تناول هذا العمل الأدبى» ولكن 
أبرز هذه المحاولات وأنجحها جميعًا دراسة إدوارد سعيد للرواية فى مقدمة 


65 








طبعته لها عام .١9417‏ ولذلك سوف أكتفى بعرضها بإيجازء مترجمًا فقرات 
مطولة منهاء قبل أن أورد نظرة شاملة على أهم ما قيل عن الرواية فى 
العقدين الأخيرين من القرن العشرين ومطلع القرن الحالى. 

فى قلب مقدمة إدوارد سعيد إلماحه إلى الموقع الفنى الرفيع الذى تشغله 
الرواية» قائلاً إنه لولا جمالياتها وحب الناس لها ما أثارت ما تثيره منه 
خلافات؛ بسبب استنادها إلى الإطار الفكرى الذى كان شائعًا فى آخر القرن 
التاسع عشرء خصوصا ما يسميه “النظرية العنصرية“ التى تفنن الدارسون لها 
فى تقديم براهينٍ 'علمية' على أن الرجل الأبيض كان يشغل قمة التطور 
والحضاة: قائلذ إكه كان كذ عوكى لها فن كتابه الانتشراق > قبل أن :يطدقن 
إن معظم مفكرى تلك الحقبة “بل وجميع كبار الروائيين» وكتاب المقالات. 
والفلاسفة والمؤرخين البارزين“ (ص ”") كانوا يقبلون التمييز بين الأجناس 
واختلافها وتفاوتها فطريًا وجوهريًا. وهو يدلل على ذلك بمقتطفات من أهم 
كنات ذلك :التصيره» كد يطنيف: إن :ذلك كله يتظيق: اتطناقا كساملا على مده 
الوانة: 

ويركز إدوارد سعيد فى تحليله على شخصية العقيد كرايتون؛ الذى يصفه 
ا بأنه الشخصية الرئيسية التى تتمتع بالسلطة الدنيوية» قائلا إن هذا الباحث 
فى علم الأعراق إلى جانب عمله فى 0 ليس مجرد ابتكار عارض نبت 
فى مخيلة كيينلنجء بل الأرجح أنه شخصية رسمها المؤلف استنادًا إلى 
خبرته الشخصية فى إقليم الينجاب. مُبيّنَا أنه على الرغم من قلة ظهوره 
فى الرواية وعدم اكتمال رسم شخصيته؛ فإن له وجوذا مهيمنا فيها. وبعد أن 
يبين سعيد دلالة العلاقة بين السلطة والمعرفة» ضاربًا المثل بما يفعله كونان 
دويل فى قصصه عن “شرلوك هومز” وصديقه الدكتور واطسون الذى قضى 
وا رود د غلى الحذوة الشمالفة الخربية فى :اليد بين دلألة كوئة احا فجى 
علم الأعراقء إذ يتميز هذا العلم بصلته الوثيقة بالاستعمار» مشيرًا إلى أن 
حكام المستعمرات فى أواسط القرن التاسع عشر كان يستخدمون مستشارين 
من علماء الأنترويولوجيا (علم السلالات البشرية) وعلماء الأعراق» وإن كان 
/لاه 








كييلنج: كما يقول» ”من أوائل الروائيين الذين صوروا التحالف المنطقى 
بين العلوم الغربية والسلطة السياسية عمليًا فى المستعمرات“ (ص 5"). 
ويقارن إدوارد سعيد بعد ذلك بين رسم كي يلبج لشخصية هذا 
الإنجليزى ورسمه لشخصية البنغالى هورى شوندر موكرجى. مبنيًا كيف أن 
المؤلف يأخذ كرايتون على محمل الجد فلا يسخر منه قطء ويبدى الاحترام 
لطموحه إلى الانضمام إلى الجمعية (العلمية) الملكية؛ فى حين أنه يصور 
البنغالى الذى لا يقل كفاءة - بل وذكاءً ودهاءً وإخلاصا - عن العقيد تصويرًا! 
كاريكاتوريًا ولا يستطيع الإيحاء بإمكان أخذه على محمل الجد ببسبب لون 
بشرته وحسبء وأما العقيد فيقول سعيد إنه يمثل ذروة التغير الذى حدث على 
مدار أجيال فى تجسيد السلطة البريطانية فى الهند. فنحن نعرف أن احتلال 
الهند وقع تدريجيًا بفضل جهود المغامرين والتجار الأوائلء الذين كانوا 
يتميزون بالحرية فى العمل وقبول المخاطرة؛ والاستعداد للارتحال وتفضيل 
الدروب غير الرسمية على الرسمية» وكان يساند جهود هؤلاء بعصسض كبار 
العلماء والباحثين والجامعين للمعارف و 'البيانات“*. وكرايتون يمثل في رأى 
سعيد الجمع بين خصائص الطائفتين فى شخصه ولكنه يختلف عنهما فى أنه 
يستند الآن إلى ”حكومة محايدة» حكومة لا تعتمد على النزوات» أو ما يؤثره 
الأفرادء بل على القوانين ومبادئ النظام والسيطرة". (ص 6") ثم ينتقل سعيد 
بعد ذلك إلى مناقشة قضية علاقة الرواية بعلم الاجتماع قائلا: 
يقول نويل أنان (سمهصصة) فى دراسة مشهورة إن رؤية كيينانج 
للمجتمع فى رواياته تشبه رؤية علم الاجتماع الجديد» فى الصورة 
التى يرسمها دوركايم؛» و قيبر وباريتوء قائلا: 
[علم الاجتماع الجديد] ينظر إلى المجتمع باعتباره رابطة من 
الجماعات» ويرى أن نسق السلوك الذى تقيمه هذه الجماعات 
دون وعى - لا إرادة الأفراد أو التراث الطبقى أو الثقافى أو 
القومى» وهى مفاهيم غامضة - هو الذى يحدد مسار أفعال 


مه 








الأفراد. [وعلماء الاجتماع الجدد] يسألون كيف أدت هذه 
الجماعات إلى تعزيز الاستقرار أو الخلخلة فى المجتمع» ولكن 
أسلافهم كانوا يسألون إن كانت جماعات معينة قد ساعدت 
المجتمع على التقدم (ص ”7"). 
ثم يضيف أنان إن كييلنج كان يشبه مؤسسى المنهج الفكقرى 
الحديث فى علم الاجتماع ما دام يعتقد أن إقامة حكومة ذات كفاءة 
فى “الهنة تعفد على قورئ: الشيطرة: الاجتماعية [مثل الذين :و القسانوة 
والعادات والعرف والأخلاق] وهى التى تفرض على الأفراد قواعد 
معينة» والويل لمن يخرقها (ص 6"). 


وبناء على هذا المفهوم يقول إدوارد سعيد إن كرايتون كان يفهم هذا حق 
الفهم؛ ولذلك فهو يعمل مع المسلمين والبنغاليين والأفغان وأبناء التبيييت من 
دون أن يبدى أدنى استهانة بمعتقداتهم أو اختلافهم عنه؛ مُرْجِعًا ذلك إلى 
تصويره فى صورة عالم وباحث فى علم الأعراق» ثم يقول إن كرايتون يعمل 
بالتعاون الوثيق مع كاتب الرواية نفسه ”وإذا كان لنا أن نجد وجهة نظفر 
متسقة واحدة فى الرواية تتسب إلى كييانج. فإنها وجهة نظر كرايتون” 
(ص 7"). 

ثم يعود سعيد إلى تحليل النظرة الطبقية والطائفية النى تنزل بعسض 
الطبقات (فى إنجلترا) والطوائف (فى الهند) منازل أعلى من سواهاء وكيف 
كان الجميع يشاركون فى هذه النظرة؛ فى بريطانيا وخارجهاء والرواية تحفل 
بالقتواهد .على :هذه النظرة فى كل تحليل: للطوائفت الكن :يصون ها المؤلقة: 

وينتقل إدوارد سعيد فى الجزء الثالث من مقدمته إلى مقارنة كييانج 
بمعاصريه» وخصوصنا بجوزيف كونراد الذى يشترك معه فى رسم أبطال 
يعيشون فى عالم من المغامرات فى بلدان أجنبية» ويتمتعون بسحر الشخصية 
الغلاب. ويعدد سعيد أسماء الروائيين الذين شاركوا كيبيلنج وكونراد كتابة 
روايات يقول إنها تنتمى إلى نوع أدبى خاص هو "المغامرات 


8 








والإمبيريالية“» ثم يقول إن هذين العلمين يختلفان فى أن رواياتهما جديرة 
بالاهتمام النقدى الجاد لما بها من عناصر جمالية. ويشرح ذلك قائلا إن 
عالمهما (وعالم معاصريهما) كان يحفل بالشخصيات البارزة من المستككثفين 
والباحثين ”ولكننا نجد فى كتابات كونراد وكييانج "تعقيداء إضافيًا يزيد من 
اهتمامنا بهما عن كل معاصريهما“ (ص 28). ثم يقول إن لنا إذا أردنا أن 
ندرك ما يميز هذه الرواية (أفضل رواية كتبها كييننج) أن نذكر كبار 
معاصريه الآخرين» 
إنناء لطول ما درجنا على النظر إليه مقترنا بالكاتبين هاجارد وجون 
يوكات اكه كينينا أنه جافقاوه فنانايمكن أن نقاروت قملد خى اذا 
إلى مبررات قوية - بالروائيين توماس هاردى؛» وهنرى جيمزء 
وجورج ميريديث وجورج جيسينجء والروايات الأخيرة التى كتبتها 
جورج إليوت» وجورج مورء وصمويل بطلر. وأما فى فرنسا فأقران 
كيينلنج هم فلوبير وزولا » بل وحتى يروستء وجيد فى أعماله 
الأولى (ص 9"). 
وينطلق إدوارد سعيد ليقارن بين أبطال بعض هذه الروايات؛ وخصوصنًا 
رواية جود المغمور لتوماس هاردى ورواية كييِلنج الحالية» ثم يوسع من 
نطافق: المقادكة بر اضيدًا جذور صدووة النكلن القيوية اللجوال القاكظ عن خاكتة 
فى الآداب الأوروبية» ثم بن ينتهى إلى أن هذا اللون الذى بدأ برواية دون كيخوته 
انتهى فى أواخر القرن التاسع عشر إلى تصوير البطل المهزومء الذى خابت 
آماله وانقشعت أوهامه» فى هذا النوع الروائى الذى يصفه جورج لوكاتش فى 
كتابه نظرية الرواية بأنه يمثل السقوط من عالم المجد و 'التعالى» فى الملحمة. 
ولهذا يقول سعيد إن كيم أوهارا شخصية روائية بالغة التفاؤل. وينجح كيم فى 
بحثه عن هوية سرح إليها فى آخر الرواية. وهو يتفق مع العديد من الأبطال 
الآخرين فى الروايات الإمبريالية (الذين نقرأ عن إنجازاتهم فى كونراد 
وهاجارد) فى أن أعماله تنتهى بانتصارات لا هزائم. ولا شك أننا ننبهر فى 
الرواية نفسها بصلابته المرئة» وقدرته على التصدى لمواقف بالغة العسر مثل 


16 








الاختبارات التى يجريها عليه السيد لورجان. والواقع» كما يقول إدوارد سعيد 
"أن جانبًا من قوة الصبى يكمن فى معرفته العميقة» ذات المنابع شبه الغريزية: 
واختلافة: عن الهتوة هق حخولة::فكول عنقة تتدلن ثفينة شاهنة 'منكة: له قبي 
عهد الطفولة» وبخلاف جميع الأطفال الذين يلعب معهمء يتمتع كيم بنبوءة 
تلقاها منذ مولده - وهو ما ينص الكاتب عليه فى مستهل الرواية - نبوءة بأنه 
مكتوب له مصير فريد... وهو ما يتطور فيما بعد تطورًا صريحا إلى الوعى 
بكونه من السادة» أى ذوى البشرة البيضاءء وكلما تأرجح فى مسيرته ذكره 
أحدهم بأنه من السادة» وأن له شتى الحقوق والمزايا الخاصة بتلك المرتبة 
المتميزة“. (ص ):٠‏ 


ويستدرك إدوارد سعيدك ذلك قائاد: 


ولكن هذه الحقيقة فى ذاتها لا تمنح الرواية قدرتها الغريبة على 
الإمتاع وثقة الخطو. فبالمقارنة بهنرى جيمز أو جوزيف كونرادء لم 
يكن كييانج كاتبًا استبطانيًا ولم يكن - بناء على الأدلة المتوافرة 
لنا - يرى نفسه فناناء كما كان جيمز جويس يرى ذاتهء وإنما كانت 
قوة أفضل كتاباته تنبع من اليسر والطلاقة» ومن ظاهر التزامه بما 
يبدو طبيعيًا باعتباره راوية ومصورا للشخصيات؛ حيث تطاول 
طاقته على التنويع فى ملكته الإبداعية طاقة تشارلز ديكنز وويليم 
شيكسبير. لم تكن اللغة عنده» مثلما كانت عند كونرادء» وسيطا 
'مقاومًا "كل ثفافة وقادرة على الإتحاع مشكى لنيز اك" و الكسهوور اك 
الدلالية».من دون جهد يذكن؛ :وكلها تمثل العالم الذى 'يستكقتفه تمتيلا 
مباشرا. وهذا الجانب - على وجه الدقة - من أسلوب كييلنج هو 
الذى يمنح كيم حيويته الفياضة وذكاءه اللماح» وطاقته وجاذبيته... 
رص )4١‏ 


وبعد أن يقارن سعيد بين كييلنج وستاندال» يلمح إلى قدرة كيبلنج 
على الإيحاء بالجو العام للحدث» وهى القدرة التى كان كولريدج يمتدحها فبى 


م 


شعر وردزورث؛ء ويتوقف سعيد عند تصوير كيبيلنج للسكينة الموحى بها 





1١ 





فى مشهد 'شاعرى* أو رعوى ساكنء قائلاً إننا لا نستمتع فقط بالضجيج 
والحيوية فى طريق العربات السريعء؛ بل أيضنًا بالجو الرعوى اللطيف الذى 
'يفتح ذراعيه مرحبًا' أثناء سفر كيم واللاماء بعد مقابلتهما للجندى الهرم (فى 
الفصل الثالث) حين يستلقى الجميع للراحة: 
وترددت أصوات طنين الحشرات التى تجلب النعاس فى ضوء 
الشمس الحارء إلى جانب هديل الحمام» والأزيز الحالم للسواقى 
المقامة فوق الآبار عبر الحقول. وجعل اللاما يتكلم ببطء وبأسلوب 
مؤثرء وبعد عشر دقائق هبط الجندى الهرم من فوق مهره قائلاً إنه 
يريد أن يحسن الإصغاءء ومازال يربط لجام المهر حول معصمه. 
وخبا صوت اللاما وطالت فترات توقفه بين العبارات» وكان كيم 
مشغولاً بمتابعة سنجاب رمادى. وعندما اختفى السنجاب - الذى كان 
يشبه كتلة من الفراء الملتصقة بالغصن - كان الواعظ والذى يصغى 
إليه قد راحا فى سبات عميق. فأما رأس الجندى الحليق فتوسد 
ذراعه» وأما رأس اللاما الأصفر فاستند إلى جذع الشجرة؛ فبدا مثل 
قطعة من العاج الأصفر. واقترب من هؤلاء طفل صغير عار يتعثر 
فى مشيته فحدّق فى النائميْن» ثم انصرف مدفوعًا بإحساس دهمه 
بالتبجيل» وأبدى ما يدل على أن اللاما رجل ربانى» لكنه كان بالغ 
القصر والسمنة» فوقع على جانبه» وضحك كيم على ساقيه الممتلئتين 
المنفرجتين. وأصيب الطفل بالذعر والغضب فصاح بصوت عال. 


ويتطرق إدوارد سعيد بعد هذا إلى وصف التناقض بين هذا المشهد 
'الفردوسى“ و'المشهد الرائع' لطريق العربات العظيم؛ والذى يمر فيه» كما 
يقول الجندى الهرم ”جميع أنواع الناس وشتى الطوائف... براهمينيون؛ 
ودباغو الجلودء ورجال البنوكء والسمكرية» والحلاقون»ء وصغار التجارء 
والحجاج» والخزافون! الدنيا كلها رائحة غادية. وهو يمثل فى نظرى نهرًا 
انسحبت منه فرسوت على شطه مثلما ترسو قطعة خشب بعد الفيضان . 


15 








ويتحدث سعيد بعد ذلك عن قدرة كيم على التنكر والتحدث بلغات كثيرة. 
والتعامل مع المنتمين لشتى الطوائف والأعراق والأديان» ورغم حرص 
كيينلنج على تحديد أديان وخلفيات كل صبىء يتقمص كيم دوره (المسلم 
والهندوسى والأيرلندى) فإن كيم يبرع فيها جميعاء ويبدو أن كي بلنج كان 
يستند إلى خبرته الخاصة فى التعامل مع هذا الخليط المنوع من النساس 
واللهجات واللغات؛ الذى يصفه سعيد قائلاً إنه يشبه 'سفينة نوح' أو ”برج بابل 
المتعدد الألسنة“» ويبدى إعجابه بمهارة المؤلف (وبطله) فى الدخول والخروج 
بيسر من هذا كله! 

ثم يقول سعيد ”ما أشد اختلاف هذا كله عن عالم البورجوازية الأوروبية 
الكامد غير المتميز الذى لا بريق له وهو عالم يؤكد كل روائى مهم فى 
وصفه له أنه ينطق بانحطاط الحياة المعاصرة» وانقشاع كل أحلام المشاعر 
المشبوبة؛ والنجاح» والمغامرات العجيبة» ولهذا يعتبر روايات كيبِنانج 
نقيضًا كاملاً لذلك العالم» قاتلا فى النهاية "أفلا يمكن للمرء أن يفعل أى شىء 
فى الهند» وأن يصبح من يريد أن يصبح, وأن يذهب حيثما يريد بمنجاة من 
العقاب؟" (ص "4). ظ 

وينتقل إدوارد سعيد بعد ذلك إلى عامل الزمن ودوره فى الرواية؛ بعد 
الحديث عن اتساع المكان الموحى به اتساعًا شاسعاء كأنما لا تحده حدود. 
داعيًا القارئ إلى مقارنة هذه الحرية الزمنية والجغرافية فى هذه الرواية 
بالضغط الزمنى الشديد ”الذى لا يرحم“ فى الروايات الأوروبية المعاصرة لها 
(ص 45). ثم يقول: 

يقول لوكاتش فى نظرية الرواية إن الزمن ساخر عظيمء ويكاد يعتبر 
شخصية فى هذه الرواية» إذ إنه يزيد من دفع بطل الرواية إلى الوهم 
والخيال» ما دام كر الزمن ينمى الأوهام» ويقلل الاتصال بالواقع؛ 
وفى الوقت ذاته يكشف للبطل أن أوهامه جوفاءء, ولا أساس لها 
وذات عبث مرير. أما فى كيم فأنت تشعر أن الزمن يقف إلى 


17 








جوارك ما دامت جغرافية الهند» فيما أظن - بالنسبة لقارئ أو سائح 
إنجليزى - ملك يمينكء ولك أن تنتقل فيها حيث تشاء. ولا شك أن 
كيم يشعر أبهذاء:وكثلك يشضر العقيد كر ايتون مهما أبدى:من الصير 
وفى المرات التى يظهر أو يختفى فيها (رص 45 ). 
ويبين إدوارد سعيد مزايا المنهج الجغرافى والمكانى الفريد الذى يفضله 
كيبانج على العنصر الزمنى الذى يحكى روايات المدن الأوروبية» وهى 
مزايا جمالية مؤكدة» مضيفا أن ذلك يعبر عن حكم سياسى من المحال اختزاله 
(من جانب المؤلف) كأنما يريد أن يقول ”إن الهند ملك أيماننا" ومن ثم نستطيع 
أن نراها بالأسلوب الذى نختاره» من دون أن ينازعنا أحد أو يطعن فى هذا 
اللدق. 
ويختتم إدوارد سعيد مقدمته قاتلا "وهكذاء كما قلت؛ نرى أن كيم إحدى 
روائع الأدب الإميريالى؛ وأنا أقصد بهذا تفسيرًا لرواية ثرية حافلة:؛ 
وساحرة بصورة مطلقة» لكنها فى الوقت نفسه تثير الحرج” (ص 55). ئم 
يكرر الحديث عن استناد المؤلف إلى الإميريالية فى بناء حبكته الفنية 
نفسهاء ومكررا ما سبق أن لخصته أو ترجمته ثم يقول فى النهاية: 
وهكذاء فنحن نجد اليوم متعة مشروطة فى قراءة رواية كيم - على 
تفاوت شروطها - وهى متعة مشاهدة فنان عظيم» أعمته من زاوية 
معينة نظراته الخاصة فى الهند فخلطت الحقائق أمامه» وهى التى 
كان يراها بألوان بديعة وذهن حادء وجعلته يتصور أن هذه الحقائق 
دائمة وجوهرية. وكل ما يأخذه كي يبانج ويطبقه من الشكل 
الروائى يحاول تطويعه ليناسب غايته المُضللة. ومن أعظم مفارقات 
الفن الروائى» دون شكء أن المؤلف لا يقتصر على عدم تحقيق 
النجاح الصادق فى هذا التضليلء بل إن محاولته فى ذاتها لاستخدام 
الرواية فى تحفيق غرضه تؤكد من جديد تميز نزاهته الجمالية. 
فليست رواية كيم - بكل تأكيد - منشورا سياسيًا. لقد اختار 





1 





كييلنج الشكل الروائى للتعبير عن نفسه؛ واختار بطله كيم أوهارا 
وسيلة للاشتباك على مستوى أعمق بالهند التى كان كييلنج يحبها 
بوضوح وإن لم يستطع أن يستحوذ عليها كما ينبغى» وذلك ما يجب 
أن نصر على وضعه نصب أعيننا فى قراءتنا للرواية» فهو وحده 
الكفيل بتمكيننا من رؤية رواية كيم باعتبارها وثيقة عظمى للحظتها 
التاريخية» وكذلك باعتبارها مَعْلَمًا جماليًا من معالم الطريق المؤدى 
إلى مختضف ليلة 125 أغسطن 13147 [انتقلال الهند]ء وهئ لخغلة 
بَذل أبناؤها -جهؤودًا جبارة لمراجعة إدراكنا: لثراء الماضئ ومتشاكلة 

التى لاتزال قائمة (ص 45). 
والواضح أننى ركزت على جانب واحد من مقدمة إدوارد سعيد للرواية؛ 
حتى أحافظ على اتساق الحجة المعروضة:؛ والتى ألمحت إليها فى مستهل 
مقدمتى الحالية» ولكن سعيد يتناول قضايا أخرى نعود إليها فى سياقها. 
والحجة التى أشير إليها تعتبر الرواية عملا يتمتع 'بجماليات' فائقة 
وأيديولوجية عنصرية إمبريالية فاسدة. وسار على نهج سعيد كثير ممن 
تعرضوا لهذه الرواية من زاوية نقد أدب 'الاستعمار'ء و'ما بعد الاستعمار'. 
ولذلك فضلت أن أبدأ بهاء ومن أهم من سار على الدرب نفسه؛ وإن اختلف 
فيما توصل إليه عن سعيد الباحث بياتريك ويليامز فى دراسة له بعنوان 'كيم 
والاستشراق*؛ صدرت فى كتاب عنوانه إعادة النظر إلى كييلنج )١1189(‏ 
كما سبق إدوارد سعيد عدد من كبار الباحثين الذين انتهوا إلى نتائج تعتبر 
تنويعات 'علمية' طريفة على منهج التناول الأيديولوجى للرواية» مشل جون 
ماكلور (34001016) الذى ينتهى من دراسته للرواية فى كتاب عنوانه 
كييلنج وكونراد: أدب الاستعمار )١18١(‏ (ص )68١-70‏ إلى أنها تمشل 
أحْلمًا' من أكثر أحلام المؤلف ثراءً؛ وموجز حجته أن كييلنج يرسم حلمًا 
يتمناه لا واقعًا ملموسًا خبره وعاصره: ولذلك فالرواية ذات روية متصورة: لا 
حفيقية للواقع» كما سبق ماكلور الكاتب إيرقنج هاو (710:6) فى دراسة له عن 
'المتع' التى يجدها القارئ فى هذه الرواية» على الرغم مما تنضح به من 


ه56 








نظرات إمبريالية وعنصرية؛ فى الدراسة المنشورة فى كتاب عنوانه الفن 
والسياسة والإرادة: مقالات فى تكريم ليونيل تريلنج» صدر عام ,١5117‏ كما 
سبق هذا وذاك نويل أنان فى الدراسة التى نشرها فى دورية دراسات فكتورية 
)١1950-1369(‏ بعنوان ”موقع كيبيالنج فى تاريخ الأفكار”“ والتى يدافع فيها 
عن المؤلف من وجهة نظر علم الاجتماع الحديث» وهى التى أشار إليها 
الوزازاك مسلط فى ملتدمكة رو عو شك لها فى هذا القيصد :وحن اغيعكل الفسادم 
العربى بأمثال هذه الدراساتء ولا بحذلقة الباحصث جان محمد ( نينول 
4 ط0)) فى الدراسة التى نشرها فى الدورية الأمريكية 'الفحص النقدى* 
عام ١9/5‏ بعنوان ”الاقتصاد فى الرمزية المانوية: وظيفة الاختلاف 
العندصرى فى الأدب الاستعمارى“ (ص 59-/87) وهى التى يبتدع فيها 
تصنيفات جديدة لما يسميه ”الأدب الاستعمارى' عن العلاقات بين الحاكم 
والمحكوم» والصور النمطية للإنسان التى يقدمها هذا الأدب» وإن لم يأخذ بهذه 
التصنيفات أحد من النقاد المحدثين» بل نقض بعضها أكثر من دارس جادء 
فهذه وغيرها تتلاعب بالمصطلح ولا تصل إلى نتائج “جديدة' بالمعنى 
المفهوم» وإن انبهر الدارسون بما أسميته *الحذلقة“» ويكفى أننا نتأمل العنوان 
الذى اختاره هذا الباحث الأخير لدراسته: ما معنى الاقتصاد فى الرمزية 
المانوية'؟ (نجوعء1لى سدعطء تمد 1ه تإستمممء8 ع1 ) 


لق على الغموطن الوقن اد القورائية ررحتي تسيو قيواءة ده 
الدراسات» مهما تكن» من باب الأمانة العلمية) فإذا هو لا يعنى أكشر من 
الإشارة إلى أن المؤلف 'الاستعمارى' يقسم العالم قسمين» شر وخيرء وأنه 
يرمز لهذا التقسيم بأسلوب بارع يتميز بالاقتصاد فى الإيحاء بالدلالات! فإذا 
انتهينا من قراءة الدراسة لم نجد أفكارًا جديدة نضيفها إلى ما قيل عن الأدب 
من زاوية نقد 'الاستعمار' و'ما بعد الاستعمارء» كما لن أعرض للدراسات 
التاريخية المحضة:؛ مثل التى تتناول المواقف السياسية فى أواخر القرن التاسع 
عشرء أو حتى الدراسات الحديثة التى تتناول الموضوع نفسه من زاوية 
مختلفة لكنها لا تخرج بنتائج مختلفة» مثل دراسة سارة سوليرى (5016,1) عن 


1 








السانى الالننتهما نفك" الرنو انق اللتشتوو ون ككانييس] اسان صا 355 
بعنوان بلاغة الهند الإنجليزية. لكننى سوف أتوقف طويلاً عند دراسة ياراما 
روئ (809) بعنوان”كيم وأسطورة الأمة والهوية القومية“ المدرجة فى كتاب 
له بعنوان المبادلات الهندية: الهويات قيد التساؤل فى الهند إبان الاستعمار 
وبعده: أصدره عام .١994‏ 


والحجة التى يطرحها رُوئ جديدة وجديرة بالدرسء إذ تقول إن ”الأمة؛ 
لابد أن ترى وأن يُقرأ عنها فى الروايات وفى الصحفء أى لابد لها من 
تجسيد أديى (روائى فى أفضل الحالات) قادر على ترسيخ مفهوم الأمة 
الواحدة» وإن 'حالة* رواية كيم تقدم لنا نموذجًا للجهد الواعى المبذول فى بناء 
كيان الأمة وتعليقا على هذا الكيان المبنى. 

يبدأ روئ دراسته بعبارة مثيرة تقول إن هذه الرواية تجعل قضية الأمة 
الواحدة قضيتهاء أى قضية القومية الهندية» فهى تسعى إلى توليد أسطورة عن 
الأمة وموضوع الأمة» قبل أن يستعرض دراسة رينان (2همع2) العلامة 
الفرنسى المشهورء التى كتبها فى وقت قريب من أحداث الرواية )١887(‏ 
بعنوان ”ما الأمة؟“ يقول فيها إن فكرة الأمة من أشد الأفكار تأثيرًا وشيوعًا فى 
علم السياسة الغربى؛ لكنه يستبعد بانتظام وبشكل منهجى أية أسس ”عقلانية”“ 
أو ”طبيعية”“ للهوية القومية'. قدا أن الإحساس بالهوية القومية:. أو بناء 
صورة الأمةء لا يستند إلى العناصر التقليدية التى تح 00 
الشعوب, فلا تكفى لبث ذلك الإحساس وحدة اللفة 0 مين أذ السسن ١‏ 
الجغرافيا أو حتى المشاركة فى المصالح المادية» بل لابد لبناء ذلك الإحساس 
وصورة الأمة من إرادة جماعية للانتماء إلى أمة معينة» وهى أيضنا إرادة 
لتحقيق التجانس (أو لتصوره)؛ مؤكدا أن ذلك يقوم على أساس ديم وقراطى 
وطوعى باعتباره ثمرة "للاستفتاء اليومى". 

ثم يستشهد روئ بكتاب وضعه بنيديكت أندرسون (42065502) بعنوان 
مجتمعات متخيلة عام »١13١‏ وهو الذى يقول فيه إن ”الأمة» ليست مبدأ تعال 


1/ 








أو مصالحة بل هى الفكرة الخيالية الكبرى فى السياسة المعاصرة» ويضيف 
روئ إن علينا أن نستكمل رأى أندرسون بما جاء فى دراسة كتبها أرجون 
أيادوراى (:08هممة) عام ١197‏ بعنوان ”الوطنية وضروب مستقبلها" 
ويقول فيها إن القومية فى جوهرها نتاج ثقافى» ثمرة من ثمار المخيلة 
الجماعية. ثم يقول روى: 
من المحال وضع تعريف موضوعى للأمة» أو تصور وجود أمم 
أززة أى كين ايلات فالاية:'مجتي متفرل ".يكن نيان على أ 
معنى يريد أفراد هذا المجتمع أن يدل عليه. وكلمة ”متخيل“ هى 
الأساسء لأن أندرسون يقول إن فكرة الأمة باعتبارها مبدءًا سياسيًا 
قد تشكلت تاريخيًًّا من خلال صور معينة من التمثيل» وأهمها القص 
الغزالى والضجاقة المطبويعة : زفن :1 تور نون) 
ثم يستشهد روئ بكتاب آخر بعنوان الأمة والسرد حرره جيف بننجتون 
(دهأعمنمء8) ويقول فيه إنه لابد من السرد لوجود فكرة الأمة: فهذه تحتاج 
إلى قصة روائية سردية خيالية - وهى بالضرورة دائما خيالية - لتحديد 
شرعية هذه الفكرة وضمان استمرارها. ومن هذا كله ينتقل إلى رواية كيم 
قائلاً إنها تقدم لنا أعظم إيضاح مثمر وتعليق على بناء فكرة الأمة وكيانها 
وبعد أن يروى الباحث طرفا من حياة كييانج. على نحو ما سبق لى 
إيراده» يقول إنه عندما استفر مع عروسه فى أمريكا وشرع يكتب روايته 
العظيمة عن الهند بعد رحيله النهائى عن البلد الذى ولد فيه وقضى فيه طفولته 
الأولى» كان يكتب عنها من الخارج» باعتباره منفيًا (وفى لحظة معينة كان 
منفيًا من الهند ومن إنجلترا معًا). ويقول الباحث إنه سوف يقيم الدليل على أن 
ذلك الموقع البعيد - على وجه الدقة - هو الذى أتاح له أن يتصور “أففًا قوميًا 
للحيز الجغرافى الذى يُطلق عليه اسم 'الهندء واسم ”المستعمرة' فى آن واحد. 
والواقع أن هذا الابتعاد المكانى أيضاء والإحساس بالهند ككيان كلىٌ نتيجة لهذا 


1 








البعد. هو الذى يجعل الرواية توحى بضخامتها إن لم أقل بنكهتها الملحمية 
المميزة“ (ص .)١"95‏ 

وفى عرضه لهذه الحجة يبدأ الباحث بإقامة الدليل على فكرة 'الحدود*' 
التى تلزم لكل صورة من صور الأممء مبينا أن الشخصيات الرئيسية تنتمسى 
لمناطق تثير الإحساس بالحدودء فاللاما من التييتء ومحبوب على من 
أفغانستان»: وأما الشخصية الثالثة - هورى البنغالى - فلا يوحى بحدود 
جغرافية بل بحدود سياسية وأيديولوجية (وكذلك بالمركزية) فى ”الخطاب 
الاستعمارى“. ويضيف الباحث أن أحداث الرواية أيضًا تقفع على الحدود 
الخاصة ”بالأمة'» فالأحداث لا تقع فى أواسط الهند أو جنوبهاء على الرغم من 
أن كيم يسافر حتى بومباىء, وكذلك فيما يبدو يفعل اللاماء ولكن معظم الأحداث 
تقع فى شمال الهند أى فى لاهورء وفى أمبالاء وفى الجبال التى تمثل نقاط 
الوصل والفصل بين الهند وجيرانها فى الشمال» وغير ذلك من الدول 
الإميريالية. ولا شك أن هذه البقاع كانت مألوفة لكي بِلنج.ء ولكن الأهم 
من ذلك أنه لابد من بناء الهند من حيث حدودها حتى يمكن الإيحاء بصورة 
الأمة الكلية» أى لابد من الإيحاء بوجود حدود حتى ينجح بناء المركز. 
ويستشهد الباحث بما قاله هومى بابا (858668) فى دراسة له بعنوان 
"الانتشار” (171202ممء10155) (وهو يتعمد كتابة حرف ”238 كبيرًا للإيحاء 
بالأمة) من أن وضع الحدود يمثل قلب الفكرة القومية نفسها. 


وينتقل الباحث بعد ذلك إلى القول بأن السفر والترحال يسهم فى ”“خلق 
الأمة“ فى هذه الرواية بأدق معنى من معانى الكلمة» مستشهدًا مرة أخرى 
بأندرسون المذكورء إلى أن يقول إن رمزية الحج فى الرواية - الحج بلا 
مقضية ,هوق > تنا عد :قن ككعية :و انو از :شكل :الأعنة» مطييدا حملة أعتر اضسية 
تقول إن نهر السهم مثل فكرة الأمة ذو طابع أسطورى باطنىء» ومن ثم يستلزم 
السفر إلى كل مكان. 


ثم يطرح الباحث سؤاله الجوهرى: ”إذا كان لابد لإيجاد الأمة من التحايل 


5165 





والملاطفة وإذا كانت فكرة الأمة غير أصلية بل مستوردة فى جميع الأحوال؛» 
فمن الذى أو ما الذى يشكل 'موضوع' الأمة؟ هذا سؤال بالغ الحساسية فى 
الرواية“. (ص 58") ويعلق الباحث عليه قائلا إنه يرى فى التصدى لهذا 
السؤال الجدلية المضمرة لكي بانج مع فكرة القومية (الهندية). فإذا كان 
مشروع القومية يقتضى تحديد مكان الذات المحلية والذات الأجنبية ووضنع اسم 
لكل منهماء فإن على كي يننج أيضنا أن يقوم بذلك التمييزء مضيفا: 
يقول جون ماكلور إن مشروع هذه الرواية إضفاء الجنسية (الهندية) 
على الرجل الإنجليزى فى الهندء أوعلى الأقل 'تطبيع“ السيطرة 
البريطانية على الهند. كيف يمكن تصوير الحكم على أنه شىء آخر؟ 
كيف يمكن للمرء أن ينتمى ولا ينتمى فى أن واحد؟ تقول حجتى إن 
هذا التوكيد قد نقل مكانه» دون مبالغة» فى الرواية» فهى ذات غاية 
وتأثير أشد طموحا بكثير من غيرها من الروايات التى تتناول الهند. 
فإن كييلنج كان يرى أن الإنجليزى الذى تربى (وولد؟) فى الهند 
ذو شخصية لا تقبل التعارض بين العنصرين (الهندى والإنجليزى) 
فيه» بعد أن اختلطا وذابا فيه فأصبح ذا كيان جديد (ص 558). 
وهكذا فإن الأرملة الوقور (التى توفى زوجها الملك الهندى) تقفول عن 
الإنجليزى ستريكلاند ومن لف لفه ”هذا من نوع الرجال الذين يعرفون 
الإشراف على العدالة: إنهم يعرفون البلاد وعادات البلاد. وأما الآخرون الذين 
قدموا لتوهم من أوروباء وأرضعتهم أمهات بيضاء وتعلمو! لغاتنا من الكتب. 
فهم أسوأ من الطاعون. إنهم يسيئون إلى الملوك”. ويعبر كيم أيضًا عن رضاه 
عن الصبيان 'الأنجلوهنود* الذين يشاركهم 'الوطن؛ فى مدرسة القديس 


01 


خافيير: 


دلا 








بصوت منتظم الإيقاع لا انفعال فيه» وهو ما يتميز به من ولد فى 
هذا البلد» وكانت تمتزج بتأملات عجيبة؛ مستعارة دون وعى من 
حديث الحاضنات من نساء البلد» وبعبارات تبين أنها قد ترجمت فى 
تلق اللحظلة مق اللعة الفكلية الدازحة:وكتاه كيده وستسمع د 
بالرضىء لم يكن ذلك من نوع الكلام الغك الذئ يتكون. من أالفاظ 
مفردة فى أفواه صبيان الطبل. 
ونين الباحث مرة أخرى بأندرسون قائلا إنه إن كان يتكلم عن الأمة 
باعتبارها مجتمعا متغيلا فإن كيبسلنع يتكلم عن المستعيو: باالقاطة تقنسيها 
كانه انك اروانة تضيدى: لتعيوون ٠‏ الفسم ةيدو ة كن ونه لانم ميونت قاد 
إن ”الأنجلوهندى* هو الذى ينبرى كييالنج لتصويره باعتباره من أفراد 
الرعية 'القومية* الأولى» وهو الذى يميز تمييز! دقيقا بينه وبين الإنجليزى 
الذى يمكن أن يقال إنه ”يختار“ الهند بأسلوب غير متاح لابن البلد. 
ويشير الباحث إلى ما قاله ب.ج. مور-جلبرت (6ه040016-0115) فى 
كتابه عن كييلنج والاستشراق )١185(‏ ثم يقول إن 'الأنجلوهنودء؛ مثل 
كيم وستريكلاندء وربما مثل كرايتون ولورجان (وبطبيعة الحال مشل 
يبلنج نفسه) ممن ولدوا ونشأوا فى الهند ويتمتعون فى الرواية بقدرة أبناء 
البلد على الحديث باللغة المحلية» بعد أن استوعبوا ثقافة أهل البلد» ينتمون إلى 
انوع* مختلف تمام الاختلاف عن الإنجليز 'الأجائنب* المحتقرين» الذين كانوا 
يتسمون بالخرق والتعمصب والجهل بحيث وجد كيم ما يبرر احتقارهم. وهنا 
يبدى الباحث ملاحظة بارعة يتجاهلها أو يتحاشى التركيز عليها معظم الكتاب 
الأوروبيين والأمريكيين لسبب ماء ألا وهى أن كيم أيرلندى. وهذه صفة 
عرقية قومية كانت كثيرا ما تتطابق مع الهنود؛ وتتفق فى كثير من الحالات 
مع القومية الهندية. ويضرب الباحث أمثلة لا حصر لها (فى هامش ص ١٠؛)‏ 
للذيرلنديين المتعاطفين مع القضية الوطنية الهندية» مستشهدًا بآراء باحثين 
وعلماء أوفوا الموضوع حقه من الدرس والتمحيص. 


اا 





ويناقش الباحث بعد ذلك الدور المنوط باللعبة الكبرى فى خلق هذه القومية 
الهندية أو الأنجلوهندية ما دامت ترسم صورة للهند كلها باعتبارها مجالا 
مُوَحَّدًَا تدور فيه الأحداث؛ والأسفارء والمبادلات التى لابد أن تتواصل بلا 
انقطاع باعتبارها رمز! لوحدة الأمة. وإذا كان 'الأنجلوهنود' هم الآباء 
المؤسسين والممثلين للأمة الهندية فكيف يضمنون ويدعمون و'يعيدون إنتاج“ 
هذا الطابع الهندى؟ وما الذى يكفل قدرة طابعهم الهندى على الإقناع ويحول 
دون الطعن فيه؟ وما هى الطقوس التى يتطلبها الانتماء إلى الأمة والمؤسسة 
القوهقة :الك تمي اللققة 'الكرو 2 وتحيس: رارق "كل هلاه الأسعلة تكاناد رج 
المحاكاة والتنكر والمبادلات تنهض بدور أساسى فى اللعبة الكبرى: تبادل 
الرسائل والمعلومات» وتبادل الملابس» ومحاكاة الهويات ”الهندية“ (والهويات 
"الإنجليزية”/ ”الأنجلوهندية”). ولابد أن يستمر إجراء هذه المبادلات» ومن 
المفارقات أن يصبح هذا التنقل المتواصل ما بين الهويات ضروريا لتثبييت 
الهوية/ الصفة الهندية. ثم يشير الباحث إلى أن شتى المقابلات بين أفراد اللعبة 
الكبرى تعتمد فى تنظيمها على سيميوطيقا ارتداء الملابس وخلعها. وليس من 
المستغرب أن يشعر كيم بأقصى درجات الزهو فى الرواية عندما ينجح فى 
تحويل العميل المنتمى إلى طائفة مهراتا إلى رجل من طائفة ساذو. يقول 
كان كيم قد تلقى التدريب على يد السيد لورجان» ولم يكن أ-؟؟ 
مكلا يمتها بواعكه نف مكاق التاجن' المراقفة النتكمقن القنانك 
الذى يقبع فى الركن» ظهر رجل من طائفة ساذوء شبه عارء ملطخاء 
بالرماد» وعلى جسده الخطوط البنية» وشعره بلون التراب. وكانت 
عيناه المنتفختان... تبرقان وتسطعان بالوقاحة والشهوة الحيوانية. 
ويعلق الباحث على ذلك قائلا إن هذا أروع إنجاز يحققه كيم» إذ استطاع 
من خلال تمثيله وإخراجه إبداع شخصيتين فى آن واحد: الأولى شخصيته هو 
نفسه باعتباره 'التلميذ' ذا الطاقات السحرية» والثانية شخصية أ-؟ باعتباره 
فردًا من طائفة ساذو» نصف عار! وهذه السلسلة من تقمص الشخصيات 
والأدوار تنتج وتعيد إنتاج الرباط الوثيق بين الإخوان فى اللعبة الكبرى. 


75 





ويقول رؤى إن إقامة الدولة القومية» كما أشار إلى ذلك عدد كبيير من 
| الباحثين» تستند عادة إلى تهميشس النساء باعتبار هن شخصيات رمزية. 
والصورة 'المجازية“ لها هى أنها جماعة إخوان بلا 'عواطف'؛ أو كما يقول 
جوناثان جولدبرج (60115658) ”وحدة مثالية بين الرجال“. وتتولد المواطنة 
والانتماء إلى أمةء ويتدعمان» فى هذه الدورة اللانهائية من المبادلات والقيام 
بأدوار أشخاص أخر فيما بين الرجال 'الأنجلوهنود' وغيرهم من الهنود. 
وهنا ايكساول رنوئ .هل الأمة مؤت أ متكر #"ويجِيت :اقلت إن تموذع الأ 
التى تمتل الوطن والأمة مألوف فى القومية الهندية وغيرها من القوميات». 
فالمرأة تغدو ممثلة للأمة» والثقافة» وطهرها ونزاهتها وعزلتها هى المفاهيم 
التي تشغل موقع الصدارة فى الكفاح» وهو ما يتطلب بطبيعة الحال تشريعات 
على حساب المرأة. وأيديولوجيا البعث الثقافى ترتدى قناع ”القومية الراديكالية”“ 
فالنساء رمو مُبَمّلَةَ للعمل الجماعى فى سبيل ”الخلاص القومى” الذى ينهض 
بالدور النموذجى المتوقع للقومية الجديدة المضاهية للأسرة الأبوية. فالنساء - 
باعتبارهن حاملات الثقافة - مثلن ويمثلن الأمة»؛ التى لابد من إنقاذها وبعثهاء 
ولكنهن قد اتسمن بعلاقة تعارض مع الأمة» ما دام على الأمة أن تقمع 
الاختلاف الداخلى حتى تستطيع أن ترى ذاتها فى صورة الكيان الواحد 
المتقاتك: 
ويتساءل روى من جديد "إذا كانت المواطنة متاحة فقط للرجال وفيما 
بينهم» فما العلاقة بين الرجال والنساء فى هذه الصور الممثلة للأمة؟” مضيفا 
إن تهميش النساء فى رواية كيم قد لاحظه أكثر من قارئ واحدء ويقول إدوارد 


إنها رواية ذكورية بصورة طاغية... فعدد النساء فى الرواية قليل 
جدًا بالمقارنة بالرجال» وكلهن منحطات بصورة ما أو غير ملائمات 
للفت أنظار الذكور... ويعتقد كيم أن التعرض للمضايقات الدائمة من 
جانب النساء يعوق ممارسته للعبة الكبرى؛ فمن الأفضل أن يلعبها 


ا 








الرجال وحدهم. وهكذا فنحن فى عالم ذكورى يهيمن عليه الترحال؛ 
والتجارة» والمغامرة» والتآمرء كما إنه أيضنًا عالم عازب»ء يتفادى أو 
يتجنب ويكاد يتجاهل قصص الحب الشائعة فى الروايات وشرعة 
الزواج الدائم المستقر (ص ١١‏ من المقدمة). 

ويعلق روئ على ذلك قائلاً إن النساء فى الرواية يَحرمُن حتى النهعوض 
بدور رمزى فى إنجاب/ تكاثر الأمة» مضيفا أن شتى ألوان 'الخطاب القومى* 
المألوفة فى الهند إبان القرنين التاسع عشر والعشرين؛ كان لابد أن تتخيل 
الأمة فى صورة أم عظمى - الهند الأم - باعتبار ذلك مقدمة لأى تصور 
الأبناء الوظن ‏ ومقير! إلى أن ذلكادما يفطلة سلماق :فى زوابته أطفان 
منتصف الليل )١18١(‏ وإن كانت صورة الأم تتحول فى آخر الرواية إلى 
وحش (”أمنا الغولة') ويصبح ذلك الوحش الأرملة إنديرا غاندى التى تلتهم 
أطفالها. 
ويقول رُوئ إن رواية كيم تستبق الإيحاء ببشاعة صورة الأم؛ أو الأنثى 
بكل تأكيدء فالرواية تحاول باستماتة أن تمحو صورة الوطن الأم. وكيم نفسه 
لا يفصح عن أى اهتمام بأمه المتوفاة أو بالمرأة الأوراسية (الأوروبية 
الأأجيرية) القن كامسا سوقان" الأعزالشوة الله حت لم سحن الترافية 
ويضيف رُوئ قائلا: 
وهذه الأخيرة تمثل الحقيقة البشعة الخاصة بالعلاقات الجنسية ما بين 
الأجانب والهنود» والتى لابد لكيم أن يبدى ”الحشمة“ ويتغاضى 
عنهاء بل ربما كانت هذه العلاقات أحد أسباب وفاة الوالد. ويبذل كيم 
طاقاته فى التعلق بآباء حقيقيين ورمزيين على امتداد الرواية كلها: 
محبوب علىء وكرايتون؛ ولورجان» وهورى البنغاليء فكلهم 
يتنافسون منافسة حامية بعض الشىء للاستحواذ على وقته والظفر 
يبلقف هل القيكصبووة: اليه الأ" انمق الفضلة الأتكاو لابه 
القومية؟ أعتقد أنا أن نموذج الأم قد أزيح بطرائق عديدة» ولو كانت 


7 








فى الرواية أية صورة إيجابية من صور الأم على الإطلاق - صورة 
يمكن أن يقال إنها تمثل الهند الأم الصالحة تمثيلا جزئيا - فإنها 
صورة اللاما. فهو يستبق من عدة زوايا طريفة الصورة الخنثوية 
لغاندى» الذى كان يشغل كذلك موقعًا يجمع بين الرجل والمرأة. 
خصوصا فيما يتعلق بخطاب القومية. (رص )5٠5-4٠5‏ 


ويستعرض رُوئ بعد ذلك وجوه اعتماد كيم على النساء فى أداء خدمات 
متعددة خصوصا فى آليات التنكر اللازمة لإنشاء الوعى بالأمة الواحدة. 
ويتعرض كيم لغواية الكثيرات فى الرواية ولكنه لا يضاجع أية امرأةء ويقول 
كيم فى نفسه "كيف يستطيع المرء أن يتبع الطريق أو يلعب اللعبة الكبرى ما 
دام يتعرض للإزعاج دائمًا من جانب النساء؟ جاءت أولا فتاة ”أكرولا - 
المخاضة'» وتلتها زوجة مساعد الطاهى خلف برج الحمام؛ إذا لم نحسب 
الأخريات. .. عندما كنت طفلا لم يكن فى ذلك بأسء لكننى غدوت الآن رجلا 
لوقن لعفا رات ' ويبلغ هذا الموقف ذروته فى صده لامرأة شملة. 
ويختتم روئ هذا الفصل الطويل من كتابه قائلا: 


من الجدير بالذكرء بطبيعة الحال» عدم ظهور أى امرأة أنجلوهندية 
أو إنجليزية» سواء كانت أما أو عاهرة أو مواطنة (فى طور 
التكوين)» فى هذا النموذج الخاص بتكوين الأمة؛ والواقفع ايبوف لا 
يعدن مكانا فن- الررواية على الأطلاق قفي التمدويوات الحدييدة 
المتراكمة فى هذا التعريف الجديد لكيان الأمة؟ إن النساء (بما فى 
ذلك الأمهات) يجمعنء كما رأيناء بين اللزوم وعدم اللزوم فى بناء 
شكل المواطنة وتطويره؛ وهن يتسببن فى قلق معين فى تصور 
الرواية لدولة قومية بديلة. إذ إن محاكاة الهويات المختلفة فى الرواية 
تمنع نموذج قيام الأمة استنادًا إلى الإنجاب والتكاثر الذى تمثله الأم 
من “المجسنة : فى. قيقع تو اضدل هذه المحافاة يناع الكمة .ومسا واسدة 
الهند غائبة» فلابد أن يواصل الرجال الذين يريدون أن يصبحوا 
هنودًا محاكاتهم وتمثيلهم (رص .)5١05-5٠05‏ 

7” 








والواقع أن الناقد الوحيد الآخر الذى يتعرض لصورة المرأة فى الرواية 
هو ياتريك ويليامز الذى ذكرت عنوان دراسته عرضنا فى مستهل هذا القسم» 
وأجد من الغريب ألا تنقض النساء المولعات بهذه القضية على الرواية تحليلا 
وشرحاء ولكن معظم كبار الدارسين (حتى النساء منهم) تشغلهم قضية 
الإميريالية والتفوق العنصرى إلى الحد الذى يجعلهم لا يكادون يولون 
غيرها ما يستحقه من اهتمام. [ 
وبعد فأظن أننى تعرضت لأهم الاتجاهات الحديثة فى نقد الرواية» ولم 
يبق أمامى إلا أن أقدم الملاحظات الختامية التى يدلى بها بلير أ. كلنج: 
المؤرخ المعاصرء عن موقع الرواية فى عالمنا اليوم» فدراسته حديثة (؟١٠٠)‏ 
وجديرة بالاقتطاف المطول. يقول كلنج: 
إلى جانب القيمة الأدبية لروابة كيم: أجد أنها تزيد من فهمتا لتساريخ 
الهند الحديث بتصوير نكهة الحياة فى شمال الهند فى أواخر القرن 
التاسع عشر. إننا نقرأ تصويره لطريق العربات العظيم» ولعاصمة 
الهند الصيفية 'سيملا*» وحديثه عن الخوف من الروس المنتشر بين 
المسؤولين البريطانيين فى الهند» والعلاقات ما بين المسلمين 
والهندوس فى الأيام السابقة للصراع الطائفى. والجيش الهندى. 
والسفر بالقطارء والفلسفة والأخلاق البوذية» والعلاقات العغصرية» 
ونظام المدارس الخاصة:؛ وما يزيد عن ذلك كثيراء وهو ما يساعدنا 
على تخيل الحياة فى الإمبراطورية الهندية فى أوجها. وما لا يذكره 
كييانج فى 'حكايته' لا يقل أهمية عما يذكره؛ إذ إن المسكوت 
عنه يكشف أوجه القصور فى الرؤية البريطانية للهند. وعندما تشهد 
تصويره الكاريكاتورى لرجال الدين المسيحى؛ والبنغالى المتشبه 
بالغربيين» وشتى الأوغاد» وتاجر الخيول الأفغانىء والكاهن 
البراهمينى» والجاسوسين الفرنسى والروسىء تخرج بلمحات عن 
مواقف البريطانيين فى الهند تجاه من كانوا يعيشون فى وسطهم. 


5 











وتَعَلّمئا رواية كيم درسا آخر وهو أن المشكلات على حدود 
لوقه الشمالية و الكسالدة العوية مش كلع وائمة كديفي الج وان 
وفدى للق سير افاكه لبود" تويهاف علي الصو اعاف الى خاقطتها 
كيم. واللعبة الكبرى نفسها ذات أصداء تتردد فى ضروب الصراع 
على السلطة والمعارك الحربية بين الهند وباكستان حول كشمير. 
فأما باكستان التى تواجه الهند شرقا وأفغانستان غربًا فتلتعب دورى 
روسيا وبريطانيا معًا. والمقاطعة الحدودية الشمالية الغربية القديمة 
وبلوخستان» اللتان أصبحتا اليوم جزءًا من باكستان» يسكنهما رجال 
أشداء ذوو فطنة مثل محبوب على» وكذلك رجال القبائفل المستقلة 
الذين يساندون الحركات الانفصالية. ولاتزال أفغانستان من الدول 
المدااضنة الدكرةاللمقاعني وقى تقضيغ: حالنا: لكان حوكة طاليان 
الإسلامية الأصولية المشاغبة» وهى التى استولت على السلطة من 
الحكومة المعتدلة الموالية لروسيا. ولاتزال روسيا نفسها ترسل 
كتوةتها: إلى كدووها الحريية عازائة تناكل ينتعي اانه 
الإمبراطورية التى ورثتها من القياصرة من خلال الاتحاد السوقييتى 
وف شيطدة الذلاى انا فاقير كريب انابازاكا عورف م عه 
الاقكة قر :در هيا ل قزيية عن الفيظقة الوزاقعة اتضال ستسيلة . .حسميك 
اكتشف كيم واللاما وهورى شوندر موكرجى الدخيلين الأجنبيين 
وأحبطوا سعيهما. 

وربما يكون من أسباب رواج رواية كيم وإقبال الناس عليهاء 
إلى جانب أسلوبها المُحكم والقصة الشائقة» أنها تثير صورة 
الإمبراطورية المفقودة... فالرواية ترسم صورة زمن جميلء قبل 
تلوث طريق العربات العظيم 0 الديزل؛ وقبل أن تتسمّم الأنهار 
المقدسة بالنفايات الصناعية؛ وقبل أن تُقَطّمَ أشجار الغابات على 
نطيت بخان النزعلاناه: وتلذك الك النعاقاف المسدامة وغدها #حان 
عدد سكان الهند ١6١‏ مليون نسمة»ء بالمقارنة بنحو مليار اليوم. ففى 


ف 


أيام كيم كان المرء يستطيع أن يسافر دون قيود عبر طول مناطق 
الهند الشمالية من الحدود الشمالية الغربية حتى كالكتا. وأما اليوم 
فالمنطقة مقسمة بين الهند وباكستان» والجنود المسلحون يواجه 
بعضهم بعطنًا على طول خطوط الحدود الموحشة. والبقاع التى كان 
يعيش كيم فيها فى وفاق مع أصدقائه المسلمين والهندوس» أصبحت 
تعج اليوم بالعداوات الطائفية وبها ندوب تحمل ذكريات الاف 
اللاجئين الذين راحوا ضحية المذابح فى إبان تقسيم الهند فى وقت 
حصولها على الاستقلال عام 19541. 

لقد نجح كييانج نجاحا يفوق أى كاتب آخر فى رسم صور 
حية للهند بما فيها من قرويين عاديين» وتجار خيولء وحجاج؛ 
وربانيين» وأصحاب الأموال فى الريف؛ ولصوصء وشحاذين» 
وخدم؛ وغلمان مشاغبين» ومسافرين فى طريق العربات العظيم إما 
على أقدامهم أو فى عربات الدرجة الثالثة بالقطارات» وجندى هرم 
كان يخدم فى صفوف الهنود بالجيش البريطانى. لقد أصبحت حياة 
أمثال هؤلاء البسطاء ومنجزاتهم تقع فى قلب اهتمامات البحعحوث 
التاريخية الحديثة فى إطار ما بعد الاستعمار ومناهضة الإمبريالية. 
فى السنوات الأخيرة. ومن المفارقات أن أستاذ فن القص الإمبريالى 
يكتب بتعاطف وحب للناس البسطاء الخاضعين للحكم البريطانى 
بأسلوب يندر أن يدانيه المؤرخون (ص 505-9.08). 


الفصل الأول 

يا من سَلَكتَمُ الطريق الصَتَيّق الأمين 

وبالضيَاء من 'طوفيث“» حتى البَعْث تهتذون 

تلَطفوا إذا رأَيْتمُ الكفار عَابدِين 

يُوذَا هناك فى كماكورا! 

(بوذا فى كماكورا) 
كان يجلس - متحديًا أوامر البلدية - فوق المدفع الكبير المسمى 
'ازمزمة"» والقائم فوق قاعدته المبنية من القرميد فى مواجهة "بيت العجائب'؛ 
وهو الاسم الذى يطلقه الأهالى فى مدينة لاهور على متحف المدينة. كان من 
نملقه “مزية*. ج- “ذلك “لين الذن: +ينفت: . النيوات» .ولك -مقاطعة 
الينجاب بأسرهاء إذ كان ذلك المدفع البرونزى الأخضر العظيم أولى 
غنائم الحرب التى يفوز بها دائمًا كل من يستولى على تلك المقاطعة. 
كان كيم يرى بعض ما يبرر ما فعله» حين أنزل غلام ”لالا ديناناث'؛ من 

مقعده فوق فواصيل المدفع فى عربته؛ ما دام الإنجليز قد استولوا على 
الينجابء. وكيم إنجليزى. وعلى الرغم من أن الشمس قد صبغت بشرة 
كيم بسمرة تضاهى سمرة الأهالى» وعلى الرغم من أنه كان يتحدث اللغة 
المنكلية همذ ارو يكدتيفة لكقة الخد انكام يار حمة قلقة ودووكلين: الررهم من اخفاخلة 
بمشاعر المساواة الكاملة مع الصغار من صبيان السوقء فإن كيم كان أبيض» 
بل كان فقيرا أبيض ومن أفقر الفقراء. وأما المرأة التى كانت ترعاه فكانت من 
طائفة مختلطة (كانت تدخن الأفيون؛ وتتظاهر بأن لها حانوتا تبيع فيه الأثاث 
المستعمل فى الميدان الذى تقف فيه سيارات الأجرة الرخيصة) وكانت تقول 
للمبشرين إنها خالة كيم» ولكن أمه كانت مربية فى أسرة ضابط إنجليزى برتبة 
عقيد» وتزوجت كيمبول أوهاراء الذى كان رقيبًا فى الجيشء فى فرقة أيرلندية 


م١‎ 








تسمى الفرقة الجوالة. وبعدها عمل فى مقاطعة السند» ثم الينجابء ثم 
فى السكة الحديدية فى دلهى؛» ثم عادت فرقته إلى بلادها وتركته. وتوفيت 
زوجته بمرض الكوليرا في مدينة 'فيروزيور'» فأدمن أوهارا الشراب 
والتجوال بصحبة طفله من مكان لمكان؛ ولم يكن طفله ذو البصر الثاقب قد 
تجاوز الثالثة من عمره. وكان رجال الجمعيات ورجال الدين يساورهم القلق 
على مصير الطفل ويحاولون اللحاق بوالده» ولكن أوهارا كان دائم التنقل حتى 
صادف امرأة تتعاطى الأفيون واكتسب تلك العادة منهاء ثم مات ميتة الفقراء 
من ذوى البشرة البيضاء فى الهند. وكانت تركته عند وفاته تتكون من ثلاث 
ورقات. كانت الأولى هى التى أطلق عليها ”الثابت دائما“ - وهى شهادة 
انتمائه إلى الجمعية الماسونية - لأن تلك العبارة كانت مكتوبة تحت توقيعه 
ل :اللا ةفزو ينا" الؤونقة "القاية فكانلك وين ل "الخقاء حارف فين الك مويل 
لعضو الجمعية الماسونية قبل انثقاله إلى مكان آخر. ولم تكن الورقة الثالثة 
سوى شهادة ميلاد كيم. وكان يقول فى ساعات انتشائه بالأفيون إن هذه 
الأوراق الثلاث تكفى لتنشئة كيم حتى يبلغ مبلغ الرجال. كان على كيم أن 
يحتفظ بهذه الأوراق مهما تكن الظروفء إذ إنها كانت تنتمى إلى ما يسمى 
بالسحر العظيم؛. وهو السحر الذى يمارسه الرجال فى المبنى الواقع خلف 
المتحف. والذى يسمى منزل السحرء وكان مبنى ضخما يجمع بين اللونين 
الأبيض والأزرق» وكان اسمه يشير إلى مقر الجمعية الماسونية. كان الوالد 
يقول إن الأحوال سوف تتحسن آخر الأمر بحيث يعلو 'قرن“ كيم بين عمد 
كاكلةة نونس عم 'الحداك و القرف كما كاف ترس إن العقية تنصةد كل :ديد 
جواده؛ وعلى رأس أعظم فرقة عسكرية فى العالم» سوف يأتى إلى كيم؛ ذلك 
الصغير الذى 5 له أن يتفوق على والده. وكان يرى أن أفراد الفرقة 
التسعمائة» الذين كانوا شياطين من الطبقة الأولى» وربهم ثور أحمر فى حقل 
أخضر. سوف يأتون إليه» ما داموا لم ينسوا أوهاراء ذلك المسكين الذى كان 
يقود عصبتهم فى فيروزيور. وكان أوهارا يبكى آنذاك بكاءً مُرًا فى مقعده 


م 








الخيزران المكسور فى الشرفة. وهكذا فبعد وفاته قامت المرأة بإعداد تميمة 
من الجلد وضعت فيها الأوراق الثلاث (كانت الأولى من الرق والتانية والثالثة 
من الورق) وعلقت التميمة فى رقبة كيم. 

وقالت المرأة وقد واتتها ذكرى مشوشة لما تنبأ به أوهارا ”سوف يأتيك 
يومًا ما ثور أحمر عظيم فى حقل أخضرء والعقيد على صهوة جواده الهائل“ 
- ثم تحولت إلى الإنجليزية قائلة "وتسعمائة شيطان . 

وقال كيم "نعم. سوف أذكر ذلك. ثور أحمر وعقيد على صهوة جوادء 
ولكن والدى استبق ذلك بقوله إن رجلين سوف يأتيان قبل ذلك لتمهيد السبيل. 
ذلك ما قال أبى وأكد حدوثه فى كل حالء وهو ما يحدث دائمًا عندما يمارس 
الثاسن السيحر”. 


لو كانت المرأة قد أرسلت كيم إلى منزل السحر المحلى بهذه الأوراق 
لتولى أمره بطبيعة الحال أصحاب المنزل فى ذلك الموقع وأرسلوه إلى منزل 
اليتامى الماسونى فوق التلال. ولكنها لم تكن تثق فيما تسمعه عن السحر. 
وكان كيم أيضًا يعتنق آراء لا يشاركه أحد فيها. وعندما وصل إلى سن النزق» 
تعلم أن يتجنب المبشرين وذوى البشرة البيضاء والمظهر الجاد الذين يسألونه 
عمن يكون وعما يفعل. فلم يكن كيم يحقق نجاحا باهرا فى أى شىء يفعله. 
صحيح أنه كان يعرف مدينة لاهور الرائعة ذات الأسوارء من بوابة دلهى إلى 
خندق الحصن الخارجىء وكان وثيق الصلة برجال يعيشون حياة أغرب من 
أى شىء حلم به هارون الرشيدء وكان يحيا حياة طليقة مثل الحياة التى 
تصورها ألف ليلة وليلة» ولكن المبشرين وأمناء الجمعيات الخيرية لم يكونوا 
يدركون جمال تلك الحياة. كانت كنيته فى كل مكان "الصديق الصغير للعالم 
كله”. ولما كان يتمتع بالمرونة وخفة الحركة كان كثيرًا ما يقوم بمهام ليلية 
فوق أسطح المنازل استجابة لما يريده الشبان المهندمون المتأنقون من أتباع 
'الموضة“. كان ذلك يندرج فى عداد الأحابيل والمكائد بطبيعة الحال» وكان 
يدرك ذلك إدراكه لشتى ضروب الشر منذ أن استطاع الكلام» ولكن مصدر 


م 








حبه إياها كان ممارسة اللعبة فى ذاتهاء من التسلل الخفى فى الطرقات 
والحارات المظلمة» إلى تسلق أنابيب المياه» ومشاهدة النساء وسماعهن فى 
عالمهن فوق أسطح المنازل المنبسطة» والفرار قفزًا من سطح منزل إلى سطح 
منزل آخرء مختبئا عن العيون فى ظلمة الجو الحار. وإلى جانب ذلك كان 
يستهويه النساك» وكانوا يسمون "الفقراء“» بوجوههم التى يلطخها الرمادء فى 
صوامعهم المبنية من القرميد فى ظل الأشجار على شاطئ النهرء وكان 
يعرفهم خير المعرفة ويلقى عليهم التحية عندما يعودون من جولات التسول. 
وكان فى غيبة الرقباء يشاركهم. الطعام من الصحفة نفسها. وكانت المرأة التى 
ترعاه تصر باكية على أن يرتدى ملابس أوروبية: سروالا وقميصا وقبعة 
مهترئة» ولكن كيم كان يستسهل ارتداء ثياب هندوسية أو إسلامية عند قيامه 
ببعض المهام. وكان أحد الشبان من غشاق 'الموضة» - وهو الشاب: الى 
عُثر عليه ميتا فى قاع بئر ليلة وقوع الزلزال - قد أعطاه ذات يوم حقيبة 
تحتوى على حلة هندوسية كاملة» وكانت حلة غلام من غلمان الشوارع ومن 
طائفة هندية خفيضة؛ وقد خبأها كيم فى مكان خفئّ تحت ألواح الأخشاب 
الضخمة فى مخزن أخشاب 'نيلا رام“» خلف المحكمة العليا للينجابء؛ 
حيث تقبع أخشاب شجر الدردار حتى تجف بعد نقلها فى سفن خاصة فى نهر 
'راقى' الذى تقوم لاهور على ضفتيه. وعندما كانت الفرصة تتاح لعمل جاد 
أو لبعض اللهوء كان كيم يرتدى تلك الحلة» ولا يعود إلى الشرفة إلا عند 
الفجر وقد أرهقه الصياح خلف 'زفة* عروسء أو الهتاف فى أحد الاحتفالات 
الهندية. وكان يجد فى المنزل بعض الطعام أحياناء ولكنه لم يكن يجد فيه 
الطعام فى معظم الأحيان» فيخرج من جديد لتناول الطعام مع أصدقائه من 
أبناء البلد. 

كان كيم يركب متن المدفع ويطرقه بعقبيه» ثم يلعب لعبة “ملك الحصن”* 
مع صديقيه الصغيرين “شوتا لال* وعبدالله؛ ابن بائع الحلوى؛ ثم يتحول بين 
الفينة والفينة إلى السخرية بألفاظ فظة من الشرطى ابن البلد الذى يحرس 
صفوف الأحذية التى خلعها الزوار عند باب المتحف. وكان الشرطى 


4 








لمتكي فى ليطن ,برتقا فحنا كما وول كيدي إذ ا كارن رع فد من لمق 
بعيد. وكذلك كان شأن ”السقاء* الذى يرش الماء من قربته المصنوعة من جلد 
الماعز على تراب الطريق؛ وشأن 'جمواهر سينج"؛ نجار المتحفء المنهمك 
فى صنع الصناديق الخشبية. بل كان ذلك شأن جميع الحاضرينء باستثناء 
الفلاحين القادمين من الريف وهم يهرعون إلى بيت العجائب لمشاهدة الأشياء 
التى صنعها الرجال فى مقاطعتهم وفى غيرها. كان المتحف مخصصنا للفنون 
والصنائع الهندية»؛ وكان على كل من يبغى 'الحكمة* أن يطلب من أمين 
المتحف أن يتولى الشرح. 

وصاح عبدالله ”انزل انزل! دعنى أصعد!“ وهو يتسلق عجلة المدفع. 

ووه كم قائلة "كا آنو كفي : الفطائل ١‏ :وكافك أمك« يوق السمن ! :كد 
هبط جميع المسلمين من صهوة زمزمة منذ عهد بعيد!” 


.ل 


وهتف 'شوتا لال“ الصغير ”دعنى أصعد!“ وكان يرتدى قبعة مزركشة 
بخيوط الذهبء» وكان والده يملك ما يقرب من نصف مليون جنيه إسترلينى, 
ولكن الهند هى البلد الديمقراطى الوحيد فى العالم. 

ورد كيم قائلا "والهندوس أيضًا هبطوا من صهوة زمزمة. طردهم 
المسلمون. كان أبوك يصنع الفطائر...“. 

وتوقف كيمء إذ لمح على ناصية الشارع رجلا مقبلا من سوق 'موطيى' 
الصاخبء؛ ولم يكن كيم قد شاهد مثيلا له من قبل على الرغم من تصوره أنه 
يعرف جميع الطوائف. كان طوله نحو ١86١‏ سمء ويرتدى ملابس تتكون من 
طبقات غير جذابة كأنها سروج الخيل» ولم تكن أى طبقة منها تشير فى نظر 
كيم إلى صنعة أو مهنة محددة. وكان يحمل فى حزامه علبة أقلام حديدية 
مزركشة ومسبحة خشبية من مسابح النساك. وكانت فوق رأسه كاسكيتة 
أسكتلندية ضخمة» وكان وجهه أصفر ذا غضون ويشبه وجه 'فوك شينج“. 
الصينى الذى يصنع الأحذية الطويلة فى السوق. وكانت عيناه منحرفتين عند 
الأوكاق ورتضفيان لتكت دن العقيق ال ايد 


ءلم 








وسأل كيم رفيقه ”من هذا؟" 

وقال عبدالله. واضعًا أصبعه فى فيه ميكدنا نهنا كان ا 

ورد كيم قائلا "قطعًا! ولعنه الس و هنديا شاهدته أنا من قبل” . 

وقال شونا "لال "ون كان كا هن “مقذ إلى المسيفسة كاردا" رق ذاه 
إلى بيت العجائب!* 


وقال رجل الشرطة ا وجعل بيهر رأسه. "لست أفهم ما تقول” كان 
القوطى :نتحدنة اللفة اانه تسهابية:: قخاطت كيم قاقد "نا ضديق الفا 
لي ل 

وقال كيم ”أرسله إلينا!“ وهبط من صهوة المدفعء متباهيا بقدميه الحافيتين» 
ثم أظيات قاكلا ”إنه أجنبى: وأنت جاموس!” 

والتفكت الرجل وغل محياه سمات العجز. ثم اأتجه لين الصبية. كان 


هرماء ولا تزال ثيابه الصوفية تنضح برائحة نبات ”الناعمة' البرى الذى يكثر 
فى الممد اكه الكبانة. 


تقال الزورخل بلقة أوودية سكيع "نا بهذن سردي النشيكم دا املقان +* 

ووذ كد 'قائلة: "اتدويت العجداته" فو قواق :يماظن لقن معرة مال 
يا “سيدى' أو يا *أستاذ؛ . ولم يكن يستطيع تحديد عقيدة الرجل. 

”آه! بيت العجائب! هل يمكن لأى أحد أن يدخل؟" 

"هذا مكتوب على الباب: يمكن للجميع الدخول“. 

"من دون دفع نقود؟” 

وضحك كيم وقال ”أدخل أنا وأخرجء؛ وليس لى رصيد فى البنك"”. 


وقال الرجل "للأسف! فأنا عجوز ولم أكن أعرف"“. ومد يده إلى مسبحته 
ثم التفت نصف التفاتة إلى المتحف. 


1م 








وسأله كيم ”ما طائفتك؟ أين منزلك؟ هل أتيت من مكان بعيد؟” 

ورد الرجل قائلاً ”أتيت عبر بلدة كولو فى جبال الهيملاياء من وراء القمم 
المقدسة العالية» قمم “كايلا“» ولكن ما عساك أن تعرف؟ من التلال السامقة 
التى تمتاز بصفاء الجو والمياه العذبة“ وتأوه الرجل فى حسرة. 

وقال عبدالله فى فخر "[ها! أنت صينى إذن!“ كان يذكر يوم أن طرده 
الصينى فوك شينج من الحانوت لأنه بصق على الصنم المقام فى المدخل. 

وقال السيقين تنوم لال" روسل هن الهدان : 

نعم أيها الضبغيو 1 مق الجبال الى لن: تاها أبذًا! هل«سمعت»يوما ها عن 

التييت؟ لست من الصين» ولكنى من التيبت» وما دمتم تريدون أن تعرفواء فأنا 
ناسك ”لامى' أو ”لاما'» أو “جورو* بلغتكم“. 

وقال كيم ”ناسك من التيبت! لم أر مثل هذا الرجل من قبل. هل فى التيبت 
هندوس إذن؟” 

"نحن أتباع الطريق الأوسط؛ نعيش فى سلام فى أديرتنا 'اللامية“» وقد 
كرحت لمشاهدة الأماكن المقدسة الأربحة قبل أن 5 "اوها أحو: طن 
صغر سنكمء تعرفون ما أعرفه وأنا شيخ هرم”“. وابتسم ابتسامة ود للصغار. 

”هل تناولت الطعاء؟” 

مد يده فأخرج من طيات ملابسه قصعة خشبية قديمة تستخدم فى التسول. 
وأومأ الأطفال» إذ كان جميع من يعرفونهم من الكهان يتسولون. 

وقال الشيخ "لا أريد أن آكل الآن“»: وأدار رأسه ببطء مثل سلحفاة فى 
ضوء الشمس» مضيفا قوله ”"أصحيح أن بيت العجائب فى لاهور يضم صورا 
كثيرة؟” وكرر الكلمات الأولى فى السؤال تكرار من يريد أن يتحقق من 
العنوان. 


(*) وهى لومبينى؛ مسقط رأس بوذا فى راجستان؛ وبوذ جاياء حيث شعر بالتنوير: 
وسارناث؛ المكان الذى بدأ ينشر فيه تعاليمه» وكوسينجار. حيث مات. 


لام 








وقال عبدالله "صحيح. إنه ملئ بالأشباح الوثنية. وأنت أيضًا وثنى”. 


وقال كيم للشيخ ”دعك منه. هذا مبنى حكومىء وليس فيه شىء من عبادة 
الأصنام» بل رئيس ذو لحية بيضاء. تغال معى وسوف أريك”. 


وهمس شوتا لال قائلا ”الكهنة الأغراب يأكلون الأطفال”. 
وقال عبدالله المسلم ”وهو غريب ويعبد الأصنام“. 


وضحك كيم وقال ”إنه جديد. عودوا بسرعة إلى أحضان أمهاتكم حتى 
تشعروا بالأمان! هيا بنا!“ 


وتقدم كيمء يتبعه الشيخ» فأدار عجلة البوابة التى تسجل عدد الزوارء 
وتوقف الشيخ بعدها فى دهشة. ففى بهو المدخل كانت تنتصب تمائيل هائلة 
بولا واسناوتا ايو تاتون ,ولا ودر في | 1١‏ الجلمام سكن افسفه دق ف ادل لشن 
نحتتها أيدى العمال المجهولين الحريصة على إبراز اللمسة اليونانية الغامضة 
ببراعة مرموقة. وكان المتحف يزخر بمئات الأعمال الفنية» وأطر الأشكال 
البارزة» وشظايا من تماثيل محطمة» ولوحات رخامية نقشت عليها تصاوير' 
مجسدة لنصب بوذية ذوات قباب» ومعابد بوذية من القرميد» وكانت تنتمى 
جميعًا إلى المقاطعات الشمالية» وها هو ذا متحف لاهور يزهو بها ويفخر. 
وأخذ الشيخ وقد عقدت الدهشة لسانه يتأمل هذا وذاك حتى وصل آخر الأمر 
إلى تصوير منقوش هائل يمثل تتويج المولى بوذا أو عبادته؛» فوقف أمامه 
مذهولا يرقب فى صمت. كان السيد بوذا مصورا وهو جالس على زهرة من 
زهر اللوتسء وكانت تويْجِيّاتها قد رُسمت رسمًا يوحى بشبه انفصال بعضها 
عن بعضء. وحول بوذا الكبير صفوف مرتبة ترتيبًا هرميًا من الملوك 
والحكماء وقدامى البوذيين. وفى أسفل العمل مياه يغطيها زهر اللوتس وتسبح 
فيها الأسماك وتغشاها طيور الماء. وكانت تطير فوق رأسه ربّتان من مرتبة 
الربة ”ديوا“» بجناحى فراشتين» وتحملان طاقة زهر تكلل هامته» وتطير 
فوقهما ربتان أخريان تحملان مظلة وضعت على غطاء رأس مُحلىّ بالجواهر 
ويرتديه 'بوذيسات'؛ أى من بلغ التنوير وأخر بلوغ النعيم ليساعد غيره على 
يلؤعف 


8/8 








وقال 'اللاما' الشيخ وهو يكاد ينهنه ”المولى! المولى! إنه 'ساقيا مونى* 
(أى بوذا) نفسه!“ وبصوت خفيض بدأ يردد الترنيمة البوذية الرائعة: 
سينا هف لوي ند العانون فوانها 
نأكة أقاراة الى جما تهرك ليا ها! 
أن ذيمتات ”ري و تذعى" أناندا؟ :عندنا! 
وأضاف قائلاً ”وها هو ذا هنا! والقانون الأعظم هنا أيضًا. بدأت رحلة 
وقال كيم ”والرئيس هناك“. ثم اختفى عن العيون وسط صناديق التماثيل 
والأعمال الفنية. وكان رجل إنجليزى ذو لحية بيضاء يتطلع إلى اللاما الشيخ. 
فاستدار الأخير وألقى عليه التحية» فى تؤدة ووقارء وبعد بعض التردد أتى 
بكراسة وورقة صعير ه. 
"نعم هذا هو اسمى“ وافترت شفتاه عن بسمة إزاء الحروف المتعرجة 
الطفولية. وغمغم اللاما الشيخ قائلا ”أعطانيهما واحدٌ مناء وكان قد حج إلى 
الأماكن المقدسة؛ وهو الآن رئيس دير لونج-تشو“. وأضاف قائلا ”لقد حدثنى 
عن هذه الأشياء“ وأشار بيده العجفاء المرتعشة إلى ما حوله. 
ورد الرئيس قائلا ”مرحبًا بك إذن يا 'لاما' يا ابن التيبت. الصور 
موجودة هناء وكذلك أنا“ وتطلع إلى وجه 'اللاماء وأضاف ”حتى أحصل على 
فرط انفعاله. 
ولم يكن المكتب غير غرفة خشبية صغيرة غير مسقوفة مقتطعة من 
أرضية المتحف التى تزخر بالتماثيل المنحوتة. وقبع كيم بجوار الباب» واضعًا 
أذنه على فتحة أحدثتها الحرارة فى خشب الأرز الذى صنع منه؛ وأطاع حدسه 
إذ تمدد فى موقعه حتى يشهد ما يجرى ويستمع إلى ما يقال. 


/1 


كان معظم ما قاله الرجلان يستعصى على فهمه؛ إذ بدأ اللاما - مترددًا 
أول الأمر - بالحديث إلى أمين المتحف عن الدير الذى ينتمى إليه» واسمه 
اسوخزين'؛ وكان يواجه موقع الضخور الملونة فى التيبت» على مسيرة أربعة 
أشهر. وأحضر أمين المتحف كتابًا ضخمًا زاخر! بالصور وأطلع اللاما على 
صورة ذلك المكان نفسه؛ القابع فوق صخرته السامقة» والذى يطل على 
الوادى الهائتل ذى الطبقات المتعددة الألوان. 

وقال اللاما ”نعم نعم“ وهو يلبس نظارته المصنوعة فى الصين ذات 
الإطار الحديدى. مكنا "هذا هو الباب الصغير الذى ندخل منه الطعام قبل 
حلول: الششاء: م - عجبًا! هل يعرف الإنجليز هذه الأمور؟ قال لى ذلك 
رئيس دير لونج - تشو ولكننى لم أصدقه. هل يتمتع المولى - الواحد العظيم 
- بالتكريم هنا 0 وهل تعرفون حياته؟” 

”إنها منقوشة جميعًا على الأحجار. تعال وأبصرهاء إذا كنت قد 
استرحت . 

وانطلق اللاما خارجًا إلى البهوء وبجانبه أمين المتحفء. ثم جعل يتأمل 
جميع المعروضات مبديًا إجلال المؤمن وحاسة الفنان التى تقدر عظمة 
الإنجاز. 


كان يستطيع التعرف على كل حادثة من أحداث القصة الجميلة المنقوشة 
على الأحجارء ويبدى الحيرة فى بعض الأحيان إزاء تقاليد النقش اليونانية غير 
المألوفة» لكنه كان يبتهج ابتهاج الأطفال عند كل اكتشاف جديد. فإذا تصادف 
وجود ثغرة فى مسار السردء كما حدث فى مسألة 'البشارة' (أى التنبؤ بمولد 
بوذا) قام أمين المتحف بسد الفجوة من كتبه المكتوبة بالفرنسية والألمانية: 
مستعينا بما بها من رسوم وتصاوير 

شاهد هنا "أسيتا' المؤمن» الممائل لسمعان فى القصة المسيحية؛ واضعًا 
الطفل ذا القداسة على ركبته؛ وأم الطفل وأبوه يصغيان إلى ما يقوله 'أسيتا“. 
وقناهة هنا [نضا عموو! عضن لخذالكة الووة “اانا وهنا سوأ 


50 








الشريرة التى اتهمت 'السيد* بالدئسء وقد شملها العقاب؛ واطلع هنا أيضًا على 
تعاليم بوذا فى غابة الغزلان» والمعجزة التى أذهلت عبَادَ النار» كما برز هنا 
'البوذيسات' أيضنًا فى منزلته الملكيّة باعتباره أميراء ومولده الخارق» ثم وفاته 
فى كوسيناجاراء حيث أغمى على تلميذه الضعيفء. وإلى جانب ذلك كله 
تأملات تتكرر ولا يحصيها العد تحت شجرة بوذاء وتقديس لقصعة التسول فى 
كل مكان. ولم تمض دقائق معدودة حتى أدرك أمين المتحف أن ضيفه لم يكن 
مجرد متسول يسبح بمسبحته بل كان دارسا ذا معرفة عميقة. وكرر الرجلان 
ما فعلاه مرة أخرىء وكان 'اللاما' يتناول النشوق فى أثناء ذلك ويمسح زجاج 
نظارته» ويتكلم بسرعة قطار منطلق بمزيج محير من اللغتين الأردية 
والتيبتية. كان قد سمع عن رحلات حاجيْن من الصين هما *فو-هيووين” 
و'هوين-تسيانج“» ويحرص على أن يعرف إن كان سجل حجهما مترجما. 
وجعل يشهق وهو يقلب صفحات الكتاب الذى ترجمه صمويل بيل عن 
الصينية» والكتاب الآخر الذى ترجمه ستانسلاس جوليان عن الحاج البوذى 
الصينى 'هسوان- تسانج“. وقال فى نفسه “كل شىء هنا: كنز مكنون” ثم 
استجمع رباطة جأشه حتى يصغى إلى شذرات مترجمة بسرعة إلى اللغة 
الأرقية:. وانتفع اللمررة: الأولق: إلى ,قضيضن اتحموة: التق «ذلها” العلماع 
الأوروبيون الذين استعانوا بهذه الوثائق ومئات أخرى غيرها فى تحديد 
الأناكقر النتدبية فى «البوذية..و أطلم اللذما :تعد ذلك علن, يخريطة صخي 
زاخرة بالنقاط والخطوط الصفراء. ومد الشيخ أصبعه الأصغر ليتابع قلم أمين 
المتحف وهو ينتقل من نقطة إلى غيرها. هذه هى "كاييلاةاستو” (حيث قضى 
.بوذا طفولته) وهنا المملكة الوسطى (الصين) وهذا هو 'ماهابوذى' (معبد أقيم 
فى المكان الذى عرف فيه بوذا التنوير تحت الشجرة المقدسة) وهو الذى 
أصبح كعبة البوذية» وها هى ذى 'كوسيناجارا' » موقع الأحزان حيث توفى 
الرجل المقدس. وظل رأس الشيخ منكبًا على الصفحات برهة» قام أمين 
المتحف خلالها بإشعال غليونه من جديد. وكان كيم قد غلبه النعاس» وعندما 
استيقظ وجد أن المحادثة التى كانت لاتزال جارية أقرب إلى أفهامه. 


5 








قال الشيخ ”وهكذا يا نبع الحكمة قررت أن أحج إلى الأماكن المقدسة التى 
وطئتها قدمهء وإلى مسقط رأسه. حتى كاييلاء ثم إلى 'ماهابوذى' - وهى 
منطقة 'بوذ جاياء - وإلى الدير -ه وإلى غابة الغزلان - وإلى مكان وفاته . 

ثم خفض اللاما صوته قائلاً "وقد جئت هنا وحدى. إذ ظل يشغل ذهنى 
خمس سنوات - بل سبع - بل ثمانى عشرة - بل أربعين سنة - أن القانون 
العريق لا يلتم النامن به خير التزامء بل لقد. دخلّت فيه البدع التى. تعرفهاء 
بدع شيطانية وسحرية ووثنية. بل كما قال الغلام فى الخارج بدع عبادة 
الأصنام”. 

وكا أميق “اكتف "هذا تحتف فى ميد الأديان”. 

“قطن ذلقا» لقد قر لك الكعب قن "الدين :الى أنتسى: اليه يعد أن عدت لزان 
جانا؟ وتائات الفعاكن اللاعقة التي ادا يها: اتداء: تحن أصتحانيه القانون 
المعدل - لم تعد لها قيمة هى الأخرى لهاتين العينين العجوزتين. بل إن أتباع 
الرجل العظيم أيضًا مشتبكون فى عداوات مستحكمة فيما بينهم. إنه وهم كله. 
نعم وهم. ولكن عندى رغبة أخرى". واقترب الوجه الأصفر المتغضن إلى 
مسافة سبعة سنتيمترات من وجه أمين المتحف؛ وجعل الأظفر الطويل بأصبعه 
السبابة يتقن المقضدة وهو :يقول "إن علفاءكم .فى هذه الكتب» قد اتبعو ا مستار 
القدمين المقدستين فى جميع جولاتهماء ولكن بقيت أمور لم ينشدها هؤلاء. لا 
أعرف أى شىء - لا شىء قط أعرفه - إلا أن أمضى حتى أحرر نفسى من 
عجلة الأشياء (أى استعباد المشاعر الأرضية ودورات الميلاد والموت) سائر! 
فى الطريق العريض المفتوح“". وابتسم ابتسامة النصر الساذج البسيط» وعاد 
قو اا كمت جخايكًا" لي الأماكق النققيية سروف كسيب اعقاو لكن:فن 
القضية ما يزيد على ذلك. اسمع هذه الحقيقة منى. عندما كان مولانا الكريم 
يافعئا وطلب زوجة قال الرجال فى منزل أبيه إنه لم يبلغ الصلابة اللازمة 
للزواج. تعرف ذلك؟" 


اوها مين المتحف فو أساف ماك هذا عسأه أن يقول بعدها. 


505 








"وهكذا عقدوا اختبارا ثلائيًا للقوة ضد جميع القادمين. وجاء اختبار القوس 
فكسر مولانا القوس التى أعطوها له وطلب قومنًا لا يستطيع أحد أن يثنيها. 
تعرف ذلك؟” 

"هذا مكتوب. وقرأته“. 

”وبعد أن انطلق السهم فتجاوز كل الأهداف المرصودة؛: ظل فى الهواء 
حتى غاب عن الأبصار. وأخيرًا سقط» وحيث لمس الأرض انبثق جدول 
سرعان ما أصبح نهراء وكان من طبعه» وبفضل كرم مولانا والامتياز الذى 
اكتسبه قبل أن يحرر نفسه؛ أن كل من يستحم فيه يطهر نفسه من أى شائبة 
من شوائب الخطيئة . 

وقال أمين المتحف بنبرات جادة ”هذا هو المكتوب". 

وشهق اللاما شهقة طويلة وقال ”أين ذلك النهر؟ أين يا نبع الحكمة سقط 
ذلك السهه؟". 

وو أفية: المتحف نل ”لا أعرف يا أخى مع الأسف“". 

”لا! إذا حلا لك أن تنسى - أنك لم تخبرنى بأمر واحد فقط. ألست تعرفه 
قطعًا؟ انظر! أنا رجل عجوز! وأنا أسأل ورأسى بين قدمىء يا نبع الحكمة. 
نحن نعرف أنه شد القوس! ونعرف أن السهم سقط! ونعرف أن الجدول انبثق! 
أين ذلك النهر إذن؟ أمرنى هاتف فى منامى بالعثور عليه» فجئت وها أنذا. 
ولكن أين النهر؟” 

"لو كنت أعرفء أفلا تظن أنى كنت أهتف بالإجابة عاليًا؟“ 

وو عضن االلكنا بحدرقة :ون التفاكك» الى تم اتسففهه :قاقد "اتلك كدق العررء 
حريته من عجلة الأشياء. نهر السهم! فكر من جديد! ربما يكون جدولا 


صغيرا - وربما جفت مياهه فى حرارة الجو؟ ولكن الرجل المقدس لن يخدع 
شينخا:ملن أبدا . 


0 أعرف. ل أعرف". 

ومن جديد قرب اللاما وجهه ذا الغضون الألف من وجه ام 
بمقدار عرض اليد الواحدة وقال ؟أدرك أنك لا تعرف. فما دمت لا تنتمى إلى 
القانون» سيكون الأمر خافيًا عليك”. 

"نعم - يظل خافيًا - خافيا . 

وقال الشيخ "كلانا مقيدء أنا وأنت يا أخىء ولكننى..“ ونهض فانبسطت 
يات ثيابه الثقيلة حوله.. ”سوف أمضى لأكسر ذلك القيد وأتحرر. تعال 
أيضنًا !“ 

ؤقال أميق المتكق»" أنا مقيد » ولكق ايخ عشساك تمت ؟” 

”أولاً إلى كاشى“(أى مدينة بيناريس» المدينة المقدسة على نهر 
الجانجيز) وهل أمامى سواها؟ وهناك سوف أقابل شخصنا ذا إيمان نقى فى 
معبد 'جانئ' فى تلك المدينة (الجانية دين 1 الذى أنشئ فى القرن 
السادس لإصلاح الهندوسية). وهو أيضا يطلب التحرر سرّاء وربما استطعت 
أن أعرف منه ما أريد. وزيا الا إلى “بوذ جاياء. ومن هناك 
بعتن كبا را وغوت إل "كا جولة تانكر .وتاك سيوف أطلها النيون لا يل 
سأطلبه فى كل مكان أمضى إليه؛ ما دام مكان سقوط السيع' مجر لذ" 

"وكيف تمضى إلى هناك؟ المسافة إلى دلهى شاسعة؛ وبيناريس أبعد 
منها". 

"سيا على الأقدام وبالقطار. فلقد أقبلت من ياثانكوت (فى سفوح جبالا 
الهميلايا) وبعد أن تجاوزت الجبال جئت بالقطار إلى هنا. القطار سريع. كنت 
أدهش فى البداية لمشاهدة الأعمدة المقامة على جانب الطريق وهى تلتهم 
الأسلاك المشبوكة فيها“ 9 يصور بيديه انطلاق أعمدة التلغراف ظاهريا 
إلى خلف القطارء "ولكننى بدأت أشعر بالضيق من مكانى وطلبت أن أمشى 
على قدمى» حسبما اعتدت”. 








وسأله أمين المتحف ”وأنت واثق من هذا الطريق؟“ 


وأخات: لاقتنا ببكدوياء "نا على المروةه ال أن سال توالا ويدف هالا: 
فيدلنى العارفون على المكان المقصود. ذلك مبلغ علمى فيما فهمت فى الدير 
الذى أنتمى إليه“. 

وقال أمين المتحف ”ومتى تعتزم الرحيل“ مبتسما على امتزاج حكمة 
العالم القديم بأوجه التقدم العصرىء وهو الامتزاج الذى تتميز به الهند اليوم. 

كه اللاما ”فى أقرب وقت ممكن. سوف أقصد الأماكن التى عاش فيها 

حتى أصل إلى نهر السهم. وإلى حانب ذلك عتدى تورقة كدت فزي دكات 
رحيل القطارات إلى الجنوب . 

"والطعام؟” كان أمنن المتحف يعرف أن كل لاما يحتفظ بمقدار لا بأس به 
من النقود معه» ولكنه أراد أن يتأكد. 

وقال اللاما ”فى هذه الرحلة أستعين بقصعة التسول الخاصة بالسيد. نعم؛ 
فمثلما كان يفعل فى رحلته سوف أفعلء نابذا الراحة التى عرفتها فى الدير. 
كان يصاحبنى عندما غادرت الجبال تلميذ يتولى التسول نيابة عنى » وفق ما 
تقضى القاعدة به» ولكننا توقفنا فى كولو قليلا فأصيب بالحمى ومات. ولم يعد 
عندى الآن تلميذء لكننى سوف أعتمد على قصعة الصدقات وأتيح للمحسنين أن 
يكتسبوا الامتياز“. وجعل يومئ برأسه إيماءات الثقة. لم يكن علماء الدير 
المتخصصون يتسولونء ولكن اللاما كان متحمسًا لما يسعى فى طلبه. 

وابتسم أمين المتحف وقال “فليكن. اسمح لى الآن أن أكتسب الامتياز. 
فنحنء» أنا وأنت» من أصحاب الحرفة. خذ هذه كراسة جديدة من ورق 
إنجليزى أبيضء» وهذه أقلام الرصاص المبرية» اثنان وثلاثة» ذات خطوط 
سميكة ودقيقة» وكلها تصلح للكتبة. والآن أعرنى نظارتك". 

وفحص أمين المتحف النظارة فوجد شروخا كثيرة فى العدستين ولكن 
درجتها البصرية كانت تعادل درجة نظارته إلى حد التمائل الكامل تقريبّاء 
فدس نظارته فى يد اللاما قائلا "جرب هذه النظارة . 


ه65 





ووضعها اللاما على عينيه وصاح ”ريشة! فى خفة الريشة على الوجه!“ 
وجعل يدير رأسه فى سعادة ويقلص أنفه وهو يقول ”لا أكاد أشعر بوزنها! وما 

”إنها من البلور! أى من الكريستال ولا يمكن أن تصيبها الخدوش. أرجو 
أن تساعدك فى العثور على نهركء فقد أهديتها لك“. 

وقال اللاما ”سوف آخذها وآخذ الأقلام والكراسة ذات الورق الأبيضء 
دليلا على الصداقة ما بين كاهن وكاهن. والآن..“ وأدخل يده فى حزامه وبعد 
هنيهة أخرج علبة الأقلام الحديدية المزركشة ووضعها على منضدة أمين 
المتحف قائلا ”خذ هذه 'المقلمة“ تذكار! للقاء بينى وبينك. إنها عتيقة» مثلما أنا 


ام 4م 


عتيق . 

كانت علبة الأقلام ذات طراز قديم» صينىء؛ ومن نوع من الحديد لم يعد 
تسبكه المسابك هذه الأيام» وكان حب اقتناء التحف قد سيطر على قلب أمين 
المتحف منذ البداية. ولم يستطع إقناع اللاما باسترداد هديته. 


وقال اللاما ”عندما أعودء بعد العثور على النهرء سوف أتيك بصورة 
مكتوبة للربة دادما سمثور (الربة الهندوسية المنبثقة من زهرة اللوتس) وهى 
التى اعتدت أن أنقشها على الحرير فى الدير. نعم وصورة أخرى لعجلة 
الحياة“ وقهقهه اللاما مضيفا ”فأنا وأنت معًا من أصحاب الحرفة". 

كان أمين المتحف يتمنى أن يستبقيه؛ فما أندر من لايزالون يحتفظون بسر 
صنع الصور البوذية التقليدية بأقلام الفرشاة» وهى الصور التى تعتبر نصف 
بخطوات واسعةء رافعًا رأسهء. بعد أن تمهل لحظة أمام التمثال العظيم 
لبوذيسات أثناء التأمل» ثم اندفع خارجًا من البوابة الدوارة. 

ومضى كيم خلفه مثل الشبح. كان ما سمعه قد أثاره إثارة عظيمة» إذ كان 
هذا الرجل جديدًا كل الجدة فيما مر به من خبراتء واعتزم كيم أن يستكشف 





1 





الماية. هته شنامًا "كانه" يستكقلف منت هدية|: أو الحفالا عرييا فى مديدد 
لاهور. كان اللاما يمثل له كنز! مكتشفاء وصمم على أن يمتلك ذلك الكنز. فلقد 
كانت والدة كيم أيرلندية أيضنا. 

وتوقف العجوز عند المدفع الكبير وجال ببصره حتى وقعت عينه على 
كيم. كان الإلهام الذى يغذو رحلة حجه قد تخلى عنه لحظة فشعر بوطأة السن 
والوحشة والخواء الشديد. 

وقال رجل الشرطة بنبرة متعالية ”لا تجلس تحت هذا المدفع . 

ورد كيم نيابة عن اللاما قائلا "اخرس يا بومة!” ثم قال "اجلس تحت 
المدفع إذا أردت. متى سرقت يا ”دانو' خف بائعة اللبن؟” 

كنك فلك نتيية: :7ك اسايق ليا وق سيف ادها وخطرت: الصسسسن: م 
وحى اللحظة؛ ولكنها أخرست الشرطة *دانو“» إذ كان يدرك أن صيحة كيم 
الواضحة قادرة على استدعاء فرق كاملة من صبيان السوق "الأشقياء* إذا 
دعت الحاجة. 

وقال كيم بلهجة ودود وهو يقبع فى الظل إلى جوار اللاما “ومن الذى 
كنت تصلى له داخل المتحف؟” 

"لم أكن أصلى لأحد أيها الصبى. إننى كنت أركع للقانون الأعظم". 

وتقبل كيم هذا الرب الجديد دون انفعال» إذ كان يعرف العشرات من 
الأرباب الهندوسية. 

راذا ا 6 

"إننى أتسول. أذكر الآن أننى لم آكل أو أشرب منذ مدة طويلة. ما نظام 
الإحسان فى هذه المدينة؟ هل يجرى فى صمت كما نفعل فى التيبت» أم 
بصوت عال؟* 


قال كيم “من يتسول فى صمت يهلك جوعًا فى صمت“» وكان ذلك من 


5 








مغامرات صبى 


الأمثال المحلية. وحاول اللاما أن ينهض ولكنه لم يستطع» فتأوه ذاكرًا تلميذه 
الذى مات فى مدينة كولو البعيدة. وتأمله كيم؛ وقد أمال رأسهء وبدا عليه 
التفكير والاهتمام. 

”أعطنى هذه القصعة. أنا أعرف أهل هذه المدينة» أعرف كل المحسنين. 
أعطها لى وسوف أعيدها إليك ممتلتئة“. 

وببساطة الأطفال أعطاه العجوز القصعة. 

"استرح الآن. أنا أعرف الناس”. 

وأهرع كيم إلى دكان مفتوح» صاحبته بائعة خضراوات من طائفة 
خفيضة» ويقع فى مقابل خط الترام المار بسوق 'موطئ'. كانت البائعة تعرف 
كيم من زمن بعيد. 

وهتفت المرأة ”هل تحولت إلى 'يوجى' تحمل قصعة التسول؟“ 

ورذ كي ينو جتفالية 15057 لقذ حل والبلةة كامن حديد !رودل لو أن نيد 
له من قبل ". 

وقالت المرأة بغضب ”كاهن عجوز - نمر شاب! لقد سئمت الكهنة الجدد! 
إنهم يحطون على البضائع كالذباب. هل والد ابنى بئر من الإحسان حتى 
يعطى كل من يسال؟” 

وقال كيم ”لا! رجلك ياجى - أى عصبى المزاج - لا يوجى - أى 
ربانى! ولكن هذا الكاهن جديد. والرئيس فى بيت العجائب خاطبه مخاطبة 
الإخوة. أرجوك يا أمى! املأى هذه القصعة! إنه ينتظر“. 

أنه القصضيعة يهنا لله مذ كان البقوة1 لقف امكيف امقطام 'الخور ‏ المكدين 
للربة شيفما (المدمرة)! لقد أكل هذا الثور معظم البصل فى هذه السلة هذا 
الصباح؛ وبالحق لا بد أن أملا لك القصعة! ها هو ذا الثور يعود!” 


كان الثور البراهمينى الضخم ذو اللون الرمادى الخاص بتلك الناحية يشق 


414 





طريقه وسط الجمهور بملابس أفراده ذات الألؤات المتعددة» ومن فمه دلي 
0 أخضر النقطها من فاكهى بالسوق. وكا ركجه مواضرة إلى دكان 

لمق 5 واعيًا كل الوعى بمنزلته المقدسة. خافضنًا رأسة ونافثًا أنفاسه الحارة 
م ل يي ا 1 منها. وعلى الفور 
0 و 2 فنخر الثور نخرة 

0 
أمى! قليلا من الأرز وبعض السمك المجفف عليه! نعم وبعض كارى 
الخضراوات!*” 

وعلا صوت زمجرة من مؤخرة الدكان حيث يرقد أحد الرجا 

وقالت المرأة بنبرة خفيفة "لقد طرد الثور. من الخير التصدق على 
الفقراء“. وتناولت القصعة وأعادتها مليئة بالأرز الساخن. 

وقال كيم بلهجة جادة ”ولكن اليوجى صاحبى ليس بقرة!” ثم حفر حفرة 
سابد تيكرة الارر يوكال "لو وضع بعض الكارى هنا! وكعكة محمرة. 
وأعتقد أن د بعض الحلوى ستسعده". 

وقالت المرأة فى ضيق "إنها حفرة فى حجم رأسك“". ولكنها ملأتهاء رغم 
ذلك؛: بكارى الخضروات اللذيذة الساخن» ووضعت الكعكة المقلية فوقهاء 
وقطعة من السمن فوق الكعكة؛ ثم وضعت قطعة من حلوى التمر الهندى على 
جانب القصعة؛ وراق لكيم منظر القصعة. 

”هذا حسن. عندما أكون فى السوق لن يأتى الثور إلى هذا المنزل. إنه 
شحاذ جسور“. 

وقالت المرأة ضاحكة "وأنت؟ ولكن لا تسئ إلى الثيران. ألم تقل لى إن 
ثورًا أحمر سوف يأتيك يومًا ما من أحد الحقول ليساعدك؟ حافظ الآن على 
اتزان القصعة واطلب من الرجل الربانى أن يدعو لى بالبركة. وربما كان 


58 








يعرف أيضًا علاجًا لمرض عينى ابنتى. اسأله عن ذلك أيضمًا أيها الصديق 
الصغير للعالم كله”. 
الشريدة ومعارفه الجوعى. 
وكالد تكن حبك امكذا تقول فذق الذيق :«تدرتة الأملوت لديم 
وكان اللاما قد فتح عينيه فشاهد ما احتوته القصعة. وأضاف كيم ”كل الآن 
اعف» كلك آنا مغل افك ريا وها ا" تاف العقام الذى كام وود تناقاك 
الكزوتون الهندية حول المتحف قائلا ”هات الماء هنا! نحن الرجال عطقف !*“ 
وتنك البنقاء كاكلا “تحن الربهال؟ هل كف قوية وانخدة لكا اشريا: ادن 
وسكب السقاء الماء فى خيط رفيع تلقاه كيم باسطا كفيه وشرب بأسلوب 
أهل البلدء ولكن اللاما وجد لزامًا عليه أن يستخرج كوزا من طيات ملابسه 
العلوية التى لا آخر لها وأن يشرب بالصورة 'الرسمية'! 
وقال كيم ”إنه أجنبى“ موضحا للسقاء ما قاله اللاما بلغة مجهولة» وكان 
من الواضح أنه يدعو بالخير للسقاء. 
تناول اللاما النشوق من صندوق خشبى عجيبء وسبّحَ بمسبحته قليلاء ثم عاد 
للنعاس الهنئ الذى يعرفه الشيوخء وقد بدأ ظل المدفع يطول ويمتد. 
وانطلق كيم إلى أقرب دكان يبيع التبغ»ء وكانت. صاحبته شابة مسلمة ذات 
حيوية دافقة» وسألها أن تعطيه سيجار!ا رخيصا من النوع الذى يباع لطلاب 
جامعة الينجاب الذين يحاكون العادات الإنجليزية. وبعدها جلس يدخن 
ويفكرء واضعًا رأسه بين ركبتيه» تحت بطن المدفع» وكانت نتيجة تفكيره 
الانطلاق فجأة وخلسة تجاه مخزن أخشاب نيلا رام» حيث خبأ ثيابه الهندوسية. 
لم يستيقظ اللاما إلا حين بدأت حياة المساء فى المدينة» فأوقتت المصابيح: 


١٠6 








وعاد موظفو الحكومة بأرديتهم البيضاء مع مرؤوسيهم من مكاتبهم» فجعل 
يحدق بدوار فى شتى الاتجاهاتء ولكن لم ينظر إليه أحد إلا صبى هندوسى 
يرتدى عمامة وملابس صفراء رمادية. وفجأة أمال رأسه وسنده على ركبتيه 


وجعل ينوح. 
وقال الصبى "ما هذا؟” ثم وقف إلى جانبه وقال ”هل سرق أحد شيئا 
منك؟ . 


فقال اللاما ”بل إن تلميذى الجديد قد تركنى ولا أعرف أين مضى“". 

"وإلى أى نوع من الرجال ينتمى تلميذك؟". 

"نل ع ا علي تدارا مو "انوي اللاعه اكبيد الأعقناد -الذن. محمد 
حين ركعت أمام القانون فى ذلك المكان" وأشار إلى المتحف. ”جاءنى ليدلنى 
على طريق كنت فقدته. قادنى إلى بيت العجائب» وتجاسرت بسبب حديثى معه 
على التخاطب مع حارس الصورء. وهكذا انشرح صدرى واكتسبت القوة. 
وعندما أغشى على بسبب الجوع تسول نيابة عنى مثلما يفعل التلميذ لأستاذه. 
لقد أرسل لى فجأة. وضاع منى فجأة. كنت أنتوى أن أعلمه القانون فى 
الطريق إلى بيناريس". 

ووقك كيو فقولا هما سمم»: إذ كاك قن ترق" الشبسع للعديت الى دار 
فى المتحف؛ وكان يعرف أن الشيخ صادقء ومن النادر أن يصدق ابن البلد 
الشريد مع أحد الأغراب. 

"لك أدورك: الأو أنه لم تسل إل تكن تدب :وسذلك: غرفت انق 
سوف أعثر على نهر معين أبحث عنه وأسعى إليه“. 

وقال كيم ببساطة "تلميذك* وأقعى أمامه. ”لم أشاهد أى أحد مثلك طول 
عمرى. سوف أصحبك إلى بيناريس. وأظن أيضنًا أن رجلا بلغ العمر المديد 
الذى بلغته ويقول الصدق لأناس قابلهم بالمصادفة فى الغسق» فى حاجة ماسة 
إلى تلميذ”. 








"ولكن النهر؟ نهر السهم؟” 

"ذلك ما سمعته عندما كنت تحادث الإنجليزى. كنت أقبع خلف الباب”. 

واه لاطا يوقا "كنك" احلناف وو قية 1 رمق كييك أمكان هتف ا موز 
أكواناكيو لكنفن "لبوق ممدرن نياك ان اقم ره ريت النيوة 

وضحك كيم فى قلق وقال "لا. إننى أسعى لرؤية ثور- ثور أحمر فى ١‏ 
حقل أخضرء وسوف يساعدنى“. وعلى نحو ما يفعل الصبيان» إن كان أحد 
الصبيان أيضاء كان داتم التفكير فيما تنبأ به والده» بل كان يقضى فى ذلك 
عشرين دقيقة كل مرة. 

"يساعدك على ماذا يا بنى؟". 

”الله أعلم؛ ولكن والدى قال لى ذلك. سمعت حديتك فى بيت العجائب عن 
كل تلك الأماكن الجديدة الغريبة فى التلال» وإذا كان فى وسع رجل بلغ هذا 
العمر والضآلة» واعتاد إلى هذا الحد قول الحق» أن يخرج فى طلب أمر هين 
مثل أحد الأنهارء فقد بدا لى أننى لابد أيضنًا أن أسافر. فإذا كان القدر قد كتب 
لنا أن نعثر على هذه الأشياء فسوف نعثر عليهاء حتى تجد أنت نهرك وأجد أنا 
ثورىء والعمد القوية وغيرها من الأمور التى نسيتها". 

وقال اللاما ”ما أريد أن أتحرر منه ليس الأعمدة بل عجلة معينة“. 

وقال كيم "يستوى هذا وذاك. ربما جعلتنى ملكا"» وكانت نبراته الرزينة 
نبرات من كان على استعداد لأى شىء. 

ورد اللاما بصوت الممسك بزمام السلطة ”سوف أعلمك رغبات أخرى 
أفضل أثناء الطريق. هيا نذهب إلى بيناريس". 


517 


ليس أثناء الليل» فاللصوص قد خرجوا من مكامنهم. انتظر حتى 
الصباح”. 


1 








"ولكن ليس لدينا مكان ننام فيه”. كان الشيخ قد اعتاد نظام الدير» وعلى 
الرغم من نومه على الأرضء حسبما تقضى القاعدة» فإنه كان يفضل اللياقة 
فى هذه الأمور. : 

وقال كيم ”سنجد مكانا مريحًا فى سراى كشميرء الخان الذى تبيت فيه 
القوافل”“ وضحك من حيرة اللاما وأضاف ”لى صديق فيه. هيا بنا!“. 

كاليةة الأنيو اق التحاردة" الننز دحمة تتموها: الأكنواء وهنا شقان كرو نينا 
وسط الحشود من جميع الأجناس فى أعالى الهند» وكان اللاما يسير وسط 
الناس فى شبه ذهول كأنه يحلم. كانت تلك أول مرة يمشى فيها فى مدينة 
صناعية كبيرة» وكان يوجس خيفة من عربات الترام المكتظة بالركاب 
بفراملها التى تصرخ بانتظام» وكان الصبى يقوده والناس تدفعه دفعًا حتى 
وصل إلى البوابة العالية لسراى كشميرء فشاهد الميدان الضخم الفسيح المواجه 
لمحطة السكك الحديدية» وما يحيط به من أروقة فوقها البواكى» حيث تبيت 
قوافل الجمال والخيل عند عودتها من وسط أسيا. كانت تجتمع هنا شتى 
ضروب أبناء الشمال» بعضهم يربط المهور وبعضهم يرعى الجمال التى 
بركت» وغيرهم يُحَمَّل الدواب بالبالات واللفائف أو ينزلها من فوق ظهورهاء 
وآخرون ينزحون المياه اللازمة لوجبة المساء من الآبار بأصوات الصريرء أو 
يضعون أكوام الكل أمام الخيول ذات العيون الشاردة والصهيل العالى» أو 
يربطون كلاب القوافل ذات النباح الفظء أو يدفعون أجور سائقى الجمال» أو 
يستأجرون ساسة جددا للخيل» والجميع يتشاتمون ويتصايحون ويتجادلون 
ويتساومون فى الميدان المكتظ بالبشر. وأما أماكن المبيت فى الأروقة» فيصل 
المرء إليها بسلم حجرى من ثلاث درجات أو أربعء وكانت تشبه المرفأ الآمن 
فى وسط بحر هائج. وكان التجار يستأجرون معظمهاء مثلما تستؤجر البواكى؛ 
وذلك بعد سد الفجوات بين الأعمدة بجدران من القرميد حتى تتحول إلى 
حجرات تحميها أبواب خشبية ثقيلة وأقفال محلية ضخمة. وكان الباب المغلق 
يعنى غياب صاحب المكان» وأحيانا كانت عليها كتابات بدائية فظة بالطباشير 
تبين المكان الذى رحل إليهء» وهكذا فإن "لطف الله قد رحل إلى كردستان” (كما 


١٠١ 








تقول الكتابة). وتحتها كتب بيت من الشعر يقول: ”يا رب! يا من قضيت بأن 
يعيش القمل فى معطف رجل من كابول (عاصمة أفغانستان) لماذا قضيت بأن 


واجتهد كيم حتى يحمى اللاما من هياج الرجال وهياج الحيوان» فسار معه 
على طول الرواق والغرف المقامة فيه حتى وصل إلى آخرهء وهى أقرب 
نقطة من محطة السكك الحديدية» حيث ينزل محبوب علىء» تاجر الخيول؛ 
عندما يصل من تلك الأراضى الغامضة خلف الممرات الجبلية فى الشمال. 


وكان قد سبق لكيم أن تعامل عدة مرات مع محبوب المذكورء على حداثة 
سن كيم» خصوصا ما بين عامه العاشر وعامه الثالثن عشرء. وكان ذلك 
الأفغانى الهائل الجرم ذا لحية صبغها بالحناء فبدت قرمزية» إذ كان قد تقدم به 
العمر ويأبى الكشف عن الشيب فيهاء وكان يقدر قيمة الصبى باعتباره ناقل 
أنباء. وكان أحيانا يكلف كيم أن يراقب رجلا لا علاقة له البتة بخيوله» وأن 
يقتفى أثره طيلة يوم كامل وأن يبلغه بكل من صادفه هذا الرجل وتحادث معه. 
وكان كيم ينقل له هذه الأنباء فى المساء» فيصغى إليها محبوب دون أن يتكلم 
أو يومئ أدنى إيماءة. وكان كيم يعرف أن ذلك من قبيل التجسسء, ولكن قيمته 
كانت تكمن فى عدم البوح بشىء قط إلا لمحبوب» الذى كان يكافئ كيم 
بوجبات جميلة ساخنة من المطعم فى رأس السراى» بل منحه ذات يوم مبلغا 
كبيرا وهو ثمانى أنات (أى نصف روبية). 

وقال كيم ”إنه هنا“ وهو يضرب جملا حاد الطبع على أنفه؛ ثم صاح ”أنت 
يا محبوب على!” ثم توقف عند مدخل مظلم واندس خلف اللاما الذى بدت 
عليه الحيرة. 

كان تاجر الخيول داخل الغرفة» وقد فك حزامه البخارى (أى من بُخارى؛ 
وهى أوزبكستان حاليًا) فبدت زخارفه العميقة. وكان يستلقى على وسادتين من 
وسائد السروج المنسوجة من الحرير المستخدم فى السجاجيدء ويستمتع 
بالأتفائن اليطيئة من الشيشة الفضية أمامة. وأداز رأسة يزاوية ضدكيلة عندما 


ع 








سمع النداء» لكنه لم يشاهد غير القامة الفارعة للآما الصامتء فقهقه قهقهة 
عميقة وقال: 

”الله! لاما! لاما أحمر! (أى'من طائفة نينجمايا أى لابسى القبعة 
الجبلية. ماذا تفعل هنا؟“ 

وبطريقة آلية قدم اللاما قصعة التسول. 
التيبت! ولكن اقصد أتباعى من مقاطعة بلخ (فى شمال أفغانستان) وستجدهم 
هناك خلف الجمال. فربما قدَّرُوا بركاتك حق قدرها. أنتم يا ساسة الخيل! هاكم 
رجلا من بلدكم! انظروا إن كان جائعًا!“. 

وتقدم رجل بلخى حليق اللحية - وكان قد أتى مع الخيول - فقبع أمام 
الكاهن مبديًا له آيات التبجيل» إذ كان من طائفة تعتبر بوذية منحطة. ودعاه 
بألفاظ سادتها الحروف الحلقية الغليظة إلى الجلوس حول النار التى أوقدها 
سناسة الخيول: 

وقال له كيم ”اذهب!” وعاد إلى الشيشة. ثم أضاف ”انصرف أيها 
الهندوسى الصغير. لعنة الله على كل الكفار! تسول من أتباعى الذين يدينون 
بدينك . 

وقال كيم بنبرة استخذاء يا مهراجيا!” متعمدا استخدام اللقب الهندوسى» 
ومستمتعًا بالموقف كل استمتاع. ”مات والدىء» وماتت أمى» ومعدتى خاوية“. 

"تسول من رجالى عند الخيول قلت: لابد أن يكون بين أتباعى بعض 
الهندوس . 

فقال كيم بالإنجليزية "ولكن يا محبوب على... هل أنا هندوسى؟ . 

ولم يبد التاجر أى دليل على الدهشة بل نظر وحسب من تحت حاجبيه 








وقال ”يا صغير! يا صديق العالم كله! ما هذا؟". 

”لا شىء. لقد أصبحت الآن تلميذ ذلك الرجل الربانى. ونحن نَحُجٌ معاء 
إلى بيناريس حسبما يقول. إنه مخنون تماماء وأنا سئمت مدينة لاهور. أبغى 
هواء جديدًا وماء جديدا . 

وقال محبوب على ”ولكن من تعمل لحسابه؟ ولماذا جتتنى أنا؟“. كان 

"ومن عساى أن أقصده غيرك؟ ليس عندى نقود. وليس من الصواب 
الافتقار إلى النقود. وسوف تبيع أنت خيولا كثيرة للضباط» وهذه خيول بديعة 
رائعة» هذه الخيول الجديدة» لقد رأيتها. أعطنى روبية. وسوف أسدد القرض يا 
محبوب عل عندما أغنتى “. 

وزمجر محبوب على وقد أخذ يفكر بسرعة» ثم قال "لم تكذب على قط 
من قبل. ادع ذاك اللاماء وقف أنت فى الظلام”. 

وضحك كيم قائلا "اطمئن! ستتفق روايته مع روايتى . 
على. ”أنا والغلام. أنا ذاهب للبحث عن نهر معين". 

"ربما - ولكن ما شأن الصبى؟". 

"انه ميقي ارس لدو ةف كلتى: قن يرشن إلى الذي كنكا بخالنةا 
فى ظل مدفع حين جاءنى فجأة. ومثل هذه الأشياء قد حدثت للسعداء الذين 
سمح لهم بالهداية. ولكننى أذكر الآن: قال إنه من هذا العالم» أى هندوسى". 

"واسمه؟ . 

"لم أسأل عن ذلك. أليس تلميذى؟“". 


”ولكن ما وطنه؟ ما جنسه؟ ما قريته؟ أهو مسلم؟ أم من السيخ؟ (فرع 


ع 12 


خفيضه؟ . 


5-8 








”ولماذا أسأل؟ لا يوجد رفيع أو خفيض فى للطريق الأوسط. وإذا كان 
تلمْيذئ قف 13 الذئ يأكذه من ؟يل . من يستطيع ذا لك؟ ولا تنسى أننى من دونه 
لن أستطيع أن أعثر على نهرى"»؛ وهز رأسه بوقار. ظ 

وقال محبوب على *لن يأخذه أحد منك. اذهب فاجلس وسط أبناء بلخ من 
رجالى“»: فانصرف اللاماء وقد اطمأن لما وعده الرجل به. 

ولقنى كن ل لكان النسدو كر أخوض قاناة "أخبره طحا وفنا 
أكذب عليك يا حاج؟”. 

وجعل محبوب على يستمتع بالأنفاس من الشيشة فى صمت. ثم بدأ يتحدث 
فى شبه همس قائلا ”اسمع! سوف تمر فى الطريق إلى بيناريس بمدينة أومبالا 
(فى شرقى الينجاب. شمالى دلهى بنحو ٠٠١‏ كيلو متر). إذا كنتما 
ستذهبان حقا إلى هناك . 

”طبعًا طبعًا. قلت لك إنه لا يعرف الكذبء كما نعرف أنا وأنت"“. 

"وإذا قبلت أن تحمل رسالة منى إلى مدينة أومبالاء فسوف أعطيك نقودا. 
الدن ينداف محطداق. تون رقن لكل ان كته يعتةة إلى بشنابط فى ادل 
مرة رجعت فيها من منطقة الممرات الجبلية. ولكن - اقترب الآن منى ومد 
إلىّ يديك كأنك تتسول - لم تكن أصالة نسب فحل الخيل قد تأكدت تمامّاء 
وطلب منى ذلك الضابطء الموجود حاليًا فى أومبالاء أن أستوثق من الأمر”“. 
وهكا مت مهوتي مذز ل الضايظ 'ومظهوة عدقة: ثم قال "وبهكذا ستكون 
الرسالة إلى ذلك الضابط هى 'تأكدت صحة أصالة نسب فحل الخيل الأبيض'. 
وعندما يسمع ذلك سيعرف أنك أتيته من عندى وسوف يقول عندها 'وما 
النويهاف: لدنك 9 فنوى أنك فاكلا "هيوب علق اعطاق الدوتهاك".“ 


وقال كيم بضحكة مجلجلة "كل هذا من أجل فحل خيل أبيض”» وبرقت 
عبنأه. 


وقال محبوب على ”وسوف أعطيك البرهان على أصالة النسب الآن - 


١ ١ 








09 
بأسلوبى الخاص - وبعض الكلمات القاسية أيضنا“. ومر ظل خلف كيمء مع 
"يا الله! هل أنت المتسول. الوحيد فى المدينة؟ ماتت أمك ومات أبوك. 
وهذا شأنهم جميمًا. هكذا:.. :هكذا..“. واسقدار كأنما يلتقط شيئًا من أرضية 
الغرفة بجواره وألقى بقطعة خبز طرية تنضح بالدهن مما يخبزه المسلمون إلى 
الصبى» هاتفا ”اذهب وارقد الليلة مع سائسى خيولىء: أنت واللاما. وربما 
كلفتك بالعمل غدًا عندى". 


وانسل كيم بعيدا وهو يقضم الخبزء وكما كان يتوقع؛ وجد لفة صغيرة من 
المناديل الورقية مغلفة بقطعة من ”المشمع'؛ ومعها ثلاث روبيات فضية» وهو 
ما يمثل أريحية فائقة. وابتسم ودس النقود والورق فى علبة التميمة الجلدية 
معهء وأما اللاما فقد قدم البلخيون من رجال 'محبوب على*2 طعامًا فاخرًا 
تناوله ثم نام فى ركن أحد الحجرات. ورقد كيم بجواره ضاحكا. كان يعرف 
أنه قدم خدمة معينة لمحبوب علىء؛ من دون أن يصدق ولو للحظة عابرة قصة 
أضيالة كيت اتدل الخيل. [ 

ولكن كيم لم يخطر له أن محبوب على - الذى اشتهر بأنه من أفضل 
تجار الخيل فى الينجابء والتاجر الغنى الناجح» الذى كانت قوافله 
تقطع مسافات عديدة قد تصل إلى ما وراء الحدود بمراحل - كان مسجلا فى 
الملفاات: السورية لنضداتحة المسائحة الهنذية كك رق نين 28 ابه :وكان. الس 
سى75 يرسل مرتين أو ثلاثًا كل عام خبرًا صغيرا - برئ المظهرء وإن كان 
بالغ الإثارة»ء وصحيح فى جوهره بصفة عامة» بعد التأكد من ذلك من أقوال 
القسمين راء ١7‏ وميم 4» وكان ذلك الخبر يتعلق بشتى المقاطعات الجبلية 
النائية» وبالمستكشفين الذين يحملون جنسيات غير إنجليزية» وبتجارة السلاح. 
وكان ذلك عموما يمثل جانبًا صغيرً! من الكمية الهائلة من المعلومات التى 
تتلقاها الحكومة الهندية وتتخذ الإجراءات اللازمة بشأنها. ولكن حدث فى 
الآونة الأخيرة أن أخبرت دولة شمالية متعاطفة (روسيا) الملوك الخمسة 


١١48 








المؤتلفين» من دون ما يدعو إلى اثئتلافهم؛ أن بعض الأنباء تتسرب من ممالكهم 
إلى الهند البريطانية. وهكذا أحس رؤساء وزارات هؤلاء الملوك بضيق شديد 
وبدأوا يتخذون الخطوات اللازمة وفق الأسلوب الشرقى. وكانوا يستريبون 
بالكثيرين ومن بينهم تاجر الخيول الفظ ذو الشعر الأحمر الذى كانت قوافله 
تتغلغل فى معاقلهم فى بطون الثلوج. وعلى الأقل» تعرضت إحدى قوافله فى 
هذا الموسم لكمين أطلق عليها النار مرتين» فى طريق العودة» واستطاع رجال 
محبوب التصدى لثلاثة أشرار غرباء ربما كانوا قد استؤجروا خصوصا لهذه 
المهمة؛ وربما لم يكن ذلك صحيحا. ومن ثم فقد تجنب محبوب التوقف بمدينة 
بيشاوارء عند مدخل ممر خيبرء الواقعة شمالى لاهور بنحو 1٠٠٠‏ كيلومتر 
(فى ياكستان الآن) بسبب بلايا تلك المدينة» والاستمرار فى السير دون 
توقف إلى لاهورء حيث كان أبناء وطنه» وحيث يتوقع تطورات غريبة. 

وكان أمام ”محبوب على“ عمل لم يكن يريد تأجيله ولو ساعة واحدة؛ إلا 
فى حالة الضرورة القصوىء ألا وهو إرسال اللفة الورقية المغلقة بإحكام 
والمغلفة بالمشمع؛ وكانت تتضمن عبارات غير منسوبة إلى أحد أو موجهة 
إلى أحدء وفى طرفها خمسة ثقوب دقيقة ترمز للملوك الخمسة» وتفضح 
اتتلافهم البشع» والدولة الشمالية المتعاطفة معهم. وتشير إلى أحد أصحاب 
المصارف الهندوسية فى ييشاوارء وشركة لإنتاج الأسلحة فى بلجيكاء 
وحاكم مسلم مهم يتمئع بشبه استقلال فى الجنوب. وكانت هذه الحقيقة الأخيرة 
من ثمار عمل 'راء :»'١7‏ وكان محبوب قد أحاط بها خلف ممر دوراء فى 
جبال هندوكوش (بين أفغانستان وياكستان) وكان يحملها نيابة عن ”راء 11“ 
ال ا إرادته» مغادرة موقع مراقبته. ولك 
أن تعتبر الديناميت لبنا بريئًا إن قارنته بالتقرير الذى أعده سى 7١‏ (محبوب 
على)» وحتى من وجهة نظر الشرقىء وآراء الشرقى فى قيمة الوقت» كان 
يرى أنه كلما أسرع بوضع تلك الرسالة فى أيدى الذين يهمهم أمرها كان ذلك 
أفضل. ولم يكن محبوب يرغب بصفة خاصة أن يموت ميتة عنيفة» لأن 
فسديتين أو كلأذا ميق قضباياالأكة الثار .هين الحخوة كاف »موكلة اليمذوكان 


آ.. 








ينتوى إذا انتهى منها وصفى حسابها أن يستقر ويصبح رجلا فاضلا إلى حد 
ما. لم يحدث أن عبر بوابة السراى منذ وصوله قبل يومين إلا وأظهر حرصه 
على إرسال البرقيات إلى بومباى حيث كان يودع بعض ماله فى بنوكهاء وإلى 
تلوىه شنة كان أحذ نام عقر ند الا و ادكه مق الداد و بلع الخروك: إلى 
وكيل ولاية راجبوتان» فى شمالى الهند (وعاصمتها جايبور)» وإلى أومبالا 
حيث كان رجل إنجليزى يطلب بإلحاح أن يستوثق من أصالة نسب فحل خيل 
أبيض. وكان كاتب الخطابات العمومى الملم بالإنجليزية يدبج تلغرافات 
ممتازة» مثل ”كرايتون؛ بنك لوريلء أومبالا - الحصان عربى كما سبق قوله. 
تأخر التحقق من أصالة النسب للأسفء وها أنذا أترجمه“. وفى وقت لاحق 
إلى العنوان نفسه "تأخير يؤسف له كثيرًا. سوف نرسل شهادة أصالة 
النشيف". كما أرمينك:«النوقية العالنة الى ختريفه يق الناطن:فئ دلب "لظفت: الله 
- أرسلت بالبرق ألفى روبية لحسابك فى بنك لقمان نارين". كان ذلك كله فى 
إطار التجارة» ولكن كل برقية من هذه البرقيات نوقشت وأعيدت مناقشتهاء من 
جانب أطراف كانوا يرون أن الأمر يهمهمء قبل أن ترسل إلى محطة السكك 
الحديدية» مع بلخى مغفل كان يسمح لشتى الأفراد أن يقرءوها فى الطريق. 

وقال 'محبوب على“ بلغته العجيبة إنه بعد أن عكر صفو آبار التحرى 
بعصا الحيطة والحذر؛ هبط عليه كيم؛ مُرْسلا من السماء» ولما كان محبوب 
مولعًا بالسرعة ولا يعبأ بالأخلاق ومغرمًا بالمخاطرة الشديدة بشتى ضروبهاء 
فقد استأجر كيم للعمل لديه على الفور. 

قال معيو كن نفنية إن قار اللكينا: الجوز ال مشضيعبة مسن يخذمة :من 
طائفة خفيضة كفيل بأن يجتذب الأنظار لحظة عابرة وهما يتجولان فى الهند 
أرض الحجاجء ولكن أحذا لن يستريب بهما 0 يسطو على ما يملكان (وهو 
الأهم). 

وطلب محبوب جمرة متقدة جديدة للشيشة» كد يتأمل المسألة: فى أسوأ 
الأحوال قد يصاب الغلام بأذى» ولكن الورقة لن تتسبب فى اتهام أحد بأى 


1١٠ 








جرم. وفى هذه الحالة يستطيع أن يذهب إلى أومبالا دونما عجلة» ويروى 
القصة من جديد لصاحبهاء ولو أنه يخاطر إن فعل ذلك بإثارة شكوك جديدة. 


ولكن تقرير 'راء 37١١7‏ كان جوهر المسألة كلها ولو عجز عن توصيله 
لتسبب فى متاعب مؤكدة. ومع ذلك قال 'محبوب على“ فى نفسه إن الله كريم, 
متوكا أنه قن ففل كل عا فى بوعس ديك الأنى كان كيم التتكصن الرحية في 
هذا العالم الذى لم يكذب عليه. 00 أن يَصمٌَ محبوبْ أخلاق كيم 
بوصمة قاتلة لو لم يكن يعرف أن كيم يمكنه أن يكذب مثل كل شرقى على 
الآخرين» سواء لتحقيق غاية يرجوها أو لإنجاز مهمة من مهام محبوب. 


ثم سار 'محبوب على' فى السراى حتى وصل إلى باب الغوانى الفتاكة 
اللاتى يضعن الألوان على عيونهن ويوقعن بالغرباء» واجتهد إلى حد ما حتى 
استدعى الفتاة التى كان يعتقد أنها وثيقة الصلة بالخبير الكشميرى ذى الوجه 
الخادع الذى تربص بالبلخى حامل برقياته. كانت تلك حماقة سافرة: إذ إنهما 
جعلا يشربان الكونياك المعطر منتهكين بذلك ما نصت عليه الشريعة 
الإسلامية» فسكر محبوب كرا بَيَنَاء وفتحت أبواب فمه» وسار خلف الفتاة 
التى تسمى 'زهرة السرور*“ بأقدام مخمورة حتى سقط بين الوسائد» وقامت 
زهرة السرور مع الخبير الكشميرى ذى الوجه الخادع بتفتيشه من ناصية 
انمه إلى اكوفن كذيية تق انا 

وفى الوقت نفسه تقريبّاء سمع كيم أصوات أقدام خفيضة فى غرفة 
محبوب. كان تاجر الخيول قد نسى إغلاق باب الغرفة» على عكس عادته. 
وكان رجاله يحتفلون بعودتهم إلى الهند بالتهام خروف مشوى كامل على 
حساب محبوبء وكان شاب أنيق من دلهى يحمل سلسلة المفاتيح التى أخذة 
أزهرة السرور' من حزام محبوب الغائب عن الوعىء» ويقوم بالتفتيش فى كل 
صندوق» وكل حزمة؛ء وجميع اللفائف وحقائب السروج التى يملكها محبوب. 
بأسلوب منهجى أدق من أسلوب الخبير و'الزهرة“ فى تفتيش صاحبها. 

وكازرك :ناته وما قدو انيه مسقة نو فقن السدنين قل نكيف لوال 


١١١ 








الذى يغط فى نومه ”أظن أنه مجرد تاجر خيول أفغانى كالخنزيرء لا يشغل 
باله إلا النساء والخيول. كما يحتمل أنه قد أرسل الرسالة من فترة» إن كانت 
تلك الؤميالة قدو حدت ند . 

وقال الخبير ”لا! ما دام الأمر يخص خمسة ملوك لابد أن يضعها بجوار 
قلبه الأسود. ألم تجدى شيئًا؟". 

وضحك الرجل ابن دلهى وأعاد وضع عمامته, على رأسه وهو يدخل 
الغرفة» قائلا "فتشت بطانة نعليه كما فتشت 'الزهرة» ملابسه. ليس هذا هو 
المقصود بل شخص آخر. لا أكاد أترك شيئًا دون فحص" . 

وقال الخبير بنبرات التفكير العميق “لم يقولوا إنه الرجل المقصود بل قالوا 
ابحثوا إن كان هو المقصود. ما دام مستشارونا فى خلاف . 

وقالت ”الزهرة؛: ”المنطقة الشمالية تزخر بتجار الخيول كالقمل فى سترة 
قديمة. فهناك إسكندر خان» ونور على بيج» وفروخ شاه؛ وكلهم رؤساء قوافل» 
وكلهم يتاجرون هناك . 

وقال الخبير "لم يصلوا بعد. لابد أن نوقعهم فى الفخ فيما بعد”. 

وقالت ”الزهرة“ بامتعاض شديد "أعوذ بالله!“ وأزاحت رأس محبوب على 
من حجرهاء وأضافت “أنا أكسب رزقى. فروخ شاه مثل الدب. وعلى بيج 
بلطجىء وإسكندر شاه العجوز... يوه! انصرفوا! سأنام الآن. لن يصحو هذا 
الخنزير قبل طلوع الفجر . 

وعندما استيقظ محبوبء لامته ”الزهرة» لوما عنيفا على خطيئة السكرء 
فأهل آسيا لا يخجلون عندما يُحبطون تحايل الأعداء» ولكن 'محبوب على' كاد 
يخجل فعلاً عندما نهض وتنحنح وشد حزامه على وسطه وسار مترنحًا فى 
ضوء نجوم السّحر. 

وقال لنفسه ”يا لها من حيلة ساذجة! كأنما لا تلجأ إليها كل فتاة فى 
بيشاوار! ولكن ذلك كان بديعًا. والان لا يعلم إلا الله وحده عدد من انطلقوا 
لتنفيذ الأمر بفحص أحوالىء» وربما بالسكين أيضًا! وهكذا فلابد أن يذهب 


07 





الصبى إلى أومبالاء وبالقطارء لأن المكتوب عاجل. سأقيم هناء متابعًا 
'الزهرة“: وأشرب النبيذ شأن كل تاجر خيول!“". 

وتوقف عند الغرفة الثالثة فهى الرواق. كان رجاله يرقدون فيها نائمين 
نوما عميقا. لم يجد أثرًا للصبى كيم ولا للاما. 

وصاح فى أحدهم قائلاً ”أفق! أين ذهب من كانا ينامان هنا مساء أمس؟ 
اللاما والصبى؟ هل فقد من الأمتعة شىءع؟“ 

وقال الرجل بصوت مزمجر >كلا! نهض المجئنون العجوز فى الهزيع 
التاق قاكلا إقه ذاهه إلى تتاريسن»:وقاده الصدى ثم شرجا نكا" 

وقال محبوب بنبرات عنيفة "*لعنة الله على كل الكفار!” ثم صعد الدرج 
إلى غرفته وهو يهدر هديرا مكتوما. 

ولكن كيم كان هو الذى أيقظ اللاماء إذ وضع إحدى عينيه على تقب فى 
لوح خشبى نتج عن سقوط عقدة خشبية» فشاهد الرجل كاد من اله نفو 
يفحص الصناديق» وقال فئ نفسه إن هذا ليس لصنًا عاديّاء فهو يفتش الخطابات 
والفواتير والسروجء وليس مجرد سارق للمتاع ما دام قد فتح بمديته نعال 
كاي موف ل 00 السوع. وخطر لكيم أولا 
السراى كلهاء ولكنه عندما أ: ل 
من إدراك الحقيقة. 

وقال فى - ”لابد أنه يبحث عن أكذوبة أصالة نسب ذلك الحصان» 
وهى التى سوف أحملها إلى اوعوالا” خير لنا أن نرحل الآن. فالذين يفتشون 
الحقائب بالسكاكين قد ينتقلون إلى تفتيش البطون بالسكاكين بعدها. بالقطع من 
وراء هذا امرأة!“ وهمس قاكلا "أسمع! أاسمع” إلى العجوز فين سباته غير 
العميق: ”هيا! حان الوقت! آن أوان الرحيل إلى بيناريس 

ونهض اللاما طائعاء وانسل الاثنان خارجين من السراى كالأشباح. 


١١ 








الفصل الثانى 
إذَا تبذت الكبْريَاءَ أَيُّها الإنسّان 
وما اتقرت إيمان القلوب والكَهّان 
شعرات أن روح الشرق كله تغشى المَكان 
هُنَاكَ فِى كامَاكورا. 
(بوذا فى كماكورا) 
دخلا محطة السكك الحديدية التى كانت تشبه القلعة» ويغشاها السواد فى 
بتحميل ونقل ضناديق الحبوت الثقيلة المقبلة من الشمال: 
وقال اللاما ”هذا من عمل الشياطين!“ وتراجع فى فرق أمام الظلام الذى 
كان يرجع أصداء ألفاظه؛ وبريق القضبان الممتدة بين الرصيفين الحجريين» 
وشبكة الأسلاك المتداخلة فوقها. كان يقف فى قاعة حجرية بدا له أنها رُصفت 
بجثث “الموتى فى أكفانهم»» إذ كان ركاب الدرجة الثالثة الذين قطعوا تذاكرهم 
ساعات اليوم الأربع والعشرين متشابهة عند الشرقيين» ويجرى تنظيم رحلات 
المسافرين على امتداد هذه الساعات كلها. 
وقال كيم "هذا هو الموقع الذى سوف تأتى إليه عربات النار. ستجد رجلا 
واقفا خلف فجوة“ مشيرا إلى شباك التذاكر ”وسوف يعطيك ورقة تحملك إلى 
أوهيالة: 
وأجاب اللاما حانقا ”ولكننا ذاهبان إلى بيناريس". 
”لا فرق بينهما. فلتكن بيناريس. أسرع. ها قد أقبلت!“ 
لم يكن اللاما قد اعتاد ركوب القطار كما كان يزعم؛ وحين أقبل قطار 
الساعة ١,755‏ المتجه إلى الجنوب بهديره الصاخب فزع وأجفل. ودبت الحياة 
آ 10 








فجأة فى أجساد النائمين وامتلأت المحطة بالضجيج والصراخ» ونداءات بائعى 
المياه والحلوى؛ وصيحات رجال الشرطة من أبناء البلد» والهتافات الحادة من 
النساء اللاتى انهمكن فى جمع سلالهن وأطفالهن وأزواجهن. 

وقال كيم ”إنه القطار فقط! لا تفزع فلن يأتى إليك. انتظر!“» ودهش كيم 
من السذاجة البالغة التى يتسم بها اللاماء إذ كان قد وضع فى يده كيسًا صغيرًا 
مليئا بالروبيات» وتقدم كيم فدفع النقود وطلب تذكرة إلى أومبالا. وزمجر 
الموظف الذى كان يغالب النعاس وقدم إليه تذكرة إلى المحطة التالية» التى لا 
تبعد إلا عشرة كيلومترات عن لاهور. 

وقال كيم وهو يفحص التذكرة مبتسمًا ”لا! قد تنجح هذه الحيلة ممع 
الفلاحين ولكننى أعيش فى مدينة لاهور. لقد أَظهّرت المهارة أيها البنغالى 
المثقف! أعطنى الآن التذكرة إلى أومبالا“. 

وتجهم وجه البنغالى وأعطاه التذكرة الصحيحة. 


وقال كيم ”والآن تذكرة أخرى إلى أمريتسار“ إذ لم يكن يرى ضرورة 
لإنفاق نقود *محبوب على* على شىء ساذج مثل رحلة مدفوعة الثمن بالقطار 
إلى أوميالا. ثم عاد يقول ”الثمن محدد. وباقى المبلغ محدد. أنا خبير بشئون 
القطارات. لم يكن أى ”يوجى' فى حاجة إلى تلميذ مثلما تحتاج أنت“ وكان 
يخاطب اللاما بنبرات يسودها المرح واللاما حائر ذاهل. ”'لولا وجودى معك 
لألقوا بك فى 'ميان مير> (حيث ترابط الحامية البريطانية). من هنا! هيا 
معنو اعاد النقرة إلى الكيس» يعد أن احتهز النفينة عمولة كسدريها *أن) 
وااحذة هن كل «ووبنة كفعها :كنا للتذكردة إلى أومبالةا: كانت لاك العدو له عمو يا 
بها فى أسيا منذ الأزل. 


وتردد اللاما ووقف أمام الباب المفتوح لعربة مزدحمة من عربات الدرجة 
الثالثة» ثم قال بصوت واهن ”ألم يكن المشى على الأقدام أفضل؟“. 
وتقدم صاحبْ صنعة بدين من طائفة السيخ برأسه ولحيته الكثة قائلاً ”هل 


١16 








هو خائف؟ لا تخف. أذكر الوقت الذى أحسست فيه أنا نفسى بالخوف من 

وقال اللاما ”لست خائفا. هل لديكم مكان يكفى اثنين؟“. 

وقالت امرأة بصوت حاد ”لا يوجد مكان يكفى فأر! واحدًا!“» كانت زوجة 
المزدهرة. وتقع عاصمتها شرقى لاهور (بنحو 6 كيلو مترا). ”تفتقفر 
عربات للرجال وغيرها للنساء“. 

وقال زوجها الذى كان يرتدى عمامة زرقاء ”يا والدة ابنى! أعتقد أننا 
نستطيع تدبير مكان لهما! خذى الصبى. إنه رجل ربانى. ألا ترين؟“. 

”ولكن حجرى فيه سبعين حزمة وحزمة! لم لا تطلب منه أن يجلس على 
ركبتى؟ ألا تستحى؟ ولكن هذا شأن الرجال دائمًا!“ وألقت النظرات حولها 
طلبًا للمساندة. وكانت غانية من أمريتسار تجلس بجوار النافذة فنشقت نشقة 
عابرة من خلف لثام رأسها. وصاح مراب هندوسى سمين ”ادخل! ادخل!“ 
مصطنعة ”العطف على الفقراء واجب“. 

وقال جندى شاب من طائفة 'دوجرا' (من راجيوتانا) ”نعم! بربح قدره 
سبعة فى المائة شهرياء مع رهن العجل الذى لم يولد“. كان الجندى فى طريقه 

وقال اللاما "وهل يسافر إلى بيناريس؟ . 

فصاح كيم ”قطعًا! وإلا فلماذا جئنا؟ ادخل وإلا فاتنا القطار”". 

وصاحت غانية أمريتسار بصوت حاد ”هل ترون؟ إنه لم يركب القطار 
من قبل قط! أوه! انظروا!“. 





وصاح المزارع ”لالا! فلنساعده!“ ومد يده السمراء الضخمة فساعد اللاما 
على الدخول. ”انتهينا يا أبى!“. 

وقال اللاما "ولكن... لكن...؛سأجلس على الأرضية» فالجلوس على 
المقعد تحرمه القاعدة. كما إن ذلك يقيد حركتى". 22 

وزم المرابى شفتيه وقال ”كنت أقول... لا توجد قاعدة واحدة للحياة 
الصحيحة لا تخرقها هذه القطارات. فنحن نجلسء مثلا» جنبًا إلى جئب» مع 
جميع الطوائف وأصناف الناس". 

وقالت الزوجة "نعم! ومع أفظع عديمى الحياء!"» وهى تلقى نظرة متجهمة 
على فتاة أمريتسار التى كانت تتطلع فى إغراء إلى الجندى الهندى الشاب فى 
الجيش البريطانى. 

وقال زوجها ”كنت أقول: كان يمكننا الرحيل فى عربة تجرها الخيول 
حتى ندخر بعض النقود . 

"نعم وبذلك ننفق على الطعام أثناء الطريق ضعف ما ادخرناه. لقد ناقشنا 
ذلك عشرة لاف مرة. 

وزمجر الزوج قائلا ”نعم وبعشرة آلاف لسان”“. 

"#لتشاعدنا الأرياف نحن الس المسناكين إذ1 لم تتكلم: أوهو 1 إنه مع الذوخ 
الذى قد يتأفف من النظر إلى المرأة أو الإجابة عليها“. ولكن اللاما كان ملتزما 
بما تقضى به القاعدة فلم يبد أدنى اهتمام بما تقوله. فعادت تقول ”وهل تلميذه 
مثله؟”. 

وأجاب كيم بسرعة ”لا يا أمى لا! خصوصا إذا كانت جميلة والأهى من 
ذلك أن تحسن إلى الجوعى!”. 

وقال المنتمى لطائفة السيخ ”إجابة متسول!“؛ وانخرط فى الضحك. ”أنت 
لنت فى هذاايا أخقى ]“ وكافة يدا كيد قد انستنا مكبر عا وتوسيل 


116 








فقدمت له المرأة نصف فطيرة من كيس علاه الدهن وسألته ”وإلى أين 
تمضبى؟ . 

"إلى بيناريس". ٍ 

وقال الجندى الشاب ”أنتما من السحرة؟ هل لديكما ألاعيب نقضى بها 
الوقت؟ ولماذا لا يجيب ذلك الرجل الأصفر؟“. 

وقال كيم فى وقار ”لأنه رجل ربانى. ولأنه يفكر فى أمور خافية عنك". 

"قد يكون هذا صحيحا! أما نحن السيخ من لوذيانا“» ونطقها بنبرات تفخيم 
وتعظيم "فلا نشغل رؤوسنا بشؤون المذهب. فنحن طائفة مقائلة . 

وقال صاحب الحرفة المنتمى إلى السيخ بهدوء ”ابن أخى أختى نائب 
عريف فى تلك الفرقة. وفى راجيوتانا سرايا من طائفة ”دوجرا' أيضتا"“ 
واتسعت عيون الجندى دهشة بسبب اختلاف طائفة 'الدوجراء عن طائفة 
السيخ» وقهقه موظف البنلك وحسنا. 

وقال الفتاة من أمريستار ”كلهم سواء فى نظرى“". 

وقالت زوجة المزارع بنبرات خبيثة ”نعتقد فعلا ذلك". 

فقالت الفتاة ”لا! ولكن كل من يخدمون 'السركار* (الملك الهندى) 
ويحملون السلاح بأيديهم إخوان. لا شك فى أخوًةٍ الطائفة الواحدة؛ ولكن 
الأفراد يرتبطون إلى جانب ذلك“ ونظرت حولها فى تبردد ”برباط الفرقة 
العسكرية. صحيح؟ . 

وقال المزارع ”أخى فى فرقة 'جاتء . ورجال 'الدوجراء من خير 
الرجال . 

وقال الجندى ”السيخ الذين تعرفينهم كانوا يعتقدون ذلك على الأقل“» وألقى 
نظرة متجهمة على العجوز الهادئ القابع فى الركن. "السيخ الذين تعرفينهم 
كانوا يتصورون ذلك عندما تقدمت سريتانا لمساعدتهم فى معركة 'بيرزاى 


١١4 








كوتال' فى مواجهة ثمانى كتائب من قبيلة “أفريدى' الأفغانية على حافة 
الجرف منذ أقل من ثلاثة أشهر“. 

وقص الجندى قصة المعركة:التى دارت على الحدود والتى أبلى فيها 
جنوك "الدوجر!* من طائفة سيخ لوذيانا بلا حسنا. وابتسمت فتاة أمريستار» إذ 
كانت تعرف أن الغرض من القصة تحقيق رضاها. 

وقالك زوكة القزاليع اك الامو الم الأنقة ألم كرف ترزاهو ووتهره 
أطفالهم الصغار؟". 

"لقد مثلوا بجثث قتلانا. ودفعوا ثمنا باهظا بعد أن أدبناهم نحن السيخ. هذا 
ما حدث. هل هذه أمريستار؟". 

وقال موظف البنك "نعم. وهنا يقطعون تذاكرنا"» وجعل يعبث بحزامه 
بحثا عن التذكرة. 

كانت أضواء المصابيح قد شحبت فى ضوء الفجر حين أتى عامل التذاكر 
ذو الطائفة المختلطة. وجمع التذاكر فى الشرق يجرى ببطء شديد حيث يخفى 
الناس تذاكرهم فى أغرب الأماكن. وأخرج كيم تذكرته وقيل له أن يغادر 
القطار. 

واعترض قائلاً 'لكننى ذاهب إلى أومبالاء فأنا أرافق هذا الرجل الرباني“. 

”لا يهمنى إن ذهبت إلى جهنمء فهذه التذكرة إلى أمريتسار فقط! اخرج!“". 

وانفجر كيم يبكي بغزارة: قائلا إن اللاما كان أباه وأمه» وإنه كان العماد 
الذى يستند إليه اللاما فى سنواته الأخيرة وإن اللاما سيهلك دون رعايته له. 
وأخذ جميع من فى العربة يتوسلون إلى عامل التذاكر أن يبدى الرحمة» وكان 
موظف البنك من أفصحهم فى ذلك؛ ولكن العامل ألقى بكيم على رصيف 
المحطة. وكانت نظرات اللاما زائغة إذ عجز عن إدراك حقيقة ما يحدثء 
ورفع كيم صوته وانخرط فى البكاء خارج شباك العربة. 


”أنا أفقر الفقراء. أبى مات وأمى ماتت. أيها المحسنون» لو تركتمونى هنا 

وقال اللاما "ماذا؟ ما هذا؟ لابد أن يذهب إلى بيناريس. لابد أن يأتى 
معى. إنه تلميذى. لو احتاج الأمر إلى دفع نقود”". 

فهمس كيم بحدة ”اسكت أرجوك. هل نحن أمراء حتى نبعثر الفضة 
الجميلة والدنيا كلها تحب الإحسان للفقراء؟ . 

وخطت فتاة أمريتسار حاملة لفائفها إلى خارج العربة» وجعل كيم يركز 
بصره عليهاء إذ كان واثقا أن العاملات بتلك المهنة يتميزن بالكرم. 

وقالت الفتاة ضاحكة ”تذكرة! تذكرة صغيرة إلى أومبالا! يا من حطمت 
القلوب! ألم تعودوا تؤمنون بالإحسان؟". 

”هل أتى العجوز من الشمال؟". 

وصاح كيم ”من أقصى الشمال البعيد. أتى من عند الجبال”. 

"الثلج هناك بين أشجار الصنوبر فى الشمال. وفى الجبال ثلوج. كانت 
أمى من مدينة كولو. خذ هذا واقطع لنفسك تذكرة. واطلب منه أن يمنحنى 
البركة!”“. 

وهتف كيم بنبرات حادة ”عشرة آلاف بركة! أيها الرجل الربانى! لقد 
تصدقت علينا امرأة حتى أستطيع أن آتى معك. امرأة ذات قلب من ذهب. 
سوف أجرى للحصول عل التذكرة . 

ونظرت الفتاة إلى اللاما الذى سار بطريقة آلية خلف كيم إلى الرصيف. 
وخفض رأسه حتى لا يراها وجعل يتمتم باللغة التيبتية وهو يمشى مع الناس. 

وقالت زوجة المزارع بنبرة خبيثة "ما جاء بسهولة ذهب بسهولة . 

ووذ اللاما قاكلا "لد حققت الامقان . إنها من دون شك راهية”. 


١ 








وصاح موظف البنك ”فى أمريتسار وحدها عشرة آلاف راهبة من هذا 
النوع. عد إلى القطار أيها العجوز وإلا انطلق وتركك!". 

وقال كيم ”لقد أعطتنى ما زاد غن ثمن التذكرة فاشتريت بعض الطعام 
رضنا وق فاك :إلى مكانة قن القظان.ث أصيناف: اكدل الآن أكهننا الويكبل 
الربانى! وانظر! لقد طلع النهار!“. 

بألوان ذهبية ووردية» صفراء وحمراء معاء تماوجت أبخرة الصبح 
الضبابية عبر السهول الخضراء المديدة» وبدأت الينجاب الحافلة كلها 
تسبي فود زياءه كحت" انتدة الشفيرج: المستوكة ربو حك :اليا تسيل وا عيتدة 
التلغراف تتدافع مسرعة أمام عينيه. 

وقال :نولت البنك. "القطار ا مالكة الشرعة" كمه القيسانة الجحسيظ 
بالأمرء مضيفا ”لقد ابتعدنا عن لاهور مسافة لا تستطيع أن تمشيها فى يومين؛ 
وفى المساء سوف ندخل أومبالا". 

وقال اللاما بصوت مرهق ”وهى أبعد كثيرًا من بيناريس“» وكان يغمغخم 
وهو يقضم الكعك الذى قدمه كيم إليه. وفتح جميع الركاب لفائفهم وشرعوا 
يتناولون وجبة الصباح. ثم قام كل من موظف البنك والمزارع والجندى بإعداد 
غليونه وملأوا المقصورة بدخان لاذع خائق» وأخذوا ييبصقون ويسعلون 
ويستمتعون. وأما السيخ وزوجة المزارع فجعلا يمضغان اللوز الملفوف بورق 
الشجر (ويسمى يان) واللاما يتعاطي النشوق ويسبح بالمسبحة» ولكن كيم 
اكتف بالابتشاده واظيعا ماقا هلى بساق» سعيةا دما أحسن:به:من الشيع: 

وفجأة طرح اللاما على الركاب جميعًا سؤالاً يقول ”ما الأنهار التى تجرى 
حول بيناريس؟ . 

وقال موظف البنك بعد أن هدأت القهقهة المكتومة ”لدينا جونجا (أى 
الجانجيزء النهر المقدس فى الهند).” 


"وما سواه؟” ٠‏ 





3 


م سوى جونجا؟ . 

”لا ولكننى خطر لى نهر معين» نهر يحقق الشفاء . 

"ذلك نهر جونجا. من يستحم فيه يتطهر ويذهب إلى الأرباب. لقد حججت 
ثلاث مرات إلى جونجا” وتلفت حوله فى فخر واعتزاز. 

وقال الجندى الشاب بلهجة جادة ”كنت تحتاج إلى هذا“ فبدأ الركاب 
يضحكون من موظف البنك. 

وتمتم اللاما قائلاً "يتطهر... حتى يعود إلى الأرباب. شم يعود إلى 
الانخراط فى دورة الأحياء من جديدء ولا يزال مقيدا بالعجلة". 

وهز رأسه فى ضيق قائلا ”ولكن ربما وقع خطأ ما. ومَنْ إذن خلق نهر 
جونجا فى البداية؟". 

وقال موظف البنك وقد هاله السؤال ”الأرباب. أئّ دين معروفف تدين 
به؟. 

”إننى أتبع القانون - القانون السامى الأعظم. إذن فقد خلقت الأرباب 
جونجا. وأية أرباب كانت تلك؟“. 

وتطلع الركاب إليه فى دهشة وعجب. لم يكن من المتصور أن يجهل أحد 
نهر جونجا. 

وقال المرابى أخيرا! ”وما... ما ربك أنت؟“. 

ل ا ل ا ا 2 
فلسوف أتكلم عنه الآن! يا أهل الهند اسمعوا!“. 

فيذا يقن ماللقة الأرنهوة فض الموني نو داور لك اناوه سوق إن انلع 
التيبتية» وإلى إلقاء نصوص منغومة من كتاب باللغة الصينية عن حياة بوذا. 
وكان الناس المهذبون المتسامحون من حوله ينظرون فى تبجيل. فالهند كلها 


177 








تزخر بالربانيين الذين يرددون الكتب المقدسة بلغات غريبة» من يرتعدون 
ويحترقون بلهيب حماسهم الباطن» ومنهم الحالمون والمثزثترون وأصحاب 
الرؤى» كما كان الأمر منذ البداية وكما سوف يستمر إلى النهاية. 

وغمغم الجندى المنتمى إلى طائفة السيخ فى لوذيانا ثم قال “كانت ترابط 
أذكر أنه كان برتبة نائب عريفء وكان إذا حلت به النوبة أدلى بنبوءات. 
ولكن المجانين كلهم فى رعاية الرب. وكان ضباط الفرقة يتغاضون عن الكثير 
فى مسلك هذا الرجل' 

عاد اللذما إل الحديف: زاللعة الأرذيةتنعن أن تذكق أنه فى يله خوريكة: 
فاقلا "امنطعو | قضدة السهد الذي أطاقه مو انا مق القرون". 

وكانت هذه القصة أقرب إلى إرضاء أذواقهم؛ فاستمع الجميع فى عجب 
إليه وهو يقصهاء إلى أن قال ”والآن يا أهل الهندء سأذهب فى طلب ذلك 
النهر. فهل اكعوقورن كينا قد بزر قةنن التديدها عدا تكديمًا وحالا ونا اقفن 

فى الشر"“. 

وسرت فى العربة كلها همهمة تقول "نهر جونجا! نهر جونجا وحده الذى 
يطهر المرء من الاثام”. 

وقالت زوجة المزارع ”وإن كان مما لا شك فيه أن لدينا أرباب خير فى 
طريق جولوندور“ وأشارت إلى الشباك وهى تنظر قائلة ”انظروا كيف باركت 
المح اضيل»: 


وقال زوجها “فحص كل نهر فى الينجاب ليس بالأمر الهين. أما 
أنا فيكفينى النهر الذى يأتى بالطمى الصالح إلى أرضىء وأنا أشكر الرب 
'بهوميا*» رب الضيعة” وهز كتفه العارى النحاسى» الذى عقد عليه عقدة من 


ا 


قميصه4. 


والتفت اللاما إلى كيم وقال "أنظنخ أن مو اناق يحل إلى مناطق نائية فى : 
الشمال؟ . 








وقال كيم ”يجوز“ حتى يطيب خاطر اللاماء ثم بصق بعض عصير اللوز 
الأحمر على الأرض. 

وقال المنتمى لطائفة السيخ,بلهجة الواثق من علمه ”آخر العظماء كان 
الإسكندر ذا القرنين (الإسكندر الأكبر) فلقد عبَّد شوارع جولوندور وبنى خزانا 
كبيرا بالقرب من أومبالا. والشوارع لاتزال مرصوفة حتى اليوم» والخزان لا 

وقال الجندى الشاب إلى كيم مازحًا ”دع شعر رأسك يطول وتكلم باللغفة 
الينجابية!”“ وكان بهذا يقتبس أحد الأمثلة السائرة فى الشمال. ثم قال 
بصوت خفيض ”لا شىء يميز السيخ غير هذا“. 
الركاب يسمعون أثناء توقفهم عن الحديث ترديد اللاما لدعاء باللغة التيبتية 
للجوهر الربانى لبوذاء بصوت خفيض منغومء إلى جانب قعقعة حبات المسبحة 
الخشبية. 


ورفع اللاما صوته أخيرا قائلاً "هذا يضايقنى. السرعة والضجيحج. 
يضايقنى. وإلى جانب هذا يا تلميذى أظن أننا ربما تجاوزنا النهر المنشود”“. 

وقال كيم ”اهدأ اهدأ! ألم يكن النهر بالقرب من بيناريس؟ إننا مازلنا 
بعيدين عن ذلك المكان . 

”ولكنء إذا كان مولانا قد أتى إلى الشمال» فربما كان ذلك أحد تلك الأنهار 
الصغرى التى مررنا بها". 

”لا أدرى”“. 

"ولكنك أرسلت إل فل انسلت إل #ابتضل الامقياة الى اكقفيقة منناك 
فى “سوخزين". من جوار المدفع أتيت» بوجهين» ورداءين . 


اوتشين كم قاند "لكك اايهب ال يتموكه: المرع عن تنم الأمورن هنا ل 


155 








أكن إلا فردا واحدًا. فكر مرة أخرى وسوف تتذكر. صبى - صبى هندوسى - 
بجوار المدفع الأخضر الضخم”". 

"لكن ألم يكن هناك أيضًا رجق إنجليزى ذو لحية بيضاء - رجل ربانى 
بين الصور - وهو الذى أكد ثقتى فى وجود نهر السهم؟”. 

وبدأ كيم يشرح للركاب الذين أقبلوا يستمعون بشغف قائلاً "ذَهَبّ - بل 
ذهبنا - إلى بيت العجائب فى لاهور للصلاة للأرباب هناك. وكان الرئيس 
المسؤول عن بيت العجائب يخاطبه مخاطبة الأخ لأخيه - وهذا حق وصدق. 
إنه رجل ربانى بالغ القداسة من أقصى مكان خلف الجبال. استرح الآن. 
سوف نصل آخر الأمر إلى أومبالا”". 

"ولكن أين نهرى؟ نهر الشفاء؟”. 
الأقدام. وذلك حتى لا يفوتنا شىء قطء ولا حتى نهير ضئيل فى حقل جانبى”". 

"ولك لديك: أنك بحا خاضنًا يف91“ :راهن اللاما بالواظنى القامق لأنسه 

وقال كيم 'نعم” حتى يرضيه. وكان الصبى يشعر بسعادة غامرة لخروجه 
من المدينة» ومضغ اللوزء ومشاهدة أشخاص جدد فى العالم الكبير المنبسط 
الأسارير. 

”كان ثورا. إنه ثور أحمر سوف يأتى ليساعدك. وليحملك... إلى أين؟ لقد 

وقال كيم ”لا! بل لن يحملنى إلى أى مكان. لم تكن تلك غير قصة 

وقالت زوجة المزارع ”ما هذا“ ومالت بقامتها إلى الأمام فارتفعه صليل 
الاأساووق فَئ ذراعها “هل يرى كل منكما أحلامًا؟ ثور أحمر في حقل أ خصرء 


١١ 








وسوف يحملك إلى السماء... أم ماذا؟ هل كانت رؤيا؟ هل تنبأ أحد نبوءة 
معينة؟ لدينا نحن ثور أحمر فى قريتنا خلف مدينة جولوندورء وهو يرعى 
كيفما شاء فى أشد حقولنا خضرة!". 

وقال المنتمى لطائفة السيخ ”أعط امرأة قصة خرافية وطائرًا نساجًا وورقة 
من أوراق الشجر وبعض الخيوط وسوف ينسجن أشياء رائعة! كل الرجال 
الربانئيين يرون أحلامّاء وتلاميذهم يتبعونهم فيكتسبون منهم تلك الطاقة”. 

وكرر اللاما ما قاله ”ثور أحمر فى حقل أخضر؟ ربما كنت قد اكتسبت 
الامتياز فى حياة سابقة» وسوف يأتى الثور ليكافئك”. 

”لا لا! كانت مجرد قصة قصها أحدهم على؛ أعنى من باب التفكه. لكننى 
سوف أبحث عن الثور فى أومبالاء وتستطيع عندها أن تبحث عن نهرك 
وتستريح من خضخضة القطار". 

وقال اللاما فى نبرات أمل طفولية ”ربما كان الثور يعلم أنه مُرسل 
لإزكتاد كلهنا". ثم وجه خطابة للركاب» واثنان إلى كيم قائلا "أرسل لى هذا 
يوم أمس فقط. أظن أنه ليس من هذا العالم". 

وقالت المرأة ”ما أكثر من قابلت من المتسولين» ومن الربانيين أيضنياء 
ولكننى لم أصادف قط مثل هذا اليوجى؛ ولا مثل هذا التلميذ”. 

ولمس زوجها جبهته لمسة خفيفة بأصبعه وابتسم. ولكن المرة التالية التى 
تناول اللاما فيها الطعام؛ حرص الجميع على تقديم أفضل ما لديهم له. 

وأخيرًا وصل الجميع - متعبين متربين يغالبون النعاس - إلى محطة 
مدينة أومبالا. 
القضايا. وسوف نسكن فى منزل الأخ الأصغر لابن عم زوجى. ويوجد مكان 
أيضًا فى الفناء لأستاذك اليوجى ولك. هل... هل يمنحنى بركة؟". 








وقال كيم ”أيها الرجل الربانى! هذه امرأة ذات قلب من ذهب تعرض علينا 
مكانا نبيت فيه الليلة. إنها أرض عطوفء أرض الجنوب. وانظر كم ساعدونا 
منذ الفجر!”. 

وحنى اللاما رأسه داعيًا بالخير. 

وقال الزوج وهو يضع عصاه الخيزرانية الثقيلة على كتفه ”هل املا منزل 
شقيق ابن عمى الأصغر بالعاطلين..“. 

ارقف المر أة بتيز انك هازة “ناز آل القنترق الأصكو لانن هنك مين لابن 
عم والدى بمبلغ منذ حفل زفاف ابنته. دعه يقدم الطعام تسوية لذلك الحساب. 
سوف يتسول اليوجى. لا شك عندى فى هذا“. 

وقال كيم ”نعم. أنا أتسول له“»: إذ كان لا يحرص إلا على تدبير مسأوى 
يبيت فيه اللاما ليلته» حتى يتمكن هو من مقابلة الإنجليزى الذى وصفه له 
محبوب علىء وحتى يسلم إليه الرسالة الخاصة بأصالة نسب فحل الخيل. 

واطمأن كيم عندما وصل اللاما إلى موقع مريح فى الفناء الداخلى لمنزل 
لبعض الوقت حتى... حتى أشترى لنا طعامًا من السوق. لا تنطلق خارج هذا 
المكان حتى أعود“. 
وسوف تعود إلى فى هذه الهيئة نفسها؟ هل تأخر الوقت ولن نستطيع الليلة 
طلب النهر؟ . 

"تأخر الوقت وحلك الظلام. ولكن اطمئن. تذكر المسافة التى قطعتها على 
الظويق 1 لقذ: ارضفت: 11 كباومةر عن هذينة الأفون علد 

نعم وابتعدت عن الدير الذى أنتمى إليه. واحسرتاه! إنه لعالم كبير 
رهيب!". 





وتسلل كيم خارجا. لم يكن يبدو من جرمه النحيل أن مصيره ومصير عدة 
آلاف معلق فى التميمة حول رقبته. كانت إرشادات 'محبوب على؛ واضحة 
قاطعة فتمكن بيسر من الاهتداء إلى منزل الإنجليزى المقصودء وعندما رأى 
نظ اعرد درعا موت نون لاد حدن شاط ون الكتراي. 0 
واختبأ فى نصال الكلاً الطويلة 0 كانت الأضواء تتلألاً فى 
والأكواب الزجاجية وأدوات المائدة الفضية. وسرعان ما خرج من المنزل 
رجل إلجليزى يزتدى حل اتجمع بد بين اللونين الأسود والأبيضص» وهو يردد 
نشسة لحا بجعي كآن لظام جالع فلع رتسل كن بمقناكةة رجه يعدا نار 
لكيم أن يستعين بحيلة قديمة من حيل التسول. 

هتف كيم "يا من :د تحمى الفقراء! . 

وتراجع الرجل فى اتجاه الصوت. 

فأردف كيم قائلا "محبوب عل يقول.. . 

ورد الرجل دون أن يحاول البحث عن المتحدث ”ها؟ ماذا يقول محبوب 
على؟” ودل ذلك كيم على أن الرجل يعرف. 

”ثبتت صحة أصالة نسب فحل الخيل الأبيض“. 

وتحول الإنجليزى إلى جانب الحديقة الذى غرست فيه أشجار الورد وقال 
"وما البرهان على ذلك؟“. 


وقال كيم ”أعطانى 'محبوب على' هذا بمثابة البرهان“. وألقى كيم لفة 
الورق المطوى فى الهواء فسقطت على الممشى بجوار الرجل» فوضع هذا 
قدمه عليها حتى لا يشاهدها البستانى الذى كان مقبلاً من ركن الحديقة. 00 
خرج البستانى ل ا ا واستطاع كيم أن 
يسمع رنينهاء ثم دخل الرجل مباشرة إلى المنزل دون أن يلتفت إلى الوراء 





١١8 





ولو مرة واحدة. والتقط كيم قطعة النقود بهدوءء ولكنه» على الرغم من كل ما 
تعلمه» كان يتميز بما يتميز به كل أيرلندى مثله» إذ كان يرى أن الفضة أقفل 
جوانب 'اللعبة“» أهمية. كان الذى يزشده هو التأثير الملموس لما فعله؛ كت 
فيْدلاً من التسلل .خارحاء رقد ملآصقا للكلاً وتقدم خلمتة حتى اقرب كثيرًا من 
المئز ل 

وكان المنزل فيلا هندية من الطراز المعمارى الذى يكشف عن كل ما 
بداخله» فشاهد الرجل الإنجليزى يعود إلى غرفة صغيرة لارتداء الملابس» فى 
ركن إحدى الشرفات: وكانت تستخدم مكتبًا له أيضاء إذ تناثرت فيها الأوراق 
والطرود. ورأى كيم الرجل وهو يجلس ليفحص رسالة محبوب على» وشاهد 
كيم وجه الرجل؛ على الضوء الساطع لمصباح الكيروسين» وقد تغير واكفهر. 
ولما كان كيم» مثتل كل شحاذء قد اعتاد تأمل الوجوه؛ فقد راعه ذلك وتأمله 


بدقة. 


وصاح صوت نسائى *وليم وليم يا عزيزى! لابد أن تكون فى حجرة 

ولكن الزجل :واضل اتيماقه فى القزاءة: 

ثم اندفع الرجل خارجًا عارى الرأس عندما وصلت عربة كبيرة يتبعها 
أربعة من المجندين الفرسان من أبناء البلد» وتوقف الجميع خلف الشرفة» 
وخرج منها رجل طويل ذو شعر أسود وقامة منتصبة كالسهم؛ يسبقه ضابط 

كان كيم يرقد على بطنه ويكاد يلمس العجلات الكبيرة حين سمع حوارًا 
من جملتين بين صاحبه وبين الغريب الأسمر. 

كك الضابط الشاب بسرعة “”قطعًا يا سيدى. قضية الحصان لها الأولوية 





مغامرات صبيى 


وقال صاحب كيم "لن نغيب أكثر من عشرين دقيقة. لك أن تقوم بواجب 
الضيافة. فقدم لهم التسرية والمرطبات وما إلى ذلك“. 

وقال الرجل الطويل ”قل لأحد الفرسان أن ينتظر“ ثم دخل الرجلان معّا 
غرفة الاستقبال» وانصرفت العربة. وشاهد كيم الرجلين منكبين على رسالة 
قاطع. 

وقال الأكبر سنا "ليست مسألة أسابيع» بل مسألة أيام؛ وتكاد تكون مسألة 
ساعات. كنت أتوقع ذلك من فترة» ولكن هذا“ - ونقر بأصابعه على ورقة 
محبوب على - ”قد حسم القضية. ألن يحضر 'جروجان' حفل العشاء الليلة 
هنا؟”. 

”نعم يا سيدى. وماكلين أيضنا“. 

"جميل جدا. سأكلمهما بنفسى. سيحال الأمر إلى المجلس طبعاء ولكننى 
أفترض أن علينا فى هذه القضية أن نتخذ إجراءً فوريّاء ولافتراضى ما يبرره. 
أرسل تحذير! إلى اللواءين المرابطين فى رواليندى (فى باكستان حاليًا) 
وفين بيشاور. وسوف يوؤدى هذأ إلى خلخلة العطلات الصيفية» ولكن لا حيلة 
لنا فى ذلك. وكل هذا لأننا لم نسحقهم تمامًا فى المرة الأولى. يكفى ثمانية 
الاف”. 

'والمدفعية يا سيدى؟ . 

"لابد أن أستشير ماكلين”. 

“هذا معناه الحرب إذن؟” 

”لا. بل التأديب. عندما يكون المرء ملتزمًا بما فعله سلفه“. 

"ولكن سى5؟7 قد يكون كاذبا”. 

"إنه يؤكد معلومات الآخر. والواقع أنهم كشفوا أوراقهم منذ ستة أشهرء 


١ 








ولكن ديمئنيش كان يرى فرصة لإحلال السلم. واستغلوا الهدنة طبعًا لتدعيم 
قوتهم. أرسل هذه البرقيات على الفورء استخدم الشفرة الجديدة لا القديمة. 
شفرتى وشفرة وورتون. لا أظن أننا ينبغى أن نتأخر عن السيدات مدة أطول, 
ونستطيع تسوية باقى المسائل ونحن ندخن. كنت أتوقع حدوث ذلك. إنه 
تأديب» ل حرب . 

وعندما أنتصرف الفارس على جواده. زحف كيم حتى بلغ الجزء الخلفى 
من المنزلء واستنادًا إلى خبراته فى لاهورء كان يتوقع أن يجد فيه الطعام 
والمعلومات. كان المطبخ مكتظا بمساعدى الطهاة. وركله أحد هم . 

وصاح كيم باكيّا ”آى! لم آت إلا لأغسل الأطباق فى مقابل ملء بطنى”". 

"كل من فى أومبالا يسعى لذلك. انصرف. لقد بدأ تقديم الحساء. هل تظن 
أنناء نحن الذين نخدم الرئيس كرايتون» نحتاج مرمطونات غرباء لمساعدتنا 
فى حفل العشاء الكبير؟ . 

وقال كيم ”إنه حفل عشاء كبير جد“ ناظرا! إلى الأطباق. 

”ولا غرو! إن ضيف الشرف هو القائد العام بنفسه!“. 

وقال كيم ”هوه!“ مصدرا الأصوات الحلقية التى تعبر عن الدهشة بصدق. 
كان قد عرف ما يريد أن يعرفء وعندما عاد المرمطون كان كيم قد انتصرف. 

وقال كيم فى نفسه ”وكل هذا التعب من أجل أصالة نسب حصان!“ كان 
يفكر كعادته باللغة الهندوستانية. “كان يجب على محبوب على أن يقصدنى 
ليتعلم بعض الكذب. كانت جميع الرسائل التى حملتها من قبل تتعلق بالنساء. 
وهذه المرة تتعلق الولك سم هذا أفضل. ذلك الرجل الطويل قال إنهم 
0 يرسلون < ل لتأديب شخص ماء فى 0 ماء وإصواتب ار 
زحفت إلى قات قرب هذه 01 0 

عاد كيم ليجد الأخ الأصغر لابن عم المزارع منهمكا فى مناقشة قضية 


١١١ 








الأسرة بشتى جوانبها مع المزارع وزوجته وبضعة أصدقاءء واللاما نائم. 
وبعد وجبة المساء قدم إليه أحدهم طرف الشيشة؛ وشعر كيم بأنه قد أصبح 
رجلا حدًا اين قث الأشاس يقن ”الجر زة؟ التاصينةة» اا اسافية: فى 'ضدوة: القبر؛ 
مصدر'ا بعض التعليقات من وقت لآخر. كان مضيفوه بالغى التأدب» إذ كانت 
زوجة المزارع قد أخبرتهم بأمر الثور الأحمرء وباحتمال انتماء نسبه إلى عالم 
آخر. أضف إلى ذلك أن اللاما كان يمثل أعجوبة عظمى جديرة بالتبجيل. 
ووصل كاهن الأسرة فى وقت لاحق» وكان مسن طائفة كهان “سرسوت 
براهمين“»: طاعنا فى السن متسامحاء وبدأ بطبيعة الحال مناقشة لاهوتية» حتى 
يبهر أفراد الأسرة. كان الجميع من زاوية العقيدة منحازين إلى الكاهن. بطبيعة 
الحال» ولكن اللاما كان الضيف ومصدر "الجدة“. كان ذا رقة ولطف يأمسسر 
الأفئدة» وكانت مقتطفاته باللغة الصينية باهرة تعمل عمل التعاويذ وتبهج 
الصدور أيما بهجة» وانطلق بهذه اللمسات الحنون البسيطة يتحدث بإسهاب 
كأنه زهرة اللوتس الخاصة ببوذا نفسه» فقص عليهم طرفا من حياته فى الجبال 
العظمى» جبال 'سوخزين“» مضيفا إن ذلك كان "قبل أن أنهض فى طلب 
التنوير”. 

واتضح فى غضون الحديث أنه كان فى تلك الأيام أستاذا فى فن معرفة 
الطالع ودلالات تواريخ المواليد» وجره كاهن الأسرة إلى وصف أساليبه. 
وكان كل منهما يطلق على الكواكب أسماء لم يستطع الآخرون فهمهاء وكان 
يشير إلى السماء حيث تبحر النجوم الكبرى وسط الظلام. وكان أطفال الأسرة 
يشدون مسبحته دون أن يلومهم أحدء ونسى تمامًا القاعدة التى تحرم النظر إلى 
المرأة وهو يتحدث عن الثلوج التى لا تنصهرء وعن المنزلقات الأرضيةء 
والممرات الجبلية المسدودة» والصخور السامقة البعيدة حيث يجد الرجال 
الياقوت الأزرق والفيروزء وعن ذلك الطريق الصاعد الرائع المؤدى آخر 
الأمر إلى الصين العظمى. 

وقال المزارع جانبًا إلى الكاهن ”ما رأيك فى هذا؟". 


ضر 








وأجابه قائلاً "رجل ربانى. ربانى حقا. أربابه ليست الأرباب؛ ولكن أقدامه 
على الطريق. وأساليبه فى تحليل دلالات تواريخ المواليد» وإن كانت تستعصى 
عليك» تتسم بالحكمة واليقين“. 

وقال كيم فى تكاسل ”أخبرنى إن كنت سوف أجد تورى الأحمر فى حقل 
أخضر حسبما عت بذلك”“. 

واقاق الكاهق: نتتقف ا واكسنابعة بالأهيقة ”ناذا شوش عن يياظة فو لتك 

"ما بين الهزيع الأول والثانى بالليلة الأولى من شهر مايو”. 

"فى أى عا . 

”لا أعرف. ولكن فى الساعة التى بكيت فيها وقع الزلزال العظيم فى 
سريناجار التى فى كشمير“. كان كيم قد عرف ذلك من المرأة التى تولت 
رعايته» وسمعته هى بدورها من والده كيمبول أوهارا. وكان الناس قد شعروا 
بالزلزال فى الهندء وظل الناس فى الينجاب يؤرخون بوقت وقوعه 
زمنا طويلا. 

وقالت إحدى النساء بنبرة انفعال "نعم!” كان قول كيم يؤكد فيما يبدو 
صحة *أصوله“ الخارقة. ”ألم تكن بنت فلانة قد لدت آنذاك". 

وصاحت زوجة المزارع ”وحملت أمها لزوجها أربعة أبناء فى أربع 

وقال كاهن الأسرة ”لا ينسى كل من درج على العلم والمعرفة مواقع 
الكواكب فى أبراجها تلك الليلة“. وشرع فى رسم أشكال فى تراب الفناء» ثم 
قال ”من حقك على الأقل نصف برج الثور. ما مدى صحة نبوءتى؟". 

كان كيم فرحا بالمشاعر التى أثارها فقال "يومًا ما سأصبح عظيمًا بفضل 
ثور أحمر فى حقل أخضرء ولكن رجلين سوف يدخلان أوّلا لتهيئة الأحوال 
لذلك". 








"نعم نعم. هذا ما يحدث دائمًا فى مستهل الرؤيا. ظلام كثيف ينجلى ببطء. 
وسرعان ما يدخل شخص بمكنسة لإعداد المكان. ثم يبتدئ المشهد. رجلان - 
هل قلت ذلك؟ نعم نعم. الشمس» وهى تغادر برج الثور:. تدخل برج الجوزاء. 
والجوزاء نجمان» وهو ما يفسر"”وجود الرجلين فى النبوءة. فلننظر فى الأمر 

ووم حاجية» وخظ خطوطا قن التزاب م محاها ووهم غاكبات خايضة 
فى الأرضء والجميع فى دهشة باستثناء اللاما الذى هداه حدسه الصائب إلى 

وبعد نصف ساعة قذف بالغصن بعيذا بصيحة ضيق. 

”همم! هذا ما تقوله النجوم. فى غضون ثلاثة أيام يأتى الرجلان لتهيئة 
الأحوال وبعدهما يأتى الثورء ولكن العلامة المواجهة له علامة الحرب 
والمسلحين". 

وقالت زوجة المزارع بلهجة الأمل فى المشاركة ”فعلا! كان فى عربة 
القطار القادم من لاهور رجل من رجال سيخ لوذيانا!”. 

وقال الكاهن لكيم ”أتحدث عن رجال مسلحين؛ عن مئات كثيرة. ما شأنك 
بالعرت :آنه اذيك تعلادة كنز 2 خاضي : خاضية بالشورن؟ القن تونينك أن 
تندلع . 

وقال اللاما بنيرة حماس "لا شأن لنا إطلاقا! لا نسعى إلا إلى السلم وإللى 
نهرنا!". 
نفسه إن النجوم تحابيه دون أدنى شك. 

ومسح الكاهن الرسم الخاص بقراءة الطالع بقدمه» قائلاً ”لا أستطيع أن 
أرى أكثر من هذا. بعد ثلاثة أيام يأتى الثور إليك يا صبى”. 

وصاح اللاما مناشدا الكاهن ”ونهرى أنا! نهرى أنا! كنت أرجو أن يهدينا 
هذا الثور معا إلى النهر . 


١ 





وأجاب الكاهن قائلاً "للأسف! لا شىء يبين عن هذا النهر الرائع يا أخى! 
أمثال هذه الأشياء ليست مألوفة“. [ [ 

وأسن :اليا غلن الرحيل فى هبجاع الزوم التالى» على رغم من الساع 
الصحبة عليهما بالبقاء» ولكنهم أعطوا كيم لفافة ضخمة من الطعام الشهى؛ 
وكتفى كللالت 1 السياتك العحاضية نزو حيددة كا هناك الارتيطة د أشدالوا 
البركات عليهما وهم يودعونهما أثناء انطلاقهما على الطريق المتجه جنوبًا فى 


الفجر. 
وقال اللاما ”من المؤسف أن هؤلاء وأمثالهم لا يمكن تحريرهم من عجلة 
الأشياء'". 


وقال كيم ”إذن لن يبقى على وجه الأرض إلا الأشرارء ومن عسى أن 
يقدم إلينا إذن اللحم والمأوى؟”» وكان يسير فى مرح حاملا أثقاله. 

وقال اننا "مناكة دول صتعون» #للكحذق::مقة" ساق اماد كسمه تاركًا 
الطريق الأبيضء» عابرا الحقول» فإذا هو فى وسط كلاب شريدة كأنها عمش 
الزاقا كرد 


الفصل الثالث 
نَعَهً! يا صوات كل نفس عندنا مي 1 
بهذه الحيّاةِ وهى تمْضيى صناعِدة 
فى سلم مِنْ دَرجة لدرجة 
فى صذر عُمْر الحاكم ابْن عَمَّ بُوذا 
ديفقداتا 
تأتى نسَائمٌ إلينا دَافِئّه 
بكاماكور!ا! 
(بوذا فى كماكورا) 
كان من خلفهما مزارع غاضب يلوح بعمود من الخيزران» وكان يزرع 
الأرض بمحاصيل السوق» ومن طائفة "أرين* التى تضم مزارعى 
البنجابء فكانت فى أرضه الخضراوات والزهور التى يحملها إلى 
مدينة أومبالاء وكان كيم يعرف هذه 'السلالة* خير المعرفة. وقال اللاماء 
متجاهلاً الكلاب» ”مثل هذا الرجل لا يتأدب مع الأغرابء فظ الألفاظ لا يؤمن 
بالإحسان. فكن على حذر من سلوكه يا تلميذى . 
وصاح المزارع *أيها المتسولان الوقحان! اغربا عن وجهى! انصرفا من 
هنا!". 
وقة (اللاها! :قاقاد متكي “يوان «رضسن ايكتراك هاه الحقول هين 
المداركةة: 


وتلاه كيم» بشهقة قصيرة» قائلا ”نعم! إذا أخفق محصولك المقبل فلا تلم 
إلا لسانك". 





١775 





وتململت أقدام الرجل بقلق فى خفيْه وقال فى شبه اعتذار”البلد تعج 

وكا :كيو سردات الأذغة "هو ما اجملك كن لنا سرف :سالك الإحمنان 
أيها السوقى؟“: وكان الوصف بالسوقى أشد ما يكرهه مزارعو محاصيل 
المتوق: 

"كل ما نسعى إليه هو العثور على النهر الذى يجرى خلف الحقل هنا“. 

وقال الرجل بصوت أجش ”النهر حقا! من أى مدينة جئتما حتى تجهلا 
شكل القناة المحفورة؟ إنها مستقيمة كالسهمء وأنا أدفع ثمن الماء كأنما كان 
فضة مصهورة. للنهر رافد خارج أرضىء ولكن إن كنتما تطلبان الماء قدمته 
لكماء بل واللبين أيضمًا“. 

وقال اللاما دون أن يتوقف عن المسير ”لا بل سنمضى إلى النهر“. 

وتمتم الرجل قائلا ”اللبن والطعام“. وجعل يتأمل الرجل الطويل الغريب 
ثم قال ا » أريد الشر لنفسى» ولا لمحاصيلى. ولكن المتسولين كثروا قي 
هذه الأيام العصيبة". 

والتفت اللاما إلى كيم وقال ”لاحظ! ما دفعه إلى الكلام الفظ كان الضباب 
القلب! بوركت هذه الحقول! حذار أن تتسرع فى إصدار الأحكام على 
الأغراب أيها المزارع!“. 

وقال كيم للرجل الذى بدأ يشعر بالخجل "لقد قابلت رجالا ربانيين كان 
يمكن أن يستمطروا عليك اللعنات من قلب بيتك إلى حظيرة مواشيك. أليس 
هذا الرجل حكيما وربانيًا؟ إننى تلميذه . 


وقال اللاما بعد هنيهة ”لا يوجد الكِيْر... لا يوجد التعالى بين من يتبعون 
الطريق الأوسط". 





1 





”ولكنك قلت إنه خفيض الطائفة وغير مهذب”“. 

"لم أقل إنه خفيض الطائفة» اذ كيف يمكن وصف أحد بما ليس فيه؟ وقد 
صحح فظاظته بعد ذلك ونسيت أنا الإساءة. أضف إلى ذلك أنه مثلنا: مربوط 
إلى عجلة الأشياء» ولكنه لا يخطو فى طريق الخلاص". وتوقف قليلا عند 
جدول صغير بين الحقول» وجعل يتأمل الضفة التى بدت فيها آثار الحوافر. 

وقال كيمء وهو يُقعى فى ظل بعض قصب السكر الطويل "وكيف تعرف 
الآن نهرك ؟”". 

"عكذها: هد سوك افتحه قفرا اسن 'التكروو برئذ نظلك ‏ تووقر ل العبعانش ناهذا 
ليس المكان المنشود. يا أصغر مجرى ماء فى الدنيا! ليتك تستطيع إخبارى 
أين يجرى نهرى! ولكن فلتبارك أيها المجرى حتى تحمل الحقول 
محاصيلها!”. 

وانتفض كيم من جانبه صائحا ”انظر! انظر!” وشده إلى الخلف. كان 
تعبان يجمع بين اللونين الأصفر والبنى قد زحف خارجا من بين الجذوع 
الأرجوانية» بخشخشة خافتة» فوصل إلى الضفةء ومَدَّ رقبته إلى الماء فشرب 
ثم رقد بلا حراك. كان من نوع الصّل (الكوبرا) الضخم بأعين ثابتة لا أجفان 
لها. 

وصاح كيم ”لا أحمل عصلا! لا أحمل عصنًا! سأحضر عصنا وأكسر 
رقبته!". 

التحييياه امد و كر 0-0 

وقال كيم ”أكره جميع الثعابين“. لن يفلح أى تدريب محلىّ فى قهر خوف 
الرجل الأبيض من الثعبان. 

”اتركه يعش حياته للنهاية“. وكان الثعبان قد التف حول نفسه» وأخذ يهس» 
وبدأ ينشر غطاء رأسه. واستمر اللاما يقول بلهجة هادئة "فليأت إطلاق 





١ 8 





سراحك بسرعة يا أخى! ترى هل تصادف أن أتاك أنت العلم بموقع نهرى؟". 

وهمس كيم قائلاً "لم أشهد قط رجلا مثلك“. وغلبه العجب مما رأى 
وسمع؛ فقال ”ترى هل تفهم الأفاعى نفسها كلامك؟“. 

"من يدرى؟'», وتقدم حتى اقترب من رأس الصل المنتصب إلى مسافة قدم 
واحدة. فأحنى الصل رأسه وانبسط جسمه عن الأرض. 

ونظر من فوق كتفه ونادى كيم "هيا هيا!". 

وقال كيم 0 أرجوك! سوف دوو حوله". 

"تعال أقول! إنه غير مؤذ!"“. 

وتردد كيم لحظة. وساند اللاما دعوته بتلاوة مقتطف منغوم باللغة الصينية 
شعر كيم بأنه تعويذة فأطاع اللاما ووثب عبر النهيرء ولم يبد الثعبان فى الواقع 
أى دليل على العدوان. 

ومسح كيم العرق المتصبب من جبهته قائلا "لم أر فى حياتى مثل هذا 
الرجل! فأين نذهب الآن؟”". 

”لا أستطيع أنا القطع فى هذا. فأنا عجوز وغريبء وبعيد عن موطنى. 
ولولا أن عربة القطار تملأ رأسى بضجيج طبول الشيطان لركبت القطار الآن 
آخر". ظ 

وانطلقاء فعبرا الحقول التى يُجهد المزارعون فيها الأرض حتى تخرج 
والتبغ والفجل الأبيض الطويلء واللفت» وظلا يسيران طول النهارء ملتفتين 
إلى كل ماء يجرى على الأرضء وكانا يوقظان الكلاب النائمة فى القرىء 
والقرى الناعسة ساعة القيلولة» وكان اللاما يجيب على الأسئلة المتلاحقة 
ببساطة لا تتغير قط. كانا يطلبان نهلرًا - نهرًا قادرًا على الشفاء الخارق. هل 
كان لدى أىّ أحد علمٌ بهذا النهر؟ كان الناس أحيانا يضحكون. ولكنهم كانوا 


١8 








فى الغالب يُنصتون إلى القصة حتى آخرها ثم يقدمون إليهما مكانا فى الظل؛ 
وشرابًا من اللبن» وبعض الطعام. وكانت النساء يبدين العطف دائمّاء وكان 
الأطفال» كشأن الأطفال فى كل مكان بالعالم؛ يبدون الخجل أحيانا ويقومون 
بالمغامرة أحيانا أخرى. وعندما حل المساء كانا يستريحان فى ظل شجرة 
بقرية جدرانُ منازلها وسقوفها من الطين» ويحادثان رئيس القرية أثناء عودة 
الماشية من مراعيها وانهماك النساء فى إعداد وجبة اليوم الأخيرة. كانا قد 
تخطيا حزام 'مزارع السوق* حول أومبالا الجائعة» ودخلا المنطقة الخضراء 
حيث تزْرَغٌ المحاصيل الرئيسية فى مساحة عرضها ميل كامل. 

كاق:زيين: القزية زجلا شينا:15 لخية نيضاء» كك الخاق: سعتاذا على 
استضافة الغرباء. وبسط الرجل فراشا معلقا ليبيت فيه اللاماء وقدم إليه طعامًا 
مكليو | :يذاكداء بو أعد له اعليونا + ويعة أن :اتقيت شعائ المفناع فى جيف الكرية 
أرسل من يدعو كاهن القرية إلى الحضور. 

وأخذ كيم يقص على الأطفال الكبار قصصًا عن حجم مدينة لاهور 
وجمالهاء وعن السفر بالقطارء وأمثال هذه الظواهر لحياة المدينة» والرجال 
منهمكون فى الحديث ببطء وماشيتهم تجتر طعامها. 

وقال رئيس القرية آخر الأمر للكاهن ”لا أستطيع سبر غوره! كيف تفسر 
ما يقوله؟” وكان اللاما قد خلد إلى الصمت بعد أن قص قصته وانشغل 


- 


وأجابه الكاهن قائلاً ”إنه ساع فى طلب شىء. والأرض تزخر بأمثال 
فؤلاء 2 “فل تتذكن: . الزحل.- الذعة. جاعنا؟ .منة كتين و حميتى؟ ذلك "الفقلد* 
بسلحفاته؟". 

"نعم؛ ولكن ذلك الرجل كان الحق والمنطق فى جانبه؛ إذ ظهر له الرب 
كريشنا نفسه فى رؤيا ووعده بالفردوس من دون إحراق جثمانه إذا رحل إلى 
مدينة ”براياج“ (“اللاهابادء في شمال الهند). وهذا الرجل يطلب ربا ليس فى 

وأجاب الكاهن الحليق الذقن قائلاً ”اسكت! إنه عجوز وقادم من مكان 


١٠ 








بعد» ومهنون 1" كم قال "اسع ” :ولف إل :اللامنا مضنا "على زع خلاة: 
فراسخ غربًا يجرى الطريق العظيم إلى كالكتا . 

"لكننى أريد الذهاب إلى بيناريس - إلى بيناريس”. 

"وإلى بيناريس أيضًا. إنه يعبر جميع الأنهار فى هذا الجائب من الهند. 
ونصيحتى إليك الآن أيها الرجل الربانى أن تستريح هنا حتى الغد. ثم ابدأ 
السير فى الطريق”. وكان يقصد طريق العربات العظيم (الذى يمتد من كالكتا 
إلى بيشاوار ومن اليجار إلى بومباى)» "وافحص كل نهر يقابلك ويعبره 
الطريقء: فحسبما أفهم؛ لا تكمن فضيلة النهر فى منطقة واحدة منه بل تمتد 
بطوله كله. وبعدهاء إذا شاءت أربابك؛ ثْق أنك سوف تصادف حريتك". 

وقال اللاما ”أحسنت القول“. وبدا أن الخطة أعجبته: ”سوف نبدأ غذاء 
ولتهبط عليك البركة لإرشاد الأقدام العتيقة لمثل هذا الطريق القريب". واختتم 
الرجل عبارته بترنيمة صينية عميقة شبه منغومة» نالت إعجاب الجميع» حتى 
الكاهن نفسه» وكان رئيس القرية يخشى أن تكون تعويذة شرء ولكن لم يكن 
أحد يستطيع أن يتطلع إلى وجه اللاما السمح الساذج الصادق إلا نفض كل شك 
أو ريبة فيه. 

وقال "هل ترى تلميذك“": وأخذ من صندوق النشوق قدرا لا بأس به قدمه 
إليهم. كان واجبه يقضى بالرد على المجاملة بمجاملة مثلها. 

وقال رئيس القرية ”أرى... وأسمع". وألقى رئيس القرية نظرة على كيم 
وهو يحادث فتاة تلبس رداءً أزرق وتضع بعض الأشواك التى تئز فى النار. 

وقال اللاما ”لديه هو أيضًا شىء يسعى فى طلبه. ليس نهرا بل ثور. نعم. 
ثور أحمر فى حقل أخضرء وسوف يأتيه ذات يوم ليرفعه إلى مرتبة الشرف. 

"إنه» فى اعتقادىء لا ينتمى إلى هذا العالم. لقد أرسل فجأة إلىّ لمساعدتى 

وابتسم الكاهن. وهتف هتافا طار عبر الدخان ذى الرائحة النفاذة ”أنت! 
اسمع أنت يا صديق العالم كله! ماذا أنت؟“". 


268 








وقال كيم "تلميذ الرجل الربانى' 


"يقول إنك روح. 9 
وقال كيم ”وهل تستطيع الروح أن تأكل؟“ وتلألأت عيناه فأضاف "إذ إننى 
جائع! . 


وصاح اللاما "ليس هذا هزلاً! فقد قال أحد المنجمين فى تلك المدينة التى 

وهمس كيم إلى الكاهن "لم تكن إلا مدينة أومبالا حيث قضينا ليلة أمس“. 

"نعم هل كانت أومبالا؟ إنه كشف الطالع وأعلن أن تلميذى سوف يجد 
مطلبه فى غضون يومين. ولكن ماذا قال عن معنى النجوم يا صديق العالم 
كله؟". 

وتنحنح كيم وجال ببصره بين شيوخ القرية ذوى اللحى البيضاء. 

ثم أجاب بتفاخر ”معنى النجوم هو الحرب". 

وكذلك ضيحقة “شارؤة علن هذا الصبعين ذى الملاسن الرقة: الدى يتاه 
بنفسه جالسمًا فوق القاعدة المبنية من القرميد حول الدوحة. وإذا كانت الضحكة 
كفيلة بإسكات ابن البلد واستكانته؛ فإنها أثارت دماء الرجل الأبيض عند كيم 
فنهض واقفا. 

وأجاب كيم "نعم! الحرب!". 

وارتفع هدير صوت عميق يقول ”هذه نبوءة مؤكدة. فالحرب تدور دائما 
على الحدود... فيما أعلمه“. 


كان ذلك صوت رجل هرم أعجف البنيان» كان قد خدم الحكومة فى أيام 
تمرد الجنود الهنود (فى باهم ١‏ -18) بأعتباره فنايظ) من نام البلد في 
فوقةة: الفوساق ١:‏ الف كانت 8ه القنقت. حدينا :و كانث: الحقويية: قة متعته قطمة 


1 








أرض لا بأس بها فى القرية» وعلى الرغم من أن مطالب أبنائه الذين أصبحوا 
الآن بدورهم ضباطًا وخط الشيب لحاهم قد أفقرته فإنه ما زال يتمتع بمرتبة 
سامية. وكان المسؤولون البريطانيون» بل ونواب القائد الأعلى أنفسهم. 
يتركون الطريق الرئيسى لزيارته.» وكان فى هذه المناسبات يرتدى زيه 
الرسمى القديم ويقف منتصبًا كالحربة الصلبة. 

ورن صوت كيم ذو النبرات الحادة فى أسماع الجمهور الذى اجتمع 
بسرعة وهو يقول ”ولكن هذه ستكون حربًا كبرى. حربًا لثمائية آلاف مقاتل”". 

وقال الرجل الهرم بسرعة "مقاتلون إنجليز أم أبناء البلد؟“؛ وكان السؤال 
يوحى بأن سائله يعامل كيم معاملة الأنداد» وأدت نبراته إلى احترام الرجال 

وغامر كيم بالإجابة قائلا ”بل إنجليز. إنجليز ومدافع!”. 

وصاح اللاما "ولكن المُنَجّمَ لم يقل شيئا من هذا" وأخذ يستعين فى انفعاله 
بالمزيد من النشوق. 

”ولكننى أعرف. بلغنى النبأء أناء» تلميذ هذا الرجل الربانى. سوف تنشب 
حرب2» حرب يشارك فيها ثمانية آلاف إنجليزى. وسوف يقدمون من 
ووالتسيددى ومن بيشاوار. هذا مؤكد . 

وقال الكاهن "سمع الصبى أحاديث الأسواق". 

وقال اللاما ”ولكنه كان دائمًا بجانبى. فكيف يتسنى له أن يعرف؟ لم أكن 
أنا أعرف!". 

وتمتم الكاهن لرئيس القرية "سوف يصبح ساحرًا ماهرًا بعد موت 
العجوزء ما هذه الحيلة الجديدة؟". 

وفجأة علاا صوت الجندى الهرم هادرًا! يقول ”علامة! اذكر لى أمارة! لو 
كانت الدوب يتتشن: لأخيوتن أبنات “: 


1 


وقال كيم ”عندما يكتمل الاستعداد لابد أن يُحَاط أبناؤك علمّاء لا شك فى 
هذا. ولكن الطريق طويل ما بين أبنائك وبين الرجل الذى بيده زمام هذه 
الأمور“. وازداد حماس كيم للعبة؛ إذ ذكرته بخبراته فى حمل الرسائلء أيام 
كان يخاطر فى سبيل 'دراهم معدودة“*»: بالتظاهر بمعرفة أكثر مما يعرف. 
ولكنه كان يلعب الآن من أجل جائزة أكبر... ألا وهى لذة الإثارة المحضة 
والإحساس بالقوةء واستمد من الموقف روحا جديدة فعاد يقول: 

”أعطنى أنت أيها الشيخ علامة! هل يأمر المرؤوسون بانطلاق ثمانية 
آلاف جندى إنجليزى بمدافعهه؟". 

وأجاب الرجل الهرم ”لا“ بنفس النبرة التى توحى بأن كيم ند من أنداده. 

"هل تعرف إذن من هو الذى يصدر الأمر؟”. 

م رأيته“". 

"وتستطيع أن تعرفه من جديد؟". 

”كنت أعرفه منذ أن كان ملازما فى الطوبخانة (أى المدفعية)”. 

"رجل طويل. رجل طويل ذو شعر أسود يمشى هكذا" وسار كيم 
خطوات قليلة بأسلوب عسكرى جاف. 

"نعم. ولكن أى شخص يمكن أن يكون قد شاهده”“» وكان الجمهور ساكنا 
يكتم أنفاسه أثناء هذا الحوار كله. 

قال كيم "صحيح. ولكنى سأزيدك. انظر. الرجل العظيم يمشى أولاً هكذا. 
ثم يفكر هكذاة. ووضع كيم سبابته على جبهته وهبط بها حتى زاوية فكه. 
”"وبسرعة يحرك أصابعه هكذا. وسرعان ما يضع قبعته تحت إبطه الأيسر” 
وجعل كيم يمثل لكل حركة واقفا مثل طائر اللقلق. 


وتنهد الرجل الهرم وقد انعقد لسانه دهشة» والجمهور يرتجف من الإثارة. 


١: 





"فليكن... فليكن... فليكن“ ولكن ماذا يفعل عندما يوشك على إصدار 
الأمر ؟" 

"يحك قفاه... هكذا. ثم يضع أحد أصابعه على المنضدة» وينشق بأنفه 
نشقة صغيرة:» ثم يتكلم قائلا ”فلتنطلق الفرق التالية» والمدافع التالية”. 

ونهض الرجل الهرم بأسلوب عسكرى وأدى التحية. 

وبسرعة ترجم كيم إلى اللغة الدارجة العبارات القاطعة التى استرق السمع 
إليها فى حجرة ارتداء الملابس فى أومبالا قائلا ” كان ينبغى' - هكذا قال - 
'أن نفعل ذلك من مدة طويلة. ليست حربًا بل هى تأديب*2. ونشق بأنفه 


9 


”كفى. إنى أصدقك. لقد شاهدته على هذه الصورة وسط دخان المعارك. 
شاهدته وسمعته. إنه هو!". 


وقال كيم ألم أر نكا" وتحول صوته إلى عت المُنْجّم المنغوم الذى 
يكشف الطوالع على جانب الطريق وقد غمرته النشوة "رأيت هذا فى الظلام. 
ا ا 
فى حلقة من الضياء. وسارت بقية الأحداث كما ذكرت. أيها الرجل الهرمء هل 
قلت لك الصدق؟". 


"إنه هو. ودون أدنى شك؛ هو!"“. 

وأخذ أفراد الجمهور نفسا طويلا مرتعدًا ونظراتهم تنتقل من الرجل الهرم 
الذى كان لا يزال واقفا وقفة الانتباه العسكرية» إلى كيم ذى الثياب الرثة فى 
ضوء الغسق الأرجوانى. 

وهتف اللاما بفخار "ألم أقل لكم؟ ألم أقل إنه من العالم الآخر؟ إنه صديق 
العالم كله. إنه صديق النجوم!“. 

وصاح أحد الرجال ”ذلك لا يهمناء على الأقل! وأنت أيها العراف 
الصغيرء. إن كنت تتمتع بالموهبة فى < جنيع الأصوك» اكمندى بقرة ذات بقع 
حمراءء وقد تكون شقيقة ثورك الأحمر. 58 أتصور ..." 





١5 





مغامرات صبجى 


فرد كيم "لكن ذلك لا يهمنى. فنجومى لا تكترث بأبقارك”. 

وقالت امرأة ”لا ولكنها مريضة جذا. وزوجى جاموسء وإلا لأحسن 
اختيار ألفاظه. قل لى هل يكتب الشفاء لبقرتى؟". 

لم يكن كيم صبيًا عاديا على الإطلاق» ولو كان لواصل ممارسة اللعبة؛ 
ولكن من يعرف مدينة لاهور. و"الفقراع”' عند بوابة تكسالىء. طيلة ثلاثة 
عامّاء لابد أن يعرف الطبيعة البشرية كذلك. 

وجعل الكاهن يلقى عليه نظرات جانبية» لاحت فيها المرارة» وارتسمت 
على شفتيه ابتسامة جافة صفراء منذرة بالشر. 

وقال كيم ”أليس فى القرية كاهن إذن؟ أظن أننى شاهدت كاهنا عظيمًا منذ 


6. 


وشرعت المرأة تقول "نعم... ولكن...“. 

فقال كيم ”ولكنك تأملين أنت وزوجك أن تشفى بقرتكما مقابل حفنة من 
ألفاظ الشكر وحسب“. وبدا أن هذا السهم قد أصاب المرمىء» إذ كانت المرأة 
وزوجها قد اشتهرا بأنهما أبخل زوجين فى القرية. واستمر كيم يقول “ليس من 
الخير خداع المعابد. قدمى عجلا صغيرًا إلى كاهنك؛ وإذا لم تكن الأرباب قد 
غضبت غضبًا لا يسمح بالغفران قطء فسوف تدر بقرتك اللبن فى غضون 
شهر واحد". 

وقال الكاهن بنبرات تشبه خرخرة القطط الراضية ”أنت أستاذ فى فن 
التسول! لن ينجح دهاء أربعين عامًا فى تحقيق نتيجة أفضل. لا شك أنك 
أغنيت الرجل العجوز؟”. 

ورد كيم قائلا "قليل من الدقيق» وقليل من الزبدء هل يغتنى المرء بهذا 
الزاد؟” كان يشعر بالسعادة لما ناله من مديح وإن كان مازال يلتزم الحذر, 
فأطناقف "وهو كما ترى» مكنون فعلا. ولكن صحبته تفيدنى وأنا أعلم الطريق 
على الأقل". 


١5 








كان يحيط بأسلوب تخاطب 'فقراء' بوابة تكسالى فيما بينهم»؛ وحاول 
المحاكاة الدقيقة لأساليب تلاميذهم اليذيئة. 

"وهل هذا السعى إذن حقيقى أم قناع لتحقيق غايات أخرى؟ قد يكون 
وراءه كنز . 

”إنه مجنون. جنونه مضاعف. لا يوجد غير هذا". 

ونهض الجندى الهرم هنا وسأل كيم إن كان يقبل استضافته إياه تلك الليلة. 
وأوصاه الكاهن أن يقبل؛. ولكنه َيل على أن شرف استضافة اللاما من حق 
المعيد» وعند ذلك ابتسم اللاما أبتسامة صادقة. وتنقل كيم ببصره من وجه إلى 
آخر وانتهى إلى معرفة ما يجرى فى الواقع. 

وهمس فى أذن الرجل العجوز فى الظلام "أين النقود؟”". 

”فى صدرى. أين عساها تكون؟". 

”أعطها لى. بهدوء وسرعة. أعطها لى“. 

"لكن لماذا؟ لا نريد أن نشترى تذاكر قطارات"“. 

"ألست تلميذك؟ ألا أرعى أقدامك العتيقة فى الطرقات؟ أعطنى النقود وفى 
الصباح سوف أعيدها إليك“. وأدخل يده من تحت حزام اللاما فأخرج كيس 
النقود. 

وأومأ العجوز قائلا "فليكن. فليكن. هذا عالم كبير فظيع. لم أكن أعلم قط 
أن كل هؤلاء الناس يعيشون فيه“. 

وفى صباح اليوم التالى كان الكاهن فى حالة نفسية بالغة السوءء ولكن 
اللاما كان سعيذاء وكان كيم قد استمتع بأمسية بالغة الطرافة مع الرجل الهرم 
الذى أحضر سيف خدمته فى فرقة المدفعية» ووضعه على ركبتيه العجفاوين» 
وجعل يقص القصص عن حادثة التمرد والقادة الشبان الذين مضى على مقتلهم 
ثلاثون عامًا حتى غلب النعاس كيم فنام. 





١ /اع‎ 





وقال اللاما "لا شك أن هواء الريف صحى. فنومى خفيف مثل نوم جميع 
العجائز؛ ولكننى استغرقت فى النوم ليلة أمس ولم أستيقظ حتى رابعة النهار. 
بل إننى مازلت إلى الآن أشعر بثقل فى جفونى". 

وقال كيم ”اشرب كوبًا من اللبن الساخن” وكان قد تعلم تقديم عدد لا بأس 
به من أمثال هذا العلاج إلى معارفه الذين يتعاطون الأفيون. ثم قال "حان وقت 
العودة إلى الطريق من جديد . 

وقال اللاما بنبرات المرح "الطريق الطويل الذى يعبر جميع أنهار الهند! 
هيا بنا. ولكن كيف يمكننا - فى اعتقادك يا تلميذى - أن نكافئ هؤلاء الناس» 
يستطيعون فى حياة أخرى تحقيق التنوير. ندفع روبية إلى المعبد؟ إنه لا يزيد 
عن أحجار وطلاء أحمرء ولكننا يجب أن نقر بالخير فى قلب الإنسان حينما 
وحيثما نصادفه“. 

وحدجه كيم بنظرة حادة قائلا "أيها الرجل الربانى! هل سبق لك أن 
انطلقت وحدك على الطريق قط“؛ كانت نظرات كيم تشبه نظرات الغربان 
الهندية المنهمكة فى شغلها فى الحقول. 

"قطعًا أيها الصبى. قطعته من كولو إلى باثانكوت؛ وكنت تركت كولو 
حيث مات تلميذى. وحين أيدى الناس العطف علينا قدمنا القرابين» وكان الناس 
جميعًا طيبين فى كل مكان فى التلال . 

وقال كيم بلهجة جافة ”الأمر مختلف فى الهند. فأربابهم لهم أذرع كثيرة: 
وهم خبثاء. فابتعد عنهم . 

واقترب منهما الجندى الهرم من شارع القرية» ممتطيًا صهوة مَهْر نحيل 
معرقبء فبدا كالشبح فى ضوء الفجرء وقال "سوف أريك الطريق بعد قليل يا 
صديق العالم كله أنت والرجل الأصفر الذى تصاحبه. ليلة أمس فجرت ينابيع 
الذكرى فى قلبى الجافء وكانت بمثابة بركة لى. والحق أن تباشير الحرب 


١ 8 








تلوح فى الجو. إننى أشم ريحها. انظر! لقد أحضرت سيفى!". 

وجلس مدليًا ساقيه .الطويلتين على جانبى الحيوان الضئيل» والسيف 
الضخم فى جانبه؛ ويده على حلقة السرجء ملقيًا نظرات ضارية على الأراضى 
التى تمتد شمالا ثم قال “قل لى من جديد كيف بدا لك 'هو” فى رؤياك؟ تعال 
فاجلس بجوارى. المهر قادر على حمل اثنين . 

قال كيم ”أنا تلميذ هذا الرجل الربانى“» وهما يتجاوزان بوابة القرية. وكان 
القرويون يكادون يشعرون بالأسف لفراقهماء ولكن وداع الكاهن كان باردا 
جافا: لقد ضيع بعض الأفيون على رجل لا يحمل نقودًا. 

"”أحسنت القول. لم أعتد كثيرا مقابلة الربانيين» ولكن الاحترام دائمًا 
واجب. لقد اختفى الاحترام هذه الأيام» حتى حين يأتى المفوض الإنجليزى 
لزيارتى. ولكن لماذا تسير فى ركاب رجل ربانى مادام نجمك يقودك إلى 
العو 

وقال كيم بلهجة جادة "ولكنه فعلا ١‏ ربانى. فى الحقيقة وفى الكلام وفى 
الفعل. ليس مثل الآخرين. م أن قي ,حياتى ,عند لد, شنا منت العز افيث: أو 
السحرة أو المتسولين”. 

”لست أنت كذلك. أدرك ذلك بوضوح. لكننى لا أعرف الآخرء وإن كان 
شوو خونا" : 

كانت نضرة النهار الأولى تحث اللاما على السير بخطوات طويلة يسيرة 
مثل الجمل» وقد استغرق فى تأملاته وأخذ يسبح بمسبحته بصورة آلية. 

واتبعا الطريق الريفى البالى الملئْ بالحفرء الذى يلتف حول السهل 
المنبسط وسط خمائل أشجار المانجو الضخمة بألوانها الخضراء الدكناءء وعلى 
الأفق الشرقى تبدو قمم جبال الهملايا باهتة والتلوج على قممهاء كانت الهند 
كلها تعمل فى الحقول. على أصوات أزيز السواقى فوق الآبارء وصياح 
الفلاحين خلف المحراث الذى تمضى به الثيران» ونعيق الغربان. بل إن المهر 
نفسه كان يشعر بالجو الصحو حين وضع كيم يده على الزمام فكاد يركض. 
125 








وقال اللاما حين وصل إلى حبة المسبحة الحادية والثمائين الأخيرة» "إنى 
نادم لأننى لم أتبرع بروبية للهيكل'فى المعبد“. 

وأصدر الجندى الهرم صوتا يشبه الزمجرة؛ بلحيته الكثة» فشعر اللاما 
لأول مرة بوجوده. 

فالتفت إليه وقال ”هل تطلب النهر أنت أيضنًا؟“". 

وكانت الإجابة ”النهار فى أوله. ما الحاجة إلى النهر إلا للماء الذى يلزمنا 
ساعة الغروب؟ لقد أتيت كى أريكما مدخلا مختصر! إلى الطريق الكبير”“. 

"هذه مجاملة لن ننساهاء يا صاحب النوايا الطيبة. ولكن لماذا أتيت 


بالسيف؟ . 
وبدا أن الجندى الهرم أحس بالخجل مثل طفل قاطعه أحد أثناء تمثيله 
دورا فا 


فقال وهو يتحسس السيف ”هذا السيف! نزوة خطرت لى! نزوة رجل 
هرم! والحق أن الشرطة أمرت بألا يحمل أحد أسلحة فى شتى أرجاء الهند: 
ولكن*“ واصطنع نبرات المرح وربت على مقبض السيف قائلا "جميع 
الكونستابلات هنا يعرفوننى“. 

وقال اللاما ”ليست تلك نزوة حسنة. فما فائدة قتل إنسان؟ . 

”لا شىءء أعرف ذلك. ولكن إن لم يُقتل الأشرار من وقت لآخر فلن 
يكون العالم مكانا صالحًا للحالمين الذين لا يحملون أسلحة. لا أتكلم إلا عن 
معرفة» عن خبرة رجل شاهد البلاد من دلهى حتى الجنوب وقد سالت فيها 
الدصاع”. 

"اف يحنون كان ذاك: اذ" 

”لا تعلم إلا الأرباب التى أرسلت ذلك الطاعون. جعل الجنون ينهش 
الجيش كله فتمرد على ضباطه؛ كان ذلك هو الشر الأول؛ ولكن العلاج لم يكن 
مستحيلا لو كانوا توقفوا عند ذلك. ولكنهم اختاروا أن يقتلوا زوجات الإنجليز 


١86 





وأطفالهم. ثم جاء الإنجليز من وراء البحر وحاسبوهم حسابًا عسيرًا صارما". 

”أظن أننى بلغتنى شائعة كهذه منذ زمن بعيد. أذكر أنهم كانوا يسمونها 
العام الاشوة . 

"أية حياة عشتها أنت حتى تجهل ذلك العام؟ شائعة .حقا! الأرض كلها 
عرفت بها وارتعدت من هولها . 

”أرضنا لم ترتعد إلا مرة واحدة» فى اليوم الذى تلقى فيه الرجل العظيم 
التتوقر”. 

"هراء! شاهدت دلهى على الأقل ترتعد. ودلهى سرة العالم“. 

”وإذن انقضوا على النساء والأطفال؟ كان ذلك شرًا مؤكدًا وعقوبته 


56 ا 


محدوق 


"حاول الكثير ذلك؛ ولكن دون فائدة تذكر. كنت عندها فى فرقة الفرسان. 
وتشتتت الفرقة. كم تظن عدد الذين ثبتوا وصمدوا من بين ستمائة سيف 
وثمانين؟ ثلاثة! وكنت أنا من بينهم“. 

"وتلق انقاذ ١‏ اكير : 


”امتياز! لم نكن نظنه امتيازا فى تلك الأيام. هجرنى أهلى وأصدقائى 
وإخوتى. قالوا “إن زمن الإنجليز انتهى. فليحاول كل فرد أن يقتطع شيئا 
لنفسه'. ولكننى تكلمت مع الرجال الذين شهدوا المعارك الكبرى فى حروب 
. السيخ )١859-١845(‏ - فى سوبراونء وفى تشيليان والاء وفى مودكى, 
وفى فيروزشاه؛ وقلت لهم ”اصبروا قليلاً وسوف يتغير اتجاه الريح» هذا عمل 
غير مبارك'. فى تلك الأيام قطعت مسافة ٠٠١‏ كيلو مترًا مع سيدة إنجليزية 
وطفلها الرضيع على سرج حصانى. (ما أعظمه! كان جَوَادًا يليق بالرجل 
الحق!) وأخذتهم إلى مكان مأمون ثم عدت إلى رئيسى الضابط - الوحيد الذى 
لم يُقتل :مق. ابن الخمسة فئ: فرقتنا - قلت له *أعطتن. عملا فلقد. أصبحث 
منبوذا بين أهلى؛ ودم ابن عمى لم يجف على سيفى“. ورد على قائلا “اطمئن. 


١ 


١١ 








لايزال أمامنا عمل عظيم. وحين ينتهى هذا الجنون؛ تحين ساعة المكافأة'”. 

وتمتم اللاما كأنما يحدث نفسه قائلاً ”لابد أن تأتى المكافأة فعلاً عندما 
ينتهى الجنون . 

"لم يكونوا يمنحون الميداليات فى تلك الأيام لكل فو تضسادفه: أن سمع 
صوت سلاح نارى يُطلق! كلا! لقد شاركت فى تسع عشرة معركة ضاريةء 
وفى أربع وستين مناوشة على متون الخيل» وفى اشتباكات صغيرة لا تعد ولا 
تحصى. وفى جسمى تسعة جروح.ء كما أحمل ميدالية وأربعة نياشين» إلى 
جانب وسام خاصء إذ إن قادتىء الذين أصبحوا الآن لواءات» ذكرونى عندما 
احتفلت إمبراطورة الهند (الملكة فكتوريا) بمرور خمسين عامًا على توليها 
العرش» وعمت الأفراح البلد كلها. قالوا “أعطه وسام الهند البريطانية“» كما 
أمتلك أيضًا ضيعتى التى حصلت عليها بلا مقابل من الدولة» هدية وملكا 
خالصًا لى. ورجال الأيام الخوالى - الذين أصبحوا الآن مفوضين - 
يقصدوننى راكبين عبر الحقول والمحاصيلء. بارزين فوق خيولهم حتى ترى 
القرية كلهاء ثم نتحادث عن المناوشات القديمة» إذ نذكر اسم رجل مات فنذكر 
به اسم رجل آخر”. 

وقال اللاما "وبعد ذلك؟ . 

”وبعدها ينصرفون, ولكن بعد أن ترى قريتى ما حدث”". 

"و أخيرا هاذا سوف تفعل؟ . 

"و أكير ايوق اموت 

"وبعد ذلك؟”. 

"فاتتول الأرباب ذلك. لم أزعج الأرباب قط بالدعوات. ولا أظن أنها 
سوف تزعجنى. واسمع: لقد لاحظت فى حياتى الطويلة أن الذين لا يكفون عن 
إزعاج الذين من فوقنا بالشكاوى والروايات والصراخ والبكاء سرعان ما 
يُرسل فى طلبهم بسرعة؛ مثلما كان يرسل قائدنا العقيد فى طلب الريفيين 


١١ 








البلهاء الذين لا يكفون عن الكلام. لا! لم أرهق الأرباب قط! وسوف تذكر ذلك 
وتمنحنى مكانا هادا حيث أستطيمْ أن ألقى برمحى فى الظل وأنتظر حتى 
أرحب بأبنائى. لدى من أبنائى ثلاثة ضباط فى سلاح الفرسان» وكلهم ذوو 
رتب رفيعة . 

وقال اللاما بصسوت خفيض "وهم كذلك مربوطون بالعجلة» ينتقلون من 
حياة إلى حياة» ومن يأس إلى يأسء» بحماس وقلق وتخاطف“". 

وقوقه الخكدف المرنم 'قائلا "تعر كلذنة ضباط أفرسان فن. قراق كلات: 
مخاطرة طفيفة» ولكن هذا شأنى. ويجب تجهيزهم بخير جهازء ولا يستطيع 
الموة. أن أيغامل: التفيل.:مظلما كنا تكامل: التستاع:فى. 'الأيام؛ الخو الى:. على" آنه 
حال» دخلى من الضيعة يكفى نفقات الجميع. ما رأيك؟ إن أرضى تروى خير 
الرى؛ ولكن رجالى يغشوننى. ولا أعرف أن أطلب شيئا إلا بسينَ الرمح. أوه! 
إننى أغضب وأشتمهمء وهم يتظاهزرون بالصبرء ولكننى أعرف أنهم - حين 
أدير ظهرى - يقولون إننى قرد عجوز بلا أسنان”. 

”ألم ترغب قط فى شىء آخر؟”. 

"نعم نعم! ألف مرة! أن يستقيم ظهرى الذى انحنى وتشتد مفاصل ركبتى 
من جديد! أن يقوى معصمى وأغدو حاد البصرء وأن أوهب صلب الرجل 
الحق. واها للأيام الخوالى» واهًا لجمال أيام قوتى وعنفوانى!“. 

”هذا ما آلت إليه. ولكننى كنت أستطيع إثبات العكس منذ خمسين عاما". 
قال الجندى الهرم ذلك وهو يغرس طرف المهماز فى جنب المهر النحيل. 

"لكننى أعرف نهر يأتى بشفاء عظيم”“. 

"لقد شربت ماء الجونجا حتى حافة الاستسقاء! لم أنل إلا الإصابة 
بالدوسنطارياء من دون أدنى قوة . 





"ليس ما أقصده نهر الجونجا. ولكن النهر الذى أعرفه يطهر المرء من 
كل شوائب الخطيئة. والصعود عل الضفة القصوى يؤكد للمرء الحرية. لست 
محيطا بحياتك» ولكن وجهك وجه رجل شريف مهذب. لقد التزمت بطريقك 
فأبديت الإخلاص حين استعصى إبداؤه. فى ذلك العام الأسود الذى أذكر عنه 
الآن قصصنًا أخرى. ادخل الآن الطريق الأوسط» وهو الطريق إلى الحرية. 
استمع إلى القانون الأعظمء ولا تتبع الأحلام”. 

وابتسم الجندى» مؤديًا نصف تحية» قائلاً "تكلم إذن أيها الشيخ. فنحن فى 

وأقعى اللاما فى ظل شجرة مانجوء فأخذت ظلال أوراقها تتراقص فوق 
وجههء ولكن الجندى ظل ثابتًا جامدا فوق مهرهء وأما كيم فاستوثق أولاً من 
عدم وجود ثعابين قبل أن يجلس فى فرجة بين الجذور الناتئة الملتوية. 

وترددت أصوات طنين الحشرات التى تجلب النعاس فى ضوء الشمس 
الحارء إلى جانب هديل الحمامء والأزيز الحالم للسواقى المقامة فوق الآبار 
عبر الحقول. وجعل اللاما يتكلم ببطء وبأسلوب مؤثرء وبعد عشر دقائق هبط 
الجندى الهرم من فوق مهره قائلاً إنه يريد أن يُحْينَ الإصغاءء وما زال يربط 
لجام المهر حول معصمه. وخبا صوت اللاما وطالت فترات سكوته ما بين 
العبارات. وكان كيم مشغولا بمتابعة سنجاب رمادى. وعندما اختفى السنجاب 
كد الذق كان حقتيه كظلة من القواء الملخصقه بالغصيى:ت كاق: ”الواعظ» والذى 
يصغى إليه قد راحا فى سبات عميقء فأما رأس الجندى الحليق فتوسد ذراعيه: 
وأما رأس اللاما الأصفر فاستند إلى جذع الشجرة:؛ فبدا مثل قطعة من العاج 
الأصفر. واقترب من هؤلاء طفل صغير عار يتعثر فى مشيته فحدق فى 
النائمين ثم انصرف مدفوعًا بإحساس دهمه بالتبجيل» وأبدى ما يدل على 
إدراكه أن اللاما رجل ربانىء لكنه كان بالغ القصر والسمنة» فوقع على 
جانبه» وضحك كيم على ساقيه الممتلئتين المنفرجتين. وأصيب الطفل بالذعر 
والغضب فصاح بصوت عال. 








وصاح الجندى الهرم منتفضنا "سمعًا وطاعة!" وهب واقفا على قدميه. 
"ماذا حدث؟ ما هى الأوامر؟... إنه... طفل وحسب! حلمت أن إنذارًا جاعنا! 
أيها الصغير - أيها الصغير - لا تبك. هل كنت نائمًا؟ كانت تلك إساءة بالغة!“ 

وصرخ الطفل "أنا خائف! أنا خائف!“. 

"ماذا يُخيف؟ عجوزان وصبى؟ كيف ستصبح جنديًا يوما ما أيها الأمير 
الصغير؟ . 

وكان اللاما قد استيقظ أيضتاء ولكنه لم ينتبه مباشرة للطفل فجعل يسبح 
٠ ٠‏ . ّ, 

وتوقف الطفل فى مند منتصف صرخة حين رأى ١‏ لمسيحة قائلا "ما' هذه؟ لم 
أر فى حياتى من قبل مثلها! أعطها لى!“. 

وقال اللاما ”آها!“ وابتسم ووضع المسبحة على الكل فى هيئة أنشوطة 
و القند 

من كد هآن يحفنة ستنلى 
وقِطعَة أَيْضًا من المّئن 
تَكفِى العشاء عِنْدَكم وعِندى! 

وجعل الطفل يصيح فرحاء ويمد يده 00 اختطاف حيبات المسيحة 
الكقاء ذ انهه الؤميطن, 

وقال الجندى الهرم ”أوهو! أين سمعت هذه الأغنية يا من تحتقر الدنيا؟“. 

وقالخ: اللا فى يحماء اعبعتيا فى :عبد اةاتكوك كه انثا بعلن عقة اكه 
الأبواب. من الخير العطف على صغار الأطفال"“. 


١ هه‎ 








”أذكر أنك قلت لى قبل أن يدهمنا النوم إن الزواج والحمل مما يطمس 
النور الحقيقى الوحيد» وإنها أحجار عثرة على الطريق. هل تهبط الأطفال من 
السماء فى بلدكم؟ وهل يقتضى الطريق إنشاد أغان لهم“. 

وكال 'اللما وكيرة ؤقان "له ويلع الإنسان الال “كلق «نتعاف مملكطة: 
وقال ”انطلق الآن إلى أمك أيها الصغير"“. 

وقال الجندى لكيم ”اسمع ما يقول! إنه يخجل من إدخال السعادة فى قلب 
طفل. لقد فقدنا فيك يا أخى رب أسرة ممتاز! اسمع يا صغير!” وألقى إليه 
يفطل ككائيفة” سنفينة .فاق “"الملورف ,طعنها :انف محا فالتتكلها: الضمفين 
وانتصرف متواثبًا فى ضوء الشمس. وأضاف الجندى ”إنهم يكبرون ويصبحون 
رجالا. إنى حزين أيها الرجل الربانى لأننى نمت فى أثناء مواعظك. اغفر 
لى . 

وقال اللاما ”أنا وأنت عجوزان. الذنب ذنبى. فقد أصغيت لحديثك عن 
العالم وجنونه؛ وأدى الخطأ إلى خطأ آخر“. 

"اسمع ما يقول! ماذا يضير أربابك من اللهو مع طفل صغير؟ وكان 
غناؤك تلك الأغنية بديعًا! فلنرحل وسوف أنشدك أنشودة نيكولسون أمام دلهى» 
الأنقتوةة القديمة”: 

وخرج الجميع من خميلة أشجار المانجو» وصوت الجندى الهرم يرن 
عاليًا بنبراته الحادة عبر الحقل» وهو يروى فى ولولة مطولة قصة نيكولسون 
)18507-187١(‏ بطل حرب السيخ وأحداث التمرد الهندى التى قتل فيهاء 
وهى الأنشودة التى ينشدها الرجال فى الينجاب إلى اليوم. وكان كيم 
فرحا بسماعها واللاما يصغى باهتمام. 

"يا ويلى! مات نيكولسون! مات قبالة دلهى! يا رماح الشمال انتقمى 
لنيكولسون!“ وكان يحافظ على دقائق اللحن حتى الختام» مؤكدً! إيقاع النغمات 
بضربات بعرض سيفه على مؤخرة المهر. 


١5 





وقال بعد أن تلقى تهنئة كيم ”والآن قد أتينا للطريق الكبير“. وظل اللاما 
ضنامتا نعسيزرة لافقة للنظن: قعاذا التكتدين يفول "لم أركنية حتئ هذه الناحية منذ 
زمن بعيدء ولكن حديث صبيّكَ حفزنى إليه. انظر أيها الرجل الربانى! هذا 
الطريق العظيم هو العمود الفقرى للهند كلها. ومعظمه تكسوه الظلال» مثل هذا 
الجزء؛ بأربعة صفوف من الأشجار. فأما الطريق الأوسط فهو صلب ويصلح 
للمرور السريع فيه. وقبل أيام السكك الحديدية كان الإنجليز يسافرون فيه 
بالمئات. أما الآن فالأمر يقتصر على العربات الريفية وأمثالها. وعلى اليمين 
واليسار يمتد الطريق الوعر الخاص بالمركبات الثقيلة» كالتى تحمل الحبوب 
والأقطان والأخشاب والأعلاف وأنواع الليمون والجلود. والمرور فيه آمنء إذ 
توجد نقاط للشرطة كل فرسخ. ورجال الشرطة لصوص ويبتزون الناس» ولو 
كان الأمر بيدى لراقبت الطريق بدوريات من جنود الفرسان» من المجندين 
الشبان بقيادة قائد قوىء ولكن الشرطة على الأقل لا تواجه أية منافسة. يمر 
هنا جميع أنواع الناس وشتى الطوائف. انظر! أمامك براهمينيون»: ودباغو 
الجلود»ء ورجال البنوك. والسمكرية والحلاقون وصغار التجار والحجاج 
والخزافون! الدنيا كلها رائحة غادية. وهو يمثل فى نظرى نهرًا انسحبت منه 
فرسوت على شطه مثلما ترسو قطعة خشب بعد الفيضان. 

والحق أن منظر طريق البضائع العظيم منظر رائع. فهو طريق مستقيم 
وغير مزدحم ويتحمل حركة مرور الهند مسافة ١1٠١‏ كيلو مترء فهو نهر 
حياة لا يوجد مثيل له فى أى مكان آخر فى العالم. ونظر الجميع إلى طوله 
الذى تحفه الخضرة وتكسوه الظلال» وإلى عرضه الأبيض الذى يسير البشر 
فيه ببطءء وشاهدوا مخفر الشرطة الذى يتكون من حجرتين قبالتهم. 

وصاح كونستابل (رجل شرطة) ضاحكا حين لمح سيف الجندى "من 
يخرق القانون بحمل السلاح؟ ألا تكفى الشرطة للقضاء على الأشرار؟". 

وكانت الإجابة ”لقد اشتريته من أجل الشرطة. هل كل شىء على ما يرام 
فى الهند؟". 





١ /أذه‎ 





"كل شىء على ما يرام أيها الفارس الرئيس“. 

”افهمنى! إنذى مثل سلحفاة غجوز» أخرج رأسى من مكمنها ثم أعيدها 
مرة أخرى. نعم هذا طريق هندوستان» كل الناس يأتون من هذا الطريق...“. 

وارتفع فجأة صوت يصيح: 

يا ابن الخنزير» هل جُعل الجانب اللَيّنْ من الطريق لك حتى تحك ظهرك 
فيه؟ يا والد جميع بنات العار وزوج عشرة آلاف فاسقةء أمك كانت تعبد 
شيطانا بعد أن قادتها أمها إليه. لم يكن لعماتك أنوف على امتداد سبعة أجيال! 
وأختك - أى خطايا البومة جعلتك تسير بعرباتك على الطريق؟ عجلة 
مكسورة؟ فلتنكسر رأسك إذن حتى تجمع بين الاثنين فى الوقت الذى يحلو 
لك!". 

كان الصوت مصحوبًا بصوت مفزع من طرقعة السياط ينبعث من عمود 
من الدخان على مسافة خمسين متراء حيث انهارت إحدى العربات. وانطلقت 
فرسة نحيلة طويلة من خيول كاثياوارء بعينين حمراواين وأنف ملتهب» 
خارجة من وسط المعمعة وهى تنخر وتتألم وراكبها يحثها على الركض فى 
الطريق وراء رجل يصرخ ويصيح. كان الراكب طويلا ذا لحية وخطها 
. الشيب» وقد التصق بدابته كأنما أصبح جزءًا منهاء وأخذ يضربها بالسياط 
بأسلوب علمى بين فترات اندفاعها. 

وأضاء وجه الرجل الهرم بالكبرياء. وقال بإيجاز ”ولدى!” وهو يكافح 
لضبط زمام المهر حول رقبته التى اتخذت شكل قوس بديع. 

وصاح صاحب العربة ”هل أضرب أمام الشرطة؟ العدل! أبغى إقامة 
لعل ا 

”هل يحتجزنى قرد يصرخ ويقلب عشرة آلاف زكيبة تحت أنف فرسة 
صغيرة؟ ذلك كفيل بالقضاء على الفرسة“. 


١ 








وقال الرجل الهرم ”إنه يقول الحق. لقد صدق فيما قال. ولكن الفرسة تتبع 
صاحبها تمامّا“. ودخل صاحب العربة تحت عجلات عربته وجعل يطلق من 
مكانه التهديد بشتى ألوان الانتقام. 

وقال الشرطى بنبرات رزينة "أبناؤك رجال أقوياء“ وهو يسوك أسنانه. 

وضرب راكب الفرسة ضربة واحدة لاذعة بسوطه وأقبل راكضنا. 

وصاح وهو يربط فرسته على مسافة عشرة أمتار ويترجل ”والدى!“”. 

وهبط الرجل الهرم من صهوة مهره على الفورء وتعانقا مثلما يتعانق 
الأب والابن فى الشرق. 


الفصل الرابع 
لكا الك اانا كر ينا 
بل هُو ألْعن أَنتّى قاميدةٍ تَحْيا! 
تح حك وسالم وتحائل | 
وتراوغ حتى تتبَعَها أو تَدفِعْك كما تَبْغِى. 
إن رَحَبْت بها اشتاقت لغريب! 
إن سْقَاهَا تَتَعلل كئ تممْضيى ! 
إن أذركت صفاقتها ومَضيْت وَحَمسب 


و م و 5 هار 
جاءتك الفاجرة وشذت كمك. 


ل ل 0 
امنح هُنا أو امت كيف ثيئت. 
فشوق واتى السعة حلدي :داتنا شتعن؟ 
(قبعة التمنى) 
وشرعا يتحادثان بعد أن خفضا أصواتهماء واتجه كيم إلى ظل شجرة حتى 
يستريح ولكن اللاما ظل يشده من مرفقه فى جزع. 
"قلق ادل الشوى: لبس القير ننا": 
”فعلاً. ألم نسر معًا مدة كافية؟ لن يهرب نهرنا. الصبرء وسوف يكافئنا". 
وقال الجندى الهرم فجأة ”هذا صديق النجوم. جاءنى بالأنباء يوم أمس. 
كان قد رأى الرجل نفسه؛ فى ررؤياء وهو يصدر الأوامر بالحرب". 


١1 








وقال ابنه بغمغمة عميقة فى صدره العريض ”تصادف أن سمع شائعة فى 
السوق فانتفع بها". 

وضحك أبوه قائلاً ”على الأقغ لم يأتنى راكبًا طالبًا منى جوادًا جديذاء 
وتَعلَّمُ الأرباب كم من الروبيات! هل صدرت الأوامر أيضنا لفرق إخوتك؟". 

”لا أدرى. أخذت الإذن وجئت إليك بسرعة حتى...“. 

"حتى لا يسبقوك بالسؤال! كلكم مقامرون مبذرون! ولكنك لم تشارك بعد 
فى أى هجوم للفرسان. ذلك يحتاج إلى جواد ممتاز حقا. تابع مجتهد ومهر 
جيد أيضًا عند الزحف. فلننظر فى الأمر... فلننظر فى الأمر“. وجعل ينقر 
حلقة سرج المهر. 

"لين هذا :مكانا مقانيثا للخشاباك :نا أبن فلنذ هيه الى مدن لك“ 

"ادفع على الأقل شيئًا للصبى. ليست معى نقودء وقد أتانا بأنباء طيبة. أنت 
يا صديق العالم كله» ستنشب حرب كما ذكرت . 

ورد كيم برباطة جأش ”قطعًا! فأنا أعرفء إنها الحرب". 

وقال اللاما وهو يتلمس مسبحته "ماذا؟"” - كان ينوق إلى العودة للمسير. 

”أستاذى لا يُزعج النجوم لكل من يدفع. أتينا بالأنباء» ولتشهد على ذلك» 
أتينا بالأنباء وسوف نرحل الآن”. وقبض كيم يده نصف قبضة إلى جانبه. 

وألقى الابن عملة فضية لمعت فى ضوء الشمسء مغمغما بألفاظ مبهمة 
عن المتسولين والسحرة. كانت قطعة من أربع 'أنات* وتكفى شراء خير طعام 
لهما عدة أيام. وشاهد اللاما بريق العملة فتمتم يدعو للرجل البركة. 

وقال الجندى الهرم وهو يستدير فوق دابته النحيلة “امض لحال سبيلك يا 
صديق العالم كله. لأول مرة فى حياتى الطويلة أقابل نبيًا حقيقيّاء نبيًا لم يسبق 
له الانخراط فى الجيش“. 








واستدار الوالد وولده معاء وكان انتصاب الرجل الهرم فى جلسته يضاهى 


انتصاب الشاب. 
وكان شرطى بنجابى يرتدى سروالا قطنيًا يتسكع عبر الطريق» وكان 
قد لمح تقديم المال. 


وصاح بلغة إنجليزية باهرة قائلا "قف! ألا تعرف أنه لابد من دفع رسوم 
قدرها اناه على كل فردء أى ما مجموعه أربع 'أنات ٠‏ على الذين يدخلون 
الطريق الكبير من هذه الحارة الجانبية؟ أنه أمر السركار (الملك الهندى) 
والثقوة شخصضية لحورس الأشجازر وتخميل الطوى' 

وقال كيم "وملء بطون الشرطة“ منفلتا كى لا تطوله يد الشرطى ثم قال 
"فلتنظر لحظة يا رجلا رأسه من الطين! هل تظن أننا أتينا من أقرب بركة 
مثل الضفدع الذى تزوجت بنته؟ هل سمعت يومًا ما اسم أخيك؟". 

وصاح شرطى ذو رتبة أعلى» فى سرور غامر ”ومن كان هذا؟ دع 
لصوي نا ترواس لكي لوب اذى اضرف 

"انتز ع بطاقة وجدها على زجاجة مياه غازية وألصقها على أحد الجسورء 
راك نه لدوم مر الن وترون لوذه بر كاعد قاد أنه لم عكار 

حتى أتى رجل إنجليزى وشدخ رأسه. اسمعنى يا أخ! أنا غراب من المدينة لا 
من الريف! . 

وصاح كيم فى مرح قائله ثلا للاما "اع كنيد يوا با ليدعتل ؟ الى لي أقه 
بإرشادك لالتقطت الأرض كلها عظامك قبل ل نبتعد عن لاهور بعشرة 
أصيال”: 

وقال اللاما مبتسما بنبرات بطيئة ”أتساءل فى نفسى إن كنت مجرد روح.: 
أحياناء أو كنت عفريتا شريرا فى أحيان أخرى". 








ووه كيم كاقلا وهو تكانىئ يبعز اكه نفطر اك لقا “ندى نونك" كانت 
الخطوات التى يصعب وصفها من سمات الشريد الذى يقطع المسافات الطويلة 
فى كل مكان فى العالم. ' ظ 

زمقو اللانا فاقلا “فلمقن الآن “.و انظلقا سيان خطلوات: تقفق مع رقا 
عبات «السنيكة هدافتين. مياد .من سد فيل كاق اللثما: كدهده مستدر قا فى 
تأملاته» ولكن عينى كيم البراقتين كانتا مفتوحتين إلى أقصى حد. وقال كيم فى 
نفسه إن نهر الحياة العريض البسام الذى يسيران فيه أفضل كثيرًا من شوارع 
لاهور المكتظة الضيقة. كان يشاهد فى كل خطوة أناسًا جُدَدًا ومناظر جديدة. 
طوائف يعرفها وطوائف لم يعهدها من قبل قط. 

قابللا جماعة من المنبوذين» الذين يسمون 'سانسى'» وهم أحط طائفة: 
وكانوا يتسمون بطول الشعر والروائح النفاذة» ويحملون سلالاً على ظهورهم 
وضعوا فيها السحالى وغيرها من الأطعمة القذرة» وكلابهم تتبعهم وتتشمم 
أعقابهم. كان هؤلاء يلتزمون بالجانب الذى يسيرون فيه من الطريق» 
ويتقدمون بخبب مسرعين كأنما يهربون من شىء»؛ وكانت الطوائف الأخرى 
جميعًا تفسح الطريق لهم. إذ إن ”السانسى* نجاسة عظيمة. وكان يسير من 
خلفهم رجل أُطلق سراحه قبل قليل من السجن؛ ولم يكن قد نسى أيام الأصفاد 
الحديدية الثقيلة فى رجليه» فكان يسير على مبعدة بخطوات صلبة عبر الظلال 
القاتمة» وكانت معدته الممتلئة وبشرته الزاهية تثبتان أن الحكومة تطعم 
سجناءها أفضل مما يستطيع معظم الشرفاء إطعام أنفسهم. وكان كيم يعرف 
تلك المشية خير المعرفة وجعل يسخر منها كثيرًا عندما مرا به» ثم مر بهما 
شخص من فئة من فئات طائفة السيخ المتزمتة تدعى 'أكالى“» عيناه شاردتان» 
وشعره طليق. ويرتدى الملابس التى تتميز بالمربعات الزرقاء فى النسيج الذى 
يستمسك به أصحاب عقيدته» وعلى مخروط عمامته الزرقاء العالية تبرق 
حلقات فولاذية» وكان عائدًا من زيارة قام بها لإحدى ولايات السيخ المستقلة: 
حيث كان يتغنى بالأمجاد العريقة لما يسمى 'خالصاء أى جماعة السيخ 
ومعبدهاء إلى عدد من الشباب الواعد الذى تخرج فى الجامعة» وكانوا يرتدون 


اا 








أحذية برقاب طويلة وسراويل من نسيج الكورد الأبيض. وحرص كيم على ألا 
يزعج الرجلء فإن فتة 'أكالى' تتسم بضيق الصدرء وسرعة التطاول بالذراع! 
وهنا وهناك كانت تقابلهم أو تتخطاهم حشود تمثل قرى كاملة خرجت لتشهد 
بعض الأسواق المحلية» وكانت النسوة يقبن .خانلاة” اطفالين على جنوبهن 
خلف الرجالء والصبيان يتواثبون على عصى من قصب السكرء وهم يجرون 
نماذج ساذجة رخيصة من النحاس الأصفر للقاطرات» وهى التى تباع الواحدة 
منها بنصف بنسء أو يعكسون ضوء الشمس فى عيون من هم أفضل منهم, 
وإذا بقى لديك شك ما عليك إلا أن تبصر الزوجات وهن يضعن أذرعتهن 
السمراء بجوار بعضها البعض لمقارنة الأساور الزجاجية المعتمة التى 
اشترينها لتوهن» وهى التى تأتى من الشمال الغربى. وكان هؤلاء اللاهون 
الصاخبون يسيرون ببطءء أو يتنادون ما بينهم» أو يتوقفون للمساومة على 
الأسعار مع بائعى الحلوىء أو للصلاة فى بعض المزارات الدينية المقامة على 
جانبى الطريق؛ فبعضها هندوسىء وبعضها إسلامى» وهى التى تشارك فيها 
الطوائف الدنيا المؤمنة بهاتين العقيدتين بروح جميلة من عدم الانحياز. وقد 
فون الجاء صمت ارق انتعابتك رمق اناد يكلن مويفيطة مل طون دود 
مسرعةء. وسط سحابات الغبار المتماوجة» وإذا بهن يركضن فى جوقة تصدر 
كالاوز أصوات وقوقة لاهثة2» وكانت هذه فرقة تسمى فرقة *شانئجار' أى 
حاملات التراب» وكان نساؤها هن اللاتى يتعهدن بنقل التراب كله من جانبى 
الفلويق: :الذى كدو :تمميةا امد خط" الشركة التحقيم” اللتقجة شما لا كن تو انك أقد اذ 
رحّاءء وصدور ضخمة» وأطراف قوية» ويلبسن قمصانا زرقاءء ويهرعن 
شمالاً إن بلغتهن أنباء عمل جديدء ولا يضيعن الوقت فى السير فى الطريق. 
وكن ينتمين إلى طائفة لا قيمة للرجال فيهاء وكن يسرن عاقدات سواعدهن 
على صدورهنء بأعجاز تتأرجح» ورؤوس مرفوعة؛ كشأن النساء اللاتى 
يحملن الأتفال. وبعد قليل كانت تمر زفة عروس فى طريق البضائع الكبير 
تصحبها الموسيقى وتعالى الصيحات» إلى جانب العطر الفواح من الياسمين 
والورد الهندى الذى يعلو حتى على روائح الطريق غير الزكية. وكان هودج 


11 








العروس يبدو بقعة حمراء يتلألا فيها الترترء متمايلا وسط غبش الصباح؛ وأما 
المهر الذى كان العريس يركبه فكان مُزَيّنا بطاقات الزهرء وكان يميل إلى 
جانب الطريق للظفر ببعض الطعام من عربة أعلاف عابرة. وعند ذلك كان 
السخيفة» متمنيا لهما أن ينجبا مائة ابن ولا ينجبا بنات» على نحو ما يقول 
المثل. وأما ما كان يثير اهتمامًا أكبر ويدعو إلى صيحات أعلى فكان مرور 
أحد الحواة الجوالين مع بعض القردة التى لم يكتمل تدريبهاء أو مع دب 
ضعيف يلهث؛ أو امرأة ربطت قرون عنز إلى قدميهاء ثم شاركت هؤلاء 
الرقص على حبل نصف مشدودء وهو ما كان يجعل الخيل تجفل والنساء 
تصيح بأصوات حادة والجمهور يصدر صيحات دهشة مديدة. 

لم يرفع اللاما بصره مرة احدة. لم يلحظ المرابى فوق صهوة فرسته 
بمؤخرتها التى تشبه عجز الإوزة» وهو يسرع فى طريقه لجمع أرباح الربا 
الباهظة؛ ولم يشهد الحشد الصغير الذى يطيل صيحاته بنبرات عميقة» حشد 
الجنود من أبناء البلد الذين حصلوا على إجازة فانطلقوا يمرحونء وإن كانوا لا 
يزالون بالتشكيل العسكرى الرسمى» فرحين بالتخلص من سراويلهم وأربطة 
سيقانهم» وأخذوا يوجهون أفظع الألفاظ إلى أشد النساء وقارًا وحشمة من 
حولهم. بل ولم ير بائع مياه نهر الجانجيزء وكان كيم يتوقع أن يشترى 
اللاما زجاجة على الأقل من تلك المادة النفيسة. كان اللاما ينظر باستمرار إلى 
الأرضء» ويسير بالخطى المنتظمة نفسها ساعة بعد ساعة» وروحه مشغولة فى 
مكان آخر. ولكن كيم كان فى السماء السابعة من الفرحة. وكان هذا الجزء من 
طريق البضائع الكبير مبنيا فوق ربوة أقيمت بصفة خاصة لحماية الطريق من 
فيضانات الشتاء التى تأتى من سفوح الجبال» وهكذا كان السائر فيه كأنما يسير 
ممر فاخرء فيشاهد الهند كلها منبسطة إلى اليمين وإلى الشمال. كان المشهد 
جميلا: مشهد عربات الحبوب والقطن التى تجرها ثيران كثيرة وهى تزحف 


١16 








فوق الطرق الريفية» وكان المرء يستطيع أن يسمع صرير محاور عجلاتها 
وهى ترتفع كالأنين على مبعدة ميل كامل» ثم وهى تقترب ثم تصعد؛ مصحوبة 
بالصيحات والصرخات والشتائم» إلربوة العالية قبل أن تنتقل إلى الطريق 
الرئيسى الصلبء وسائقو العربات يسبون بعضهم بعضنا. ولم يكن يقل جمالا 
عن هذا مشهد الناس» وقد جمعت بين زرافاتهم بقع صغيرة من الألوان 
الحمراء والزرقاء والوردية والبيضاء والصفراءء أثناء تحولهم للذهاب إلى 
قراهمء قبل أن يتفرقوا إلى جماعات أصغرء لا تزيد كل منها عن اثنين أو 
ثلاثة» عبر السهل المنبسط. وكان كيم يشعر بذلك كله دون أن يستطيع التعبير 
عن مشاعره؛ ومن ثم فقد اكتفى بشراء قصب السكر المقشور وبَصق ما يبقى 
منه بعد مَصّه فى كل مكان على الطريق. وكان اللاما يتناول النشوق من وقت 
لآخرء ولكن كيم لم يستطع أن يتحمل الصمت فترة أطول. 

فقال ”هذه أرض طيبة. أرض الجنوب (أى جنوب جبال الهميلايا). 
فالهواع :ليت والماء طيتع هاو أيلك»”: 

فقال اللاما ”والجميع مربوط بالعجلة. مربوط من حياة إلى حياة. لم يُكشف 
النقاب عن الطريق لأى من هؤلاء“. ثم انتفض كأنما ليعود إلى هذا العالم. 

وقال كيم ”لقد أصابنا الإرهاق بعد هذا الطريق الطويل. لابد أن نمر قطعا 
بمكان نستريح فيه. هل نمكث هناك؟ انظر! الشمس تميل إلى المغيب". 

"نو الاي اتسنا بخ | االسونا 

”لا فرق بين هذا وذاك. فالبلد زاخرة بالكرام. أضف إلى ذلك“ ثم خفض 
صوته حتى أصبح أدتنق من الهفس "معنا تقد . 

واشتدت: كتافة الجمهور وهما يفتزبان. .من مكاق الزاحة :الذى تنتهى عندة 
رحلة نهارهما. كان كل ما يميز مكان الراحة فى طريق البضائع الكبير صف 
من الأكشاك التى تبيع الأطعمة البسيطة والتبغ» وكومة من الحطب» و 


11 





للشرطة؛ وبئرء وحوض تشرب منه الخيل» وبضعة أشجار ومن تحتها مساحة 
من الأرض التى وطتتها الأقدام وتنتثر فيها بقع سوداء من أثر مواقد نيران 
قديمة» هذا إذا استثنيت المتسولين والغربان» وكلاهما جوعان. 

فى هذا الوقت كانت الشمس تطلق سهامًا من الأشعة الذهبية العريضة 
عبر الغصون الدنيا لأشجار المانجوء والببغاوات والحمائم تعود بالمئات إلى 
أوكارهاء وطيور الزرزور الثرثارة ذات الظهر الرمادى تناقش مغامراتها فى 
ذلك النهارء وتسير فى مجموعات من اثنين وثلاثة على الأرض كأنما من 
تحت أرخل السائزين»:وكانت» التقلات والصراعاة ما بي الغصون:تدل علن 
أن الخفافيش قد استعدت للانطلاق فى رحلتها الليلية. وسرعان ما اجتمعت 
أشعة الغروب فصبغت بلون أحمر كالدم - لحظة عابرة - وجوه الناس 
وعجلات العربات وقرون الثيران. ثم هبط الليل» فغير ملمس الهواءء ملقيًا 
غشاوة دانية منتظمة» كأنها خيوط بيت أزرق نسجته عنكبوت» فوق وجه البلد. 
وناشرًا رائحة حادة متميزة» تجمع بين دخان الأخشاب والماشية» والرائحة 
الطيبة للكعك المخبوز من القمح على رماد الجمرات. وأسرعت دورية المساء 
خارجة من مخفر الشرطة؛ مصدرة ما ينم على أهميتها من أصوات السعال 
والأوامر المتكررة. وتوهجت جمرة متقدة بلونها الأحمر فى قلب شيشة سائق 
عربة يستريح على جانب الطريق» ولمحت عينا كيم إذ ذاك - بصورة آلية - 
آخر بريق لشمس الغروب منعكسا من ملقاط الشيشة المصنوع من النحاس 
الأصفر. 

كانت حياة محطة الراحة تشبه إلى حد كبير سراى كشمير ولكن على 
نطاق أصغر. وانغمس كيم فى الفوضى الآسيوية الهنيئة التى لابد أن تأتيك: 
إذا صبرت وحسبء. بكل ما يحتاجه الرجل البسيط. 


صر 


كانت حاجاته قليلة» فالطعام المطبوخ فى أقرب كشك مقبولء ما دام اللاما 
لا يعترض مثل الهنود على تناول طعام طبخه شخص أدنى طائفة منه» ولكن 
كيم كان يطلب الترف فاشترى بعض 'الجلة* (الوقود المصنوع من روث 





دا 





البهائم) حتى يوقد نارًا. وكان الناس من حوله رائحين غادين حول ألسنة 
اللهب» والرجال يصيحون طالبين الزيت أو الحبوب أو الحلوىء؛ أو التبغ) 
متزاحمين وهم ينتظرون أدوارهم عند البئر. وتحت أصوات الرجال كان 
يمكنك أن تسمع من العربات الوأقفة أو المغطاة بعض الصرخات والقهقهات 
العالية من النساء اللآتى لا يجوز الكشف عن وجوههن للناس. 

ويعتقد أبناء البلد المثقفون هذه الأيام أنه إذا أرادت نساؤهم السفرء وهن 
يقمن بزيارات كثيرة» فمن الأفضل اصطحابهن بالسكة الحديدية» فهى أسرع. 
وبها المقصورات المغطاة بالصورة الصحيحةء. وقد بدأت هذه العادة فى 
الانتشار. ولكن أصحاب التقاليد العتيقة لن يختفواء وهم الذين لا يفعلون إلا ما 
فعله أسلافهم,. وأهم من هؤلاء العجائز المحافظات على التقاليد أكثر من 
الرجال» وهن اللاتى عادة ما يقمن بالحج فى أواخر أيامهن. وما دُمْنَ ذابلات 
غير مرغوب فيهن» فهن لا يعترضن» فى ظروف معينة» على الكشف عن 
وجوههن. وهكذا فبعد عزلتهن الطويلة التى لم يتوقفن خلالها عن الارتباط 
العملى والتجارى بألف مسألة ومسألة» يهوين صخب الطريق العام وضجيجه؛ 
وتفوية الالحظاعاةة :عند الفيوار اانه الدينية» و احصمالات: التركزة الكن للا تمد وال 
تحصى مع أمثالهن من العجائز. وغالبًا ما يناسب أسرة تعرضت لمعاناة 
طويلة أن تخرج منها امرأة حادة اللسان ذات إرادة فولاذية فتتلهى فى أرجاء 
الهند بهذا الأسلوب؛ فلا شك أن الحج يعبر عن الامتنان للأرباب. وهكذا فأنت 
تجد فى شتى أرجاء الهندء وفى أقصى البقاع النائية» مثلما تجد فى أقربها 
للناس» مجموعة ما من رجال وخط الشيب شعرهم ويقومون بالخدمة متولين 
اسميًا أمر سيدة عجوز تحتجب بصورة ما خلف الستار وتختفى عن الأنظار 
فى عربة تجرها الثيران. وأمثال هؤلاء الرجال يتميزون بالرزانة والكتمان» 
فإذا اقترب أوروبى أو رجل من طائفة علياء عمدوا إلى إخفاء من يرعونها 
متخذين احتياطات بالغة التعقيد» وأما فيما تتيحه رحلات الحج من فرص 
عَادئة هازضنة فإديى لأ يتقذون: هذة الاحتاظاكه فالنيدة: العهوق. أر لوقيل 
كل شىءء تتمتع بنزعة إنسانية عميقة وتحيا لتبصر الحياة. 





١148 


ولاحظ كيم وجود عربة عائلية تجرها الثيران محلاة بألوان الزينة 
البهيجة» يعلوها غطاء مزركش من قبتين» مثل الجمل ذى السنامين» وكانت قد 
كلت لتوها محظة :الراحة: و كاق :ثمائية وهال يشتكلون: 'حاكنيتها' »شان متهم 
مسلحان بسيوف علاها الصدأء وهو دليل قاطع على أنهما يتبعان شخصية 
بارزة» فالناس العاديون لا يحملون أسلحة. وارتفع من وراء الستار صخب 
مختلط من الشكاوى والأوامر والفكاهات والألفاظ التى يعتبرها الأوروبى 
بذيئة. كان فى العربة» بوضوح. امرأة اعتادت إصدار الأوامر. 


وحَدّق كيم بدقة فى أفراد الحاشية. كان نصفهم ذوى سيقان : نحيلة» ولحى 
وخطها الشيب» من مقاطعة أوريساء عدي الشاطئ الشرقى شمالى مدراس» 
وهى منطقة سهلية. ونصفهم الآخر يرتدون معاطف من الصوف وقلنسوات 
من اللبادء إذ كانوا من أهل جبال الشمال» وكان هذا المزيج بينهما ذا دلالة 
خاصة؛ حتى لو لم يكن قد استمع عرضنا إلى المنابذات التى لا تنقطع بين 
القسمين. كانت السيدة العجوز تتجه جنوبًا فى زيارة ماء وربما كانت تقصد 
ان أقربائها الأغنياء؛ وخلي الأرجح أن يكون زوج بنت لهاء وهكذا أرسل 
إليها هذه المجموعة لمرافقتها دليلا على الاحترام. فأما أبناء الجبال فلابد أنهم 
من عشيرتهاء من مدينة ”كولو* أو 'كانجرا2ء فى شرقى الينجاب 
(بالقرب من كشمير). وكان من الواضح تمامًا أنها لا تصطحب ابنتها للزفاف 
وإلا لأحكم إسدال الستائر ولحرص الحراس على عدم اقتراب أحد من العربة. 
وقال كيم فى نفسه إنها سيدة مرحة ذات روح معنوية عالية» وكان يوازن بين 
قرص 'الجلة»ء فى إحدى يديه وبين الأكل الذى طهاه فى الأخرىء ويوجه 
اللامأ بنغزة من كنفه. قائلا إنه يمكن الخروج بشىء من هذا اللقاءع.» وإن لم 
يساعده اللاما قطي ولعن ما دام كيم دا ذأ صمير حى »)2 فسوف بيبسعده أن 
يتسول لهما معا. 

وأقام موقده فى أقرب مكان إلى العربة جرؤ على أن يشغله منتظرا أن 
يأمر بطرده أحد أفراد الحاشية. وتهاوى اللاما من الإرهاق على الأرضء» 
مثلما يقبع خفاش من أكلة الفاكهة إذ أثقله الطعام» وعاد إلى مسبحته. 





11 





وجاء الأمر بصيحة من فم أحد أبناء التلال بلغة هندوستانية مكسرة "ابتعد 
أيها الشحاذ من هنا!“. 

وصاح كيم ملتفتا من فوق كتفه ”هوه! ليس إلا ابن الجبال! منذ متى 
أصبحت حمير الجبال تملك هندوستان كلها؟". 

كان الرد يمثل صورة سريعة ورائعة لسلالة نسب كيم منذ ثلاثة أجيال. 

وقال كيم وهو يكسر قرص الجلة إلى قطع مناسبة» بصوت أرق مما 
استطاعه يومًا ماء ”آه! فى بلادى أنا نسمى هذا بداية حديث الغرام!”. 

وصدر صوت حاد لاذع من وراء الستارة فألهم رجل الجبال أن يطلق 
سهما آخر يثبت به صلابته. 

وقال كيم فى هدوء ”لا بأس بهذا. لا بأس بهذا. ولكن حاذر يا أخى وإلا 
قررنا - أقول قررنا نحن أن نستمطر عليكم لعنة فى مقابل ذلك. وتمتاز 
لعناتنا بأنها تصيب الملعون فى مقتل”. 

وضحك الرجال أبناء مدينة أوريساء ولكن ابن الجبال انتفض وتقدم من 
كيم فى هيئة الذى يهدد بشىء. وفجأة رفع اللاما رأسه فجعل ضوء الموقد 
الذى أشعله كيم لتوه يسقط كله على قبعته الأسكتلندية. 


قال "ماذا حدث؟ . 


وثوقف» الرخل: كأها استحال تحهزا وق فاكلا "لنا.... :انا خجوت: من 
ارتكاب خطيئة كبرى . 


ومين أذ أبناء أووننا "كه زه الأحنى السكاها لحي 
وظناكت" التندة الفحوة "لم لذ تخبررت: الوالة :الشتحاة مدر امير 13 


وتزافعابق (الهرال. .حكن اتن 7المريةوهنمن شين إل «السيتاوة) فسناة 
الصمت التام لحظة ثم سمع كيم تمتمات خافتة. 


١ 








وقال كيم فى نفسه "تسير الأمور سير حسنا“ وتظاهر بأنه لم يسمع أو 

وقال ابن الجبال فى نبرات تودد وتملق إلى كيم ”بعد أن - بعد أن - 
يأكل» نرجو أن يتكرم الرجل الربانى بالحديث مع شخص يريد أن يكلمه . 

وقال كيم بنبرات متعالية ”بعد أن يأكل سينام“. لم يكن يستطيع أن يرىء 
على وجه الدقة. المرحلة الجديدة فى اللعبة» ولكنه كان مصمما على أن يستفيد 
منهاء فقال ‏ "سوف أحضير له الآن طعامه“ - قالها بصوت عال واختتمها 
بتنهيدة كأنما كاد يغمى عليه. 

"سوف أتولى أنا ومن معى هذا الأمرء إن كان مسموحًا لنا”“. 

وقال كيم "مسموح“ بنبرة زاد تعاليها عن كل ما سبق مضيفا "أيها 
الربانى» هؤلاء الناس سوف يأتوننا بالطعام“. 

وغمغم اللاما كمن يغالب النعاس ”البلد طيبة. أرض الجنوب كلها طيبة... 
عالم كبير رهيب . 

وقال كيم ”دعه ينام الآن. ولكن احرص على أن يتناول خير طعام عندما 
يصحو. إنه رجل ربانى ذو قداسة . 


ومن جديد قال أحد رجال أوريسا عبارة تضمر الاحتقار. 


ووزاقك كس لبها مدزمة" مر كلظ در فدرم النوى< لقن :انزو د 
متسولى السهول. إنه أقدس الربانيين جميعًا. وهو فوق كل الطوائف. وأنا 
'تعال هنا!” قالها صوت نسائى حاد لا تنغيم فيه من خلف الستارة. فذهب 
كيم مدركا أن عيونا لا يستطيع أن يراها تحدق فيه. وامتد أصبع نحيل أسمر 
الوق انقله الخوانم.:فارتكن. .على. نحافة العرية».وجودن. الحزان :خلن ‏ النحى 
التالى: 





"نا هذا الشخصض؟”. 

”رجل ربانى إلى أقصى الحدود. موطنه ناء قصئ. إنه من التيبت”. 

"من أى: مكان فئ: القبت؟".: ؟ 

"من خلف الثلوج. من مكان بعيد جدًا. وهو يعرف النجوم ويستشف 
الطوالع ويقرأ دلالات الميلاد. ولكنه لا يفعل ذلك مقابل المال» بل بدافع 
العطف والإحسان الغامر. وأنا تلميذه. وأدعى أيضنًا صديق النجوم”“. 

الب يق أشاف الضال 

دانم :ممونت وول لكا ]نش رسلك» اانه عد التكوم لاذه لي ناد 
رحلة حجه . 

”هراء! اسمع أيها الصبى الشقى! إننى امرأة عجوزء ولم يبلغ بى الحمق 
أقصاه. وقد عرفت أكثر من لاماء وأقدم لهم التبجيل» ولكنك لست تلميذا بالحق 
إلا إذا كان أصبعى هذا عمود هذه العربة! أنت هندوسى لا طائفة له - متسول 
جسور لا يستحى» وقد ارتبطت على الأرجح بالرجل الربانى من أجل 
المكسب . 

”أفلا نعمل جميعًا من أجل المكسب؟* وغير كيم من نغمته فورًا حتى 
يجارى تغيير الصوت قائلا ”لقد سمعت - أن هذه القوس قد شدت بصورة 
عشوائية - كما إننى سمعت... . 

"ماذا سمعت؟*” كان ردها عقيفا يبصحية النقر تأصنهها: 

"لا شىء أذكره جيدًا بل بعض الكلام فى الأسواق» وهو لا شك مكذوب» 
الجيال 6 

الكنهم ينحدرون من دماء راجية طيبة”. 


١ ما‎ 


المكسب. وأما فى الجنوب فهم يبيعونهن لأصحاب الأملاك ونظرائهم فى 


مدينة ا 

إذا كان صغار راجات الجبال ينكرون شيئًا واحدًا فى الوجود فهو تلك 
التهمة وحسبء ولكن الواقع أن ذلك هو ما تؤمن به الأسواق» عندما ينخرط 
الناس فى مناقشة ألوان الاتجار بالعبيد والجوارى؛ وهى التجارة التى يكتنفها 
الغموض فى الهند. وشرحت السيدة العجوز بهمسات متوترة غاضبة إلى كيم 
كيف أصبح بقوله هذا كذابًا ذميمًا مبينة درجة الخبث وصورته فى قوله. 
وأردفت أنه لو كان افترى ما افتراه عندما كانت فتاة لعوقب بالقتل بأن يدهسه 
فيل فى مساء اليوم نفسه. وكان ذلك صحيحًا كل الصحة. 

وارتفع صوت كيم مولولاً فى رعب مبالغ فيه "لست سوى صبى متسولء 
كما قالك ”غين الحمال".منذ قليل!“. 

*عين الجمال حقا! ومن أنا حتى تمطرنى بمدائح المتسولين؟“ ولكنها 
ضحكت عندما سمعت التعبير الذى نسيه الناس من زمن بعيدء ثم قالت “كان 
يمكن أن يقال هذا من أربعين سنةء دون أن يبتعد عن الحق. نعم» من ثلاثين 
سنة. ولكن الذئب ذنب هذا التسكع فى أرجاء الهند» فبسببه تتعرض أرملة ملك 
لحثالة أبناء الأرضء ويسخر منها الشحاذون”. 

وقال كيم على الفور “أيتها الملكة العظيمة“ حين سمعها ترتعد غضبًا 
"لست إلا ما وصفته الملكة العظيمة. ولكن معلمى رجل ربانى حقا. لم يسمع 
بعد ما أمرت به الملكة العظيمة من...“. 

”أمرت؟ أنا آمر رجلاً ربانيًا - مُعَلَمَا للقانون - أن يأتى ويخاطب امرأة؟ 
كال 1 

”اصفحى عن غبائى! ظننت أنه قيل بلهجة الأمر “. 

"لم يحدث. كان التماسا. هل هذا يوضح كل شىء“. 

ورنت عملة فضية على حافة العربة» فأخذها كيم وشكر المرأة شكرًا 


١ ا‎ 








جؤيا:: كانت الموأة شوك :أنه..ها .دام كيم . عينى :اللذنا :وأذنيه: فلايد من 
إرضائه. 

"لست إلا تلميذ الرجل الرباني. ربما يأتى بعد أن يأكل”“. 

وهزت المرأة أصبعها المُحَلّى بالجواهر تجاهه وهى تقول بنبرات التأنيب: 
"يالك من وغد خبيث لا تستحى!* ولكن كيم سمع قهقهة العجوز فى العربة. 

”لا لا! قولى ما الأمر؟"؛ وتحول كيم إلى أشد نبراته عطفا وإيحاءً بالسرية 
- كان واثقا أن أحدًا لا يستطيع مقاومة الاستجابة لهذه النبرات» فاستمر يقول: 
"هل يحتاج أحد فى الأسرة إلى إنجاب مولود ذكر؟ تحدثى بصراحة» فنحن 
الكهان “ وكانت العبارة الأخيرة قد سرقها كيم من أحد 'الفقراء* عند بوابة 
تكسال: 

"نحن الكهان؟ لم تبلغ بعد العمر اللازم ل..“ وأوقفت الفكاهة بضحكة 
أخرى. "صدقنى» إننا نحن النساء نفكر من حين لآخرء أيها الكاهن؛ فى أشياء 
أخرى سوى الأبناء. أضف إلى ذلك أن ابنتى قد ولدت ابنها الذكر". 

"سهمان فى الجعبة خير من واحدء وثلاثة خير أعظم”» وكان كيم يردد 
المثل الذى اقتبسه وهو يسعل سعلة تفيد التأمل؛: ناظرً!ا نظرة كتمان إلى 
الاركن:. 

"أصحيح, قطعا صحيح. ولكعن ربما أتى ذلك. والبراهمينيون أبناء السهول 
فعلة لا" بو يم منهم فائدة. لقد أرسلت إليهم هدايا وأفة له وأردفتها بهدايأ 
أخرىء فأتونى بنبوءات". 

وقال كيم ”1ه“ فأطال فيها معربًا عن احتقاره الشديد ثم قال "تنبأوا!“ لم 
يكن فى وسع محترف أن يتفوق على كيم فى ذلك. 

"ولم يقدر لى أن يستجاب دعائى إلا حين تذكرت أربابى أنا: فاخترت 
ساعة ميمونة» وربما سمع رجلك الربانى عن رئيس دير لونجتشوء فهو الذى 
أحلت الأمر إليه» وعندما حان الوقت الموعود تحقق كل ما كنت أنشده. وقال 





١_7 





البراهمينى فى منزل والد ابن ابنتى بعد ذلك إن الذى حدث كان نتيجة صلواته 
هو. وهذا خطأ صغير سوف أشرحه له عندما نصل إلى نهاية رحلتنا. وهكذا 
أذهب بعد ذلك إلى 'بوذ جايا2 حتى أقوم بشعائر الترحم وإحياء ذكرى والد 
أطفالى - أى شعائر *شراذا“'“. 

"نحن ذاهبان إلى هناك". 

وقال المرأة بصوت منغوم ”فى هذا يُممْنٌ مضاعف! ابن ثان على الأقل!“. 

وكان اللاما قد صحا فقال ”يا صديق العالم كله!”, كان يشبه فى بساطته 
طقلا عهحا فأحين جالحيرة حدن وعد ته فى فز امن غريبء فنادى كيم. 

"قادم! أنا قادم أيها الربانى!”» وانطلق تجاه النار حيث وجد اللاما وقد 
وضعت حوله من قبل أطباق الطعام» ورجال الجبال يظهرون تقديسهم له. 
وأبناء الجنوب ينظرون فى شراسة. 

وصاح كيم ”انصرفوا! انسحبوا! هل نأكل أمام الناس مثل الكلاب؟”. 
وانتهيا من الوجبة فى صمتء وقد ابتعد كل منهما عن صاحبه قليلاء واختتم 
كيم طعامه يتدخين سيجارة محلية. 


"ألم أقل مائة مرة إن الجنوب أرض طيبة؟ هذه أرملة فاضلة كريمة 
المحتد» وكان زوجها من راجات الجبال» وتقول إنها فى رحلة حج إلى 
'بوذ جايا". إنها هى التى أرسلت إلينا هذه الأطباق» وهى تريد أن تتحدث إليك 
بعد أن تستريح تمامًا". 

وقال اللاما وهو يأخذ مقدارا كبيرًا من النشوق ”هل فعلت أنت هذا 
أحضمًا 1 . 


وقال كيم ”ومن سواى تولى رعايتك منذ أن بدأت رحلتنا الرائعة؟'". 
وتراقصت عينا كيم فى رأسه وهو ينفث الدخان العفن من أنفه ويتمطى على 
الأرض المتربة. 

'"هل عجزت عن الإشراف على وسائل راحتك أيها الرجل الربانى؟”. 


١ “5 








دلت هلتك البرقة" .: ز امال اللامة ر أمنة الوقون .مين "كته غرفت عنر ا 
من الرجال فى حياتى الطويلة» وعددا غير قليل من التلاميذء ولكن قلبى لم 
يمل إلى أحد من الرجال مثلما مال إليك؛: إن كانت قد ولدتك امرأة» فأنت ذو 
حكن و لتويك لففة اعرد الصغار”. 

وقال كيم "ولم أشاهد فى حياتى كاهنا متلك“. وجعل يتأمل الوجه الأصفر 
الذى يشيع فيه الخير وينظر فى غضونه عَصَْئنا غضناء مردفا "لم تنقض ثلاثة 
أيام كاملة منذ أن انطلقنا فى مسيرتنا على الطريق معاء لكننى أشعر أنها كانت 
مائة عام“. 

"ربما قد سمح لى فى حياة سابقة أن أؤدى لك خدمة ماء وربما“ - وابتسم 
- ”حررتك من فخ وقعت فيه» أو اصطدتك فى الشص فى أيامى قبل التنويرء 
ثم ألقيت بك من جديد فى النهر“". 

وقال كيم بهدوء ”ربما“. كان قد سمع هذا النوع من التأملات عدة مرات. 
من أفواه أعداد كبيرة لا يعتبرهم الإنجليز ذوى خيال خصب. ”والآن. بصدد 
تلك المرأة فى العربة التى تجرها الثيران. أظن أنها تحتاج إلى أن تلد بنتها 
ولدًا ذكرًا آخر“. 

وكاوعة اللكنا فاكلا امون هه تعد اق الكلر وق بلقني تقل رافق فق 
الجبال. أه للجبال والثلج فوق الجبال!”. 

ونهض وسار إلى العربة. وكان كيم على استعداد لأن يدفع أذنيه ثمنا 
لمرافقته» ولكن اللاما لم يَدْعْهء كما إن الكلمات القليلة التى التقطتها أذناه كانت 
بلغة مجهولة» إذ كانا يتحدثان بلهجة دارجة من لهجات الجبال. وكانت المرأة 
ا وكان يسمع من 

حين إلى آخر النغمة الجميلة التى * يُختتمٌ “يها بمقتظطف باللعة الصينية. كانت 
تسوره عزينة كنافدفا كيو نين مدان كت اح ناكا كاق تسب اناي 
مرفوع الهامة؛ وكانت التلافيف العميقة لملابسه الصفراء ترتسم فيها خطوط 
سوداء فى ضوء نيران محطة الراحة» تمامًا مثلما ترتسم الظلال التى تلقيها 


١ كا‎ 








الشمس الغاربة على جذع دوحة ذات عقد كثيرة» وكان يوجه خطابه إلى 
العربة العائلية الملونة والمزينة بالترترء وهى التى كانت تتوهج مثل جوهره 
متعددة الألوان فى تلك الأضواء المتراقصة. كانت الرسوم على الستائر 
المزركشة بالذهب تمتد إلى أعلى وإلى أسفلء. فيذوب بعضها فى بعض 
وتتشكل من جديد عندما ت تهتز تلافيف الستائر وترتعش فى أيدى رياح الليل. 
وعندما اشتدت نبرة الجد فى الحوار كان الأصبع المخلي ناكو اهن وطاق أشدعة 
كالشرار ما بين زركشة النسيج. وخلف العربة كان جدار الظلام المقلقل 
مُرقشا بألسنة لهب صغيرة» ويكتسب حياة من أشكال ووجوهٍ وظلال لا تلوح 
حتى تختفى. وكانت أصوات مطلع المساء قد كنك فاضتحت: ظنينا “ينهدا 
يبعث الطمأنينة» وكانت أعمق نغماته دقات حوافر الثيران المنتظمة فوق القش 
المهروس» وأعلاها رنين آلة “السيتارء الموسيقية فى أيدى راقصة بنغالية. 
وكان معظم الرجال قد تناولوا الطعام وأخذوا 'يشدون الأنفاس* العميقة من 
الشيشة التى تقرقر وتنخرء وكانت الشيشات عندما يحمى الوطيس تصدر 
أصواتا تشبه نقيق ذكور الضفادع. 

اكور كاف اللقناة كان أحقه ركاه الخلكلن سو كخرقه يلت لاا للا 
محشوا فنشره بحرص بالقرب من النار. 

وقال كيم فى نفسه ”إنها تستحق عشرة آلاف حفيد. ومع ذلكء فلولا 
جيودق ما حاءت :هذه الهدانا”: 

وشاطاك. حرركة- الأذماء :منطلا منصد كالكيل» النطنه قانلة "اقرأة 
فاضلة» وحكيمة". "العالم زاخر بالإحسان للذين تهون الويف" وألقى نصف 
اللحاف تمامًا فوق كيم. 

وتقلف كيم كدق تضويه مخ اللحافف: قأكلا "وماذ قالت؟": 


"سألتنى أسئلة كثيرة وطرحت مشاكل كثيرة» وكان معظمها حكايات باطلة 
سمعتها من كهان يعبدون الشيطان ويتظاهرون بأنهم يتبعون الطريق. بعضها 


١ اا‎ 








أجيت عنهء وبعضها قلت إنه ذو حماقة. الكثير يلبسون الرداءء والقليل 
يلتزمون بالطريق". 

"صحيح. هذا صحيح.“ واستغل كيم نغمة التروى والمصالحة التى يلجأ 
إليها من يريدون أن يعرفوا الأسرار. 

”ولكننى واثق أنها عاقلة رشيدة. فهى شديدة الحرص على أن نصحبها 
إلى ”بوذ جاياء» فحسبما أفهم سوف تسلك سبيلنا نفسه فى رحلة على امتداد 
أيام كثيرة إلى الجنوب". 

'وماذا أيضًا؟". 

"اضنين قليلاً: أحبت عن :هذا قائلا إق يحض مُقَدم على كل كنىء: كانت قد 
سمعت أساطير حمقاء كثيرة» ولكنها لم تسمع قط عن الحق الأعظم الخاص 
بنهرى. ذاك شأن كهان السهول الدنيا! قالت إنها تعرف رئيس دير لونج - 
تشوء لكنها لا تعرف شيئًا عن نهرىء ولا عن قصة السهم". 

ا 

"ومن ثم كلمتها عن البحثء وعن الطريقء وعن أمور رأيتها مفيدة. 

وقال كيم بصوت يغالبه النعاس ”ه! 'نحن النساء“ لا نفكر قطعًا إلا فى 
الأيناء: 

”والآن ما دام مسيرنا يتفق مع مسيرها فترة ماء فلست أعتقد أننا سوف 
ننحرف عن البحث إذا صاحبناهاء على الأقل حتى مدينة - نسيت اسم 
المدينة”. 


ع 
.ِل 


وصاح كيم ”أنت يا من هناك!“ ملتفتا وهامسًا بحدة لأحد أبناء أوريسا 
الذى كان يقف على مبعدة عدة أمتار ”أين منزل سيدك؟“. 


وقال الرجل "بعد مدينة سهارنيور بقليل (شمال دلهى بنحو ١٠١‏ كيلو 





١ 7/8 





مترا). وتقع القرية بين حدائق الفاكهة“. وحدد الرجل اسم القرية. 
وقال اللاما ”ذلك هو المكان. نستطيع أن نصحبها على الأقل إلى ذلك 
المكان . 8٠‏ 


وقال الرجل الأوريسى ”الذباب يحط على الجيفة“» وبدا أن ذهنه كان 
شاردا. 


وردد كيم مثلاً سائرا يقول ”البقرة المريضة لها الغراب» والرجل المريض 
له براهمينى“. كانت نبراته شبه جافة وهو يوجه كلامه إلى قمم الأشجار من 
فوقه. 

وأصدر الزتخل>ضموانا 4 لتخي ولزم ا لصيعة. 

"إذن سنذهب معها أيها الربانى؟“". 

"وهل لديك سبب يحول دون ذلك؟ لن أعجز أثناء السفر عن أن أحيد 
لأرى جميع الأنهار التى يعبرها الطريق. إنها ترغب فى أن أتى. ترغب فى 
هذا رغبة شديدة . 

وكتم كيم ضحكة تحت اللحاف. خطر له أن تلك المرأة العجوز المسيطرة: 
حين تشفى من رهبتها الطبيعية من اللاماء ربما تقول كلامًا جديرًا بالإصغاء 
إليه. 

كان كيم نصف نائم عندما سمع اللاما يردد فجأة أحد الأمثلة السائرة 
"سوف يتاب أزواجٌ الثرثارات ثوابًا عظيمًا فى الآخرة". ثم سمعه كيم يتناول 
النشوق ثلاث مراتء ثم دهمه النعاس ومازال يضحك. 

طلع الفجر ببريق ماسئ فأيقظ البشر والبقر والثيران معًا. واعتدل كيم فى 
جلسته وتثاءب؛ ثم هز جسده وقد غلبه السرور. كان ذلك يعنى رؤية الدنيا 
بحقيقة واقعهاء والحياة كما يتمناهاء حافلة بالحركة والصياحء ربط الأحزمة: 


١7 





جديدة فى كل مرة تلتفت فيها العين فتسعد. وزحف ضباب الصباح فى سحائب 
حاؤوتية “من فضة»: بو اتطلقت: الوغاو ات إلى أكة الأنهنان «الناية. فى: شود 
خضراء صارخة؛ وكانت السواقى, المقامة على الآبار التى على مسمع منه قد 
بدأت العمل. كانت الهند قد استيقظت وكان كيم فى الخضم» أشد استيقاظا 
وأكثر فرحًا من أى أحدء وكان يمضغ طرف غصن سوف يستخدمه على 
الفور سواكاء إذ إنه كان يستعير بيديه اليمنى واليسرى كل عادات البلد التى 
يعرفها ويحبها. لم يكن يساوره القلق بشأن الطعام» أو يحتاج إلى إنفاق فلس 
واحد عند الأكشاك المزدحمة» إذ كان تلميذ رجل ربانى ألحقته بحاشيتها امرأة 
عجوز ذات إرادة قوية. قال فى نفسه إن كل شىء سوف يُجَهَزْ لهماء وحين 
يُدْعَيَان باحترام إلى الطعام فسوف يجلسان ويأكلان. وأما بالنسبة لسائر الأمور 
- وقهقه كيم هنا وهو ينظف أسنانه - فسوف تزيد مضيفتهما من استمتاعهما 
بالطريق. وتفحص الثيران بنظرة دقيقة عندما أقبلت وهى تنخر وتزفر فى 
السفر. قال فى نفسه لو سارت الثيران بالعربة بسرعة أكبر مما ينبغى - ولم 
يكن ذلك محتملاً - فسوف يستمتع بمجلسه فوق عمود العربة» ويجلس اللاما 
بجوار السائق. وأما الأفراد المرافقون فسوف يمشون بطبيعة الحال. وبطبيعة 
الحال أيضًا سوف تقول السيدة العجوز كلامًا كثيراء واستنادًا إلى ما سمعه» لن 
تفتقر تلك المحادثة إلى 'المِلْح'! كانت قد بدأت بالفعل إلقاء الأوامرء والخطب 
المطولة؛ وعبارات التأنيب - ولابد من أن نضيف - لعناتها على الخدم 
لتأخر هم. 

وصاح رجل أوريسى "”أحضر لها غليونهاء باسم الأرباب أحضر لها 
غليونها حتى تسد فمها المشئوم” وهو يربط حرم كل فراش فى كتل لا شكل 
لهاء مضيفا: ”إنها مثل الببغاوات. بُصنْدِرن النعيب فى الفجر“. 


11 


ثيران المقدمة! أنثيه لثيران المقدمة!* كانت الثيران تتراجع وتستدير حين 
اشتبك محور عربة تحمل الحبوب بقرونها. "يا ابن البومة إلى أين تتجه؟". 
قالت ذلك إلى سائق العربة الذى افتر ثغره عن ابتسامة. 





١م‎ 





ونادى الرجل من خلفه بما يحمله من أثقال ”آى! ياى! ياى! فى داخل 
العربة ملكة دلهى» فى طريقها للصلاة من أجل ابن! أفسح الطريق لملكة دلهى 
ورئيس وزرائهاء القرد الرمادى إلذى يتسلق سيفه!“ وجاءت عربة أخرى 
تحمل لحاء الأشجار وتكاد تلتصق بعربة السيدة العجوزء وكانت هذه تتجه إلى 
مدبغة جلود فى السهول؛ وأضاف سائقها بعض ألفاظ 'المديح“ عندما تراجعت 
ثيران عربة السيدة مرتين. 

ومن خلف الستائر الذى. 3 تهتز انطلق وابل من الشتائم. لم يستمر وكات 
ولكنه كان يتجاوز كل شىء سمعه الناس حتى كيم نفسه» من حيث نوعه 
وأسلوبه وملاءمته الجارحة اللاذعة» واستطاع أن يرى سائق العربة وصدره 
العارى يهبط من الدهشة. والرجل يوجه تحية تبجيل إل الصوت» ثم يتب 
تاركا عمود العربة حتى يساعد أفراد الحاشية فى رفع العربة التى كانت 
كالبركان ووضعها على الطريق الرئيسى. وهنا ذكر الصوت له بحق حفيقة 
الزوجة التى تزوجها وما كانت تفعله أثناء غيابه. 

وتمتم كيم قائلا ”شوباش!“ (أى أحسنت!) إذ عجز أن يتمالك نفسه والرجل 
ينسل وحده مبتعدا. 

”هل 'أحسنت'* حقا؟ من العار بل والمخزى ألا تستطيع امرأة مسكينة أن 
تذهب للصلاة إلى أربابها إلا تعرضت لهذا التزاحم وللشتائم من جميع قمامة 
هندوستان. وهل قَدَرَ لها السم وللرجال السّمئن؟ ولكن لسانى لم يفقد بعد 
موهبته» وسوف يقول كلمة أو كلمتين تناسبان الموقف. وانظر! أين ذهب 
التبغ؟ من ذلك الأعور ابن الستّفاح الذى لم يجهز لى غليونى؟". 

وسرعان ما زج بالغليون داخل الهودج رجل من رجال الجبالء» فبدأت 
بوذن الفخاق الكقف: نتضا عد ين كل رركن مق أرركان الشقائق دلبلا على اعودة 
السلام. 


إذا كان كيم قد سار مزهوا ف فى اليوم السابق باعتباره تلميذ رجل ربانىء 
فإنه غذا اليوم يخطو بخطوات تنطق بعشرة مدال ذلك الزهو فى حاشية 


١8١ 





موكب نصف ملكىء مستمتعًا بمكان معترف به فى رعاية سيدة عجوز ذات 
أخلاق ساحرة وموارد لا آخر لها. وكان أعضاء الحاشية المرافقون يسيرون 
على جانبى العربة» ورأس كل منهم مربوط بالرباط 'البلدى'» وأرجلهم تثير 
سحائب هائلة من الغبار. ٠‏ 

كان اللاما وكيم يسيران على أحد الجانبين» وكان كيم يمص قصب 
السكرء ولا يسمح لفرد تقل منزلته عن "كاهن* أن يتخطاه. وكان فى 
مقدورهما أن يسمعا طرقعة لسان السيدة العجوز بانتظام يشبه انتظام مضارب 
تقشير الأرز. وطلبت من الحاشية إخبارها بما يدور فى الطريقء» وما إن خرج 
الركب من محطة الراحة حتى فتحت الستائر وأطلت من العربة» وبرقعها 
يغطى ثلث وجهها. ولم يكن رجالها ينظرون إليها مباشرة حين تخاطبهم وهكذا 
فقد كانت أصول اللياقة مراعاة إلى حد ما. 

ومر مأمور الشرطة بأحد الأحياء فوق حصان مرهق يخب خببّاء كان 
الرجل إنجليزيًا أسمر اللون شاحب الوجه يرتدى الزى الرسمى الذى لا تشوبه 
شنائية :“و لما “اتصيكتة» له من :وبكواك. حائفة المو أ متز لفيا أحسة: أب حفيظها 
فصاح: 

"والدتى! هل تفعل النساء ذلك فى الحرملك؟ فنفترض أن إنجليزيًا مر بك 
ورأى أنك لا أنف لك؟". 


وردت المرأة بصوت حاد النبرات "ماذا؟ والدتك لم يكن لها أنف؟ إذن 
لماذا تقول ذلك فى الطريق العام؟”. 

كان الرد منطقيًا فرفع الإنجليزى يده بحركة اللاعب الذى فاز خصمه 
بنقطة فى لعبة 'الشيش*. فضحكت المرأة وأومأت برأسها. 

ثم أزاحت لثام وجهها وحدقت فيه قائلة ”هل هذا وجه يغرى الفضيلة 
بالانحراف؟ . 


لم يكن الوجه جميلا على الإطلاق» ولكن الرجل قال وهو يشد زمام 


١م‎ 








فرسهء. إنها بدر الفردوس» ومغوية الصالحين» إلى جانب بعض الصفات 
الخيالية التى جعلتها تضحك حتى استلقت على وجهها. 

قالت ”إنه وغد! كل رجال الشوطة أوغادء ولكن رؤساءهم أسوأ الجميع. 
اسمع يا ولدى! هل تعلمت كل هذا منذ أتيت من أوروبا؟ من التى أرضعتك؟". 

””يهارية“- امرأة من تلال *دالهوزى' - والدتى. أسدلى النقاب على 
جمالك» يا من توزعين الملاذ” ثم انصرف. 

قالت فى لهجة جميلة حكيمة وهى تملا فمها باللوز الملفوف بورق الشجر 
المتبل: “هذا هو نوع الرجال الذين يعرفون الإشراف على العدالة: إنهم 
يعرفون البلاد وعادات البلاد. وأما الآخرون الذين قدموا لتوهم من أوروباء 
وأرضعنهم أمهات بيضاء وتعلموا لغاتنا من الكتبء» فهم أسوأ من الطاعون. 
فهم يسيئون إلى الملوك". ثم قصت قصة طويلة طويلة إلى العالم كله» عن 
شرطى شاب جاهل كان قد أزعج أميرًا من صغار راجات الجبال» وهو ابن 
عم لها من الدرجة التاسعة» فى مسألة تافهة تتعلق بإحدى قضايا الأراضىء ' 
مختتمة قصتها بمقتطف من كتاب أبعد ما يكون عن الدين. 


ثم تغير مزاجها وطلبت من بعض مرافقيها أن يسأل اللاما إن كان يقبل 
أن يسير بحذاء العربة ويناقش معها شئون الدين. وهكذا عاد كيم يسير على 
التراب ويمص قصب السكر. وظلت قبعة اللاما الأسكتلندية تلوح ساطعة 
كالقمر فى غبش الضوء ساعة أو أكثرء واستطاع كيم أن يدرك من كل ما 
سمعه أن العجوز بكت. واعتذر رجل أوريسى عن فظاظته فى الليلة البارحة 
قائلا إنه لم يكن يعرف أن سيدته رهيفة الطبع إلى هذا الحدء وعزا ذلك إلى 
وجود الكاهن الغريب. كان شخصيًا يؤمن بالبراهمينيين» وإن كان - مثل باقى 
أبناء البلد - يدرك بشدة دهاءهم وجشعهم. ومع ذلكء فعندما كان البراهمينيون 
يضايقون والدة زوجة سيده بطلب العطايا والمنح» وعندما صرفتهم غاضبين 
أشد الغضب إلى حد استمطارهم اللعنات على الحاشية كلها وهو سبب العرج 
الذى أصاب الثور الثانى على جانب العربة» وسبب كسر عمود العربة فى 


١م‎ 


الليلة السابقة كان على استعداد لتقبل أى كاهن من أى شيعة أخرى من الهند 
أو من خارجها. سمع كيم كل هذا وأبدى موافقته بإيماءات حكيمة وطلب من 
الأوريسى ألا ينسى أن اللاما لا يتقاضى أية أموال» وأن تكاليف طعامه هو 
واللاما سوف تسَدّد مائة ضعف فى صورة حمئن الحظ الذى سوف يُوَاتِى 
القافلة من الآن فصاعدًا. كما قص قصصنا أيضنًا عن مدينة لاهورء وأنشد 
أغنية أو أغنيتين دفعتا المرافقين إلى الضحك. وباعتباره من 'فئران المدينة' 
الملمين بأحدث أغانى الملحنين الذائعى الصيت - وهم فى معظمهم من النساء 
- كان كيم يتمتع بمزية واضحة أتاحت له التفوق على الرجال المنتمين إلى 
قرية فاكهة صغيرة خلف سهارنيورهء ولكنه سمح لهم باستنباط تلك المزية 
وحكسب . 

وعند الظهيرة وقفت القافلة على جانب الطريق لتناول الطعامء وكانت 
الوجبة جيدة.» وزاخرة؛ كما قدّمّت فى صحاف من ورق الشجر النظيف» 
وبأسلوب مهذبء؛ بعيدًا عن مهب التراب. وقدموا البواقى إلى بعض 
المتسولين» حتى تكتمل تلبية جميع المتطلبات» ثم جلسوا لينعموا بالتدخين فترة 
طويلة. كانت السيدة العجوز قد تراجعت فاختفت وراء ستائرها لكنها ظلت 
تشارك بكل حرية فى المحادئات الجارية»ء إذ كان خدمها يتجادلون معها 
ويناقضونها كما يفعل الخدم فى شتى أرجاء الشرق. وجعلت تقارن البرد 
وأشجار الصنوبر فى جبال "كانجرا' و*كولو» بالتراب وأشجار المانجو فى 
الجنوب» وقصت قصة عن بعض الأرباب المحلية القديمة على حافة ضيعة 
زوجهاء ووجهت الشتائم المباشرة للتبغ الذى كانت تدخنهء والسباب لجميع 
البراهمينيين»ء وجعلت ترسم صورة للمستقبل لا تَحفا فيهاء بشأن قدوم كتير 
من الأحفاد لها. ظ 


للب يتيس سسسب _ لصم ١/5‏ 


الفتضيل القانسن 
ها أنذا حوفت افو بر ا 
لقنا بو دوا لشنوسطر نقذ اله بجرة كدي 
يَشْدُ عَظمى عَظمُ أُسْرِتَى العريق من جدي - 


شقرق كل م يشخ النة اللكدو اذا 


قد بُقدَمُونَ عند الأكل يمن العُجُول لى 
لكنما القشور” مان الك أقوة عد 
خنازيرى أظنها خيْر الطعام لى 
وشكذ1 أغوة عناننا متطاترى لكل أنعه! 
(الابن الضال) 
مرة أخرى عادت إلى المسير القافلة المتكاسلة» المشدودة بالخيوطء فيما 
يشبه التأرجح» ونامت المرأة حتى وصل الجميع إلى محطة التوقف التالية. 
كانت المسافة بالغة القصرء وكان قد بقى على الغروب ساعة واحدة؛» فأخذ كيم 
ينشد مصدر تسلية له. 
وقال أحد المرافقين "ولماذا لا تجلس وتستريح؟ الإنجليز والشياطين فقط 
هم الذين يروحون جيئة وذهابًا من دون سبب . 
وقال زميله ”لا تصادق شيطائا أو قردًا أو غلاماء فلا أحد يعرف ما 
وأدار كيم ظهره لهما فى احتقارء فلم يكن يريد أن يسمع القصة القديمة 
التى تحكى كيف لعب الشيطان ذات يوم مع الصبيان ثم ندم على ذلك؛ وانطلق 
بلا غاية فى الحقول. 


١ هم‎ 





وسار اللاما خلفه طيلة ذلك النهارء كان اللاما كلما مروا بجدول صغير 
التفت لينظر إليهء ولكنه لم يلمح فى أية حال ما يبشره بأنه وجد نهره. ودون 
أن يشعر كان فكره قد انصرف قليلا عن 'البحث* بسبب الراحة التى أحسها 
فى «العديق: ل فدهن ونا اده الكار 110 :وميم عا اند ا اق 
واحترامه من جانب امرأة كريمة المحتد باعتباره مستشارها الروحى. أضف 
إلى ذلك أنه كان على استعداد لقضاء سنوات رزينة فى البحث عن مطلبه» فلم 
يكن يعانى كالرجل الأبيض من نفاد الصبر بل يتمتع بإيمان عظيم. 

ونادى كيم قائلا ”أين تذهب؟”. 


وقال كيم ”لن أذهب إلى أى مكان. أمشى قليلا حسب. وهذا كله“ ولوح 
يم بيديه يمنة ويسرة "جديد على . 

”"إنها بلا شك حكيمة وذكية. ولكن التأمل صعب عندما...". 

"كل النساء هكذا“ - وقالها كيم كأنما كان سليمان الحكيم. 

وتمتم اللاما قائلا ”كان أمام الدير رصيف عريض من الحجر“ وتكورت 
فى يده المسبحة البالية» فأضاف ”وقد تركت عليه آثار أقدامى» رائحًا غاديًا مع 
هذه المسبحة". 

وجعل يسبّح بالمسبحة ثم شرع فى ترنيمته الدينية الصينية» هانئًا ببرودة 
الجو والهدوء وعدم وجود التراب. 

وشيئًا فشيئًا بدأ كيم يركز بصره فى السهل الممتد أمامه» ولم يكن يهدف 
إلى تحقيق غاية من هذا التجوالء إلا أن أسلوب بناء الأكواخ بدا جديداء وأراد 
أن يستكشف الأمر. 

وصل الاثنان إلى ساحة عريضة من أراضى الرعىء كساها الأصيل 
باللونين البنى والأرجوانى» وكان فى وسطها دغل ملتف من أشجار المانجو. 
وبدا لكيم أنه من الغريب ألا يقوم مزار دينى فى هذه البقعة الصالحة 
للمزارات» وكانت قوة ملاحظة الصبى وانتباهه لهذه الأشياء تضاهى ما يتمتع 





١/5 





به أى كاهن. وعلى مسافة بعيدة عبر السهل كان أربعة رجال يسيرون جنبًا 
إلى جنبء» وإن بدت أحجامهم على البعد ضئيلة. وركز بصره من خلال 

قال ”جنود. جنود ذوو بشرة بيضاء! فلننظر!". 

”لابد أن يكونوا جنودًا عندما أخرج أنا وأنت وحدنا معًا. لكننى لم أر فى 
حياتى الجنود ذوى البشرة البيضاء . 

”لا يؤذون أحدًا إلا عندما يسكرون. فلتبق خلف هذه الشجرة”". 

وانتقلا فوقفا خلف الجذوع السميكة فى الظلال الكثيفة الباردة لدغل 
المانجو. وتوقف شخصان ضئيلا الجرمء وتقدم الأخران فى بعض التردد. 
كانوا طليعة فرقة عسكرية أثناء مسيرهاء وكانت مرسلة كالعادة لمراقبة 
المعسكر. كانوا يحملون عصييًا ركبت فيها رايات تخفق» طول الواحدة متر 
ونصف» وكان ينادى بعضهم بعطنًا وهم ينتشرون فى السهل المنبسط. 

وأخيرًا دخلوا دغل المانجو» بخطوات ثقيلة. 

”فى هذا المكان أو نحو ذلك. خيام الضباط تحت الأشجارء حسبما 
أتصورء ويمكن أن يظل باقى أفرادنا فى الخارج. هل حددوا الطريق لعربات 
المتاع فى الخلف؟ . 

ونادوا من جديد رفقاءهم على آخر مرمى الطرفء وجاء الرد الموجز 
خافنًا حلو النبرات. 

وقال أحدهم ”اغرس العلم هنا إذن”. 

وقال اللاما فى عجب ودهشة “ماذا يدبرون؟ هذا عالم كبير رهيب. ما 
هذه الأداة المركبة فى العلم؟". 

وغرس جندى وتدًا طويلا على مبعدة أقدام قليلة منهماء وأصدر أصواتا 
تنم على استيائه» ثم انتزعه من جديدء وتناقش مع رفقائه الذين جعلوا ينظرون 
على امتداد كمهف الخضرة الظليل» ثم أعادوا غرس الوتد. 


١ ام‎ 








وحدق كيم بملء عينيه, وقد غدت أنفاسه لاهثة هثة متلاحقة بين أسنائه. ٠‏ ثم 

انطلق الجنود بخطوات كالمطارق عائدين إلى ضوء الشمس. 
شهق كيم قائلا ”أيها الرجل افربانى! هل تذكر طالعى؟ وما رسمه الكاهن 

0 فى أومبالا؟ هل تذكر ما قال؟ يأتى اثنان أولا من 'الفراش؛ (أى 
كل رؤيا . 

وقال اللاما ”ولكن هذه ليست رؤيا. إنها وهم الدنياء لا أكثر“. 

”وبعد ذلك يأتى الثورء الثور الأحمر فى الحقل الأخضر. انظر! إنه هو!“. 

وأشار إلى الراية التى كانت تخفق بشدة فى نسائم المساء ولا تبعد 0 
ثلاثة أمتار. لم يكن إلا العلم العادى الذى يحدد موقع إقامة المعسكرء و 
هذه الفرقة كانت تتميز دائمًا بالحذلقة فى شاراتها وقبعاتهاء فأضافت إلى 0 
الرمز الخاص ا دون سواهاء ألا وهو الثور الأحمرء الذى يضعه أفراد 
الفرقة الجوالة شارة على قبعاتهم» بحيث كان يبدو ثورًا أحمر على خلفية من 
اللون الأخضر الخاص بأير لندا. 

وقال اللاما ”أفهمء وأذكر ذلك الآن. لا شك أنه ثورك. ولا شك أن رجلين 
قد جاءا لتمهيد كل شىءع” 

"إنهما من الجنودء الجنود ذوى البشرة البيضاء. ماذا قال الكاهن؟ قال 
'العلامة فوق الثور علامة الحرب والرجال المسلحين'* أيها الرجل الربانى! 
هذا الأمر يتعلق بالبحث الخاص بى . 


2:7 


0 اللاما صحيح. هذا صحيح”" وجعل يحدق بثبات فى الراية الى 
نت تتوهج مثل الياقوته في الظلام» مضيقًا "وقال الكاهن 0 أومبالا إن 
علامتك علامة حرب . ْ 


"ماذا نفعل الآن؟”. 





وقال كيم "لقد انجلى الظلام الآن“. كان من الطبيعى أن تلقى الشمس 
الغاربة أشعتها الأخيرة من خلال جذوع الأشجار عبر الدغل فتملاه بضوء 
ذهبى جميل دقائق معدودة ولكن كيم رأى فى ذلك تتويجًا لنبوءة كاهن أومبالا 
البراهمينى. 

وقال اللاما "اسمع! يدق أحدهم الطبل - من بعيد!”. 

كان الصوت فى البداية يصل مخفقًا من خلال الهواء الساكن» كأنما هو 
نبض شريان داخل الرأس. ولكن الحدة فيه سرعان ما ازدادت.وقال كيم 
موضحًا الأمر "ه! إنها الموسيقى“. إذ كان يعرف الصوت المميز لفرق 
الموسيقى العسكرية» ولكنها أدهشت اللاما. 


ولاح فى الطرف الأقصى من السهل طابور عسكرى يثير الغبار ويزحف 
ببطعءء ثم حملت الريح لحن الأنشودة: 


ِنَا نَرْجُو أن تَتَنَازَلَ 
حَتّى تُخبّرك بما تغرف 
عن زحف القوج ويُدذعى حرس الموليجان 
حتى ميتَاء سليجو عند الأطلنطى! 
وهنا انطلقت موسيقى الصفارات الحادة: 
يسيلاح فوق الكتِف مضينا 
فزحقنا وزحقنا مُنطلقين 
مِن منتزهٍ فى دبَلِن يُدّعى فينِكس 


دَقَاتْ الطبْل وأئْعَامٌ الصّكارَة 


027777-77 





تتصاعد مِنَا بعذوبة 
وزحقتا وزحقنا وزحقتا 
تحن رجال الحرس القوليجان! 
إذ كان الرجال يسيرون فى طريقهم إلى المعسكر حاملين الأمتعة. وفجأة 
انفرط عقد الطابور فأصبح صقاء ومن خلفه العربات» وانقسم إلى اليمين 
واليسارء وبدأ رجاله يجرون كأنهم عش من النمل» وهكذا... 
وقال اللاما ”ولكن هذا سحر!“. 
وانتشرت الخيام على السهل على شكل بقع متناثرة كانت فيما يبدو تبرز 
كاملة ومنتصبة من العربات. وانقض فريق آخر من الرجال على الدغل 
فأقاموا خيمة هائلة فى صمت» ثم أقاموا تمان أو تسع خيام أخرى بجوارهاء 
واستخرجوا الكثير من أوانى الطهى والقدور واللفافات التى أعطوها لحشد من 
الخدم من أولاد البلد. وإذا بدغل المانجو وقد تحول إلى بلدة يسودها النظام 
وقال اللاما "فلنذهب”“ منكمشًا ومتراجعًا فى خوفء. والنيران تتلألاً 
والضباط ذوو البشرة البيضاء يدخلون حاملين السيوف ذوات الصليل إلى 
خيمة المطعم. 
وقال كيم ”ارجع فقف فى الظلام. لن يستطيع أحد أن يرى شيئا بعيدًا عن 
ضوء النهار”. وكانت عيناه لا تزالان ترقبان العلم. لم يشهد فى حياته .. 
الأسلوب المعتاد الذى تتبعه فرقة ذات خبرة فى إقامة معسكرها فى ثلاثين 
وقال اللاما فجأة ”انظر! انظر! انظر! هذا كاهن مقبل!". 
كان اسمه بينيت. كاهن الفوج» ومن طائفة الكنيسة الإنجليزية؛ وكان 


١٠ 








يمشى ببعض العرج فى أرديته السوداء الترابية. كان أحد أبناء طائفته قد أبدى 
بعض الملاحظات الفظة عن صلابة عودهء فأراد الرد عليه وسار خطوة 
بخطوة مع الرجال فى ذلك اليوم. وكان الناس يستطيعون إدراك أنه من رجال 
الدين فى أى مكان فى الهند بسبب ملبسه الأسود والصليب الذهبى الذى يتدلى 
من سلسلة ساعته» ووجهه الحليق». والقبعة اللينة السوداء ذات الحافة 
العريضة. وألقى بجسده فوق أحد كراسى المعسكر بجوار باب خيمة المطعم 
وخلع حذاءه الطويل. واجتمع ثلاثة ضباط أو أربعة حوله ضحكين ومتفكهين 
مما أنجزه ذلك اليوم. 

وقال اللاما ”حديث الرجال ذوى البشرة البيضاء يفتقر تمامًا إلى الوقار”". 
ولم يكن يستند فى حكمه إلا على نغمة ما سمعه. ثم قال "ولكننى لاحظت وجه 
الكاهن. وأظن أنه مثقف. هل من المحتمل أن يفهم كلامنا؟ أود أن أحدثه عن 


4“ 


بحدىئ ٠‏ 
وقال كيم ”لا تتحدث قط إلى رجل أبيض إلا بعد أن يشبع“. مقتطقا مثلا 
مشهورا. ”سوف يأكلون الآن» ولا أظن أنهم يصلحون للتسول منهم. فلنذهب 
الآن إلى محطة الراحة. ولنعد إلى هنا بعد أن نأكل. كان ثورًا أحمر دون 

شك. ثورى الأحمر”". 

كان شرود الذهن واضحا عليهما معًا حين وضعت حاشية السيدة العجوز 
الطعام أمامهماء ولذلك لم يلجأ أحد أفراد الحاشية إلى انتهاك “تحفظهما' فليست 
مضايقة الضيوف مما يجلب الحظ الحسن. 

وقال كيم وهو يسلك أسنانه ”فلنعد الآن إلى ذلك المكان. ولكن ينبغى لك 
أيها الرجل الربانى أن تنتظر على مبعدة ماء لأن خطوك أثقل من خطوى,. 
ولأننى أتوق لرؤية المزيد عن ذلك الثور الأحمر“. 

وقال اللاما فى نبرات ِ ضيق "ولكن كيف د 5 تستطيع فهم كلامهم؟ سر ببطء 
فالطريق مظلم". 





وتجنب كيم الإجابة عن السؤالء قائلا ”لمحت مكائا بالقرب من الأشجار 
تستطيع أن تجلس فيه حتى أناديك“. ولما لاحظ أن اللاما يعترض بصورة ما 
قال "نعم! تذكر أن هذا بحثى أناء وهو البحث عن ثورى الأحمر. لم تكن 
العلامة فى النجوم تخصك. وأنا أغرك قليلة هن :عادات الجنود ذوى البشرة 
البيضاءء وأرغب دائمًا 35 ادف كل حديد : 


”ما الذى لا تعرفه عن هذا العالم؟” وأطاع اللاما كيم فقبع فى فجوة 
صغيرة فى الأرض قريبة من دغل أشجار المانجوء وقد أصبح الدغل معتمًا 
وخلفه السماء التى انتثرت فيها النجوم. 

وانسل كيم فاختفى فى الغسق وهو يقول ”لا تتحرك حتى أناديك“. كان 
يعرف أن المعسكر يحيط به أكثر من ديدبان» وابتسم لنفسه حين سمع وقع 
الحذاء الثقيل لأحدهم. كان الصبى الذى يستطيع المراوغة فوق أسطح منازل 
مدينة لاهور فى الليالى المقمرة» مستخدما كل بقعة وكل ركن من أركان 
الظلام للفرار من مطارديه؛ لا يرجح أن يلحظه صف من الجنود ذوى 
التدريب الجيد. وقد أبدى تقديره لهم حين زحف بين اثنين منهم» ثم استطاع 
بالجرى والتوقف, والانكماش والانبطاح أرضاء أن يشق طريقه إلى خيمة 
المطعم حيث المصابيح الموقدة» والتصق هناك بجذع شجرة مانجو فى انتظار 
فرصة الاستماع إلى كلمة يمكن أن تتيح له دليلا يهتدى به. 

كان الأمر الوحيد الذى يشغل ذهنه الآن أن يحصل على المزيد من 
المعلومات عن الثور الأحمرء وفى حدود ما يعرف - إذ كانت حدود كيم 
غريبة ومفاجئة مثل انطلاقاته - كان من المحتمل أن يلجأ هؤلاء الرجال» وهم 
من أشارت نبوءة والده إلى افيد تسعناثة شيطاة :مرية: إن 'الصتذة لذلك 
الحيوان بعد أن يهبط الظلام» مثلما يصلى الهندوس للبقرة المقدسة. وكان 
يمكن أن يكون ذلك؛ على الأقل» صحيحا ومنطقيًا تمامّاء و”الأب* الذى يعلق .2 
الصليب الذهبى هوء من تم مَنْ ينبغى ' يُستشار فى هذه المسألة. ومن ناحية 
أخرىء تذكر كيم "الآباء'؛ ذوى الوجوه العابسة الذين كان يتحاشاهم فى مدينة 





107 





لاهورء وقال فى نفسه إن ذلك الكاهن ربما اتسم بالفضول وتسبب فى مضايقة 
كيم بإلحاحه على تعليمه. ولكن ألم يثبت فى أومبالا أن علامته فى السماوات 
العليا كانت تنذر بالحرب وبالرجال المسلحين؟ ألم يكن كذلك صديق النجوم 
وصديق العالم كله أيضتاء وزاخر! إلى أذنيه بأسرار رهيبة يتكتمها؟ وأخيرًا - 
بل وأولا فى التيار الباطن لكل أفكاره - كانت هذه المغامرة. وإن لم يعرف 
الكلمة الإنجليزية الصحيجحة؛ تسرية رهيبة» واستمرارً! ممتعًا لأحداث فراره 
القديمة عبر أسطح المنازل» وكذلك لنبوءة بهيجة. ورقد على بطنه ثم جعل 
يزحف بحذر نحو باب خيمة المطعم» واضحًا يده حول التميمة المعلقة فى 
رقبته. 


وكان ما اشتبه فيه. كان الإنجليز يصلون لربهم» إذ كان فى وسط منضدة 
خيمة المطعم الشىء الوحيد الذى يزينها وهم بسبيلهم إلى المسيرء وكان ذلك 
ثورا ذهبيًا واققا مصنوعًا من غنائم قديمة مستولى عليها من القصر الصيفى 
فى بكين» وهو القصر الإمبراطورىء وكان الثور الذهبى ذا لون أحمر ذهبى» 
واققًا فى حقل بلون أخضر أيرلندى وكان الإنجليز يرفعون له كؤوسهم 
ويصيحون بصوت عال صيحات مختلطة. 

كان القس آرثر بينيت عادة ما يغادر خيمة المطعم بعد شرب هذا النخب» 
ولما كان يشعر ببعض الإرهاق بسبب سيره مع الفرقة فقد كانت حركاته أشد 
حدة عما اعتاده. وكان كيم - برأس مرفوع قليلا - لايزال يحدق فى الطوطم 
عندما داست قدم القس على لوح كتفه اليمنى. وتراجع كيم تحت وطأة الحذاء 
الجلدى وتدحرج فأوقع القس الذى اشتهر بأنه 'رجل أفعال* فانئقض على 
الصبى قابضمًا على عنقه وكاد يخنقه خنقا. وركله كيم باستماتة فى بطنه» فتأوه 
بينيت من الألم وانحنى جسده ولكن من دون أن يرخى قبضته ثم تدحرج مرة 
أخرى ودفع كيم فى صمت إلى داخل خيمته الخاصة. كان الإنجليزى يعرف 
أن رجال الفرقة الجوالة مولعون 'بالمقالب الفكهة' ولعًا لا شفاء منه ولذلك بدا 
له أن يؤثر الصمت حتى يكتمل تحريه للحادثة. 


١57 








وعندما جر أسيره إلى حيث ضوء مصباح عمود الخيمة صاح قائلا 
"عجبًا! إنه غلام!“ ثم جعل يهز كيم هذًا عنيقا وهو يصرخ "ماذا تفعل؟ أنت 
لص“. وأردف بما يعرفه من اللغة ,الهندوستانية وهو قليل» من مرادفات كلمة 
'اللص“» وقرر كيمء على اضطرابه واشمئزازه؛ أن يلتزم بالدور المرسوم له. 
وعندما عاد يتنفس فى هدوء بدأ يخترع قصة جميلة لا تجافى المنطق عن 
بعض صلات القرابة بينه وبين أحد مساعدى الطهاةء وكان يركز بصره الحاد 
فى الوقت نفسه على طريق الإفلات من هذا الموقف ناظرًا من تحت الإبط 
الشمال بقليل للقس. ولاحت له الفرصة فانطلق نحو باب الخروجء ولكن ذراع 
القس الطويلة امتدت فجأة وأطبقت على عنقه؛ فقطعت خيط التميمة وقبضت 
على التميمة نفسها. 

”أعدها إلىّ! أرجوك أعطها لى! هل ضاعت؟ أعطنى الأوراق!“. 

كانت الألفاظ انجليزية - باللغة الإنجليزية الخشنة الهزيلة التى يتكلمها من 
نشأوا فى الهند - ووثب القس واققا. 

وقال "ميدالية كاثوليكية!* عندما فتح يده. ثم أضاف ”لا إنها تميمة وثنية 
من نوع ما. غريب. غريب. هل تتكلم الإنجليزية؟ الصغار الذين يسرقون 
يُضربون. هل تعرف ذلك؟ . 

”أنا لا - لم أسرق“. وكان كيم يرتعد فرقا مثل كلب يرى عصلا مرفوعة 
عليه. ”أرجوك أعطها لى. إنها تميمتى. لا تسرقها منى". 

لم يلتفت القس ولكنه ذهب إلى باب الخيمة ونادى بصوت عال» فظهر 
رجل حليق اللحية ويميل إلى السمنة. ظ 

وكا "نقيت "أرية: مشتورظف أزينا الأنيه ملكتو وحدة هذا العاذد كن 
الظلام خارج خيمة المطعم. كان ينبغى فى الأحوال العادية أن أعاقبه وأطلق 
سراحه؛ ما دمت أظنه لصنًا. ولكن يبدو أنه يعرف الإنجليزية» وهو يولى قيمة 
ما لتميمة تتدلى حول عنقه. وخطر لى أنك ربما تستطيع مساعدتى”“. 


155 








كان بينيت يعتقد أن هوة شاسعة تفصل بينه وبين القس الكاثوليكى للفرقة 
الأيرلندية» ولكن الملاحظ أنه كلما تعرضت الكنيسة الإنجليزية لمشكلة إنسانية 
فالأرجح أن تستدعى كنيسة روما,. ولم يكن يعادل كراهية بينيت الرسمية 
للكنيسة الرومية وشتى أساليبها إلا احترامه الشخصى للأب مكتور. 

"هل لدينا لص يتحدث الإنجليزية إذن؟ فلننظر إلى تميمته. لا! ليست 
ميدالية كاثوليكية يا بينيت". ومد يده إلى صاحبه. 

”"ولكن هل لدينا أى حق فى فتحها؟ الجِلْدْ بالسياط جِلدَا “. 

وصاح كيم معترضا الم أسرق. لقد ركلتنى ركلد شديدا فى كل أجزاء 
جسدى. أعطنى الآن تميمتى وسوف أمضى". 

وقال الأب شكتور "ليس بهذه السرع“. وبدأ يبسط فى هدوء فى يده 
الرق الذى كتب فيه المسكين كيمبول أوهارا عبارة ”الثابت دائمّا“ باللاتينية - 
شهادة الانتماء إلى الجمعية الماسونية - وشهادة ”إخلاء الطرف'» وشهادة 
تعميد كيم. وفى هذه الشهادة الأخيرة كان أوهارا قد كتب عدة مرات ”أرجو 
الاعتناء بالصبى. أرجو رعاية الصبى“ ظانا بذلك أنه كان يفعل الأعاجيب من 
أجل ابنه» ووقع تحتها باسمه ورقمه فى الفرقة العسكرية كاملا. 

وهتف الأب فُكتور قائلا ”يا قوى الظلام فى الأرض“ ثم أعطى كل 
شىء لبينيت صائحًا ”هل تعرف ما هذه الأشياء؟”. 

فقال كيم "نعم. إنها ملكى. وأنا أريد أن أذهب“". 

وقال بينيت ”لا أفهم على وجه الدقة. يُحتمل أنه أحضرها عمدًا. قد تكون 
حيلة تسول من نوع ما . 

"لم أشهد فى حياتى إذن شحاذا أقل حرصا على البقاء مع صحبه. إننى 
أرى فى هذا عناصر لغز طريف. هل تؤمن يا بينيت بالعناية الإلهية؟". 


”أرجو ذلك“ . 





”الواقع أنى أومن بالمعجزات؛ وهو ما يعنى الشىء نفسه. يا قوى الظلام! 
كيمبول أوهارا! وابنه! ولكن هذا من أبناء البلد» وقد شاهدت بنفسى كيمبول 
وهو يتزوج ”آنى شوط“. كم مضى على امتلاكك هذه الأشياء أيها الصبى؟". 

”منذ أن كنت طفلا صغيرا". 

وتقدم الأب فكتور بسرعة وفتح مقدمة قميص كيم قائلا ”انظر يا بينيت! 
ليون 'كنتوك السددر18نها :أسمك؟”. 

كيم . 

أم كيمبول؟”. 

"ربما. هل ستتركنى أذهب؟”. 

"وماذا أيضنًا؟”. 

"يسموننى كيم ريشتى كى. أى كيم بن ريشتى”" . 

وما ريشتى هذه . 

”أى زيشتن! كانت تلك هئ الفرقة. فرقة والدى . 

”أيريش! يعنى أيرلندى! فهمت”“. 

نعم هذا ما أخبرنى ا ب4ه. أبى كان يعيش يوما 0 

"كان يعيشء أين؟". 

"كان يعيش. لكنه طبعًا مات. خرج!". 

"هل هذا أسلوبك المقتضب فى التعبير؟“". 

وقاطعه بينيت قائلا ”يحتمل أننى ظلمت الغلام. فهو قطعًا أبيضء لكنه 
تعرض بوضوح للإهمال. أنا واثق أننى أصبته بكدمات. لا أظن الأرواح “. 

وواصل الأب ُمكتور حديثه قاتلا "قدم له شرابًا من “الشرى* إذن ودعه 
يجلس على السريرء والآن يا كيم "لن يؤذيك أحد. اشرب هذا وحدثنا عن 
نفسك. قل الحق إن لم يكن لديك مانع . 





وسعل كيم قليلا وهو يعيد الكوب الفارغ وجعل يفكر. وبدا له أن تلك 
اللحظة تتطلب الحيطة والخيال. فالصغار الذين يتسربون إلى المعسكرات عادة 
ما يُضربون ويُخلى سبيلهم. ولكنه لم يُجلده وكانت التميمة 'تعمل* بوضوح 
لصالحهء وبدا له كأنما كان طالعه الذى قرأه فى أومبالا والكلمات القليلة التى 
كان يذكرها من شطحات والده قد *خدمت'؛ الموقف بصورة خارقة. هذا وإلا 
فلماذا بدا السرور على وجه الأب السمين ولماذا قدم له الأب النحيل كوبًا من 
الشراب الأصفر الساخن؟. 

وقال كيم ”أبى مات فى مدينة لاهور عندما كنت صغيرًا! جدًا. 'وكانت 
المرأة تدير حانوئًا للروبابيكيا بالقرب من موقف استتئجار العربات”“. كان كيم 
قد بدأ بداية جسورة. وإن لم يكن واثقا كل الثقة أن قول الحق سوف 'يخدمه'. 


ا 


"لا!” قالها كيم بحركة تنم عن اشمئزازه. "أمى 'خرجت' عند مولدى. 
وأبى جاء بهذه الأوراق من بيت الوثائق - ماذا تسمونه” (وأومأ بينيت) لأنه 
كان ذا مكانة جيدة - ماذا تسمون ذلك“ (وأومأ بينيت من جديد) ”وقال لى 
أبى ذلك كله. وقال أيضتاء وكذلك قال البراهمينى الذى خط رسوما فى التراب 
منذ يومينء» إننى سوف أجد ثورًا أحمر فى حقل أخضر وإن الور سوف 
يساعدنى : 


وغمغم بينيت قائلا ”كذاب صغير بالغ البراعة“. 

وتمتم الأب فكتور قائلا ”يا قوى الظلام فى الأرضء يا له من بلد! 
استمر يا كيم استمر!“. ْ 

"لم أسرق. كما إننى الآن تلميدٌ لرجل ربانى جدًا. إنه جالس فى الخارج. 
رأينا رجلين مقبلين برايات» لتجهيز المكان. وهذا ما يحدث دائمًا فى الحلمء أو 
بسبب - نبوءة. وهكذا عرفت أنها تحققت. شاهدت الثور الأحمر فى الحقل 
الأخضرء وكان والدى قد قال 'تسعمائة شيطان مريدء والعقيد على صهوة 


١/ 








جواده» سوف يرعونك عندما تجد الثور الأحمر!' لم أعرف ما ينبغى أن أفعل 
عندما شاهدت الثورء ولكننى انصرفت ورجعت عندما هبط الظلام. كنت أريد 
أن أشاهد الثور مرة أخرىء وشاهدت الثور من جديد مع الإنجليز - الذين 
كانوا يُصَلُونَ له. أعتقد أن الثور سوف يساعدنى. والرجل الربانى يقول هذا 
أيضًا. إنه جالس فى الخارج. هل تؤذونه إذا صحت أناديه الآن؟ إنه بالغ 
القداسة. ويمكنه أن يشهد على صدق جميع ما قلته» ويعرف أننى لست لصنًا“. 

وقال بينيت ” 'الإنجليز يصلون لثور!* ماذا يمكنك أن تفهم من ذلك؟ 
واسمع قوله 'تلميذ رجل ربانى'! هل الغلام مجنون؟ . 

”إنه ابن أوهارا دون أدنى شك. ابن أوهارا متضافرًا مع جميع قوى 
الظلام. ذلك إلى حد كبير ما كان يمكن أن يفعله أبوه... إن كان سكرانا. 
يحسن بنا أن ندعو الرجل الربانى إلى القدوم. ربما كان يعرف شيئًا". 

وقال كيم "بل لا يعرف شيئًا. سوف أريكم إياه إذا جئتم. إنه معلمى. وبعد 
ذلك نستطيع أن نذهب”". 

وصاح الأب فكتور "يا قوى الظلام!” ولم يستطع أن يقول غيرها أثناء 
خروج بينيت واضعا يده بثبات على كتف كيم. 

ووجدا اللاما حيث جلس. 

وصاح كيم باللغة المحلية الدارجة ”انتهى البحث بالنسبة إلى أنا. فقد 
وجدت الثور ولكن يعلم الله ما يأتى بعد ذلك. لن يؤذوك. تعال إلى خيمة 
الكاهن السمين مع هذا الرجل النحيل حتى ترى النهاية. كل شىء جديد ولا 
يستطيعون أن يتحدثوا اللغة الهندية. إنهم حمير لم يروضها أحد وحسب". 

ورد اللاما قائلا "ليس من الخير إذن أن تسخر من جهلهم وتضحك. 
يسعدنى إن كنت قد سعدت أنت يا تلميذى”. 

كان يبدو وقورا لا يستريب بشىء حين خطا داخلا الخيمة الصغيرة. 
وحيا الكنيستين تحية رجل من رجال الكنيسة» ثم جلس بجانب المدفأة المفتوحة 





١ 8 





التى يتوهج فيها الجمرء وكان لون بطانة الخيمة الأصفر المنعكس فى ضوء 

ونظر إليه بينيت نظرة اللامبالاة العميقة للعقيدة التى نتُلَقِى بتسعة أشعار 
أهل الأرض معًا فى سلة واحدة اسمها “الوثنية' . 

وتوجه اللاما بالخطاب إلى كيم قائلا "وماذا كانت نهاية البحث؟ ما الهدية 
التى أتى بها الثور الأحمر؟". 

كان بينيت ينظر فى قلق إلى الأب ُكتور فتعمد كيم» من أجل غلياته 
الخاصة» القيام بدور المترجم الفورى قائلا ”يقول 'ماذا ستفعلان؟'". 

وشرع بينيت يقول ”لا أفهم ما شأن هذا 'الفقيرء بالصبى؟ وربما كان 
ثم قال: ”إذا افترضنا أنه ابن عضو فى الجمعية الماسونية» فكلما أسرعنا فى 
وضعه فى منزل الأيتام الماسونى كان ذلك أفضل”“. 

وقال الأب شكتور "آه! هذا رآأيك بضفتك أمين المخفل الماسونئ للفرقة. 
ولكنى أظن أن علينا أن نخبر الرجل العجوز بما سوف نفعل» فلا يبدو أنه من 
الأشرار“. 

"خبرتى تدلنى على أنه من المحال سبر أغوار العقل الشرقى. والآن يا 
كيمبول: أريدك أن تنقل إلى هذا الرجل ما أقوله» كلمة كلمة“. 

وأدرك كيم مفاد العبارات القليلة التالية وشرع يقول: 

”أيها الربانى» المغفل النحيل الذى يشبه الجمل يقول إننى ابن رجل 
إنجليزى". 

"ذلك صحيح. كنت أعرفه منذ مولدىء ولكنه لم يستطع إدراكه إلا بانتزاع 
تميمتى من رقبتى وقراءة كل الأوراق. وهو يعتقد أن من يولد إنجليزيا يظل 


55 





إلى الأبد إنجليزيّاء وقد اتفق الاثنان على إبقائى فى هذه الفرقة أو إرسالى إلى 
نوو ينة و يكرك كج شل حولقة كمانيت الله ف كل هرف المشفل المحم لد 
رأى وشبيه الجمل له رأى آخر. ولكن هذه ليست مشكلة. ربما أقضى ليلة 
واحدة هناء وربما الليلة التالية أيضنا. حَدَتَ ذلك من قبل. وبعدها سوف أهرب 
وأعود إليك". 


"ولكن قل لهما إنك تلميذى. أخبرهم كيف جتئتنى عندما كنت حائرًا بالغ 
الضعف. حدثهما عن بحتناء وأنا واثق أنهما سوف يتركانك تمضى الآن”“. ٠‏ 

”سبق أن حدثتهما. لكنهما يضحكان ويتحدثان عن الشرطة". 

وسأل بينيت "ماذا يقولان؟ . ْ 

فقال كيم "يعنى. يقول فقط إنكما إن لم تدعانى أذهب فسوف يتعطل عن 
أشغاله - عن شؤونه الخاصة العاجلة“ وكانت الكلمات الأخيرة قد تذكرها كيم 
أثناء بعض حديث له مع موظف كذابي أوراسى (أوربى أسيوى) فى مصلحة 
الرىء ولكن العبارة لم تفلح إلا فى دفع الرجلين إلى الابتسام» وهو ما أغاظه 
فقال: ”ولو كنتما تعرفان ما *أشغاله' تلك ما أسرعتما إلى التدخل بهذه السرعة 

وقال الأب قكتور بلهجة لا تخلو من التعاطف وهو ينظر إلى وجه 
اللاما: "وما هى إذن؟” 00 

"فى هذا البلد نهر معين يتوق بشدة إلى أن يعثر عليه. كان قد شقه سهم 
معين -“ وجعل كيم يضرب الأرض بقدمه» نافد الصبرء أثناء قيامه بالترجمة 
فى ذهنه من اللغة المحلية الدارجة إلى الإنجليزية الركيكة. ”الواقع. الواقع أن 
الذى شقه هو مولانا الرب بوذا نفسهء كما تعرفان» ومن يغتسل فى مياهه 
يتطهر من جميع الخطايا ويصبح أبيض ناصعًا مثل القطن“ (كان كيم قد استمع 


وقال بينيت "قل ذلك مرة أخرى” فكرر كيم ما قاله وتوسع فيه. 





3” 





وصاح رجل الكنيسة الإنجليزية 'ولكن هذه زندقة شنيعة! . 

وقال الأب مكتور بنبرة تعاطف يسني كنت أعرف اللهجة المحلية 
الدارجة! نهر يطهر المرء من الخطايا! وكم مر عليكما فى البحث عنه؟“. 

”أيام كثيرة. والآن نود أن نذهب ونعود إلى البحث عنه. فإنه» كما ترى» 
ليس هنا" . 

وقال الأب مكتور بلهجة وقورة "أفهم. ولكنه لا يستطيع الذهاب فى 
صحبة هذا الرجل العجوز. لو لم تكن ابن جندى يا كيم لاختلف الحال. قل له 
إن الفرقة سوف ترعاك وتجعلك رجلا صالحًا مثل ماكان - كأقصى ما يكون 
الصلاح. قل له إن كان يؤمن بالمعجزات فلابد أن يصدق ذلك...". 

وقاطعه بينيت قائلا ”لا داعى لاستغلال سذاجته”". 


"بل لست أستغلها قط. لابد أن يؤمن أن مجئ الصبى إلى هناء إلى فرقته 
عينهاء بحثا عن الثور الأحمر له طبيعة المعجزة. تَأمّلْ الاحتمالات التى تحول 
دون ذلكء» يا بينيت: هذا الصبى وحده فى الهند كلها يصادف فرقتنا من بين 
جميع الفرق الزاحفة! إنه قدَرٌ مكتوب فى ظاهره. نعمء أخبره أنه القدر. 
المكتوب. تفهمنى؟". 

واستدار فواجه اللاما الذى لم يفهم حرقا واحدا كأنما كان الرجل يتكلم عن 
بلاد ما بين النهرين. 

وبدأ كيم يتحدث» فبرقت عينا اللاما لحديثه» قائلا ”يقول إن دلالة طالعى 
قد تحققت» وإن عودتى إلى هنا - وإن كنت كما تعرف لم يدفعنى إلا الفضول 
- إلى هؤلاء الناس وإلى الثور الأحمرء تعنى أننى لابد أن أذهب إلى مدرسة. 
وأن أتحول إلى شخص انجليزى. وأنا أتظاهر الآن بالموافقة» فلن يتطلب 
الأمر إلا أن أتناول وجبات قليلة بعيدًا عنك. ثم سأنسل وأسير فى الطريق 
ذاهيًا إلى سها رن يور. وعليك إذن أيها الرجل الربانى أن تلتزم بصحبة تلك 
المرأة من كولوء وألا تشرد عنها لأى سبب حتى أعود إليك. لا شك أن 





5.١ 





علامتى علامة الحرب والرجال المسلحين. انظر كيف أعطونى شرابًا من 
النبيذ وأجلسونى فى مقعد التكريم! لابد أن والدى كان شخصًا عظيمًا جدا. 
وهكذا فإذا رفعونى إلى مرتبة الشرف بينهم» فخير وبركة. وإلا فخير وبركة 
أيضنًا. مهما تتطور الأحداث فلسوف أعود مسرعًا إليك عندما أتعب. ولكن 
عليك أن تظل مع أرملة الراجاء وإلا سوف أفتقد أقدامك... نعم نعم“ وقال 
الصبى لهما ”قلت له كل ما طلبتما منى أن أقوله“. 

وقال بينيت ”ولا أرى ما يدعوه إلى البقاء“ ثم جعل يتحسس جيوب سرواله 
وأضاف "ونستطيع التحرى عن التفاصيل فيما بعد.ء وسأعطيه روب.. “. 

وقاظعة: الأفة :تكنوي : كلذ "أعملةة محكرب الرقكه ريه كان بكرا 
بالصيبى”» فتوقفت يد الآخر عن تقديم النقود. 

وجر اللاما مسبحته وغطى عينيه بالحافة العريضة لقبعته. 

”ماذا عساه أن يريد الآن؟”". 

"يقول” ورفع كيم إحدى يديه وقال ”يقول إنه يريد أن يكلمنى على انفراد. 
فأنقفا ل تفهمان حرفا و اكذا مها بقول4:واعتقة أكيا الى تكلمتنا فريسها ابطر 
عليكما لعنات شديدة. إذ إنه حين يمسك مسبحته على هذا النحو فدائمًا ما يريد 
أن ينعم بالصمت”“. 


وجلس الرجلان الإنجليزيان وقد غلبهما التأثر بالموقف» وإن كانت فى 
عين بينيت نظرة تنذر بالسوء لكيم وكان ينبغى أن يبدى الاسترخاء فى جو 
المشاعر الدينية. 

وأقن كوك :اللاما؟ ونا كدف عقن العف قاكرد "افكليو ف رايت 
إنجليزى...“ ثم قال ”ولكن لا أحد من ذوى البشرة البيضاء يعرف البلد 
وعاداتها مثلك. فكيف يصح هذا؟" 

"وما الفرق أيها الربانى؟ ولكن لا تنس أننى لن أغيب إلا ليلة أو ليلتين. 


١ 








وسوف يعود كل شىء إلى ما كان عليه عندما حدثتك أول مرة تحت المدفع 
كنف هبهكا فى وداء ردك يكن مكنا دحك مضه الححاف إولت :وف 
المرة الثانية كنت هندوسيا. فما الصورة الثالثة التى سوف تتجسد فيها؟“ 
وطنيحاة «صبحكة كنينة:مضيرنا "[وننا طميذئ االقد أسات إلن«رحل صكود ”لأ 
قلبى مال إليلك . 
"وقلبى مال إليك أيضنا. ولكن كيف كان فى مقدورى أن أعرف أن الثور 
الأحمر سوف ينتهى بى إلى هذا|؟" 


٠ 


وغطى اللاما وجهه من جديدء وشخشخ حبات المسبحة فى يده بعصبية 
اقل "ريل ليطن رهكل: راع الود كن عدك العجائف" كافك مكروة اناما 
بذوى البشرة البيضاء محدودة» وبدا أنه يكرر درمنا ما قائلا ”وإذن فليس من 
اللائق أن يفعل إلا ما يفعله غيره من الإنجليز. لابد أن يرجع إلى أبناء 
جلدته . 

وقال كيم فى لهجة توسل "نهار وليلة ونهار . 

وشاهد الأب ُكتور كيم وهو يقترب خلسة من الباب فصاح ”لا! لن 
تهرب!” ومدّ ساقا قوية فاعترضت زحف الصبى. 

"لا أفهم عادات ذوى البشرة البيضاء. كاهن الصور فى بيت العجائب فى 
لاهور كان أشد تهذيبًا من الرجل النحيل هنا. سيؤخذ الصبى منى. هل يُحَوّلان 
تلميذى إلى رجل إنجليزى؟ يا ويلى! كيف سأجد نهرى؟ أليس لديهما تلاميذ؟ 
مجان 

"يقؤل إنه بالغ الأسف لأنه لن يجد النهر الآن» ويقول لماذا ليس لديكما 
تلاميذء ولماذا لا تكفان عن إزعاجه؟ يريد أن يغتسل فيبرأ من كل خطاياه”. 


ولم يجد بينيت ولا الأب فكتور أية إجابة حاضرة. 








وقال كيم بالإنجليزية بنبرات من يتأسى لآلام اللاما ”أعتقد أنكما إذا 
تركتمونى أمضى الاآن فسوف ننصرف بهدوء ولن نسرق. ليتنى ما جئت إلى 
هنا للعثور على الثور الأحمر وكل هذه الأشياء. لست أريدها“. 

وقال بينيت ”إنه أفضل ماة قمت به لصالحك أيها الصغير . 


وقال الأب كتور "يا إلهى! لا أعرف كيف أُسرّى عنه“ وهو يركز 
بصره على اللاما. ثم أضاف *لن يستطيع أن يمضى بالصبى من هناء وإن 
كان فى الواقع رجلا صالحا. أنا واثق أنه رجل صالح. اسمع يا بينيت؛ إذا 
أعطيته الروبية فسوف يلعنك أبَا عن جد!“. 

وساد الصمتء ولم يكونوا يسمعون غير أنفاسهم ثلاث دقائق» بل خمس 
دقائق كاملة» ثم رفع اللاما رأسه وألقى بصره الذى تجاوزهم إلى الفضاء 
والفراغ. 

وقال فى مرارة "وأنا من أتباع الطريق. فالخطيئة خطيئتى والعقاب 
عقابى. جعلت نفسى أعتقد - ما دمت أرى الآن أنه كان مجرد وهم - 
رساك نز لمجا عدكن فى" المشقاي: ففدان. (لقلك كلت سيت التسانك. بو أخداف 
وحكمة سنوات عمرك القليلة. ولكن الذين يتبعون الطريق لا ينبغى ألا يسمحوا 
بنار أية رغبة أو أى ارتباطء فإنما ذلك وهم. فكما يقول...“ واقتطف نصنًا 
صينيًا قديمًا ثم أردفه بنص آخرء ودعم هذين بثالث. _ ا 
يا تلميذى. لم يكن ذلك خطأك. لقد وجدت البهجة فى مشهد الحياة» فى الناس 
الجدد فى الطرقات» وفى فرحك برؤية هذه الأشياء. لقد أحسست بالسرور 
لوجودك وكان يجب ألا أفكر إلا فى بحثى وفى بحثى وحده. والآن أشعر 
بالحزن لأنك سوف تؤخذ من جانبى ولأن نهرى بعيد عنى. إن ما خرقتَهُ هو 
القانون!". 


وصاح الأب فكتور ”يا قوى الظلام فى الأرض!“ كانت خبرته بسماع 
الاعترافات قد أتاحت له أن يستشف الألم فى كل عبارة سمعها. 








"وأذرك الآن أن علامة الثور الأحمر كانت علامة لى مثلما كانت علامة 
لك. كل رغبة لونها أحمرٌء وهى,شر! سوف أقوم بالتكفير عن ذنبى وأعثر 
لي نهرى وحدى”" : 

وقال كيم ”عد على الأقل إلى تلك المرأة من كولوء وإلا سوف تتوه فى 
الطرق. سوف تتولى هى إطعامك حتى أرجع إليك". 

ولوح اللاما بيده للدلالة على أنه قد حسم الأمر بصورة نهائية فى ذهنه. 

وتغيرت نبراته وهو يلتفت إلى كيم قائلاً ”وماذا سوف يفعلون بك الآن؟ 
اسمح لى على الأقل أن اكتسب امتيازًا وأمحو سيئات الماضى“. 

"يظنون أنهم سيجعلوننى إنجليزيًا. فى يوم بعد غد سوف أعود. لا 


م قرع لل 


تبنئس . 

”إنجليزى من أى نوع؟ مثل هذا الرجل أو ذاك” وأشار إلى الأب 
فكتور. "مثل الرجال الذين رأيتهم هذا المساء... رجال يحملون سيوفا 
ويضربون الأرض بأقدامهم ضربًا؟“ 

"ريما" 

"ليس هذا حسنا. هؤلاء الرجال يتبعون الرغبة وينتهون بالفراغ. لا ينبغي 
أن تصبح من نوعهم". 

وقاطعه كيم قائلا "كاهن أومبالا قال إن نجمى نجم الحرب. سأسأل هذين 
المغفلين. ولكن لا يوجد ما يدعو لذلك فى الواقع. سوف أهرب هذه الليلة» فكل 
ما أردته هو أن أشاهد الأشياء الجديدة". 


وطرح كيم بالإنجليزية سؤالين أو ثلاثة على الأب شكتور وترجم إلى 
اللاما إجاباته. 


ثم "يقول: 'ستأخذانه منى ولا تستطيعان أن تقولا ما سوف تفعلان به“. 
ويقول 'قولا لى قبل أن أذهبء فليس تشكيل طفل أمرًا هينا“. 


هت ” 








"سوف ترسل إلى مدرسة. وسوف نحدد الباقى فيما بعد. اسمع يا كيمبول» 
أظن أنك تحب أن ت نديًا؟" . 
ظن أنك تحب واتضبع يلد 1 

وهز كيم رأسه بعنف قائلا ”من ذوى البشرة البيضاء؟ كلا وكلا وكلا!” لم 
يكن بطبيعته ميالاً إلى التدريب المنتظم والنظام فأضاف *لن أصبح جنديًا". 

وقال بينيت ”ستصبح ما نأمرك نحن به وينبغى أن تشعر بالامتنان لنا 
على مساعدتنا لك . 

وابتسم كيم ابتسامة تعاطف. فإذا كان هذان الرجلان يتوهمان أنه سوف 
يدل فننا لذ بيو قذلك أفطيل:. 

وتلت ذلك فترة أخرى من الصمت الطويل. وتململ بينيت نافد الصبر 
واقترح استدعاء أحد الحراس لإخراج "الفقير' من المعسكر. 

وقال اللاما ”هل يمنحون التعليم بلا مقابل أم يبيعونه عند الإنجليز؟ 
اسألهما“. وترجم كيم السؤال. 

"يقولان إن النقود تدفع إلى المعلم» ولكن الفرقة هى التى ستتكفل بهذه 
النقود... ولكن لماأذا تقلق؟ إنه لن يتجاوز ليلة واحدة . 

وتجاهل اللاما اعتزام كيم الهرب فقال "وكلما ازدادت النقود ارتفع 
مستوى التعليم؟ ليس من الخطأ دفع مقابل للتعليم. فمساعدة الجاهل على 
اكتساب الحكمة دائمًا تحفق الامنياز . وكردد صوت أصطكاك حبات المسبحة 
كأنها حبات العدّاد البدائى» ثم واجه من يظلمانه: 

: سَلَهُمَا كم يدفعان فى مقابل تعليم مناسب وحكيم؟ وفى أى مدينة يُقَتّمُ ذلك 
التعليم؟". 

وقال الأب فكتور بالإنجليزية بعد انتهاء كيم من الترجمة ”يعنى. المسألة 
نسبية. يمكن أن تتحمل الفرقة نفقاتك طيلة بقائتك فى بيت الأيتام العسكرى. 
ويمكن أن تنضم لقائمة بيت الأيتام الماسونى فى البنجاب - وإن لم 
يفهم أو تفهم أنت معنى ذلك - ولكن أفضل تعليم مدرسى يمكن أن يتلقاه 
الصبى فى الهند هوء طبعًا فى الإرسالية اليسوعية الإسيانية» واسمها 


55 








إرسالية القديس خاقيير فى بلاد الكفار؛» والتى توجد فى مدينة لوكناو” 
وتطلبت ترجمة ذلك وقتا طويلاء وكان بينيت يتمنى مقاطعة الترجمة أو 
اختصارها. 

وقال كيم بهدوء ”يريد أن يعرف قدر التكاليف”". 

وقال الأب فكتور "مثتا روبية أو ثلاثمائة فى السنة“ بلهجة تنم عن 
تخلصه من أى إحساس بالدهشة» ولكن بينيت الذى نفد صبره لم يكن يستطيع 
أ يفهم. 

"يقول: 'اكتب ذلك الرقم على ورقة وأعطها له“. ويقول لابد أن تكتب 
اسمك لأنه سوف يكتب بعد عدة أيام خطابًا لك. يقول إنك رجل صالح. ويقول 
إن الرجل الآخر مغفل. يقول إنه سوف يذهب". 

ونهض اللاما فجأة. وصاح ”أتابع بحثى“. ثم ذهب. 

وصاح الأب فكتور ”سيصطدم مباشرة بالحراس!”“ وقفز عندما اتجه 
اللاما إلى باب الخروج قائلا ”لكننى لا أستطيع أن أترك الصبى". وتحرك كيم 
حركة سريعة تلقائية كأنما ليتبع اللاما لكنه ضبط أعصابه وتوقف. ولم يسمعا 
ما يدل على أن الحراس اعترضوا اللاما فى الخارج. كان اللاما قد اختفى عن 
الأنظار. 

وجلس كيم رابط الجأش فوق سرير الكاهن. كان يُعَّى نفسه بأن اللاما قد 
وعده بألا يترك المرأة أرملة الراجسا من مدينة كولوء وأما باقى الأمور 
فليست لها أهمية تذكر. وكان مسرور! لأن الكاهنين كانا متحمسين بوضوح, 
ويتحادثان بصوت خفيضء وقد أخذ الأب ف كتور يحاول إقناع بينيت بخطة 
ماء والأخير فيما يبدو لا يصدق ما يقال. كان ذلك كله جديدًا ومثيرًا ولكن كيم 
كان يغالب النعاس. واستدعيا بعض الرجال إلى داخل الخيمة. وكان العقيد من 
بينهم دون شكء حسبما تنبأ به أبوه» وسأله الجميع أسئلة لا تعد ولا تحصىء. 
أساسّا بصدد المرأة التى كانت ترعاهء وأجابهم كيم عنها جميعًا إجابات 
صادقة. ويبدو أنهم لم يكونوا يزون أن “الم أة "من خيرة الأوصياء: 








وقال كيم فى نفسه إن هذا أحدث ما يمر به من خبرات» وفى يدهء إذا 
شاءء أن يهرب إن عاجلا أو آجلاء إلى دنيا الهند الكبيرة الرمادية التى لا شكل 
لهاء بعيدًا عن الخيام وكهان الجيش والعقداءء وإذا كان الإنجليز يريدون ريثما 
يتسنى ذلك أن ينبهروا فسوف يبذل قصارى جهده لإبهارهم. إذ إنه أيضًا رجل 
الوسل: 

وبعد كثير من الأحاديث التى لم يستطع أن يفهمهاء سلموه إلى صف 
ضابط برتبة رقيب وأصدروا له تعليمات صارمة بألا يسمح له بالفرار. 
وأدرك أن الفرقة سوف تتجه إلى أومبالا وأنه سوف يرسل إلى مكان يدعى 
ساناوار (مدينة فى االبيبنجاب جنوب أمبالا) وأن تكاليف تعليمه سوف 
يشارك فيها المحفل الماسونى وأفراد الفرقة. 

وقال الأب فكتور "إنها معجزة تتجاوز كل شىء خارق أيها العقيد” بعد 
أن ظل يتحدث دون توقف عشر دقائق كاملة. ”واختفى صديقه البوذى بعد أن 
أخذ اسمى وعنوانى. لا أستطيع أن أفهم على وجه الدقة إن كان سوف يدفع 
شيئا فى مقابل تعليم الصبى أو كان يقوم بإعداد نوع من السحر الخاص به“". 
ثم قال إلى كيم "لسوف تشعر يومًا ما بالامتنان إلى صديقك الثور الأحمر. 
لسوف تصبح على أيدينا رجلا فى ساناوارء ولو دفعنا ثمنا لذلك جعلك 
بروتستاننيا". 


وقال بينيت "بالتأكيد - بكل تأكيد“. 

وقال كيم "لكنكم لن تذهبوا إلى ساناوار . 

”ولكننا سوف نذهب إلى ساناوار أيها الرجل الصغير. فذلك أمر القائد 

"لن تذهبوا إلى ساناوار. ستذهبون إلى الحرب". 

الاو ل ا ل اطي ا ري 
المعركة. نرجو أن نذهب للحرب فى وقت ما”“. 


م8" 








وقال كيم ”أعرف كل ذلك“. ثم شد قوسه ليرمى رمية مخاطرة؛ فماداموا 
لن يسيروا إلى الحرب فهم على الأقل يجهلون ما علمه هو من الحديث الذى 
دار فوق الشرفة فى أومبالا. 

”أعرف أنكم لا تحاربون الآن؛ ولكننى أقول لكم إنكم حالما تصلون إلى 
أومبالا سوف تذهبون للحربء إلى الحرب الجديدة. إنها حرب يخوضها ثمانية 
آلاف رجلء ويطلقون فيها المدافع”. 

”هذا صريح. هل تضيف قدرة التنبؤ إلى مواهبك الأخرى؟ امض به أيها 
الرقيب. آته بحلة من حلل غلمان الطبول» واحرص على ألا يفلت من بين 
أصابعك. من قال إن عصر المعجزات قد مضى؟ أظن أننى سوف أآوى إلى 
الفراش فذهنى المسكين أصابه الوهن“. 

وَبِعْد ساعة كان كيم يجلس فى الطورق الأقضنى من المعسسكر + :ضامتا مث 
كنوان ترق وبع .أن اختسشل: لتوه: اعصبالا شامات»: مونةةا حلة عنتكوية متنية 

2 

كان قماشها “يشكه' فى ذراعيه وساقيه. 

وقال الرقيب "صغير مدهش إلى أبعد الحدود. يظهر فجأة وهو يتولى أمر 
كاهن براهمينى عجيب أصفر الرأسء» وقد علقت فى رقبته شهادات المحفل 
الماسونى الخاصة بأبيه» ويتحدث عن ثور أحمر لا يعلم إلا الله معناه. ويتبخر 
البراهمينى العجيب دون تفسيرء ويجلس الصبى القرفصاء على سرير كاهن 
الفرقة ويتنبأ بحرب تسيل فيها الدماء للناس كلهم. الهند مكان موحش لمن يتقى 
الله. سوف أربط رجله وحسب إلى عمود الخيمة حتى لا يهرب من السقف. 

وقال كيم "ثمانية الاف رجلء إلى جانب المدافع. قريبًا جدّا وسوف ترى“”. 


"إناف كفريت متشين صل اررق هنا بين صنبيان. الطيلواخلد إلى التو 
وسوف يراقبك هذان الغلامان أثناء الرقاد“. 





مغامرات صبى 


الفصل السادس 
الآن أذكر يا رفاقى * 
يا صحبّة اللَهْو القديم على بحار لَمْ تزل بكرًا! 
الأن أذكرة كيف غاملنا رخالا فى نحمى"الوتحشية؟ 
خيْرَاتَهُمْ كنا نبَادلُها بصبغات الذَهَب! 
وهناك فى أُقصَى الجنوب وبعد آلآف الفراسيخ 
ما كنت عِندَهُمو نبيلاً إسنمُُ فالديز' 
5-0 
وأنا الذى عرفوةهُ بل عشيقوة! 
(أنشودة دييجو قالديز) 
وفى أولى ساعات الصباح هدمت الخيام البيضاء واختفت وسلكت الفرقة 
الجوالة طريقا جانبيًا إلى أومبالا دون أن تمر بحذاء محطة الراحة» وكان كيم 
يمشى بجانب عربة من عربات البضائع وتنهال عليه سهام التعليقات من جانب 
زوجات الجنودء وتلاشت الثقة فى الهرب التى كان يتمتع بها الليلة البارحة إذ 
اكتشف أنه يخضع للرقابة الدقيقة» فالأب فكتور فى جانب وبينيت فى الجانب 
الآخر. 
وتوقف الطابور فى ساعة العصر. وحضر جندى مراسلة على ظهر جمل 
برسالة سلمها إلى العقيد. وبعد أن قرأها تحدث إلى ضابط برتبة رائد. ومن 
م 
مؤخرة الطابور؛ على مسافة نصف ميل؛ سمع كيم صخبًا مرحا غامضدًا ينهل 
عليه من خلال الغبار الكثيف. ثم ضربه أحدهم على ظهره صائحًا "قل لنا 
كيف عرفت يا ذراع الشيطان الصغيرة؟ أرجوك أيها الأب العزيز انظر إن 





وتهادى مهْرٌ بجوار الطابور حتى استقر بجوار قوس السرج على ظهر 


"والآن يا بُنى! تحققت نبوءتك فى الليلة الماضية. صدرت إلينا الأوامر 
بأن نركب القطار فى أومبالا إلى الجبهة فى الغد“. 

وقال كيم ”ما معنى ذلك” كانت الكلمات المستخدمة فى الإشارة إلى 
'الجبهة' و'ركوب القطار' جديدة عليه. 

"سوف تذهب إل الحربء كما تسميها . 

”طبعًا سوف تذهبون إلى الحرب. قلت ذلك ليلة أمس“. 

فعلاً ولكن... يا قوى الظلام! كيف عرفت؟“. 

وتلألأت عبنا كيم. وأقفل شفتيه» و الها برأسة وبدا عليه تعبير لا 
يوصف. وتقدم الكاهنان خلال الغبارء وتنادى الجنود من رتبة "النفر' إلى 
'الرقيب* إلى الملازم الثانى» موجهين الانتباه إلى الصبى. وكان العقيد» على 
شائعات السوق. ولكن» حتى لو صح هذا...“ وأشار إلى الورقة فى يده ”ولكن 
هذا أمر يغيظ! لم يُتخذ القرار إلا فى الساعات الثمانى والأربعين الماضية!“. 

وقال: الج عدون "هل ترجف القفر .من أنخالك في اللينة؟ أم در اك فلقة هن 
فلتات الطبيعة؟”. 

وقال الصبى ”الآن وقد أخبرتكم؛: هل تدعونى أرجع إلى صديقى العجوز؟ 
لو لم يكن قد أدرك المرأة التى من كولوء فأخشى أن يموت“. 

ار ل كلا! لقد 


1 








الخاص بين عدة مئات من الرجال ذوى البشرة البيضاء. ولم تفقد سحرها 
قصة ظهوره فى المعسكر واكتشاف نسبه؛ والنبوءة التى أدلى بهاء عندما 
تكررت روايتها. وشاهد امرأة بيضاء ضخمة لا شكل لها فوق كومة من لوازم 
الفراش» وإذ بها تسأله دون إيضاح إن كان يظن أن زوجها سوف يعود من 
الحرب. وفكر كيم وقد اكتسى وجهه سمات الجد ثم قال إنه سيعودء فقدمت 
المرأة إليه طعامًا. كان هذا الموكب الكبيرء الذى يعزف الموسيقى من حين 
لآخرء هذا الحشد الذى يتكلم ويضحك بيسر بالغ» يشبه من عدة وجوه أحد 
الاحتفالات فى مدينة لاهور. لم تلح حتى الآن بادرة على العمل الشاق» فقرر 
أن يستمتع بالمشهد إلى أقصى حد. وفى المساء حضرت بعض الفرق 
الموسيقية لمقابلتهم» وصاحبت دخول الفرقة الجوالة معسكرها بالقرب من 
محطة أومبالا للسكك الحديديّة. كانت هذه ليلة طريفة. جاء رجال من فرق 
أخرى لمقابلة 'الجوالين“» وخرج بعض "الجوالين* للقيام بزياراتهم الخاصة: 
وكان أفراد حرس الطوارئ يهرعون لإعادتهم؛ ويقابلون حرس الطوارئ من 
فرق غريبة وهم يؤدون العمل نفسه؛ وبعد فترة» دوت الأبواق دويًا هائلا تدعو 
إلى حضور المزيد من حرس الطوارئ والجنود للسيطرة على الصخب. 
ورغم أن فرقة الجوالة قد أثبتت ما اشتهرت به من حيوية دافقة» فإن أفرادها 
اصطفوا فى صباح اليوم التالى على رصيف القطارء بنظام محكم وعلى خير 
وجهء ثم ركبوا القطار تاركين من خلفهم كيم مع المرضى والنساء والأولاد: 
ووجد كيم نفسه يصيح لهم بحماس صيحات الوداع عندما انطلقت القطارات. 
كانت حياته بصفته إنجليزيًا ممتعة حتى الآن» ولكنه كان 'يقربها' بيد حذرة. 
ثم أمروه بالمسير عائداء يراقبه أحد صبيان الطبل؛ إلى ثكنات خاوية مطلية 
بالجيرء تغطى أرضياتها القمامة والدوبار والورق» وترجع أسقفها أصداء وقع 
أقدامه الموحشة. ومثلما يفعل أبناء البلد تكور على سرير نزغ فرشة ونام 
وإذا برجل اب عي الشرفة مقبلا ويوقظه قائلا إنه مُعَلم. 
كان ذلك كافيًا لكيم فدخل قوقعته. كان يستطيع بصعوبة إدراك مغزى شتى 
لافتات الشرطة المكتوبة بالإنجليزية فى مدينة لاهور لأنها تمس أسباب 


51 








راحته» وكان من بين الزوار الكثيرين للمرأة التى كانت ترعاه رجل ألمانى 
غريب الأطوار يتولى رسم المناظر الخاصة بفرقة مسرح جوالة من الطائفة 
الزرادشتية (التى تؤمن بإله فوق الجميع والصراع الكونى بين روح الخير 
وروح الشر). وقال الرجل لكيم إنه كان 'وراء المتاريس* فى عام ١854‏ (أى 
حارب فى الثورات التى اجتاحت المدن الأوربية أنذاك) ومن ثم - هذا ما 
فهمه كيم على الأقل - فسوف يعلم الصبى الكتابة فى مقابل الطعام» وكان كيم 
قد تعلم حروف الهجاء مفردة من قبلء لكنه لم ير فيها خيرا. 

وقال كيم» موجسًا الشرء "لا أعرف شيئا. اتركنى!” وهنا أمسكه الرجل 
من أذنه وجره إلى غرفة فى جناح بعيد يجلس فيها اثنا عشر صبيا من صبيان 
الطبل على مقاعد خشبية» وأمره أن يجلس ساكنا إن لم يستطع أن يفعل غير 
ذلك. ونجح كيم فى ذلك. وشرح الرجل شيئًا ما بخطوط بيضاء على سبورة 
سوداء لمدة لا تقل عن نصف ساعة؛ واصل فيها كيم نعاسه الذى كان قد أوقظ 
منه» وكان يبغض بشدة ما آلت إليه الأحوال الآنء» فلقد كان هذا هو الانضباط 
والنظام المدرسى الذى قضى ثلثى مينئَ حياته الصغيرة فى تحاشيه. وفجأة 
خطرت له فكرة جميلة» ودهش لأنها لم تخطر له من قبل. 

وصرف الرجل التلاميذء وكان كيم أول من وثب من خلال الشرفة إلى 
ضوء الشمس والهواء الطلق. 

وصاح صوت حاد فى أعقابه ”أنت هناك! قف! توقف! واجبى أن أرعاك. 
أوامرى ألا أدعك تغيب عن ناظرى. إلى أين تمضى؟ 


كان ذلك هو صبى الطبل الذى ظل يلازمه طوال عصر ذلك اليوم» وكان 
قينا على وكية تمتن توفي نفو : ال ابكة عشن ‏ مرك "عمو وشعن كوو دنه 
يمقته من نعل حذائه الطويل إلى شرائط قبعته. 


وقال كيم بعد لحظة تفكير ”إلى السوق. لشراء الحلوى. من أجلك". 
”لا. السوق مكان محظور. إذ ذهبت إليه ضئربت 'علقة“. ارجع“". 


5 








لم يكن كيم يعرف معنى كلمة 'محظور“»؛ ولكنه أراد أن يبدى الأدب مؤقتا 
فقال ”ما أقرب مكان أستطيع الذهاب إليه؟”. 

”أقرب؟ تقصد أبعد! يمكننا أن نذهب حتى تلك الشجرة فى منتصف 
الطرديق'". 

"إذن سأذهب إليها". 


”لا بأس. لن أذهب أنا. الحر شديد. أستطيع مراقبتك من هنا. لا فائدة من 
الهرب. لو هربت فسوف يعرفونك من ملابسك. فأنت ترتدى ملابس الفرقة 
العسكرية. لا يوجد فى أومبالا حارس يعجز عن إعادتك بأسرع مما ذهبت". 

ولكن كيم لم يكترث لذلك» وإن كان واثقا أن ملابسه سوف ترهقه إن 
حاول الجرى» فمضى متكاسلا إلى الشجرة القائمة فى ركن شارع خال يؤدى 
إل اللعوق: وتعتك نورمي اذا اليلد الفازرون ديهم كان «متطفيع ون خف التاق 
المنتمين إلى أحط الطوائف. ونادى كيم أحد الكناسين (أحط طائفة وتعمل بجمع 
القمامة والفضلات). وإذ بالكناس يرد عليه ردًا سريعًا به من البذاءة ما لم يكن 
يستدعيه الموقف؛. معتقد! بطبيعة الحال أن الغلام الأوروبى يعجز عن 
مجاراتهاء وخاب ظنه حين سمع إجابة كيم السريعة بصوت منخفض. كان كيم 
قد أفرغ فيها حنقه على ما يثقله من أغلال: ممتنا للفرصة التى جاءته أخيراء 
فروضنة م كنخطن: بأفضل: لق تحيدها :كد أضنات: قفاخلا "اذفت الآن :إل أقزيت 
كاتب خطابات فى السوق وقل له أن يجيئنى. أود أن أكتب خطابًا“. 

”"ولكن... أى نوع أنت من أبناء ذوى البشرة البيضاء حتى تحتاج إلى 
كاتب خطابات؟ ألا يوجد مُعَلمٌ فى الثكنات؟". 

"نعم. وجهنم زاخرة برجال من النوع نفسه. افعل ما أمرتك به - أنت يا 
أحط حفار وكناس. أمك تزوجت تحت سلة! أنت يا من تعبد لال بيج“ وكان 
كيم يعرف رب الكناسين. ”افعل ما طلبته منك وإلا فسوف نتكلم مرة أخرى". 

وانطلق الكناس مسرعًا. وتمتم لأول كاتب خطابات يصادفه فى السوق 


575 








قائلا ”عند الثكنات ولد أبنسن ينتظطر تحت شجرة وليس ولدًا اير وهو 
يحتاج إليك". 

وقال كاتب الخطابات المهندم "وهل سيدفع“ ثم حمل مكتبه الصغير 

”لا أدرى. ليس مثل غيره من الصبيان. اذهب لترى. الأمر جدير 

وكان كيم يتململ نافد الصبر عندما لاح الكاتب الشاب النحيل» ابن طائفة 
اكايك» (فى أوتاز. .يوادي مقاطعة لوكناو)..وما إن رت أنه على مسمع 
منه حتى رفع صوته بشتائم جزلة. 

وكا :كاه القطابات: "اتقاول: أحووض أوالة شتاتتك: تدسرافيك المصوي بولك 
من أنت يا من تلبس هذه الملابس وتتكلم بهذا الأسلوب“". 

"لال ةانق الكجزاي» الام سرف كنود :يدك باذ ساق لقني لسكا ف 
عجلة من أمرى. أستطيع الاستعانة بكاتب آخر. مدينة أومبالا زاخرة بهم مثل 


6 


لاهور . 
وقال الكاتب ”أربع أنات“. وبدأ يجلس وينشر قماشه فى ظل جناح مهجور 
من أجنحة الثكنات. 
وجلس كيم القرفصاء بصورة آلية إلى جواره - القرفصاء التى لا 
يستطيعها إلا ابن البلد - على الرغم من السروال السخيف الذى يحد حركته. 
وتكم القاقة يقالب التظر اك 
وقال كيم ”هذا هو الأجر الذى تطلبه من الإنجليز. فما الأجر الحقيقى 
لى؟". 


” ”أناء ونصف. كيف أثق أنك لن تهرب بعد كتابتى الخطاب؟“". 


35371 





”أنا ممنوع من الذهاب إلى ما بعد هذه الشجرة:؛ كما إن علينا تدبير طابع 
البريد”. ١‏ 

”لا أتقاضى عمولة على ثمن طابع البريد. قل لى مرة أخرى أى نوع من 
الصنيداة. البيكن نت 

"سيذكر هذا فى الخطاب» وهو مرسل إلى محبوب ع تاجر الخيول فى 
سراى كشميرء فى لاهور. فهو صديقى . 

وتمتم كاتب الخطابات وهو يغمس ريشته فى المحبرة "يا عجبًا من بعد 
عجب! وهل يُكتب الخطاب باللغة الهندية؟ . 

"بالتأكيد. إذن إلى محبوب على. ابدأ الكتابة. أتيت مع الرجل العجوز إلى 
أومبالا بالقطار. وفى أومبالا أبلغت الخبر الخاص بأصالة نسب الفرسة 
السمراء. كان كيم قد قرر من بعد ما شاهده فى الحديقة ألا يكتب عن فحول 
لكي السيشياء:. 

”أبطئ قليلا. ما علاقة الفرسة السمراء بالموضوع؟ هل هو محبوب على؛ 
التاجر العظيم؟". 

"ومن غيره؟ كنت ولا أزال أعمل لديه. إلى الإزحة مف الهدد دفدة أخوض 
اكتب: نفذت الأمر حرفيًا. ثم اتجهنا سيرًا على الأقدام إلى بيناريس. لكننا فى 
اليوم الثالث وجدنا فرقة عسكرية معينة. هل كتبت هذا؟". 

وتمتم الكاتب وكله أذان ”نعم. فرقة من المشاة". 

'دخلت المعسكر وقبضوا على, وبفضل التميمة المعلقة فى رقبتى» وأنت 
تعرفهاء أثبتوا أننى ابن رجل من رجال الفرقة» وفقا للنبوءة الخاصة بالثور 
الأحمر؛ء وأنت تعرف أنها كانت على أفواه الناس فى سوقنا“. وانتظر كيم 
حتى يغوص نصل هذا السهم فى قلب كاتب الخطابات» وتنحنح ثم استأنف 
إملاءه قائلاً: ”وجاء كاهن فكسانى حلة؛ وأعطانى اسما جديدًا... ولكن كاهنا 
آخر كان أحمق. الحلة ثقيلة الوطأة ولكنى إنجليزى والحزن فى قلبى ثقيل 


">15 








الوطأة أيضًا. وهم يرسلوننى إلى المدرسة ويضربوننى. لا أحب الهواء 
والماء هنا. تعال إذن وساعدنى يا محبوب على. أو ابعث لى ببعض النقود. 
فليس معى ما يكفى دفع أجر كاتب هذا الخطاب”. 

وقان العافت “كش جو :القطاف "رن إن انا الذى: ‏ أخدطات :فحداتك 
تخدعنى. أنت ماهر مثل حسين بوكس الذى كان يزيف طوابع البريد فى 
نوكلاو. ولكن يالها من قصة! يا لها من قصة! هل هى صادقة حفا؟ . 

”لا فائدة من الكذب على 'محبوب على“. ومن الأفضل مساعدة أصدقائه 
بإعارتهم طوابع بريد. وعندما تأتى النقود سوف أدفع”". 

وغمغم الكاتب فى تشكك وأخرج طابع بريد من مكتبه وأغلق الخطاب 
وختمه بالشمع وسلمه إلى كيمء وذهب. كان 'محبوب على' اسمًا ذا سلطان فى 
أومبالاآءوصاح كيم خلف الرجل ”هذا هو السبيل لإضافة حسنات لكشف 
حسابك عند الأرباب"“. 

ورد الرجل عاليا من فوق كتفه "ضاعف الأجر لى عندما تصل النقود“. 

وقال صبى الطبل عندما عاد كيم إلى الشرفة ”عَم كنت تحادث ذلك 
الأسود؟ كنت أراقبك". 

"كنت أحادثه وحسب“". 

”ألا تتحدث :تلعة السوة نفشها؟ : 

"كلا! كلا! لا أتكلم بها إلا قليلا“. 

"توف تنو :نوراق للحتتاء فك تشيقه فق دي 101 اش الل كوت 
ذهبت مع الفرقة إلى الجبهة. ما أفظع البقاء هنا والاقتصار على المدرسة. ألا 
تكرهها؟ . 

"من كل ليون .: 

"لو عرفت أين أذهب لهربتء ولكنء كما يقول الرجالء ليس المرء إلا 


50 


سجينا دون قيود فى هذه الهند اللعيئة. لا يستطيع الفرد أن يهرب إلا قبض 
عليه فورًا. لقد مللت وسئمت 

"هل كنت فى إنجلترا؟“". 

"لم أحضر إلا فى موسم التجنيد الأخير مع أمى. كان ينبغى أن أظل أنا 
فى انجلترا. ما أجهلك من شحاذ صغير! ألم تنشأ وتترعرع فى هذه 
البالوعة؟". 

بالتاكية: حذقتى كليلد عق إتطلمر 1.واالذى كان تجلدة يا": 

ولم يصدق كيم بطبيعة الحال» وإن لم يقل هذاء كلمة واحدة مما ذكره 
صبى الطبول عن ضاحية من ضواحى مدينة ليفريولء كانت تمثل إنجلترا 
له ولكن الحديث ساعد على تزجية الوقت حتى موعد العشاءء وكان وجبة 
غير شهية على الإطلاق» قدمت للأولاد وبعض المرضى فى ركن من أركان 
التكنة. ولولا أن كيم كتب ما كتب إلى 'محبوب على“ » لداهمه ما يشبه 
الاكتئاب. لم تكن لامبالاة أبناء البلد جديدة عليهء ولكن هذا الإحساس الشديد 
بالوحشة وسط ذوى البشرة البيضاء كان يحز فى نفسهء وهكذا شعر بالامتنان 
عندما جاء جندى ضخم ساعة العصر واصطحبه إلى الأب فكتور الذى يقيم 
فى جناح آخر عبر ساحة الاستعراض المتربة» وكان الكاهن يقرأ خطابا 
إنجليزيًا مكتوبًا بحبر أرجوانىء فألقى على كيم نظرة بها من الدهشة ما فاق 
كل دهشة سابقة. 


٠. 


يه ساب سس 
الأو نشاف قا ال كددسنية كل قووان وف سكعت الاو لقا وسالة 


عجيبة من صديقك . 


1 ا هو الآن؟ هل هو بخير؟ أواه! ما دام يعرف كتابة الخطابات فلا 


.”هل أنت مغرم به إذن؟". 


'طبعًا مغرم به. وكان هو مغرمًا بى“. 





"هذا ما يلوح لى من ظاهر الخطاب. ألا يستطيع أن يكتب الإنجليزية؟“ 

"كلا. لا يستطيع فى حدود ما أعلم» ولكنه طبعًا وجد كاتب خطابات يجيد 
كتابة الإنجليزية» وهكذا أرسل لى. أرجو مخلصًا أن تفهمنى". 

"هذا ما يوضح الأمور. هل تعرف شيئًا عن شتئونه المالية؟” وبدا على 
وجه كيم أنه لم يكن يعرف. 

"وكيف أعرف؟". 

”هذا هو ما أسأل عنه. استمع الآن وانظر إن كنت تستطيع أن تفهم شيئا 
منه. فلنتجاوز القسم الأول.. . الخطاب مرسل من طريق 'حاجاذير'... ”أنا 
جالس على جانب الطريق فى تأمل عميق» واثقا من رضى سعادتكم عن 
الخطوة الراهنة؛ ألا وهى مؤازرتى لما سوف تقومون به من أجل الله القدير. 
فالتعليم أكبر بركة إن كان من أفضل نوع“. أقسم إن الرجل أصاب كيد 
الحقيقة هذه المرة! ”ولو تعطفتم يا صاحب السعادة وأَتَحتم لغلامى أفضل تعليم 
فى خائقيير“ لابد أنه يقصد إرسالية القديس خاقيير فى بلاد الكفار "بناء على 
محادثتنا فى خيمتكم فى يوم ١5‏ الجارى“ انظر اللمسة العملية هنا! ”فسوف 
ينعم الله القدير عليكم حتى الجيل الثالث والرابع" - واسمع الآن هذا! - ”ثق 
أن خادمكم المتراضع يا صاحب السعادة سوف يتكفل بالنفقات السنوية 
لازن مرياه حو ال نكارة رمبلع اللقماة أروبية كل ماع لتنطرة لمضاريف 
القصير اللازم لإرسال المبلغ مر من خلال الحوالة إلى أى مكان ف الهند 
تجعلونه سعادتكم عنوانا لكم. وخادم سعادتكم لا يملك حاليًا مكانا يضع فيه 
رأسه على الوسادة. ولكنه ذاهب إلى بيناريس بالقطار بسبب اضطهاد المرأة 
العجوز له بكثرة كلامهاء وعدم رغبته فى البقاء فى أى بيت فى 
سهارنيور. والآن قل بالله ماذا يعنى ذلك؟ . 

”أظن أنها طلبت منه أن يصبح كاهنا فى سهارنيورء وهو لا يرغب 
فى ذلك بسبب طلبه لنهره. وهى كثيرة الثرثرة . 


516 








”الأمر واضح لك إذن؟ إنه يستعصى تمامًا علىّ. "وهكذا أذهب إلى 
بيناريس حيث أجد العنوان 5أرسل الروبيات إلى الصبى الذى هو إنسان 
عينى. وأرجوك من أجل الله القدير أن توفر له التعليم» وسوف يجد من 
يتوسل إليك نفسه ملزما بالدعاء فى خشوع لكم إلى الأبد. كتبه سوبراو 
ساتاى» من لم يوفق فى اختبار القبول بجامعة أللاهاباد. لحساب تيشو اللاما 
المبجل2. كاهن سوخزن. الباحث عن نهر. العنوان طرف "تيرثانكارز ' 
بيناريس. ملاحظة: اذكر أن الصبى إنسان عينى وسوف ترسل الروبيات 
بحوالة نقدية» مقدارها ثلاثمائة فى السنة. من أجل الله القدير“. والآن: هل 
هذا جنون مطبق أم عرض مالى عملى؟ إننى أسألك لأن عقلى توقف“. 

"يقول إنه سوف يعطينى ثلاثمائة روبية فى السنة؟ إذن سوف يعطينى 
ذلك" 

"هل هذا أسلوب نظرك للدم . 

” طبعًاء ما دام يقول ذلك“. 

وعدن الكاهرن يقية اث :بدأ ينفاظطي كين رنفاطية الأنداد: 

”لا أصدق. ولكن سنرى. كان المفترض أن تذهب اليوم إلى دار الأيتام 
التابعة للجيش فى 'ساناوارء» حيث تتكفل الفرقة بالإنفاق عليك حتى تبلغ سن 
التجنيد. وكان المفترض أن تنشأ وفق مذهب الكنيسة الإنجليزية» فذلك ما تولى 
بينيت تدبيره. ولكن من ناحية أخرىء إذا ذهبت إلى إرسالية القديس خاقيير 
فسوف تتلقى تعليمًا أفضلء وكذلك تتلقى مبادئ الدين. هل ترى معضلتى؟". 

لم يكن كيم يرى شيئاء سوى رؤياه للاما متجها إلى الجنوب فى قطار من 
دون صبى يتسول من أجله. 
يا قوى الظلام فى الأرض! كيف يتسنى لشحاذ أن يحصل على ثلاثمائة 
روبية؟ - فسوف تذهب إلى لوكناو وسأدفع أنا ثمن التذكرة» لأننى لا أستطيع 


517 








أن أمس مصاريف الدراسة إذا كنت أنتوى أن أجعلك كاثوليكياء وهو ما 
قررته. وإذا لم يرسل النقود فسوف تذهب إلى بيت الأيتام العسكرى على 
حساب الفرقة. سأمنحه مهلة قدرها'ثلاثة أيام» وإن كنت لا أصدق ذلك إطلاقا. 
وحتى لو حدثء فإذا تخلف عن الدفع فيما بعد... ولكن الأمر يستعصى على 
ذهنى. أحمد الله على أننا لا نستطيع أن نناقش إلا خطوة واحدة كل مرة فى 
هذه الدنيا! لقد أرسلوا بينيت إلى الجبهة وتركونى هنا. لا يمكن أن يتوقع 
بيَنينت كل شئىء . 
وقال كيم بنبرات غامضة "قطعا"“. 


ومال رأس الكاهن إلى الأمام وقال ”أدفع مرتب شهر كامل حتى أعرف 
هنا فدوون تذاكل نو أمتك المسكديو ١‏ الفهين -5 1" : 

وقال كيم ”لا شىء“. وحك رأسه. كان يتساءل فى نفسه إن كان 'محبوب 
على'؛ سوف يدفع له ما يصل إلى روبية كاملة. فإذا حدث سدد دَيْنَ كاتب 
الخطاب وكتب خطابات إلى اللاما فى بيناريس. وربما زاره 'محبوب على”' 
فى المرة التالية التى يهبط فيها مع الخيول إلى ذلك الجنوب. ولابد أنه يعرف 
أن قيام كيم بتسليم الخطاب إلى الضابط فى أومبالا قد أدى إلى الحرب الكبرى 
التى ناقشها الرجال والصبيان بأصوات مرتفعة حول موائد العشاء فى 
التكنات. ولكنء» إن لم يكن 'محبوب على“ قد علم بذلك» فليس من المأمون 
إطلاعه عليه. كان 'محبوب على“ يقسو على الصبيان الذين يعرفون أكثر مما 
ينبغى أو يظنون ذلك. 

وارتفع صوت الأب فكتور فقطع سيال فكر كيم قائلاً ”"ريثما تصلنى أنباء 
أخرى؛ لك أن تنصرف وتلهو مع غيرك من الغلمان» فسوف يعلمونك شيئاء 
ولكننى لا أظن أنه سوف يروق لك“. 

ومضت ساعات النهار بطيئة إلى نهايته المملة. وصدرت إليه التعليمات 
بكيفية طى ملابسه ونظام وضع حذائه عندما يريد الرقاد. والصبيان الآخرون 
يسخرون منه. ودوت الأبواق عند الفجر فأيقظته» وقبض عليه كلخ بعد 


5١ 








الإفطار ودفع بصفحة مليئة بالحروف التى لا معنى لها تحت أنفه» وأطلق 
عليها أسماء لا معنى لها وجعل يضربه دونما سبب. وخطر لكيم أن يدس السم 
لاق مول ةالو شور لق كن كا الثكنة» ولكنه رأى أن ذلك قد 
يكون خطيرا ما دام الجميع يأكلون معًا على مائدة واحدة مكشوفة» وهو ما كان 
كيم يمقته بشدة إذ كان يفضل أن يدير ظهره للدنيا عند تناول وجباته. ثم حاول 
أن يهرب إلى القرية التى حاول الكاهن فيها تخدير اللاماء القرية التى يقيم فيها 
الجندى الهرمء ولكن الحراس بعيدى النظر عند كل مخرج كانوا يردون 
الصى «الصنعين. :13 اتجلة: لكبو اء: على عقيف كان المنزوال والسقرة يدان 
الجسم والعقل معاء ومن ثم تخلى عن المشروع وعادء بالأسلوب الشرقىء» إلى 
انتظار ما يأتى به الزمن والمصادفة. ومرت ثلاثة أيام من العذاب فى الغرف 
الشاسعة البيضاء التى ترجع أصداء الأصوات. كان يخرج ساعة العصر 
يرافقه غلام الطبلء ولم يكن يسمع من رفيقه إلا الألفاظ التافهة القليلة التى 
كانت تشكل فيما يبدو شتائم الرجل الأبيضء وكان كيم يعرفها ويحتقرها جميعًا 
منذ زمن بعيد. وكان الغلام يستاء من صمت كيم وعدم اهتمامه ويعبر عن 
استيائه بضربه؛ وهو أمر طبيعى. ولم يُعجب كيم أى سوق من الأسواق داخل 
النطاق المسموح به. كان يعتبر كل أبناء البلد من السودء ولكن الخدم 
والكناسين كانوا يشتمونه شتائم مقذعة فى وجهه. وهو ما لم يكن يفهمه بسبب 
اتخذاعة جمواتفيي الخائعة 'تفاهه: .وكان <ذللك يع كلع مفكن: الشه عن 
اتوت 

وقق ضنناخ اليم الوائع, كل حككم الشماء يذلك. الغلاق الطبال. كانا فد 
خرجا معًا تجاه حلبة سباق الخيل فى أومبالا ثم عاد الغلام وحده باكيّاء قائلاً 
إن أوهارا الصغير - الذى لم يسئ الغلام إليه بصفة خاصة - قد لَوَحَ لرجل 
أسود ذى لحية قرمزية على ظهر جوادء وأن الأسود قد انقض على الغلام 
فجأة بسوط يلتصق بالجسم عند الضرب به. ثم التقط أوهارا الصغير وحمله 
على متن الحصان راكضنا بأقصى سرعة. وعندما بلغت هذه الأنباء سمع الأب 
قكتور مط شفته العليا فى ضيق. كان قد انزعج من قبل بما يكفى عندما وصله 


7 








خطاب من معبد "تيرثانكارز“ فى بيناريس وقد أرفقت به حوالة مالية من مدير 
مصرف محلى وبخط يده قيمتها ثلاثمائة روبية» إلى جانب دعاء عجيب إلى 
'الله القدير' من أجله. وكان يمكن أن يزداد انزعاج اللاما عن انزعاج الكاهن 
لو كان اللاما قد عرف كيف ترجم كاتب الخطاب فى السوق عبارته التى 
كانت ”تحقيق الامتياز' فجعلها ”من أجل الله القدير'. 

وجعل الأب فكتور يدير الحوالة فى يديه ثم صاح "يا قوى الظلام فى 
الأرض! وها هو ذا ينطلق الآن مع صديق آخر من أصدقائه غير الموثوق 
بهم. لا أدرى هل تزيد راحتى إذا أرجعته أم إذا فقدته. لا أستطيع أن أفهمه. 
كيف بحق الشيطان... نعم! إنه الرجل الذى أعنيه!.. كيف يستطيع أحد 
متسولى الشوارع أن يدبر المال اللازم لتعليم صبيان بشرتهم بيضاء؟”. 

وعلى بعد ثلاثة أميال» فى حلبة سباق الخيل فى أومبالاء كان 'محبوب 
على' يمسك بزمام فحل خيل رمادى من كابول؛ وكيم جالس أمامه على ظهر 
الجواد. وقال محبوب: 

”ولكن أيها الصغير يا صديق العالم كله! لابد أن آخذ فى اعتبارى شرفى 
أنا وسمعتى. جميع الضباط الإنجليز فى جميع الفرق» وأومبالا كلهاء يعرفون 
'محبوب على'؛ وقد شاهدنى الرجل وأنا ألتقطك وأعاقب ذلك الغلام. ونحن 
على مرمى البصر الآن من أقصى أطراف السهل كله. كيف يمكن أن أختطفك 
أو أوضح سبب اختفائك إذا أنزلتك الآن وتركتك تفر إلى داخل المزارع؟ 
لسوف يحبسوننى. اصبر. من يولد انجليزيا يظل انجليزيا إلى الأبد. وعندما 
تصبح رجلا - من يدرى؟ - فقد تبدى الامتنان إلى 'محبوب على“'“. 


"خذنى إلى حيث أتحاو 35 هؤلاء الحراس حتى أغير هذه الحلة الحمراء. 
أعطنى بعض النقود حتى أذهب إلى بيناريس وأعود إلى صحبة اللاما صديقى 
من جديد. لا أريد أن أكون إنجليزياء ولا تنس أننى سلمت الرسالة“. 

وقفز الجواد فجأة قفزة شاردة. إذ كان 'محبوب على“ قد همز جنبه 


5 


بالمهماز ذى الطرف الحاد دون أن يدرىء فلم يكن ينتمى إلى النوع الجديد من 
راكبى الخيل الذين يلبسون الأحذية الإنجليزية الطويلة بمهمازها 'المهذب'. 
8 

واستنتج كيم ما استنتجه من هذه 'الخيانة' فى موقف 'محبوب على'. 

"لم تكن تلك إلا مسألة تافهة. كان المكان يقع فى الطريق المباشر إلى 
بيناريسء وقد نسيتها أنا والإنجليزى الآن» فأنا أرسل رسائل وخطابات كثيرة 
جدًا إلى الرجال الذين يسألوننى عن الخيل» ولا أستطيع أن أفصل فى ذاكرتى 
إحداها عن الأخرى. هل كانت تتعلق بفرسة سمراء كان بيترز الإنجليزى 
يريد أن يعرف نسبها؟". 

ولمح كيم علض الفور الفخ الذى نصبه محبوب» فلو قال كيم 'فرسة 
سمراء* لعلم محبوب أن الغلام يشتبه 6 شىع ما بسبيب استعداده لقبول 
التعديل» وهكذا أجاب كيم قائلا: 

"فرسة سمراء. لا. لا أنسى رسائلى بسهولة. كان ذلك فحل خيل أبيض“. 

الع نما د حوات بغز عضن ,لفك كقات ا فرويينة مر اول 

"وهل تقول :ادق أحذ الكاقت: خطانات 9" ركان كن ف هذه الاحانة شعن 
بأن محبوب يضع راحة يده على قلبه. 

وصاح صوت يقول "مرحبًا! قف يا محبوب أيها الخبيث!“ واقترب رجل 
إنجليزى مسرعًا على ظهر مهر صغير يُستخدم فى لعبة اليولو حتى 
أصبح بحذاء محبوب. و أطييداته ”"لقد قطعت نصف طول البلد فى 
ملاحقتك. اسمع! هذا الحصان الكابولى (الأفغانى) الذى تملكه سريع. هل 
تعرضه للبيع؟ . ْ 

"عندى بعض الخيل الصغيرة التى صنعتها السماء من أجل لعبة 
اليولو الرهيفة الصعبة. وليس له نظير. قفوم + 

"يلعب اليولو ويقدم لك الأطباق على المائدة! نعم نعم! نعرف ذلك 
كله. ماذا بحق الشيطان فوق حصانك؟” . 


ا 








وقال محبوب بنبرة جادة "صبى. كان غلام آخر يضربه. كان أبوه جنديًا 
أبيض فى الخزت العظمىء الحرب الأفغانية الثانية .)١188٠0-1١74148(‏ وكان 
الفعنى ,ظفلا الى فونه هون كاق :راان إن يوالع اقنى, لوز لق .ار لي 
وأعتقد الآن أنهم سيصنعون منه جنديًا. عثرت عليه فرقة أبيه أخيراء الفرقة 
التى ذهبت للحرب فى الأسبوع الماضى. ولكن لا أظن أنه يريد أن يصبح 
جنديًا. وأنا أتنزه معه. قل لى أين ثكناتك وسوف أنزلك هناك". 

"عدي أذهب. أستطيع أن أجد الكنات بنفسى . 

'وإذا هربت سيقول الجميع إننى الملوم". 

"سوف يسرع عائدا لتناول عشائه“. وأضاف الإنجليزى ”وهل له مكان 
آخر يهرب إليه؟”. 

”لقد ولد فى هذه البلاد. ولديه أصدقاء. ويذهب إلى حيث يشاء. وهو 
صغير ذكى. لن يتطلب الأمر إلا تغيير ملابسه وفى غمضة عين يصبح غلامًا 
هندوسيا من طبقة خفيضة . 

وتتخقن: الاإتعليدى الحن كاكلا "لا شك فى ذلك أشنا انظااق شحدويت 
ين اتجاه الثكنات» وأخذ كيم يصر 59 أسثاتة. كان محبوب يسخر منه» شأنه 
فى ذلك شأن الأفغان الذين لا يحفظون العهدء إذ استمر يقول: 

"سوف يرسلونه إلى مدرسة ويلبسونه أحذية طويلة ثقيلة ويلفونه بهذه 
الملابس! وعندها سوف ينسى كل ما عرفه. والآن» أى الثكنات ثكنتك؟“”. 

وأشار كيم بيده - لم يكن يستطيع الكلام - إلى جناح الأب فكتورء 

وقال محبوب بنبرات الذى استغرق فى التفكير "ربما يصبح جنديًا عظيما. 
أو قل - على الأقل - جندى مراسلة صالحء أرسلته لتسليم رسالة ذات يوم من 


55 








كان محبوب بذلك يزيد الطين بلة» وكان 'الطين* - إن صح التعبير - 
قاتلا و'البلة؛ أشد وأنكى! وسمع الإنجليزى الذى كان قد نقل إليه ذلك الخطاب 
الذى أوقظ الحرب بمكر شديد ما قاله. وشاهد كيم 'محبوب على" يتلظى بالنار 
لخيانته» وأما هو فقد شاهد صفا طويلا رماديًا من الثكنات والمدارس ثم 
الثكنات بعدها. وجعل يحدق متوسلا فى الوجه ذى الملامح الحادة لكنه لم يلمح 
أدنى بارقة على أن الرجل قد عرفه؛ ولكنه؛» حتى فى هذا الموقف العصيبء لم 
يخطر له قط أن يضع نفسه تحت رحمة الإنجليزى أو أن يفضح الأفغانى. 
وتعمد محبوب أن يحدق فى وجه الانجليزى الذى كان يحدق عامدَا فى وجه 
كيم مرتعدا معقود اللسان. 

6 5 0 : ف 2 ,, ع 3 ض‎ ٠ 

وقال تاجر الخيول حضناني أاحسن تدريبه» عيره من الخيول تركل : 

وقال الإنجليزى أخير! ”آه“ وهو يجفف غارب مهره المبلل بمقبض 
سوطه؛ ثم سأل ”من الذى سيصنع من الصبى جنديًا؟”. 
للفرقة”. 

وقال كيم ”ها هو ذا الكاهن!*“ كان يكاد يغص بالألفاظ أثناء إقبال الأب 

وصاح الأب فكتور قائلا ”يا قوى الظلام على الأرض! كم من الأصدقاء 
المنوعين عندك يا أوهارا فى آسيا“ أثناء نزول كيم من فوق الجواد ووقوفه 
بلا حول ولا قوة أمامه. 

وقال الإنجليزى بنبرات مرحة ”صباح الخير أيها الكاهن! أعرفك خير 
المعرفة من سمعتك. كنت أعتزم أن آتى قبل الآن لزيارتك. أنا كرايتون”. 

وقال الأب فكتور:. ”من مصلحة المساحة العرقية؟" وأومأ الإنجليزى 
بالإيجاب. فأضاف الكاهن "أقسم إنى يسعدنى لقاؤك» إذن» وأدين بالشكر لك 
لإرجاعك هذا الصبى“. 


51-0 








”لا أستحق الشكر أيها الأب. أضف إلى ذلك أن الصبى لم يكن ينتوى 
الفرار. أنت لا تعرف محبوب على“. وكان محبوب على يجلس دون تعبير 
على وجهه فى ضوء الشمس. "سوف تعرفه بعد قضاء شهر فى الموقع. إنه 
يبيعنا كل خيولنا. هذا الصبى غريب إلى حد ما. هلا أخبرتنى ببعض 
معلومات عنه؟ . 

"أخبرتك؟" وزفر الأب فكتور مضيفا ”بل أنت الوحيد الذى يمكنه أن 
يخرجنى من متاهتى. أخبرتك تقول؟ يا قوى الظلام! لا أصبر حتى أخبر أحدًا 
عوفة كينا عن لقاع 'النلدةة: 

وجاء سائس خيل فرفع العقيد كرايتون صوته محادثًا إياه باللغة الأردية. 
"جميل جدا يا 'محبوب على'؛ ولكن ما فائدة إخبارى بكل هذه القصص عن 
المهر؟ لن أزيدك فطيرة عن ثلاثمائة روبية وخمسين". 

ورد تاجر الخيول قائلا ”العقيد يشعر بالحر والغضب قليلاً بعد الركوب!“ 
وبدا أنه ينظر نظرة المتفكه الذى يتمتع بموقف متميزء فأضاف "وسرعان ما 
يتبين مزايا حصانى بوضوح أكبر. سأنتظر حتى يستكمل حديثه مع الكاهن. 
سأنتظر تحت تلك الشجرة“". 

وضحك العقيد قائلاً ”ويحك! السبب تطلعى إلى أحد خيول 'محبوب 
على". إنه أيها الأب مصاص دماء عريق! انتظر إذن يا محبوب إن كان لديك 
الوقت. تفرغت الآن لك أيها الأب. أين الصبى؟ أوه! انفلت ليتآمر مع 
محبوب. غلام غريب الشأن. هل لى أن أطلب منك إرسال فرستى إلىّ فى 


مص م ناه 
2 


وجلس العقيد فى كرسئ على الشرفة يستطيع أن يرى منه بوضوح كيم 
ومحبوب على يتناقشان تحت الشجرة. ودخل الكاهن المبنى لإحضار السيجار. 


وسمع كرايتون كيم يقول بمرارة "ثق فى براهمينى قبل الثعبان» وفى 
الثعبان قبل العاهرةء وفى العاهرة قبل الأفغانى يا محبوب على“. 


3 / 








واهتز رأس الرجل بلحيته الحمراء الطويلة بوقار قائلا ”لا يغير هذا من 
الأمن قيذا: سفت ألا ايشامت الأطفال. السمادة أشاء هيا ,علي النزل: الاجد 
أن يتضح الرسم فيها. صدقنى نا صديق العالم كله؛ إننى أؤدى لك خدمة 
وقال كرايتون فى نفسه "يا لك من خاطئ داهية يا محبوب! ولكنك لم 
تبتعد كثيرا عن الصواب. فلا يجب إهدار مستقبل الصبى إن صح ما يقال 


5. 


عدةك . 
الوثائق قم هذه القضية . 

وقال محبوب على "لو قدّر لك - من خلالى - أن تتمتع برضى هذا 
العقيد الإنجليزى الباسل العاقل» فبلغت مراقى الشرفء فما الشكر الذى سوف 
تقدمه الى محبوب عم عندما تبلغ مبلغ الرجال؟ . 

وقال "لا لا! لقد | رجوتك أن تدعنى أنطلق فى الطريق مرة أخرى» حيث 
السلامة لىء ولكنك بعتنى من جديد إلى الإنجليز. فكم سيدفعون لك ثمنا 
لا 3 

وقال العقيد فى نفسه "شيطان صغير مرح وقضم طرف سيجاره 
واستدار بأدب لمواجهة قكتور. 

وقال محبوب على "ما هذه الخطابات التى يُلوّح بها الكاهن السمين أمام 

"خطاب من اللاما صديقى كتبه من شارع احساخادين ؟ يقول فيه إنه 
سوف يدفع تلاثمائة روبية فى العام لتغطية مصروفات مدر إنددين ‏ : 

”أوه! هل صاحب القبعة الحمراء العجوز من هذا النوع؟ وأى مدرسة 
تلك؟ . 





”الله أعلم. أظن أنها فى نوكلاو (أى لوكناو)“". 

"نعم فيها مدرسة كبيرة لأبناء الإنجليز وأنصاف الإنجليز. شاهدتها وأنا 
أبيع الخيول هناك. إذن فاللاما أيضنا أحب صديق العالم كله؟“ 

اعورواخ يكتيه رق لعن إلى الاللرة: 

”لا أَعْجَبْ من عجز الكاهن عن فك عقد الخيوط! ما أسرع ما يتحدث إلى 
العقيد الإنجليزى!” وجعل محبوب على يقهقه. "أقسم بالله!”“ وألقى نظرة سريعة 
ببصره الحاد على الشرفة قبل أن يقول "لقد أرسل اللاما صديقك حوالة مالية 
بخط اليدء فيما يبدو لى» وسبق لى التعامل بأمثالها. والعقيد الإنجليزى ينظر 
فيها . 

وقال كيم بنبرات الضجر ”وما فائدة هذا كله لى؟ لسوف ترحل أنت» 
وسوف يعيدوننى إلى تلك الحجرات الخالية حيث لا أجد مكانا مريحا للرقاد 
وحيث يضربنى الغلمان . 

”لا أظن هذا. اصبر يا صغير. ليس جميع الأفغان لا عهد لهم - إلا فى 
الخيول”". 

ومرت الدقائق» خمس وعشر وخمس عشرة: والأب فكتور يتحدث بحميّة 
أو يطرح الأسئلة التى يجيب العقيد عنها. 

”ها أنذا قصصت عليك قصة الصبى من البداية للنهاية» وأشعر براحة 
أشكر ربى عليهاء فهل سبق أن سمعت شبيهًا بها؟". 

وقال العقيد ”على أية حالء فقد أرسل الرجل العجوز المال» والحوالات 
النقدية بخط يد 'جوبند ساهاى' صالحة للصرف فى لمكاو نون هذا الضيوة: 
وكلما ازدادت معرفتك بأبناء لاحر عي وتوم برب مر و 
يمتنعون عنه . 


أفي هذا اكز اءالق 4 تومق: قد نراكينن“مصدلكة الطاهة العرقرة :ها بدن :او 


505 








هذا المزج بين الثيران الحمر وأنهار الشفاءء فيا للوثنى المسكين! ثم هذه 
الحوالات النقدية بخط اليد والشهادات الماسونية. وبالمناسبة هل أنت 
ماسونى؟ . 

وقال العقيد بنبرات شاردة "فعلا والله! ما دمت فتحت الموضوع. وهذا 

"يسرنى أنك ترى المنطق فى هذا. ولكن المسألة كما قلت لك خليط من 
الأمور التى تستعصى على فهمى. أضف نبوءته إلى العقيد فى فرقتنا! كان 
يجلس على سريرى وقد تمزق قميصه الصغير فكشف عن بشرته البيضاء 
ولك تكققت» بوك1 ذل كالهوة الضسى من كل لعزا قن مريسة 
القديس خاقيير؟". 

امكف لوقنف انل "ران علنة طن الما 1 المتدين» . 

"فعلا! أتوق إلى أن أفعل هذا يومًا ما. لكننى أرجو أن ينشأ ويُرَبَّى تربية 
الكاثوليكى الصالح. لا يقلقنى إلا ما عساه أن يحدث إذا تخلف الرجل الشحاذ 
العجوز ...”. 

”اللاماء اللاما يا سيدى العزيز. وبعضهم من السادة فى مواطنهم . 

"اللاما إذن! أقول إذا تخلف اللاما عن الدفع فى العام المقبل. لابد أن له 
ذهن التاجر الحصيف ما دام قد استطاع تدبير الأمر فى التو واللحظة. ولكنه 
من المحتوم أن يموت يومًا ما. والحصول على مال الوثنى لتوفير التربية 
المستحية لأحد الأطفال:..”. 

"لكنه قال صراحة ما يريده. ما إن عرف أن الغلام أبيض حتى اتخذء فيما 
يبدوء الترتيبات المناسبة. أتنازل عن مرتب شهر وأعرف التفسير الذى قدمه 
فى معبد 'تيرثانكرز”2 فى بيناريس! اسمعنى أيها الأب! أنا لا أزعم أننى 
أعرف الكثير عن أهالى البلدء لكنه إذا قال إنه سيدفع فسوف يدفعء حيًّا أو 


ار 0 








ينا أقضنة. أن الذي يركوته سواف» يتكملون: .متداذ الذوق,: تصبيحت. اليك أن 
ترسل الصبى إلى لوكناو. فإذا كان كاهنكم الإنجليكانى يظن أنك سبقته 

"بالسورع بحظ ررنية !! لوه ال السينية الث مقو قال روسل اتن شين 
لائق طبيًا وكتب شهادة بذلك. سوف أعلن حرمان *داوطى“ من رحمة الكنيسة 
إذا عاد حيًا! ولكن» بالتأكيد» يجب أن يقنع بينيت...“. 

"بالمجدء تاركا لك الدين؛ فعلا! لا أظن فى الواقع أن بينيت سوف يكترث 
لذلك. قل إننى أنا الملوم فى هذا. فأنا - أنا أوصى بشدة بإرسال الصبى إلى 
مدرسة القديس خافيير. وله أن يذهب إلى هناك باعتباره ابنا يتيمًا لأحد الجنود 
فيُعفى من دفع ثمن تذكرة القطار. ولك أن تشترى له الملابس من مخازن 
الفرقة المخفضة الأسعار. وسوف يُعفى المحفل الماسونى من تحمل تكاليف 
تعليمه؛ وهو ما سوف يسر أعضاء المحفل. الأمر بالغ اليسر. لابد أن أذهب 
إلى لوكناو فى الأسبوع المقبل. وسوف أرعى الصبى فى طريقى» وأكلف 
خدمى بالعناية به وهلمٌ جر". 

"أنت رجل صالح“. 

"على الإطلاق. لا ترتكب هذا الخطأ. لقد أرسل اللاما النقود لنا لغرض 
محدد. ومن المستبعد أن نعيدها إليه. وعلينا أن نفعل ما يقول. هل اتفقنا إذن؟ 
هل نقول مثلا إنلك سوف تسلمه إلى يوم الثلاثاء القادم» كى نركب قطار الليل 
المتجه جنوبًا؟ لم يبق على ذلك إلا ثلاثة أيام» لن يتسبب فى ضرر كبير فى 
ثلاثة أيام“. 

”لقد أزحت أثقالاً رازحة على صدرى ولكن ماذا نفعل بهذا؟" ولواح 
بالحوالة النقدية ”أنا لا أعرف جوبند ساهاىء ولا البنك التابع له» وقد لا يزيد 
عن فجوة فى أحد الجدران“. 


الوزتكن: انشه ربو ما لماز نا اق الخودية عاباك. فيورن ينا عندواقه الخد ال للق 





5١ 





إذا أردت وأرسل لك النقود فى “بونات* وفق المعمول به“. 

"ولكن مع كل مشاغلك! هذا تكليف...“ 

”ليس فى هذا أدنى مشقة. أنا متخصص فى علم الأعراق» وهو مبحث 
أجده بالغ الإثارة» وأحب أن أكتب مذكرة فى إطار بعض الأعمال الحكومية 
التى أقوم بها الآن. إن تحويل الشارة الخاصة بالفرقة» مثل الثور الأحمر الذى 
تحكى عنهء إلى رمز وثنى يتبعه الصبى أمر بالغ الطرافة”. 

"لن أوفيك حقك من الشكر مهما أفعل”. 

الل اسيشتية أن تقد نينا من أجلى! تعرف أننا - نحن المتخصصين فى 
علم الأعراق - نغار من مكتشفات بعضنا البعض. وهى لا تهم أحذا سوانا 
بطبيعة الحال؛ ولكنك تعرف طبع هواة جمع الكتب. إذن» ذه كلية واحدف 
مباشرة أو غير مباشرة. عن شخصية الصبىء اا ل وهلم 
حرا ٠‏ سوف أستقيها من الصبى فيماأ بعد - هل تفهمنى 1 

”"قطعًا. ستكتب قصة رائعة. لن أقول كلمة واحدة لأحد حتى أرى القصة 
مطبوعة". 

"شكرا. هذا يمس شغاف قلب المتخصص فى علم الأعراق. والآن» لابد 
أن أعود إلى إفطارى. يالله! صاحبنا محبوب لا يزال هنا؟' وعندما رفع صوته 
خرج تاجر الخيول من مكانه فى ظل الشجرة مقبلا فسأله العقيد ”ماذا عندك؟". 
يشارك فى لعبة البولو - ليتابع الكرة متابعة لصيقة دون تعليم - أى عندما 
يعرف مثل هذا المهر فن اللعبة بالحدس - أقول إنه من الخطأ الفادح ترويض 
ذلك المهر حتى يصبح من أحصنة جر العربات الثقيلة يا سيدى!”. 

”وهذا ما أقوله أيضًا يا محبوب. سوف يقتصر المهر على لعبة 
اليولو“. ثم التفت إلى الكاهن وقال ”لا يفكر هؤلاء إلا فى الخيل يا أبى”“ 
وعاد يقول ”أراك غداا يا محبوبء إن كان لديك شىء جدير بالشراء“. 





5 





وحياه التاجر بأسلوب الفرسان مُلوَحًا بيده» ثم همس إلى كيم الذى بدا عليه 
الألم قائلآً ”اصبر قليلاً يا صديق العالم كله. جاءك السعد! بعد قليل سوف 
تذهب إلى نوكلاو» وخذ هذا حتى تدفع أجر كاتب الخطاب. أعتقد أننى سوف 
أراك من جديد مرات كثيرة"» ثم انطلق يخب بحصانه فى الطريق. 

وصاح العقيد من الشرفة باللغة المحلية ”أصغ إلىّ: سوف أصحبك بعد 
ثلاثة أيام إلى لوكناوء فترى وتسمع أشياء جديدة طوال الوقت. وإذن عليك أن 
تظل فى مكانك ثلاثة أيام ولا تهرب. ستدخل المدرسة فى لوكناو". 

وقال كيم فى شبه نشيج ”وهل أقابل صديقى الربانى هناك؟". 

"على الأقل لوكناو أقرب من أومبالا إلى بيناريس. ربما تذهب فى 
وتذكر: لقد قيلت لى أشياء كثيرة لن أنساها“. 

وقال "سوف أنتظر. ولكن الأولاد سوف يضربوننى”". 


ثم دوت الأيواق معلنة موعد العشاء. 


لاا سس سس 77 7 مس 


الفصل السابع 
لخير' مَنْ تدُورٌ فى السّماء هذه السمويق المّثقلاآت 
بالحمقى من الأقمار 57 : الذامياة لاحك م السّابحات؟ 
شق الطريق وسنطها.. ولا يُيْْ َدْرَاكَ أخفت الأصنوات! 
حُرُوبُ هذى الأرض ذات حطة وفى المتّمَا الخُروب سَامِيات 
يا مَنْ ورت هذه الأفوال والمُتازّعّات والمُكافحات 
مِن ذنب آَم القديم والآبَاء من مَضَى مِنْهُمْ وفات 
انظ إلى السّمًا فاستفت طالعًا يقول 
يا الكرك اضر لكاو رونا لذ تضمن غلك أن انووك! 
(سير جون كريستى) 
في الفصون قال مدل المذويفة كن “ادح اكير لكيه إن "السب قن تق 
من القوة"' وهو ما لم يكن يعنى أى شىء له حتى صدر الأمر له بالانتصراف 
واللعب. وعندها أهرع إلى السوق حتى عثر على كاتب الخطابات اليافع؛ 
وكان كيم مدينا له بثمن طابع بريد. 
وقال كيم بنبرات العظمة ”الآن أدفع؛ والآن أحتاج إلى كتابة خطاب آخر“. 
وقال كاتب الخطابات بنبرات مرحة "محبوب على فى أومبالا“. كان 
لفن عقلة يمتلن نكتنا اللو ماع :العايية:' المقلوطة:: 
"ليس هذا موجها إلى محبوبء بل إلى كاهن. خذ قلمك واكتب بسرعة ما 
يلى: ”إلى تيشو اللاماء الرجل الربانى من التيبت؛ الذى يبحث عن نهر 
ويقيم الآن فى معبد 'تيرثانكرز' فى بيناريس"“. خذ مزيدا من الحبر! تقرر أن 
أذهب بعد ثلاثة أيام إلى نوكلاو.ء حيث أدخل المدرسة فى نوكلاو. اسم 
المدرسة خاقيير» ولا أعرف أين المدرسة؛, ولكنها فى نوكلاو“". 








و 


وقاطعة الكاتب قائلاً "لكنى أعرقف تؤكلاو. أعرف أين المدوسة“. 

”"أخبره بمكانها وسأعطيك نصف أن 

وانطلق القلم البسط يخمش الورق بنشاط. وقال الكاتب *لن يتوه عنه"! ثم . 
رفع رأسه وقال "من الذى يراقبنا عبر الشارع". 

وتطلع كيم فى لهفة فشاهد العقيد كرايتون بملابس ملعب التنيس. 

”إنه رجل إنجليزى يعرف الكاهن السمين فى الثكنات. وهو يشير طالبًا أن 


أذهب إليه“. 
وقال العقيد عندما جاءه كيم يجرى "ماذا تفعل؟ . 


"لم أكن أحاول الهرب. كنت أرسل خطابا إلى صديقى الربانى فى 


"لم يخطر ذاك ببالى.هل قلت له انى سأصحبك إلى لوكناو؟ “. 

”لا. لم أذكر ذلك. اقرأ الخطاب إن كان لديك شك”. 

"إذن لماذا أغفلت اسمى فى خطابك إلى ذلك الرجل الربانى” وارتسمت 
على وجه العقيد ابتسامة غريبة. فجمع كيم أطراف شجاعته بكلتا يديه وقال: 

"قيل لى ذات يوم إنه لا يُسْتَحْسَنْ أن نكتب أسماء الأغراب المتصلين بأى 
موضوعء لأن ذكر الأسماء يؤدى إلى فشل العديد من الخطط الجيدة". 

عابي النقية لك البق قنليكةان:لاسمو مجه كرو و أشرافته ليقن : 


”إنى نسيت علبة السيجار فى شرفة الكاهن. أحضرها إلى منزلى هذا 
المساء". 


وقال كيم "وأين منزلك؟" كان قد اهتدى بسرعة بديهته إلى أنه يخضع 
لاختبار من لون ماء فأخذ حذره. 


واستمر العقيد فى طريقه قائلا "سل أى شخص فى السوق". 


5376 








وعندما عاد كيم إلى الكاتب قال "نسى علبة السيجار. ولابد أن آخذها إليه 
هذا المساء. هذا كل خطابى إلا أن تكتب ثلاث مرات 'تعال إلى! تعال إلى! 
تعال إلىَّ!' سأدفع الآن ثمن الطابع وأضع الخطاب فى صندوق البريد“. 
ونهض حتى يمضى ثم عَنَ له أن يسأل "من ذلك السيد ذو الوجه الغاضب 
الذى فقد علبة السيجار؟". 

"ليس إلا السيد كرايتون... سيد بالغ الحمق» فهو عقيد إنجليزى من دون 
فرقة عسكرية“. 

وما عمله؟ . 


"الله أعلم. إنه دائمًا يشترى خيولاً لا يستطيع أن يركبهاء ويطرح ألغازا 
عن مخلوقات اللهء مثل النباتات والأحجار وعادات الناس. وتجار الخيول 
يسمونه أبا الحمقى» لأنهم يستطيعون أن يغشوه بسهولة شديدة فى الخيل. 
ومحبوب على يقول إنه أشد جنونا من معظم السادة الآخرين”. 

وقال كيم ”أوه“ ومضى. كان قد اكتسب من خبرته القدرة على الحكم على 
الشخصية؛ وقال فى نفسه إن الحمقى لا تقدم لهم معلومات تؤدى إلى استدعاء 
ثمانية آلاف جندى وحشد المدافع. وليس من المعقول أن يتحدث القائد العام 
للجيش فى الهند كلها إلى الحمقى مثلما سمعه كيم يحادث كرايتون. بل ولم 
يكن من الممكن أن تتغير نبرات محبوب على؛ كما شهدها كيم تتغيرء كلما 
ذكر اسم كرايتون؛» لو كان العقيد أحمق. ومن ثم - وهو ما دفع كيم إلى 
التوائب - فقد كان فى الأمر سر خاص من لون ماء ومن المحتمل أن محبوب 
على كان يتجسس لحساب العقيد مثلما قام كيم بالتجسس لحساب محبوب على. 
كما إن العقيد» شأنه فى ذلك شأن تاجر الخيولء» كان يحترم بوضوح من لا 
يدون أنهم أذكى مما ينبغى. 

كان سعيدًا لأنه لم يكشف عن معرفته بمنزل العقيد» وعندما عاد إلى 
الفقتات بواكتفب أنيع 3 ساروا سل هلنة يجان نيديا اكد قاطن ,رديه 


5” 








بشرًا وسرورا. كان هذا الرجل من النوع الذى يحبه» رجل يجيد المراوغة 
والتحايل ويلعب لعبة خفية. فإذا كان قادرًا على الظهور بمظهر الأحمقء» فإن 


لم يفصح عن شىء من آرائه عندما كان الأب فكتور يقضى صباح كل 
يوم من الأيام الثلاثة التالية في. الحديث عن مجموعة جديدة تمامًا من الأرباب 
وصغار الأرباب» وخصوصا عن ربة تسمى 'مارئى“» وفهم أنها مريم العذراء 
نفسها ألتى يؤمن محبوب على بمكانتها فى دينه. ولم يكشف عن أى انفعال 
عندما جره الأب قكتور بعد إحدى المحاضراتء وسار به من دكان إلى دكان 
لشراء قطع الملابس. 

وعندما جعل صبيانٌ الطبل يركلونه لأنه سيدخل مدرسة فضتلى؛ لم يجأر 
بالشكوىء بل قرر أن ينتظر ما تسفر عنه الظروف بروح شغوف. وقام الأب 
تكتورء الرجل الصالح» باصطحابه إلى المحطة» وأجلسه فى مقصورة خالية 
بالدرجة الثانية» متصلة بعربة الدرجة الأولى حيث يجلس العقيد كرايتون» ثم 
ودعه وداعًا حارًا بكل صدق قائلا: 


"سيصنعون منك رجلا يا أوهارا فى مدرسة القديس خاقيير» رجلا أبيض, 
وأرجو أن تكون رجلا صالحًا. يعرفون كل شىء عن قدومك وسوف يضمن 
الفقيدا الا تود أو قصل الطريق .في امل امكاق.. .سيق أن حدناف عن 'الشؤون 
الدينية وأرجو على الأقل أن يكون لديك الآن تصور لهاء وتذكر إذا سألك أحد 
عن دينك أن تقول إنك كاثوليكى. والأفضل أن تقول كاتوليكى رومانى» وإن 
كنت غير مغرم بهذه الكلمة". 

و لفطل كرد سيفان» زاقكة حبذ كان يدريدةا على قدا حقو امن ارق 
- ثم استلقى ليفكر. كانت عزلته فى الرحلة تجعلها بالغة الاختلاف عن الرحلة 
المرحة التى قطعها فى القدوم مع اللاما فى الدرجة الثالثة. وقال فى 'نفسه 
"الاتجلين 37 يجدون كتحة فذكر :فى التتقرى: فتلا الافأنا أنقفل: من ينكان لكان ذل 
كرة فى أقدام اللاعبين. إنه قدّرى. لا يستطيع أحد أن يفر من قدّره. ولكن 


1 


على أن أصلى للعذراء مريمء» وأنا إنجليزى“. ونظر فى حزن إلى حذائه 
الطويل. ”لا. أنا كيم. هذا هو العالم الكبير» ولست سوى كيم. ومن كيم؟". 
وانطلق يفكر فى هويته» وهو ما لم يفعله قط من قبل» حتى غامت رأسه. 
خطر له أنه مجرد شخص لا قيمة له فى هذه الدوامة الهادرة التى تسمى 
الهند» وأنه متجه جنوبًا إلى مصير لا يعرفه. 

وبعد فترة أرسل العقيد يستدعيه وتحدث إليه وقتا طويلا. وفى حدود ما 
فهمه كيمء كان عليه أن يجتهد ويلتحق بمصلحة المساحة فى وظيفة مساعد 
مهندس مساحة. فإذا أثبت امتيازه ونجح فى الامتحانات الخاصة؛» فسوف 
يكسب ثلاثين روبية فى الشهر عندما يبلغ السابعة عشرة من عمره؛ وتعهد 
العقيد كرايتون بأن يجد له العمل المناسب. 

كان كيم يتظاهر فى البداية بأنه كان يفهم كلمة واحدة - مثلا - من كل 
ثلاث كلمات من هذا الحديث. ثم أدرك العقيد خطأه فأخذ يعيد ما قاله باللغة 
الأردية الخافلة بالصور المجازية» التى كان يتكلمها بطلاقة» فأحس كيم 
بالرضى. وقال كيم فى نفسه كيف يمكن لرجل أن يكون أحمق إن كان يعرف 
اللغة هذه المعرفة الوثيقة» وينتقل من مكان لمكان بهذا الأسلوب اللطيف 
الصامتء وإذا كانت عيناه تختلفان كل هذا الاختلاف عن العيون الممتلئة التى 
لا بريق فيها فى وجوه الإنجليز الآخرين؟ 

"نعم ويجب أن تعلم كيف ترسم صور! للطرق والجبال والأنهار؛ء وأن 
تحفظ هذه الصور فى عينك حتى يأتى الوقت المناسب لوضعها على الورق. 
وربما جاءنا اليوم الذى نعمل فيه معاء بعد أن تصبح مساعد مهندس .مساحة» 
فأقول لك 'اعبر هذه التلال وانظر ما يقع خلفها'. ثم يقول أحد التاس "يعيش 
أشرار فى هذه التلال وسوف يقتلون مساعد المهندس إذا رأوا أنه يشبه 
الإنجليز' كيف تتصرف إذن؟” 

وفكر كيم. هل من المأمون أن يرد على حيلة العقيد؟ 

”أقول ما قاله هذا الرجل الآخر“. 


578 








"ولكن إن أجبتك 'سأمنحك مائة روبية حتى أعرف ما يقع خلف هذه 
التلال» أى فى مقابل صورة لأحد الأنهار وبعض الأخبار عما يقوله الناس فى 
القرى بذلك المكان؟ ". 

"أن "لي أن أغوفة ما تلك اقلاماء انتكار حت أصية جل" :واعندما 
شاهد تقطيب حبين العقيد قال "لكننى أظن أننى سوف أكسب الروبيات المائة 
بعد أيام معدودة . 

ع أى طريق؟". 

وهز كيم رأسه بعزم وتصميم قائلا ”لو كشفت عن أسلوب اكتسابها فربما 
سمعنى رجل آخر وسبقنى إليها. ليس من الحكمة بيع المعرفة بلا مقابل”. 

ورفع العقيد يده مُلوَحًا بروبية وقال ”أخبرنى الآن“. وارتفعت يد كيم إلى 
منتصف المسافة التى تفصله عن الروبية ثم هبطت. 

”لا يا سيدى! لا! أعرف الثمن الذى سيُّدفع فى الإجابة» لكننى لا أعرف 
سبب طرح السؤال . 

قال كرايتون "خذها هدية منى إذن” وألقى إلى كيم بالروبية. ثم أضاف 
قائلاً "إن فيك روح خيرء فلا تسمح بأن تضيع حدتها فى مدرسة القديس 
خاقيير . ستجد فيها الكثير من الغلمان الذين يحتقرون الرجال السود . 

فقال كيم ”كانت أمهاتهم من نساء السوق“. كان يعرف أن أشد ضروب 
الكراهية كراهية ابن الطائفة المختلطة لأصهاره. 

”هذا صحيح. أنت انجليزى وابن انجليزى. ولذلك فلا تستسلم قط لمن 
فقوتك: راختتاد ‏ الثبونج كنف أعرقه حكن" الذونم: التمق هدينا جتهدينة الحكوقة 
وكانوا يتظاهرون بأنهم لا يستطيعون أن يفهموا كلام الرجال السود أو 
عاداتهم» وعاقبتهم الحكومة بخصم نسبة من رواتبهم بسبب الجهل. لا توجد 
خطيئة أعظم من الجهل. تذكر هذا“. 


0 








وأرسل العقيد يستدعى كيم عدة مرات على مدار الساعات الأربع 
والعشرين التى استغرقتها الرحلة الطويلة إلى الجنوب»: وكان فى كل مرة 
يفيض فى تفاصيل الموضوع نفسه. 

وقال كيم أخيرا فى نفسه "سوف نصبح جميعًا مشدودين إلى حبل واحد - 
العقيد ومحبوب على وأنا نفسى - عندما أصبح مساعد مهندس. سوف 
يستخدمنى العقيد مثلما استخدمنى محبوب على - فى ظنى - وهذا حسن إذ 
أتاح لى أن أعود من جديد إلى الترحال. واعتياد هذا الملبس .لا يخفف من 
ل 

وعنتما وضدة إلى محظة الركداق» الترونهية» لم يلك :فيها"أى: أذ زلذها: 
وشعر كيم بخيبة الأمل التى غصً بها حلقه» والعقيد يدفعه إلى داخل عربة 
بالأجرة» ومعه حقائبه الأنيقة» ويرسله وحده إلى مدرسة القديس خاقيير. 

وصاح ”لا أقول وداعًا لأننا سوف نلتقى ثانيًا. سنلتقى مرة أخرى ومرات 
كثيرة إن كنت ذا روح صالحة. ولكنك لم تختبر بعد . 

وقال كيم ”ألم أكن كذلك عندما جئتك”“ - وكان كيم قد تجاسر على 
مخاطبته بضمير المفرد الذى يفيد الندية - ”بأصالة نسب ذلك الفحل الأبيض 
فى تلك الليلة؟". 


وقال العقيد "فى النسيان فوائد كثيرة يا أخى الصغير“. ملقيًا عليه نظرة 
اخترقت ألواح كتفى كيم وهو يتفحص ما بداخل العربة. 


ولم يستعد كيم رباطة جأشه إلا بعد ما يقرب من خمس دقائق» فأخذ ينشق. 


القواء" فى هذة الندئئة الحديةة عليه تق شن تنه كذ امدرنة كنت 1 ا 30 


مق الأعووع: ' لاله أن أشودافيا,و افعة!.. انها المداتة فيو فالعرية قلات وسح 
الأسواق هنا“. 

موت ك0 أخذك إلى المدرسة” واستخدم السائق ضصمير المفرد فى ذ 
عاروكة دوفو ما عقن :فظا إن خوطيوية ريل أبيضن: ا 








مرت 7 


مخاطبًا إياه باللغة المحلية التى خرجت من فمه بطلاقة ووضوح تام» وإذا به 
ينتقل إلى جوار مقعد السائق بعد أن ساد التفاهم الكامل بينهماء ويوجه العربة 
نونك فب ردقا تتفورود لها ياه تقار ١‏ زاك القن 5ه لمشتف رد ل أعبل 
من هذه المدينة إلا بومباى ملكة الجميع! إن أسلوب لوكناو مفرط الزخرفة 
سواء نظرت إليها من الجسر فوق النهر أو من أعلى مبنى ”إمامباراء العظيم 
الذى يطل على المظلات والظلل المزركشة فى قصر 'شوتار منزل” 
والأشجار التى تقوم فى جنباتها. فلقد زانها الملوك بمبان خلابة» وأقاموا فيها 
جمعيات خيرية بأموالهم؛ وملأوها بالمتفاعدين عن العمل» وأغرقوها بالدماء. 
إنها المركز لشتى ضروب التعطل والتآمر والترف؛ وهى تشارك دلهى 
امتنائها وشليوع:اللغة الأردية النقية ألتى ان عه فى.مكان آخن: 

وقال كيم ”مدينة جميلة. مدينة فاتنة“ وأسعد السائق أن يسمع المديح بصفته 
من أبناء لوكناو وأخبر كيم ببعض الحقائق المذهلة» ولو كان إنجليزيًا ما تحدث 
إلا عن وقائع التمرد. 

وأخيرًا قال كيم ”نذهب الآن إلى المدرس“. كانت مدرسة "القديس خاثيير 
فى بلاد الكفار”* مدرسة عظيمة عريقة» تتكون من مبان بيضاء منخفضة» 
وتقوم فى بقعة شاسعة على ضفاف نهر 'جومتى'؛ على مبعدة من المدينة. 

وقال كيم “ما نوع الناس بداخلها؟". 

”إنجليز صغارء وكلهم شياطين. ولكن إذا أردت الحقء وأنا أتولى أمر 
انتقال الكثير منهم ما بين المدرسة ومحطة السكة الحديدية» لم أر شخصا فيه 
مقومات الشيطان الكامل مثلك - هذا الإنجليزى الصغير الذى أقوم الآن 


وبطبيعة الحال؛ قضى كيم سحابة نهاره مع بعض اللاهيات 'أفى النوافذ 
العلوية“* فى شارع معينء فلم يكن قد عَلَمَهُ أحد قط أن ذلك شائن؛ وبطبيعة 
الحال أيضنًا فقد أبلى بلاءَ حسنا عند تبادل الإطراء. كان يوشك أن يرد على 
عبارة السائق الأخيرة البذيئة عندما لمحت عيناه فى غبش الغسق شخصنتًا 


50 








بجانب جدار طويل. وصاح كيم ”قف! انتظر هنا. لن أذهب إلى المدرسة 
الآ . 

وهتف السائق بتبرم "وماذا أتقاضى مقابل هذه المشاوير؟ هل الصبى 
مجنون؟ فى المرة الأخيرة كانت راقصة؛» وفى هذه المرة كاهن“. 

واستلقى كيم فى الطريق وهو يربت على القدمين المتربتين تحت الثوب 
الأصفر. 

وجاءه صوت اللاما المنتظم الإيقاع قائلا ”إنى انتظرت هنا يومًا ونصف. 
لا! كان معى تلميذ. كان الذى أعطانى إياه صديقى فى معبد "تيرثانكرز' حتى 
يكون مرشدا لى فى هذه الرحلة. جئت من من بيناريس بالقطارء عندما 
وصلنى خطابك. نعمء أتناول الطعام الكافى. لا أحتاج إلى أى شىء“. 

"ولكن لماذا لم تمكث مع المرأة من كولو أيها الرجل الربانى؟ وكيف 
ذهبت إلى بيناريس؟ كان الحزن يثقل قلبى منذ افترقنا . 

"كانت المرأة تضجرنى بفيض دافق من الكلام وطلب التمائم لأطفالها. 
وهكذا فارقتها وسمحت لها باكتساب الامتياز بمنحى بعض الهدايا. إنها على 
الأقل امرأة مبسوطة اليدين» ووعدتها أن أعود إلى منزلها إن دعت الحاجة 
إلى ذلك. وعند ذلك وجدت نفسى وحيدا فى هذا العالم الكبير الرهيب؛ فخطر 
لى أن أركب القطار إلى بيناريس حيث أعرف رجلا د يقيم فى معبد 
"تير ثانكرز “: وهو مثلى باحث أيخنا”“. 

وقال كيم "أه! نهرك! كنت قد نسيت النهر“. 

”بهذه السرعة يا تلميذى؟ لم أنسه أنا قط. لكننى عندما تركتك بدا لى أنه 
من الأفضل أن أذهب إلى المعبد للتشاورء فالهند كما ترى بلاد شاسعة» وربما 
0 اثنان ع ١‏ ويدور 0 
آخر. إنهم ل مهذبون . 


1 








"فليكن. ولكن ماذا تفعل الآن؟". 

”أكتسب الامتياز بمساعدتك يا تلميذى على بلوغ الحكمة. أرسل لى الكاهن 
المرافق للفرقة التى تعبد الثور الأحمر خطابًا يقول فيه إن كل شىء سوف 
يجرى وفقا لما أريده من أجلك. أرسلت النقود التى تكفى عامًا واحدا ثم جئنت 
كما ترانى كيما أرقبك وأنت تدخل أبواب التعليم. وانتظرت يومًا ونصفء ليس 
لأننى كنت مدفوعًا بحبى لك - إذ لا ينتمى هذا إلى الطريق - ولكنء كما قالوا 
فى معبد تيرثانكرزء لأنه ما دامت النقود قد دفعت من أجل التعليم فمن 
الصواب أن أشرف على إتمام الأمر. لقد أزالوا شكوكى بكل وضوح. كنت 
أخشى احتمال أن يكون قدومى مدفوعًا بالرغبة فى رؤيتك؛ وقد ضلل مسارى 
الضبابْ الأحمرء ضباب الحب. ولكن الأمر ليس كذلك... أضف إلى هذا أننى 
رانك هاما سقلقا": 

”ولكن أيها الرجل الربانى! لم تنس قطعًا مسارنا فى الطريق وكل ما 
حدث فيه! لابد أن مجيئك كان مدفوعًا إلى حد ما بالرغبة فى رؤيتى؟". 

وارتفع صوت السائق شاكيًا ”الخيل باردة وموعد إطعامها قد فات“. 

وصاح كيم ”اذهب إلى جهنم وامكث فيها مع عمتك سيئة السمعة!“ كان قد 
التفت إلى السائق ناهرً! مزمجرا ثم عاد يقول للاما ”أنا وحيد فى هذه البلد؛ 
ولا أعرف أين أذهب ولا ما سوف يحدث لى. كان قلبى فى ذلك الخطاب 
الذى أرسلته إليك. وباستثناء محبوب علىء وهو أفغانى» ليس لى صديق 
غيرك أيها الربانى. لا ترحل وتتركنى". 

وأجاب اللاما بصوت مرتعش "إنى نظرت فى هذا أيضًا. من الواضح 
أننى سوف اكتسب الامتياز من وقت لآخرء إن لم أعثر على النهر قبل ذلك 
بأن أؤكد لنفسى أن قدميك قد وجدتا الحكمة. لا أعرف ما سوف يعلموتك» 
ولكن الكاهن كتب لى قائلا إنك سوف تتلقى تعليمًا أفضل من جميع أبناء 
الانجليز فى الهند كلها. ومن ثم فسوف أعود إليك بين الحين والحين. وربما 
أصبحت مثل ذلك الإنجليزى الذى منحنى هذه النظارة" وأخذ اللاما يمسح 


527 








العدسات بعناية قبل استكمال عبارته ”فى بيت العجائب فى لاهور. هذا أملىء 
فلقد كان نبعًا للحكمة» أكثر حكمة من الكثير من رؤساء الأديرة... ومرة 
أخرى» ربما سوف تنسانى وتنسين لقاءاتنا . 

وقال كيم بانفعال شديد ”كيف أنساك وقد أكلت خبزك؟". 

ونحىّ اللاما الصبى فاك 1307 180 ايه أن: أغورة إلى يسنان سونيف الفيقة 
والفينة» ما 0 عرفت عادات كتاب الخطابات 2 هذه البلدء سوف أرسل 
إليك خطابًاء ومن وقت إلى وقت سوف أتى وأراك“. 


وقال كيم فى نبرات كالولولة ”ولكن إلى أى عنوان أرسل خطاباتى؟". 
وجعل يتعلق برداء اللاما وقد نسى تمامًا أنه إنجليزى 

"إلى معبد 'تيرثانكرز' فى بيناريس. هذا هو المكان الذى اخترته حتى 
أجد نهرى. اساي و 
إلى العجلة. اذهب إلى أبواب التعليم. دعنى أبصرك تذهب..... هل تحبنى؟ إذن 
فاذهب واإلا انفطر قلبى... سوف أعود من جديد. قطعًا سوف 8 مرة 
أخرى”. 

وظل اللاما ينظر والعربة الصغيرة تهدر عجلاتها داخلة المجمع المدرسى 
ثم انطلق يخطو خطواته الواسعة» مستخدما النشوق ما بين خطوة وخطوة. 

وأها "لوان الققاتب» فقن ا فلك تمه عالية. 

للصبى الذى ولد وتربّى فى البلد أخلاقه وعاداته التى لا تشبه أخلاق أبناء 
الف كردق وغاد اتيم وسلاك. اجاقاتة. فاته جل ون ليميا" انعا 
الإنجليزى. ومن ثم فلا أظن أنك تهتم بخبرات كيم فى مدرسة القديس خاقيير 
باعتباره واحدًا من بين مائتين أو ثلاثمائة من الصغار المبكرى النضج.ء 
معظمهم لم ير البحر فى حياته. كان يتلقى العقوبات المعتادة للدخول فى 
المناطق المحظورة عند حلول وباء الكوليرا فى البلد. كان ذلك قبل أن يتعلم 
كتابة اللغة الإنجليزية الصحيحة؛ ولذلك كان يضطر إلى الاستعانة بكاتب 


1 








خطابات فى السوق. كان يُتهم بطبيعة الحال بتهمة التدخين وباستخدام الشتائم 
اللاذعة ذات النكهة الأصيلة التى تفوق كل ما سْمِعَ من قبل حتى فى مدرسة 
القديس خاقيير. وتعلم الاغتسال بالدقة والإحكام اللذين يتميز بهما اغتسال أبناء 
البلد» وكان فى أعماق قلبه يرى الإنجليزى قذرًا إلى حد ما. وكان يمارس 
'المقالب* المعهودة مع العمال الصابرين الذين يحركون المراوح فى غرف 
النوم التى كان الصبيان يتمددون فيها فى الليالى الحارة؛ ساهرين يقصون 
القصص حتى الفجرء وكان يوازن فى صمت بين نفسه وبين رفاقه الدين 
يعتمدون على أنفسهم. 

كان فى المدرسة أبناء صغار موظفى السكك الحديدية والتلغراف 
ومصلحة الرىء وأبناء ضباط الصف الذين تقاعد بعضهم وعمل البعض الآخر 
قاذ طَامينَ 'لحيوكن الراسحات الأقظافيويهو أبفاع قادة ربكال« الندرية اليندية 
وموظفى الحكومة المتقاعدين» وأصحاب المزارع: وأصحاب الحوانيت التى 
تورد البضائع لمقر الحكومة البريطانية فى كالكتاء وأبناء المبشرين. وكان عدد 
لا بأس به من دارسى العلوم العسكرية المنتمين إلى عائلات أوراسية (أوربية 
أسيوية) عريقة ضربت بجذورها واستقرت فى حى 'ذرمتوالل؛ فى كالكتا - 
مثل عائلات بيريراء ودى سوزاء ودسيل قا . كان آباؤهم يملكون أن يعلموهم 
فى انجلتراء ولكنهم كانوا يحبون المدرسة التى تعلموا هم فيهاء فتوالت الأجيال 
ذوات اللون الأصفر فى مدرسة القديس خاقيير. وكانت مواطنهم تتراوح ما 
بين مدينة “هاورا'ء على ضفاف نهر “هوجلىئ' ٠‏ التى تواجه كالكتا ويعيش 
فيها العاملون بالسكك الحديدية» وبين الثكنات العسكرية المهجورة كالتى تقوم 
فى مدينة "مونجراء على الضفة اليمنى لنهر الجانجيز شمالى كالكتاء 
ومدينة 'شونار” العريقة الحصينة على شاطئ النهر نفسه جنوبى بيناريس» 
وبين موقع مزارع الشاى المفقودة فى طريق 'شيلونج“» عاصمة أسام شمالى 
كالكتا. والقرى التى كان أباؤهم من كبار الملاك فيها فى 'أوذ' أو *ديكان' فى 
وسط الهندء أو فى مقار المبشرين على مسيرة أسبوع من أقرب خط للسكك 
الحديدية» أو الموانى التى تقع جنوبًا على مسافة ١٠٠١‏ كمء فى مواجهة أمواج 





5 





البحر الهندية العاتية» ومزارع أشجار الكينا التى يستخرج منها عقار الكينين 
فى أقصى الجنوب. كانت قصص مغامراتهم فى ذاتها - التى لم تكن تعتبر فى 
نظرهم مغامرات فى طريق ذهابهم إلى المدرسة وعودتهم منهاء كفيلة بإيقاف 
تع اسم أى صبى غربى. كان من عادتهم الهرولة وحدهم مسافة ١١٠١‏ كم 
وسط الغابات» حيث تلوح دائمًا فرص تأخيرهم الممتعة بسبب النمورء ولكن 
متعة الاستحمام فى القنال الإنجليزى (المانش) فى شهر أغسطس لم تكن 
تضارع متعة أقرانهم فى نصف العالم الآخر إذا سكنت حركتهم تمامًا أثناء 
تشمم فهد من الفهود للهودج الذى يركبونه. وكان فى المدرسة صبيان فى 
الخامسة عشرة قضوا يومًا ونصف يوم فى جزيرة وسط النهر أثناء الفيضان» 
للإشراف على مخيم عُزِل فيه بعض الحجاج العائدين من مزار مقدس» حتى 
كادوا يفقدون رشدهم؛ والصبيان يرون فى هذا الإشراف حقا لهم» وقص بعض 
كبار الصبيان قصة استيلائهم باسم القديس خائيير على فيل قابلوه مصادفة 
ويملكه أحد الراجاتء عندما طمست الأمطار المنهمرة طريق العربات 
المؤدى إلى ضضيعة أبيهم» وكيف كادوا يفقدون الفيل عندما غاصت أقدامه فى 
الرمال المتحركة. وقال أحد الصبيان - ولم يشكً أحدٌ فى صدقه - إنه قد 
ساعد والده فى صدّ هجوم شنه رجال من قبيلة 'أكاءء إحدى القبائل ذات 
الضراوة فى تلال أسامء» من شرفة منزلهما باستخدام البنادق» فى الأيام التى 
كان يتجاسر فيها هؤلاء الرجال من 'صائدى. الرؤوس' على مهاجمة المزارع 
المنفردة. 

وكانك كل قضية ترووى :يصدوكا منتكلم الإيقاع ل انال فيه ودهو :ما يفي 
به من ولد فى هذا البلد» وكانت تمتزج بتأملات عجيبة» مستعارة دون وعى 
د ككرت الحا فيظنت مرو نينا 2 : الكلة ١‏ ووعنار الك قو انها كد تر يك في تزاف 
اللحظة من اللغة المحلية الدارجة. وشاهد كيم وسمع وشعر بالرضى. لم يكن 
ذلك من نوع الكلام الغث الذى يتكون من ألفاظ مفردة فى أفواه صبيان 
الطبل» بل كان يتناول حياة عرفها وفهم جانبًا منها. كان الجو يلائمه وأخذ 
يترعرع فيه يومًا بعد يوم. وأعطته المدرسة حلة التمارين الرياضية البيضاء 





51 





عندما بدأ دفء الجوء وأخذ يستمتع بألوان الترف الجسدى التى اكتشفها مثلما 
استمتع باستخدام قريحته الوقادة فى أداء المهام التى يكلفونه بها. وكانت سرعة 
بديهته كفيلة بإسعاد المعلمين الإنجليز» ولكنهم كانوا يعرفون فى هذه المدرسة 
وقدة الذهن المبكرة التى تنميها الشمس وأحوال المدرسة؛ مثلما كانوا يعرفون 
شبه الانهيار الذى يقع فى سن الثانية والعشرين أو الثالثة والعشرين. 

ومع ذلك فقد تذكر ألا يُعلى قامته. فعندما كانت القصص تروى فى الليالى 
الحارة» لم يكتسح الحلبة كيم بذكرياته» فإن مدرسة القديس خافيير تحتقر 
الصبيان الذين *يتقمصون تمامًا مكانة أولاد البلد*. ينبغى ألا ينسى المرء قط 
أنه انجليزى؛ وأنه عندما ينجح فى الامتحانات سوف يتولى إصدار الأوامر 
لأبناء البلد وتذكر كيم ذلكء إذ بدأ يفهم الغاية التى تؤدى الامتحانات إليها. 

ثم حلت العطلة من أغسطس إلى أكتوبرء العطلة الطويلة التى فرضتها 
الحرارة والأمطار. وقيل لكيم إنه سوف يذهب إلى محطة ما فى الشمال» تقع 
فى التلال خلف أومبالاء حيث يتولى الأب فكتور تدبير أمر إقامته. 

وقال كيم ”مدرسة ثكنات” وكان قد سأل أسئلة كثيرة وخطرت له أسئلة 
أكثر . 

قال لخم "تعد انقوس هذا( لن يضق أن تقيم :هناك يغيةا عق المعاعده؛ 
يمكن أن يصحبك دى كاسترو اليافع حتى مدينة دلهى". 

واستعرض كيم الأمر ناظرًا إليه من كل زاوية ممكنة. لقد اجتهد؛ تمامًا 
مثلما أشار العقيد عليه بالاجتهاد» ولكن عطلة الصبى شىء لا يملكه سواه 
وكان ذلك ما استنبطه من أحاديث رفاقه» ولسوف تكون مدرسة الثكنات عذابًا 
بعد مدرسة القديس خاقيير. أضف إلى ذلك أنه يستطيع الكتابة الآن» وكان هذا 
السحر ذا قيمة تعادل أى شىء آخر. ففى غضون شهور ثلاثة تعلم كيف 
يستطيع الرجال مخاطبة بعضهم البعض دون طرف ثالثء بتكلفة لا تزيد عن 
فضشه 61 .وفعكن: الشعر نت لد يتلق. أن «اتصنال تمن اللاماء: بولك ماو ان 
الطريق موجودا. كان كيم يتوق إلى الملاطفة التى كان يحسها حين يدخل 


5 








الطين الطرى البليل بين أصابع أقدامه» مثلما كان لعابه يسيل شوقا إلى لحم 
الضأن المطبوخ بالزبد والكرنبء وإلى الأرز الذى انتثر فوقه الحبّهان القوى 
الرائحة» وإلى الأرز المتبل بالزاعفران الأصفر والثوم والبصلء وإلى الحلوى 
المحرمة التى تنضح بالزيت فى السوق. كان يعرف أنهم سوف يطعمونه لحم 
البقر الذى لم ينضج على النار فى صحفة فى مدرسة الثكنات» وأنه لابد أن 
يسترق الفرصة للتدخين. ولكن» من ناحية أخرىء كان إنجليزياء وطالبًا فى 
مدرسة القديس خافقيير» وأما ذلك الخنزيرء محبوب على... لا! لن يختبر كرم 
ضيافة محبوب على» ومع ذلك... فقد قب الأمر على شتى وجوهه وحده فى 
عنبر النوم وانتهى إلى أنه قد ظلم محبوب على. 

كانت المدرسة خالية» إذ سافر جميع المعلمين تقريبًا. وكان تصريح السفر 
بالقطار الذى أعطاه له العقيد كرايتون فى يده. وجعل كيم يزفر فى ضيق لأنه 
لم ينفق المال الذى أخذه من العقيد كرايتون أو من محبوب على فى العيش 
حياة صاخبة. كان لايزال يملك روبيتين وسبعة ”أنات“»؛ وكان صندوق متاعه 
الجديد يحمل الحروف الأولى من اسمه؛ والسرير المطوى قائم فى غرفة النوم 
الخالية. وقال كيم مومئا إلى هذا وذاك ”الإنجليز يرتبطون دائمًا بمتاعهم! 
فلتبقيا هنا!“ ثم خرج إلى الأمطار الحارة» مبتسمًا بسمة الذى يشعر بالذنب. 
واتجه إلى منزل معين كان قد لاحظ شيئا ما فى واجهته قبل فترة ما.. 

”أيها الكناس! هل تعرف إلى أى نوع من النساء ننتمى فى هذا الحى؟ 
عار عليك!“. 

وقال كيم ”وهل ؤلدت أنا يوم أمس” ثم جلس القرفصاء بأسلوب أبناء 
البلد على بعض الحشايا فى غرفة علوية. ثم قال ” كل ما أريده قليل من 
الصبغة وثلاثة أمتار من القماش للمساعدة فى تنفيذ 'حركة» فكهة! هل هذا 

"ومن تكون هى؟ أنت أصغر كثيراء بالنسبة لزملائك الإنجليز» من 
معاوافئة حذه التيطدة”, 


مغ ”5 








"أوه! 1 إنها بنت مُعَلمِ مُعَيّنِ فى فرقة بالتكنات. لقد ضربنى مرتين 
لأننى تَسَلقَتَ السور عليهم مرتديا هذه الملابس. وأريد أن أذهب الآن فى زى 
صبى بستانى. فالمٌينون شديدو الغرة“. 

"هذا صحيح. لا تحرك رأسك حتى أضع الصبغة على وجهك . 

"لا تبالغى فى السواد يا غانية! لا أريد أن أبدو حبشيًا". 

”أوه! الحب لا يكترث لهذه الأمور. وكم عمرها؟”". 

وقال كيم الذى لا يستحى ”"اثنتا عشرة سنةء في ظنى» أصبغى الصدر 
قليلاً كذلك. فربما مزق أبوها ردائىء فإذا تعريت.. .* وضحك. 

وجعلت الفتاة تعمل بهمة ونشاط. فغمست قطعة من القماش فى صبغة بنية 
يدوم لونها فترة أطول من أى عصير للجوز. 

“والآن أرسلى وأحضرى القماش اللازم للعمامة. ويلى! لم أحلق شعر 
رأسى! ولا شك أنه سوف يخلع عمامتى!". 

"لست حلاقا ولكنى سأتصرف. لقد ولدت لتحطيم القلوب! كل هذا التنكر 
من أجل ليلة واحدة؟ اذكر أن الصبغة لا تزول”“ وجعل جسمها يهتز من 
القهقهة حتى ارتفع صليل أساورها وخلخالها. ”ولكن من الذى سيدفع لى أجر 
ذلك؟ لا تستطيع حنيفة نفسها أن تقدم لك صبغات أفضل". 

وقال كيم بنبرات وقورة ”ثقى فى الأرباب يا أختى“. وجعل يحرك 
عضلات وجهه بعد أن جفت الصبغة ثم قال "وإلى جانب هذاء هل سبق لك 
المساعدة على صبغ وجه انجليزى من قبل؟ . 

"لم يسبق لى حقا. ولكن 'الحركة الفكهة» ليس نقودًا!“. 

"إن قيمتها تزيد على النقود . ٠‏ 

”اسمع يا ولدى! إنك دون أدنى شك أشد أبناء الشيطان فى انعدام الحياء. 
ولم أعرف مثلك من يضيع وقت فتاة فقيرة بمثل هذا اللهو ثم تقول ألا تكفى 


5605 


الفكاهة؟ لسوف تبلغ شأوا بعيدًا فى هذه الدنيا!“ ثم حيته تحية الراقصات 
ساخرة منه. 


: 9 

وقال كيم ”غير مهم. أسرعى فاحلقى شعر رأسى كله". وجعل كيم ينقل 
ثقله من ساق لساقء وعيناه تتوهجان بالمرح وهو يتأمل ما ينتظره من أيام 
حافلة. وأعطى الفتاة أربع 'أنات“»: ثم أهرع هابطا السلم فى هيئة هندوسى 
خفيض الطائفة» وقد اكتمل تنكره فى جميع التفاصيل. وكان أول مكان يقصده 
مطعما تناول فيه كل ما لذ وطاب من أطعمة فاخرة تنضح بالدهون. 

وعلى رصيف محطة لوكناو شاهد اليافع دى كاسترو مرنديًا حلته "ذات 
الحرارة الشائكة2 وهو يدخل مقصورة بالدرجة الثانية» ودخل كيم عربة من 
عربات الدرجة الثالثة فأشاع فيها المرح وأحياها. وشرح لرفاقه أنه يعمل 
مساعدًا! لأحد الحواة» وأن هذا الحاوى كان قد مضى وتركه مريضًا بالحمى؛ 
وأنه سوف يلاقى سيده فى أومبالا. وكلما تغير رفاق المقصورة أدخل كيم 
تعديلات على قصته أو زخرفها بكل الأغصان النابتة فى شجرة خياله التى 
تفتحت براعمهاء وازداد انطلاقها فى كل اتجاه لأنه كان قد حرم من استخدام 
اللفة المحلنة تزه طورلة توغاذو القطان فى أو ميال واتحهةشو فا ضار با قدسه 
فى أراضى الحقول التى غمرتها مياه الرى فى اتجاه القرية التى كان الجندى 
الهرم يقيم فيها. 

وفى نحو ذلك الوقت كان العقيد كرايتون فى بلدة سيملا الجبلية شرقى 
أومبالا (العاصمة الصيفية للحكومة البريطانية) وكان قد تلقى برقية م ن لوكناو 
تقول إن الصغير أوهارا قد اختفى. وكان محبوب على فى تلك البلدة يبيع 
الخيول» فأسرّ العقيد إليه بالنبأ ذات صباح أثناء تجواله على ظهر فرس فى 
حلبة سباق *أنانديل'. 

وقال تاجر الخيول "وماذا فى ذلك؟ الرجال مثل الخيل يحتاجون إلى الملح 
فى أوقات معينة» فإذا لم يكن ذلك الملح فى المذود ا الأرض. لقد عاد 
إلى الانطلاق فى الطرق فترة ماء بعد أن أضجرته المدرسة. كنت أعرف أنه 





0-5 





سيسأمها. فى المرة القادمة سوف أصحبه إلى 'الطريق' بنفسى. لا تقلق يا سيد 
كرايتون. اعتبره مُهرا قد انطلق ليتعلم لعبة اليولو وحده . 

"إذن فلم يمت» فى اعتقادك؟". 

”قد يموت بالحمى. لا أخشى على الصبى إلا ذلك. والقرد لا يسقط بين 
الأشجار“. 

وفى صباح اليوم التالى» وفى حلبة سباق الخيل نفسهاء انطلق الجواد الذى 
يركبه محبوب حتى أصبح بحذاء جواد العقيد. 

وقال تاجر الخيول ”كما تصورت تماماء مر بمدينة أومبالا على 5 
وأرسل منها خطابًا إلى بعد أن علم من الأسواق أننى هنا“. 

وقال العقيد "ا قرأ“. لم يكن من المعتاد أن يبدى رجل فى منصبه اهتمامًا 
بشريد صغير نشأ وترعرع فى هذا البلد» ولكن العقيد تذكر محادتتهما فى 
القطارء وكان كثيرًا ما يجد نفسه فى الشهور الأخيرة يفكر فى الصبى الغريب 
الصامت الرابط الجأش. كانت مراوغته بطبيعة الحال تمثل قمة الوقاحة. 
ولكنها كانت تنم على قوة أعصابه وسعة حيلته. 

وبرقت عينا محبوب وهو يوقف جواده فى وسط السهل الصغير الضيقء 
حيث من المحال أن يقترب أحد دون أن يُرى. 

0 'صديق النجوم. وصديق العالم كله.. ““ 

اد 

وقال محبوب ”اسم نطلقه عليه فى مدينة لاهور“. واستأنف قراءة الخطاب 
قائلا ” 'يستأذن صديق العالم كله فى الذهاب إلى الأماكن التى يريدها. 
وسوف يعود فى اليوم المحدد. أرسلوا من يحمل صندوق متاعى وفراشى. 
فإذا كنت قد أخطأت فلتمتد يد الصداقة حتى تحول دون سوط الكارثة»“. 
لايزال فى الخطاب كلام ولكن..“. 


0 مهم . اقرأ". 





” 'بعض الأمور يجهلها من يأكل بالشوكة. من الأفضل الأكل بكلتا اليدين 
فترة ما. تلطف فى حديثك مع من لا يفهم هذا حتى تبشر الحصيلة بالخير”". 
اللكاترية الى :صم ننه" رالداقة. اجناومية فاق لقي ناته جابوعة لالدو لقن 
تأمل مدى حكمة الصبى فى صوغ الأفكار حتى لا تفصح عن أى شىء إلا 
للعالمين ببواطن امون 1 

وكيكك العتية :قاتلا “هل هذه يك السنداقة الكن تكو ل:ذوين سوط الكار 1د 

”"انظر مدى حكمة الصبى. إنه يود أن يعود إلى السير فى الطريق من 
جديد. كما قلت. ولما لم يكن يعرف إلى الآن عملك...“. 

وتمتم العقيد قائلاً "لست واثقا كل الثقة من ذلك"”. 

"فقك لجا إلى" الفشقيق الالح ييتكمنا: ألبين -حكينا؟ يقال إنهسيعؤه + إنة 
يعمل وحسب على إحكام معرفته. وانظر فى الأمر يا سيدى! لقد مضت عليه 
ثلاثة أشهر فى المدرسة. كأنه المُهر الذى لم يعتد الشكيمة فى فمه. وأنا أشعر 
من ناحيتى بالسعادة» فالمهر يتعلم اللعبة الان". 

"نعم ولكن يجب ألا يذهب وحده مرة أخرى”". 

"لماذا؟ كان يذهب وحده قبل أن يصبح فى حماية السيد العقيد. وعندما 
يكين له أن بلعب اللغية الكيرق- فلاية أن يلعمها :وتحداه! وحده مخاطر ! بز احنة: 
وعندها إذا خطر له أن يبصق أو يعطس أو يجلس بأسلوب يختلف عن أسلوب 
من يراقبهم» فربما قتل. لماذا تمنعه الآن؟ تذكر ما يقوله الفارسيون: ابن آوى 
الذى يعيش فى برية مازانديران لا تصيده إلا كلاب مازانديران . 


:, 


صحيح. هذا صحيح يا محبوب على. وما دام لن يصاب بأذىء فلست 
أرجو خيرًا من هذا. ولكنها وقاحة كبرى من جانبه”. 

وقال محبوب 'إنه لا يقول لى أنا نفسى أين يذهب. ليس غبيًا. وعندما 
يقضى الوقت اللازم سوف يأتى إلى أناء وقد حان لصائغ اللآلئ أن يسيطر 
عليه. إنه ينضج بسرعة أكبر مما ينبغى» كما يقول الإنجليز". 


"7 








وتحققت هذه النبوءة حرفيًا بعد شهر واحد. كان محيبوب قد ذهب إلى 
أومبالا لإحضار شحنة جديدة من الخيولء وقابله كيم فى طريق "كالكا' ساعة 
الغسق. راكبًا وحده» وظلب كيم منه صدقة فشتمه محبوب على» فرد. كيم 
بالإنجليزية. ولم يكن أحد على مسمع منهماء فلم يسمع أحد شهقة الدهشة التى 
ندت من محبوب. 

و وأين كنت؟ . 

"رائحًا م - غادنا رائحا". 

تعال تحت شجرة. بعيدا عن البلل. وتحدث! . 

”أقمت فترة ما مع رجل عجوز بالقرب من أومبالاء ثم مع أسرة من 
معارفى فى أومبالا. وذهبت مع أحد أفرادها إلى دلهى جنوبًا. دلهى مدينة 
رائعة عجيبة. ثم عملت ساشسنًا لثور استأجرنى صاحبه لجر عربة لنقل الزيت» 
لكنتنى سمعت عن حفل كبير به موائد حافلة فى ' يانيالا' فاتجهت إليها 
تضعكتة وال :حك :تضبذافة الألحانة «القارمة: كاك الدو اكلة بز كر عدا 
وربت كيم على بطنه. ”رأيت الراجات. والأفيال المزينة بالزخارف الذهبية 
والفضية» وأنقنوا حميمع الألعاب النارية (الصواريخ) ف وقت واحد. وهو ما 
أدى إلى مقتل أحد عشر شخصاء كان من بينهم صاحبى صائع الألعاب 
الذاقوة» بوحقفى الأنقكان . فاليركاحيت كي لقنت لم أضدا سيت اتن كدت 
الدئن البلدة مع فارس من طائفة السيخ؛ وعملت لديه ساشسمًا للخيل فى مقابل 
خبزى. ومن ثم هنا! . ظ 

وقال محبوب على ”شوباش!“ (أحسنت!) 

ولكن ماذا:يقول السيد العقيد؟ لا أريد أن اتعرضن للصيرت": 

"يد الصداقة حالت دون سوط الكارثة. ولكن عندما تنطلق فى الطرق فى 
المرة القادمة سوف تكون فى صحبتى. لم يحن الوقت بعد . 


507 








"بل حان وكاد يفوت فى نظرى. فقد تعلمت أن أقرأ الإنجليزية وأكتبها 

قليلاً فى المدرسة؛ وسوف أصبح سيدا من جميع الوجوه عما قريب”“. 
9 

وضحك محبوب قائلا ”اسمع هذا اللغو!“ وهو يتأمل الصبى الصغير 
المبلل الذى يتراقص تحت المطر. وألقى عليه التحية الساخرة صائحًا "سلام 
أيها السيد!“ ثم أضاف "والآن اسمع: هل تعبت من السير فى الطريق أم تود 
أن تواصل المسير إلى أومبالا معى وتعود إلى العمل مع الخيول؟”. 

"ساتى معك يا محبوب على : 


الفصل الثامن 
أدين بديْن لتربَةٍ أرُضدى التى أَنبَتتنِى 
ودين يَزِيدُ لهذى الحيَاةٍ التى قَذ غذتنى 
ولكن ديْنى الأهمَ إلى الله إذ قذ حَبَانِى 
برأس له جانِيَان.. وَمُنفصيلان. 
وإنى لأوثر” أن أتهَادى بغير حذاء ولا فتضان 
ولا خبز أو تَبْغ كد 
كذلى نك أئرة أن لعزن لدو 
وقد ضاع جنب مِن الجَانِبيّن برأسى 
(الرجل ذو الجانبين) 
وقال محبوب ”إذن حلفتك باسم الله أن تستبدل الأزرق بالأحمر“ مشيرًا 
إلى اللون الهندوسى لعمامة كيم الحقيرة. 
ورد عليه كيم بالمثل القديم ”إنى مستعد لتغيير دينى وفراشى» بشرط أن 
تدفع أنت تكاليف ذلك“. 
وجعل التاجر يضحك حتى كاد يسقط من فوق صهوه جواده. وعندما 
وصلا إلى دكان على مشارف المدينة أُجرئ التبديل المطلوب» فأصبح كيم 
ظاهريًا على الأقلء سُلَلِمًا. 
واستأجر محبوب على غرفة علوية تطل على محطة السكك الحديدية» 
وأرسل فطلب من المطعم وجبة مطبوخة مصحوبة بأرقى الحلوى المزينة 
باللبن الزبادى واللوزء ونسميها نحن 'بالوشاى“*, وأفخر أنواع التبغ من 
لوكناو. 
وقال كيم ”هذا أفضل من بعض اللحوم الأخرى التى أكلتها مع رجال. 


ده ” 








طائفة السيخ“. ثم جلس القرفصاء مبتسمًا وأضاف "وهم قطعًا لا يقدمون لنا 
مثل هذا الطعام فى المدرسة“. 
٠‏ . 

وقال محبوب ”أرغب فى أن أسمع أخبار تلك المدرسة نفسها”“ وأخذ يلتهم 
الحنحة - المطتويعة ون الكد. الكنان: «النضل: و الكفرة “فى السدن: مع الكريب 
وحلقات البصل المحمرة. ثم قال "ولكن قل لى أولاء بصدق ودون حذف 
شىءء. أسلوب هروبك. فالواقع يا صديق العالم كله“.. وأرخى الحزام فى 
وسطه بعد أن ازدرد ما ازدرد.. ”لا أعتقد أنه من الشائع أن يهرب انجليزى 
وابن انجليزى من هناك . 

وقال كيم ”وأنى لهم ذلك؟ إنهم لا يعرفون البلد. لم يكن الأمر عسير". ثم 
بدأ يحكى قصته. وعندما وصل إلى موضوع التنكر والمقابلة مع الفتاة فى 
السوق» تخلى محبوب عن وقاره؛ فأخذ يضحك بصوت مرتفع ويضرب فخذه 
بيدذه. 

”شوباش! شوباش! أوه! أحسنت أيها الصغير! ماذا يمكن أن يقول ناظم 
عقود الفيروز عن هذا؟ والآنء» ببطءء دعنا نسمع ما حدث بعد ذلك, خطوة 
خطوة؛ دون حذف شىء“. 

وهكذاء خطوة بخطوة؛. قص كيم مغامراته» وكان يقطعها سعاله حين يصل 

وقال محبوب بصوت أجش لنفسه ”قلت... قلت إن المّهر أنطلق ليلعب 
اليولو. الثمرة ناضجة بالفعل» إلا أن عليه أن يتعلم تقدير المسافات 
والسرعات؛ واستخدام المقياس والبوصلة» اسمع! لقد أبعدت سوط العقيد عن 
جلدك. وليست هذه بالخدمة الهينة“. 


"صحيح” وزفر كيم فى رزانة مرددًا ”كل هذا صحيح“. 
”ولكن يجب ألا تظن أن هذا السلوك - أعنى الهروب والعودة - مقبول 


بأية صورة . 








كافك مطل .يا احا ع لقذ »لالت عيبا على المقداد أستابيع تكقيرة. .ول :لا 
أهرب ما دامت المدرسة مغلقة؟ وانظر أيضًا كيف أننى؛ بفضل إقامتى مع 
أصدقائى أو عملى لكسب خبزى عند طائفة السيخ» قد وفرت للسيد العقيد 
مصاريف باهظة . 

لكر كك انق مهدو تخ كا رمة اندي :الميمث» قاكة: 

”وما حفنة من الروبيات” - وفتح الأفغانى راحة يده باستهانة قبل أن 
يستكمل عبارته "بالنسبة للسيد العقيد؟ إنه ينفقها لغرض معينء لا حُيًا فيك على 
الإطلاق . 

وقال كيم ببطء "ذلك ما كنت أعرفه من زمن بعيد“. 

"رمق أخدد لك : 
أى فرد إن لم يكن غبيًا. نعمء قال ذلك لى فى القطار ونحن ذاهبان إلى 
لوكناء * 

"فليكن. إذن سأخبرك بالمزيد؛ يا صديق العالم كله» وإن كان فى إخباري 
إياك إعارة لرأسى لك“. 

وقال كيم باستمتاع عميق "لقد رهنتها عندى فى أومبالا عندما وضعتنى 
فوق الحصان بعد أن ضربنى غلام الطبل“. 

"تكلم بوضوح أكبر. فى وسع الدنيا كلها أن تكذب فيما عدانا نحنء أنا 
وأنت» فروحك كذلك رهن إشارتى لو اخترت أن أرفع أصبعى هنا“. 

فقال كيم "وذلك معروف لى أيضا" وجعل يصلح من وضع | لجمرة المتقدة 
فوق تبغ الشيشة» ثم قال ”إنه رباط وثيق جدًا بيننا. والواقع أن موقفك أقوى 
بمراحل من موقفى إذ من عساه أن يفتقد غلامًا مات ضربًا أو ربما ألقى به 
فى بتر على جانب الطريق؟ ولكن أناسًا كثيرين هنا وفى سيملا وعبر 


بأذة ؟ 








الممرات الجبلية اسوف: يقولون "ماذا حدث لمحبوب على" لو رحد ميثًا بين 
خيوله. ولا شك أيضنًا أن السيد العقيد سوف يقوم بالتحرى والتحقيق. ولكن من 
ناحية أخرى“ - وتغضن وجه كيم بغضون الدهاء - "لن يطول تحقيقه عما 
ينبغى حتى لا يتساءل الناس 'وما شأن هذا العقيد الإنجليزى بتاجر الخيول؟* 
ولكننىء» لو قدر لى أن لحا ع ” 

”بل سوف تموت قطعا...“” 

بماء لكننى أقول لو قدر لى أن أعيشء فلن يكون غيرى على علم بأن 

ا بجا دا لج د ريد ملل لص حك اح عرق مجون ظل د 
السراى وقتله هناك؛ إما قبل أو بعد أن يبحث هذا اللص بحثا دقيقا فى حقائب 
سوحه وميق :باك شغ لهند هل بسيةه انما :فذق للقية أن فوفر ل ل كد وال 
أنس أنه أرجعنى ذ لإحضار علبة سيجار لم يكن قد تركه.. و “وهنا ميسوك كل 
بالنسبة إلى؟ ". 

وارتفعت فى الجو كثلة من الدخان الكثيف. وتلت ذلك فترة صمت ثم تكلم 
محبوب على برنة إعجاب قائلاً ”ورغم وجود كل هذه الأشياء فى ذهنك ترقد 
وتنهض من جديد وسط جميع الأبناء الصغار للإنجليز فى المدرسة وتتلقى 
التعليم بكل وداعة من معلميك؟ . 

وقال كيم بنبرات دمثة ”إنه أُمْر صدر إلىّ» ومن أنا حتى أجادل فى أمر 
صادر؟ . 

وقال محبوب "ابن مُحْكمُ الصنع لإبليس! ولكن ما هذه القصة عن اللص 
وعن الد لبحث؟ . 

فقال كيم "ذلك ما رأيته فى الليلة التى : نمت فيها أنا واللاما صديقى فى 
الغرفة المجاورة لغرفتك فى سراى كشمير. كنت تركت الباب دون إغلاقه 
بالقفلء زهو ما ليس من عادتك يا محبوب. ودخل ذلك الرجل بثقة من يعرف 
اتلك لرة اكحورة الشركة توضيفت فينى :على :تقل فى الوح تن" الألواع العذينة 





مه ” 





تاك عق مقر كل إلحذاى :الغقةاة افو كه ونكت كانم بريه قينا به الا سحاد أ 
اذ إل بشدريكا أ اناغ اقطات ا عم بل تود بهي ا الحدد ا نيكانة بفانقة ولا 
فلماذا انكريين مكداز انمق الهديد: فن تغل” كك , 

وصاح محبوب على وقد ارتسمت على شفتيه بسمة لطيفة "ها!” ثم قال 
"وعندما رأيت هذه الأشياء ما القصة التى شكلتها لنفسك يا بئر الحقيقة؟". 

"لم أشكل شيئاء بل وضعت يدى على التميمة التى لا تفارق سطح بشرتى 
أبدا»ء وعندما تذكرت أصالة نسب فحل خيل أبيض وأننى قضمت قطعة من 
خبز رجل مسلم؛ ذهبت إلى أومبالا بعد أن رأيت أننى قد حملت أمانة ثقيلة. 
فى تلكم الساعة كنت أستطيع لو اخترت إهدار روحك. لم أكن أحتاج إلا إلى 
أن أقول لذلك الرجل 'لدىًّ هنا ورقة عن حصان لا أستطيع أن أقرأها' 
وعندها؟ وتطلع كيم؛ من تحت حاجبيه؛ إلى محبوب كمن يخالسه النظر. 
بعدها“. وأضاف محبوب ببساطة ”ولا أعتقد أكثر من ثلاث مرات". 

أصحيح. نظرت فين ذلك قليلا ولكن الأهم كان اعتقادى أننى أحيك بأ 
محبوب. ولذلك ذهبت إلى أومبالاء كما تعرف. وأما ما لا تعرفه فهو أننى 
ظللت كامنا فى كلا الحديقة حتى أنظر ما عسى العقيد كرايتون الإنجليزى أن 
ففل عندها بكر | المكموتيعة أحيالة تسفب فحل الغيل. الأسيضن": 

”"وماذا فعل؟“ إذ كان كيم قد ابتسر المحادثة. 

وسأله كيم ”هل تقدم الأخبار أنت حْبًا فى السامع أم تبيعها له". 

"أسيعها: وأشتزيها الان منلك" وأخرج محيوب قطعة نقدية بأربع 'أنات» 
من حزامه ولوح بها أمام كيم. 

وقال كيم ”ثمانية!“ بصورة آلية مدفوعًا بالميل إلى المساومة فى الشرق. 

وشيكك: سمووودا وا عاك" قلط الشرى الى مكانيا: قاقر" "ادل قن تلك 


5848 








السوق أيسر مما ينبغى. اسمع يا صديق العالم كله: أخبرنى حبًا! أرواحنا فى 
قفخ 'فسضينا احص 

"وهو كذلك. شاهدت القائد العام الإنجليزى داخلا إلى حفل العشاء الضخم. 
رأيته فى مكتب العقيد الافخارو ف مون اهنا معنا تر نهنا كني عن أضيالة 
نسب فحل الخيل الأبيض. وسمعت الأوامر نفسها التى صدرت بشأن شن 
حرب كبرى. 


وأومأ محبوب بأعمق عينين متوهجتين صائحًا " قا لحك انعد ور اغة: 
انتهت تلك الحرب الآنء وأرجو أن يكون الشر قد وثئد فى مهدهء بفضل 
جهدى... وفضلك أنت. وماذا فعلت بعد ذلك؟". 


”استخدمت الخبير ع أصيد به اوت والتكريم بين القرويير ف فى قرية 
وضع كاهنها مُحْدَرَا فى طعام اللاما صديقى؛ ولكننى أخفيت كيس نقود الرجل 
العجوز فلم يجد البراهمينى شيئا. وهكذا كان غاضبًا فى الصباح. ها! ها! كما 
استغللك الخبر غندنا وككك فى أيذى :تلك الفرقة البيضاء صاحبة النور!". 


واكفهر وجه محبوب وقال "كان ذلك حُمقا! لم تجعل الأخباز رحتى. ذلفن 
بها يمينا ويسارا كأنها أقراص وقود الجلة! بل لابد أن تستعمل بحساب مثل 
| لحشيش ” . 

"ذلك ما أراه الآن. كما إن ذلك لم يعد على بأى خير. ولكن ذلك كان منذ 
0 0 مسحاي ب مد ومند 
المروحة فى المدرسة". 

وقال محبوب بسخرية مبالغ فيها وهو يمسح لحيته القرمزية ”هل من 
المسموح به السؤال عما كان يمكن أن يؤدى إليه تفكير من ولد فى السماء؟”". 

وقال كيم بالنبرات نفسها "مسموح!” ثم أضاف ”يقولون فى نوكلاو إنه لا 
ينبغى لأحد السادة أن يعترف بأنه أخطأ لرجل أسود“. 


5” 








ودس محبوب يده بسرعة فى صدره. إذ إن وصف الأفغانى بالسواد إهانة 
يهرق فيها الدم» ثم تذكر شيئا فضحك وأضاف "تكلم أيها السيد! الرجل الأسود 
: أت . 

وقال كيم الكننى لست من السادة وأقو إننى أخطأت حين شتمتك يا 
محبوب علىء فى ذلك اليوم فى أومبالا حين ظننت أن أفغانيًا خاننى. كنت قد 
فقدت الوعى» إذ كان قد 'قبض ؛ على لتوى؛ وكنت أتمنى أن أقتل غلام الطبل 
منخفض الطائفة الذى رأيته معى. وأقول الآن يا حاج إنك يكف ضصنحعاء: 
وأرى الطريق واضحا أمامى لأداء الخدمة الصالحة. سأظل فى المدرسة حتى 
انضج". 

"لا فخ فرك! خضو متا ما وات :تلك اللعنة تيلاب صلم تقدين المتسافات 
والأعداد وأساليب استخدام البوصلة. وفى التلال من فوقنا رجل ينتظر حتى 


إغلاق المدرسة. اط من السقدقاك م أحكت ”: 

"لكن لم لا تسأل العقيد أنت بلغة الإنجليز؟" 

"العقين قن يكفمة الكو :وهو رتسل قفا انالف ككلم الع زان ان 
ينظر فى كل ما يفيده ؤ فى الترقى. هل ترى مدى ما تعلمته فى نوكلاو! أضف 
إلى ذلك أننى لم أعرف العقيد إلا من ثلاثة أشهر. لكننى أعرف رجلا يدعى 
محبوب على منذ ست سنوات. وإذن! سأذهب إلى المدرسة. ولكن حين تغلق 
المدرسة فلابد أن أتحرر وأمضى إلى الحياة بين أهلى. هذا وإلا مت!“. 

"ومن أهلك يا صديق العالم كله؟". 


وقال كيم ”هذه البلد العظيمة الجميلة“ ولوح بيده مشير! إلى فضاء الغرفة 
الصغيرة التى بنيت جدرانها من الصلصال وحيث تتوقد بشدة نار المصباح 
الزيتى فى الكوة التى وضع فيها وسط دخان التبغ. ثم أضاف "كما إننى أود 
أن أرى صديقى اللاما مرة أخرىء وأيضنا أحتاج إلى نقود". 


1 








وكال جحيوحنبابي” "هذه هاحة كل :نود سروف الظنك نباف “داك انان 
حوافر الخيل لا تأتى بالمال الكثيرء ولابد أن يكفيك هذا المبلغ أيامًا كثيرة. 
وأما فى باقى الأمورء فأنا راض تمامّاء ولا حاجة بى للمزيد من الكلام. أسرع 
باكتساب العلم, وبعد ثلاث سنوات» وريما أقل تستطيع تقديم العون» حتى لى 
أنا“. 

وقهقه كيم كما يقهقه الصبيان قائلاً "وهل كنت حتى الآن عائقا شديدًا؟". 

وأعتوهن عضوت بضوت: اكش «قاكلذ "9 قدن. إجانافا. أبك الآن سداس 
خيلى الجديد. اذهب فارقد وسط رجالى» وهم بالقرب من طرف المحطة 
الشمالى» مع الخيول“. 

"لسوف يطردوننى إلى الطرف الجنوبى للمحطة إذا ذهبت دون تصريح 

وتحسس محبوب حزامه؛ وبلل أصبعه الإبهام بختامّة بالحبر الصينى ثم 
طبع البصمة على قطعة من الورق اللين المحلى. كان الناس من مدينة بلخ فى 
شمال أفغانستان إلى بومباى فى الهند يعرفون البصمة ذات الأطراف غير 
المستوية؛ ذات الندبة القديمة المائلة فى وسطها. 

"يكفى أن تظهر هذه لرئيس أتباعى. سآتى فى الصباح”“. 

وسأله كيم ”من أى طريق؟". 

"من الطريق القادم من المدينة. لا يوجد غيره؛ وبعدها نعود إلى السيد 
العقيد. لقد نجيتك من علقة! . 

"يا ألله! وما العلقة إذا كان الرأس غير ثابت على الكتفين؟". 

'"وانسل كيم بهدوء فى ظلام الليل» ودار نصف المسافة حول المنزل» 
حريصا على محاذاة الجدران بدقة واتجه مباشرة إلى المحطة على بعد ميل أو 
نحو ذلك. ثم دار دورة واسعة وعاد أدراجه بتمهل» إذ كان فى حاجة إلى 
اختراع قصة يحكيها إن سأله رجال محبوب أى سؤال. 


51 





كان الرجال يخيمون فى قطعة أرض خربة بجانب السكة الحديدية» ولما 

كاقو اميق ٠أهل‏ البلة ققد تكابياو | يطييعة اهالغ إنزال: نكمولة العوريقين: اللقيخ 
تقف فيهما خيول محبوب وسط شحنة من الخيول البلدية التى اشترتها شركة 
ترام بومباى. وكان رئيسهم سُئْلمًا نحيلا ويبدو عليلاء وسرعان ما اعترض 
طريق كيمء لكنه هدأ عندما شاهد بصمة إبهام محبوب على الورقة. 

وقال كيم بلهجة تنم على الضيق "لقد تكرم الحاج وألحقنى بخدمته. فإن 
شككت فى ذلك فانتظر حتى يأتى فى الصباح. وريثما يكون ذلك أرجو منك 
مها ا يكوا العذناء: 

وتبع ذلك ارتفاع أصوات الغمغمات المعتادة غير الرامية لشىء والتى لا 
غنى لأبناء البلاد عنها فى كل مناسبة» ثم خبت الضجة ورقد كيم خلف 
'العقدة'؛ الصغيرة من أتباع محبوب» فى مكان يكاد يقع تحت عجلات إحدى 
عربات الخيل» والتحف ببطانية مستعارة. لم يكن الرقاد بين قوالب الطوب 
ونفايات صوابير العربات فى ليلة عالية الرطوبة.ء بين الخيول المكدسة 
والأفغانيين الذين لم يغتسلواء مما يحبه كثير من الصبيان ذوى البشرة 
البيضاءء ولكن كيم كان بالغ السعادة. كان تغيير المنظرء والخدمة والبيئة يمثل 
الأنفاس لخياشيمه الصغيرة» وعندما خطرت له صورة السُرر البيضاء المنمقة 
ف مدزينة الترين خاقين» الموصسوصنة فى طن و الحد كحت المن |وع :لم رحد 
فيها من المتعة إلا ما كان يجده فى تكرار جدول الضرب بالإنجليزية. 


وقال فى نفسه والنوم يغالبه "إنى عجوز! يزداد عمرى سنة فى كل شهرء 
كم كنت صغيراء بل وأحمق عندما نقلت رسالة محبوب إلى أومبالا. وحتى 
عندما كنت مع تلك الفرقة لمحاو جرحت اكد رواج مي 
لكننى أتعلم الآن فى كل يومء وبعد ثلاثة أعوام سوف يخرجنى العقيد من 
المدرسة ويسمح لى بالانطلاق فى الطرق مع محبوب للتحقق مع أصالة 
أنساب الخيول؛ أو ربما انطلقت وحدىء أو ربما عثرت على اللاما وذهبت 
معه. نعمء هذا أفضل. أن أعود إلى المسير تلميذا مع اللاما صديقى عندما 


517 








يعود إلى بيناريس“. وبدأت الأفكار تتباطأ وتأتى مفككة غير مترابطة. كان قد 
بدأ يهبط عالم الأحلام الجميل عندما التقطت أذناه بعض الهمسات التى كانت 
هاده :و ”قحيلة *: بوالكنها :كابضة: كلق .هلن: الأفية " الرقيب كول القدفات» كان 
مصدرها مختفيًَا خلف عربة الخيل ذات الأديم الحديدى: .و أرهف شمتنه لما 
يدور: 

"لم:يصل: إلى الآن إذدن؟ . 

"وأين عساه يكون إلا فى المدينة صاخبًا لاهيا؟ ومن ذا الذى يبحث عن 
فأر فى بركة للضفادع؟ هيا نخرج من هنا. ليس الرجل الذى نطلبه“. 

"يجب ألا يعود إلى ما وراء الممرات الجبلية مرة ثانية. بهذا صدر 
الأمر“. 

ون 16 اه 0 2 و ٠‏ لماه 5 0 مف اه 

استاجر امراة تتولى لحذير ه. لن نتكلف إلا بصع روبيات. ولن تتوافر 
الأدلة". 

”إلا المرأة نفسها. يجب أن تكون الخطة أكثر إحكامًا. واذكر المكافأة 
المرصودة لمن يأتى برأسه!". 

انعم ولكن للشرطة ذراعًا طويلة؛ ونحن أبعد ما نكون عن الحدود! ليتنا 
كنا الآن فى بيشاور]“. 

وقال الصوت الثانى ساخرا! "نعم؛ فى بيشاور! إن بيشاور زاخرة بأقاربه. 
مليئة بالمخابئ والنسوة اللاتى سوف يتخفى وراء ملابسهن. نعم! خير ما 
يناسبنا بيشاوار أو جهنم فعلا!". 

"إذن ما الخطة؟". 

”أيها المغفل» ألم أخبرك بها مائة مرة؟ انتظر حتى يأتى للرقادء ثم نطلق 
عليه طلقة واحدة تصيبه. والعربات سوف تحول بيننا وبين المطاردة. كل ما 
نحتاجه هو أن نعود بسرعة فنعبر الخطوط ونمضى فى سبيلنا. لن يروا 





1 





مصدر الطلقة. انتظر هنا على الأقل حتى الفجر. أى نوع من 'الفقراء“ أنت 
حتى ترتعد من السهر قليلا”. 

وقال كيم فى نفسه "أها!“ وعيناه مغلقتان. ”محبوب من جديد! فعلاء ليست 
أصالة نسب فحل خيل أبيض مما يحسن بيعه إلى السادة! أو ربما كان محبوب 
يبيع أنباءً أخرى. ماذا تفعل الآن يا كيم؟ لا أعرف مكان إقامة محبوبء وإذا 
حضر إلى هنا قبل الفجر سوف يطلقان الرصاص عليه. ولن يعود هذا بالفائدة 
عليك يا كيم. وليس هذا من اختصاص الشرطة:؛ فلن تفيد الشرطة محبوب فى 
شىءء كما إننى“ وقهقه بصوت شبه مرتفع "لا أذكر أى درس فى نوكلاو 
يمكن أن يساعدنى. الله الله! إن كيم هنا وهما هناك. لابد أولا إذن أن يصحو 
كيم ويمضىء بأسلوب يحول دون الاشتباه فيه. المرء يوقظه الكابوس... 


وغطى وجهه بالبطانية ثم نهض فجأة وهو يصرخ صرخة رهيبة يتخللها 
صراخ الهذيان الذى يتسم به انتفاض الآسيوى من نومه على كابوس!. 

وجاءت الأصوات فى الصرخة ”أور - رو رو - رو رو! يا لالالالالا! 
نارايان'! شوريل! شوريل! . 

كان 'نارايان* اسمًا لروح مقدسة تمشى على الماء؛ وكانت “شوريل” 
شبحًا بالغ الخبث لامرأة ماتت أثناء وضع طفلها. وكان يشاع أنها 'تسكن* 
الطرق الموحشة؛ وقد انعكس وضع قدميها عند الكعبين» وتقود الرجال إلى 


العذاب. 


وازداد ارتفاع عويل كيم المرتعش» حتى وثب أخيرا فوقف على قدميه 
ومشى مشية المتخبط من أثر النوم» والمخيم يلعنه لأنه أيقظ النوام. وبعد نحو 
عشرين مترًا عاد إلى الرقادء بعد أن تأكد أن صاحبى الهمسات يستطيعان 
سماع آهاته وأناته» وهو يستعيد رباطة جأشه. وبعد بضع دقائق انحدر تجاه 
الطريق ثم تسلل خارجا فى الظلام الحالك. 





و ا 


وانطلق يخوض بسرعة فى الماء الضحل حتى وصل إلى مجرى من 
مجارى الصرف فهبط خلفه واستلقى بحيث أصبحت ذقنه فى مستوى أحجار 
الإفريزء وكان هذا الموقع يمكنه من مشاهدة كل من يمر فى المنطقة ليلا دون 
أن يراه أحد. 

ومرت عربتان أو ثلاث عربات بأصوات مجلجلة متجهة إلى الضواحى» 
ثم مر شرطى يسعلء ومن بعدهما رجل أو رجلان مسرعانء وكانا يغنيان 
للاحتماء من الأرواح الشريرة. وبعدها ارتفعت قعقعة حوافر حصان بحدواتها 
الحديدية. 


ع 


وقال كيم في نفسه "ربما يكون هذا محبوب” عندما تردد الحصان قليلهة 
أمام الرأس الصغير فوق حافة المجرى المائى. 

فين قاقلذ "أنتنيا حوب على كدان كدان 1 

وشد الراكب زمام حصانه فجأة فتوقف رافعًا قائمتيه الأماميتين» ثم أرغم 
دابته على السير إلى المجرى المائى. 

وقال محبوب 'لن أعود أبدًا إلى ركوب فرس ذى حدوات حديدية للعمل 
ليلا. إن حديد الحدوة مغناطيس يجتذب جميع المسامير فى المدينة!” وانحنى 
ليرفع الحافر فى قائمة الفرس الأمامية» وهو ما جعل رأسه يقترب إلى مسافة 
قدم من رأس كيم. وتمتم كيم هامسنا ”اهبط.. لا ترفع رأسك. الليل زاخر 
بالعيون . 

"وراء عربات الخيل رجلان ينتظران قدومك. وسوف يطلقان النار عليك 
عندما ترقدء لأن البعض قد رصد مكافأة لمن يأتى برأسك. سمعتهما وأنا نائم 
قرب الخيول . 

"وهل رأيتهما؟" ثم صاح فى فرسه ”اثبت يا والد الشياطين!“. 

2 


"15 





"هل كان أحدهما يليس لباس ”الفقراء'؟“". 

”قال أحدهما للآخر 'أى نوع من الفقراء أنت حتى ترتعد من السهر 

"جميل. عد أنت إلى المخيم ونم. لن أموت الليلة“. 
المائى حتى وصل إلى نقطة تواجه مكان رقاده الثانى» ثم انسل عبر الطريق 
مثل ابن عرس ولف نفسه من جديد بالبطانية. 

وقال لنفسه فى رضى ”أصبح محبوب يعرف على الأقل. ولا شك أنه كان 
يتحدث حديث من كان يتوقع ذلك. لا أعتقد أن هذين الرجلين سوف ينتفعان 
وبين الفينة والفينة كان يمر أحد قطارات الليل هادرا على القضبان الحديدية 
على مسافة تقل عن سبعة أمتار منه» ولكنه كان يتمتع د بما يتمتع الشرقى به 
ا 00 دقء» ولم يؤد الصخب حتى إلى نسج حلم 

وأننا! تتحوي: قينا كات عه عن النوم. كان يشعر بالضيق الكديد أن 
البعض من خارج قد قبيلتف سف اله وتستووون ١‏ اطاذها من بغر اموافة: العار سيق 
جلا قرم للك زح كان رد فعله الأول والطبيعى هو أن يعبر الخط 
الحديدى فى مكان بعيد ثم يدور مقبلة من جديد فينقض على من يرجوان 
'الخير» له.مق الخلفه ويقتليننا: على الفون: وطن له-هتا خاطر ‏ أحزنه وهو 
أن فرعًا آخر من فروع الحكومة» لا علاقة له على الإطلاق بالعقيد كرايتون 
قد يطلب منه تفسيرً! لما حدث» وهو ما يصعب عليه تقديمه» وكان يعرف أنهم 
هناء جنوب الحدودء يثيرون ضجة كلما وجدوا جثة شخص أو شيئا من هذا 
القيل 4 وزهوينا كان يواه مها هري اليد لم سساو ره مل نهذ | اللقاق مك 


ا 








أن أرسل كيم إلى أومبالا بالرسالة» وكان يأمل أنه قد صرف النظر نهائيًا عن 
الأكتاء قنه: 

ثم برق فى ذهنه خاطر عبقرى. 

قال لنفسه ”الإنجليز يقولون الحق دائمّاء ولذلك نظهر نحن دائمًا فى هذا 
البلد كالحمقى! أقسم بالله لأقولنَ الحق لرجل إنجليزى! ما فائدة الشرطة 
الحكومية إذا كان اللصوص يستطيعون أن يسرقوا خيول رجل من كابول» 
ومن عرباتها نفسها؟ هذا المكان لا يقل سوءًا عن بيشاوار! ينبغى أن أقدم 
شكوى لمخفر الشرطة. والأفضل إبلاغ ذلك لبعض الإنجليز الشبان العاملين 
بالسكك الحديدية! إنهم متحمسون وحين يقبضون على بعض اللصوص يصبح 
ذلك مذكورا لهم ومصدر تكريم”". 

وربط حصانه خارج المحطة ودخل بخطوات واسعة إلى الرصيف. 

وهتف إنجليزى شاب يعمل مساعدا لمدير الحركة فى المحطة عندما رآه 
"مرحبًا يا محبوب على" كان واقفا ينتظر ركوب القطارء فارع الطول. 
مضفواك: الشغن» مقيرة البنية» بزاتداى خلة قطدية تيضباء دكناء “مناذا تفكل هنا؟ 
تبيع الملابس أم ماذا؟". 

”لا! لست قلقا على خيولىء بل أتيت أبحث عن لطف الله. عندي عربة 
محملة بالخيول» فهل يمكن لأحد أن يأخذ أحدها دون علم السكة الحديدية؟". 

”لا أعتقد هذا يا محبوب» ولك أن تطالب بالتعويض إن حدث ذلك". 


شيك وجني بدن كمف عداضظ تعض لون قا طوقه اللرله ريا 
ولما كان الفقراء لا يسرقون الخيل لم يعد يشغلنى الأمر. أود أن أقابل شريكى 
لطف الله“. 

ناذا اشتاهدت؟! بولغ شحل ذهنك: بالأمن ١19‏ قشم إتفى : أشتكن المضنادفة الخين 
حسف يك اوها شكليياة. 





"إنهما وحسب من الفقراء. وربما لم يزد ما يأخذانه عن بعض الحبوب 
أبذا ما نقص منها. جئت إلى هنا أبحث عن شريكى لطف الله...“. 

"افش الآن شريككه أين:عدفات خيؤ لك . 

"بالقرب من جانب أقصى بقعة يرفعون فيها المصابيح للقطارات". 

"كشك الإشانات؟ نعم . 


"وعلى القضبان فى أقرب موقع من الطريق الممتد على يمينناء وهو يطل 
هكذا على الخط الحديدى. أما عن لطف الله فهو رجل طويل أنفه مكسور 


كان اليافع قد أهرع لإيقاظ شرطى شاب متحمسء لأن السكك الحديدية قد 
تكبدت الكثيرء كما قال» من أعمال السطو فى ساحة البضائع. وقهقه محبوب 

"سيدخلان بالأحذية الطويلة فيحدثان ضجة ثم يعجبان لعدم وجود 
افقر]ء انها فى .كاية الذكاءى اليه انون :و العيد القدا”. 

وانتظر دون أن يفعل شيئًا بضع دقائق» متوقعًا أن يراهما يسرعان على 
طول الخط مشمرين عن ساعد الجد. وانسابت قاطرة خفيفة خلال المحطة. 
ولمحت عينه بارتون فى كابينة القاطرة. 

قال مكنويع تعلق "لق كنك ذلك الطفل 1 لين مغفلا على الاظلاق 1 فاخ 
استخدام قاطرة فى القبضٍ على لص لعبة جديدة!“. 

وكندما حاء مفيونه علق إلى ديه قن القهن: لير أحة ذا أنناغ ينا 
حدك" الزن تكذيوة بان تورف لد ناموك ام سن صقي ام ما نفد الكل كان 
الرجل العظيم قد عينه أخيرً! فى خدمته؛ وكان محبوب قد استدعاه إلى خيمته 
الصغيرة للمساعدة فى حزم بعض الأمتعة. 





وهمس كيم أثناء انحنائه فوق بعض حقائب السروج ”عرفت كل شىءء 
جاء سيدان فى القطار وكنت أجرى غاديًا رائحًا فى الظلام على هذا الجانب 
من العربات عندما تحرك القطار ببطء ثم وقف. وانقضنًا على الرجلين 
الجالسين تحت العربة - اسمع يا حاج! ماذا أفعل بهذه القطعة من التبغ؟ هل 
ألفها فى ورقة وأضعها تحت كيس الملح؟ - نعم! وطرحاهما أرضنا. ولكن 
أحد الرجلين وجه لأحد السيدين ضربة بقرن الظبى الذى يحمله الفقير“» وكان 
كيم يعنى السلاح الدنيوى الوحيد الذى يحمله الفقراء ويتكون من قرنين 
متصلين من قرون الظبى الهندى"» فإذا بالدم يسيل منه. وهكذا التفت السيد 
الثانى الذى كان قد بدأ بضرب الرجل الآخر فأفقده الوعى حتى يضرب من 
. طعَنَ صاحبه بمقبض بندقية قصيرة سقطت من يد الغائب عن الوعى. واشتبك 
الجميع معًا كأنما أذهب الغضب عقولهم". 

وابتسم محبوب بسمة الاستسلام الورع لما كتبه القدر. ثم قال "لم تعد هذه 
قضية مدنية بل إنها جناية! هل قلت بندقية؟ السجن عشر سنوات على الأقل”. 

"ثم استلقى الاثنان بلا حراك؛ لكننى أظن أنهما كانا على شفا الموت 
عندما وضيعًا فى القطار. كان رأساهما يتحركان هكذا. وعلى الخط الحديدى 
دماء كثيرة. أتود أن تأتى لترى؟“. 

"شاهدت الدم من قبل» السجن هو الحكم المؤكد. وقطعًا سوف يتخذان 
أسماء كاذبة» وقطعًا لن براهما أحة مدا قود كانا من خصومى. نقد أت 
مصيرك ومصيرى مشدودان بخيط واحد. يا لها من قصة تروى لناظم الدر! 
أسرع الآن بحزم حقائب السرج وأطباق الأكل. سوف نأخذ الخيل ونرحل إلى 


وبسرعة - وفق مفهوم الشرقيين للسرعة - وسط الشروح المطولة. 
والشتائم والألفاظ الشاردة؛ والإهمال» ومرات لا تحصى من التحقق من عدم 
نسيان الأشياء الصغيرة؛ انفض المخيم غير المنظم» وساق الرجال الخيل 
المتوترة القلقة فى طريق كالكاء فى ساعة الفجر المنعشة تحت الأمطار 


3 








المنهمرة. ولما كان جميع من يرجون رضى الأفغانى يعتبرون كيم مساعده 
المفضلء فقد أعفوه من العمل. وسار الموكب فى طريقه مارًا بأيسر السبل ولم 
يكن يتوقف إلا كل بضع ساعات فى مأوى ما على جانب الطريق. كان السادة 
يسافرون بأعداد كبيرة فى طريق كالكاء وكما يقول محبوب علىء يرى كل 
سيد شاب أنه لابد أن يعتبر نفسه قادرًا على الحكم على الخيل» وحتى لو كان 
غارقا فى الديون التى يدين بها للمرابين» فلابد أن يتظاهر بأنه يستطيع 
الشراء. وكان هذا سبب توقف السادة؛ واحدًا بعد الآخرء أثناء سفرهم فى 
العربات» للتحادث مع التاجر. كان بعضهم يبالغ فيهبط من العربة ويتحسس 
أرجل الخيل؛ ويطرح أسئلة فارغة؛ أو - بسبب جهله وَحَسنْبْ باللغة المحلية - 
يوجه إهانات شديدة للتاجر الذى لا يُغضبه شىء. 

وبينما كان كيم يملأ غليونه بالتبغ تحت شجرة:ء مال إليه محبوب وهو 
يقول لمن يختصه بأسراره ”عندما بدأت التعامل مع السادة وكان ذلك عندما 
كان السيد العقيد 'سودىء قائدا لقلعة أباظاى وأغرق أرض معسكر المفوض 
عمدًا لإغاظته» لم أكن أعرف مدى حمقهمء وهو ما أغضبنى. مثلما تقول...“. 
وقص على كيم قصة مثل يُسنَاءْ استخدامه بلا قصد مما جعل كيم يضحك حتى 
استلقى على وجهه. وجعل محبوب ينفث الدخان ببطء قائلاً "لكننى أرى الآن 
أنهم مثل بقية الناس: حكماء فى بعض الأمورء وبالغو الحمق فى غيرها. ومن 
بالغ الحمق أن تستخدم الكلمة الخطأ مع أحد الغرباء» فرغم أن القلب لا يضمر 
أية إساءة فكيف يتسنى للغريب أن يعرف ذلك؟ والأرجح أن يطلب الحقيقة 
بخنجر فى يده . 

وقال كيم بنبرات رزينة “صحيح. كلامك صحيح. فالحمقى يتكلمون عن 
قطة عندما يُؤتى بامرأة إلى الفراش مثلاء وقد سمعتهم بنفسى”. 

"ومن ثمء فبالنسبة لشخص فى موقفكء يجدر بك خصوصا أن تذكر هذا 
بالوجهين معًا. فوسط السادة لا تنس أبدًا أتلك سيدء ووسط أهل الهندء تذكر 
دائمًا أنك...“ وتوقف وقد ارتسمت على شفتيه بسمة الحيرة. 





>1١ 





"ماذا أنا؟ مسلم» هندوسىء, جانىء أم بوذى؟ هذه عقدة عويصة“. 

"أنت بلا شك كافر» ولهذا فسوف تغدو ملعونا. هذا ما يقوله قانونى» أو 
أظن أنه يقوله. ولكنك أيضًا صاحبى وصديق العالم كله وأنا أحبك. وهذا ما 
يقوله قلبى. أمر العقائد هذا مثل لحم الخيل. فالحكيم يعرف أن الخيل ذات 
خيرء وأنها يمكن أن تأتى بالأرباح» وأما أنا فإنى مسلمٌ منُنئّ صالحٌ وأكره 
رجال منطقة 'الطيرة“ الجبلية بالقرب من ممر خيبرء ويمكن أن أعتقد الشىء 
نفسه عن جميع الأديان. ويتضح لك الآن أن الفرسة الصينية إذ نقلت من رمال 
موطنها الأصلى إلى غربى البنغال فسوف تتعثرء بل إن ذلك ينطبق حتى على 
فحول الخيل البلخية» ولا توجد خيل أفضل من خيول بلخ؛ ؛ لولا أن أكتافها ثقيلة 
قليلاء إذ لن تكون لهذه الفحول قيمة فى الصحارى الشمالية الشاسعة إلى جوار 
جمال الثلوج التى رأيتها. وعلى هذا أقول من قلبى إن الأديان مثل الخيل. لكل 
مها مكنا د فى بلق : 

47 سفت : اللي ووو ل تنا كيدا اين" : 

”أوه! إنه عجوز من التيبت ويعيش فى الأحلام. وبقلبى بعض الغضب يا 
صديق العالم كله لأنك تجد قيمة كبيرة فى رجل لا يكاد يعرفه أحد“. 

”هذا صحيح يا حاج. ولكننى أرى هذه القيمة؛ وقلبى منجذب إليه“. 

"وقلبه إلى قلبك» حسبما أسمع. القلوب مثل الخيل. فهى تروح وتغدو 
برغم الشكيمة فى الفم أو المهماز فى الجنب“. ثم التفت وقال مشير! بيده "ناد 
ا ا ع ب اج ا 
ا الفحل ذو اللون الأدك 1 الفرسة السوداء بعد قليل... 1 00 يقول 
”"اسمعنى الآن! هل تتطلب راحة قلبك أن ترى ذلك اللاما؟“. 

وقال كيم ”هذا جزء من العقد المبرم معى. فإذا لم أرهء وإذا سُلب منى 


فسوف أترك المدرسة فى نوكلاو ثم. ٠‏ ح. : إذا ذهبت فمن يستطيع العثؤن على 
مزة أخويى؟. 





"هذا صحيح. لم يُربط مُهْنْ برباط فى عقبه أخف من رباطك”» وجعل 
محبوب يومئ برأسه 

”لا تخف“. وكان كيم يتحدث كأنما كان من الممكن أن يختفى فى تلك 
اللحظة. ”قال صديقى اللاما إنه سوف يأتى لزيارتى فى المدرسة...“ 

تيون تستالدة قن حضدون زاف الضيقان الانحب.." 

وقاطعه كيم بحدة قائلاً "ليسوا جميعًا كذلك! فكثير منهم يجرى دم 
الطوائتف الخفيضة فى عروقهمء ويكسو عيُونِهُمٌ بالزرقة وأظفارَهُمْ بالسواد! 
أبتاءغ أمهات ايُكنستن ن الطرقات! أصهار الكناسين 0 

ولا حاجة بنا لمتابعة باقى أصول الأنساب» ولكن كيم شرح وجهه نظره 
بوصوح ومن دون القطال وهو نشد عدن عُودٍ من قصب السكر. 
كله! لقد قابلت كثيرًا من الرجال والنساء والغلمان» وعددًا غير قليل من 
السادة :لم أصنادف:فن.حياكن كلها غفريتا متلك”. 

“ولاة كفنا فيت اقول لك لحف :انك" 

"ربما كان هذا هو السبب بعينه؛ فهذا العالم ذو أخطار على الصادقين 
الشرفاء”» ورفع محبوب على نفسه من الأرضء؛ وضبط وضع حزامه ثم ذهب 
إلى الخيول. 

”أو يبيع الحق لك؟". 

كاز فى تعهلة” كيم نا ككل متسدوي يت ققد ويشتكي ١‏ فاكلد أ شعطنة 


جديدة؟” : 


وقال كيم وقد افتر ثغره عن ابتسامة ”ادفع ثمانى أنات أخبرك! الأمر 


نيا الشيطان!“ ودفع محيوب النقود. 





”هل تذكر تلك المسألة الصغيرة: مسألة اللصوص الذين تسللوا فى 
الظلام؛ عندما كنا فى أومبالا؟"“. 

”ما داموا كانوا يطلبون روحىء لم يغب ذكرهم عن بالى تمامًا. لماذا؟"“. 

”وهل تذكر سراى ك3 : 6 

”سأشد أذنك حالا أيها السيد!“. 

”لا داعى لذلك أيها الأفغانى. كل ما هناك أن الفقير الثانى الذى ضربه 
السيدان فأفقداه الوعى كان هو الرجل الذى جاء لتفتيش أركان غرفتك فى 
لاهور. شاهدت وجهه عندما ساعدوه على ركوب القاطرة. إنه الرجل نفسه“. 

”ولماذا لم تخبرنى من قبل؟". 

”لسوف يدخل السجن وينعم بالسلامة عدة سنوات. لا يوجد ما يدعو 
للإفصاح عن أكثر مما يلزم فى لحظة دون سواها. أضف إلى ذلك أننى لم 
أكن أحتاج إلى النقود لشراء الحلوى“. 


وقال محبوب على ”الله كريم! هل ستبيع رأسى يومًا ما ببعض الحلوى إن 
تاقت نفسك إليها؟». 


لسوف يذكر كيم حتى يوم مماته تلك الرحلة الطويلة البطيئة من أومبالاء 
عبر قرية كالكاء جنوبى سيملاء وعبر حدائق "يينجور* القريبة» حيث 
قصر شيش محلء حتى سيملا. وعلت المياه فجأة أثناء المسير فى نهر جوجر 
ففاضت بعنف واكتسحت الشاطئ فأسقطت أحد الأحصنة؛» وكان أثمنها قطعاء 
وكادت أن تغرق كيم بين جلاميد الصخر الراقصة. وفى مكان متقدم من 
الطريق مر فيل من أفيال الحكومة فأصاب الخيول بالذعر وجعلها تجرى على 
غير هدىء ولما كان المكان زاخرًا بالكلا الذى تحبه؛ فقد استغرق تجميعها من 
جديد يومًا ونصف يوم. ثم قابلوا إسكندر خان مقبلا مع بضعة خيول رديئة 
من المحال بيعها - بقايا 'عنقوده؛ - وكان على محبوب الذى يملك من الخيل 


50 





فى كليو السيعة الختصين: أكان جما .يدانه انون خاق 'فى جيم بكيامة أن 
يشترى اثنين منهاء وهو ما كان يعنى قضاء ثمانى ساعات فى المفاوضات 
الشاقة وتدخين مقادير لا تحصى من التبغ. ولكن الرحلة كلها كانت متعة 
صافية» فالطريق يتلوى» ويصعد ويهبط» ويلتف حول الأشواك النامية» ومشهد 
الصبح وهو يشرق على امتداد الثلوج النائية» ونباتات الصبار بفروعهاء فى 
طبقة من فوق طبقة على جوانب التلال الحجرية» وأصوات ألف قناة من 
قنوات الماءء و”ثرثرة' القرود» ومشهد أشجار الدردار الرزينة التى تعلو كل 
دوحة منها فوق دوحة بأغصان تتدلى» والمساحات الشاسعة من السهول 
المنبسطة على البعد من تحتهم؛ والصليل الذى لا يتوقف نتيجة اصطدام قرون 
الثيران التى تجر العرباتء واندفاع الخيول التى يقودها الرجال عندما تنحرف 
إحدى العربات بشدة فى أحد المنحنيات» والتوقف لأداء الصلاة» وكان محبوب 
يراعى تعاليم دينه بدقة فى التَيسُ ورفع الأذان فى وقت الصلاة» والاجتماع 
لخاكل. (اللحاسيف .قن ٠‏ التساف ف مظاك الو افد وزالجماك بو اكير اق تقذ 
طعامها برزانة معاء والسائقون ذوو الصلابة يتلقون الأخبار الخاصة بالطريق: 
كانت كل هذه الأشياء تسمو بقلب كيم إلى دنيا من النغم فى صدره. 

وقال محبوب على "ولكن عندما ينتهى الغناء والرقصء يأتى السيد العقيد. 
ولبكت نرج كد الخلذو ةعاللة 1 

"اوضر يديعة: _ رضن انهه ' الجبال. ارهن نهذ لهند بوايطن " الأنهان 
الخمسة أبدع من كل أرض“ كان صوت كيم يقترب من الغناء. ”"ولسوف 
أعود إليها إن رفع محبوب على أو العقيد يدا أو مد قدمًا لمعاكستى. وأقول 
مرة أخرى "من تراه يستطيع العثور على؟ انظر يا حاج! هل هذه مدينة 
نتبملة؟ الله! ما أبدعها من مديتة!". 


”لايزال أخو والدى يذكرهاء وقد كان رجلا عجوز! عندما حفر بئر 
ماكيسون )١186-١4869(‏ فى بيشاوارء ولم يكن فى المدينة أنذاك إلا 
منزلان . 





0/6 





وقاد الخيول هابطا من الطريق الرئيسى إلى سوق سيملا السفلى» كأنها 
حظيرة أرانب تكتظ بالسكان وترتفع أرضها من الوادى صاعدة إلى مبنى 
البلدية بزاوية قدرها خمس وأربعون درجة»؛ ويستطيع من يعرف طريقه هنا 
أن يتحدى كل رجال الشرطة فى عاصمة الهند الصيفية» إذ ما أعجب ما 
تتصل كل شرفة بغيرهاء وكل زقاق بغيره؛ وكل مخبأ بسواه بدهاء ومكر! 
فهنا يعيش من يلبون حاجات المدينة الهانئة» مثل الذين يجرون العريات 
الجميلة التى تركبها النساء ليلا ويقامرون حتى الفجرء وهنا تجد البقالين» 
وبائعى الزيوتء والجوالين الذين يبيعون التحف؛ وتجار الحطبء والكهان؛ 
والتقالين :و الموطفين .من لخاد البله ف الحكومة: وهنا تتافدن "الهانيات موز" 
يُفترض أنها من أعمق أسرار مجلس الهندء وهنا يتجمع الوكلاء من الباطن» 
بل من باطن الباطن» لنصف الولايات الهندية. وهنا أيضًا كان محبوب على 
يستأجر غرفة» ذات أبواب تغلق بإحكام أشد من أبواب الغرف فى لاهورء 
وذلك فى منزل رجل مسلم يعمل بتجارة الأبقار. وكان المكان مكان المعجزات 
أيضاء إذ دخله فى الغسق كيم فى صورة صبى خيول مسلمء وبعد ساعة خرج 
منه فى صورة يافع أوراسى (أوربى آسيوى) - إذ كانت, صبغة الفتاة فى 
لوكناو من أفضل الصبغات فلم تشحب بسرعة - وكان يلبس ملابس صبيان 
الحوانيت وإن لم تكن تناسب جسمه تماما. 

وقال محبوب على "كلمت السيد كرايتون» وللمرة الثانية نجحت يد 
السيداقة فج كحديدافة سوط #الكآن تك اهو يقول: اناك قد ديهف" هنا اممفوعه 
ستون يومًا فى التجوال فى الطرق» ومن ثم فقد فات موعد إلحاقك بأى مدرسة 
قوق الال 

"قلت ان عطلاة :من شأ وجدف: ولق أذقيه: إلى المدارسة موتين: :هذا 
جزء من العقد المبرم معى ". 

"لم يعرف العقيد كرايتون أمر هذا العقد بعد. وقد تقرر أن تقيم فى منزل 
السيد لورجان حتى يحين موعد عودتك إلى نوكلاو . 


”أوثر أن أقيم عندك يا محبوب”. 





ا 





”أنت لا تعرف مقدار هذا التكريم. لقد طلبك السيد لورجان بنفسه. لسوف 
تصعد التل وتسير فى الطريق عاليه» وهناك لابد أن تنسى فترة ما أنك 
شاهدتنى أو حادثتنى يوما ماء أنا محبوب على الذى يبيع الخيول إلى السيد 
كرايتون الذى لست تعرفه. إننى آمرك بهذا فتذكر هذا الأمر". 

وأومأ كيم. ثم قال "جميل. ومن هو السيد لورجان؟ لا ل“.. إذ لمح نظرة 
محبوب الحادة القاطعة كحد السيف.. "أقصد أننى لم أسمع اسمه من قبل قط" 
ثم خفض صوته قائله ذ الل شر واه 1 


ودف محيوت على فاقلا ”ما هذا الحديث بضمير الجمع أيها السيد؟ نحن؟ 
ثم قال بالنبرات التى يخاطب بها الأوروبيين؛ ”أنا أفغانى» وأنت إنجليزى ابن 
إنجليزى. والسيد لورجان لديه حانوت وسط الحوانيت الأوروبية. سييملا كلها 
تعرف هذا واسأل هناك؛ واسمع يا صديق العالم كله» إنه رجل لابد من طاعته 
إلى آخر طرفة من طرفات جفونه. الناس تقول إنه يمارس السحرء ولكن لا 
ينبغى أن يعنيك ذلك. اصعد واسأل. هنا تبدأ اللعبة الكبرى“ 





الفصل التاسع 
كان 'صدوقس“ ابْنا لحكيم يُدْعَى 'يلث' الأب 
رأسَ عشيرةٍ غربّان الجُبّ 
ورَعَاهُ 'إتمُوث» الب 
كئ يَجْعَلَهُ من أهل الطبب. 


كان ذَكيًا وسَرِيع التصيل 
وجسورا يتحدذى التهويل 
إذ رقص أشد الرقصات مَهَابَة 
(أسطورة أوريجون) 
وأقبل كيم بكل مشاعره على الدورة الثانية من دورات العجلة. لسوف 
يصبح سيدا من جديد فترة ماء وكان تتملكه تلك الفكرة؛» وهكذا ما إن وصل 
إلى الطريق العريض الصاعد إلى مبنى بلدية سيملة حتى بحث عن شخص 
يبهره بمكانته. كان طفل هندوسى فى نحو العاشرة من عمره يجلس القرفصاء 
تحت أحد أعمدة الإنارة. 
وسأله كيم ”أين منزل مستر لورجان؟". 
وجاءته الإجابة ”لا أفهم الإنجليزية“. ومن ثم تحول كيم إلى اللغة المحلية. 
"سوف أريه للك . 
وانطلقا معًا فى غبش الغسق الموحى بالأسرار والحافل بضروب الصخب 
الصاعدة من المدينة فى سفح التل» وأنفاس الريح الباردة تهب من قمة جبل 
'جاكو* الذى تكلل هامته أشجار الدردار التى تناطح النجوم. وكانت أضواء 


5 








البقازاان« لمعته رض . سونو :الفمتر الل ملل سرام سكت 36 السون كمسا 
مزدوجة. كانت بعض الأضواء ثابتة» وبعضها ينتقل مع العربات الصغيرة 
بوتكايها از السادة الل هوة الصدز ها« البق كريهر |القاول لعشا 

وقال مرشد كيم "إنه هنا“» وتوقف عند شرفة ينسحب الطريق الرئيسى 
داخلهاء الم ينتطهما باب ولكن تندار ةمق الخرق المشبوك في البوض» كافيت 
تقسم أضواء المصابيح خلفها قسمين. 

وقالالقاكم فى طووت لا نكا مدان كار فر افد ومفة دعتبي 
كان كيد واه أن القاكه قن امن بجالماء تى ف وكانه كتن بو شه إلى «العار دمن 
البداية» ولكنه تجاسر فأزاح الستارة. رأى رجلا ذا لحية سوداء؛ يلبس نظارة 
شمس خضراء»ء جالسًَا إلى منضدة. الخدت يداه البيضاوان القصيرتان تلتقطان 
كرات صغيرة تتلألأ واحدة واحدة من صينية أمامه» وجعل يدخلها فى خيبط 
حريرى مائل وهو يترنم بلحن لنفسه. وأحس كيم أن الغرفة كانت تحفل من 
خلف دائرة الضوء بأشياء ذات رائحة تشبه رائحة كل معبد فى أى مكان فى 
الشرق. والتقفطت خياشيمه عبير المسك؛ وشذا خشب الصندل؛ وأريج زيت 
الياسمين الفواح. 

وتكلم كيم أخير! قائلا ”لقد حضرت”» وكانت الروائح قد أنسته أنه يجب 
00 السادة فقال عبارته باللغة المحلية. 

"تسعة وسبعون, ثمانون» إحدى وثمانون”: كان الرجل يعد لنفسه وهو 
ينظم اللآلئ لؤلؤة لؤلؤة بسرعة كبيرة حتى كاد كيم أن يعجز عن متابعة 
أصابعه. وخلع الرجل نظارة الشمس الخضراء وجعل ينظر بثبات إلى كيم 
نصف دقيقة كاملة. واتسعت حدقتا العينين ثم ضاقتا ضيق طرف الدبوس» 
كأنما وفق إرادة الرجل. وتذكر كيم فقيرًا لدى بوابة تاكسالى يتمتع بهذه 
الموهبة ويتكسب منهاء خصوصنا عندما يلعن الحمقاوات. وحدق كيم باهتمام 
فى الرجل. كان صديقه الفقير ذو السمعة السيئة يستليع تحريك أذنيه كالعنزة 


514 








تقريبّاء وشعر كيم بالأسف لأن هذا الرجل الجديد لم يستطع محاكاة الفقير 
المذكوان : 

وفجأة قال السيد لورجان ”لا تخف". 

"والمناذ1 أخات؟ : 

"سوف تنام هنا الليلة وتمكث معى حتى بيحين موعد العودة إلى نوكلاو. 
هذا امن 

وكرر كيم العبارة الأخيرة قائلا ”إنه أمر. ولكن أين أنام؟". 

"هناء فى هذه الغرفة“ ولوّح السيد لورجان بيده مشير! إلى الظلام السائد 

وقال كيم برباطة جأش "فليكن.. الآن؟“". 

وأومأ الرجل ورفع مصباحًا فوق رأسه. وعندما غمرهما النور ظهرت 
فجأة فى الجدران مجموعة أقنعة رقص الشياطين» تتدلى فوق الستائر 
المزركشة بأشكال الشياطين التى ترقص تلك الرقصة الرهيبة» وكانت بعضها 
أقنعة ذات قرونء أو متجهمة أو تعبر عن الرعب الأبله. وشاهد فى أحمد 
الأركان محاربًا يابانيًا يلبس الدروع وفوق رأسه الريش ويهدده بحربة ذات 
فأس فى يده إلى هانب عشرات الرماح والسيوف والخناجر التى تعكس ضوء 
المصباح المتأرجح. ولكن ما أثار اهتمام كيم أكثر من كل هذه الأشياء - إذ 
كان قد شاهد أقنعة رقص الشياطين فى متحف لاهور - كان الطفل الهندوسى 
الذى تركه فى مدخل البيتء» بعينيه الساجيتين» فقد لمحه جالسًا القرفصاء تحت 
منضضدة اللآلئ وعلى شفتيه القرمزيتين بسمة صغيرة. 

وقال كيم فى نفسه “أظن أن السيد لورجان يريد إخافتى» وأنا واثق أن ابن 
التنيطان تهت المتنيدة دن عد أن :ينهد خوفى". ثم قال بصوت مرتفع: ”هذا 
المكان يشبه بيت العجائب. أين فراشى؟". 


58 








وأشار السيد لورجان إلى لحاف 'بلدى* فى أحد الأركان بجوار الأقنعة 
البشعة والتقط المصباح وخرج تاركا الغرفة حالكة السواد. 

وقال كيم وهو يبدأ رقاده ”هل كان هذا السيد لورجان" ولم تأته إجابة؛ 
على الأرض حتى اصطدم بشىء فى الظلام فصاح ”أجب أيها الشيطان! هل 
هذا أسلوب الكذب على شخص إنجليزى؟" . 

وتصور أنه سمع صدى قهقهة فى الظلام» ولما كان من المحال أن تصدر 
عن رفيقه ذى البدن اللين» لأنه كان يبكى؛ رفع كيم صوته ونادى "يا سيد 
لورجان! يا سيد لورجان! هل أصدرت الأمر بألا يكلمنى خادمك؟". 

"هذا أمر“. جاء الصوت من خلفه فأفزعه. 


وتمتم قائلا ”لا بأس"“. ثم قال وهو يسعى مرة أخرى إلى لحافه ”ولكن 
تذكر أنى سوف أضربك فى الصباح؛ فأنا لا أحب الهندوس“.لم تكن تلك ليلة 
بهيجة» إذ كانت الغرفة تفيض بالأصوات والموسيقى. واستيقظ كيم مرتين 
غلى صضوت: ينادى: اسمه: وهب فى المرة الثانية باحذًا عنه::وانتهئ بكدمة فى 
أنفه عندما اصطدم بصندوق كان قطعًا يتكلم بلسان بشرىء وإن لم تكن اللهجة 
بشرية على الإطلاق. وبدا أنه ينتهى ببوق من الصفيح, ومرتبط بأسلاك إلى 
صندوق أصغر على الأرضء وذلك على الأقل فى حدود ما استطاع الحكم 
عليه باللمس. وكان الصوت الأجش ذو الأزيز يخرج من البوق. وحك كيم 
أنفه وقد بلغ الحنق به مبلغه فقال فى نفسه باللغة الهندوسية: 

"قد يصلح هذا مع شحاذ من السوق ولكنى سيد وابن سيدء كما إن عندى 
مزية تفوق ذلك بكثير وهى أننى تلميذ فى نوكلاو. نعم” وتحول هنا إلى 
الإنجليزية "صبى فى مدرسة القديس خافئيير. اللعفة على عيون المستر 
لورجان! إنها آلة من نوع ما تشبه ماكينة الخياطة. يا لها من صفاقة بالغة من 
جانبه! نحن لا نخاف بهذا الأسلوب فى لوكناو.. أبدا!“ ثم عاد للغة الهندوسية 
"ولكن ماذا يكسب هو؟ ليس إلا تاجراء وأنا فى دكانه. ولكن السيد كرايتون 


5١ 








عقيدء وأظن أن السيد كرايتون أمر بأن يحدث هذا. ما أشد ما سأضرب هذا 
الهندوسى فى الصباح! ما هذا؟". 

كان الحينة كلق اللفين نضا فن» الهو ا مله من الققاتم' الالفة النذاءة 
التى لم يسمعها أحد من قبل» ولا كيم نفسه» وبصوت مرتفع لا ينم عن اهتمامء 
حتى أن شعر رأسه وقف لحظة عابرة. وعندما توقف ذلك الشىء لالتقفاط 
أنفاسه» اطمأن كيم إلى صوت الأزيز الخافت الذى يشبه صوت ماكينة 
الخياطة. 

وصرخ قائلا ”اخرس!” ومن جديد سمع قهقهة جعلته يحزم أمره ”اخرسء. 
وإلا حطمت رأسك!". 
كان "ل ٠‏ كله قوط قاقز يهان هيلت زقال رهق تاس ارق إن اتحتحنة 
تشبه رائحة ماكينات الخياطة فى السوق. وقرر أن يُخرج ذلك الشيطان! فخلع 
صدر الأزيز وتوقف الصوت» ولابد للأصوات أن توقف إذا حشرت مسترة 
غالى الثمن. واستكمل كيم نعاسه بنفس مطمئنة. 

وأفاق فى الصباح فوجد السيد لورجان يتطلع إليه 

وقال كيم بنبرة انجليزية قحّة "أوه!“ إذ كان قد عقد العزم على الاستمساك 
بنكائقه الانسطرزية "موعة: .اليل مسقو كا سوه إل كااما وديناد فأوقفته. هل 


كان صندوقك؟”. 
ومد الرجل يده إليه. 
وقال "فلنتصافح يا أوهارا. نعم. كان صندوقى. وأنا أحتفظ بهذه الأشياء 


50 








لأن أصدقائى الراجات يحبونها. كان ذلك مكسوراء واشتريته بثمن زهيد. 
نعم» إن أصدقائى الملوك شديدو الولع باللعب» وهذا شأنى أحيانا". 


وتفحصه كيم» ناظلًا من زوايا عينيه. كان سيدا ما دام يلبس الملابس 
الخاصة بالسادة» ولكن لهجة لغته الأردية وتنغيم لغته الإنجليزية يدلان على 
أنه أبعد ما يكون عن ذلك. وكان فيما يبدو يفهم ما يدور فى ذهن كيم قبل أن 
يفتح الصبى فمه؛ ولم يبذل جهدًا فى شرح موقفه مثل الأب فكتور أو أساتذة 
المدرسة فى لوكناو. وأما أشد ما راق لكيم فكانت معاملته إياه معاملة الأنداد 
من الجانب الآسيوى. 


"يؤسفنى أنك لن تستطيع ضرب غلامى هذا الصباح. يقول إنه سوف 
يقتلك بالسكين أو بالسم. إنه يغارء وهكذا أمرته أن يقبع فى الركن ولن أتكلم 
مغه اليوم. لقد حاول لتوه أن يقتلنى. لابد أن تساعدنى فى إعداد الإفطار. فإن 
غيرته الشديدة تكاد تمنعنى من الوثوق به مؤقتا". 

الواقع أنه لو كان سيدا أصيلاً 'مستوردا' من انجلترا لروى هذه القصة 
بصخب وانفعال شديد» ولكن السيد لورجان ذكرها بهدوء مثلما اعتاد محبوب 
أن يروى مغامراته الغرامية العابرة فى الشمال. 

كانت الشرفة الخلفية للدكان مبنية على جانب التل نفسه؛ بحيث يطل 
الواقف فيها على الأنابيب الفخارية فى رؤوس مداخن الجيران» وفق العادة 
المتبعة فى سيملا. وانبهر كيم بالوجبة الفارسية الخالصة التى طهاها السيد 
لورجان بيديه؛ ولكن انبهاره كان أكبر بالدكان. كان متحف لاهور أكبر» ولكن 
العجائب هنا كانت أكثر. كانت هنا الخناجر الزخرفية و'عجلات الصلاة'* من 
التيبت» وهى أشكال أسطوانية كتبت عليها نصوص مقدسة يديرها البوذى بيده 
عند الصلاة؛ وقلائد من الفيروز والكهرمان النقى» وأساور من حجر الَشب 
الكريم الأخضرء وأعواد البخور المعبأة بصورة غريبة فى آنية مرصعة 
بالعقيق الأحمر الخالصء وأقنعة الشياطين التى رآها كيم ليلة أمسسء وجدار 
مفعم بالمنسوجات ذات اللون الأزرق الطاووسىء وتماثيل مطلية بالذهب لبوذاء 


ا 


والمحاريب الصغيرة المدهونة باللآكيه والتى تصلح للنقل» ومراجل روسية 
لعمل الشاى مزينة بالفيروز عن الغطاء. وصلبان صفراء من العاج, حاءت 
كما يقول السيد لورجان من اليابان» على عكس ما هو متوقع, وسجاجيد فى 
زخارف هندسية» وأباريق مياه فارسية لغسيل الأيدى بعد الأكلء ومباخر 
نحاسية باهتة اللون» لا هى صينية ولا فارسية؛ وعلى أفاريزها رسوم 
لشياطين خيالية تجرى حولها! وأحزمة فضية فقدت بريقها وتعقد مثل الأحزمة 
الجلدية الطبيعية» ودبابيس شعر من اليشب والعاج والكوارتزء وأسلحة من كل 
نوع وصنفء إلى جانب ألف من بواقى التحف التى وُضعت فى صنتاديق أو 

عِ ع ب 
فى أكوامء أو ألقى بها وحسب فى الحجرة بحيث لم تبق مساحة خالية إلا حول 
منضدة التجارة ذات الأرجل غير الثابتة» حيث كان السيد لورجان يعمل. 

وقال مضيف كيم وهو يتابع نظراته "ليست لهذه الأشياء قيمة؛ لكننى 
أشتريها لجمالهاء وأبيع بعضها أحيانا إذا راق لى مظهر الشارى. وأقوم بعملى 
على المنضدة» أو قل ببعض عملى". 

وتألقت الغرفة وتوهجت فى ضوء الصبح., بأشعة حمراء وزرقاء 
وخضراءء كانت تشتبك فى عينى كيم ببريق ماسة أبيض ذى زرقة فتاكة هنا 
وهناك» فاتسعت حدقتا عبنيه. 

فقال لورجان _- نأب يها إطلاقاء أقصد هذه الأحجار. لن يضيرها 
التعرض للشمس. ثم إنها رخيصة. وأما الأحجار المريضة فالأمر يختلف معها 
تمامًا”. ثم ملا طبق كيم من جديد. ”لا يوجد غيرى من يستطيع علاج حجر 
مريض ويعيد الزرقة إلى الفيروز. أما العقيق الأزرق» فأى أحمق يستطيع 
معالجته» وأما اللآلئ المريضة فليس لها غيرى. فلنفترض أنى مت اليوم! لن 
يبقى بعدها أحد.. لالا! لا تستطيع أن تفعل أى شىء بالجواهر. سوف يكفيك 
أن تتفهم قليلا مسألة الفيروز... يومًا ما"“. 


520 








ومضى إلى طرف الشرفة ليعيد ملء القلة الثقيلة ذات المسام» المصنوعة 
من الفخار»ء من مرشح المياه قائلا: 

"هل تريد أن تشرب؟". 

وأومأ كيم. كان السيد لورجان يقف على بعد خمسة أمتار فوضع إحدى 
سنتيمتر من الحافة» ولا يدل على أسلوب انزلاقها إلى كيم غير تغضين طفيف 
فى المفرش الأبيض. 

وقال كيم يي دهضة ل حدود لها "واه! هذا سحر!” وكانت بسمة السيد 
لورجان تدل على أنه يقدر مديح كيم. 

”أعدها إلىَ!“. 

"سوف تنكسر”. 

"قلت أعدها إلى : 
قطعة» وأخذت المياه تتسرب من خلال أخشاب الشرفة. 

"قات واف 3 3 

"اوهو انظن: اليا 'انظن. إلن. أكيزا اقطعة”“ ‏ 

كان فى تلك القطعة بريق ماء يتلألأ فى قعرها كأنما كان نجمة علم 
الأرضية. وركز كيم بصره فيها. ووضع السيد لورجان يده برفق على قفا 
كيم» وجعل يمر بكفه عليه» ماما إياه مسا لطيفا مرتين أو ثلاثاء وهو يهممس 
”"انظر! ستعود إلى الحياة من جديد قطعة قطعة. سوف ترتبط القطعة الكبرى 
أولاً بالأخريين إلى اليمين والشمالء إلى اليمين والشمال. انظر!“. 

وطلبًا للنجاة لم يستطع كيم أن يدير رأسه. كانت اللمسة الخفيفة تقفبض 
عليه مثل الكماشة» وكان يحس بخدر خفيف كأنه الطنين اللآزيذ يجرى فى 


هم" 








عروقه؛ ورأى قطعة كبيرة من الفخار حيث كانت من قبل ثلاثا ومن فوقها 
الإهاب الغائم للإناء الكامل. كان يستطيع أن يرى الشرفة من خلالهاء ولكن 
الإهاب كان يزداد سمكا وتعتيمًا مع كل نبضة فى قلبه. ومع ذلك فإن القلة - 
ما أبطأ ما كانت الأفكار تجىء! - كانت القلة قد تحطمت أمام عينيه. وسرت 
موجة أخرى من النار اللاذعة فى رقبته والسيد لورجان يرفع يده عنها. 

وقال السيد لورجان "انظر! إنها تعود سيرتها الأولى“. 

كان كيم يفكر حتى الآن باللغة الهندوسية» ولكن رعدة أصابته فبذل جهدا 
يشبه جهد السباح أمام أسماك القرشء» حين يُخرج نفسه نصف إخراج من 
بالإنجليزية. 

وهمس السيد لورجان ”انظر! إنها تعود سيرتها الأولى”. 
المحلية» فلم يخطر ذاك بباله» بل إنها تحطمت فعلا إلى خمسين قطعة:؛ واثنين 
فى ثلاثة يساوى ستة» وثلاثة فى ثلاثة يساوى تسعة؛» وثلاثة فى أربعة يساوى 
اثنى عشر! وتعلق باستماتة بتكرار ذلك. وتلاشى الإهاب الغائم للإناء كأنه 
ضباب انقشع بعد أن فرك عينيه. وإذا أمامه الشظايا المكسورة؛ والماء المراق 
وقد بدأ يجف فى الشمسء ولاح من خلال فتحات الشرفة جدار المنزل الأبيض 
بأضلاعه من تحته» وثلاثة فى اثنى عشر يساوى ستة وثلاثين!. 

وسألة السية. لحان" انكر 1 هل تعواف عير فيا الأو 1 

وشهق كيم قائلا "ولكنها محطمة. محطمة!” وكان السيد لورجان يهمهم 
بهدوء فى نصف الدقيقة الأخيرة» وكان كيم قد أزاح رأسه بقوة. ”انظر! انظر! 
إنها قائمة كما كانت من قبل”“. 

وكرر لورجان "إنها قائمة كما كانت من قبل“ وهو يراقب الصبى بدقة 
وهو يدلك رقبته. وأضاف قائلا ”ولكنك الأول من بين كثيرين الذى يراها بهذه 
الحال . ومسح بيده على جبهته العريضة. 


581 








وسأله كيم فى ريبة ”هل كان ذلك مزيدا من السحر” كان الطنين اللاذع 
قد اختفى من عروقه؛ وأحس أنه يقظ منتبه إلى حد غير معتاد. 

"لا لم يكن ذلك سحرا. كان مجرد محاولة للتحقق من - وجود عيب فى 
إحدى الجواهر. فأحيانا ما تتحطم جوهرة بالغة الروعة وتتنائر شظايا إذا 
أمسكها رجل فى يده وكان يعرف الأسلوب السليم. ولذلك فلابد من الحرص 
قبل تركيبها فى الحُلِى. قل لى هل رأيت شكل الإناء؟". 
"فترة قصيرة. بدأ ينمو كالزهرة من الأرض“”. 
”وعندها ماذا فعلت؟ أقصد ماذا خطر ببالك"“. 
"أوؤدا “كنت أعروت: أنه«ميحظو» ؤلهذا فإن ذلك :ا يخظن ببالى حتبو كان افولا 
لك 

”قل لى!هل فعل أحد معك هذا اللون من السحر نفسه من قبل؟“". 

وقال كيم ”ولو كان» هل تظن أنى أسمح بتكراره؟ بل لابد لى من الفرار”. 

"ولواتهة الآ انها" 

"لم اعد الآن “. 

ونظر إليه السيد لورجان نظرات تتفحصه بدقة أكبر مما سبق ثم تمتم 
قائلا: "سوف أسأل محبوب علىء ليس الآن بل بعد عدة أيام. أنا مسرور بك, 

واستدار فى الظلمة الغسقية للدكان وجلس إلى المنضدة» وهو يفرك يده 
بلين. وسمعا صوت نهنهة طفيفة جشاء من خلف كومة من السجاجيد. كانت 
من الطفل الهندوسى الذى أطاع الأمر فظل يواجه الحائط. كانت كتفاه 
النحيلتان ترتعدان كمذا. 

"إنه يَغار. إنه شديد الغيرة! ترى هل سيحاول دس السنّمَ لى من جديد فسى 
إفطارى فأقوم بإعداده من جديد؟ . 





ام 





وجاءت الإجابة باللغة الأردية ”أبدًا! لا أبدا!“. 

"وإن كان سيحاول قتل هذا الصبى الآخر أيضًا؟". 

”أبدًا! لا! أيدا!". 

واستدار فجأة إلى كيم وقال ”ماذا تعتقد أنت أنه سيفعل؟". 

”أوه! لا أدرى! لم لا تدعه يذهب؟ ولماذا حاول دس السم لك؟". 

”لأنه مغرم بى إلى حد كبير. لنفترض أنك كنت مغرمًا بشخص مماء 
ورأيت شخصنا آخر يأتى» فإذا بمن كنت مغرمًا به قد أقبل على هذا الوافد 
إقبالا أكبر من إقباله عليك» ماذا كنت تفعل؟". 


وجعل كيم يفكر فكرر لورجان العبارة ببطء باللغة المحلية. 


فقال كيم بنبرات التأمل "يجب ألا أدس السم لذلك الرجل» لكننى كنت 
أضرب ذلك الغلام - هذا إذا كان ذلك الغلام مغرمًا بصاحبى. ولكننى كنت 
أسأل ذلك الغلام إن كان هذا صحيحا". 


"آه! يعتقد أن الجميع يجب أن يُغرموا بى". 

”أظن إذن أنه مغفل”". 

فقال السيد لورجان إلى الكتفين المرتعدتين "هل تسمع؟ ابن السادة يرى 
أنك مغفل صغير. تغال إذن» وعندما يتكدر قلبك مرة أخرى لا تلجأ إلى 
الزرنيخ الأبيض بهذا الأسلوب المكشوف. لا شك أن الشيطان *داسم* كان ربًا 
على مفرش مائدتنا ذلك اليوم! ربما أصابنى ذلك بالمرض أيها الطفل فكان لا 
بد من استدعاء غريب لحراسة الجواهر. تعال! . 

وزحف الطفل وقد تورمت عيناه من كثرة البكاء خارجًا من خلف الباأنة 
وألقى نفسه بعاطفة مشبوبة على قدمى السيد لورجانء مبديًا التطرف فى الندم 
ل درجة يهرت كيم نفسه. 


وقال الغلام 'سوف أنظر فى كل محبرةء سوف أحرس الجواهر 





584 





بإخلاص! أرجوك يا والدى ووالدتى أن تطرد هذا من هنا!“ وأشار إلى كيم 

"لم يحن الوقت بعد. لم يحن بعد. بعد قليل سوف يمضىء لكنه الآن فى 
المدوسنة؛ فى :مدوسة” حذيدة:. وسموقة تكون: أنت مثلم لس المي لوه الحوااهق 
معه» وسوف أتولى أنا الحساب““. 

ومسح الطفل دموعه على الفور واندفع إلى مؤخرة الدكان وعاد منها 
كافك ضبينية تحاسية: 

وقال الظفل: للسية لورحكان: ”أعطها أنت ىا ادهها نهنع 1007 الا 
حتى لا يقول إننى كنت أعرفها من قبل”. 

وأجاب الرجل ”ترفق ترفق!“ ثم أخرج من درج تحت المائدة نصف حفنة 
من الأحجار الكريمة الرخيصة ووضعها فى الصينية. 

وقال الطفل ”والآن!”“ وأخذ يلوح بصحيفة قديمة فى يده. "تأملها أيها 
الفزويت: أكلو ل نم ةتريدها د كذ فا فار لها 13 أرديك»ميذك. هنا أثا :فنك رقو اكدة 
تكفينى. وأدار إلى كيم ظهره فى كبرياء". 

"ولكن ما اللعبة؟". 

”عندما تنتهئ من عدها وتناولها وتتأكد أذك سرك تستطيع أ تتذكر ها : جميعالء 
سوف أغطيها بهذه الصحيفة»: وعليك أن تقول عددها للسيد لورجان. وسأكتب 
أنا إجابتى“. 

وكال كيد "ارو" شاعز ايان غريز 5 النداضيية :ار قلف في موري فدتاتعدى 
على الصينية» ولم يكن بها سوى خمسة عشر حجرًا كريماء وبعد دقيقة قال 
"هذا سهل”. وأما الطفل فوضع الصحيفة فوق الجواهر البراقة وكتب شيئًا فى 


وقال كيم مسرعًا ”تحت هذه الصحيفة خمسة أحجار زرقاءء أحدها كبير: 





3 





وآخر أصغر» وثلاثة أحجار صعير ة. وكذلك أربعة أحجار خضراءعء أخونها 
الى كانت ...كنت" غددات: خمسة .غشر ححراء لكنى :نسيت: اثنين: لألا! امتخنى 
بعحضص الوقت. أحدهما من العاج. صغير لونه بنى و... و... أمنحنى يل 0 

"واحد... اثنان...* وعد السيد لورجان ما ذكره كيم حتى عشرة. وهز كيم 
أولا ياقوتتان صفراوان بهما عيوبء الأولى وزنها قيراط والثانية أربعة 
قراريط حسبما أتصور. والأخيرة مكسور من طرفها جزء. ولدينا فيروزة 
تركستانية» صافية اللون بها عروق سوداءء وفيروزتان عليهما نقوشء الاولى 
عليها اسم الله بالذهبء والثانية بها كسر عرضىء فمصدرها خاتم قديم لا 

وقال السيد لورجان دون انفعال "وأوزانها؟". 

ادكه ويكيينة خضي ةناو أريعة ون يذه وفنا العواد و لكين تكله وز الخدة 
من كهرمان الغليون الأخضر العتيق» وياقوتة زرقاء مشغولة من أوروبا. 
ولدينا ياقوتة من بورماء وزنها قيراطان» ولا عيب فيهاء وياقوتة أفغانية معيبة 
وزنها قيراطان. ولدينا قطعة عاج منحوتة من الصين تمثل فأرًا يمص بيضة» 
وأخيراء آها! كرة بلورية فى حجم حبة الفول فوق ورقة شجرة من الذهب”". 

وصفق الطفل عندما انتهى. 

وقال السيد لورجان باسمًا "إنه معلمك”. 


وقال كيم وقد أحمر وجهه ”ها! كان يعرف أسماء الأحجار. فلنحاول مرة 
أخرى! وليكن ذلك مع الأشياء الشائعة التى يعرفها كلانا.. أنا وهو“. 


504 








وملأوا الصينية من جديد ”بالكراكيب* التى جُمعت من الدكان» بل 
والمطبخ» وكان الطفل يفوز فى كل مرة حتى جعل كيم يتعجب. 

وجاء الطفل بهذا التحدى "ضع غمامة على عينىء. ودعنى ألمس هذه 
الأشفاء موه واحدة بأصابعى» لكننئن سوف أتركك مفتوح العينين رغم ذلك" . 

وضرب كيم الأرض بقدمه غيظا عندما نجح الطضفل فى الفوز بهذا 
التحدى. 

عِ ِ ءِ 9 

وقال "لو كان الامر يخص الناس... أو الخيل. فسوف أبلى يلدع حسنئا. 
وأما هذا اللعب بالملاقط والسكاكين والمقصات فهو تافه“. 

وقال السيد لورجان ”عليك أن تتعلم أولا قبل أن تَعَلمّ غيرك. أليس 
أستاذك؟". 

'"فعلاً. ولكن كيف ينجح هذا؟". 

'بأدائه مرات عديدة حتى يبلغ الكمال» فالأمر جدير بلدا 

وارتفعت الروح المعنوية للغلام الهندى إلى أقصى حد فربت فعلاً على 

وقال ”لا تيأس. سأتولى بنفسى تعليمك". 

وقال السيد لورجان "وأنا أضمن أن تتلقى خير تعليم”» وكان لايزال يتكلم 
باللغة المحلية» فأضاف: "غلامى هذا استثناء» وبالمناسبة» كان من الغباء أن 
يشترى كل هذا المقدار من الزرنيخ الأبيضء» فى حين أننى كنت أعطيه إياه لو 
طلبه! أقول باستثناء غلامى هذا لم أقابل من يجدر بالتعليم أفضل منه منذ زمن 
بعيد. ولايزال أمامك عشرة أيام أخرى قبل العودة إلى نوكلاو حيث لا يُعلمون 
شيئا يساوى الثمن الباهظ. أعتقد أننا سنغدو أصصدقاء". 

كانت الأيام العشرة تتميز بجنون لا نظير له؛» ولكن كيم كان يستمتع 
استمتاعًا لم يدعه يتأمل جنونها. كانوا فى الصباح يلعبون لعبة الجواهرء. 
55١‏ 








بجواهر حقيقية أحياناء وأحيانا أخرى بأكوام من السيوف والخناجر؛ بل وفى 
بعض الأحيان بصور أبناء البلد. وفى ساعات العصر كان كيم يتولى مع 
الغلام الهندوسى حراسة الدكان» جالسيْن فى صمت خلف بالة سجاجيد أو 
ستارة ويراقبان زوار المستر لورجان الكثيرين البالغى الغرابة. كان من بينهم 
راجات صغارء ومعهم رفقاء يسعلون فى الشرفة» جاءوا لشراء التحف؛ مثل 
الفونوغرافات واللعب الألية. وكان من بينهم نساء يطلبن القلائد» ورجال بدا 
لكيم أنهم يطلبون النساءء وإن كان تفكيره قد فسد نتيجة التعليم المبكرء وبعض 
أبناء البلد من الولايات الإقطاعية المستقلة» متظاهرين بالسعى لإصلاح قلائد 
مكسورة - كانت أنهارًا من الضوء المسكوب على المنضدة - ولو أن غايتهم 
الحقيقية كانت جمع المال للمهرانات (زوجات الراجات) الغاضباتء أو 
صغار الراجات. وكان من بينهم سادة بنغاليون» وكان السيد لورجان 
يخاطبهم بتزمت ونبرات السلطة» ولكنه كان يعطيهم فى آخن كل مقابلة أموالا 
فى صورة عملات فضية ونقود وأوراق نقدية. وأحيانا ما كان يزوره زرافات 
من أهل البلد المغرمين بالحركات المسرحية ويلبسون معاطف طويلة 
ويناقشون القضايا الميتافيزيقية باللغتين البنغالية والإنجليزية» مما تعلم الكثير 
منه المستر لورجانء فلقد كان على الدوام يهتم بالأديان. وفى آخر النهار؛ كان 
يتوقع من كيم ومن الغلام الهندوسى - الذى كان اسمه يتغير وفقا لمشيئة 
لورجان - تقديم وصف تفصيلى لكل ما شاهداه وسمعاه طول اليوم؛ وأن يبديا 
رأيهما فى شخصية كل رجلء كما يظهر من الوجه والكلام وأسلوب السلوك» 
وأن يقدما أفكارهما عما كان كل زائر يرمى إلى تحقيقه فى الواقع. وبعد 
العشاء كان يحلو للسيد لورجان أن يوجه اهتمامه إلى ما يمكن تسميته 
(الففكن 6 :وكاق فيكم أهكساما نالعا بهذه اللعبة. كان يستطيع طلاء الوجوه 
دأمتلو كه دز ذاو ضع بالفرشاة لمسة هنا ورسم خطا هناك تغير شكل 
الوجه بحيث لا يستطيع أحذ أن يعرفه. وكان الدكان خبافلا سدع أمسكال 
لاسنو العتامالةه وكاق: كت ملسن أحبادااخلايس مشلء “مدير بين اكت 
كريمة» أو ملابس باعة الزيوت؛ وذات مساء - وكان ذلك مساءً بالغ المتعة - 





5585 





لبس ملابس أحد ملاك الأراضى من طائفة ”أوذء» بملابسه الكاملة غير 
المنقوصة؛ وكان بَصرٌ السيد لورجان حادًا كعين الصقر قادرًا على اكتشاف 
أقل خطأ فى المكياج» وكان يستلقى على أريكة بالية من خشب 'التيك' 
ويقضى نصف ساعة فى إيضاح أسلوب هذه الطائفة أو تلك فى الحديث أو 
المشى أو السعال أى اليضق أو العطين :وما كانت مسألة الأسسلوب ليست 
بذات أهمية كبرى فى الدنياء كان يتولى إيضاح الأسباب. ولم يكن الغلام 
الهندوسى ماهرا! فى هذه اللعبة» فذهنه الصغير الذى كان فى حدة عمود الجليد 
فيما يختص بلعبة عد الجواهر لم يكن قادرًا على تطويع نفسه للنفاذ إلى روح 
شخص آخرء ولكن عفريئا صحا داخل كيم وانطلق يغنى فرحا وهو يرتدى 
ملابس التنكر» ويغير فى كل مرة لغته وحركات جسمه معها. 

وجوقه الحملى كور ذا سواء قرطن. على اله لززهان أن بل الح 
كيف يقوم تلاميذ طائفة معينة من الفقراءء من معارفه القدامى فى لاهورء 
بالتسول على جانب الطريقء ونوع اللغة التى يستخدمونها مع الإنجليز.ء ومع 
مزارع بنجابى ذاهب إلى السوق» ومع امرأة سافرة الوجه. وضحك لورجان 
ضحكا شديداء» وتوسل إلى كيم أن يظل كما كانء؛ بلا حراك نصف ساعة» 
جالسًا القرفصاء» وعلى وجهه الرماد» شارد العينين» فى الغرفة الخلفية. وفى 
آخر تلك المدة دخل سيد بنغالى ضخم الجرم سمين تترجرج ساقاه اللتان 
تكسوهما جوارب طويلة بالدهون» فأطلق كيم عليه وابلا من نفايات التسول 
على جانب الطريق. وأخذ السيد لورجان يراقب السيد الضخم بدلا من أداء كيم 
التمثيلى» وهو ما جعل كيم يشعر بالضيق. 

وقال البنغالى بنبرات ثقيلة وهو يشعل سيجارة ”أظنء أرى أن هذا الأداء 
فذ إلى أقصى حد ويتميز بكفاءة فائقة. ولولا أنك أخبرتنى لتصورت أنك - 
أنك - أنك تبنتهزئ بى: متن يتسنى له التأهل للتعيين. :مساعد مهثدين مساحة؟ 
لأننى أعتزء. غنذها أن أطليه رسميًا عتدءئ“: 


"هذا ما لا بد أن يتعلمه فى لوكناو“. 





"إذن مُرْهُ أن يسرع! طابت ليلتك يا لورجان“. وانطلق السيد خارجًا بمشية 
تشبه مشية بقرة فى الوحل. 

وعندما حان استعراض قائمة زوار النهار طلب لورجان من كيم أن يقول 
له من كان ذلك فى رأيه. 

وقال كيم بلهجة مرحة "الله أعلم!” كان إذا استخدم هذه اللهجة مع محبوب 
على فربما كادت أن تخدعه؛ ولكنها عجزت عن ذلك تمامًا مع معالج اللآلئ 
المغتلة. 

"هذا صحيح. أله يعلم. لكننى أريد اك أعرف رأيك أننت”".: 

وأخذ كيم يحدج رفيقه بنظرات جانبية» إذ كانت عين رفيقه قادرة على 
أ تخلاص | فيقة' . 

ثم قال كيم ”أعتقد أنا أنه سوف يحتاج إلى عندما أتخرج فى المدرسة» 
ولكن”"»؛ واتخذ لهجة من يدلى بسر عندما لمح إيمان السيد لورجان بما يفيد 
الموافقة ”لا أستطيع أن أفهم كيف يستطيع هو أن يرتدى ملابس كثيرة ويتكلم 
لغات كثيرة . 

"لسوف تفهم أشياء كثيرة فيما بعد. إنه يكتب القصص لعقيد معين. وهو 
ذو شرف رفيع فى سيملا وحدهاء والملاحظ أنه لا اسم له» بل رقم وحرف 
فقطء هذا هو المعتاد بيننا“. 

اوقل راسك تكافاء لحن داقع ور ابه | عقا وال عمس تال كدان 
الآخرين؟". 

"لم يحدث ذلك إلى الآن. ولكن إذا نهض صبى يجلس الآن هنا وذهب 
الأزرق» ويقع خلف المبنى الذى كان يشغله المسرح القديم فى السوق السفلية 
وهمس من خلال شيش النافذة قائلا 'هورى شوندر موكرجى حمل أتباء 
الشهر الماضى السيئة“ فربما نال هذا الصبى حَزامًا مليئًا بالروبيات”. 





0 





وقال كيم بسرعة "كم؟”. 


"خمسمائة - ألف - المقدار الذى يطلبه”“. 


جميل. وكم من الزمن يظل هذا الصبى فى قيد الحياة بعد إبلاغ الخبر؟ . 
وابتسم كيم فى مرح وهو يكاد يلآامس لحية السيد لورجان. 

”آه! هذا أمر جدير بالتفكير الصائب. لو كان بالغ البراعة فربما ظل حَيّا 
إلى آخر النهارء لا الليل. من المحال أن يظل حيًّا لآخر الليل”. 

"ما أجر السيد إذن ما دام هذا المقدار مرصوذا لمن يأتى برأسه؟". 


"ثمانون» وربما مائة» وربما مائة وخمسون روبية. ولكن الأجر أهون . 
جانب من جوانب العمل. ولكن الله يقضى بأن يولد بعض الناسء وأنت واحد 
منهم» الناس الذين يشتهون الانطلاق إلى الخارج مخاطرين بأرواحهم 
لاستطلاع الأخبار. قد تكون م خاصة باشنياء بعيدة» وغدًا بجبل خبىء من 
نوع ماء وفى اليوم التالى ببعض الرجال القريبين الذين ارتكبوا حماقة ما ضد 
الدولة. وهؤ لاء الناس قلة قليلة؛ ومن بين هذه القلة لا يزيد تددن الممتازين 
منهم عن عشرة. ومن بينهم أَعدُ ذلك السيدء وهو 0 عجيب. ما أعظم هذا 
العمل إذن وأَشْدّ جاذبيته ما دام قادرًا على تدعيم قلب رجل بنغالى بجسارة 
كالحديد! . 

"صحيح. ولكن الأيام تمر ببطء عندى. ومازلت صبيّاء ولم أتعلم كتابة 
الإنجليزية إلا فى غضون شهرين. وحتى هذه اللحظة لا أجيد قراءتها. وأمامى 
ل ا حة” 
باختبارات طحا وان باس ذلك عنما لقنن اازيري إلى الي اي لج 
تحول لعن الحديث بالإنجليزية» ضاحمًا ضحكة عميقة: 

”أقسم يا أوهارا إن لديك إمكانات كثيرة؛ ولكنك يجب ألا تتكبر وألا تتكلم. 


53305 








يجب أن تعود إلى لوكناو وتصبح صبيًا صغيرا مطيعًا ولا تأبه إلا لكتابك» كما 
يقول الإنجليزء وربما استطعت فى العطلة المقبلة إذا شئت أن تعود إلى!". 
وتجهم وجه كيم. و فهيرد إذا اه فأنا أعرف أي تيك أ تذهب”. 


وبعد أربعة أيام حجز لورجان مكانا لكيم وحقيبته الصغيرة فى مقعد خلفى 
فى إحدى العربات المتجهة إلى كالكا. وكان رفيقه هو البنغالى الذى يشبه 
الحوت؛ وكان يلف حول رأسه لفاحًا ذا حواش مسدلة؛ ويضع ساقه اليسرى 
السمينة ذات الجورب المطرز تحته» ويرتعد ويزمجر من شدة برد الصباح. 

وتساءل كيم فى نفسنه "كيف تأتى لهذ[ الزجل أن يكون واحذا منا“».وكان 
يتأمل ظهر الرجل الذى أخذ يترجرج كالهلام والعربة تبدأ انطلاقها فى 
الطريق» وجرفه هذا التأمل إلى أحلام ممتعة إلى أقصى حد. كان السيد 
لورجان قد أعطاه خمس روبيات» وهو مبلغ كبيرء إلى جانب تأكيده له بحمايته 
إذا قبل العمل. وعلى عكس محبوب علىء كان السيد لورجان قد تحدث 
بصراحة فائقة عن المكافأة التى تتبع الطاعة؛ وأحس كيم بالرضى. ليته كان 
مثل ذلك البنغالى يتمتع بوقار 'الحرف والرقم“'» ومكافأة لمن يأتى برأسه! يوما 
ما سيصبح كذلك وزيادة. وربما أصبح يومًا ما فى عظمة محبوب على تقريبًا! 
لابد أن يصبح نصف الهند أسطح منازل بحثشه! ولسوف يتبع الملوك 
والوزراء»ء مثلما كان فى الأيام الخوالى يتبع جولات وكلاء النيابة والمحامين 
عبر مدينة لاهور من أجل محبوب على. وريثما يتحقق ذلك كان المستقبل 
أمامه غير كئيب على الإطلاقء» ما دامت مدرسة القديس خاثيير تواجهه 
مباشرة! لسوف يلاقى بعض الصبيان الجدد الذين سوف يحادثهم بلهجة من هو 
أرفع درجة» ولسوف يسمع القصص عن مغامرات العطلات. لايزال يذكر 
مارتن الصغيرء ابن صاحب مزرعة الشاى فى بلدة مانيبور (تسمى إمفال 
الان» فى شمال شرقى الهند بالقرب من الحدود مع بورما) ويذكر كيف كان 
يتفاخر بأنه استطاع ببندقيته محاربة صائدى الرؤوس. ربما كان ذلك صحيحاء 
ولكن مارتن الصغير لم يدفعه انفجار الألعاب النارية (الصواريخ) فى الهواء 
لمسافة تبلغ نصف الفناء الأمامى لقصر فى ياتيالاء ولم يحدث له أن... 
١‏ 








وانطلق كيم يروى لنفسه قصص مغامراته الخاصة فى الأشهر الثلاثة الأخيرة. 
ولو سمح له بروايتها لأصاب بالشلل مدرسة القديس خاقيير كلهاء حتى كبار 
الغلمان الذين بدأوا يحلقون لحاهمء ولكن ذلكء؛ بطبيعة الحال» غير وارد على 
الأطلاق :وسو فه يائن لوقك الى ترسية افيه مكافاة لمق وان ير الدع كي افد 
السيد لورجان ذلك له. فإذا تحدث الآن حديث الحمقى فلن يقتصر الأمر على 
استحالة رصد هذه المكافأة» بل إن العقيد كرايتون سوف ينبذه» وعندها سيقع 
تحت رحمة السيد لورجان» ومحبوب علىء وذلك فى الفسحة القصيرة من 
الأجل المتبقى له. 


كانت فلسفته تقوم على المثل الذى يقول "خسر فلان دلهمى فى مقابل 
سمكة“. وقال فى نفسه إنه يجدر به أن ينسى عطلته؛ وإن كان لايزال أمامه 
الاستمتاع باختراع مغامرات خيالية» وكذلك 'العمل* كما قال السيد لورجان. 


لم يكن بين جميع الأولاد الذين كانوا يهرعون عائدين إلى مدرسة القديس 
خاقيير من سُكور (منطقة فى باكستان الحالية) وسط الرمال إلى جالى (بلدة 
فى جنوبى سيلان) غلام تفعمه الفضيلة مثل كيمبول أوهاراء وهو يتأرجح فى 
العربة المتجهة إلى أومبالا خلف هورى شوندر موكرجى الذى كان اسمه 
فى دفاتر أحد أقسام مصلحة المساحة هو ”راء .“١07‏ 

وكأنما كان الأمر يتطلب حافز! آخرء وجدٍ كيم أن السيد يوفره له. فبعد 
وجبة هائلة فى كالكاء أخذ البنغالى يتكلم دون توقف. هل سيستكمل دراسته 
الجامعية؟ إذن فإنه» وهو الحاصل على الماجستير من جامعة كالكتا» سوف 
يشرح له مزايا التعليم. ونصحه بأن يحقق لنفسه مرتبة ممتازة بأن يهتم باللغة 
اللاتينية وبقصيدة "الرحلة* الطويلة للشاعر وردزورث. ولكن هذا كان يونانيًا 
لا يُفهم عند كيم. وقال إن اللغة الفرنسية ذات أهمية حيوية أيضاء وأفضل ما 
تؤدى إليه هو اختيارك للعمل فى شاندرنا جورء التى لا تبعد إلا أميالا قليلة 
عن كالكتا. وأمام المرء مستقبل زاهر إذا اهتم بمسرحيتين هما الملك لير 
ويوليوس قيصرء مثلما فعل هو نفسه؛, فهما مسرحيتان يهتم الممتحنون بهما 
كثيرا. وليست الملك لير حافلة بالإشارات التاريخية مثل يوليوس قيصرء 





51 





وثمن النسكة :: *أناك" ولكن بيحككه الخصول عليها مستعملة من سوق اننا“ 
فى كلكتا بنصف الثمن. وأما ما هو أهم من وردزورث أو كبار المؤلفين مثل 
إدموند بيرك )١73917-1١1775(‏ الخطيب والكاتب الأيرلندى وجوليوس هير 
)١18505-115(‏ المترجم والمحررء فهو فن قياس الأبعاد؛ء ذلك العلم العظيم. 
فإذا استطاع الصبى أن يجتاز امتحاناته في هذه الفروع؛ وهى التى لا تحتاج 
- بالمناسبة - إلى كتب متخمةء أصبح فى إمكانه أن يسير وحسب فى منطقة 

ما وليس فى يده سوى بوصلة:ء معتمدًا على بصره الحاد ونظرته السديدة 
الح و ع وو وك ا وي 
لكيام امام ١‏ رد وماج له مي 
الدقة» بحيث لو حرم مما أطلق عليه هورى شوندر تعبير 'وسائل المعاونة 
العارضة»» استطاع قياس المسافات بخطواته. وأضاف هورى شوددر أن 
متابعة عَدَ ألاف الخطوات تقتضى» حسبما تعلم بالخبرة» حمل مسيحة حباتها 
إحدى وثمانون أو مائة وثمان» ولا أفضل من ذلكء لأن العدد فيها 'يقبل 
القسمة وقسمة حاصل القسمة إلى أرقام تقبل الضرب على أكثر من مستوى'. 
ومن خلال موجات الإنجليزية المتلاحقة استطاع كيم أن يدرك المرمى العام 
للحديث» وهو الذى أثار اهتمامه إلى حد بعيد. فها ههى ذى حرفة جديدة 
يستطيع المرء أن يحمل أسرارها فى ركن من أركان رأسه:؛ وإزاء منظر 
العالم الضخم الفسيح الذى ينبسط أمام عينيه» بدا له أنه كلما ازداد معرفة كان 
ذلك أفضل له. 

ووعة ام اق الك الأففانى شاقة ومصينا فى الحدية تال "حصن أن 
أتمتع بمعرفتك رسميًا يومًا ما. وريثما يحين ذلكء, إذا سمحت باستخدامى هذا 
التعبير» سوف أعطيك صندوق البلح هذاء وهو شىء عظيم القيمة وكلفنى 
روبيتين من أربع سنوات وحسب“. كان الصندوق من النوع الرخيص» صنع 
على شكل قلب وبه ثلاثة أقسام خصصت لحمل اللوز الهندى المتوافر دائمًاء 
والليمون؛ وأوراق الأشجار العطرة؛ ولكنه كان يمتلئ بقوارير صغيرة. وقال 
الرجل ”هذه مكافأة امتياك لما قمت: به من تمثيل شخصية حل عجوز. 


588 








فالواكةة كما تزى: أنك: صغين إن للح الذى يجعلك تظن أنك سوف تعيش 
إلى الأبذ فللا تفتنن يصحة:بننك. فم أنكن و آمو من أن :يموعن المسرده قنبئى 
منتصف مهمة معينة. وأنا نفسى مغرم بالعقاقير» وهى فى متناول اليد لعلاج 
الفقثراء أيضًا. وهذه عقاقير حكومية صالحة؛ مثل الكوينين وغيره. وأنا أهديك 
إياها تذكارًا. والآن وداعًا. عندى مهمة عاجلة هنا على جانب الطريق”". 

وانفلت الرجل خارجًا دون جلبة كالقطة إلى شارع أومبالا فاستوقف عربة 
عابرة فانطلقت بصليلهاء وكيم معقود اللسان» يقلب الصندوق النحااسى بين 
لذرة. 


+ 3 + 


لا يكاد يهتم أحد بسجل تعليم غلام غير والديه.» وكان كيم» كما تعرف. 
يتيمًا. وتقول الدفاتر فى مدرسة القديس خافيير إن تقارير تقدم كيم فى دراسته 
كانت ترسل فى نهاية كل فصل دراسى إلى العقيد كرايتون وإلى الأب فكتور, 
وكانا يرسلان المال اللازم للمصاريف الدراسية فى المواعيد المقررة. ومن 
المسجل فى الدفاتر نفسها أن الصبى أبدى موهبة فائقة فى الدراسات الرياضية 
وفى رسم الخرائطء وفاز ذات يوم بجائزة هى كتاب سيرة اللورد لورائس 
)1879-181١(‏ حاكم الهند العام» الصادر فى ١86”‏ لمؤلفه ر. بوزويرث 
سميث» فى جزءين مجلدين تجليدا فاخراء ويباع بسعر تسع روبيات وثمانى 
أنات» لامتيازه فى تلك الدراسات. وتضيف الدفاتر أن الصبى لعب أثناء 
الفصل الدراسى نفسه فى فريق كرة القدم بالمدرسة فى المباراة مع فريق كلية 
أليغور الإسلامية (نسبة إلى بلدة أليغارء التى تقع بين نيودلهى وأجرا). وأن 
سنه كانت عندها أربعة عشر عامًا وعشرة شهور. كما أعيد تطعيمه» وهو ما 
نستدل منه على انتشار وباء الجديرى من جديد فى لوكناو» فى نحو ذلك 
الوقت نفسه. وتقول ملاحظات بالقلم الرصاص على هامش كشوف الحضور 
والغياب إنه عوقب عدة مرات على 'التحادث مع أشخاص لا تليق مخاطبتهم' 
ويبدو أنه حكم عليه مّرَة بعقوبات قاسية "أبسبب قا نون كام ضف 
متسول فى الشارع'. وكان ذلك عندما تسلق البوابة وظل يناشد اللاما طوال 
الليل على ضفاف نهر 'جومنى؛ أن يصحبه للانطلاق فى المسير أثناء العطلة 
حل 








التالية - مدة شهر واحد - أو حتى أسبوعًا قصيرا. وظل اللاما يعارض ذلك 
برأس كأنه حجر الصوانء؛ محتجًا بأن الوقت لم يحن. وقال الرجل العجوز 
وهما يأكلان الفطائر معًا إن مهمة كيم الآن هى الحصول على حكمة الإنجليز 
كلهاء وبعدها ينظر اللاما فى الأمر. ويبدو أن ”يد الصداقة' قد نجحت بأسلوب 
ما فى إبعاد "سوط الكارثة“» بتعبير كيمء إذ إنه اجتاز بعد ستة أسابيع» فيما 
يبدوء امتحانا فى مبادئ المساحة 'بتقدير رفيع“' وكان عمره آنذاك خمس 
عشرة سنة وثمانية أشهر. ومن هذا التاريخ تلزم دفاتر المدرسة الصمت. ولا 
يظهر اسمه بين الذين دخلوا الامتحان السنوى للحصول على شهادة المساحة 
الهندية الثانوية» ولكن كتب أمام اسمه بين أفراد تلك الدفعة 'خرج من المدرسة 
بناء على اتفاق . 

وقد أتى اللاما عدة مرات فى هذه السنوات الثلاث لزيارة لوكناو من معبد 
قيزكانكان» فى تارم قف اردان تحافته فلملا وازداه: امسفراروجيحة: 
بعض الشىء؛ إن كان من الممكن تصور زيادة هذا وذاك؛ لكنه كان لايزال 
لطيفا كما كان. وأحيانا كان يأتى من الجنوب - أى من جنوب توتيكورين (فى 
طرف الهند الجنوبي الشرقى) - التى تبحر منها الزوارق النارية الرائعة إلى 
جزيرة سيلان حيث يعيش الكهنة الذين يعرفون لغة يالى (لغة الكتب المقدسة 
للنوذية)8:و أحتانا يدق :متاطق القوري: الخصراء العظينة نكيف :تحط القم مدكنة 
من مداخن مصانع القطن بمدينة بومباى؛ كما أتى مرة من الشمال» وقطع فى 
رحلة العودة ثمانمائة ميل لقضاء يوم فى الحديث مع 'حارس الصور* فى بيت 
العجائب. وكان يخطو خطواته الواسعة فوق الرخام المنحوت البارد فى المعبد 
- فكهنة المعبد كانوا يحسنون معاملة الرجل العجوز - فيغتسل ليزيل تراب 
الرحلة ثم يصلى قبل أن يرحل إلى لوكناوء بعد أن اعتاد ركوب القطارء فى 
الدرجة التالثة. وعند عودته كان من الملاحظ؛ كما ألمح صديقه الباحث إلى 
رئيس الكهنة. ؛ أنه قد كف مؤقتا عن البكاء على فقدان نهره» أو راسم صور 
عجيبة لعجلة الحياة» لكنه كان يفضل الحديث عن جمال وحكمة تلميذ له تكتنفه 
الأسرارء ولم يكن أحد من رجال المعبد قد شاهده قط. نعم لقد اقتفى آثار 
القدمين المباركتين (لبوذا) فى شتى أرجاء الهند» إذ كان أمين المتحصف فى 





10 





لاهور لايزال يحتفظ بوصف بالغ الروعة لجولاته وتأملاته. لم يبق له فى 
الدنيا إلا العثور على نهر السهمء لكنه قد بيّن له فى أحلامه أن ذلك أمرر من 
المحال القيام به بأى أمل فى النجاح إلا إن كان هذا الباحث يصطحب معه 
التلميذ الأوحد الذى عَيّنَ لإنجاح المسعى والذى اكتسب حكمة بالغة؛» كالحكمة 
التى يتحلى بها حراس الصور ذوو الأشعر الأبيض. وأدلى للتدليل على ذلك 
بالقصة التالية» على سبيل المثالء بعد أن أخرج علبة نشوقه وأسرع كهان 
'الجانية' الرحماء بالتزام الصمتء إذ قال: 

"من زمن بعيد موغل فى القدم» عندما كان ديفاداتا ملكا على بيناريس 
- فليصغ الجميع إلى الحكاية البوذية الحكيمة!.. وقع فيل بُرهَة فى أسْئر 
صيادى الملك» وقبل أن يستعيد حريته كانت حلقة حديدية من الأصفاد تغل 
إحدى قوائمه. وحاول التخلص منها بجنون والغل فى قلبه؛ فأخذ يجرى 
مخبولا فى كل اتجاه فى الغابات طالبًا إخوته من الفيلة حتى يكسروها. 
وحاولواء الواحد بعد الآخرء إخراجها بخراطيمهم القوية عونا وأخيرًا أعربوا 
عن رأيهم أن الحلقة لن تكسرها أية قوة حيوانية. وكان فى دغل قريب دغفل 
رضيع لايزال مبللا بآثار الولادة» ولم يكن عمره يتجاوز يوما واحداء وينتمى 
إلى عائلة الفيلة نفسهاء ولكن أمه ماتت. ونسى الفيل المغلول آلامه قائلا فى 
نفسه "إن لم أساعد هذا الرضيع فسوفت يموت تحت أقدامذا“..و هكد] وفنت 
لحراسة الصغير مستعملا أرجله قلاعًا تحميه من حركة القطيع القلق. وسأل 
بقرة فاضلة أن تعطيه بعض اللبن» فتغذى الدغفل وترعرع.؛ وإلى جواره الفيل 
ذو الحلقة الحديدية يَهْديه ويدافع عنه. فليصغ الجميع إلى الحكاية البوذنية 
الحكيمة! تعرفون أن الفيل لا يبلغ أشده إلا بعد خمس وثلاثين سنة؛ وعلى 
امتداد خمسة وثلاثين موسما مطيرًا ظل الفيل ذو الحلقة الحديدية صديقا للفيل 
الأصعّرء والقيد ينحر فى لحم جسده طوال الوقت. 

"ثم حدث ذات يوم أن شاهد الفيل الشاب الحلقة الحديدية المنغرسة فى 
اللحم فالتفت إلى الكبير وقال ”ما هذه” فقال الفيل صديقه ”إنها مصدر حزني“ 
وعندها مد الشاب خرطومه وفى لمح البصر أزالها قائلاً "حان الموع د 
المضروب“. وهكذا استراح الفيل الفاضل الذى انتظر صابرًا وأبدى الشفقة 


5١ 








والعطف» عندما حان الموعد المضروب» بفضل ذلك الدغفل نفسه الذى حول 
الكبير مسيرته لإعزازه وحبه - فليصغ الجميع إلى الحكاية البوذية الحكيمة! - 
فلم يكن الفيل إلا أنانداء ولم يكن الدغفل الذى كسر الحلقة سوى المولى 


. نفسه... “ 


وعندها كان اللاما يهز رأسه هز الشفوق» وعلى صوت قعقعة حبات 
المسبحة التى لا تتوقف يحكى مدى صفاء قلب ذلك الدغفل وخلوه من خطيئة 
الكبر. كان فى تواضع التلميذ الذى هَبً حين رأى أستاذه جالسا خارج ”أبواب 
العلم» فوثب من فوق الأبواب وإن كانت مُحكمة الإغلاق» واحتضن أستاذه 
بقلبه فى حضور المدينة التي يفعم الكبر بطونها. ما أعظم الجزاء الذى سوف 
يلقاه مثل هذا المعلم ومثل هذا التلميذ حينما يحين موعد سعيهما للحرية معا! 

هكذا تكلم اللاماء رائحًا غاديًا فى أرجاء الهند بخفة الخفاش. وقامت امرأة 
عجوز حادة اللسان تعيش فى قرية أشجار الفاكهة خلف سهارن يور بتكريمه 
مثلما كرمت المرأة أحد الأنبياء فى الكتاب المقدس (ملوك ثانى 9/4) ولكن 
غرفته لم تكن مثل غرفة ذلك النبى فوق الجدار. كان يقيم فى شقة فى الفناء 
الأمامى» وكان يجلس فيها يستمع لهديل الحمام من فوقه؛ وقد رفعت المرأة 
لثامها الذى لم تعد له فائدة وجعلت تتكلم عن أرواح كولو وشياطينهاء وعن 
أحفاد لها لم يولدواء وعن الولد الشقى ذى اللسان المنفلت الذى كلمها فى 
محطة الراحة. وحدث ذات يوم أيضنًا أن شرد عن طريق العرببات الكبير 
الخارج من أومبالا متجهًا إلى القرية نفسها التى حاول كاهنها تخديره فيهاء 
ولكن السماء الشفوق التى تحرس اللاما وأمثاله أرسلته فى الغسق إلى باب 
الجنذ الننابق: نففيه بعد أن هين الحقز لالز اكرة بالمخاصيل» مسكعزقا 'فييى 
تأملاته وغير مستريب بشىء. وفى منزل الجندى بدا أن بينهما دسوء تفاهم 
خطيرء إذ سأله الجندى الهرم عن سبب انطلاق صديقه الصغيرء صدية 
النجوم» فى ذلك الطريق منذ فترة لا تزيد على سنة أيام. 

وقال اللاما ”هذا محال. لقد عاد إلى أبناء جلدته“ 


000 


ا 








أيام ويقص قصصلا طريفة. صحيح أنه اختفى فجأة على نحو ما بعد تبادل 
أحاديث حمقاء مع حفيدتى فى الفجرء ولكنه ينمو بسرعة؛ فهو لا شك صديق 
النجوم نفسه الذى أدلى إلى بالخبر الصادق عن الحرب. هل افترقتما؟”". 

وفال :الما "تسددىبوالا! لمافتررق فز انا مظلفا:>ولكق: القت لجخ تصين 
للانطلاق فى المسير معًا. إنه يكتسب الحكمة الآن فى مكان آخر. علينا أن 

الاجيد الكنة :إن الغ يكن لصي يتفيف تأت اله أن يتكلم دون اتو قف 
وباستمرار عحنك؟ . 

وسأله اللاما بلهفة "وماذا قال؟“". 

"كلمات عذبة - مائة ألف منها - أنك أبوه وأمه ونحو ذلك. يؤس فنى ألا 
يلتحق بخدمة الملكة. إنه لا يعرف الخوف". 

وأدهشت هذه الكلمات اللاماء الذى لم يكن يعرف آنئذ بالتفانى الذى يبديه 
كيم فى الالتزام بالعقد المبرم مع محبوب علىء والذى صادق عليه العقيد 
كرايتون بالضرورة .. 

كان تاجر الخيول قد رد على العقيد عندما أشار إلى هذا إلى أن التسكع 
كالمشردين فى أرجاء الهند فى وقت العطلة عبث أى عبث قائلا ”من المحال 
الحيلولة بين المّهر الصغير وممارسة اللعبة“ ثم أضاف قائلاً "إذا لم يُسمح له 
بأن يمضى ويعود كما يحلو له فلسوف ينتهك هذا الحظر. ومن ذا عتتساه أن 
يلحق به عندها؟ أصغ إلى أيها السيد العقيد. لا يحدث إلا مرة كل ألف عام أن 
يولد حصان مؤهل التأهيل الكامل لممارسة اللعبة مثل هذا المهمر الصغير. 
ونحن فى حاجة إلى رجال . 


الفصل العاشر 

ذاك صقر قد قضى وقتا طويلا 

يتَعَذى بَعْدَ أن شدباً بمهدة 

لم يَعْدْ فراخا ضئيلاً! 

بل هو الصَفر الذى من قبل صَيدة 

ذْرَعَ الدُنيا وطار' 

راكنا فذانه الخطا” 

إن يكن صقرى على القفاز عندى 

لتركت الصتقر يَعلو ثم يَعلّو فى السسّمَاء 

برفيق سابحًا فى شاهق الأجْواغ 

إنه اليومّ لصَيّادْ العَلاءِ 

ريشة الكامل قد زان الجَنَاح 

وله آداب صيَّادٍ خبير ساح فى الدُنيا وَجَاح 

أغطه صنذر السسّما! فلقد أنشأها التارى لَهُ 

فاو :ذا ني انعد" ليوات 

(نوبة حراسة 'جاد') 
لم يكن السيد لورجان يستخدم مثل محبوب التعبير المباشرء ولكن نصائحه 

لكيم لم تكن تختلف عن نصائح الأخيرء وكانت النتيجة خيرًا على كيم. لقد 
عرف الآن مغبة مغادرة مدينة لوكناو مرتديا زى أبناء البلدء وإذا كان محبوب 
فى أى مكان يمكن إرسال خطاب إليه فيه» كان كيم يقصد مخيم صاحبه ويغير 
ملابسه تحت بصر الأفغانى الحذر. ولو كان لصندوق الألوان الصغير الذى 





5 





يستخدم فى إعداد خرائط المساحة الهندسية لسان ينطق» وهو الذى كان 
يستخدمه كيم فى خرائطه أثناء الفصل الدراسى» لقص قصصنا عن أفعال اليافع 
فى العطلات ولأدى الإفصاح إلى طرده من المدرسة. وذات يوم ذهب مع 
محبوب على إلى مدينة بومباى الجميلة» مع ثلاث عربات مليئة بأحصنة 
الترام» وكاد محبوب أن يستجيب لصديقه عندما اقترح كيم أن يبحر فى سفينة 
شراعية عبر المحيط الهندى إلى حيث تباع خيول الخليج العربية (على 
سواحل الخليج العربى) وهى التى كان كيم قد فهم من أحد أتباع تاجر خيول 
يدعى عبدالرحمن أنها تباع بأسعار أغلى من الخيول الأفغانية. 

وغمس كيم يده فى طبق الطعام مع ذلك التاجر العظيم عندما ذعى 
محبوب وعدد ممن يدينون بالإسلام مثله إلى وليمة كبرى بمناسبة الحج. وعادا 
معًا بحرا من طريق كراتشى الساحلية» على البحر العربى» (فى باكستان 
الآن) وعندها خبر كيم لأول مرة فى حياته دوار البحرء واقفا فى الفتحة 
الأمامية. لإحدى البواخرء وقد رسخ فى نفسه أن بعضهم قد دَسّ الميّمّ له. 
واتضح أن صندوق العقاقير الشهير الذى أخذه من الرجل المهيب عديم 
الجدوى: على الرغم من أن كيم أعاد ملء قواريره فى بومباى. وكان على 
محبوب أن يقوم بمهمة فى ثكنة 'كويتا' العسكرية التى تبعد عن لاهور بما 
يزيد على ٠١‏ كيلو متر (فى بلوخستان» وهى الآن فى باكستان) وهناك 
استطاع كيم أن يكسب رزقه؛ باعتراف محبوب نفسه؛ وربما كسب المزيد؛ 
حين قضى أربعة أيام غريبة فى العمل مساعدًا للطهاة فى منزل رقيب سمين 
فى إدارة الميرة والتموين بالجيش. وتمكن فى لحظة مواتية من التقاط دفتر 
حسابات صغير صيع من الرق» من صندوق المكتب» وانكب عليه ينسخ ما 
فيه - كان فيما يبدو يتناول مبيعات الأبقار والجمال فقط - فى ضوء القمر: 
مستلقيًا على الأرض خلف كوخ خارجىء حتى انتهى من نسخه كله فى ليلة 
حارة واحدة. ثم أعاد دفتر الحسابات إلى مكانه» وبناءٌ على طلب محبوب. 
ترك خدمة ذلك الرجل دون أن يتلقى أجرهء ثم عاد إلى الالتحاق بمحبوب على 
مبعدة عشرة كيلومترات على الطريقء والنسخة الجيدة فى صدره. 


تحت ؟ 








وأوضح محبوب المسألة قائلا ”ذلك الجندى سمكة صغيرة» ولكننا سوف 
نصيد به السمكة الكبيرة يومّا ما. وهو لا يفعل إلا أن يبيع الثيران بسعرين» 
سعر لنفسه وسعر للحكومة:؛ ولا أظن أن ذلك خطيئة". 

”ولماذا لا أستولى على الدفتر الصغير وننتهى من القضية؟". 

"سيصاب بالخوف فى هذه الحالة ويخبر سيده. وعندها ربما يضيع علينا 
عدد كبير من البنادق الجديدة التى تحاول أن تشق طريقها من كويتا إلى 
الشمال. اللعبة شاسعة إلى الحد الذى لا نرى معه إلا جزءًا صغيرا منها كل 
مرة. 

قال كيم "أوهو!“ وأمسك لسانه. كان ذلك فى عطلة الأمطار الموسمية؛ 
بعد أن فاز بجائزة التفوق فى الرياضيات. وأما عطلة عيد الميلاد المجيد فقد 
قضاها - باستثناء عشرة أيام خصصها لمتعه الخاصة - مع السيد لورجان» 
حيث قضى معظم الوقت أمام مدفأة يئز لهيبهاء إذ كان طريق جاكو مغطى 
بما يزيد على ارتفاع متر من الثلوج» ولما كان الهندوسى الصغير قد رحل 
ليتزوجء فقد عمل كيم بمساعدة لورجان فى إدخال الجواهر فى خيوط العقود. 
وجعل كيم يحفظ مئُورًا كاملة من القرآن عن ظهر قلب» حتى يستطيع قراءتها 
بأساليب وإيقاعات الفقهاء نفسها. كما أحاط كيم بأسماء وخصائص عقاقير 
محلية كثيرة؛» وكذلك بالتعاويذ التى لابد من ترديدها عند تقديمها للمرضى. 
وكان فى الأمسيات يكتب تمائم على رق الغزال» فى أشكال خماسية معقدة 
تكللها أسماء الشياطين - 'مُرة“» و'عوان“ رفيق الملوك - وكلها مكتوب 
بطريقة عجيبة فى الأركان. والأهم من ذلك إرشاد كيم إلى أسلوب العناية 
بجسده» وكيفية الشفاء من نوبات الحمى» وبعض أنواع العلاج البسيطة اللازمة 
لأزمات الطريق. وقبل موعد الرحيل بأسلوع؛ أرسل السيد العقيد كرايتون إلى 
كيم ورقة امتحان مكتوبة - وهو ما كان من الظلم - حافلة بالمقاييس المختلفة 
والوصلات والزوايا. 


وأثناء العطلة التالية خرج مع محبوبء ونذكر بالمناسبة هنا أنه كاد يموت 





5 





من العطش وهما يَحْبّان فى الرمال على ظهر جمل إلى مدينة بيكائير الغامضة 
غربى دلهى إذ يكاد يبلغ عمق الآبار فيها ٠٠١‏ متراء وكلها مبطنة بعظام 
الجمال. لم تكن الرحلة مسلية من وجهة نظر كيمء لأن العقيد أمره» خرقا 
للعقد» بإعداد خريطة لتلك المدينة 'البرية» ذات الأسوار. ولما كان غلمان 
الخيول المسلمون والمشرفون على تقديم النارجيلة لا يُتَوقعُ منهم جَرُ سلاسل 
المقابيس حول عاصمة ولاية محلية مستفلة» اضطر كيم إلى حساب المسافات 
سير! على قدميه مستعيئًا بحبات مسبحة. وكان يستخدم البوصلة لمعرفة 
الاتجافات :وفقا للظروف 'المواتية». أسانتا بعد :هنوط الظلامء بعد الانتهاء من 
تغذية الجمال» مستعينا بصندوق ألوان المساحة الهندسية الصغيرة» الذى يضم 
مضادر لاسكة ألوان:“وثلاكة فر احية, وعندما اكتمل- العمل كان نا أتخزهة 
لايختلف إلا قليلاً عند منظر مدينة 'جايسالمر* الصحراوية. وضحك محبوب 
طويلاً وأشار إليه بإعداد تفرير مكتوب أيضاء وهكذا جلس كيم فى ظل دفتر 
التعية داق الكون الدع« كتيوه عند رح كفة ريح المقضين: و الحلاو عو : 

”لابد أن يتضمن تقريرك كل شىء شاهدته أو لمسته أو فكرت فيه. كفب 
كأن القائد العام الإنجليزى نفسه قد أقبل خلسّة مع جيش جرار يريد الحرب". 

"امنا ”غدد أفر اد الجيش الجرار؟ . 

"خمسون ألف رجل“". 

"حماقة! تذكر كيف كانت الآبار فى الرمال قليلة وسيئة. لن يقترب من 
هذ النقان ولا الخدرجد: عطدا ؟: 

"إذن فاكتب ذلك. واذكر أيضا كل الصدوع القديمة فى الأسوارء والأماكن 
التى يُقتطع الحطب منها. وصف مزاج الملك وحالته النفسية. سأمكث هنا حتى 
تباع جميعُ خيولى. وسوف أستأجر غرفة لدى المدخل» وسوف تعمل محاسبًا 
عندى. والباب عليه قفل محكم . 


5. 








والذى لا يمكن أن تخطته العين بحروفه المتشابكة» وكذلك الخريطة التى 
انتشرت فيها الألوان البنية والصفراء والقرمزية» فى أرشيف المحفوظات حتى 
عهد قريب - عدة سنوات - إذ إن موظفا كتابيًا مهملا دَنّها فى الملفات فى 
مسودات الملاحظات التى كتبها ”راء 77" التابع لقسم مساحة 'سيستان» (فى 
أفداستان) #ولكن القزوف» المكتزبة بالقلم الرضاضن: أصبحة:يافنة اللون: ل 
تكاد تقرأ. وترجم كيم التقريرء وهو يتصبب عرقا فى ضوء المصباح الزيتى 
على أسماع محبوبء فى اليوم الثانى من أيام رحلة العودة. ونهض الأفغانى 
فانحنى على حقائب سرجه المرقشة. 

وقال محبوب مبتسمًا ”كنت واثقا أنك ستكون جدير! بمكافأة من ملابس 
التكريم؛ ولهذا أعددتها لك. لو كنت أمير أفغانستان (وربما رأيناه يومًا ما) 
لفالات نملف بالذهت". بووضيع ١‏ الملكس 'زسهزًا عند أقداد: كيع:..كاق: من نيتها 
عمامة مزركشة بالذهب من طراز بيشاوارء فى أعلاها قمع» وقطعة كبيرة من 
قماش العمامة ذات حواش ذهبية» وصدار مزركش من طراز دلهى يُلبس فوق 
قميص فى بياض اللبن» وأزراره علي سين قاطن متفدل: ويروا 
أخضر حزامه من الحرير المفتول» وحتى لا ينقص الزى شىء» أضيف خف 
من الجلد الروسىء يفوح شذاه العطرء وله أطراف مدببة مقوسة فيما يشبه 
الصلف إلى أعلى. 

وقال محبوب بنبرات وقورة ”ارتداء ملابس جديدة فى صباح يوم الأربعاء 
فأل حسن. ولكننا يجب ألا ننسى الأشرار فى هذه الدنيا. ولذلك!“. 

وتوّج هذه الروعة كلها التى قطعت أنفاس كيم انبهارًا بمسدس من عيار 
5 مم يلفظ الفوارغ ذاتيّاء بقشرة من النيكل» ومُزيّن بالأصداف. 

"كنت أريد إحضار مسدس ذى عيار أصغر لكننى فضلت هذا لأنه يقبل 
الطلقانت الحكومية: .ويستطيع المزة 'الأحضيؤل: عليه فى كلوقت خصيومتا 
عق التحدوى قنك ودحدى أنظلن اليف" :ورت عن كفك كنب فاكلا "لآ اذيك للد 


5 








قوتك أبدا أيها الأفغانى! لهفى على القلوب التى ستتحطم! لهفى على العيون 
تحت الأهداب تخالسك النظر!“. 

واستدار كيم» وتصلبت أصابع قدميه» وتمطى؛ ومر بيده بصورة تلقائية 
يتحسس شاربه الذى كان قد بدأ الظهور. ثم انحنى تجاه قدمى محبوب للتعبير 
السليم عن امتنانه ويداه ترتعدان وتربتان بسرعة» والغبطة فى قلبه تعقد لسانه. 
ولكن محبوب أسرع بمنعه مما كان ينتوى أن يفعل وعانقه. 

وقال محبوب 'ولدى! ما حاجتنا إلى تبادل الألفاظ؟ لكن أليس المسدس 
الصغير مبهجا؟ يمكن إطلاق العبوات الست كلها بضغطة واحدة. ولابد من 
وضع المسدس فى الصدر ملاصقا للبشرة»؛ فذلك - إن صح التعبير - يحافظ 
على الزيت فى عدّته. لا تضعه فى أى مكان آخرء وإن شاء الله سوف تقتل 
به رجلا ما يومًا ما". 

وقال كيم بنبرة حزينة ”فعلا! إذا قتل إنجليزىٌ رجلا شنقوه فى السجن". 

أصحيح. لكنك إن عبرت الحدود بخطوة واحدة وجدت الرجال أشد 
حكية :.احفظل الستتس لان ف مكات امز: لذن :مره .ألا «الرضاضن:» ها 
فائدة المسدس الخالى؟ . 

”"عندما أرجع إلى المدرسة لابد أن أعيده إليك» فحمل المسدسات الصغيرة 
غير مسموح به. ألن تحتفظ لى به؟". 

”اسمع يا ولدى! لقد سئمت تلك المدرسة حيث يحرمون المرء من أحلى 
سنوات عمرهء كى يعلموه ما لا يستطيع أن يتعلمه إلا بالتجوال. حماقة لا أول 
لها ولا آخر. غير مهم. ربما ينقذك تقريرك المكتوب من استمرار الأسرء 
ويعلم الله أننا فى حاجة متزايدة إلى الرجال فى اللعبة“. 

وانطلقا معاء وقد أغلق كل منهما فمه فى وجه الرمال التى تذروها 
الرياح» عبر الصحراء المريرة إلى 'جوذيور'؛ حيث قام محبوب وابن أخيه 
الوسيم حبيب الله بعقد صفقات تجارية كثيرة» ثم اتجه كيم بملابسه الأوروبية 


56 








التى أخذت تضيق عليه بسرعة إلى القطار حيث ركب فى الدرجة الثانية عائدًا 
إلى مدرسة القديس خائيير. وبعد ثلاثة أسابيع كان العقيد كرايتون منهمكا فى 
تقدير أثمان بعض الخناجر التيبتية فى دكان لورجان حين فوجئ بثورة 
محبوب على المباشرة» وقام السيد لورجان بتوفير الدعم الاحتياطى له. 

قال تاجر الخيول ”اكتمل نمو المُّهر! انتهى الأمر! فقد اعتاد الشكيمة وتعلم 
السرعات الصحيحة أيها السيد! من الآن فصاعداء ويومًا بعد يوم» سوف ينسى 
ما تعلمه إذا واصلتم الألاعيب معه. ألقوا الحبل على الغارب له ودعوه 
يمضى. نحن فى حاجة إليه . 

"لكنه صغير جدا يا محبوبء ألا يزال فى السادسة عشرة؟“. 

"عندما كنت أنا في الخامسة عشرة؛ كنت قتلت رجلا وأنجبت رجلا أيها 
السيد!". 

يا لك من وثنى صفيق!” والتفت كرايتون إلى لورجان ولكن ذا اللحية 
السوداء أومأ موافقا على حكمة الأفغانى ذى اللحية المصبوغة باللون 
القرمزى. 

قال لورجان "لو كان الأمر بيدى لاستخدمته من زمن طويل. كلما 
صغرت سنه زاد نفعه. ولهذا دائمًا ما أعيّن طفلا لمراقبة جواهرى الثمينة 
حقا. لقد اختبرته بكل السبل الممكنة» لكنه الغلام الوحيد الذى عجزت عن 
جعله يرى ما ليس موجودا . 

وسأله محبوب ”فى ”البنورة؟' فى بقعة الحبر؟". 

”لا. بل تحت يدى كما قلت. لم يحدث لى ذلك من قبل قط. ومعنى هذا أن 
لقي “القؤاة :الكافية' لكنك. أبها -العقيد كر ايكون تلق أت حتفل شخمن: يففل: ما 
تريده أنت لهو ولعب. وكان هذا منذ ثلاث سنوات. ولقد علمته الكثير منذ ذلك 
الحين أيها العقيد. أعتقد أنك الآن تهدر مواهبه“". 

وغمغم كرايتون قائلا “ربما تكون على صواب. ولكنء كما تعرفء لا 
يوجد عمل فى المساحة الهندسية يناسبه حاليًا“. 


. 51 











وقاطعه محبوب قائلا ”أطلق سراحه! دعه يمضى! من ذا الذى يتوقع من 
مُهْر أن يحمل أثقالا كبيرة أول الأمر؟ دعه يجرى مع القوافل» مثل الفصيل 
مع الجمال؛ من باب التفاؤل. وددت لو أخذته أنا ولكن...“. 


وقال لورجان “توجد مهمة صغيرة قد ينفعنا فيها إلى أقصى حد.. فى ' 
الجنوب” كانت نبراته تفيض عذوبة» وقد أغلق جفنيه التقيلين. 

وقال كرايتون بسرعة ”77-1 يتولى ذلك الآن. لا ينبغى أن يذهب هناك. 
أضف إلى ذلك أنه لا يجيد اللغات التركية (فى أواسط آسيا)”. 

وقال لورجان بإصرار ”ما عليك إلا أن تطلِعَهُ على شكل ورائحة 
الخطابات التى نريدها وسوف يعود إلينا بها . 


وقال كرايتون ”لا. تلك مهمة تتطلب رجلا بالغا". 


كانت المهمة عسيرة وتنحصر فى تبادل خطابات بالغة الإثارة وغير 
مصرح بها بين شخص يزعم لنفسه السلطة القصوى فى جميع الأمور المتعلقة 
بالدين الإسلامى فى شتى أرجاء العالم» وبين شاب من أسرة ملكية حوسب 
على اختطاف النساء داخل الأراضى التابعة للحكم البريطانى. كان كاهن 
الإسلام الكبير ذا نبرات قاطعة تتميز بالغطرسة الزائدة» وكان الأمير الشاب 
مكتئيًا وحسب بسبب فرض القيود على امتيازاته والانتقاص منهاء لكنه لم يكن 
ينبغى له أن يواصل المراسلات التى قد تؤدى ذات يوم إلى الإساءة إليه. 
والواقع أنه قد عُثر على أحد الخطابات فعلا ولكن الذى عَثّرَ عليه وُجد مقتولا 
على جانب الطريق فى وقت لاحق» فى ملبس تاجر عربىء؛ على نحو ما 
أرسله ”7-1“ من معلومات عندما تولى تلك المهمة. 


وأدت هذه الحقائق» وعدد من غيرها مما لا ينبغى نشره؛ إلى أنههز كل 
من محبوب وكرايتون رأسه. 

وقال تاجر الخيول بمجهود واضح ”دعه يخرج مع اللاما الأحمر. إنه 
مغرم بالرجل العجوزء وعلى الأقل سوف يتعلم قياس المسافات بخطواته على 


حبات المسبحة . 


51١ 








وقال كرايتون» وهو يبتسم لنفسه ”سبق لى أن تعاملت مع العجوزء من 
خلال الخطابات. إلى أين يمضى؟“. 

وقال محبوب ”يذرع الأرض جيئة وذهابًاء كما ظل يفعل فى هذه السنوات 
الثلاث. نرج رياني بالجداء. لعنة الله على كل...“ وسيطر محبوب 
على لسانه ثم قال "وهو يبيت فى معبد "تيرثانكار' أو فى 'بوذ جاياء عندما 
يعود من جولاته. ثم يذهب ٠‏ لمقابلة الغلام فى المدرسة. كما نعلمء إذ عوقب 
افلا طلن خلكه عوتيي أو 5ن إنه مخبول: ففلذ ولقنه: وجل شتالم: بولق 
سبقت لى مقابلته. كما تعامل معه البنغالى أيضًا عدة مرات. وجعلنا نراقبه 
ثلاث سنوات. ورغم عدم شيوع اللامات الحمر فى الهندء فأحيانا ما يضيع 
الأثر ممن يقتفيه". 

وقال لورجان بنبرات تأمل ”هؤلاء البنغاليون بالغو الغرابة. هل تعرف ما 
يريده هورى البنغالى حقا؟ يريد أن يصبح عضوًا فى الجمعية الملكية» من 
خلال الكتابة عن الأعراق المختلفة. صدقانىء لقد أخبرته بكل خصائص اللاما 
التى أخبرنى بها محبوب والصبىء؛ كما ذهب هورى البنغالى إلى بيناريس» 
على حسابه الخاص فيما أعتقد". 

وقال كرايتون باقتضاب ”لا أعتقد أنا ذلك“. كان قد دفع تكاليف رحلة 
هورى إذ كان يدفعه حب استطلاع بالغ التوقد إلى معرفة ماهية اللاما 


”وهو يلجأ إلى اللاما للحصول على معلومات عن 'اللامية*» ورقصات 
الشياطين» والتعاويذ والتمائم» بل فعل ذلك عدة مرات فى هذه السنوات الثلاث. 
يا للبتول المقدسة! كان يمكننى أن أحيطه بكل ذلك منذ ثلاث سنوات. أظن أن 
تقدم هورى البنغالى فى السن لم يعد يسمح له بالتجوال. وهو يفضل أن يجمع 
المعلومات عن طبائع السلوك والعادات. نعمء إنه يريد أن يصبح عضا فى 
الجمعية الملكية”. 

"أفلا يعتقد هورى أن الصبى ممتاز؟". 


7١17‏ لعي ع ب بي 





”بل ممتاز جدا. لقد قضينا معًا بعض الأمسيات الممتعة فى بيتى الصغيرء 
لكندي أرى أنه من الإهدار 9 نلحقه بهورى فى مجال الدراسات العرقية». 

00 اشر ىعري الك رك 
0 

"لديه الخبرة الآن يا سيدىء فعلاً! إنه كالسمكة التى تتحكم فى المياه التى 
تسبح فيها. ولكن جميع الأسباب تبرر إطلاق سراحه من المدرسة سة“ 

وقال كرايتون» كأنما يكلم نفسه ”لا بأس إذن. له أن يذهب مع اللاماء فإذا 
قرر البنغالى هورى أن يراقبهما معاء كان ذلك خيرًا وبركة. لن يوقع الصبى 
فى أى أخطارء على نحو ما يوقعه محبوب. غريب هذا الأمر! أقصد رغبته 
فى الانضمام إلى الجمعية الملكية. ولكنها رغبة بشرية خالصة أيضنًا. لا 
يَفضئلّه أحد حاليًا فيما يتعلق بدراسة الأعراق 0 00 


لم يكن للإغراء بالمال أو الترقى أن يصرف كرايتون عن عمله بمصلحة 
ماده لبدو ركنن اعوج كان ركين في أعماق قلبه بأن يصبح زميلا فى 
الجمعية الملكية (للبحث العلمى) وبأن يضع الحروف الأولى التى ترمز لذلك 
اللقب بعد اسمه. وكان يعرف أنه يمكن الحصول على مرتبة شرف من نوع 
ما بالقدرة على الابتكار ومعونة الأصدقاءء. لكنه كان يعرف أيضنًا أنه لن 
يلتحق بالجمعية إلا بالعمل الدائب - بأبحاث تمثل حياة مكرسة لذلك - وهو ما 
دفعه إلى أن يُمْطِرَهَا على مَرّ سنوات طويلة بالدراسات عن العقائد الدينية 
الآأسيوية الغريبة والعادات المجهولة. إن تسعة رجال من عشرة سوف يفرون 
من شدة الضجر إذا حضروا إحدى الأمسيات العلمية للجمعية الملكية» ولكن 
5 اشن كاه :الرحل». العاقوى: .و أحرانا لها كانت لفيية.: فرق إل "الخوقة 
المزدحمة فى لندن التى يتيسر فيها العيش» حيث يقف رجال مهذبون ذوو 
شعر فضىء وذوو رؤوس صلعاءء لا يعرفون شيئا عن الجيشء وينتقلون بين 
التجارب بمطياف الضوءء وبين النباتات القصيرة لأراضى التندرا المتجمدة. 


ونير 





والالات الكهربائية لقياس سرعة الطيران» والأجهزة القادرة على تشريح عين 
أنثى البعوض إلى قطع يقل سمكها عن كدئر صغير من المليمتر. الحق 
والمنطق يقولان إنه كان ينبغى أن يطمح إلى الجمعية الجغرافية الملكية» ولكن 
الرجال تحكمهم المصادفة مثل الأطفال فى اختيارهم للعب. وهكذا ابتسم 
كرايتون» وأحسن الظن بهورى البنغالى الذى تحفزه رغبة مماثلة. 

وألقى خنجره الزائف وتطلع الو محبيولب. 

وعرف تاجر الخيول دلالة نظرته فقال "ما أقرب وقت نستطيع إخراج 
المون فيه من الافتطل؟ : 

وغمغم الرجل قائلاً ”إذا أمرت بإخراجه الآن فما تظن أنه سوف يفعل؟ لم 
أساعد قط من قبل على تعليم مثل هذا الشخص“. 

وأجاب محبوب بسرعة "سيأتى إلى. سنتولى أنا والسيد لورجان إعداده 
للانطلاق فى المسير . 

”إذن فليكن. فلينطلق ستة أشهر كما يحلو له. لكن من ترى سيرعاه؟“ 

وأمال لورجان رأسه قليلا وقال ”لن يبوح بشىءء إن كان ذلك ما تخافه. 
أيها العقيد كرايتون”". 

"ليس إلا صبيّاء على أية حال". 

"نعم» ولكن» أولا ليس لديه ما يبوح به» وثانيًا فهو يعرف العواقب. لا! 
إنه مولع بمحبوب ولعًا شديداء ويحبنى إلى حد ما“. 

"تكاليف الطعام والماء فقط. عشرون روبية فى الشْهر ّ 

من مزايا العمل بالجهاز: السرى أنه لا يجلب القلق بشأن مراجعة 
الحسابات. فالجهاز يفتقر إلى التمويل إلى حد مضحكء بطبيعة الحال» ولكن 
الأمووال المتوافرة يدير ها اكتكاضن معدودون ل" يطلبون و صرف أو 


1 








حسابات تفصيلية. ولمعت عينا محبوب ببريق يذكرك بحب طائفة السيخ 
للمال. بل إن وجه لورجان الجامد تغير. خطر بباله قابل الأعوام حين يدخل 
كيم مجال اللعبة الكبرى فيمارسهاء وهى التى لا تتوقف لا ليلا ولا نهارًا فى 
شتى أرجاء الهند. كان يتطلع إلى التشريف والتكريم على أفواه القلة المختارة: 
بسبب تلميذه. لقد سبق للسيد لورجان أن جعل ”راء-”2*5 ما أصبح عليه 
اراء-357“؛ بعد أن كان شخصنا حائرًا صفيقا كذابًا خفيض القدر من رجال 
الوتائلعة الكتمالنة القوفية. 

ولكن فرح هؤلاء السادة كان فرحا شاحبًا ضبابيًا إن قورن بفرح كيم حين 
استدعاه مدير مدرسة القديس خاقيير وانتحى به جانبًا هامسا إن العقيد كرايتون 
أرسل: يطليه:, "أفهدديا أوهار ا" أنه:وجد لك.مكانا للعفل: مساعد :مهندين .مساحة 
فى مصلحة الرى. والسبب يرجع إلى دراستك للرياضيات. ما أسعد حظك 


٠١‏ هام هم 


فعاذ::قانك دهاز لفن الساسسة خكرى و لكنك فاك يطبيعة الكال. أن ملك 
لن يصبح دائمًا حتى تنجح فى امتحانات الخريف. وإذ فيجب ألا تظن أنك قد 
انطلقت للدنيا الواسعة للاستمتاع بها أو أن سعدك اكتمل. أمامك قدر كبير من 
العمل الشاق؛ ولن تستطيع قبل تثبيتك فى وظيفة دائمة أن ترقىء كما تعلم؛ إلى 
أربعمائة وخمسين فى الشهر“. وعندها أسدى المدير له نصائح قيّمة فيما يتعلق 
بسلوكه. وتصرفاته» وأخلاقه. وأما الآخرون» من يكبرونه سناء ممن لم.بردقوا 
إلى مرتبة التوظفء فقد جعلوا يرددون الكلمات التى لا تصدر إلا عن أبناء 
الجنسية المختلطة - الهندية الإنجليزية - إذ أخذوا يشيرون إلى المحاباة 
والفساد. بل إن يافعًا يدعى كازاليت؛ وكان والده متقاعدًا يعيش فى شونارء 
جعل يلمح إلماحًا عامًا بأن اهتمام العقيد كرايتون بكيم كان مصدره أبويّاء أى 
إنه كان بنا غير شرعى للعقيد. ولكن كيم لم يَرّدَ على ذلك؛. بل ولم يستخدم 
اللغة أصلاء إذ كان يشغل باله ما سوف يلقاه من المتع»ء وخطاب محبوب الذى 
وصله فى اليوم السابقء» وكان مكتوبًا بالإنجليزية وبأسلوب رشيقء ويحدد فيه 
موعدا للقاء عصر ذلك اليوم فى منزل لو ذكر اسمه وحسب لوقف شعر رأس 
مدير المدرسة قلعا 


515 








وقال كيم لمحبوب في محطة الفطار في لوكناو ذلك المساء عند ميزان 
الأمتعة: ”أخشى أن يسقط السقف فوقى آخر الأمر وأن أكون واهمًا. هل انتهى 
الأمر فعلا يا والدى؟". 

وفرقع محبوب أصابعه للدلالة على حسم تلك القضية» وكانت عيناه 
تتوهجان كالجمر المتقد. 

”إذن أين المسدس حتى أحمله؟". 

”بهدوء! أمامك نصف سنة تنطلق فيها دون قيد فى كعبيك. تلك حدود ما 
طلبته من السيّد العقيد كرايتون. وسوف تتقاضى عشرين روبية فى الشهر. 
والعجوز ذو القبعة الحمراء يعرف أنك قادم“. 

"سأدفع لك عمولة على مرتبى لمدة ثلاثة أشهر“. وكان صوت كيم جادًا 
"نعم روبيتان فى الشهر. ولكننا يجب أولا أن نتخلص من هذه الملابس”". 
وجل شد برو لمحي كيفك رياف تمرصية: ف حضرت معى كل ما 
أحتاج إليه فى الطريق. و تلات شين ايد إلى منزل السيد لورجان . 

"وهو يرسل إليك تحياته... أيها السيد!". 

”السيد لورجان رجل بالغ المهارة. ولكن ما عساك أنت أن تفعل؟". 

”أذهب إلى الشمال مرة أخرىء فى إطار اللعبة الكبرى» وهل يوجد غير 
ذلك؟ أمازلت مصمما على اتباع العجوز ذى القبعة الحمراء؟". 

”لا تنس أنه هو الذى جعلنى ما أنا عليه؛ وإن لم يكن يدرى. كان يرسل 
فى كل عام المال الذى علمنى”“. 

كود مسعوون 2615 "كتت لأفل: ١‏ القن ةو إن الحهف القكرة عدي 
الغبى. هيا بنا. أضيئت المصابيح ولن يلحظ أحد وجودك فى السوق. سنذهب 
إلى منزل حنيفة”". 


وفى الطريق إلى ذلك المنزل أعطاه محبوب النصحية نفسها تقريبًا التى 


رن 








أعطتها والدة ليموئيل لابنهاء ومن الغريب أيضنًا أن يتسم محبوب بالدقة فى 
الإشارة إلى الكتاب المقدس حين قال إن حنيفة ومثيلاتها يدمرن الملوك (أمثال 
00 

وأضاف محبوب فى خبث ”وأذكر ما قاله تشخص ماأء حين قال 'ثق فى ٠:‏ 
حية قبل أن تثق فى عاهرة؛ وفى عاهرة قبل الأفغانى يا محبوب على!' وكل 
هذا صحيح باستثناء الأفغانى. فأنا أفغانى. و فق مأ تصلق عليه المقولة 
انفده الكبرىء إذ لا تفشل تفشل جميع الخطط إلا بسبب النساءء فإذا بنا فى الفجر 
وايويقوق انراق حقيق ذلك شيم ور قلون "و اأقطاف نسوة كله التداصعراة: كا 

وقال كيم 21 لمات ل وتوقف 0 أمام درج قذر ينتهى أعلاه 
بالظلمة الدافئة لغرفة علوية» فى الجناح الواقع خلف دكان التبغ الذى يملكه 
'عظيم الله*. والذين يعرفون المكان يسمونه قفص الطيورء إذ إنه يزخر 
بأصنو انث الهفس:« المسفين. و الشفشقة. ش 

كانت العوفة نوسائدها الققرية وذاز جدلاتها التى ترركت من دون إثفاء 
تدخينهاء تفوح منها رائحة التبغ العفن البشعة. وفى أحد الأركان كانت ترقد 
امرأة ضخمة لا شكل لها ترتدى ملابس خضراء من الشاش» وتتحلى بجواهر 
محلية ثقيلة فى جبينها وأنفها وأذنها ورقبتها ومعصمها وذراعها ووسطها 
وكعبها. وعندما كانت تستدير كنت تسمع صلصة مثل قعقعة الأوانى النحاسية. 
وكانت فى الشرفة قطة نحيلة تموء جوعًا. وقام كيم فى حيرة بفحص ستائر 
الباب. 

وقالت حنيفة ”أهذا هو الموضوع الجديد؟" وخرجت كلماتها متكاسلة من 
دون أن تكترث لرفع مبسم الشيشة من فمها وي 9 اران 000 
منظره!. 

وشرح محبوب الأمر لكيم قائلا "هذا فى نطاق بيع حصان!” فضحك كيم. 


5١1 1/ 








وقال كيم وهو يقبع بجوار المصباح ”كنت أسمع هذا الحديث منذ يومى 
السادس. فما الذى يؤدى إليه؟ . 

"إلى “النساية:. الليلة كقين 'لوكك: اتزمك قن غرفت ممقرقة أكبيك لونا 
أبيض كاللوزة! ولكن حنيفة لديها سر لون يلتصق بالجلدء لا طلاء يوم أو 
يومين. كما سوف نحصنك ضد مخاطر الطريق. هذه هديتى أنا إليك يا ولدى. 
أخرج كل ما تحمله من أشياء معدنية وضعها هنا. استعدى يا حنيفة”. 

وأخرج كيم بوصلته وصندوق ألوان المساحة وصندوق قوارير الأدوية 
التى ملأهاء وكان يحمل معه هذه الأشياء فى انتقالاته ويعتز بها اعتزازا 
طفوليًا شديدًا. 

والوفضدت: لمن أن ماه وا فى تند يقيها: أعامها: قاناد رعندها ادك 
كيم أنها عمياء. وتمتمت قائلة ”لا لا! الأفغانى يقول الحق. اللون عندى لا 
يذهب بعد أسبوع 1 شهرء ومن أحميهم محصنون تحصينا شديدا". 

وقال محبوب "عندما يغدو المرء فى مكان بعيد وحده» فليس من الخير له 
انوناق فكأ ناختها معدوما :كنت انزلي الامو أنامنا حفك فى محش و اإلن 
جانب هذا فإن الأفغان ذوو بشرة بيضاء. كلع ماااسك كتن الوم وانظن كم 
اننضرة لونك"- وعادت» :حنيفة تتهيسن: “ظريقيا من ..غزفة ذاكلية:: فأضناف 
محبوب ”لا يهم! إذ لا تستطيع أن ترى” وأخذ قصعة رصاصية من يدها 
المثقلة بالخواتم. 

وبدا أن الصبغة السائلة لزجة ذات لون أزرقء» فجرب كيم استخدامها 
بقطعة من القطن على ظاهر يده؛ ولكن حنيفة سمعته. 

فصاحت ”لا لا! ليست هذه هى الطريقة الصحيحة» بل لابد من الشعائر 
الصحيحة. فالتلوين أهون الأمور؛» وسوف أمنحك الحماية الكاملة من الطريق“ 

وقال كيم فيما يشبه الفزع "بالسحر”" لم ترق له عيناها البيضاوان مكفوفتا 
البصر. وشعر بيد محبوب على رقبته تدفعه فانحنى حتى لم يعد أنفه يبتعد عن 
خشب الأرضبة إلا سنتيمترات معدودة. 


51 








التكدر ق الن تعن نه بنارا جنا والقع, قافا قوواتك 1" 

لم يكن كيم يستطيع أن يرى ما تفعله المرأة» لكنه ظل يسمع صلصلة 
حُلِيّها دقائق كثيرة. وأُوقِدَ عُودُ ثقاب فشتت الظلام» والتقطت أذنه أصوات 
الهرير والأزيز الصادرة عن احتراق حبات البخور. ثم امتلأت الغرفة 
بالدخان» ثقيلاً عاطرا خانقا. وأثناء استسلامه للنعاس سمع أسماء الشياطين؛ 
مثل ”زولبازان“» ابن إبليس الذى يعيش فى الأسواق ومحطات الراحة» فيثير 
الخبائث الفاحشة فيهاء ومثل 'دولهان' الذى يغشى المساجد متخفيًا ويقيم فى 
أخفاف المؤمنين ويمنعهم من إقامة الصلاة» ومثل 'مزبوط“»؛ رب الأكاذيب 
والذعر. وظلت حنيفة تتكلم فطور! كانت تهمس فى أذنه» وطؤرا يبدو أنها 
تتكلم من مسافة شاسعة؛ وجعلت تلمسه بأصابعها اللينة البشعة» ولكن محبوب 
لم يُرّخ قبضته على رقبة كيم قط» حتى زفر الصبى زفرة استرخى جسمه 
معها وغاب عن الوعى. 

وقال محبوب فى ضنيق 'يا الله! ما أشد مقاومته! لولا المخدرات ما 
استطعنا النجاح قط! أظن هذا يرجع إلى دمه الأبيض. ابدئى الدعوات. هيئى 
له الحماية الكاملة“. 


5 


وارتفع صوت حنيفة فيما يشبه الأنين هاتفة ”أيها السامع! يا من تسمع 
بأذنين» عليك الحضور. أصغ إلى أيها السامع!” وكانت عيناها العاطلتان 
موجهتين إلى الغرب. وامتلأت الغرفة بأصوات الأنين والنخير. 

ومن الشرفة الخارجية رفع رجل ضخم الجرم رأسا غليظا مستديرًا وجعل 

وقال بالإنجليزية ”0 تقاطع يأ صديقى هذه الطقوس من استحضار 
الأرواح الباطنة. أظن أنه يسبب لك إزعاجًا شديدا ولكن المراقب المتنور لن 
يشعر بذرة من الضيق . 


(إِنْهُمَ يكيدون كَيْدَا ١©(‏ ) وأكِيذ كَيْدَا 1١(‏ ) فمَهّل الكافرين أمهلهُم رَوَيْدًا )١7(‏ ) كان 
وجه حنيفة يواجه الشمال وتبدو فيه دلائل قلقلة بشعة. وكأنها كان تصددو م 
السقف أصوات ترد عليها. 


وعاد هورى البنغالى إلى كراستهء مستندا إلى قاعدة النافذة» ولكن يده 
كانت ترتجف. كانت حنيفة تجلس القرفصاء وقد غمرتها نشوة مثل نشوة 
التخدير وتهز جذعها بقوة إلى الأمام وإلى الخلف عند رأس كيم؛ وجعلت 
تستحضر شيطانا من بعد شيطانء بالترتيب القديم لهذه الطفوس» وتقوم 
بتقييدهم حتى يبتعدوا عن كل ما يفعله الصبى. 

وردت(وَعندهُ مَفاتِحُ الغيْب لا يَعَلمْهَا إلا هُوَ وَيَعلمُ مَا فِي الْبَرّ والبَخر ). 
ومن جديد جاءت الردود ذات الصفير عليها. 

وقال البنغالى "أتصور أن تأثير ذلك ليس خبيئا على الإطلاق" وكان 
يرقب عضلات الحلق وهى ترتعد وتنتفض أثناء كلام حنيفة بعدة لغات. "ليس 
من المحتمل أن تكون قد قتلت الصبى؟ وإن صح هذا أرفض أن أكون شاهدا 
عند المتحاكية ...»ما 1 كات اك 'القبناطين المنترضنة المذكوو 5 

وقال محبوب باللغة ١‏ لمحلية "اسمع يا بنغالى! أنا لا أكترث لشياطين الهند» 
ولكن أبناء إيليس يختلفون اخثلافا شديداء وسواء كانوا مهدبين و مرعبين فهم 
لا يحبون الكفار . 

وقال هورى البنغالى ”إذن ترى أننى يجب أن أذهب؟" ونهض نصف 
نهوض قائلا "إنها بطبيعة الحال ظواهر غير مادية. فالفيلسوف هربرت 
سبنسر )١505-185760(‏ يقول إنها...“ 

وانتهت 'أزمة“ حنيفة» كما تنتهى دومًا هذه الأمورء بنوبة من العويل 
المتشنج» وبعض الزبد على شفتها. ورقدت مسلوبة القوى دون حراك إلى 
جوار كيمء وتوقفت الأصوات المخبولة. 

"واه! اتذه ذلك العمل. أرجو أ ينال الصبم ) خيرا من ورائه. وحنيفة 
قطعًا ملكة الدعوات. ساعدنى على نقلها جانبًا يا أفغانى. لا تخف . 


5 








وفال هروس فقا كيت الخافع ها الا وجوه لك على الاسطاذق 6 كان 
يتكلم الإنجليزية حتى يُطْمكن نفسه. ومع ذلك فما أفظع أن يخشى المرء السحر 
الذى يبحث فيه مُضْمِرَا هذا الاحتقارء فى سبيل جمع الفولكلور للجمعية 
الملكية» وبعقيدة "نابضة” بوجود جميع قوى الظلام. 

وقهقه محبوب. كان قد سبق له الخروج فى بعض المهام مع هورى. فقال 
"فلننته من التلوين. يتمتع الصبى الآن بالحماية المؤكدة إذا... إذا كانت لأرباب 
الهواء أذان تسمع. إننى صوفى [إيقصد 'حر التفكير'] ولكن إذا استطعت 
الوقوف فى مأمن من امرأة أو من فحل خيل أو من شيطان فلماذا تستدير حتى 
تصيبك ركلة؟ أطلقه على الطريق أيها الأفغانى وتأكد من عدم اصطحاب 
العجوز ذى القبعة الحمراء .له إلى مكان. لا تستطيع الوصول إليه فيه. لابد أن 
أعود إلى خيولى". [ 


وقال هورى الأفغانى ”لا بأس. إنه الآن مشهد غريب“". 

وفى نحو الهزيع الثانى». وقت السّحرء استيقظ كيم من نوم ألف عام. 
وكانت حنيفة فى ركنها تغط غطيطا ثقيلاة» ولكن محبوب كان قد ذهب. 

وسمع كيم صوتا مداهنا عند مرفقه يقول ”أرجو ألا تكون قد أحسست 
بالخوف. إنى أشرفت على العملية كلهاء وكانت بالغة الإمتاع من زاوية 
الدراسات العرقية. كانت ”دعوات' من الطبقة الأولى“. 

وقال كيم "هه!” بعد أن تعرف على هورى الأفغانى الذى ارتسمت على 
شفتيه بسمة تودد وتزلف. 

وقال الرجل "كما إنى شرفت بأن أحضرت حلتك الحالية من لورجان. لم 
أعتد رسميًا أن أحمل أمثال هذه البضائع إلى المرؤوسين ولكنى...“ وقهقه 
قائلا ”أقصد أن حالتك تعتبر فى الدفاتر حالة استثنائية. وأرجو أن يذكر المستر 
لورجان ما فعلت . 


0 


وتثاءعب كيم وتمطى. كان ممثنا للقدرة علي التلوى والاستدارة فى ملابس 
فضفاضة مرة أخرى. 

”ما هذا؟" كان كيم ينظر بغرابة إلى الحقيبة الثقيلة المحملة بروائح أقصى 
الشمال. 


وقال هورى الأفغانى وهو ينحدر إلى الشرفة لتنظيف أسنانه بماء إحدى 
القلل: ”أوهوه! هذا رداء لا يلفت الأنظار يلبسه التلميذ الذى يلتحق بخدمة لاما 
يدين باللامية. إنه كامل من جميع الوجوه. ورأيى أنه لا ينتمى إلى دين 
صديقك العجوز على وجه الدقة بل هو ضرب فرعى من ضروبها. لقد 
أرسلت دراسة عن هذه الموضوعاتء لكن لم تحظ بالنشرء إلى المجلة 
الآسيوية الفصلية» ولكن الغريب أن يكون الرجل العجوز نفسه بلا تدَيّن على 
الاذلتي: لمن ١‏ اكموصدية 13 ْ 

"هل تعرفه؟" 

ورفع هفورى الأفغانى يده ليبين أنه يؤدى الطقوس المقررة التى تصاحب 
تنظيف الأسنان وما إلى ذلك بين البنغاليين من ذوى التربية الحميدة. ثم ألقى 
بالإنجليزية كلمات صلاة ذات طبيعية تأليهية تدعى *أريا-سوماج“: وهى 
الحركة الهندوسية الإصلاحية الحديثة التى تعارض تأثير المسيحية» وملا فمه 
بأوراق الشجر العطرة وبعض اللوز الهندى؛ قبل أن يقول: 

"نعم نعم. قابلته عدة مرات فى بيناريسء. وكذلك فى 'بوذجايا'» حتى 
أطرح عليه بعض الأسئلة الخاصة بالدين وبعبادة الشياطين أيضًا. إنه من 
أنصار 'اللاأدرية الخالصة مثلى". 


وتقلبت حنيفة فى رقادهاء ووثب هورى البنغالى بتوتر إلى المبخرة 
النحاسية التى بدا لونها سُُوَدًا أغبّر فى ضوء الصبح؛ فمر بأصبعه على سناج 
المصباح المتراكم ثم رسم به خطا مائلا على وجهه. 

وسأله كيم باللغة المحلية ”من مات فى هذا المنزل؟“ 


2577 








وأجاب الأفغانى "لم يمت أحدء ولكن ربما كانت لها عين حسودء هذه 
الساحرة” 

"وماذا تفعل الآن إذن؟” 

"سآخذك إلى طريق بيناريسء إذا كنت ذاهبًا إليهاء اليه بما يجب أن 
يكون معروفا لنا نحن”. 

”سأذهب. ومتى يحين موعد القطار؟" ووقف كيم ونظر حوله» وتطلع إلى 
الغرفة الموحشة وإلى وجه حنيفة الذى كانت تعلوه صفرة الشمع؛ وأشعة 
الشمس الأولى تتسلل عبر أرضية الغرفة وسأله ”ألا بد أن ندفع المال لهذه 
الساحرة؟” 

“لآ لقذ ركتك راقية ككميلك :من كل الشياطين والأخطارء باسم شياطينها. 
كان ذلك ما يريده محبوب” ثم تحول إلى الإنجليزية قائلا "معلوماته عفى عليها 
اا 0 إنه لا يزيد عن كلام من 
البطن كالسحرة.. 

وفرقع كيم أصابعه بصورة تلقائية ليصرف عن نفسه أى شرور يمكن أن 
تكون قد أصابته بسبب ما فعلته حنيفة» وكان واثقا أن محبوب لم يكن يتوقع 
أى شرء فقهقه هورى مرة أخرى. ولكن كيم حرص فى عبوره الغرفة على 
ألا يخطو فوق ظل حنيفة المرقش المربع على الأرض. فالساحرات عندما 
تأتيهن نوبة معينة قد يقبضن على كعب روح رجل يخطو فوق ظلالهن. 

وعندما خرجا إلى الهواء الطلق قال الأفغانى "والآن عليك أن تصغى 
بانتباه. تتضمن هذه الطقوس التى شهدناها توفير تمائم فعالة للرجال فى 
جهازنا. فإذا مسست رقبتك سنا رفيقا فسوف تعثر على تميمة فضية صغيرة؛ 
ورخيصة جدًا. إنها تميمتنا نحن. هل تفهم؟” 

"نعم. نعم. لرفع الروح المعنوية”. وجعل يتحسس رقبته. 

"تقوم حنيفة بإعدادها مقابل روبيتين واثنتى عشرة أناء نعم؛ وهى مجهزة 


1 








بجميع أنواع تعاويذ إخراج العفاريت من الجسم. إنها شائعة فعلاء لكنها تتكون 
فى جانب منها من المينا السوداءء» وفى داخل كل منها ورقة مليئة بأسماء 
الأولياء الصالحين المحليين وأمثالهم. هذه مسؤولية حنيفة» تفهمنى؟ ولا تقوم 
حنيفة بإعدادها إلا لناء لكنها إن لم تفعل فإننا عندما نحصل عليها نضع فى كل 
منهاء قبل توزيعهاء قطعة صغيرة من الفيروز. ولدى المستر لورجان ما يقدمه 
منها. ولا يوجد مصدر آخر لها. ولكنى أنا الذى ابتدعت هذا كله. وهو بطبيعة 
الحال عمل غير رسمى قطعاء لكنه ذو فائدة عملية للمرؤوسين. والعقيد 
كرايتون لا يعرف. فهو أوروبى. والفيروز ملفوف فى ورق... نعم. هذا هو 
الطريق إلى محطة السكة الحديدية... فلنفترض الآن أنك ذهبت مع اللاماء أو 
معى يومًا ماء وهو ما أرجوهء أو مع حوب ولتفترطل أنلك وقعت فى 
ماق آنا توح أعو نت «الحوته بن اذا بحرا فعاذة لكين أممان حل انق 
وقعت فى مآزق يزيد عددها عن شعر رأسى. قل 'أنا ابن التميمة“. جميل 

"لا أفهمك تمامًا. ينبغى ألا تتكلم الإنجليزية هنا“. 

ال بأ جهذا»: فأنا. بتغالى روحمب امقترضمغرفتى. باللفة "الإتجليزية 
أمامك. نحن البنغاليين الذين يتكلمون الإنجليزية نقصد استعراض معرفتنا 
بها”. وألقى هورى وشاحه على كتفيه فى تبخترء ثم عاد يقول "كما كنت 
أوشك أن أقول: ابن التميمة» تعبير قد يعنى أنك عضو فى طائفة 'سات 
بهاى"» أو الإخوة السبعة» وهى تجمع ما بين الهندوسية والتانترية. والشائع 
بين الناس أنها جمعية انقرضتء لكننى كتبت مذكرات تثبت أنها لا تزال 
موجودة. افهمنى» إن هذا كله من ابتكارى. جميل جدًا. وجمعية 'سات بهاى“» 
تضم كثيرًا من الأعتتا ع وهنا كك التقباء 0 فرضية البقاء يذلا 
من قطع رقبتك المحتوم! إنها مفيدة على أية حال. أضف إلى ذلك أن أولاد 
البلد البلهاء - إن لم يزد الانفعال بهم عن الحد - دائمًا ما يتوقفون للتفكير قبل 
أن يقتلوا رجلا يقول إنه ينتمى إلى منظمة معينة. تفهمنى؟ ولك أن تقول إذن 
عندما تقع فى مأزق 'أنا ابن التميمة' وربما استطعت عندها أن تلتقط أنفاسك 


1 








فعاذ.,ويهةا ,قتضير “فقعل غلى اكه 'الفازق: أو على الذخول فى سفاوضات: مع 
أحد الغرباء. هل تفهمنى حق الفهم؟ جميل جدًا. ولكن افترض الآن أننى 
جئتك؛ أو جاءك أى فرد آخر من أفراد الجهازء فى زى مختلف تمام 
الاختلاف. لن تعرفنى عندها إلا إذا اخترت أنا ذلك» وأراهنك على هذا. 
وسوف أثبت لك ذلك يومًا ما. فلنفترض أننى جئت فى هيئة تاجر "لاداخى' 
- أو سوى ذلك - وقلت لك '"تريد أن تشترى أحجارًا! كريمة؟* فتقول “هل 
أبدو لك رجلا يشترى الأحجار الكريمة؟“ فأقول أنا ”بل حتى أفقر الفقراء 
يستطيع أن يشترى الفيروز أو 'التركيان“. “ 

وقال كيم ”هذا هو كشرى. أو الخضراوات بالكارى". 

”هو كذلك فعلاً. فتقول 'أرنى التركيان“» فأقول 'طبخته امرأة» وربما لم 
يعجبك مذاقه“. ثم تقول 'لا دخل للطائفة حينما يذهب الرجال... للبحث عن 
'التركيان"'. لاحظ الوقفة القصيرة بين كلمتى 'الرجال”' واللبحث'. هذا هو 
السر كله. الوقفة القصيرة بين هاتين الكلمتين". 

وكرر كيم عبارة الاختبار. 

"لا بأس بهذا. إذن سوف أريك فيروزى أنا إن كان لدينا الوقت فتعرف 
من أكون ثم نتبادل الآراء والوثائق وهذه الأشياء كلها. وهذا ينطبق على أى 
رجل آخر من رجالنا. أحيانا نتكلم عن ”الفيروز' وأحيانا عن 'التركيان* ولكن 
دائمًا مع مراعاة الوقفة القصيرة بين الألفاظ. الأمر بالغ السهولة. أولا “ابن 
التميمة“» إذا وقعت فى مأزق. ربما يساعدك هذا وربما يفشل. إذن اذكر ما 
قلته لك عن 'التركيان»»؛ إذا أردت إجراء معاملة رسمية مع أحد الغرباء. 
وبطبيعة الحال» ليست لديك الآن مهام رسمية. فأنت - هاهاها! - "كمالة 
عند" كف الاخقار 1 عينة فويدة : قعاد .لو قنك اسوو ثبالتوك الالستدييت 
فوراء ولكن عطلتك التى ستمتد إلى نصف عام ترمى إلى تخليصك من الطابع 
الإنجليزى؛ تفهمنى؟ اللاما ينتظر قدومك؛ إذ أخبرته أنا بصورة شبه رسمية 
أنك قد اجتزت جميع امتحاناتك وسوف تحصل فى وقت قريب على وظيفة 





5 





"حكويية: أوهو! إنف امازل لحن الشمتيل 1 قيمض ؟ 1314 ايتاغيتك لمساغدة أبناء 
التميمة فأحرص على أن تحاول ذلك فعلا. ٠‏ دعلنى أودعك الآن يا زميلى 


فى د مه 


العزيز وأرجو أن - آه - توفق ثم تنحنح. 

وتراجع هورى الأفغانى خطوة أو خطوتين وسط الجمهور فى مدخل 
محطة لوكناو ثم - ذهب! وأخذ كيم ثفسًا عميقا وتحسس جسده فى كل مكان: 
فوجد أنه يستطيع الإحساس بوجود المسدس المطلى بالنيكل فى صدره تحت 
الثوب ذى اللون الأدكن» وأن التميمة كانت تتدلى حول رقبته» وفى جيوبه 
قصعة التسول والمسبحة والخنجرء إذ لم ينس المستر لورجان أى شىء: 
وكان فى متناول يده أيضًا صندوق الألوان والأدوية والبوصلة؛ كما كان يحمل 
فى حزام بال قديم مخصص لوضع النقود فى فجوة منه مرتب شهر كامل» 
وكان الحزام مززكنا بانساق: من لشنواك القنفذ البرى. لم يكن الملوك أغنى 
منه! واشترى بعض الحلوى فى كأس من ورق الشجر من تاجر هندوسى؛ 
وجعل يلتهمها بلذة انتشاء حتى أمره أحد رجال الشرطة بالنزول من الدرج. 


0 





الفصل الحادى عشر 
أغطٍ الرَجل إذا لَمْ َك قد خلق لصنعيه 
ويُمارس أعْمَالاً لا يَعرفها 
افا يَقذفها ثم يَمُودُ فيلقفها 
وخلائق يُوؤذيها كئ يَشفِيها 
وثعابيّن لبها كئ يَسنبيه 
وستعصييه تعَابينة 
وسيفضتحه حَجْنُ أفانينة 
وسَيَسْخٌْ منه القَومٌ ويَحتقِرُونة 
إن لَمْ يلك قد لد بمؤاهيّة السسّاجر وشجونة! 
بَعْضْ الأرات مِن الملح أو الأزهار العجقاء 
وعصا عَاريّة أو فاكهةٌ تلقى بأَيَادٍ رَعْتَاء 
ستفى بالحَاجّة وتَدَعْمٌ قَوَتَة الخرقاء 
إن لَمْ تحْكِمْ صوغ التَعْويدَةِ فى المَحقل 
أطلقت الضكات عليك تزودى وتَجَلْجِل! 
(لكن الرجل إذا كان إلخ 
(أغنية الساحرء القصيدة )١١‏ 
وكا القارة فعل: طبيعى. 


1 





قال فى نفسه ”الآن أصبحت وحيدا.. وحدة تامة! لا يوجد فى الهند كلها 
من يشعر بعمق هذه الوحدة 0 إلو مت اليوم» فمن عسى أن يحمل النبا... 
ولمن؟ وإذا عشتء والله لطيف بعباده» سوف ترصد مكافأة لمن يأتى برأسى,» 
رشي من أبناء التميمة... أكاه كيم . 

ما أندر ذوى البشرة البيضاء وأكثر الآسيويين الذين يلقون بأنفسهم فى 
لجة الدهشة. إن صح هذا التعبير» بتكرار أسمائهم عدة مرات لأنفسهمء 
وإطلاق الذهن فى شطحات يتأملون فيها ما يدعى الهوية الشخصية. وكلما كبر 
المرءُ فى السن هجرته القوة» لكنها ما دامت متوافرة فقد تهبط على المرء فى 
أية لحظة. 

"مر كيوة كيو كن" 

وجلس القرفصاء فى ركن من حجرة الانتظار الصاخبة؛ فى ذهول أقصى 
أية أفكار أخرىء؛ فطوى يديه فى حجره؛ وتقلص إنسان كل عَيْن فأصبح فى 
حجم رأس الدبوس. كان يشعر أنه لن تمر دقيقة واحدة» بل نصف ثانية» حتى 
دائمّاء من هذه 'الأعالى' هبوط طائر جريح:ء فمر بيده ) عينيه وهز رأسه. 

وتوقف أمامه فى تلك اللحظة رجل هندوسى ربانى طويل الشعرء وكان قد 
اشترى تذكرة لتوه» وجعل يحدق فيه بتركيز واهتمام. 

وقال الرجل بنبرة حزينة "لقد تهْت أنا أيضا عنه! باب من أبواب الطريق. 
ولكنه ظل موصذا أمامى أنا سنوات كثيرة“. 

وقال كيم فى خجل ”عَم تتحدث؟". 

"كنك تتساءل فقن أعماق روحك :هما تكوق النفين»:ذهنتك النؤيبنة فحياة 
أعرف ذلك. ومن عسى أن يعرف إلا إياى؟ إلى أين تذهب؟". 


"إلى كاشى (بيناريس) 3 ' 





"ليس هناك أرباب. لقد جربتها كلها. أنا ذاهب إلى يراياج (اللاهأباد) 
للمرة الخامسة» وأبحث عن الطريق إلى التنوير. ما دينك؟". 

وقال كيم ”أنا أيضًا باحث“ مستخدمًا إحدى كلمات اللاما المفضلة. ثم 
أضاف وقد نسى مؤقتا زيه الشمالى "ولو أنه.. لا يعلم إلا الله ما أبحث عنه“. 

ودس الرجل الهرم عكاز الربانيين تحت إبطه وجلس على رقعة حمراء 
من جلد الفهد أثناء نهوض كيم عندما سمع الإعلان عن قدوم قطار بيناريس. 

وال لزه "ليحك الأمل فى رحلتك يا أخى الصغير. الطريق طويل 
إلى أقدام الواحدء لكن ذلك ما نشدٌ الرحال إليه جميعًا". 


وزال عمق شعور كيم بالوحدة بعد ذلك: وقبل أن يقطع القطار مسافة 
عشرين ميلا وهو جالس فى المقصورة المزدحمة» كان قد انهمك فى تسلية 
جيرانه بسلسلة من الحكايات الرائعة عن مواهبه ومواهب أستاذه السحرية. 

وبدت بيناريس له مدينة بالغة القذارة» وإن كان من الممتع اكتشاف مدى 
احترام ملبسه. ثلث عدد السكان رك اصرح حي بور 
الملايين الكثيرة من الأرباب؛ وهكذا فهم يبجلون شدكن ألو ارق الوها تيقد :وو عند 
كيم من أركتده إلن معد * تيرثانكار' الذى يقع خارج المدينة بمسافة تبلغ نحو 
ميل» بالقرب من سرناثء وكان المرشد فلاحًا من االيغنجاب قابله 
مصادفة» من طائفة ثفة "كامبوه' التابعة دينيا لطريق جولندرء وكان الرجل قد دعا 
جميع أرباب موطنه عبثا لشفاء طفله الصغيرء وكان يقصد بيناريس فى 
محاولة أخيرة. 

وقال الرجل "أنت من الشمال؟"»؛ وهو يشق طريقه وسط الزحام فى 
الشوارع الضيقة ذات الروائح العفنة» تمامًا مثل ثوره الأليف فى موطنه. 

وقال كيم ”نعم. أعرف الينجاب. كانت أمى بهرانية (من بيهار) 
ولكن والدى من *أمريتسار“؛ القريبة من 'جنديالا". كان كيم يدرب لسانه على 
تلبية حاجات الرحلة. 


5178 








>: 


'جنديالا؟ تقصد 'جولندور'؟ أوهو! إذن فنحن جيران إلى حد ما". 
وأومأ الرجل بحنان إلى طفله الذى كان ينهنه بين ذراعيه وقال "ومن تخدء؟“ 

”"أخدم رجلا بالغ الربانية فى معبد 'تيرثانكارز' “. 

"كلهم بالغو الربانية. وبالغو الطمع”. وكان صوت الفلاح الشمالى ينضح 
بالمرارة فأضاف “لقد رحلت إلى الأعمدة ووطثئت المعابد حتى تهرأت 
قدماى» ولم يتحسن حال الطفل ذرة واحدة. وأمه مريضة كذلك... اهدأ إذن 
أيها الصغين. :+ غيّرنا أسمه عندما ذهمتة الحصى» والبسناه:ملايمن أنقئ: .لينم 
نترك شيئًا إلا فعلناه ما عدا - وقلت ذلك لأمه عندما دفعتنى إلى الرحيل إلى 
بيناريسء وكان ينبغى أن تصحبنا - ما عدا الاستعانة بساخى سروار سلطان؛ 
إذ قلت إنه أفضل من يفيدنا. فنحن نعلم كرمهء وأما الأرباب فى هذه السهول 
فهى من الأغراب". 

واستدار الطفل على وسادته بين ذراعى والده المفتولتين القويتين وجعل 
ينظر إلى كيم من تحت جفنين أثقلهما المرض. 

وقال كيم بنبرة اهتمام مُطمُئنة "وهل راح كل ذلك عبثا؟". 

وقال الطفل بشفتين تشققتا من الحمى "عبثا... عبتا". 

وقال الفلاح بفخار "لقد وهبته الأرباب عقلاً راجحًا على الأقل. من كان 
يظن أنه كان يصغى إلينا بهذه المهارة؟ هذا هو معبدك! إننى رجل فقيرء وقد 
تعامل معى عدد كبير من الكهنة» ولكن ابنى هو ابنىء فإذا كان تقديم هدية إلى 
أستاذك يمكن أن تشفيه... أقصد أننى حائر لم أعد أقدر على التفكير“. 

ونظر كيم فى الأمر وقد انتفش زهوا. لو حدث ذلك منذ ثلاث سنوات 
لاستفاد على الفور من الموقف لك إلى حال سبيله بلا تردد» ولكن مجرد 
الاحترام الذى يلقاه من الفلاح يثبت أنه أصبح رجلاً. أضف إلى ذلك أنه 
أصيب بالحمى وذاق عذابها مرة أو مرتين» وكان يعرف ما يكفى لتبين 
مظاهر التضور جوعا. 





0 





”ادع الأستاذ وسوف أتنازل له عن أفضل زوج من ثيرانى فى سبيل شفاء 
الطفل”. 

وتوقف كيم عند الباب الخارجى المُحلى بالنقوش فى مدخل المعبد. وقابله 
رجل يلبس ملابس بيضاء من طائفة أوزوال التى تدين بالجانية فى ولاية 
جوجاراتء وكان موطنه 'أجمير'» وهى بلدة جنوب غربى ' جايبور'» 
بعد أن تطهر لتوه فى المعبد من خطايا الربا الفاحش؛ وسأل كيم عن عمله. 

”أنا تلميذ اللاما تيشوء وهو رجل ربانى من التيبت» موجود هنا. إنه الذى 
طلب منى القدوم وسوف أنتظره. قل ذلك له“. 

وهتف الفلاح بإلحاف من فوق كتفه ”لا تنس الطفل!* ثم بدأ صوته يهدر 
باللغة االينجابية صائحا "يا أيها الربانى! ويا تلميذ الربانى! يا أرباب 
فوق جميع العوالم! انظروا إلى العذاب جالسًا على الباب!” كانت تلك الصيحة 
مألوفة إلى أقصى حد فى بيناريسء حتى أن المارة لم يديروا رؤوسهم قط. 

' ودخل الأوزوالى الذى استعاد الصفاء مع أبناء البشر يحمل الرسالة فى 

الظلمة من خلفه» وكرت الدقائق الشرقية المطمئنة التى لا تحصى ومرتء إذ 
كان اللاما نائمًا فى صومعته؛ ولم يجرؤ أى كاهن على إيقاظه. وعندما عادت 
طقطقة حبات مسبحته إلى خرق السكون فى المبنى الداخلى حيث علقت 
الصور الهادئة 'للأرشات»*»؛ أى الذين "بلغوا الكمال“ بقهر الرغبات الأرضية 
وبلوغ النيرقاناء همس كاهن مبتدئ قائلا ”التلميذ هنا“ فقام الرجل العجوز 
يخطو خطوات واسعة: ناسيًا إكمال صلاته. 

وما إن لاحت قامته المديدة فى المدخل حتى جرى الفلاح إليه؛ ورفع 
الطفل أمامه صائحا ”انظر إلى هذا أيها الربانى» وإذا قضت مشيئة الأرباب 


2! 0 


فسوف يعيش! سوف يعيش! . 


والتفتت عينا اللاما إلى كيم وقال ”ما هذا الآن؟” ولاحظ كيم أن اللغة 


51١ 








الأرلية الى يتقلنيةا اذكيا ان نقاوها: ووضو عه اهيا كاتكة طلبه مجن 
وحدهما. 

وقال كيم ”إنها حُمئّ وحسب. تغذية الطفل قاصرة"“. 

”"إنه يشمئز من كل شىء. وأمه ليست هنا“. 

"لو سمح لى فسوف أعالجه أيها الربانى". 

"عجبًا! هل جعلوك طبيبًا؟ انتظر هنا“ ثم جلس اللاما مع الفلاح على أولى 
درجات سلم المعبدء وقام كيم - وهو يرقبهما بطرف عينيه - بفتح اصندوق 
أدويته الصغير ببطء. كان يحلم أحلام يقظة فى المدرسة بأن يعود إلى اللاما 
فى زى السادة» وأن يمازح اللاما قبل أن يكشف عن شخصيته؛ ولكنها كانت 
أحلام صبى وحسب. لقد وجد الآن فرصة أكبر للتمثيل فى قيامه بالبحث فى 
القوارير الصغيرة» وقد ارتسم على وجهه شرود الذهن وأنعقد حاحباه.» متمهلا 
حبوب كوينين» وأقراص لحم ذات لون بنى أدكن» من لحم البقر على الأرجح, 
الأقراص بنهمء قائلا إنه أحب المذاق المالح. 

”إذن خذ هذه الأقراص الستة“ وأعطاها كيم للرجل. ”احمد الأربابء» 
وضع ثلاثة فى لبن يغلى والثلاثة الأخرى فى الماء. وبعد أن يشرب اللبن» 
أعطه هذا“ وكان نصف حبة كوينين» ”ودثره جيدًا حتى يدفأ. واجعله يشرب 
المناء: الذئ. أذبيتفية الثلاقة: الأخوىة.ونضف هذه الفيية التومضاء دما 
يصحو. وريثما يكون ذلك خذء هذا دواء بُنى آخر يمكنه أن يَمْصَّهُ فى طريق 
العودة للمنزل ". 

وكالاابخ كلاقة الكاموم وهو يفسلف الأذوية اكفطلانا الكو اتنا 
أعمق الحكمة!". 


51 








كان ذلك أقصى ما يستطيع كيم أن يتذكره من العلاج الذى تلقاه عندما 
دهمته الملاريا فى خريف أحد الأعوام» باستثناء الرّطانة التى أضافها حتى 
يبهر اللاما. 

”اذهب الآن! عد إلينا فى الصباح”“. 


وقال الفلاح "ولكن الثمن... الثمن” وفتح صدره بكتفيه القويتين قائلا 
"ولكن ابنى هو ابنى. إنه الآن يعود صحيحًا فكيف أرجع أنا إلى أمه وأقول 
إننى طلبت العون على جانب الطريق ولم أقدم فى مقابل ذلك ولو قصعة من 
اللبن الرائب؟". 

وقال كيم بنبرات لينة ”إنهم متشابهون! فلاحو الشمال! يقال إن أحدهم 
وقف على بعض الروث أثناء مرور أفيال الملك فصاح "أيها السائق! بكم تبيع 
هذه الككر الصعينة : 

وانطلقت الضحكات هادرة من فم الفلاح» وجعل يكتمها بسيل من 
الاعتذارات إلى اللاما. ”هذا ما يقال فى وطنى نفسه؛» وما يتحدث الناس عنه 
فعلاً. فهكذا شأننا نحن فلآحى الشمال جميعًا. لسوف آتئ غسذا مع الطفل» 
ولتهبط عليكما معًا بركات أرباب منازل الناس» فهم أربابُ خيْر صغار. والآن 
رانو لقم نوه لكا العافية ال قسضق التومن: انها الامين الصعرن اانا ملك 
قلبى» لا تبصقه» وسوف نصبح من أقوياء الرجال والمصارعين والضاربين 
بالهراوات عند طلوع الصيح". 

ومضى وهو يغنى بصوت خافت ويتمتم. والتفت اللاما إلى كيم؛ء وأطلت 
روحه المحبة القديمة من عينيه الضيقتين. 

"شفاء المرضى يكسب المرء الامتياز. ولكن عليه أن يكتسب المعرفة. لقد 
أديت ذلك بحكمة يا صديق العالم كله“. 


وقال كيم ”أنت الذى جعلتنى حكيما أيها الربانى“ كان كيم قد نسى التمثيلية 
الصغيرة التى انتهت لتوهاء ونسى مدرسة القديس خاقيير؛ء ونسى دمه الأبيض. 


1 








بل ونسى حتى اللعبة الكبيرة وهو ينحنى مثلما يفعل مسلمو الهند ليلمس قدمى 
أستاذه فى تراب المعبد الجانى. ”أنا مدين لك بتعليمى. إذ أكلت خبزك 
ثلاث سنوات. مدتى انقضت. لقد أطلق سراحى من المدارسء وها أنذا أعود 
إليك". 


”هذه مكافأتى. ادخل! ادخل! وهل كل شىء على ما يُرام؟" ودلفا إلى 
المبنى الداخلى» حيث تميل أشعة شمس الأصيل الذهبية عبره. ثم قال اللاما 
"قف حتى أنظر إليك. هكذا!” وحمل يتطلع مكنا "لم يعد الآن طفلاً بل أصبح 
585 ناضج الحكمة. ويسير كالأطباء. ع كفنت ضينفا. كيف ينما 
عندما سسلمتك إلى المسلحين فى تلك الليلة الحالكة. هل تذكر أول يوم لنا معّا 
تحت المدفع الكبير؟ . 

وقال كيم ”نعم! وهل تذكر حين وثبت من العربة فى أول يوم ذهبت فيه 
ال 

0 اب لاه ع واليوه مم لذ أكلنا فيه لا معًا خلف النهرٍ فى 


07 


وقال كيم ”ولهذا سبب قوى. كنت آنذاك طالبا داخل أبواب التعليمء 
واأرتفى ملابس السادة” 5 ثم استأنف حديثه بلهجة مازحة ”ا دنس يا ونا أنى 
.لا أزال من السادة ع ك أنت". 


"صحيح. وسيد يكنون له بالغ التقدير والاحترام. تعال إلى صومعتى يا 
تلميدذى . 

"وكيف عرفت ذلك عنى؟". 

وانقمم اللاماء ق.قال "أولا يقضلخطانات من الكاهن الشفوق الذي قابلناه 
فى معسكر المسلحينء ولكنه عاد الآن إلى وطنه» وكنت أرسل المال بعد ذلك 
إلى أخيه”. ولم يكن العقيد كرايتون؛: الذى حمل مسؤولية الوصاية على الصبى 


11 








خلفًا للب فكتور الذى رحل مع الفرقة الجوالة إلى إنجلتراء أخا للكاهن 
د 0 السادة. لي 0 اخترت 
هذا المعبد ا البعيد دقن ا اما ل ل اكور 
كآن.رجلا من مدينة 'ليه؛ (عاصمة مقاطعة لاداخ شرقى كشمير) وكان يقول 
إنه هندوسى لكنه سثم تلك الأرباب جميعا“ وأشار اللاما إلى صور ”الأرشات' 
المعلقة. 

وقال كيم وقد برقت عيناه فجأة ”"رجل سمين؟". 

اشرق نهة ا لكي لاتحلف ليذ أن زمه عاق وق رأ نان بأشياء عن 
مقية8ة.سال: الشواطين. و القنائم.وأشكال :وطرائق يقلقت تسريه النقناى فى 
الأديرة» وطرائق تدريبنا للمبتدئين على الانخراط فى سلكنا. رجل زاخر 
بالأسئلة» لكنه كان صديقا لك يا تلميذى. وقال لى إنك تسير فى طريق تكريم 
عظيم فى فن الكتابة. وأرى الآن أنك طبيب"“. 

اننع :أن كذ القن قا كلقا أكوو من 'العادة لكنوى الى «الداف هنا 
آتى تلميذا لك. لقد انتهيت من السنوات المخصصة للسادة!“. 

وقال اللذمنا ويف يوم هر انها ”كأنك مبتدئ أنهى تدريبه؟ وهل تحررت 
من المدارس؟ لا أريدك أن تفتقر إلى النضج“. 

”بل تحررت تمامًا. وفى الوقت المناسب ألتحق بخدمة الحكومة كاتيًا...“ 

”لا كمقاتل. هذا جميل". 

"لكت كنت أوال للتجوال ناف .ومن كر نان عناه سن يشوك لنتك: بهذ 
الأياه؟” وقد أضاف العبارة الأخيرة: مدركا حرج موقفه. 

"كثيرًا جدًا ما أتسول لنفسى. ولكنى كما تعرف نادرًا ما أكون هناء إلا 





ا 





سيرا على قدمىّ أو بالقطار. إنها بلد كبيرة رائعة! وأما هنا حين أستريح 
فكأننى فى التيبت» موطنى” . 

وهال تميورة ف : الستمعة السهوىة التكلنفة انعا هما" شنهدة فالوساةة 
التتكتكة كان متها لف نوكاق مكلن :الث قصناة عليها ‏ واضكا ماقا فتنوق 
الأخرى على هيئة بوذا الذى انتهى من التأملات» وكانت أمامه منضدة سوداء 
من خشب "التيك* الصلبء لا يزيد ارتفاعها عن نصف مترء وعليها فناجين 
شاى نحاسية. وكان يقوم فى الركن هيكل عبادة صغيرء أيضًا من خشب التيك 
الزاخر بالنقوش؛» ومن فوقه رسم مزركش بحواف ذهبية للبوذا جالسًا وأمامه 
مصباحء ومبخرة» وزوج من أصص الزهور. 

”الأمين على الصور فى بيت العجائب اكتسب الامتياز بإهدائى هذه منذ 
عام واحد“ - وكان يتابع نظرات كيم فى الأشياء» ثم أضاف ”عندما يكون 
المرء بعيدًا عن وطنه فإن هذه الأشياء تذكره بالوطن. ولابد لنا مسن تبجيل 
المولى لأنه هدانا إلى الطريق. انظر؟“ وأشار إلى كومة عجيبة البنيان من 
الأرز الملون تكذّلها حلية زخرفية معدنية بالغة الغرابة. ”عندما كنت رئيمنا 
للدير فى موطنى الأصلىء وقبل وصولى إلى المعرفة الفضلّى» كنت أقدم ذلك 
القربان يوميًا. إنه التضحية بالدنيا فى سبيل المولى. وهكذا نقوم نحن جميعما 
من أهل التيبت بتقديم الدنيا كلها يوميًا إلى القانون الممتاز. ولا أزال أفعل ذلك 
حتى الآن» وإن كنت أعرف أن الواحد الممتاز يتجاوز كل أنواع المضايقة 
وز اماظن ابو قلق الممفووط م انق 

وتقص كين قاكلذ "انيف ادها الزناني" كد .قاضن ديلا فى 'إحدى الريائد 
وقد غمرته السعادة وشعر بالتعب. 

وضحك العجوز ضحكة مكتومة وقال "كما إننى 'أكتب صورً' لعجلة 
العواة: :كل تالاقة إراى سوون ذن كنك نفيمها قر ذلك أو زيما متشي عي 
قليلاء عندما جاءونى بنبأ قدومك. جميل أن تصحبنى هناء سوف أريك فنىء لا 


515 





من أجل الفخرء بل لأنك لابد أن تتعلم. لا يلم السادة بأطراف الحكمة كلها فى 
هذه الدنيا". 


وسحب من تحت المنضدة صفحة من الورق الصينى ذى الرائحة الغريية: 
'والفراجين :ومحبرة هندية: كان قد:رسم الخطوظ الرئيسية الضارمة الضافية 
للعجلة الكبرى» بأسلاكها الستة التى تشدها إلى المركز الذى يشتبك فيه 
الخنزير والثعبان والحمامة (الجهل والغضب والشهوة) وأما أقسامه فيشير كل 
منها إلى الجنة وإلى النار وإلى جميع الفرص المتاحة فى حياة الإنسان. ويقول 
الناس إن بوذا نفسه كان قد رسمها مستخدمًا حبات الأرز أول الأمرء فوق 
التراب» حتى يعلم تلاميذه سبب الأشياء. وأدت عصور كثيرة إلى بلورتها فى 
صورة أحد الأشكال التقليدية البالغة الروعة الزاخرة بالأشكال الصغيرة الى 
يدل كل خط فيها على معنى محدد. ولا يستطيع ترجمة الأمثال الرمزية 
المصورة إلا أقل القليل؛ ولا يوجد فى العالم كله من يستطيع رسمها دون 
نسخها من صورة سابقة إلا عشرونء وأما من يستطيع أن يرسم ويشرح فلا 
يزيد عددهم عن ثلاثة من هؤلاء. 

وقال كي "تلوف قن ارس الع كط هن بولكن هذه ا عكوينة فا يونا 
أعجوبة". ظ 

فقال اللاما "لقد امنتغرقت كتابتها سنوات عديدة. وقد كنت يومًا أستطيع 
مواصلة العمل فيها ما بين موعد إشعال المصابيح والذى يليه. سوف أعلمك 
ذلك الننه يعد الاسكعذ اذ «اللأرر لووك أظلعك. على سكن العيلة»: 

وى للقهوال ا 

"إلى الترحال وإلى بحثنا. لم أكن أنتظر إلا قدومك. وقد شرح ذلك 
بوضوح لى فى مائة حلم من الأحلام؛ خصوصنا ما رأيته فى المنام ليلة أول 
يوم أبصر فيه أبواب التعليم تغلق» أى إننى من غيرك لن أعثشر أبذدا على 
نهر ركنت المرة بقد المن؟ انض ذلك عن دشي كقية أن يكران رهمكا : 
ولهذا لم أصحبك معى فى اليوم الذى قابلتك فيه فى لوكناوء عندما أكلنا 
571 








مغأمرات صبى 


ش 000 
قطعت من مسافات ما بين التلال والبحرء وما بين البحر والتلال» لكن ذلك 

كان عبثًا. ثم تذكرت الحكاية البوذية الحكيمة“. 

وقص على كيم حكاية الفيل ذى الحلقة الحديدية» كما قصها عدة مرات 

وانتهى بأن قال فى هدوء ”لا حاجة إلى شهادة أخرى. لقد أُرميلت عونا 
لى»؛ فلما حرمت أنا من العون» لم يؤد بحثى إلى شىء. وهكذا سوف نخرج 
معًا من جديد» وثمرة بحثنا مؤكدة . 

"وأين نذهب؟". 


”وهل يهم ذلك يا صديقى العالم كله؟ نتيجة البحث كما قلت مؤكدة. إن 
دعت الحاجة انبجس النهر من الأرض أمامنا. إننى حققت امتياز! عندما 
أرسلتك إلى أبواب العلم» وأعطيتك جوهرة هى الحكمة. وقد رَجَعْت: كما أرى 
الآن» تابعا للطبيب ساكيا مونىء الذى تكثر هياكله فى التيبت. هذا يكفى. فنحن 
معاء وكل شىء كما كان» يا صديق العالم كله؛» يا صديق النجوم»؛ وتلميذى!” 

ثم تكلما عن الشئون الدنيوية» ولكن كيم لاحظ أن اللاما لم يطلب معرفة 
أى تفاصيل عن الحياة فى مدرسة القديس خاثييرء ولا أبدى أدنى اهتمام 
بمعرفة أخلاق وعادات السادة. كان ذهنه يجوب أقطار الماضى وحدهء فأعاد 
إحياء كل خطوة من خطوات أولى رحلاتهما معاء وهو يفرك يديه ويقهقه. 
حتى حلا له أن يتكور عندما جاءه وَسَنُ الشيوخ المفاجئ. 

وظل كيم يتطلع إلى آخر شعاع من أشعة الشمس المتربة وهو يخبو فى 
المبنى؛ وأصابعه تلهو بالخنجر والمسبحة. وتصاعد صخب مدينة بيناريس» 
أقدم جميع مدن الأرض القظى دومًا أمام الأربابء ليلا ونهاراء وجعل 
الصخب يصك الجدران كأنه هدير البحر عند انكسار الموج. وكان أحد كهان 
الجانية يمر من وقت لآخر عابرا المبنى حاملاً قربانا صغير! إلى الصورء 








را 


ويكنس الطريق أمامه خشية أن يحرم كائنا حيّا من حياته (إذ إن الجانية 
تبجل جميع صور الحياة» والكنس يجعله يتجنب قتل حشرة من الحشرات). 
وتلل ضوء أحد المصابيح؛ ثم سمع كيم صوت صلاة: فأخذ يرقب النجوم 
وهى تشرق نجما من بعد نجم فى الظلام الساجى اللزج حتى غلبه النعاس فنام 
عند قاعدة أحد الهياكل. كانت أحلامه تلك الليلة باللغة الهندوستانية» من دون 
كلمة انجليزية واحدة... 

وفى نحو الثالثة صباحًا قال كيم ”أيها الربانى! لا تنس الطفل الذى 
أعطيناه الدواء!“ حين شاهد اللاما الذى استيقظ من أحلامه أيضا يتهيأ للخروج 
والانطلاق. وأضاف كيم "سوف يحضر الفلاح إلينا عندما يطلع نور الصباح”“. 

فجلس اللاما على الوسائد وعاد إلى مسبحته وهو يقول “خير إجابة! كنت 
أوشك فى لهفتى على ارتكاب خطأ“. ثم أضاف بنبرات حزينة "العجائز مثل 
الأطفال قطعًا. فإذا أرادوا شيئًا فلابد أن ينالوه على الفور وإلا اضطربوا 
وبكوا! كم من مرة وأنا أسير فى الطريق ضربت الأرض بقدمى بسبب 
اعتراض عربة تجرها الثيران لى» أو بسبب سحابة من الغبار وحسب. لم يكن 
شأنى كذلك عندما كنت شابّاء من زمن طويل جدًا. ومع ذلكء. فمن الخطمأ 


ا 
"ولكنك عجوز فعلا أيها الربانى“. 
"قضيى الأمر. وُضيع فى الدنيا سبب. وسواء كان المرء شيخا أو شاباء 
مريضنًا أو صحيح البدن» عالمًا أو جاهلاء فمن ذا الذى يستطيع السيطرة على 
نتيجة ذلك السبب؟ هل تتوقف العجلة إذا أدارها طفل أو سكران؟ اسمع يا 
تلميذىء هذه دنيا كبيرة فظيعة . 


وتثاءب كيم وقال "أراها حسنة. هل لديك طعام؟ لم آكل منذ مساء أمس". 
"تسوت حاحتك: لذينا هنا قاف لذية من الفبية و أرف نان“ 
لاز تطدٍ أل م وفى البطن هذا وحده . وشعر كيم بكل اشتهاء 


5116 








الأوروبى إلى اللحمء وهو ما لا يتاح فى معبد جانى. لكنه لم يخرج بقصعة 
التسول فى تلك اللحظة بل أسكن جوعه ببعض الأرز البارد حتى مطلع الفجر. 
وجاء الفجر بالفلاح الذى انطلق لسانه وأخذ يتهته معربًا عن امتنانه. 

صاح قائلاً "فى الليل انحسرت الحمى وتصبب العرق. تحسسه هنا! 
بشرته نضرة جديدة! لقد أحب الأقراص المالحة وشرب اللبن بنهم“. وسحب 
الوشاح من فوق وجه الطفل فابتسم فيما يشبه النعاس لكيم. واجتمعت “عقدةة' 
صغيرة من كهنة الجسانية عند باب المعبد فى صمت وإن كانت عيونهم 
تراقب ما يحدث بدقة. كانوا يعرفون» وكان كيم يعرف أنهم يعرفونء كيف 
التقى الرجل العجوز بتلميذه. ولما كانوا فئة مهذبة فإنهم لم يقحموا أنفسهم أثناء 
الليل لا بالحضور ولا بالكلام ولا بالإيماء. ومن ثم منَدّدَ كيم دَيْنه لهم عند 
شروق الشمس. 

فلكي *اشكرة أزباب: الدسماتييق نا" الى "اقلم يك يعرافك أسماء تلبات 
الأزباب ثم أزدف قاتلا "انحسوت الحمى فعلا": 

وقال اللاما ”أبصروا! انظروا!” وابتسم بسمة عريضة لمضيفيه فى 
السنوات الثلاث المنصرمة؛ وأضاف ”هل شهدتم من قبل مثل هذا التلميذ؟ إنه 
يتبع مولانا الشافى". 

والمعروف أن الجانيين يعترفون رسميًا بجميع أرباب العقيدة 
الهندوسية» وكذلك بالثعبان وبما يسمى 'لينجام'» وهو القضيب المصنوع عادة 
من الحجرء رمز الرب "شيفا'. رب الخلق. وكل منهم يضع حول رقبته. 
مثل البراهيمنيين» الخيط المميز للطائفة» ويستمسكون بكل ما ينص عليه قانون 
الطوائف. ولكنهم تمتموا معلنين رضاهم لأنهم كانوا يعرفون اللاما ويحبونه. 
ولأنه كان شيخا كبيراء ولأنه كان ينشد الطريقء ولأنه كان ضيفهمء ولأنه كان 

يسهر الليل فى المناقشات مع رئيس الكهنة»ء باعتباره مفكرا! ميتافيزيقيًا خرًا 

59 فى تفتيق تفتيق الحجج. 

وانحنى كيم فوق الطفل وقال ”تذكر! ربما يعود هذا الكدر مرة أخرى”. 


5 








وقال أبوه ”فإذا كانت لديك الآن التعويذة الصحيحة...". 

”لكننا سوف نرحل بعد قليل“. 

وقال اللاما إلى الجانيين ”هذا صحيح. نمضى الآن إلى البحث الذى 
توت عقيو عنة. كنت انتظر حكن يبلغ ‏ تلميديئ أشذه: وانظحووا النعه الآن! 
سوف نتجه شمالا. لن أنظر أبدًا بعد الآن إلى مكان راحتى هذاء يا ذوى النوايا 
الطيبة“. 


اوضن التزازن ع ضالها ورين مالل قلتي زيم سه 1 

وهتف أحد الكهنة ”اسكت. لا تزعج الرجل الربانى”. 

وهمس كيم قائلاً ”اذهب الآن. وقابلنا تحت جسر السكة الحديدية الكبييرء 
ومن أجل جميع أرباب البنجاب أحضر الطعام: الكقارىء والبقول 
والفطائر المقلية فى الدهن؛ والحلوى. وخصوصا الحلوى. أسرع!“. 

ا 
الفارعة» وبدنه النحيفء. فى أثوابه الفضفاضة الدكناء» واضعًا إحدى يديه على 
المسبحة واليد الأخرى فى وضع منح البركة؛ وهو الذي نقله نقلا صادقا من 
اللاما. وقد يقول الإنجليز إذا شاهدوه إنه يشبه كاهنا شابًا مُصَوّرا فى الزجاج 
الملون بنوافذ الكنائس» وإن لم يكن إلا يافعًا ما زال ينمو وقد خارت قواه 
جوعًا. ّْ 

كانت شعائر الوداع طويلة رسمية؛ انتهت ثلاث مرات وتجددت ثلاث 
مرات. ولم يشارك فيها الباحث الذى كان قد دعا اللاما إلى ذلك المأوى من 
التيبت القصية ‏ وهو زاهد ذو وجه فضى أصلع الرأس ‏ بل استغرق فى 
تأملاته» كحاله دائمّاء بين الصور. وأما الآخرون فقد تجلت نزعاتهم البشرية 
الصادقة؛ فألحوا على الرجل حتى يقبّل هداياهم الصغيرة - صندوق لوزء 
وعلبة أقلام حديدية جديدة» وحقيبة طعام» وأمثال ذلك - وجعلوا يحذرونه من 
أخطار العالم الخارجىء ويتنبؤون بخاتمة سعيدة للبحث. وكان كيم فى أثناء 


5ظ١‎ 








ذلك يزداد شعوره بالوحدة» فجلس القرفصاء على الدرج» وجعل يسب نفسه 
بلغة مدرسة القديس خافئيير. 

وانتهى بأن قال فى نفسه "إنها غلطتى أنا. فعندما كنت مع محبوب» كنت 
آكل خبز محبوبء أو خبز السيد لورجان» وفى مدرسة القديس خاقيير ثلاث 
وجبات يوميًا. وأما هنا فلابد فعلا أن أعتمد على نفسى. أضف إلى ذلك أننى 
لا أتدرب التدريب الناجع. من لى بطبق من اللحم البقرى الآن!... هل انتهيت 
أيها الرجل الربانى؟". 

ورفع اللاما يديه معا وردد كلمات 'مباركة' ختامية منغومة بلغة صينية 
مزخرفة ثم قال "لابد أن أتكئ على كتفك" والمعبد يغلق أبوابه» مضيفا ”أظضن 
أن عضلاتئنا تصلبت”". 

لم يكن من اليسير تحمل ثقل رجل طوله ١8١‏ سم والسير به أميالا فى 
الشوارع المزدحمة؛ كما كان كيم مُحَمّلا بلفائف وحزم وضع فيها ما يلزم 
المصين وقفتن المتعداءعندما صملا 'الن ظل :حشر السكة الحديذية: 

وقال كيم بحسم قاطع "سنأكل هنا“ عندما لاح ابن طائفة كامبوه مقبلا فى 
ثوب أزرق» وعلى شفتيه ابتسامة؛ فى إحدى يديه سلة» وفى اليد الأخرى 

وصاح من مسافة خمسين مترا "هيا يا ربانيّان!”» وكانا يقفان فى مكان 
منخفض تحت القسم الأول من الجسر بعيدًا عن عيون الكهنة الجائعين. 
فأضاف قائلاً ”أرز وكارى لذيذء وفطائر ساخئنة معطرة بالراتنج» واللبن 
الرائب والسكر“. وخاطب صغيره قائلاً ”يا ملك حقولى! فلنثبت لهذين 
الربائيين أنناء فلاحى ج ولندرء نستطيع دفع ثمن الخدمات... سمعت أن 
الجانيين لا يتناولون طعامًا لم يطبخوه بأيديهم» ولكن بالحق” وألقى بنظره 
بعيدًا وبأدب على النهر العريض واستأنف عبارته ”إن غابت العيون غاب 
التمييز بين الطوائف”. 


5 








وقال كيم وهو يدير ظهره ويملاً نصف طبق للاما ”وأما نحن فنتجاوز كل 
الططؤافقت”: 

وجعلا يلتهمان الطعام اللذيذ فى صمت. ولم يدرك كيم؛ حتى لعق أآأخر 
آثار الحلوى اللزجة من خنصره. أن الفلاح كان أيضنًا قد تهيأ للرحيل. 

وقال بأسلوب فظ ”إذا كان طريقنا واحذا فسآتى معكما. يندر أن يصادف 
المرء صانع معجزات, والطفل لايزال واهنا. لكننى لست قصبة لينة“ والتقط 
هراوته - وكانت من الخيزران الصلب وتزيد على متر ونصف طولا وبها 
. حلقات ثابتة من الحديد المصقول - ورفعها فى الهواء.ء مضيفا "يقال إن 
فلاحى الشمال مولعون بالشجارء ولكن هذا غير صحيح. بل نحن مثل 
جواميسنا إلا إذا عارضنا أحد“. 

وقال كيم "فليكن. العصا الصلبة منطق مقنع". 

وجعل اللاما يتطلع فى هدوء إلى أعلى النهرء حيث كانت أعمدة الدخان 
المتصلة مطموسة على البعد وهى تتصاعد من محارق جثث الموتى على 
ضفة النهر (حيث يحرق الهندوس جثث موتاهم ويبعثرون الرماد فى النهر 
المقدس). وبين الفينة والفينة كان يطفو جزء من جثة لم يكتمل إحراقها بعد أن 
جرفها التيار العاتى» على الرغم من جميع ما تنص عليه نظم البلدية ولوائحها.. 

وقال ابن طائفة كمبوه وهو يضم طفله إلى صدره الغزير الشعر "لولاك 
لكنت ذهبت اليوم إلى هناك؛ مع هذا الصغير. يقول الكهنة لنا إن بيناريس 
مذيقة مقدفنة اوهو اما له يتشتكك: أحد:قيه:ت وإنه تبكفت للوفاة فيها : لكند الا 
أعرف أربابهم» كما إنهم يطلبون المال» وعندما يقوم المرء بالصلاة ييبرز 
كأمن خليق: الرآنن:ويعلف إنها انود :بناتنذة إلا [ذ1 قاد بالتصلاة مسرة 
أخرى.اغتسل هنا! اغتسل هناك! صب الماء» اشرب الماءء اغتسلء انشر 
الأزهار... ولكن دائمًا ادفع للكهنة. كلا! أنا أفضل البينجابء ومكان 
التقاء النهرين فى جولندر أجود الأراضى“". 





ولهدى الما ركد الاك مراك ضري - فى المعبد على ما أظن - إننا إذا 
قصدنا الشمال فسوف ينفتح النهر 5 تدك أقذافنا وكا نكحه همالا أنكن مكانا 
بهيجًا تحيط به أشجار الفاكهة» حيث يستطيع المرء أن يمشى ويتأمل. والهواء 
أبرد أيضاء فهو يهب من الجبال ومن ثلوج الجبال”. 

وقال كيم "ما اسمه؟ . 

"أنى لى أن أعرف؟ ألم تقل أنت... لا! كان ذلك بعد أن هب الجيش من 
الأرض وذهب بك. كنت أقيم هناك للتأمل فى غرفة مقابلة لبرج الحمام.ء إلا 
حين كانت المرأة تتكلم دون توقف”“. 

وكتبيدك كين قاكلة "أرغصو ١:‏ اتججرأة يله كرو المكان ترم سين 
سهارنيور. 

وسأل الفلاح بنبرات حذرة "كيف تَحَرَكٌ الروحٌ أستاذك؟ هل يذهب مشي 
على الأقدام تكفيرًا عن خطايا سالفة؟ نحن أبعد ما تكون عن دلهى”. 

وقال كيم ”لا! سوف أتسول للحصول على تذكرة القطار“. فالمرء لا 
يصرح بامتلاك النقود فى الهند. 

"أستحلفكما إذن باسم الأرباب فلنركب العربة النارية (أى القطار). فأفضل 
يكن وى لي اعمان امد ل لح 0 

تقدم لنا شينًا حسنا أوحدء وهو القطار الذى يصل الأصدقاء بتعضهم ببعض 
ركد بنذ المليوقيق: شىء رائع هذا القطار". 

وتكدسوا جميعا فيه بعد ساعتينء وناموا فترة اشتداد حر النهار. وجعل 
ابن طائفة كمبوه يمطر كيم بعشرة آلاف سؤال عن اللاما وعمبا يحترفه أو 
يفعله فى الدنياء وتلقى بعض الإجابات الغريبة. وكان كيم قانعًا بمعرفة الأمكنة 
التى يمرون بها وبالتطلع إلى مشهد الأراضى المنبسطة فى الشمال الغربى؛ 
وبالحديث مع الجماعات المتغيرة من رفقاء السفر. ولا تزال مسألة التذاكرء 
وقيام الكمسارى بقطعهاء تمثل للفلاحين الهنود ضربا من القهر الغامض حتى 


16 








اليوم. فهم لا يفهمون لماذا يقوم بعض الأغراب بقطع أجزاء كبيرة من 
'التعويذة' بعد أن دفعوا ثمن شراء هذه القطعة السحرية من الورق. وهكذا فإن 
المناظرات بين المسافرين والكمسارية الأوراسيين تطول وتتسم بفورات 
الغضب. وتدخل كيم فى بعض المناظرات بتقديم النصيحة بنبرات جادة قصد 
بها التعتيم على القضية واستعراض حكمته أمام اللاما وابن طائفة الكمبوه 
المبهور به. ولكن الأقدار أرسلت له فى محطة 'سومنا رود' أمرًا شغل 
تفكيره؛ إذ دخل المقصورة, والقطار يوشك على التحرك» شخص نحيف قمئ 
ضئيل الجرمء من طائفة مهراتا (وهى طائفة هندوسية من غربى الهند) حسبما 
استطاع كيم أن يحدس من ربطة العمامة المُحكمة. كان فى وجهه جرح وكان 
قميصه المنسوج من الشاش ممزقا تمزيقا شديداء وعلى إحدى ساقيه ضمادات. 
وقال لهم إن عربة ريفية انقلبت وكادت تقتله» وإنه ذاهب الآن إلى دلهى حيث 
يقيم ابنه. وأنعم كيم النظر إليه. لو كان كما يزعم قد انقلب عدة مرات فى 
الأرض لظهرت على جلده آثار خدوش من الحصى. ولكن جروحه جميعًا 
كانت فيما يبدو 'نظيفة“؛ ومجرد السقوط من العربة من المحال أن يبث فى 
النفس الرعب الشديد الذى يبدو على الرجل» وعندما أخذ الرجل بيدين 
مرتعشتين يربط ما انشق من ملبسه حول الرقبة كشف عن تميمة حولها مسن 
النوع الذى يسمى تميمة 'رفع الروح المعنوية“. كانت التمائم شائعة بلا شك. 
اكنها تصيفة اعانة لا نحا قن سلاك قضانيى .شقان كاذاك ريض قاوسا اقول 
التمائم التى تتضمن المينا السوداء فوق الفضة. ولم يكن فى المقصورة غيرهما 
سوى الفلاح واللاماء وكانت المقصورة لحسن الحظ من النوع القديم ذى 
الجدران السميكة الصلبة. وتظاهر كيم بأنه يحك صدره وفى غضون ذلك رفع 
تميمته. وما إن رآها المهراتا حتى تغير تعبير وجهه تمامًا وَعمَّدَ إلى إظهار 
تميمته بوضوح على صدره. 

وواصل المهراتا حديثه إلى الفلاح قاتلا ”نعم؛ كنت فى عجلة من أمرى؛ 
والعربة كان يقودها ابن فاعلة حشر إحدى عجلاتها فى أخدود شقته المياهء 





ان 





وإلى جانب الإصابات التى لحقت بى فقدت فى الحادث طبقا كاملاً مسن 
'التركيان“. كنت ابن التميمة [سعيد الحظ] فى ذلك اليوه“. 

وقال الفلدح وقد أنحسر اهتمامه "خسارة كبيرة". كانت خبرته بمدينة 
بيتازيسن قد جعلتة شكاكا : 

وقال كيم "ومن طبخه؟”. 

ورفع المهراتا عينيه قائلا ”امرأة". 

فقال الفلدح "ولكن كل النساء يطبخن التركيان. إنه كارى لذيذء حسبما 
اعرف . 

فقال المهراتا نعم كارى جميل . 

فقال كيم "ورخيص. ولكن ما شأن الطائفة؟“ 

وأجاب المهراتا ”لا دخل للطائفة عندما يذهب الرجال... للبحث عن 
التركيان” محافظا على الإيقاع المنصوص عليه. ثم سأل كيم ”في خدمة من 
أنت ؟* ْ 

وقال كيم ”فى خدمة هذا الربانى” مشير! إلى اللاما السعيد الذى يغالب 
النوم» وإن كان قد انتبه وانتفض عند سماع الكلمة التى يحبهاء قائلا: 

"آم أَرسْطلتّه العنماء لمساعدتق وأسمه ضديق: العالم كلة::وتتؤاعى: أينضنا 
صديق النجوم. وهو يمشى باعتباره طبيبّاء بعد أن حان موعده. ما أعظم 

. 2 3 

وقال كيم بصوت خفيض "وابن التميمة“» عندما أسرع الفلاح بإعداد 
غليون خشية أن يتسول منه المهراتا. 

وسأل المهراتا "ومن هذا؟” وهو يلقى نظرة من طرف عينه بعصبية. 

"رجل شفيت أنا - بل شفينا نحن ابنه» وهو يدين لنا بدين كبير. قم فاجلس 
بجوار النافذة» يا من تنتمى إلى جولندور. فهنا شخص مريض . 
55 








"بترئحى! لا رغبة عندى أنا أن أختلط بعاطلين قابلتهم مصادفة! ليست لى 
آذان طويلة. ولست أنا بالمرأة التى ترغب فى استراق السمع للأسرار. وقام 
الفلاح بتثاقل وانتقل إلى ركن قصيى. 

وصاح المهراتاء مستغلاً إشارة كيم إلى أنه مريض ”هل لديك أية خبرة 
بالعلاج؟ إنى وقعت فى كارثة عمقها عشرة فراسخ . 

وهتف كيم قائلاً “هذا الرجل مصاب بجروح وكدمات فى كل مكان 
بجسمه. سأحاول أن أشفيه. لم يتدخل أحد بين الطفل وبينى”. 

وقال لاد بر اميدق ق اللوم. إنى مدين لك بحياة ولدى. أنت 
صانع معجزاتء وأنا واثق“ 

وانحنى كيم على رقبة المهراتا قائلاً "أرنى جروحك“. كانت دقات قلبه 
تكاد تخنقه؛ فلقد كانت هذه هى اللعبة الكبرى على أشدّها. وأضاف "والآن: 
قصّ علىَ قصتك يا أخى ريثما أقرأ تعويذة". 

"أتيت من الجنوب؛ حيث مقر عملى. قتلوا واحذا مِنا على جانب الطريق. 
هل سمعت؟” وهز كيم رأسه. فلم يكن بطبيعة الحال يعرف أى شىء عن سلف 
أ-7: الذى قتل فى مكان ما بالجنوب وهو يرتدى زى تاجر عربى. وقال 
المهراتا “ونا أن عكرت على خطاب معيق كنت ارات اللبحة عنه للقت 
فررت من المدينة وأَهْرَعْت إلى بلدة 'مهاو* (بين دلهى وبومباى). كنت واثقا 
كل الثقة أن أحذا لا يعرف بأمرى فلم أغيّر مظهر وجهى. وعندما وصلت إلى 
'مهاو' اتهمتنى نى امرأة بسرقة مجوهرات فى البلدة التى غادرتها. ثم رأيت أننى 
أصبحت مطلوبًا مُطَارَدَا ففرت من 'مهاو' ليلا بعد أن رشوت رجال الشرطة 
الذين كانوا قد تلقوا الرّشا من قبل لتسليمى دون استجواب إلى أعدائى فى 
الجنوب. ثم اختبات فى مدينة شيتور القديمة (إلى الغرب من مدراس) على 
هيئة تائب لجأ إلى المعبدء لكننى لم أستطع التخلص من الخطاب الذى كان فى 
عهدتى. وهكذا دفنته تحت حَجَر الملكة فى شيتور فى البقعة المعروفة لنا 


- 





با ؟ 





ولم يكن كيم يعرفهاء لكنه لم يكن ليقطع حبل القصة ولو أوتى الدنيا وما 
فيها. 
”لاحظ أننى عندما دخلت شيتور دخلت أراضى الملوكء إذ إن بلدة كوته 
التى تقع شرقيها خارج حدود سلطة قانون الملكة» ومن بعدها شرقا مدينة 
جاييور (عاصمة ولاية راجيوتانا) وجواليور (جنوبى أجرا) لكننى 
تسللت من مدينة باندا (جنوبى أجرا) حيث سمعت بوجود تهمة ضدى بأننى 
فكات تمر جا خبةااف ‏ الذك :القن كانذوكها رقتل:طنمى» كانو [ قد اعدو البحقة 
والشهود فى انتظارى . 

"لكن ألا يمكن أن تحميك الحكومة؟". 

"تمق نا اندي «اللعنة ك1 روج تلاق :الكينانة كان لحا لحمو تفط 
أسماؤنا من السجل - وينتهى الأمر! وفى بلدة بانداء حيث يعيش واحد مناء 
خطر لى أن أضلل من يقتفون أثرى بتغيير مظهر وجهىء وهكذا حولت نفسى 
إلى مهراتا. ثم أتيت إلى أجرا (على نهر الجانجيز» جنوب غربى دلهى) 
وأردت العودة لاسترجاع خطابى. كنت واثقا ثقة تامة أننى ضللتهم. ولهذا لم 
أرسل برقية إلى أى أحد بمكان الخطابء إذ أردت أن يُنسَب الفضل لى 


م 


وحدى . 

"ولكن بينما كنت أسير فى أحد شوارع أجرا إذا برجل يصيح مطالبًا بين 
أدين له به» مصطحبًا شهودًا كثيرين ومصرا على تقديمى للمحاكمة فى التو 
واللحظة. ما أمهرهم فى الجنوب! وقال إنه تعرف على باعتبارى وكيلاً له فى 

”وهل كنت وكيله؟”. 

"بالتحمق! كنت الرجل الذئ يطليوتة فى مسألة اتخطاب! اتطلقت قسفكلت 
شادر الجزارين وخرجت من بيت اليهودىء الذى كان يخشى إثارة الشغب 


١ 








وظل يدفعنى حتى خرجت. وسرت على قدمى إلى "سومنا رود»ء إذ لم تكن 
نقودى تكفى غير تذكرة إلى دلهىء؛ وهناكء بينما كنت راقدا فى حفرة وأثسعر 
بالحمى» إذا بشخص يثب من بين الشجيرات ويضربنى ويجرحنى ويفتشنى 
من ناصية رأسى إلى أخمص قدمى. وكان ذلك على مسمع من القطار!“. 

"ولماذا لم يقتلك على الفور؟". 

الفدر تشقن الى هذ ا انهه 11101 قطن عر اف دلو تا هق بوهسة 
المحامين؛ وبتهمة القتل الثابتة» فسوف يُسلَمُ جسدى إلى الولاية التسى تريده 
فأعود تحت الحراسة؛ وأموت موتا بطيئًا حتى أكون عبرة لباقى أفرادنا. ليس 
الجنوب بلدىء فأنا أسير فى دوائر كالجَذى الأعور. لم أذق طعامًا منذ يومين. 
أناابموضيوة ث انين الحهاذة القذرة على ساق فافلا "تحيقة يعوفوق: أننى فى 
دلي ١‏ 

”أنت آمن فى القطار على الأقل“. 

"إن قدّر لك أن تعيش عامًا واحدًا فى هذه اللعبة الكبيرة فلن تعود إلى قول 
ذلك! لسوف تنهال البرقيات ضدى فى دلهى» واصفة كل ما يسترنى من 
الثياب البالية. وسيبرز عشرونء بل مائة إذا لزم الأمرء للشهادة بأنهم رأونى 
أقتل ذلك الصبى. ولن تكون لك فائدة!“. 

كان كيم يعرف من أساليب أهل البلد فى الهجوم ما يكفى للثقة بأن أركان 
القضية سوف تكتمل» حتى بالنسبة للجثة. وكانت أصابع المهراتا تنتفض ألما 
من حين لآخر. 

وأخذ الفلاح يحملق فيهما بوجه مكفهرء واللاما مشغول بمسبحته» وكان 
كيم أثناء ذلك يواصل تظاهره بفحص رقبة الرجل بأسلوب الأطباءء ويدبر 
خطنه انين التعاوية الك يرقدها: 


"ألديك من السحر ما يصلح لتغيير شكلى؟ هذا وإلا متء إن ظللت وحدى 


5١48 








خمس دقائق أو عشرء ولولا أننى تحت ضغط شديد.... أقصد حتى أتمكن 
3 

وقال الفلاح بنبرات الغيرة "ألم تَشفْه بعد يا صانع المعجزات؟ لقد ترئمت 
بالتعاويذ وقتا كافيّا". 

فقال كيم *لا! لا يوجد علاج لجروحه؛ فى نظرى؛ إلا أن يظل ثلاثة أيام 
فى أردية كاهن"“. وهذا تكفير شائع عن الذنوبء كثيرا ما يأمرْ التاجر السمين 
به مُعلَمُهُ الروحى. 

ورد الفلاح قائلاً "الكاهن يحاول دائمًا تحويل شخص آخر إلى كاهن". 
كان ابن طائفة كمبوه؛ مثل معظم من يؤمنون بالخرافات إيمانا راسخاء لا 
يستطيع منع لسانه من السخرية بالكنيسة. 

"وهل سيصبح ابنك كاهنا إذن؟ حان موعد جرعة أخرى من الكوينين". 

ومَسّ كيم بطرف أصبع ينضح بالمرارة شفتى الطفل الواثقتين فيه وقال 
بلهجة صارمة إلى الوالد ”لم أطلب شيئًا سوى الطعام. هل تستكثر ذلك على؟ 

ورفع الرجل يديه الضخمتين فى توسل قائلاً ”لالا! لا تسخر هكذا منى!“. 

"يسرنى أن أشفى هذا الرجل. وسوف تكسب امتيازًا بمساعدتى. ما لون 
الرماد فى غليونك؟ أبيض. هذا يبشر بالخير. هل بين أغذيتك كركم أصفر 
طازج؟ . 

"أن أنا* 

"افتح رد لتاى ل 


كانت فيها المجموعة المعهودة من 'الكر اكيب' مثل قطع القماش» وأدوية 
الدجالين» والهدايا الرخيصة؛ وكيس ملئ بما يسمى ”أطا'. وهو دقيق بلدى 





,هك 





رمادى اللون خشن الحبوب» وبعض التبغ غير الراقى»؛ وجذوع غلايين 
وجدل' كي كقادها «مصيظنها تعن لك الساكن. "التتطلى» الاككون مكصتا تقاضو 
إسلامية. 


وافسن إلى اللآنا قائلذ "هذه حكمة تفلمتها من الشاده .ولع يكن نقول غيق 
الحق حين يذكر المرء التدريب الذى تلقاه على يدى لورجان. وأضاف ”فى 
طالع هذا الرجل شر عظيمء بينته النجوم لى: وهو يضنيه. هل أزيله؟". 

"يا صديق النجوم! لقد أحسنت فى كل ما فعلت. افعل ما يحلو لك. شفاء 
آخر؟” وشهق المهراتا صائحًا ”أسرع! أسرع! قد يتوقف القطار“". 

وقال كيم “شفاء فى ظل الموت”. وجعل يمرج دقيق الفلدح برماد الفحهم 
والتبغ فى قاعدة الغليون ذات اللون الطوبى الأحمر. وأما أ-7 فلم يتفوه قط 
بل خلع عمامته؛ وهز رأسه فتهدّل شعره الأسود الطويل. 

وغمغم الفلاح ”هذا طعامى... أيها الكاهن“. 

فصاح كيم "جاموس فى المعبد! هل تجاسرت حتى تنظر فترى ذلك؟ كتب 
على أن أمارس الأسرار أمام الحمقى» ولكن احرص على عينيك. هل تعلوهما 
الآن غشاوة؟ أنقذت طفلكء وفى مقابل هذا تقوم ب... عار عليك!“ وأجفل 
الورجل أمام: نظر اك :كيح الكادة: [ذ كان بجاذا كل انكف "هل السك أن ترم 
والتقط الغطاء الخارجى للربطة وألقاه فوق الرأس المنحنية قائلاً ”إذا جرؤت 
غلى أن تخظر ببالك رغبة فى المشاهدق فلا... لا نجاة لك: ختى على ينذئ! 
اجلس! اخرس!”. 

"أنا أعمى... أبكم. تجنب اللعن! تعال» تعال يا طفلى» سنلعب الاستغماية. 
أرجوك. من أجلى» ألا تنظر من تحت الغطاء". 

وقال أ- 7١‏ "ألمح الأمل. ما خطتك؟". 





وقال كيم ”هذه هى الخطوة التالية“ وهو ينزع فائلة الرجل الخفيفة. وتردد 
م قليلاً إذ كان مثل أبناء الشمال الغربى يكره تعرية جسده. 

وقال كيم وهو يعريه حتى الوسط "ألا يضحى المرء بطائفته فى سبيل 
إنقاذ عنقه؟ لابد أن نجعلك من طائفة ساذو الصفراء كلك! اخلع ملابسك» 
اخلعها بسرعة وبعثر شعر رأسك على عينيك وأنا أنثر الرماد. والآن فلاضع 
علامة الطائفة على جبهتك”“. وأخرج من صدره صندوق التلوين المساحى 
الصغير واختار صبغة قرمزية قاتمة. 

وقال ”7-1“ ”هل أنت مبتدئّ وحسب”” بنبرات الذى يكافح مستميتا 
لإنقاذ روحهء وهو يخلع كل أردية جسمه حتى لم يعد يلبس إلا ما يستر 
عورته» وكيم يضع علامة طائفة متقنة على جبهته التى لطخها الرماد. 

وأجاب كيم “لم أدخل اللعبة إلا منذ يومين يا أخى. ضع مزيدا من الرماد 
على صدرك . 

وقال صاحبه ”هل قابلت... طبيبًا للآلئ المريضة؟*” وهو ينشر شريط 
ذى تلافيف عجيبة معقدةٍ يمر فوق ظهره وبين رجليه كشأن طائفة ساذو تماما. 

وقال كيم "ها! هل أدركت المهارة التى اكتسبتها منه إذن؟! لقد كان مُعَلْمَا 
لى فترة ما. لابد أن نعالج ساقيك. والرماد يشفى الجروح. ضع المزيد منه“. 

"كنت مصدر اعتزازه يوما ماء لكنك كدت تتفوق علىّ. الأرباب لطيفة 
بنا! أعطنى هذا!“ 

وكان المقصود علبة من الصفيح تحتوى على حبوب أفيون لمحها وسط 
'كراكيب؛ حزمة الفلاح. وابتلع أ-١‏ نصف حنفنة من الحبوب قائلا ”إنها 
مفيدة فى حالات الجوع والخوف والبرد الشديد. كما إنها تكسب العيينين لونا 


5 








ممارسة اللعبة. لا ينقصنا إلا دليل انتماء لجماعة 'تونج“* السرية مثل 
!ب : 3 لونم 


طائفة سناذو» ألا نستفيد اهن هذه الملاسن القدنمية؟”": 


وطوى كيم بعض الملابس طيًّا دقيقا وحشرها فى فراغات قميص الرجلء 
وتناول أنبوبة طلاء أصفر بُنىّ فمرً به على ساقى الرجل وصدره فى خطوط 
عريضة على خلفية الدفيق والرماد والكركم. 

"إنها ملوثة بدم يكفى لشنقك أيها الأخ“. 

الكل . 0 وأكن رح در أ ولاك 1 النافذة... قد 
يه يه 

وقال ابن طائفة كمبوه "فلتحمنا الأرباب!“ مذهولا وهو يرفع الغطاء من 


فوق رأسه فبدا مثل جاموس خرج من بين عيدان القصب. وأضاف “ولكن آين 


كان كيم قد تلقى التدريب على يد السيد لورجان» ولم يكن أ-77 ممثلا 
يسسْتَهَانُ ببراعته. ففى مكان التاجر المرتعد المنكمش الخائف الذى يقبع فى 
الركن ظهر رجل من طائفة ساذوء شبه عارء ملطخا بالرماد» وعلى جسده 
الخطوط البُّنية» وشعره بلون التراب. وكان عيناه المنتفختان - فالأفيون سريع 
التأثير إذا تناوله شخص جائع - تبرقان وتسطعان بالوقاحة والشهوة الحيوانية: 
وساقاه معقودتان تحته» وحول عذقه تتدلى مسبحة كيم البنية؛. وعلى كتفيه 
قطعة من القماش القطنى المطرز بالزهور لا يتجاوز طولها مترا واحد. ودفن 
الطفل وجهه فى حضن أبيه الذاهل. 


البو م لبا كد 
التالى؟". 

'سوف يبتسم الحظ للطفل طول حياته. فلقد شهد شفاءً عظيمًا. فى طفولتى 
كنف اضوع وخا وا عضيةة ذن الضلضيك 


م 





مغامرأات صدى 


وقال: الكلنك "انا أيضكا أصتعهاة فلدينا السو ابن الذي راقن الداد رسعت 
الحياة فى الجميع خلف كومة قمامة مطبخنا". 

”وإذن فأنت لا تخاف أى شىء. صحيح أيها الأمير؟". 

"كنت خائفا لأن والدى كان خائفا. شعرت بذراعيه ترتجفان". 

وقال كيم ”يا لك من رجل فى جُِبْن الدجاج!“؛ وأثارت الفكاهفة الضحك 
حتى من الفلاح الذى غمره الخجل. وأضاف كيم "لقد شفيت هذا التاجر الفقير. 
وعليه أن يهجر مكاسبه ودفاتر حساباته ويجلس على جانب الطريق ثلاث ليال 
حتى يتغلب على خبث أعدائه. فالنجوم ضده”“. 

وقال الفلاح "ليت عدد المرابين يقل باطراد! هذا قولى. ولكن سواء كان 
من طائفة 'ساذو' أو من غيرها فعليه أن يدفع ثمَنَ ردائى على كتفيه". 

ورد كيم قائلاً ”ثم ماذا؟ لكنك الآن تحمل طفلك على كتفك؛ وكنت ستلقيه 
تائف آنا اليكل الدلتدي الى حو لونقون: أن تذكوك :ها شاهدكه نهنا* سبواء 
بين الحكماء الجالسين فى ظل الدوحة بالقرية» أو فى بيتك نفسه. أو بصحبة 
كاهنك عندما يبارك ماشيتك» فسوف يصيب الطاعون جاموساتك»؛ وتشتعل 
النيران فى قش سقفك؛ وتنتشر الفثران فى مخزن قمحكء وتتنزل لعنة الأرباب 
على حقولك حتى تغدو قاحلة مجدبة د تحت أقدامك وبعد حرثها بمحراتك". 
وكان ما قاله كيم يمثل جانبًا من لعنة تقليدية تعلمها من أحد الفقراء فى بوابة 
0 

وهتف الفلاح ”توقف أيها الربانى! توقف! لا تلعن البيت. لم أشاهد شيئا! 
شد أنا بقرتك!” وحاول الإمساك بقدم كيم الحافية التى كانت تضرب 


فقال كيد "لكنك ينا دمنة شفكك نمنتاعدف يعن التنذقرق قلسل مسة 


ه ” 








الأفيون هيه فين التفانذانف التى "قر فتينا بامنتكدامى إراها ف ققمي ضوف 
تعيد الأرباب إليك البركة“. وألقاها عليه كيم بكل تفاصيلها الدقيقةه وهو ما 
وهب الوخكل إخناسًا غامزا بالرداكة, وكانت: من :بيخ ها تعليية يسن انشيد 
لورجان. 

وحَدّق اللاما فيما يدور من خلال نظارته كما لم يحدق أثناء إجراء التنكر. 

وقال آخر الأمر ”يا صديق النجوم! لقد اكتسبت حكمة عظيمة. حذار من 
أن تؤدى إلى الفخر أو الكبرياء. لا يتسرعٌ رجل يضع القانون نصّب عينيه 
فيتحدث عن أى شىء شهده أو صادفه“. 

ْ ل عٍِ 

وصاح الفلاح ”لا... لا... لا حقا!“ فقد كان يخشى أن يضاعف الأستاذ ما 
قاله تلميذه. وأما *!-57“»: فإنه كان مطمئناء مكتفيًا بالأفيون الذى هو اللحم 
والتبغ والدواء للأسيوى المنهك. 

وهكذا فى صمت الرهبة وسوء الفهم العميق. انسل الجميع داخلين دلهسى 





الفصل الثانى عشر 
من غرف الشؤق. إلى البحر؟ 
وإلى منظر مَاء ملح يمتدُ بِغَيْر حُدُود؟ 
وإلى إِحْدذى الأمتواج يُطارِدُها الرّيخٌ إلى البَر 
فَتَجِيش وتتَرُقف كئ تَنطلق وتتكئر؟ 
وإلى البَخر إذا هب ؛ بلآ زبّد مرفوع الصّئر 
لِيَعْلوَ فى الجو بلؤن أغبر"؟ 
وإلى صفحة هذا اليْمّ السّآجى فى حِجْر مَدَارٍ الحن؟ 
وإلى أن يَسْمَعَ صوات الإعصار وقد زاغ البصر ويهدر؟ 
مَنْ تاق إلى ذلك أَجْمَعَ فى البّخر 
كئ يْجدَ بأنّ البَخر يُمثَلَ ذنيا تدَعير 
وبأنَ البَخْرَ دَوَامًا تحت جميع الأشيّاء سَيظهر:؟ 
اَن كفيل: لا شىء ميواة» أن يمد كل كيّانة 
وكذاك يتوق رجال الجبّل إلى الجَيل وأركانة! 
(البحر والجبال) 
و01 مسر بضجيج الرصيف ل ا 


ل ل 
يقودهم انجليزى شاب يعانى حرارة الجو ويتفصد العرق منه»ء ففرقت الجمهور 


ان 








يتبختر فى خفاءٍ مثل القطة. وكان منظره يوحى بأنه مساعد أنتيق لأكيهة 

قال 7[ت98 "هل قري البنية: القنافه الى يدر | من «ور قة9 إن أوضسافن 
مخطوطة فى يده. إنهم يفحصون ركاب القطار عربة عربة. مثل الصيادين 
يلقون الشباك فى بركة . 

وعندما وصلت المجموعة إلى عربتهم كان *7-1”* يَعْدّ حبات مسبحته 
وهو يهز معصمه بانتظامء وكان كيم يسخر منه لأنه فقد تحت تأثير المخدر 
الكتقاك الحم اع الخو فت نما أوزناه- طلائدة اذوه وكا ,الاذنا مهدر ا شي 
تأملاقة لا يخول تنظرة يينة أن نشد والفلاح منهمك فى جمع منقولاته وههو 
يلقى النظرات خفية على من حوله. 

وقال الإنجليزى بصوت مرتفع ”لا يوجد هنا إلا زمرة من المجاذديب . 
وو أضمل معننة وسمط: إحينائن تعلو ريهظ بالقلق: :فزكال المشرطة: الفحلبة 
يوحون بالابتزاز لأبناء البلد فى كل مكان فى الهند. 

وعفيك 80217 اماد ”المشكلة لان الكل قن ردنا ل زا قزة لكان الى 
خبأت فيه الخطاب الذى أرميلت للعثور عليه. لا أستطيع الذهاب إلى مكتب 
التلغراف بهذه الهيئة“. 

”ألا يكفى أننى أنقذت رقبتك؟". 

"كلا! ما دامت المهمة لم تكتمل. ألم يقل لك ذلك قط معالج اللآلئ 
القريضة؟ ها قف أكى .نه آخر ١‏ :151" 

كان ذلك مأمور شرطة المقاطعة؛ وكان يميل إلى الطول؛ شاحب الوجه: 
ويلبس حزامه وخوذتة ومهمازيّه المصقولين وسوى ذلك؛ ويتبختر فى مشيته 
ويبرم شاربه الأدكن. 


وقال كيم ببشاشة ”ما أحمق رجال الشرطة من السادة!“. 


/اه ؟ 








وتطلع 7أ سب بجفنين شبه مغلقين وتمتم بصوت مغاير "أضيت! 200 
لأشرب بعض الماء. حافظ على مكانى". 

وانطلق خارجًا مندفعًا فى حماقة فكاد أن يقع فى أحضان الإنجليزى. 
فتلقى الشتائم منه بلغة أردية غير مُحْكمّة. 

”هل أنت سكران؟ لا يجب أن تتخبط فى الناس كأنك تملك محطة دلهى يا 

ودون أن يحرك 7|-77”' عضلة واحدة من عضلات وجهه؛ أجاب الرجل 
بسيل من أقذع الشتائم» وهى التى تهلل لها وجه كيم بطبيعة الحال. فلقد ذكرتة 
بغلمان الطبل وبكناسى الثكنات في أومبالا فى الوقت العصيب الذى مر به أيام 
دراسته الأولى. 

وقال الإنجليزى ببطء متكلف ”عد إلى عربتك يا صديقى المغفل! . 

وبدأ ابن طائفة ساذو الأصفر يتراجع فى احترام خطوة خطوة؛ وهو 
يخفض صوته أثناء عودته إلى العربة» مستمطرا اللعنات على مأمور الشرطة 
وذريته إلى آخر أحفاده» وكان يحلف هنا بلعنة كاد أن يثب كيم فزّعًا عند 
سماعهاء ألا وهى لعنة حجر الملكة» ولعنة الكتابة تحت حجر الملكة» ولعنة 
أنواع من الأرباب أسماؤ هم جديدة تماما. 

واحتقن وجه الإنجليزى غضيبًا وقال ”لا أعرف ما تقول» لكنه ضربٌ من 
الوقاحة البذيئة. كف عن هذا!“ 

وتظاهر أ-275 بأنه لم يفهم, فأخرج تذكرة القطار فى وقار فانتزعها 
الإنجليزى من يده فى غضب! 

وغمغم الفلاح فى ركنه صائحا ”ابتزاز! يا له من قهر!“" ثم أضاف ”وهذا 
كله فى سبيل التفكه أيضنا“ كانت قد ارتسمت على شفتيه بسمة عريضة حين 
سمع لسان ابن طائفة الساذو الطليق وقال "لم تفلح اليوم تعاويذك أيها 
الربانى! . 








وكاق: أنق ظلاتقة سنال :بسيو تفلف ريحك الشوطة كذاها موسا : رو افيا 
عامة المسافرين المشغولين بأطفالهم الرّضّع وأمتعتهم فلم يلحظوا ما حدث. 
وتسلل كيم خلفه» إذ تذكر فجأة أنه سمع هذا الإنجليزى الغبى الغاضب يتحدث 
عن شخصيات عليا مع سيدة عجوز بالقرب من أومبالا قبل ثلاث سنوات. 

وهمس ابن طائفة ساذو ”لا بأس“ وهو يحاول أن يتحرك وسط حشد 
الصائحين والمنادين والحائرين» إذ وجد كلب صيد فارسيًا بين قدميه» وقفصنا 
مليئًا بالصقور الصارخة التى يشرف عليها أحد مُربَى الصقور من 
راجيوت أسفل ظهره. وأضاف "لقد ذهب الآن ليرسل خبرا عن الخطاب 
الذى حَبَّأتَه. قالوا لى إنه فى بيشاوار. كان ينبغى أن أعرف أنه فى الجانب 
الآخرء مثل التمساح الذى كلما طلبْته وَجَدْتَهُ فى المخاضة الأخرى. لقد أنقذنى 
من حاضر البلاء؛ لكننى مدين لك بحياتى . 

وقال كيم "أهؤ. أيضًا واحة منا؟“ وخفض رأسه تحت إيط جَمّال ينضح 
بالدهن من ميوار واصطدم فابتعد عن سرب من نساء السيخ العجائز لا يكففن 
عن الترترة. 

“لانيل عن أعظمهم! لقد ابتسم الكل لقليكا ا مواقت أبئعة ينا فلت قافتا 
آأمن فى ظل حمايته". 

واخترق أحد أطراف الحشد الذى يحاصر العربة». وجلس القرفصاء 
بالقرب من أريكة قريبة من مكتب التلغراف. 

"عد إلى العربة وإلا شغلوا مكانك! لا تخف على العمل يا أخى؛ ولا على 
روحى. فلقد مَتحتَنِى فرصة التقاط أنفاسى؛ وأرسانى السيد ستريكلاند على 
البر. ربما عملنا معًا فى إطار اللعبة بعد اليوم. وداعًا!". 

وأهرع كيم إلى عربة القطار. كان يشعر بالزهو والحيرة» ولكنه يشعر 
ببعض الضيق لعدم قدرته على فتح مغاليق الأسرار من حوله. 


وقال فى نفسه ”“إننى مبتدئ وحسب فى هذه اللعبة. هذا مؤكد. لم أكدة 


"م 








أستطيع أن أثب إلى بر الأمان كما استطاع ابن طائفة ساذو. كان يعلم أن 
الظلام يشتد تحت المصباح. لم يكن يخطر ببالى أن أنقل الأنباء ستترا 
بالتظاهر باستمطار اللعنات... وما كان أذكى السيد! غير مهمء إنى أنقذت 
روح إنسان..“ ثم التفت إلى اللاما الجالس فى مكانه فى المقصورة التى كانت 
ف اتشكقت: الروك البو كنى تاقلة :"انز أرق ططائقة كسورة اوواة الردات ا 

وقال اللاما "سيطر عليه الفزع” وكانت فى نبراته لمسة مكر رقيق.» 
ميقا "شا هدكو افك تكيل الميز اقا إلى بوحكل من طلائقة ساذى فى طرفة عيق: 
حماية له من الشر. وهزه ذلك هزًا. ثم شاهد الساذو يقع مباشرة فى أيدى 
القوطلة) تسوت "تأقن اتلك واضتدها خم انقه وذو فاكلد انيف شا هدك تفعول 
تاجر! هادئا إلى رجل وقح يتقاذف الشتائم مع السادة؛ فخشى أن يأتيه مصير 
مكداية: أو السناذو الا" 

وقال كيم ”مع الشرطة... ولكننى أنقذت طفل الكمبوه”". 

فجن اللئنا شق السعوعط مكب د د كال 

"ينا لسع تكن كفت بكوك [ ال شق كفل انج انق سوه الا 
لتكتسب امتيانا. ولكنك رميت المهراتا بسحر كبير» مرتكبًا ما يدعو للفخر 
والكبرياء.» إذ الاحظت ذلك». وكنت تلقى نظرات جانبية لتبث الحيرة فى عقفل 
رجل عجوز وفلاح أحمقء ومن ثم منبع الكارثة والريبة". 

وبذل كيم جهدًا يفوق سينه فى ضبط النفس. لم يكن يختلدف عن سائر 
الصبية فى كراهية أكل التراب* أو إساءة الحكم عليه؛: ولكنه رأى نفسه 
محشورا! فى عصا مشقوقة. وانطلق القطار مغادر! دلهى إلى قلب الليل. 

وتمتم كيم قائلا "صحيح. لقد أسأت فيما أغضبتك فيه“. 

؟أكقان موق وز انا تلم نم لتق افللقتع قرلا فى القنران ومين سمو تلق تنه 
فى براكة ماءء تنداح دوائرٌ من عواقب لا تستطيع أن تعرف مداها". 

كان الجهل مفيدا لغرور كيم ولاطمئنان اللاماء إذا ذكرنا وصول برقية 





م 





إلى سيملا فى تلك اللحظة؛ مكتوبة بشفرة سرية» تفيد وصول ”أ-55* إلى 
الب و اح دو لكي كسام مك قطان كان تكاءا فقوي فلمدا تعر 
بالمناسبة أن شرطيًا زاد حماسه عن الحد فألقى القبض عليه -- بتهمة جريمة 
لل ا ردت لقيو اشاقن السس + للعنوي سان لكك سما دار 2 للق من 
أجمير: وكان الرجل غاضبًا أشد الغضب وهو يشرح قضيته إلى ضابط 
انجليزى يدعسى مستر ستريكلاند على رصيف محطة دلهى أثناء انطضلاق 
7-7 من خلال الشوارع الخلفية حتى ينفذ إلى قلب مدينة دلهى المغلق. 
وبعد ساعتين وصلت عدة برقياته إلى الوزير الغاضب فى إحدى ولايات 
الجنوب» تبلغه بأن المطاردين قد فقدوا كل أشر لمهراتا مصاب ببعض 
الجروح؛ وفى الوقت الذى توقف فيه القطار الذى كان يتهادى عند محضة 
سهارنيورء كانت اخر الحلقات المنداحة على سطح الماء نتيجة الحجر 
الذى ساعد كيم على إلقائه» تصعد درجات مسجد فى قصبة بلاد الروم البعيدة 
(استامبول) حيث أدت إلى انزعاج رجل ورع يؤدى الصلاة. 

وأدق: اللذما اكه والتششاة تحت «تعوريسة "كرام ذات” أنذاء: والقوب مجع 
الرصيفء مبتهجًا بأشعة الشمس الصافية» ووجود تلميذه. وقال "سندير ظهرنا 
لهذه الأتياء" هشي | إلى القاطوة التحاسسة وقصوان: البيكة الهديدية النراقة ."إن 
اهتزاز ذلك القطارء وإن كان شيئًا رائعاء أحال عظامى إلى ماء! سوف 
نستعمل الهواء النقى من هذه اللحظة . 

وقال كيم "فلنذهب إلى منزل امرأة 'كولو'؛ وهو يسير بمرح فى ظل 
أكوام اللفائف. كانت سهارنيور فى الصباح الباكر نظيفة ذات روائح طيبة. 
وخطرت بباله صور الصباح فى أيام مدرسة القديس خاقيير فزادت من رضاه 
المكنا عق 5اذا. 

”"أين كان مولد ومصدر هذا التعجل الجديد؟ الحكماء لا يجرون كالدجاج 
فى ضوء الشمس. لقد قطعنا مئات ومئات من الفراسخ, وإلى الآن لم أنفرد 
بصحبتك لحظة واحدة. كيف تستطيع تلقى العلم والحشود تدفعك هنا وهناك؟ 


55١ 





وكيف أستطيع أنا أثناء التعرض لفيض من الألفاظ أن أستغرق فى تأمل 
الطريق؟ . 

وابتسم التلميذ قائلاً "تظن أن لسانها لن يقل طوله بتقدمها فى السن؟“. 

"ولن تقل رغبتها فى التمائم. أذكر مرة كنت أتحدث فيها عن عجلة 
الحياة . 

- وأدخل اللذما ردم فى سبدو نات عن آخر نسخة أعدها لها - "لم تكن 
تود الاستطلاع إلا عن الشياطين التى تحاصر الأطفال. لسوف تكتسب امتيازا 
باستضافتنا - بعد قليل - فى مناسبة لاحقة - لا تسرع! لا تسرع! سوف 
نتجول بتمهل فى انتظار سلسلة الأشياء. البحث مؤكد النجاح”". 

وهكذا سارا بتمهل شديد عبر حدائق الفاكهة المزهرة الشاسعة ووسطهاء 
عن طريق أمينأباد» و'سهايجونج.ء و”أكرولا بمخاضتها' و'فولياء الصغرىء. 
والطريق إلى تلال 'سواليك' فى الشمال دائمّاء ودائمًا من. خلفها الثلوج. وبعد 
أن ناما نومة طويلة هانئة تحت النجوم ليلة غير مطيرة؛ بدأت مسيرتهما 
الوقورة المتمهلة خلال قرية نفضت عن عيونها اللنومء وفى اليد قصعة 
التسول. والصمت يلفهماء وإن كانت عيونهما تعصى القانون الأسمى بالنظر 
من طرف السماء إلى طرفها الآخر. وكان كيم يعود بخطوات لطيفة على 
التراب إلى أستاذه فى ظل شجرة مانجو وارفة أو فى الظل الهزيل لشجرة 
سنط أبيض فى وادى 'ضون' للطعام أو الشراب فى تمهل. وفى الظهيرة؛ بعد 
الحديث والتجوال قليلاء ناماء وهكذا كانا يواجهان الدنيا منتعشيّن بعد أن برد 
الوؤاء: ,و قددها بخن اليل تخا هنا جديدة: كانف قزية مهنا نه لتهاها فين 
أقصى أطراف السهل المنبسط الشاسع قبل الوصول إليها بثلاث ساعات وناقشا 
أمرها طويلا فى الطريق إليها. 

وهناك قصنًا قصتهما - وكانت قصة جديدة كل ليلة من شفتى كيم - ولقيا 
فى القرية ترحييّاء سواء كان ذلك من الكاهن أو رئيس القرية» كما هى العادة 
فى الشرق العطوف. 


8 








ولف فحزت القللن وازداق اتكاع اللانا: خل كنك كيم علا كان أماميها 
دائمًا اللجوء إلى عجلة الحياة» وبَسْطٍ صورتها تحت الأحجار التى مسحاهاء 
وكان اللاما يستخدم قشة طويلة فى شرحها دورة من بعد دورة. هنا يجلس 
الأرباب عاليّاء وكانوا أحلامًا من أحلام. وهنا سماؤنا وعالم أنصاف الأرباب» 
فرسان يتقاتلون فوق الجبال. وهنا الآلام المفروضة على الحيواناتء أرواح 
صاعدة أو هابطة فى ملم الوجود ومن ثم لا ينبغى التعرض لها بأذى. وهنا 
صنوف من جهنم» حارة وباردة» ومآوى الأشباح المعذبة. فليدرس التلميذ 
المتاعب الناشئة عن الإسراف فى الطعامء المعدة المنتفخة والأمعاء الملتهبة. 
وهكذا أبدى التلميذ الطاعة» وبرأس منحن وأصبع أسمر منتبه جعل يدرس ما 
يشير إليه المؤشر. ولكنهما عندما وصلا إلى عالم البشرء الزاخر بالنشاط 
عديم الفائدة» وهو الذى يقع مباشرة تحت ضروب جهنم» شرد ذهنه»؛ فعلى 
جانب الطريق كانت العجلة نفسها تدور سائرة لا تتوقف؛. من أكل وشرب 
وتجارة وزواج وشجارء وكلها تنبض بدفء الحياة. وكثيرًا ما كان اللاما 
يجعل الصور الحية مادة للنص الذى أعدهء ويطلب من كيم الذى كان على 
استعداد كامل لذلك أن يلحظ كيف أن جسد الإنسان يتخذ ألف ألف صورةة. 
بعضها مرغوب وبعضها مكروه فى نظر الرجالء ولكنها فى الحقيقة لا هذا 
ولا ذاك قطء وأن يلحظ كيف أن الروحّ الغبية» الأمَة للخنزير وللحمامة 
وللثعبان - فى اشتهائها اللوزء وهو النير الجديد للثيران والنساء أو كرم 
الملوك - كتب عليها أن تتبع الجسد خلال جميع ضروب الجنة وجميع صنوف 
النارء ثم تبدأ الدورة من جديد مرة أخرى. أحيانا كانت تمر امرأة أو يمر رجل 
فقير بهما ليشهد تلك الطقوس - لم يكن الدافع غير ذلك - عند نشر الخريطة 
الصفراء الكبيرة» وكان يلقى إليهما ببعض الزهور أو حفنة من القواقع التسى 
تستخدم نقوداء أو يتركها على حافة الخريطة. وكان يكفى هؤلاء البسطاء أنهم 
قابلوا رجلا ربانيًا ربما دفعه عملهم إلى تذكرهم فى صلواته. 

وقال اللاما عندما استيقظت نوازع كيخ اللاهية ”عالجهم إن كانوا مرضى. 
عالجهم إن أصابتهم الحمى؛ ولكن حذار أن تستخدم السحر قط! تذكر ما حدث 
للمهوانا”. 


يال 








وأجاب كيم “كل عمل إذن شر؟” وهو يستلقى تحت دوحة عند تفرع 
طريق 'ضون' مراقبًا النمل الذى يجرى فوق يده. 

”الامتناع عن العمل خيرء إلا لاكتساب الامتياز". 

"قيل لنا داخل أبواب التعليم إن الامتناع عن العمل غير لائق للسادة وأنا 
ميم . 

"اسمع يا صديق العالم كله“ وصوب اللاما بصره مباشرة إلى كيم وقال 
"انق رن عدون متكتقى: انعد كر ستل الأطفال مقن عجو مدق باسيون 
الطريق لا يوجد أبيض أو أسودء هندوسى أو تيبيتى. فكلنا أرواح تسعى 
للهروب. ومهما تكن الحكمة التى اكتسبتها من السادة» فعندما نصل إلى نهرى 
سوف تتحرر من جميع الأوهام وأنت إلى جوارى. فعلا! عظام جسدى 
موجوعة تطلعًا إلى ذلك النهرء مثلما أوجعتنى فى القطار. ولكن روحى تجلس 
فوق عظامى. البحث موثوق النجاح! . 

”أجبتنى عن السؤال فهل أطرح سؤالا آخر؟". 

وأوها اللاما كن امنة الحليك. 

”كنت أتناول خبزك ثلاث سنوات» كما تعرف. فمن أين أيها الربانى 


ع 
ا 5 4 


للا.ء..ء. 


"فى التيبت ثروة كبيرة مما يَعْدُ الناس“. وعادت إلى اللاما رباطة جأشه؛ 
فقال ”أتمتع فى موطنى بوهم الشرف والتكريم. وأنا أطلب ما أريد. ولا أبدى 
اعتبارًا للحساب. فهذا شأن الدير الذى أنتمى إليه. فعلا! المقاعد العليا السوداء 
فى الديرء والمبتدئون» كلهم فى خير حال! . 

قطن سكن التفتكون :اننا وأطسيفة أكنقا فين الكرواته قرف (الكلشتدويع 
الفاخرة الهائلة فى كاتدرائيات محصنة ضد الانهيارات الجليدية؛ وعن المواكب 
ورقصات الشياطين» وعن مسخ الرهبان والراهبات خنازير؛ وعن مدن مقدسة 
ترتفع خمسة آلاف متر فى الهواء. وعن المكائد ما بين دير ودير.ء وعن 


"55 





أصوات تتردد بين الجبال» وعن ذلك السراب الغامضن الذى يتراقص فوق 
الثلج الجاف؛ وتحدث عدي حن 'لهاسا"* (عاصمة التيبت) وعن النق وى لإأماأ 
الذى رآه وعشقه. 


كان كل نهار رائع طويل يشرق فيعلو خلف كيم كجدار يفصله عن جنسه 
وعن لغته الأم. فعاد ل اللغة المحلية فى تفكيره وفى أخلامية وأصبح 
بصورة ألية يتبع شعائر اللاما فى الطعام والشراب وما اليهما. وكان تحول 
دذهن الرجل العجوز ل ديره يزداد كلما ركز ببصره 06 التلوج الصامدة. لم 
يعد يقلقه أمر نهرهء بل إنه كان بين الفينة والفينة يحدق طويلا طويلا فى 
لكنه كان قانعًا بصحبة تلميذه» منبسط الأسارير للنسيم العليل الذق يعسب محم 
وادى 'ضئون“. لم تكن هذه جزيرة سيلان أو مدينة 'بوذجايا' أو بومباى أو 

بعض أطلال مشتبكة بالكلا مثل التى ساقته قدماه إليهاء فيما يبدوء قبل عامين. 
كان يتكلم عن تلك الأماكن كلام دارس لا أثر للزهو فيه بل مثل باحث يمشى 
كل ار رمن رن وبنبرات الشيخ الحكيم الحليم الذى تنير بصيرته كل 
معرفة. وتدريجيّاء كانت كل قصة يُثير ذكراها شىء على جانب الطريقء ولم 
يكن بينها رابط» فتحدث عن كل جولاته فى شتى ربوع الهند» حتسى أصسبح 
ل ل ا ل ا 
يستمتعان» فى سعادة علياء يذلك كله ممتنعين» كما د تنص القاعدة العلياء بحن 
استخدام خبيث الألفاظ. وعن مد العين إلى ما فى أيدى الغيرء وعن الإفراط 
فى الطعامء أو النوم على سَُرُر مرتفعة؛ أو ارتداء ملابس فاخرة. كانت المعدة 
تدلهما على وقت الطعامء والناس يأتونهما بطعامهماء كما يُقال. كانا يُعَامَلان 
معاملة الرؤساء فى القرى التى توقفا فيها - أمينأباد» وسهايجونج: وأكرولا 
بمخاضتهاء وفوليسا الصغرى - وفى الأخيرة منح كيمٌ البركة لامرأة خسرت 

ولكن الأنباء تنتشر بسرعة فى الهندء وسرعان ما انطلق عبر أراضصسى 
المحاصيل خادم ذو شارب أبيض» نحيف أعجحف من طائفة موسا (أى 


هم كار 








أوريسى)؛ حاملاً سلة فواكه وصندوقا من أعناب كابول وبرتقالها المُذْهَّبء 
وتوسل إليهما أن يشرفا سيدته بالحضورء بعد أن أضناها هجر اللاما لها هذه 
الفترة الطويلة. 

وقال اللاما ”تذكرت الآن!“ كان يتحدث بلهجة من يواجه عرضنًا جديدًا كل 
الجدة» فأضاف ”إنها فاضلة لكنها مفرطة الثرثرة“ 

كان كيم يجلس على طرف مذود بقرة» يحكى الحكايات لأبناء حَدَادٍ فى 
القرية. 

فقال "لن تطلب إلا ابنا آخر لابنتها. لم أنسها. فلندعها تكسب الامتياز. 
أرسل لها أننا سوف نأتى” 

وقطعا سبعة عشر كيلو مترًا عبر الحقول فى يومين»؛ وعندما وصلا 
أغرقهما فيض التكريمء إذ كانت العجوز تحافظ على تقاليد السخاء الجميلة؛» 
فأحروك :زنوج :انلقية عدن لتقا عون واكاك فيطو عليه فنا الأنوه ناسين 
بالاقتراض من المرابى. لم يكن كر السنين قد أضعف لسانها أو ذاكرتهاء 
فأطلت من شباك عْلُوىَ ركبت فيه القضبان التى تستدعيها الحيطة وانطلقفت 
ل ل ل ا سيا 
الأوروبيون لأصيبوا بالهلع والفزع. 

وعاد صوتها الحاد يقول ”لكنك ما زلت 'الولد الشقى» الشحاذ الذى لا 
يستحى كما كنت عندما قابلناك فى محطة الراحة. لم أنسك؛ فادخل واغتسل. 
والد ابن ابنتى مسافر ويغيب عنا فترة ما. وهكذا فالمرأة مسكينة لا صوت لها 
ولا نفع”. 

وبرهانا على ذلك انطلقت تلقى خطابًا حماسيًا على أهل المنزل كلهم؛ ولم 
تش الخذا ]و لندذا فى #تكطا با محص امتصدو الطخاة بو الشير فدهبو فى الما رحد 
المساء الذى شاع فيه أريج الدخان» وكسا الحقول لون نحاسئ أدكن فيروزى 
- راق لها أن تأمر بإحضار هودج وإنزاله فى الفناء الأمامى غير المنظم على 


5م 





طيرب: البش ا عل الت مرققسينا عد ينوا بمو اخ ون كلقي ستارية ل تك كه 
- بدأت الثرثرة. 

الك "لو كان الذكلة الزهائن قد أت هده لاسقلته استقالا مخطفاء لقن 
مادام فى صحبة هذا الوغدء فلابد أن نحرص ونحتاط“. 

وقال كيم ”أيتها المهرانية“ - مختار! كالعادة أوسع الألقاب دلالة - ”هل 
ألام أنا إذا كان رجل جليل القدر من السادة» ومن رجال الشرطة السادة. ههو 
الذى أثنى على جمال المهرانية قائلا.. 

“نكت كان ذلك أثناء الحج. وعندما نسافر... أنت تعرف المثل”. 

"قائلاً إن وجهها يحطم القلوب وينشر ألوان البهجة؟". 

”كيف تذكرت ذلك! صحيح.ء فقد قال هذا. وكان ذلك فى وقت زهرة 
جمالى*”. وضحكت ضحكة مكتومة مثل ببغاء تسعدها قطعة من السكر. 'والان 
قصً على أخبار أسفارك؛ فى حدود ما لا يدعو للخجل. كم يتعلق بأهداب 
عينيك من العذارى وزوجات مَنْ من الرجال؟ هل تحمل التحية من بيناريس؟ 
كنت أود أن أعود إليها هذا العام ولكن ابنتى - ليس لدينا سوى ولدين. ف 
أف! هذا من أثر هذه السهول المنخفضة. أصبح الرجال اليوم أفيالاً فى كولو. 
لكننى أود أن أطلب من الرجل الربانى - تنح أنت أيها الوغد - تميمة ضد 
مغص الانتفاخ الشديد الوطأة الذى يستولى فى زمن المانجو على ابن بنتى 
الأكبرء لذ اعطاق تمن اميق رقية نبالفة القوة: 

وقال كيم "يا أيها الربانى!” وهو يتفجر مرحا ناظرًا إلى وجه اللاما الذى 
اكتسى دلائل ندم وأسى. 

"صحيح. أعطيتها رقية ضد الانتفاخ . 

وقالت المرأة بحدة "الأسنان؛ الأسنان؛ الأسنان!". 

ون توما راكد ل امم إن كانوا موضب ' ' وأضاف بِذةٍ 
غامرة ”"ولكن لا تستخد تستخدم السحر إطلاقا. تذكر ما حدث للمهراتا". 


كم 








فزق إنللنا: قاقلك “ان اتسيف عنانزن؛ دي أن أكتتي التدافينينا دون 
توقف“. وتأوه اللاما مثل 'القاضى الظالم الذى تأوه من قبله* (إنجيل لوقا 
) ثم قال ”وهكذا يحدث - لاحظ يا تلميذى - أن ينحرف الراغبون فى 
اتباع الطريق أنفسهم عنه بسبب امرأة عاطلة. لم تتوقف عن الحديث إلى أثناء 

"قات إلى هر خسان أن أتحدك؟ لد تكن ام الضيي :رك شينا »و امهنا 
والده - فى الليالى الباردة - فكان لا يقول إلا "صل إلى الأرباب"» ثم يستدير 
فى ونا قد قاد وزو تعر اق فقومل 1 

”أعطيتها التميمة. وماذا فى طوق رجل عجوز؟". 

وقال كيم مقتطفا ما ذكره اللاما بالحرف "الامتناع عن الفعل خيرء إلا 
لاكتساب الامتياز!“. 

”أده يا تلميذى! لو هجرتنى سأصبح وحيدا". 

وقالت العجوز ”وجد أسنانه اللبنية بسهولة على أية حال. ولكن لا يختلف 
كاهن عن كاهن . 

وسعل كيم بشدة؛ فلم يكن يقبل بسبب سنه الصغيرة ذلاقة اللسان الأهفوج 
للمرأة؛ وقال ”الإلحاف على الحكماء فى غير موعده يجلب المصائب“. 

وقالت المرأة فيما يشبه الطعنة المصحوبة بإشارة بسبابتها التى لايزال كيم 
يذكرها ”عندى ببغاء تتكلم» فوق الاصطبلء وقد حفظت اللهجة التى يتكلم بها 
كاهن الأسرة. ربما نسيت تكريم ضيوفىء لكنك إن كنت شاهدته [أى الطفل] 
وهو يجمع قبضتيه ضاغطا على بطنه التى كانت منتفخة مثل قرعة عسلية 
شيه ناضحة» ويتصيح 'الألم هنا!؛ لصفحت عنى . نفسى تراودنى بشراء دواء 
الطبيب. فهو ببيعه بثمن زهيد ولا شك أنه يجعله سمينا مشثل ثور الرب 
شيفا نفسه. إنه لا يتناقض مع أنواع العلاج الأخرىء ولكننى شككت فى 
صلاحيته للطفل بسبب لون القوارير الذى لا يبشر بالخير”. 


57م" 





التو أعدت له. 


وقال كيم ”لابد أنك أغضبته!". 


"قطعًا لا. فهو مرهق منهكء وقد نسيت ذلك لأننى جدة. لا ينبغي أن 
يشرف على الطفل إلا الجدة» فلا تصلح الأمهات إلا للحمل. وغدًا عندما يرى 
كيف كبر ابن ابنتى سوف يكتب لى التميمة. ويمكنه عندها أيضًا أن يحكم على 
عقاقير الطبيب الجديدة. 

"ومن هو الطبيب أيتها المهرانية؟". 

"جوال» مثلك» ولكنه بنغالى بالغ الحصافة من داكاء أستاذ فى الطب. 
أراحنى من تعب جاءنى بعد تناول اللحم بحبة صغيرة كان مفعولها يشبه أداء 
شيطان طليق. إنه يواصل أسفاره الآن بين البلاد» فييبييع مستحضرات ذات 
قيمة'عظمى يل إن لذية أون افا مكتوبة بالإتجليزية تدكر وا اففلة هنين أجل 
الرجال ذوى الأصلاب الضعيفة والنساء ذوات الكسل. وقد مكث هنا أربعة 
أيام ولكنه عندما علم بقدومكما فضّلء فيما يبدوء الاختفاءء. فبين الأطباء 
والكهنة ما بين الثعبان والنمر فى شتى أرجاء الدنيا"“. 

وبينما كانت تلتقط أنفاسها بعد هذا الوابل من الألفاظ؛ كان الخادم العجوز 
الجالس دون تقريع من أحد على حافة ضوء الشعلة يتمتم قائلآ ”هذا المهشزل 
يشبه حظيرة أبقار لجميع المحتالين وال... كهنة. فليمتنع الصبى عن أكل 
المانجو... ولكن من ذا الذى يستطيع أن يجادل الجدة؟“ ثم رفع صوته قائثلا 
باحترام ”أيتها السيدة الجليلة! الطبيب نائم بعد أن تناول اللحم. إنه فى المنزل 
الواقع خلف برج الحمام”". 

وانتصب شعر رأس كيم ككلب صيد اشتم فريسة. وقال فى نفسه ما أجمل 
أن يتحدى وَيَهِْمَ فى النقاش بنغاليًا تعلم فى كالكتا وبائع عقاقير ثرثار! ستكون 
لعبة طريفة! ولم يَبْدْ له أن نبْذ اللاماء ونبْذهُ هو نفسه بالمناسبة» من أجل ذلك 


وآ" 








الرجل أمر جميل. كان يعرف تلك الإعلانات الإنجليزية الغريية 'غير 
الشرعية' فى الصفحات الأخيرة للصحف المحلية» لأن الصبيان فى مدرسة 
القديس خافيير كانوا يأثون بها أحيانًا خلسة حتى يضحكوا منها بين أقرانهم؛ إذ 
كانت اللغة التى يصف فيها المرضى الممتنون لشفائهم أعراض أمراضهم 
بالغة السذاجة وتكشف عن الكثير. وأما الخادم الذى كان حريصنا بل تواقا إلى 
الإيقاع بين طَفَيْلِىّ وطفيلىٌ آخر فقد تسلل بهدوء إلى برج الحمام. 


وقال كيم فى نبرة احتقار 'محسوبة' “ليس فى جعبتهم سوى الماء الملون 
وقدر عظيم من الصفاقة» ويجدون فريستهم بين الملوك المعتلين والبنغاليين 
المصابين بالتخمة» ومصدر ربحهم هو الأطفال... الذين لم يولدوا بعد . 

وضحكت المرأة وقالت ”لا تكن حسودا. التمائم أفضل.. صحيح؟ لم أنكر 
أنا ذلك قط. تأكد أن صاحبك الربانى قد كتب لى تميمة ناجعة قبل طلوع 
الصبح". 

وف فوت كليكا كه مُتكدُ النبرات وسط الظلام يقول ”لا ينكر إلا الجهلة“ 
وظلهق الوجل فتققق: فجلين: القر قضيا © :مستاننا عبارته "لا ينكر إلا الجهلاء قيمة 
التمائم. ولا ينكر إلا الجهلاء قيمة الأدوية". 

وقال كيم "فأر وجد قطعة من الكركمء فقال ”سأفتح دكان بقالة' “. 

2-07 2 5 

وبدأ الاشتباك الحق فى القتال وسمعا السيدة العجوز تتصلب كى تنتبه 
يقال. 

قال "يعرف ابن الكاهن اسم حاضنته وثلاثة أرباب ويقول *أصغوا إلى 
وإلا سوف أُصُبُ عليكم اللعنات باسم الملايين الثلاثة من العظام“.“ كان ذلك 
الشخص الخفى لديه قطعًا سهمٌ أو سهمان فى جَعَبَيِهِ. فأضاف ”لست إلا مُعَلَما 
لحروف الهجاء. فقد تعلمت حكمة السادة كلها" . 

وقال الصوت الصادر من الهودج ”"السادة لا يبلغون الشيخوخة قط. . فهم 
يرقصون ويلعبون كالأطفال عندما يصبحون أجدادا"“. 


ام 








"وعندى أيضنا أدويتنا التى تطلق ”أمزجة' الرأس فى الغاضبين ذوى 
الطبع الحادء فعندى 'سينا' المركب خير تركيب عند وصول القمر إلى 
البرح» الصتحيد )وعدي باحق ضفر لمق "أربلان ؟ من الضعن: الدع 
يجدد شباب الرجل ويجعله يُدْهِش أهله. وزعفران من كشميرء وأفضل 
الفا" من كنول ونه متهن الفاتى القتو ا 

فقال كيم ”هذا أصدقه بلاشك“. 


”قبل أن يعرفوا قيمة أدويتى. أنا لا أعطى مرضاى مجرد الحبر الذى 
تكتب به التميمة» بل عقارات حامية قادرة على التمزيق» وهى التى تنزل 
وتصارع الشر . 

وتنهدت السيدة العجوز قائلة ”بل تصارعه بكل قوة". 


واندفع الصوت يحكى قصة هائلة عن سوء الحظ والإفلاس» 'مُرَصعَة' 
بعدد كبير من الالتماسات المرفوعة للحكومة. ”ولولا قدرى الذى أخضع له: 
كنت الآن فوظفا :فى الحكومة: فأنا أحمل :كتياذة مرخ المدوينة التليسنة فتن 
كالككا بتو عوويما ادق بها :اين ةا البية”. 

"وسوف يلتحق بها فعلا. إذ استطاع ”الولد الشقى' ابن جيراننا أن يحصل 
على ليسانس الآداب»: بعد بضع سنوات» بمرتبة الشرف الأولى". واس تخدمت 
العجوز التعبير الإنجليزى الذى سمعته كثيراء وأضافت "كم يزداد عدد الأطفال 
النابهين مثل بعض من أعرفهم والذين سوف يفوزون بالجوائز فى كالكتا 

وقال الصوت “لم أر فى حياتى قط مثل هذا الطفل! لقد ولد فى ساعة 
سعدء ولولا ذلك المغص الذى يتحول مع الأسف إلى ضروب من الغضب 
الأشؤة و الناف جيدذه يا لاختطافه مال كدامقه بو كو لق العكتن ودبتو انق كته 
لكاق كدير | بالهيد". 


وقالت العجوز 'فعلا! لولا أن امتداح الأطفال يجلب النحس لاستمعت إلى 


ان 








حديثك. ولكن مؤخرة المنزل ليست عليها حراسةء وحتى فى هذا الهواء العليل 
يظن الرجال أنهم رجالء والنساءء كما نعرف... والد الطفل مسافر أيضنتاء 
ولابد أن أتولى أنا الحراسة فى شيخوختى. ارفعوا! ارفعوا! ارفعوا الهودج. 
فليتناقش الطبيب والكاهن الصغير حتى يفصلا فى القضية ويحددا ما له تأثير 
أنجع» هل هى التمائم أم الأدوية؟ هيا! تحركوا يا تافهين» وأحضروا المزيد من 
التبغ للضيوفء, واتجهوا بى صوب المنزل . 

وانطلق الهودج يتبعه عدد من حاملى المشاعل فى غير نظام» وحشد مسن 
الكادب. كانت عشرون قرية تعرف السيدة الوقورء وتعرف نقاط ضعفهاء 
ولسسائهاء و إكساتها الفداظن .:ز كاندق مشرورق قرية تعشيا وفقا للعادات السائدة 
منذ زمن سحيقء ولكن لم يكن أحد يجرؤ أن يسرق شيئا أو يسطو على 
شخص فى نطاق ”ولايتها القضائية' نينا شا قيمة الشديم على الإطلاق. 
ومع ذلك فقد كانت تقوم بجولاتها التفتيشية الرسمية فى استعراضات عظيمة. 
وكان الضجيج الصادر عنها يسمع حتى منتصف الطريق إلى محطة موسورى 
الجبلية (شرقي دلهى). 

وهدأت أعصاب كيمء كما ينبغى أن تهدأ أعصاب كل عراف عند مقابلة 
نظير له. وكان الطبيب لايزال يجلس القرفصاء فقرب الشيشة بقدمه من كيم. 
وجعل كيم يتلذذ بتدخين التبغ الجيد. وكان المتفرجون يتوقعون مناظرة جادة 
بين اثنين من المحترفينء وربما قليلا من العلاج المجانى 

وقال الطبيب ”مناقشة الطب أمام الجهلاء تستوى مع تعليم الطاووس 
الغناء". 

وأرجع كيم صدى الفكرة قائلا ”ما أكثر ما تتمثل المجاملة الحقيقية فى 
شرود الذهن“. وليكن من المفهوم أن هذه كانت من أنماط السلوك الشائعة عند 
من يريدون إيهار أقرانهم. 

وصاح أحد مساعدى الطهاة ”أرجوكما! عندى قرحة فى ساقى. فانظرا 
فيها!“”. 





ا" 





وهتف الطبيب ”ابتعدوا! غوروا! هل من عادات هذا المكان مضايقة 
الضيوف المُكرمين؟ لقد تجمعتم مثل الجواميس”“. 

وشرع كيم يقول "لو عرقت صاحبة المنزل..." 

"نعم نعم! دع عنك هذا. إنهم طعامٌ لسيدتنا. فإذا شفِىَ حفيذها الشيطان 
الصغير فربما تعرضنا نحن الفقراء للمعاناة من...* 

وتققد الخادم الكو قاقد "يدنك اتلكاميف واوخاه اأعتدينا دكات السميدة 
عقابًا على شجّ رأس المرابى. فمن ذا الذى يجرؤ على انتقادها؟” وجعل يبرم 
شاوه السيضنا درق تزعقرة فى سوم القين اذى" اشرو فق اقل قزل امتفين "نهنا 
هنا المسؤول عن شرف هذا المنزل. انصرفوا!” وانطلق خارجًا وهو يسوق 
الأتباع أمامه. 


وقال الطبيب بصوت خفيض يكاد ينحصر فى تشكيل الألفاظ بشفتيه "كيف 
حالك يا مستر أوهارا؟ ما أشد سرورى بمقابلتك من جديد”“. 


وتصلبت يد كيم فى قبضتها على مبسم الشيشة. لو كانت المقابلة قد وقعت 
فى أى مكان آخر أثناء تجواله فربما لم تذهشة هذه الدهشة» وأما هناء فى هذه 
البركة الراكدة بمحاذاة نهر الحياة» فلم يكن مستعدا لملاقاة هورى البنغالى. كما 
أحس بالضيق أيضًا لوجود الغمامة على عينيه. 

"أها! قلت لك فى لوكناو إننى سوف أنهض مرة أخرى ولن تعرفنى 
عندها. ما مقدار ما راهنت به على صدقى؟ هه؟ . 

وجعل يمضغ بتمهل بعض الحبّهان ولكنه كان ضيّق الأنفاس. 

”ولكن لماذا جئت إلى هنا أيها الأفغانى؟” 

"آه! هذا هو السؤال» كما يقول شيكسبير. كنف الكيلتتك: علتد: تتيشيونك 
الممار. لق فى دلهى. آوه! 0 الاج الي كان أداؤك 


ام 








وطن الأزماكة الشديدة) وسو نب مر الآث «المز ند مدياة:وقة حكن لين شيا 
جرىء» فنقلت الخبر إلى المستر لورجان الذى سروه تخرجك بامتياز. والجهاز 
كله مسرور . 


ولأول مرة فى حياته يشعر كيم بالنشوة والزهو الصافى لسماع امتداح 


كالشرك ما دام صادرا من زميل له فى العمل ويضمر تقدير زملاء السهكة. ل 
يكن على وجه الأرض شىء من النوع نفسه يَعدِله. ولكن الرجل الشرقى فى 
أعماق كيم صاح قائلا إن البنغاليين لا يقطعون هذه المسافات الطويلة فى 
أسفارهم لنقل المدائح. 

وقال :تتئراك السلطة "أفطن ينا عتذك. يا بتعا “. 

"أوه! لآ كنىء: كل :قا فى الأمر أننى كنت فى سيملا عندما وصلت 
البرقية التى تذكر ما خبأه صديقنا المشتركء. وإذا بصاحبنا كرايتون...* ونظر 
ليرى كيف يتقبل كيم هذه الجرأة. 


ا .1 


وجاءه تصحيح العبارة من خريج مدرسة القديس خاقيير "بل السيد العقيد”. 

"طبعًا طبعا. وجد أنى لم أكلف بشىء فعهد إلى بالذهاب إلى شيتور حتى 
أحضر الخطاب الملعون. وأنا لا أحب الجنوب» بسبب كثرة السفر بالقطار 
وإن كان بدل السفر المصروف لى كبيرا. هاها! فإذا بى أقابل صديقنا 
المكنترك.فى-طريق: العؤدة: 'إثه يخفى اليا وقول إن التدكن فى زى السستاذو 
كانت انا الف بوهتاة سيف الك أخسق التضيوف # وسراعة لقان بودي 
اللحظة. وقلت لصديقنا إنك بالغ المهارة وأقميمٌ على ذلك! كان العمل رائعًا 
فجئت لأخبرك". 

وخيت كم 

كانت الضفادع تعمل بجد فى خنادقهاء والقمر يميل إلى المغيبء وأحد 


بام 








الخدم السعداء قد خرج للتناجى مع الليل ويدق طبلا فى يده. وجاء سؤال كيم 
التالى باللغة المحلية: 


"كيف اقتفيت أثر ى؟"“ 


"أوة! كان ذلك سير دغر فك من صديتنا ‏ المشفرك: انك ذاضس ادن 
سهارنيورهء فاتجهت إليها. ليس اللامات الحمر أشخاصا يَحْفَى وجوذهم. 
فاشتريت لنفسى صندوق عقاقير» والواقع أننى طبيب بارع إلى حد بعيد. ثم 
ذهبت إلى أكرولا ذات المخاضة» وسمعت كل شىء عنكماء وتكلمت هنا 
وتكلمت هناك. إن العامة كلهم يعرفون ما تفعلان. وك فك يعقيتنا ايتاك 
السيدة العجوز المطشافق هودجها لكما. والناس تتذكر بوضوح هنا زيارات 
الاكما العكوز ::ولمًا كنك اعوف أن العقائن لا :يستطين الأيضساة عق الأدرية 
ايحت : طكدا ).نفل :ميقعت انث حدر ؟ أعتقة أده كان ممتاز ا:صيدقتى ينا 
مستر أوهاراء إنهم يعرفون أمرك وأمر اللاما على بعد خمسين ميلا. .. أقصد 
العامة. وهكذا أتيت. هل تمانع؟”. . . 


وقال كيم وهو ينظر إلى الوجه العريض المبتسم قائلا ”اسمع يا بنغالى. 
إننى سيد ” 

"مستر أوهارا يا عزيزى...“ 

”"وأرجو أن ألعب اللعبة الكبرى”". 

"أنت مرؤوس لى فى الجهاز حاليًا". 


”إذن لماذا تتحدث مثل قرد على الشجرة؟ الرجال لا يقتفون أثر شخص 
من سيمل سن أخل :مضمغ كلوات غذية. لست ملفا تكلم واللقسة الوتدوستكائة 
وذكنا تضبله إلى ل التيطلة: بها إنكت د اكشداا ب ل تحلتتى فى كلئلة و العو يسنن 
كل كن كلمات ها بعتت وشو ذلك هنا؟ أحدا إحابه ماكو : 


"هذا ما يحيرنى حيرة شديدة من جانب الأوروبيين يا مستر أوهارا. لا 
يليق بك ذلك على الإطلاق فى هذه السن“. [ 


يض 








وقال كيم ضاحكا "لكننى أريد أن أعرف. فإذا كانت اللعبة» فربما ساعدت 
فيها. كيف أستطيع أن أفعل أى شىء وأنت تثرثر دون الدخول فى صلب 
الموضوع؟ . 

ومَدٌ هورى البنغالى يَدَهُ فأمسك بمبسم الشيشة وظل يسحب الأنفاس منه 
حتى عاد صوت القرقرة. 

"سأتكلم الآن باللغة المحلية. لا تتحرك يا مستر أوهارا... الأمر يتعلق 
بأضبالة كنتب فخل: من فحول: الخيل: اليضناء”. 

"إلى الآن؟ إنا انتهينا من ذلك من زمن بعيد“. 

"لا تنتهى اللعبة إلا عندما يموت الجميع. لا قبل ذلك. أصغ لى حتى 
النهاية. كان خمسة ملوك يستعدون لحرب فجائية منذ ثلاث سسنوات» عتدما 
أعطاك محبوب على الرسالة الخاصة بأصالة نسب فحل الخيل. وبناءً على 
هذه الأنباء» انقض عليهم جيشنا قبل استكمال استعدادهم“. 

"نعم. ثمانية آلاف رجل مسلحين بالمدافع. أذكر تلك الليلة”. 

”ولكن الجيش لم يواصل الحرب. فتلك عادة الحكومة. إذ أصدرت الأمسر 
بعودة الجنود إلى الثكنات لأنها رأت أنها قد أفزعت الملوك الخمسة؛ كما إ' 
تكاليف إطعام الجنود فى الممرات الجبلية ليست زهيدة. وتعهد اشان من 
الراجات المزودين بالمدافع» وهما هيلاس وبونار» بمهمة حماية مناطق 
الممرات ضد أى هجوم من الشمال. وأبدى كل منهما الخوف ومَدّ يَدِ 
السداقة".وتضيكاة وهو كتهو ل “إلى : اللقدية تلع الاتجليزية قات “إنن أفسيون 
لك هذا طبعًا بصورة غير رسمية إيضاحًا للموقف السياسى يا مستر أوهارا. 
وأما رسميًا فمحظور على انتقادُ أئّ إجراءٍ يتخذه رؤسائى. دعنى الآن أواصل 
ما بدأته: كان هذا التعهد مُرضيًا للحكومة» الحريصة على تجنب النفقات» ومن 
ثم عُقد اتفاق بدفع عدد معين من الروبيات كل شهر على أن يتولى هيلاس 


م 








بعد أن التقيناء وكنت آنذاك أبيع الشاى فى 'ليه“ ثم عيّنت كاتب حسابات فى 
الجيش. وخلفنى الجيش وراءه لأدفع أجور العمال الذين شقوا طرقا جديدة فى 
الجبال. وكان شق هذه الطرق يمثل جانبًا من جوانب العقد المبرم بين هيلاس 
وبونار وبين الحكومة . 

افومآذا؟ ماذا حدت 


"صدقنى كان البرد قارسا أيضنًا فى تلك الجبال بعد انصرام الصيف“» 
وكائك وات .هووى: البتكالن: توس يانه ينكين 'بأنتز ان إلى كيم "كنت أحق 
كل ليلة أن يقوم رجال بونار بذبحى حتى يسرقوا صندوق الأجور. وكان 
أناء كلدت هن :جز اسى: السحابيق: مطنحكون: عل ! أقنيع الك 1 كنت أكائها خورفا 
شديدًا. ولكن فلنئس هذاء سأواصل الحديث باللهجة العامية... أرسلت عدة 


مرات أقول إن هذين الملكين قد اشتراهما الشمال» وقام محبوب على الذى كان 
فى الشمال آنذاك بتأكيد صحة كلامى تأكيدًا مستفيضا. ولكن لم يُتَهَد أى 
إجراء. لم أتل إلا تجميد أقدامى وفقدان أصبع من أصابع قدمى. رفك أقول 
إن الطرق التى دفعنا الأجور للعاملين بإنشائها كانت تنشأ لأقدام الأغراب 
والأعداء". 

0 

اللزوسن: كان الأمن: فكانهة ويح من العدانم قل اتيف للواراء فيا 
أعرف بكلمات لسانى. وحضر محبوب إلى الجنوب أيضنًا. وانظر النتيجة! 
ففى الممرات هذا العامء بعد انصهار الثلج* - وارتجف من جديد - 'إذا 
بغريبين يتجولان متسترين بصيد الماعز البرى. وهما يحملان البنادق» 
ولكنهما يحملان أجهزة قياس المسافات والمساحة الهندسية والبوصلات". 

"اوهو ١‏ الأمن يداد وكيو”. 

"وهما موضع الترحيب الحار من جانب هيلاس وبينار. وهما يقدمان 
الوعود العظمى ويتحدثان باسم قيصر روسياء بالهدايا. وهما يذرعان الوديان 


ا 








حيئة وذفانا قانليق "هذا مكان ماسب لإقانة تحاقظ الضيد: هذا يمكمية إنشاء 
خصدن: هنا ينكن اسه الطريق فى .وبجة الجيشن؟ والطزريق المشان اليه هى 'نفسة 
الذى كنت أدفع الروبيات كل شهر من أجل إنشائه. والحكومة تعرف ولا تفعل 
أى شيعه وأما الملورك التلاقة الأخن: الذيق: لم دفم :لهم المال لخر اينة 'الممرات 
فيخبرون الحكومة بخيانة بونار وهيلاس. وبعد أن وقع الشرء وانتبة لما أقول. 
بعد أن جاء الغريبان بأجهزة المساحة والبوصلات فجعلا الملوك الخمسة 
يعتقدون أن جيشا عظيما سوف يكتسح الممرات غذا أو بعد غدء وأنت تعرف 
أن رجال الجبال كلهم مغفلون؛ بعد هذا كله؛ يَصدُرْ الأمرُْ إلى أنا هورى 
البققاك قائلذ "اذهنع* إلى الشمال“قاتظن ما يفعل الكوييان قاف“ : فقليت: النسيد 
الفنية لبف ناه اقطبية مرقوهة فى المطكدة تفكية فيا الخسنع لالع * 
وعاف بخؤوي إلى لفق الأتخلركية ونذركة مفاحفة: قاقلذ "كلك 1 الى لا كتتكيون 
أوامر شبه رسمية بأن يذهب رجل شجاع فيَّدْسٌ السم لهما حتى يكونا عبرة؟ 
هذاء إذا سمحت لى بإبداء هذه الملاحظة» تهاون ذميمٌ لأقصى حَدّ من جانبكم' . 
ولكن العقيد كرايتون ضحك منى! كل هذا بسبب كبريائكم الإنجليزية الفظيعة؛ 
إذلا تتصورون أن أحدًا يجرؤ على التآمر! لكن ذلك كله هراء". 

وجعل كيم يدخن بِبْطْءٍ وهو يُقَلبْ المسألة على وجوههاء فى حدود ما 
فهمه منهاء فى ذهنه اللماخ: 

"تافسوف تقيه هالا لباتعدة اموه 


"لا! بل لمقابلتهما. فهما قادمان إلى سيملا ليبيعا قرون ورؤوس ما صلداه 
والحكومة تسمح لهما بتسهيلات خاصة. ونحن دائمًا نفعل ذلك بطبيعة الحال. 
إنها كبرياؤنا البريطانية". 

“رذق يننا الذى مقا معيمناة": 





”اسمعنى! ليسا من السودء إذ أستطيع أن أفعل شتى الأمور مع السودء 
ولكنهما روسيان» وهما ممن لا يكترثون لوازع من ضمير أو خلق. وأنا - أنا 
لا أريد أن أختلط بهما من دون شاهد“. 

”هل سيقتلانك؟ . 


”أوه! ذلك لا يهم! فأنا مؤمن تمامًا بمبادئ الفيلسوف الإنجليزى هربرت 
سيسرهء فيما أعتقدء وأستطيع مواجهة الصغائرء كالموت» وهو مكتوب 
على على أية حال ولكن كما تعرف - لكنهما قد يَضْنْربَانِى". 

"لماذا؟” 


وضرب هورى البنغالى كفا بكف فى ضيقء قائلاً ",طبيعة الحال» مسوف 
ألتحق بمعسكرهما فى وظيفة هامشية» كالقيام بالترجمة» أو ربما باعتبارى 
عاجزا ذهنيًا ولا أجد الطعام» أو شىء من هذا القبيل. وعندها يجب علىئ أن 
أجمع ما أستطيع جمعه من معلومات؛ كما أتصور. وهذا يسيرٌ بالنسبة لى مثل 
تمثيل دور السيد الطبيب أمام العجوز. والمشكلة - المشكلة - كما ترىءيا 
مستر أوهاراء أنى للأسف آسيوىء وذلك مصدر أذى خطير لى من بعض 
الجّوانب. كما إننى» إلى جانب ذلكء بنغالى» رجل خوّاف”". 

وقال كيم؛ مقتطفا المثل السائرء ”خلق الله الأرنب والبنغالى. أى عار فى 


6 ٠. 


هذا؟ . 


”"أعتقد أن مرجع ذلك مسار التطور - أو النشوء والارتقاء - بسبب 
الضرورة الأولى» ولكن الحقيقة الثابتة التى لا تتغير فى الجميع هى من يستفيد 
بهذا؟ إننى فى الحقيقة» قطعًاء شديد الخوف! أذكر ذات مرة أرادوا قطع رأسى 
فى الطريق إلى لهاسا (عاصمة التيبت) ولكننى لم أبلغ لهاسا قطء بل ظللت 
جالسًا أبكى يا مستر أوهارًا متوقعًا ضروب التعذيب الصينى. لا أفققرض أن 
هذين السيدين سوف يعذبانى» ولكنى أريد أن أحتاط للطوارئ بوجود مساعد 
أوروبى إن دعت الحاجة“. وسعل وبصق الحبّهان ثم قال ”"إنه طلبُ غير 


م 


رسمى على الإطلاق ولك أن تقول لى ”ل أيها البنغالى“. إن لم يكن لديك 
ارتباط عاجل مع صديقك العجوزء فربما استطعت أن تلهيه» وربما استطعت 
أنا أن أغوى خياله» إذ أريدك ألا تقطع صلتك بى فى إطار جهازنا الحكومى 
حكن : أعشر على فين 'الزياظ تق لقد الإتفعت مكانتك: فى تفلو :مذ أن :قابلت 
صديقى فى دلهى. ولسوف أدرجٌ اسمك أيضًا فى تقريرى الرسمى عندما 
يجرى التحكيم آخر الأمر فى القضية. بكرن حر كاضعة قن الحميلك: زهصةا 
هو سبب قدومى فى الواقع . 

وغمغم كيم ثم قال "نهاية القصة فى رأيى صحيحة. ولكن ما شأن القسم 
الأول؟". 

"تعنى أمر الملوك الخمسة؟ أوه! إنه صحيح إلى حد بعيدء بل إلى أبعد مما 
تتصور بكثير“. وكانت نبرات هورى جادة وهو يضيف ”هل ستأتى؟ إنى 
سأمضى من هنا مباشرة إلى وادى 'ضئؤن'» وبه مروج زاهية الخضرة رائعة 
الألوان. سأذهب إلى موسورىء إلى موسورى الصخرية التى نحبهاء كما يقول 
كل مهذب من الرجال والنساء. ثم أسير عبر رامبور (مدينة شرقى دلهمى 
على نهر 'قوصى') وأدخل بعدها قرية شينى (شمال شرقى سيملا). هذا هو 
السبيل الوحيد الذى يستطيعان القدوم منه. لا أحب الانتظار فى البردء لكننا 
لابد أن ننتظرهما. فأنا أريد أن أحادثهما فى سيملا. فالواقع أن أحد الروسيين 
رجل فرنسىء وأنا أتحدث الفرنسية بطلاقة» ولى أصدقاء فى 'شاندرناجور* 
(على نهر هوجلى؛ شمالى كالكتا)". 

وقال كيم بنبرات تأمل "سوف يَسْعَدُ اللاما قطعًا برؤية الجبال من جديدء 
لم يكن حديثه فى الأيام العشرة الماضية يدور إلا عنها تقريبا. إذا ذهبنا 

"لنا أن نتظاهر بعدم معرفة بعضنا بعضنا أثناء المسيرء إذا كان اللاما 
صاحبك يفضل ذلك. لن أسبقكما إلا بأربعة أميال أو خمسة. فليس هورى فى 
عجلة؛ ولكما أن تلحقا بى فيما بعد. فى الوقت متسعء إذ لابد لهما من التدبير 


58 








ومسح المنطقة ورسم خريطتهاء بطبيعة الحال. سأرحل غداء وارحلا أنتما فى 
اليوم التالى إذا شتتما. موافق؟ اذهب ففكر فى الأمر حتى الصباح. د إن 
الصبح قريب! وتثاءب بتمهل ومضى من دون كلمة متحضرة واحدة وفى 
تثاقل إلى مرقده. ولكن كيم لم ينم طويلاء وارتادته الخواطر باللغة 
الهندوستانية على النحو التالى: 

"أصاب من قال إن اللعبة كبيرة! لقد عملت مساعد طاه أربعة أيام فى 
اقنلا 4 كوي دوعة بودن شر دف لتر وكان ذلك جزءًا من اللعبة الكبرى. 
ومن الجنوب؛ ولا يعلم إلا الله من أى مكان ناء فيه» جاء المهراتاء وهو 
تطازيرى التئؤة الكدوهج كاننا على كداته: وسوف أمضى الآن فأضرب فى 
أقاصى الشمال فى إطار اللعبة الكبرى. حقًا! إنها تجرى كالمكوك فى نسيج 
الهند كلها. وأما نصيبى ومتعتي' ' وابتسم للظلام الدامس. "فأفيق هيما لاذما هناء 
وكذلك لمحبوب علىء وأيضنًا للسيد كرايتون؛ ولكن أولاً للرجل الربانى. إنه 
على صوابء فهذا عالم كبير رائع. وأنا كيم - كيم - كيم - وحيد - شخص 
واحد - فى خضم ذلك كله. لكنئنى سوف أرى هذين الغريبين وأجهزة المساحة 
والقياس فى أيديهما...“ 

وقال اللاما بعد أن أدى صلواته ”ماذا كنت نتيجة ثرثرة الليل؟"”: 


وأجاب كيم "جاء بائع جوال للعقاقيرء ممن يتطفلون عل السيدة. فمسحت 
وجوده بالحجج والصلوات» يتا أن تمائمنا أجدى من مياهه الملونة . 

”وا أسفا على تمائمى! ألا تزال المرأة الفاضلة تريد تميمة جديدة؟". 

"وبكل إصرار . 

”لابد من كتابتها إذن وإلا أُصمَتَيِى بضجيجها" وجعل يبحث عن علبة 
أقلامه. 


فقال كيم ”السهول دائمًا مزدحمة؛ لكنني أتصور أن عدد الناس أقل فى 
الجبال”. 





"أيْنَ منى الجبال والتلوجٌ فوق الجبال!" وقطع اللاما مربعًا صغيرًا من 
الورق يمكن طيه داخل علبة التميمة؛ مضيفا "لكن ما الذى تعرفه عن الجبال؟” 

"إنها قريبة جد“ وفتح كيم الباب ونظر إلى الصف الطويل الهادئ مسن 
جبال الهيملاياء وقد غمرتها أشعة الصباح الذهبية وقال "باستثناء اليوم الذى 
كنت أرتدى فيه ثياب الإنجليز لم تطأها قدمى من قبل”. 

وأخذ اللاما ينشق الهواء الذى أثار أشجانه. 


وطرح كيم سؤاله وأشعة الشروق تخطو فوق الجبال قائلا ”إذا ذهبنا إلى 
الشمال» فهل نستطيع تجنب حر الظهيرة بالسير وسط الجبال المنخفضة على 
الأقل؟... هل كتبت التعويذة أيها الربانى؟” 
"كتبت أسماء سبعة شياطين بلهاءء. لا يستحق أحدها ذرة تراب فى العين. 
وهكذا تجرنا بلاهة النساء إلى الانحراف عن الطريق!". 
وخرج هورى البنغالى من خلف برج الحمام» وهو ينظف أسنانه بطقوس 
متصنعة. وأخذ كيم يتأمل بدنه الممتلئ»؛ وأردافه التفيلة» ورقبته الغليظة كرقبة 
الثورء وصوته العميق» فلم يَبْدْ له ربجلا خرانا» . وأشار كيم إشارة لا :تكناد 
تلْحَظْ وتعنى أن كل شىء على ما يرام؛ وعندما انتهى هورى من تزينه 
الصباحى جاء بحديثه المنمق لتحية اللاما بألفاظ التكريم؛ ثم تناول الطرفان 
إفطارهما كل على حدة؛» بطبيعة الحال» وبعد ذلك عادت العجوز - محتجبة 
إلى حد ما خلف إحدى النوافذ - إلى الموضوع المهم؛ وهو المغخص الذى 
يعانيه الصغار عند أكل المانجو الخضراء. وكانت معرفة اللاما بالطب تقتصر 
طبعا على الإيحاء. كان يعتقد أن مزج روث حصان أسود بالكبريت ولفه فى 
جلد ثعبان علاج ناجع للكوليراء ولكن الرمزية كانت أهم لديه من العلم الطبيعى. 
وأخوتت هووى البتغالي بادقن: أحاذ عق :مو انقته غلك :هذه الآرزاء» حتيى قيال 
اللاما إنه طبيب مهذب. وقال هورى إنه يشغل نفسه وحسب من دون خبرة 
بالأسرار العلياء ولكنه على الأقل يعرف متى يكون فى حضرة أستاذ ويشكر 
الأرباب على ذلك. وأضاف إنه تلقى العلم على أيدى السادة الذين لا تهمهم 


"85 





التكاليف فى قاعات كالكتا الفاخرة» لكنه أول من يعترف بوجود حكمة وراء 
الحكمة الأرضيةء ألا وهى حكمة التراث السامى للتأمل المنفرد. وتطلع إليه 
كيم فى حسد. كان هورى البنغالى الذى يعرفه قد اختفى - ذلك المداهن 
المتوتر طليق اللسان - كما اختفى كذلك بائع العقاقير الصفيق الذى صاحبه 
الليلة البارحة. وبقى هنا ابن الخبرة والمحنء: العاقل المثقف - والمهذب 
0 لتكت ان ف ا الحكمة من شفتى اللاما. وأُسَرّت العجوز إلى 
كيم أن.هذه المستويات النادوة:المخال تستعصين. على إدراكياء قائلة إثها تحسب 
0 المكتوبة بكثير من الحبر الذى يمكن للمرء أن يذيبه فى الماء ويشرب 

لماء فينتهى الأمرء وإلا فما فائدة الأرباب؟. 

وقالت إنها تحب الرجال والنساء» وتحدثت عنهم. عن ملوك صغار 
عرفتهم فى الماضىء وعن شبابها وجمالهاء» وعن هجمات الفهود الفتاقفة 
وغرائب الحب الاآسيوىء وعن العمل بنظام الضرائبء. وإيجارات المساكن؛. 
والشعائر الجنائزية» وزوج ابنتها وإن أشارت إليه فى ثنايا الحديث وحسبء 
إشارات لا يصعب فهمها ورعاية الأطفال وافتقار هذا العصر إلى التأدب. 
وكان كيم المهتم بالحياة فى هذه الدنيا التى سرعان ما ترحل عنها هى» يجلس 
القفضباء واضمًا قدميه كحت طرف“ ثوية» :ويحاول. :استيعات كل كلمة فالتهساء 
واللاما مشغول بهدم نظريات شفاء الأبدان التى يطرحها هورى البنغالى 
نظرية نظرية. 

وعند الظهر لف البنغالى شرائط حول صندوق عقاقيره النحاسى» وحمل 
حذاءه المصنوع من الجلد اللماع الذى يرتديه فى المناسبات الرسمية فى إحدى 
يديه» وفى يده الأخرى مظلة بهيجة تجمع بين اللونين الأبيض والأزرق» 
وانطلق شمالاً نحو وادى 'ضئُون“ قائلاً إن وجوده مطلوب بين الملوك 
الصغرى فى تلك المناطق. 

وقال اللاما ”نرحل نحن فى برد المساء يا تلميذى! فذلك الطبيب العليم 
بالأدوية وأصول المجاملة يؤكد أن الناس فى الجبال المنخفضة أتقياء أسخياء 


ام 








وفى حاجة ماسة إلى مُعَلم. ولن نلبث» كما يقول الطبيب» أن نصل إلى الهواء 
البارد ورائحة الصنوبر”". 


وارتفع صوت المرأة العجوز الحاد قائلا ”تذهبان إلى الجبال؟ ومن طريق 
كولو! ياللسعادة المضاعفة! لولا أننى مشغولة برعاية المنزل لركبت 
الهودج... ولكن ذلك يجافى الحياء ويعرض سمعتى للأقاويل. هووه! أنا 
أعرف الطريقء» كل شبر من الطريق أعرفه. لسوف تقابلون الإحسان فى كل 
معان فالفاش هناك لا تفنم الأحساق عق ذوى الفيظهون الشتنء دوف أصتدر' 
الأوامر بتجهيز زاد الطريق لكما. أتريدان خادمًا يصحبكما حتى أول الطريق؟ 
لا؟... إذن سوف أطبخ لكما على الأقل أطعمة شهية". 

وقال رئيس الخدم ذو اللحية البيضاء» عندما ارتفعت الجلبة فى أرجاء 
المطبخ: ”يا لها من امرأة» سيدتى! لم تنس قط صديقاء ولم تنس قط عَدُوًا فى 
سنوات عمرها الطويل. وأما طهوها الطعام... واه!“ ومر بيديه على بطنه 
الكن: 


كانت الأطعمة تتضمن الفطائر والحلوى والدجاج البارد الذى طبخ حتى 
غدا شرائح وضعت مع الأرز والقراصياء وكان كيم يحمل أثقالها كالبغل! 

قالت المرأة ”إنى عجوز لانفعلى. لا أحد يحبنى الآن» ولا أحد 
يحترمنى» لكن ما أقل مَنْ يَعْدِلِننِى عندما أدعو الأرباب وأجلس القرفصاء أمام 
أوانى الطهى. زورونا مرة أخرى يا ذوى النوايا الطيبة. يا أيها الربانى 
والتلميذ عودا إلينا. الغرفة جاهزة على الدوام والترحيب قائم دائمًا... احرص 
على ألا تلاحق النساء تلميذك ملاحقة مكشوفة» فأنا أعرف نساء كولو. حذار 
أيها التلميذ أن يفر من يديك عندما يشم رائحة جباله من جديد... اسمع! لا 
تحمل حقيبة الأرز مقلوبة... بارك البيت أيها الربانى» واغفر للخدم حماقاتهم“. 

ومسحت عينيها الحمراوين العتيقتين بطرف خمارها وأصدرت صوتا 
كقوقأة الدجاج. 


"8 





وقال كفا غير | "النساء يتكليو. ولكق كاه اكه كن تاكن 61 احخطرتها راقية . 
فإنها مربوطة بالعجلة مستغرقة استغراقا كاملا فى مظاهر هذه الدنياء ومع 
ذلكدنا تلميذى فإنيا فاضلة عظطوف: متضيكاف»: :ولا :قل ليم عافن ببالتقو: 
مق 15 الذن :يقون: إنهنا 5 تككيني الامكقاء ؟“ 

وقال كيم وهو يعيد تعليق المؤن على كتفيه ”لا أنكر أنا ذلك يا ربانى. 
وقد حاولت فى ذهنى» من وراء عينى» 9 أتضمور. مثل هذه وقد تحررت تماما 
من العجلة؛ فلم تعد ترغب فى شىء ولا تتسبب فى شىءء كأنها راهبة". 

وقإي اذانتيا كباخكا: موت ند تكو _عنالذا "والتقيفة انها اعدو 


اا القطووفم امور 

لك انا ولقن: أماهها! اند كقين كت زو ف فرم: الفيو اك وريه “كالكه قلياد 
من اللحكمة ان "كل سداق فقي" 

"وهل ستنسى كيف تطهو اللحم بالخضراوات والزعفران فى ذلك 
لوي 3 

"ذهنك مشغول بأمور تافهة. لكنها تتمتع بالمهارة. إذ أشعر بتجديد نشاطى 
تمامًا. وعندما نصل إلى الجبال المنخفضة سأزداد قوة على قوة. لقد صدق 
الطبيب هذا الصباح عندما قال لى إن نسمة واحدة من الثلوج تلغى عشرين 
عامًا من عمر الإنسان. لسوف نصعد الدروب الجبلية - فى الجبال العالية - 
حتى نسمع خرير مياه الثلوج وحفيف الأشجارء فترة قصيرة. وقال الطبيب إننا 
نستطيع فى أى وقت أن نعود إلى السهول؛ إذ نقتصر على الطواف بالأماكن 
الممتعة. الطبيب لديه علم غزير لكن ليس مَرْهْوًَا على الإطلاق. لقسد كلمته 
أثناء محادثتك مع السيدة عن دُوار معين يصيب قفاى بالليل» فقال إنه ناشئ 


عن الحرارة افيد روتكف اليو اع البارف هن غتقفنا: قلت الأمز قحي قتي 
عجبث كيف لم يخطر ل يخطر هذا العلا ج البسيط تذالي ١‏ 


وقال كيم بلمسة غيرة ”وهل أخبرته بمسألة بحثك؟" كان كيم يفضل أن 


عم" 


يسيطر على اللاما بحديثه هو لا من خلال أحابيل هورى البنغالى. 
انكل تأكيق الخبركه يكلم بوبالاتارية الاق كفيك به لقان يان 
جَعَلتك تكتسب الحكمة". 


"لم تقل له إننى من السادة؟ . 


اذ تلك كوت لفوهوات كفية الناامجموة و جين سهان الى 
الهروب. وقال لى - وهو محق فى قوله - إن نهر الشفاء سوف يتفجر حتى 
فى منامى؛ وعند قدمئى إن لزم الأمر. أعلمٌ أننى اهتديت إلى الطريق الذى 
سوف يحررنى من العجلة» فهل أرى ما يدعو إلى مكابدة الاهتداء إلى طريقى 
وسط حقول الأرض وحسبء وهى وهم؟ لو حدث لكان غباء. إن عندى 
أحلامى التى تتكرر ليلة بعد ليلة» وعندى القصة البوذية الحكيمة» وعندى أنت 
يا صديق العالم كله. كان مكتوبًا فى طالعك أن ثور! أحمر فى حقل أخضر - 
لم أنس ذلك - يرفعك إلى مرتبة الشرف. ومن غيرى عمل على تحقيق تلك 
النبوءة؟ حقا كنت أنا الوسيلة وحسب. ولسوف تعثر لى علي نهرىء فأنت 
بدورك وسيلة تحقيق ذلك. البحث مؤكد النجاح!". 


ويَمم وجهه ذا اللون الأصفر العاجى» الوادع الذى تغشاه السكينة. صوب 
الجبال التى كانت تدعوهء وقد امتد ظله طويلا خلفه فى التراب. 


الفصل الثالث عشر 

مَنْ عرف الشؤق إلى البّخرٍ المترَامبى الأَرْجَاء؟ 

والأمواج المُتَعَجْرفَة الشمّاءِ؟ 

والريجقة فى المركب وتَعَثرها إذْ تجرف مَعَ الأنواغ 

مِن قبل ظهُور مُقَدّمِها الطاعن لنجُوم الخضتراء؟ 

والسَحُب المُنتَظِمَة فى أَيُدى ريح التَجّار"؟ 

وهدير الفيْرُوز على الجُرف بِعْمْق المَاء؟ 

والكخراك الفح تحت دون جز اد 

لا يُْلِنْ عنها شئغ» والرّغد القاصيف بالأشرعة البَيْضَاء؟ 

مَنْ نَاقَ ولا عَجَبْ إلى ذلك أَجْمَعَ فى كل عَجِيب 

وَجَدَ البَخرَ هُوَ البَخْرٌ وما عْيْرٌ البخر غريب 

فالبَُْ كَفِيل» لا شىء ميواةء أن يَمْاذُ كل كيَّاية 

وكذاك يتوق رجال الجبّل إلى الجبّل وأركانة! 

(البحر والجبال) 
"من يذهب إلى الجبال يذهب إلى أمه“. كانا قد عبرا تلال سيواليك (فى 

جنوب كشمير) ووادى 'ضئون“ شبه الاستوائى» تاركين 'موسورئ' وراءهماء 
واتجها شمالاً فى الطرق الجبلية الضيقة. وكان يزيدان من تعمقهما يومًا بعد 
يوم فى الجبال المتراكم بعضها فوق بعضء وفى كل يوم كان كيم يلاحظ أن 
اللاما يستعيد عنفوان الرجال. كان اللاما أثناء عبورهما المصاطب الزراعية 
فى ولاى. "كلون” ينه إلى كققة, الفسبى» ويرك والوقرف اللرراحة في 
المحطات على جانب الطريق. وتحت الربوة العظمى المؤدية إلى موسورى 
وقف ليستجمع شتات قوته مثل صياد عريق يواجه ربوة يذكرها تماماء وبدلا 


7 


من أن يتهادى مرهقا ألقى أطراف أثوابه الطويلة حوله» ونشق نشقة عميقة 
ملأت رئتيه من الهواء الماسىء وانطلق يمشى مشية لا يستطيعها إلا أهل 
الجبال. وكان كيم الذى نشأ فى السهول وغذته السهول» يتفصد عرقا ويلهث 
فى دهشة من صاحبه. وقال اللاما ”هذا بلدى أناء وإذا قورن هذا بمرتفعات 
سو يو نا اي الس مد قرم ملحتو ل ررك اود مقطو كط وافف انق 
بَدَفعات منتظمة من عضلات ظهره. وأما عند الهبوط من المرتفعات ذات 
الزوايا القائمة» مسافة ألف متر فى ثلاث ساعاتء فقد ابتعد اللاما تمامّا عن 
كيم الذى شعر بأوجاع فى ظهره نتيجة مقاومة التدحرج فى المنحدرات» كما 
كان الأصبع الكبير فى قدمه يوشك أن يقطعه رباط صندله الذى جُعِل للسير 
على الكلاً. إذ انطلق اللاما يمشى دون أن يبدو عليه التعب خلال الظلال 
الرقشاء لغابات دوح الدردارء وأشجار البلوط التى تعلقت بها نصال نبات 
السرخس كالزغب والريش؛ وأشجار الصنوبرء والبتولاء والبلوط الأخضرء 
وأشجار'الوردية“» حتى جوانب التلال الجرداء إلا من الكل الذدى لوحته 
الشمس وتنزلق عليه الأقدام» والعودة من جديد إلى برد الأدغال وحيث تتخلى 
أشجار البلوط عن أماكنها للخيزران ونخيل الوادى. 

وكار كي لقره كله فى الحون كدي كل جرع قائل :عير ادبو على 
الطريق الذى قطعاه وقد غدا خطا رفيعًا شاحباء ثم يبدأ فى التخطيط بما يتسم 
به ابن الجبال من اتساع نطاق الرؤية» لمسيرات جديدة فى اليوم التالى» أو 
يتوقف فى عنق ممر جبلى يؤدى إلى نهر “سييتى” ذف الهيملايا ومدينة 
كولو» كى يمد يديه فى شوق إلى الثلوج السامقة على حافة الأفق. وكان 
منظرهما فى الفجر يشبه لهبًّا أحمر يتراقص أمام السماء الزرقاءء عند هبوط 
أول أشعة للشمس على قمم جبل كيدارناث وجبل بدريناث» ملكى تلك البرية. 
وكان الجبلان طول النهار يبدوان كالفضة المصهورة تحت الشمسء ثم يلبسان 
حلِيهما من جديد فى المساء. كانت أنفاس الجبلين معتدلة على المسافريْن» 
رياح يطيب تلقيها والمرء يزحف فوق ظهر خنزير ضخم., ولكن بعد بضعة 
أيام» وعلى ارتفاع ثلاثة آلاف متر أو أكثرء أصبحت تلك النسائم لاذعة؛ 





"78/ 


وتخطفا: كيم اسمخ لقزية :مخ «زجال. الخيال :ياكتباب"الامتيار: .بإغطاثة :معطفا 
كالبطانية خشن الضوف: وأحس اللاآما بالدهشة إلى حد ما من أن يعترطن أحد 
على النسائم الحادة كالسكين التى أزاحت سنوات من أثقال العمر عن كاهله. 

"ليست هذه يا تلميذى غير تلال منخفضة. لن تشعر بالبرد إلا حينما نأتى 
إلى الجبال الحقة“. 


وقال كيم ”لا بأس بالهواء والماءء والناس أتقياء فعلا؛ ولكن الطعام بالغ 
السوء“. ومضى كيم فى تذمره فأضاف "ونحن نسير كأننا من المجانين أو 
الإنجليز. وتهبط الحرارة ليلا إلى درجة التجمدء أيضنا“. 

"ربما إلى حد ما. ولكن إلى الدرجة التى تجعل العظام العتيقة تستمتع 
بالعين» ينيقي الآ تتعوكائما بالرن الليدة والطهام النسه”: 


"دعنا على الأقل نلتزم بالطريق” 


كان كيم يكن حب ابن السهول للدرب المعتاد الذى يتلوى كالثعبان بين 
الجبال وإن لم يكن عرضه غير مترين أو أقلء» وأما اللاماء ابن التيبت» فلم 
يكن يستطيع الامتناع عن سلك طريق مختصر فوق الأشواك وأطراف 
المنحدرات المفروشة بالحصى. وعلى نحو ما أوضحه لتلميذه المتعثرء 
يستطيع من نشأ وترعرع وسط الجبال أن يتنبأ دائمًا بمسار طريق جبلى» 
وعلن: الررعع. يمن أن السحب المنخفضة قد تمثل عقبة للغريب الذى ينشد 
الطرق المختصرة؛ فإنها لا تعنى كثيرا أو قليلا لرجل متوقد الذهن. وهكذا 
وبعد ساعات طويلة مما يدخل بالحق فى باب تسلق الجبال فى أى بلد 
متحضرء إذ بهما يلهثان فوق صخرة بين قمتين» ويسيران حذريْن لتحاشى 
بعض الانهيارات الأرضية» ثم يهبطان إلى غابة بزاوية قدرها خمس وأربعون 
درجة عائدين إلى الدرب. وعلى امتداد مسيرتهما كانت تقوم قرى أبناء 
الجبال؛ - أكواخ من الطين والتراب» والألواحٌ الفقيدة التفكوقة كيان تالقان 
56 ساذجا 2 وفلف مامكا تنه لوو الكطاف «السيفوو القن قي د 
مختبئة فوق مساحات محدودة من الأرض المنبسطة فى منتصف مُنزلق على 


١ 


الجليد الجبلى ارتفاعه ألف مترء أو مُنَدْسّةَ فى مضيق بين الصخور يمر به 
النسيم العابر فيزداد اندفاعًا وتركيزاء أو قابعة - طلبًا لمراعى الصيف - فى 
زاوية يغطيها الثلج فى الشتاء إلى ارتفاع يزيد عن مترين؛ والناس ذوو 
الرعوه القاهة الاقاكة ينا يلد الريك سوق طاطكه بضيوافية يطول 
الركبة» ويتميزون بأرجل قصيرة عارية ووجوه تشبه الإسكيموء» ويحتشدون 
خارج المساكن للصلاة. كان رجال السهول الذين يتسمون بالعطف واللطف قد 
عاملوا اللاما معاملة رجل ربانى بين رجال ربانيين» ولكن رجال الجبال كانوا 
يعبدونه باعتباره حاملاً لأسرار جميع الشياطين. كان دينهم يكاد يكون بوذية 
مطموسة بعد أن كستها طبقات من عبادة الطبيعة» غريبة مثل أراضيهم؛ معقدة 
نال قعوية النصناظب: اللازمنة لحتؤليم الضعيزة: ولكتهم تعرفوا على القدعة 
السيكية» :و المتحكة اللستتعقويو التصو ف الهنيفية تاذو ف المقال اذى لشن 
بالثقة الهائلة» وأبدوا احترامهم للابس القبعة. 

وقال رجل من مقاطعة 'بيتا' (على خليج كراتشى) "شاهدناك مقبلا من 
الفورككهانك: السسوةام فى" 1و1 #توكدو اليننا السين و البق الكارى بوالخير ذا 
الفكلانة الحخرجة ذاق ساك قاقاك "(ننا الاتترتاكة تلق المتطاقة اقفر [:] لا نهنا 
تشرد فى الصيف الأبقار أثناء وضع عجولها. إذ تهب الريح فجأة بين أحجار 
تلك المرفعات: فتطرخ: الرهال: اهنا حتى فى أأشد. الأيام سنكونا..«ولكق: لم 
يحفل هؤلاء الناس بشيطان 'إيوا'! ". 

كان كيم يشعر بالأوجاع فى كل جسمهء وبالدوار من النظر إلى أسفل» 
وقدماه تؤلمانه بسبب حشر أصابعهما فى زوايا ضيقة» لكنه أحس عندما سمع 
هذه الكلمة بالفرحة» مثلما كان التلميذ فى مدرسة القديس خاقيير يفرح حين 
يفوز بسباق ربع الميل على الأرض المنبسطة لسماع مدائح أصدقائه. كانت 
الجبال قد فصدت من جسمه العرق فأخرجت السمن والحلوى الدهنية من 
عظامه؛ وكان الهواء الجاف. الذى أسال دمع عينيه فى قمم الممرات القاسية؛ 
قو كك لعا ةف ٠‏ أضيلة غم العانابو اكول سنا وها كنا" أت اعون الفاكلة: إلى 
إفيافة فلات مقيدة جديةة ال بتاقية وفكذية؛ 


8 








وكثير! ما كانا يتأملان عجلة الحياة» وكان يزيد من ذلكء؛ كما قال اللاماء 
تحررهما من إغراءاتها البارزة» إذ كانا وحدهما مع الرياح والكلاً الذى يغنى 
فى الريحء باستثناء العقبان الغبراء» ودب يُْرَى على البعد أحيانا وهو يعتلف 
مستخرجًا جذور النباتات على جانب الجبل» ومقابلة فهد ضار غريب الألوان 
يلتهم عنزاء ورؤية طائر ذى ألوان براقة من وقت لآخر. وأما النسوة فى 
الأكواخ التى يتصاعد منها الدخان والتى كانا يمشيان فوق سقوفها وهما 
يهبطان الجبال» فلم يكن يتسمن بالجمال أو النظافة» زوجات أزواج كثيرة: 
ويعانين من تضخم الغدة الدرقية. وكان الرجال يعملون بقطع الأخشاب أو 
الزراعة؛ ويتسمون بالوداعة وبساطة لا تصدق. ولكن القدر أراد للمنطق 
النجاح فأرسل لهما الطبيب البنغالى المهذب الذى أدركاه وأدركهما أثناء 
الطريق» وكان يدفع ثمنَ طعامه مراهم لمعالجة الغدة الدرقية ونصائح 
للمضالحة بين: الوجال والنساء. وكان فيما يبدو يعرف .هذه الكبال ولهحات 
أهلهاء وقدم للاما خريطة الأراضى فى اتجاه 'لاداخ* (منطقة حدودية شرقى 
كشمير) والتيبت. وقال إنهم يستطيعون العودة إلى السهول فى أية لحظة؛ وقد 
يجدون الطريق البعيد ممتعًا ماداموا يحبون الجبال. ولم يبح بهذا كله فى 
حديث واحد بل فى عدة لقاءات مسائية فى ساحات الأجران الحجرية بعد أن 
يصرف الطبيب المرضى ويبدأ التدخين» وحين يجلس اللاما لنشق السعوطء 
وكيم يتأمل الأبقار الصغيرة ترعى على أسطح المنازل» أو يهوى بروحه بعد 
عينه عبر الخلجان العميقة الزرقاء بين سلاسل الجبال. كما كانت تدور 
أحاديث جانبية فى الغابات الظلماء التى يجمع الطبيب منها الأعشاب» وعلى 
كيمء باعتباره طبيبًا ناشئاء أن يصحبه. 

"كما ترى يا مستر أوهاراء لا أعرف بحق الشيطان ما سوف أفعله عندما 
أحِكضكيقنا الدناسيين»«لكتتى سافن :بارقاح كنيو الى تكربك وكتللك على 
مرأى من مظلتى وهى نقطة ثابتة صالحة للمساحة التفصيلية للعقارات". 

وألقى كيم بصره عبر غابة القمم ثم قال "ليس هذا موطنى أيها الطبيب. 
وأظن أنه من الأيسر العثور على قملة فى فراء الدب“. 

5 


”أوه! هذه نقاط قوتى. ليس هورى فى عجلة. كان الاثنان فى 'ليه* منذ 
فتودة بكرو لوول رواقا لا إنهها! نظا مق طنظة جبان "قر در «زمعيم رودن 
والقرون وما إلى ذلك. كل ما أخشاه أن يكونا قد أرسلا كل خطاباتهما 
والأشياء التى تدينهما من 'ليه' إلى الأراضى الروسية. ولسوف يبتعدان فى 
اتجاه الشرق؛ بطبيعة الحال؛ إلى أقصى حد ممكنء لكى يُدْبِنَا أنهما لم يكونا فى 
الوالاناك] العرجية نقلي 01 قمر نت اتكران؟ ",وهيل تحط نطو شندين على 
الأرض قائلا ”انظر! لا بد أنهما أقبلا من طريق سريناجار أو 'أبوتأباد»» فهذا 
أقصر الطرق المتاحة لهماء وبحذاء النهر مرور" ببلدتى بونجى 
و 'أستور”' . لكنهما يعرفان ما ارتكباه من شر فى الغرب؛ ومن ثم“ - ورسم 
خطا عميقًا من الشمال إلى اليمين - ”فهما يسيران ويسيران مبتعديّن شرقا 
عق "ليد (101 الحو ناررد. خذاك "تحتف اع دهن" إلذوين "حكن "فا الى "ونا 
أعرف ذلك الطريق) ثم إلى بوشهر (راميور باشهرء بلدة فى جبال 
الهيمالايا) ووادى 'شينى”' كط ذلك من خلال استبعاد ما هو غير 
محتمل وتيقنت منه بطرح الأسئلة على الذين أعالجهم بنجاح. لقد قضى 
صاحبانا وقتا طويلا 'يلعبان* ويرسمان الرسوم؛ ولذلك وصل صيتهما إلى 
أقصى مكان. ولسوف ترانى وأنا أصيدهما فى مكان ما بوادى 'شينى'. أرجو 
ألا تغفل عينك عن المظلة". 

وحنت المظلة رأسها مثل زهرة عصفت بها الريح فى الوديان وعلى 
جؤانب.: الجبال» وقال. اللاما وكيم 'إنهما سيٍضلحانها فيما بعد .وهما يسيران 
مينديين البوطيلة فى يد كيده ابيع المور الهم والمستاحيق فى النفناغوقال اللانا 
جنا “من هذا الطويق وناك" مشو | ممع زوق اهتمام إلى الوراءء حيث 
الأخاديد» وعندها كانت المظلة تتفانى فى الثناء والإطراء! 


وعبرا ممرا جبليًا تغمره الثلوج فى ضوء القمر الباردء وإذ ذاك بدأ اللاما 
- من باب الممازحة الخفيفة لكيم - يسير فى الثلوج التى وصلت إلى ركبتيه؛ 
مثل جمل 'بكتيرى'» من النوع الذى نشأ وترعرع فى الثلوج» والغزير الشعرء 


50 


الذى كان يأتى إلى سراى كشمير. وكانا يغمسان أقدامهما فى أحواض من 
الثلج الخفيف» وفوق الأحجار التى انتشر عليها الثلج» حيث كانا يحتميان من 
الفورة 'العصبية“ التى اجتاحت مُخْيّمًا لأبناء التيبت الذين كانوا يسوقون فى 
عجلة أغنامًا ضئيلة الجرم» وكل منها يحمل كيسا من ملح البوراكس. وخرجا 
إلى جانب فى الجبل ينمو عليه الكلاً ومازالت الثلوج تنتثر فوقه» ثم عبرا غابة 
حتى وصلا إلى الكلاً من جديد. ورغم هذه المسيرات التى قطعاها كلهاء لم 
يتغير شىء فى جبلى *كيدارناث* و'بدريناث'» ولم يُقَدّْ لكيم إلا بعد أربعة 
أيام من الترحال» وهو مستلق فى سرير شبكى حقير معلق على ارتفاع ما 
يزيد على ثلاثة ألاف مترء أن متيف نه السكل الخارجى لعقدة على جانب 
الجبلين - الملكين العظيمين - أو لجامود من جلاميدهماء قد تغير ولو تَغيْرَا 


وأخيرا دخلا إلى عالم فى جوف عالم آخرء واد عرضه فراسخ» حيث 
تشكلت التلال العالية من الركام والأنقاض نفسها المتساقطة من وسط الجبال. 
وفى هذا العالم لم يتقدما بعد مسيرة يوم كاملء فيما يبدو» إلا كما يحاول الحالم 
بأقدام مقيدة أن يتقدم فى كابوس. سارا ساعات أليمة بحذاء جانب جبلى فاإذا 
هما لدهشتهماء لايزالان بجوار نتوء فى ركيزة بارزة من ركائز الكومة 
الرئيسية! وعندما وصلا إلى أحد المروج المستديرة إذا به هضبة شاسعة تمتد 
إلى أقاصى الوادى. وبعد ثلاثة أيام لم تكن تلك سوى طية من طيات الأرض 
فى اتجاه الجنوب. 

وكال' كي "أرما تسق ها قطنا" كلفد أن غليه يدت مور فك :قدا 
ظلال السح و انقثناعينا بع المطاق ,"انين لذ اشكانا طشان 

وقال اللاما كأنما يحدث نفسه "منذ زمن بعيد بعيد ستل المولى إن كان هذا 
العالم خالدا. ولم يجب الواحد الممتاز عن هذا السؤال... وعندما كنت فى 
سيلانء» أكد لى ذلك باحث حكيم استنادًا إلى الكتاب المقدس المكتوب باللغة 


5 








الحيتالثة: وقطقا ما وهنا تغرف الظريق: إلى الخوية»: فالسؤال” لا نكم اقيم 
ولعن... اتكلنواغرفته لزه ذا تلفيذئ 1 هدط فى" الجبال: الحفة! إنها 'مقال 
جبالى فى سوخزين. ليس فى الدنيا نظير لهذه الجبال!” 

ومن فوقهماء كانت الأرض ترتفع بأبعاد لاتزال هائلة متجهة نحو خط 
الكاوع سيف تتفي لكل ١‏ السفان بالبتولة الكسود» الح تت سفوفه] فق الشيررق 
إلى الغرب عبر مئات الأميال» منتظمة كأنها رسمت بمسطرة. وكانت 
الصخور فوق هذه تبرز فى سفوح شديدة الانحدار وجلاميدء مكافحة حتى 
تشرئب رؤوسها فوق الدثار الأبيض الخانق. ومن فوق هذه أيضا كانت التلوج 
السرمدية التى لم تتغير منذ بداية العالم» وإن كانت تتغير وفقا للأمزجة 
المتفاوتة للشمس والسحب. كانا يستطيعان رؤية بقع ولطخ على وجهها حيث 
اكيت العو سانا تنه المقيوة الحوالة روفن ككتيي :فى بمزفدينا كانت 
الغابة تنزلق مبتعدة كأنها ملاءة انيسطت من اللون الأخضر الضارب للزرقة» 
ميلا من بعد ميل» وتحت الغابة شاهدا قرية تتناثر فيها الحقول على المصاطب 
وأراضى الرعى السامقة. وكانا يعرفان بوجود مساحة يصل طولها إلى نحو 
6 أو مه مشر على الرغم .فين تدين غخاضفة ويعدية «متلقة :فى فلك 
اللحظة» تؤدى إلى الوادى البليل حيث تجتمع الجداول التى يخرج من رحمها 
نين :سلوج الولية: 


وكما هو معهود كان اللاما قد قاد كيم فى دروب الأبقار والطرق الفرعية؛ 
بعيدًا عن الطزيق الرئيسى الذى كان هورى البنغالى» ذلك ”الرجل الخواف: 
قذ انظلق :مسرحا فيه .على. ظين. خواذه. قبل كلاكة أيام محتملا عاضفة 'يفضل 
معظم الإنجليز تحاشيها. لم يكن هورى البنغالى يجيد الصيد بالبندقية - وكان 
ضغط الزناد يغير لون وجهه - لكنه» كما كان يمكن أن يقول هو نفسه» كان 
'بارعًا فى المطاردة“؛ وكان قد أجرى 'مسمًا' للوادى الهائل بمنظاره المُقرّب 
الرخيص لغرض ماء أضف إلى ذلك أن اللون الأبيض للخيام المصنوعة من 
الحوان البالى. بوسظ" لاون (الالحضين :نمال وزينة. .من اناك ونيد ركان 
هورى البنغالى قد شاهد كل ما أراد حين جلس فى ساحة جرن فى زيجلاور: 
16 








التى تبعد بمسافة ثلاثين كيلو مترًا إن طرت إليها مباشرة كالعقاب» ونحو 14 
كيلومترا من الطرقء لكنه لم يشاهد غير نقطتين صغيرتين كانتا ذات يوم 
تحت خط الثلوج تمامّاء وفى اليوم التالى هبطتا على جانب الجبل نحو ست 
بوصات. كان بعد أن يغتسل ويتهيأ للعمل» يجد أن ساقيه العاريتين السمينتين 
قادرتان على قطع مسافات طويلة إلى حد مدهشء وكان هذا ما يفسر ما 
حدث. فبينما كان كيم واللاما يكمنان فى كوخ فى زيجلاور ينتظران مرور 
العاصفة؛ كان بنغالى مداهن بلله المطرء وإن ارتسمت بسمة دائمة على شفتيه. 
يتكلم أرقى لغة إنجليزية» مستخدمًا عبارات بالغة الفظاظة» وهو يتزلف متودذدا 
إلى اثنين من الأجانب قد أغرقتهما العاصفة وبدا أنهما يعانيان من الروماتيزم 
إلى حد ما. كان قد وصل وهو يقلب فى ذهنه الكثير من الخطط الخيالية» فى 
أعقاب عاصفة فلقت شجرة صنوبر فوقعت على مخيمهماء فأقنعت عشرة أو 
عشرين من عمال نقل الأمتعة الذين يعملون بالسخرة بأن اليوم مشئوم لا 
يسمح السفر إلى أبعد من هذاء وهكذا ألقى الجميع أحمالهم ورفضوا العمل. 
كانوا من رعايا أحد راجات الجبال الذى كان يستغل جهودهم؛ كما جرت 
عليه العادة» لتحقيق مكاسب شخصية» وزاد من أحزانهم أن السيدين الغريبين 
كانا قد هَدَّدَاهما بالبنادق» وكان معظمهم يعرف البنادق والسادة القدماء» الذين 
كانوا يمارسون المطاردة والصيد فى الوديان الشمالية» وينشدون صيد الدببة, 
والماعد "اللي لقنيى لع تامار كل على ةا ,انكو .فى اتيم بوهكةا 
احتضنتهم الغابة» وعلى الرغم من جميع الأيمان والضجيج رفضوا العودة. لم 
يجد البنغالى ما يدعو إلى التظاهر بالجنون» بل دبر وسيلة أخرى لضمان 
الترحيب به. فعصر ملابسه المبتلة وجففهاء ولبس حذاءه المصنوع من الجلد 
اللامع» وفتج فوق رأسه المظلة ذات اللونين الأبيض والأزرق» وتقدم يتبختر 
بقلب يدق دقا عنيفا صعد إلى حلقه؛ وظهر فى صورة "وكيل صاحب السمو 
الملكخى» راجا راميورهء أيها السيدان. أنا فى خدمتكم!“. 

كان الرجلان سعيدين. كان أحدهما بوضوح فرنسيّاء والآخر روسى. 
لكنهما كانا يتحدثان الإنجليزية بإتقان لا يقل عن إتقان البنغالى لها وطلبا منه 


ا 








يذل مساغية: الحميدة: قالا إن «خدميما المحلرين تركوهما “سيب المرطن: :فئن 
أليه': وإنهما واصلا السفر مسرعين لحرصهما على الوصول بالغنائم إلى 
اس فل أن تشوت اكه الفراء. وكانا يحملان خطاب توصية عام (حياه 
البنغالى التحية الرسمية بالأسلوب الشرقى) موجهًا إلى جميع المسؤولين 
الذكويون + و اكرة انها صانناء ان ماين أخن شن 0 وقالا إنهما 
يعتمدان على أنفسهما ولديهما مؤن كثيرة. وكل ما يطمحان إليه مواصلة السير 
فى أقرب فرصة. وعند ذلك تربص البنغالى بأحد أبناء الجبال» وكان قابعًا فى 
خوف بين الأشجارء وبعد محادثة لمدة ثلاث دقائق ودفع قليل من الفضة - 
فالمرء لا يملك الاقتصاد فى النفقات فى خدمة الدولة» وإن كان قلب هورى 
ينزف لذلك الإهدار - عاد العمال الأحد عشر والمتطفلون الثلاثة إلى الظهورء. 
قائلين إن البنغالى سوف يكون شاهذا على ظلمهم؛ على الأقل. 

"سيدى 'الملكى2؛ سوف يشعر بالضيق ولكن ليس هؤلاء إلا من العامة 
ولديهم جهل شديد. وإن تعطفتما يا صاحبى السمو فتغاضيتما عن هذا الحادث 
المؤسفء. فلسوف يسعدنى ذلك سعادة بالغة. سيتوقف المطر بعد قليل ونستطيع 
عندها مواصلة المسير. كنتم تصيدان؟ هذا أداء رائع!”“. 

وجعل يتنقل بخفة من سلة إلى سلة متظاهرا بتصحيح أوضاع كل سلة 
مخروطية. من المعروف أن الإنجليزى ليس» بصفة عامةء على علم 
بالآسيوىء ولكنه لن يوجه ضربة لمعصم البنغالى العطوف إذا أسقط عرضنا 
سلة مغطاة بمشمع أحمر. ومن ناحية أخرى لن يلح فى دعوة بنغالى إلى 
الشراب» مهما يكن ما يضمره من الود له؛ ولن يدعوه إلى تناول اللحم. وقد 
فعل الغريبان ذلك كله وطرحا أسئلة كثيرة -- معظمها عن النساء - وأجاب 
البنغالى عنها فى مرح إجابات غير مدروسة. وقدما إليه شرابًا أبيض يشبه 
'الجين:. ثم المزيد منه» فما لبث أن تخلى عنه وقاره. وأصبح يتحدث 
جديا ينم عن القيانة "النكلة مستكهذمًا الفافدًا داك يذاه شاملة عن 'الحكومة 
التى أرغمته على تلقى تعليم الرجل الأبيض من دون أن تكافته بأجر الرجل 
الأبيض. وجعل يثرثر بحكايات عن القهر والظلم حتى سالت الدموع على 
0 








خديه لذكر الشقاء والتعاسة فى البلاد. ثم مضى يترنح وهو يغنى أغانى الحب 
الشائعة فى البنغال السفلى حتى انهار فوق جذع شجرة مبلل. لم يسبق أن أَلقِّى 
بمثل هذه الثمرة البائسة للحكم الإنجليزى فى الهند بهذا الأسلوب المؤسف على 
اثنين من الأجانب. 

وقال أحد الرياضيين للآخر بالفرنسية ”كلهم على هذا النسق تمامًا. وعندما 
ندخل الهند نفسها سترى. أود أن أزور الراجا رئيس هذا الرجلء فربما 
زكيناه للراجا. ومن الممكن أن يكون قد سمع عنا ويود التعبير عن نواياه 
الطبية . 

وأجاب رفيقه قائلاً "ليس لدينا وقت. لابد أن ندخل سيملا فى أقرب وقت 
مفكن.. .و أما 'أنا كفو ل١‏ لبتنا كنا أرسلنا قاريونا محم ادس او رحتى. .مين 
اليه“ 0 

"البريد الإنجليزى أفضل وأسلم. تذكر أنهم قدموا لنا كل التسهيلات - 
واسم الرب! - منحونا ذلك أيضًا! هل هو غباء لا يصدق؟". 

"إنها الكبرياء. الكبرياء التى تستحق العقاب وسوف تلقام . 

"نعم. محاربة زميل أوروبى فى لعبتنا أمر عظيم. وفيه مخاطرة» ولكن 
هؤلاء الناس... برحَى! إنه أيسر مما ينبغى". 

”إنها الكبرياءء ذاك كله من الكبرياء“. 

وقال هورى وهو يغط فاتحًا فاه فوق العشب المبلل ”ولكن ما فائدة قرب 
شاندر ناجور من كالكتاء لو لم أكن أستطيع أن أفهم لغتهما الفرنسية؟ إنهما 
يتكلمان بسرعة شديدة. كان من الأفضل كثيرا! أن أقطع رقابهما اللعينة". 

وعندما عاد إليهما من جديد كان يعانى صداعاء ويبدى الندم؛ ويعلن بألفاظ 
لا حد لها عن أمله فى ألا يكون مكرٌهُ قد جعله يبوح بما لا ينبغى له. قال إنه . 
يحب الحكومة البريطانية»ء فهى مصدر كل رخاء وشرفء وإن سيده فى 
راميور يرى الرأى نفسه. وعندما قال ذلك بدأ الرجلان السخرية منه 


5 1/ 








وتذكيره بما قاله من قبل» حتى انهزم البنغالى المسكين وتراجع خطوة خطوة؛ ‏ 
وتخلى عن دفاعه» واضطلً يبسمات استنكار متكلفة» وضحكات مداهنة» 
ونظرات لا حد لخبثها ومكرهاء إلى أن يقول الحق. وعندما سمع لورجان 
القصة فيما بعدء أعلن بصوت عال عن حزنه لأنه لم يكن فى مكان العمال 
الغافلين العنيدين الذين وضعوا حُصْرَا من الكل فوق رؤوسهم وشاهدوا 
قطرات الماء تملأ الحفر التى حفرتها أقدامهم» وجعلوا ينتظرون تغير الطقس. 
كان كل السادة الذين يعرفونهم رجالا يلبسون ملابس خشنة ويعودون غاما ميث 
بعد عام إلى خنادقهم المفضلة» وكانوا يستأجرون خدمًا وطهاة وأتباعًا بل 
بعض رجال الجبال فى أحيان كثيرة. وأما هذان السيدان فكانا يقومان 
بأسفارهما من دون أية حاشية. وهكذا فقد كانا سيدين شديدى الفقرء وجاهلين؛ 
إذ لا يقدم سيد عاقل على العمل بنصيحة بنغالى. ولكن البنغالى الذى ظهر من 
مكان ماء أعطاهم نقودًا وتحايل حتى فهم لهجتهم. ولما كانوا قد اعتادوا سوء 
المعاملة الشامل من أبناء جلدتهم فقد اشتبهوا فى وجود فخ منصوب لهم فى 
مكان ماء وظلوا على استعداد للفرار إذا لاحت الفرصة. 

ثم انطلق الجميع فى الهواء الذى غسلته الأمطار لتوهاء والذى تنتشر فيه 
أبخرة تحمل الروائح اللذيذة للأرض والبنغالى يقود الطريق فى المنحدرات. 
ماشيًا أمام العمال فى كبرياء؛ وفى الخلف يسير الأجنبيان فى تواضع. كانت 
خواطره كثيرة منوعة. وكان أهونها قادرًا على إثارة رفيقيه إلى درجة لا 
فوضيقت الكية كا نز كيذ لجلرنا عيضا في :كل نوهلي الككفاوة إلى مكافة 
مملكة سيدهء قائلا إن الجبال يعيش فيها كل حيوان يرغبان فى صيده. 
كالوعل» أو تيس الجبال» والماعز الهيمالايى» والدب». وبأعداد مضاعفة. 
وتحدث فى علم النبات؛ وفى علم الأعراق» فكان يجانب الصواب من دون أن 
يثير أدنى شك فيما يقول» وأما مخزونه من الأساطير المحلية فكان لا ينفد بعد 
أن قضى فى عمله الموثوق به فى خدمة الدولة خمس عشرة سنة. 


571 





وقال أطول الأجنبيين لصاحبه ”هذا الفتى أصيل دون شك. يشبه الكابوس 
الذى ينتاب مرسالا من قينا . 

وأخاتيه الرزوست 5ق "اند صنون #اسصيترة لليف فى البرييلة الاتقالية: 
أى الهجين الشائه الجامع بين الشرق والغرب. وإنما نحن الذين نستطيع 
التعامل مع الشرقيين”. 

فقال الآخر "لقد فقد وطنه ولم يكتسب غيره. لكنه يضمر أكمل كراهية 
لمن انتصروا عليه. اسمع. لقد أُسَّرّ لى بهذا ليلة أمس“. 

وتحت المظلة المخططة كان هورى البنغالى يجهد أذنه وذهنه فى متابعة 
الكلمات الفرنسية المتدفقة بسرعةء مركزا! عينيه على سلة مليئة بالخرائط 
والوثائق» سلة بالغة الضخامة عليها غطاء مزدوج من المشمع. لم يكن يريد 
أن يسرق شيئا ولكنه كان يريد أن يعرف ما يسرق وأسلوب الفرار به. بعد أن 
يسرقهء لو أمكن. وشكر جميع أرباب هندوستان» وهربرت سيسسرء على 
أن "تغتطن: الأشداء: القنهة از الشدحتاحة السيوقة, 

وفى اليوم الثانى كان الطريق صاعدا بزاوية حادة ويؤدى إلى نتوء يغطيه 
الكل فوق الغابة» وفى هذه البقعة» عند الغروب تقريبّاء قابلا لاما عجوزً! - 
لكنهما أشارا إليه باسم الكاهن البوذى - جالسا القرفصاءء بساق من تحت 
ساقء ينظر فى خريطة غامضة ثبتها فى مكانها ببعض الأحجارء منهمكا فى 
شرح ما فيها إلى يافع ذى جمال فريد وإن لم يغتسل» وكان من الواضح أنه 
كاهن مبتدئ. كان كيم قد لمح المظلة المخططة فى منتصف مسيرة الركب 
فاقترح التوقف هنا حتى تأتى إليه. 

وصاح هورى البنغالى ”ها!“ وكانت سعة حيلته قد هدته إلى أحبولة 
جديدة» كشخصية القط فى حكاية القط ذى الأحابيل» ”هذا رجل ربانى محلىئ 
بارزء وربما يكون من رعايا سيدى الملك . 


"ماذا يفعل؟ الأمر بالغ الغرابة“. 


2 22-0 





"إنه يشرح صورة يك رسمها كلها بيده . 

ووقف كل من الرجلين برأسه العارى فى ضوء الشمس ساعة الأصيلء: 
وهو الذى مالت أشعته فكست الكلاً بلون ذهبى. وأما العمال الممتعضون الذين 
فرحوا بهذه المصادفة فقد توقفوا وأنزلوا أحمالهم. 

وقال الفرنسى ”انظر! إنها تشبه صورة لميلاد أحد الأديان» فها هو المعلم 
الأول والتلميذ الأول. هل هو بوذى؟" 

وأجابه الآخر "من بعض الأنواع المنحطة. لا يوجد بوذيون حقيقيون بين 
الجبال. ولكن انظر إلى طيات ثيابه. انظر إلى عينيه! ما أشد وقاحتهما! لماذا 
يجعلنا هذا المنظر نشعر بأننا أناس صغار جدًا؟'" وجعل المتحدث يضرب 

ثم أضاف “لم نترك فى أى مكان أثرًا لنا حتى الآن. على الإطلاق! وهذاء 
هل تفهمنىء هو ما يقلقنى". وقطب جبينه وهو ينظر إلى وجه اللاما الهادئ, 
وإلى السكينة المثالية لجلسته. 

"اصبر. لسوف نترك أثر'ا لك معاء أنت ونحن الشباب. أما الآن» فعليك أن 
ترسم صورته . 

وتقدم البنغالى فى مشية متعالية» وكان ظهره يتناقض تناقضًا شديدًا مع 
نغمة التواضع والمجاملة فى حديثه؛ أو مع غمزة عينه إلى كيم. 

”أيها الربانى! هذان أجنبيان. كانت أدويتى قد عالجت أحدهما من 
الإسهال» ولسوف أدخل سيملا للإشراف على شفائه. وهما يرغبان فى مشاهدة 
صبون تلك 1 : 

وقال اللاما "شفاء المرضى خير دائمًا. هذه عجلة الحياة» العجلة نفسها 
التي أريتها إياك فى الكوخ فى زيجلاور عندما سقطت الأمطار"“. 


"وأن يسمعوا شرحك لها". 


م ا 





وبرقت عينا اللاما لوجود مستمعين جددء وقال “شرح الطريق ذى 
الامتياز الفائق خير. هل لديهما أية معرفة باللغة الهندوستانية» مثل الأمين 
على الصور؟” 

"ريما إلى حد ما". 


وعند ذلك» رع كن كرت الى لكيه جد وحسبء أرجع اللاما 

رأسه إلى الوراء وبدأ بلسان طليق يُنشد الدعاء الذى يُنشده أستاذ اللاهموت قبل 
أن يقدم المذهب الكامل. ووقف الغريبان مستنديْن إلى عصئ التسلق يسمعان. 
وأما كية؛ الذى كان 0 القرفصاء فى تواضع فكان يتطلع إلى ضوء الشمس 
للخم على وجهيهما وامتزاج ظليهما المديدين وانفصالهما. كانا يلبسان أردية 

ا وأحزمة عجيبة مشدودة للداخل ذكرته. إلى حد ماء 
اعرد التى شاهدها فى كتاب فى مكتبة مدرسة القديس خاقيير عنوانه 
مغامرات عالم طبيعة شاب فى المكسيك (من تأليف فرانك كولينز بيكرء 
65 نعم كانا يشبهان إلى حد كبير مستر سوميكراست العجيب الذى نشر 
قصة تحمل اسمه (كان مؤلفا لكتب عن حيوانات المكسيك) ولا يشبهان على 
الإطلاق "الأشخاص الذين لا دافع لهم من ضمير أو خلق” والذين يصورهم 
خيال هورى البنغالى. وكان العمال الصامتون المكتسون بلون الأرض يقبعون 
فى إجلال على بعد عشرين أو ثلاثين متراء والبنغالى الذى تخفق أطراف ثيابه 
الخفيفة خفق الراية فى النسائم الباردة» واقف فى ناحية وقد لاحت عليه مخايل 
الشعادة ذلك كلم شوم 


سنن التشالج “قاقد "قاف كنا" القن اناق «من اضلة - الطقومن 
والرجلان الأبيضان يتابعان نصل الكلاً فى يد اللاما وهو يتنقل ما بين النار 
والجنة» وأضاف 'همسنا' "كل دفاترهما فى السلة الكبيرة ذات الغطاء الأحمر 
- الكتب والتقارير والخرائط - كما شاهدت خطانيًا ملكيًا كتبه 'هيلاس' أو 
'بونار'. وهما يحرسانه حراسة مشددة. لم يرسلا أى شىء إلى الوطن من 
قولاين: أن مرخ "ليه : هذا جيك" : 








"ومن 9 
”عمال السخرة فقط. ليس عندهما خدم. ولقد بلغ من حرصهما أن يقوما 
”ولكن ما الذى على أن أفعله؟" 


"فلتصدين . واتنظن:. :وما إن . تأقى ‏ أية فرضية: حتنى :تعوف: .أيق-قطلب 


الأوراق”. 
وقال كيم برنة احتقار ”كان الأفضل أن يتولى 'محبوب على' هذاء لا 
البنغالى“”. 


"للوصول إلى المحبوب وسائل أخرى غير هدم سور من الأسوار”“. 

وتحمس اللاما فى الشرح قائلاً ”انظر! هذه هى الجحيم المخصصة للبُخل 
والشوهبوكتن اقد الدائين تنقه الوهية دو على العانت: الككن: :الكاذلة : :ركان 
أحد الغريبين يرسم له صورة فى الضوء الذى يخبو بسرعة. 

وأخيرا قال أحدهما بغلظة "يكفى هذا. لا أستطيع أن أفهمه. لكننى أريد 
تلك الصورة. إنه أفضل منى فى فن الرسم. سلهُ إن كان على استعداد لبيعها". 

وأجابه البنغالى قائلاً ”إنه يرفض يا سيدى". ولم يكن اللاما على استعداد؛ 
بطبيعة الحال» للتخلى عن خريطته لعابر سبيل مجهولء إلا لو كان رئيس 
الأساقفة على استعداد لرهن الأوانى المقدسة للكاتدرائية! والواقع أن التيبت 
تنتشر فيها نسخ منقولة رخيصة لصورة العجلة» ولكن اللآاما كان فنانا إلى 
جانب كونه رئيس دير ويتمتع بالثراء فى موطنه. 

"ربما استطعت بعد ثلاثة أيام أو أربعة» أو عشرة:, إذا وجدت أن الأجنبى 
باحث وقادر على الفهم الصحيح. أن أرسم له بنفسى صورة أخرى. ولكن هذه 
الضدورّة قدا استخدمت: لتلقيق أحذ: المستتحدية: قل له :ذلك أبها الطويين". 

”إنه يريدها الآن» فى مقابل المال”. 


مم تت 





وهز اللاما رأسه ببطء وبدأ يطوى صورة العجلة. وأما الروسى فلم يكن 
يرى أكثر من رجل عجوز قذر يساومه حول قطعة ورق قذرة. فأخرج حفنة 
من الروبيات واختطف - بحركة شبه هازلة - تلك الخريطة التى تمزقت فى 
قبضة اللاما. وعلت تمتمات استنكار من العمال» وكان بعضهم من طائفة 
أسييتئى' التى تنتمى فى جوهرها إلى البوذية الصحيحة. ونهض اللاما 
اعتراضًا على الإهانة» واتجهت يده إلى علبة أقلامه الحديدية الثقيلة» سلاح 
الكاهن» وكان البنغالى يتلوى ألمًا. 


”ها أنت ترى - ترى لماذا أردت الشهود. هذان لا وازع لهما من ضمير 


أو خلق!“ 
ثم التفت إلى الروسى وقال "سيدى! سيدى! يجب ألا تضرب الرجل 
إل ناي + 


انا كلييدى اتسين الكليرة لفق ا 

كان الوقت قد فات. فقبل أن يتمكن كيم من منع الروسىء إذا به يَلطِمْ 
الرجل العجوز لطمة فى وجهه. وسرعان ما كان الروسى يتدحرج ويتدحرج 
على جانب الجبل وكيم آخذ بخناقه. كانت اللطمة قد أيقظت كل شيطان 
أيرلندى مجهول فى دم الصبىء وقامت السقطة المفاجئة لعدوه بباقى المهمة. 
رشوك :انلكا على برتككنه اف تضملك: دهز يهب الحللق: العمان :كانيع عار يوق 
صاعدين الجبل بالسرعة التى يجرى بها أبناء السهول فى أرض منبسطة. 
كانوا قد شاهدوا تدنيسا لا يوصف للقداسة؛ وكان حريًا بهم أن يفروا قبل أن 
قري" يباه السدالب رقو اطهيها: الأكذ القن و اش الفوشيسى تحاف الاطينا: 
باحثًا عن مسدسه وقد خطر له أن يحتجزه رهينة فى سبيل إنقاذ رفيقه. ولكن 
رابا من (الأكمان الشافكلة"ت رجا الجبل. مور :فى إهنانة الفومي. ب 
أبعدته» وقام عامل من منغوليا باختطاف اللاما لينقذه من الفرار الجماعى. وقد 
حدث ذلك كله بالسرعة التى حل الظلام بها. 


7ع 








وصرخ الفرنسى وهو يطلق النار بصورة عشوائية فى الغسق "أخذوا 
المتاع وجميع الأسلحة". 

وقال هورى ”لا بأس يا سيدى! لا بأس! لا تطلق النار. سأذهب لإنقاذه. 
وهو يتواثب هابطا المنحدرء. فألقى بجسده على كيم الذى شعر بالفرحة 
والدهشة معا أثناء ضرب رأس عدوه الذى تقطعت أنفاسه فى جلمود صخر. 

وهمس البنغالى فى أذنه ”ارجع إلى العمال. لديهم المتاع. الأوراق فى 
الفيلة ذاتة القحطاء: الأحمو؛: والكق «نتكن: السلال “كلها : كذ أو اقهماء ل خصعوضنا 
خطاب الملك. اذهب الآن! الرجل الآخر مقبل!”". 
بصخرة إلى جواره فقبع فى مكانه قبوع طائر الحجل. 

وصرخ البنغالى قائلاً “إذا أطلقت النار فسوف يهبطون ويقضون علينا. 
لقد أنقذت السيد ياسيدى. هذا أمر خطر إلى أقصى حد“. 

ودارت الأفكار المتزاحمة بالإنجليزية فى رأسه "”أقسم إن هذا مأزق 
حقيقى» لكندئ أراه دفاعا عن النفئس . وتحسس صدره للعثور علي هدية 
محبوب. لم يكن _- باستثناء عدة طلقات للتدريب علي استخدام المسدس فى 
صحراء بيكانير - قد سبق له استخدام المسدس الصغير» وهكذاء ودون ثقة 
فيما يفعل ضغط على الزناد. 

3 قلت الله قاترقة 2" كاز ضيورت "لكالل ورهن با نع يتك لالم نا 
وساعدنى فى إحيائه. إننا معلقون فى شجرة. صدقنى . 

وتؤذكفت» "الطللةارعي بو عاذ جورف اللو اع نقد نب نكم “كد صبا هنا كن 
الظلام؛ والشتائم تنهمر من شفتيه كالمرأة السليطةء أو أحد أبناء البلد. 

وصاح اللاما من فوقه ”هل جرحاك يا تلميذى؟". 


”لا! وأنت؟" وارتمى فى أجمة من أشجار السرو القصيرة. 





"لم أجرح. هيا بنا. سنذهب مع هؤلاء الرجال إلى 'شملة-تحت-الثلج* “. 

وصاح ضروك" "ولكن: لين قبل أن 'تنتضنقة الأنفنننا. لقذ. استوليت .على 
أسلحة الأجنبيين الأربعة كلها. فلنهبط“". 

"لقد لطم الرجل الربانى... شاهدنا ذلك! أبقارنا ستغدو عقيمة» وزوجاتنا 
ستتوقف عن حمل الأطفال! وسوف تنهار الثلوج فوقنا أثناء عودتنا للبيت.. 
وذلك فوق كل قهر آخر!“ 

وامتلأت أجمة السرو الصغيرة بالعمال الذين يحدثون جلبة وقد أصابهم 
الفزع؛ وكانوا فى رعبهم قادرين على أن يفعلوا أى شىء. وكان المنغولى 
يفتح مؤخرة بندقيته ويغلقها بأصوات فرقعة ونفاد صبرء ثم نهض قاصدا 


هبوط الجبل. 

تم قال ”انتظر قليلا أيها الربائى. لن يستطيعوا الابتعاد كثيرا. انتظر حتى 
أعود". 

وقال اللاما ويده 0 جبينه "إن هذا الشخص هو الذى تعرضص للإساءة . 

وكانت الإجابة ”ولهذا السبب نفسه“. 

”فإذا تغاضى هذا الشخص عنهاء اتسمت يداك بالطهر. زد على ذلك 
اكتسابك امتياز! بالطاعة“ 

وابذئ الوحل سوق 57 "لفان وتوف تكن ال “تفلة بي 

وللحظة واحدة. للوقت اللازم لحشو خرطوشة فى مؤخرة البندقية, أبدى 
اللاما تردده. ثم نهض واقفا ووضع أصبعه على كتف الرجل قائلاً: 

“هل سمعت؟ أقول أنا يجب الأكقتل أحدء أنا الذدى كنت رئيس دوقن 
سوخزين. هل لديك اشتهاء فى أن تولد من جديد فى صورة فأرء أو ثعبان 
يتسلل تحت طنفء السقوفء أو دودة فى بطن أحقر الحيوانات؟ هل لديك 
الواعية في الثيه:* 


هت.؟ 








وركع المنغولى على ركبتيه» إذ كان الصوت يُدَوَى مثل صنج الشياطين 
فى التيبت. 


وسناج :انق مظافاة مساق "هنا يندالا :5 قزتاين لضاف بعاوانديو را 
عليه. كان مجرد حماس من جانبه» أيها الربانى... اخفض البندقية أيها 
الأحمق!". 

"غضب على غضب! شر من فوق شر! لن يقتل أحد. فليذهب ضاربو 
الكهان فى الأغلال إلى ما ارتكبته أيديهم. ما أعدل العجلة وأوثقها إذ لا 
ضوف فيد شغر 15 لسوركة وولدوين: عدة نوات :فى بعذاف" .وقدلى: تر أسنة: 
واستند بشدة إلى كتف كيم. 

وكمان فى الشكور. التخليق: يتحت أشجان الصقوين قافد "تقد اقتزيت من 
شر عظيم يا تلميذى. تعرضت للإغراء بإطلاق الرصاصة:» وبالحق كانوا 
سَيَلقونَ لو كانوا فى التيبت مونًا بطيئًا أليمًا... لقد لطمنى فى وجهى.. على 
اللحم...“ ثم انزلق إلى الأرضء وهو يتنفس بصعوبة» وكان كيم يسمع القلب 
المجهد يتعثر ويتوقف. 

قال المتغولك "كل أذ ة#الى. هد الموكق؟" والصمه يلف الآخرية: 

وانحنى كيم على الجسد فى خوف قاتل ثم هتف بإحساس دافق ”“لا! إنه 
وَهَنٌ وحسب"“. وتذكر عند ذلك أنه رجل أبيضء وله أن ينتفع بما يحق للرجل 
الأبيض من معدات المخيمء فقال ”افتح السلال! قد يكون عند الأجنبيين دواء". 

وقال المتعولى جذاهكا ”وروي !"زان أفرقةف اله أقطن كي ستاك ناذا 
فى خدمة سيدى القديم يانكلنج من دون. أن أعرف ذلك الدواء. وقد ذقته 
بنفسى. ها هو ذا!“. 

وأخرج من صدره زجاجة من الويسكى الرخيصء» مثل الذى يباع 
للمستكشفين فى مدينة *ليه*» وبمهارة صب قطرات معدودة بين أسنان اللاما. 





.ع 





”هذا ما فعلته عندما التوت قدم سيدى بعد مدينة 'أستور'*. آها! لقد فتشت 
م ل 0 أعطه مزيدا من 
الذواع» فيو فعال: انظر ! دقات قليه انتظمت را اكقطن واأسية دلت صدر هم 
بقليل من الدواء.. لو كان قد انتظر بهدوء ريثما أوضح الأمر للسيدين ما حدث 
ذلك قط. ولكن ربما يقتفى السيدان أثارنا إلى هنا. لن نخطئ إذن إذا قتلناهما 
بينادقهما أنفسهاء صحيح؟”. 

وقال كيم وهو يصر على أسنانه ”أظن أن أحدهما نال جزاءه بالفعل» إذ 
ركلته فى ملتقى الفخذين ونحن نهبط الجبل. ليتنى كنت قتلته! . 
أميال: ”لا بأس بالشجاعة ما دمت لا تعيش فى “راميور'. لو ساءت 
متمعتنا واس الأسناذ الأخانب فلن يؤكلقنا أحدا للعمل صنتادية تعدها": 

نعم ولكن هذيّن ليسا من السادة الإنجليزء ليسا من ذوى المرح مثل السيد 

فوستوم والسيد يانكلنج, بل إنهما من الأجانب» ولا يستطيعان الحديث 
بالإنجليزية مثل السادة . 

وهنا سعل اللاما وجلس» وأخذ يبحث عن مسبحته. 

وجعل بت لات ما أعدل العجلة! شر على شر... 
"كن يقتل أحة إلا إذا أمرت بذلك. اشر اليد ررك اللي حيطا صقا 
هناء وعندما يشرق القمر نذهب إلى 'شملة حاتحث ب التلوج” ". 

وقال رجل من طائفة سييتى كأنه يلقى بحكمة ”لا أفضل من النوم بعد 
تلقى لطمة!". 

"أشعر بما يشبه الدوار فى قفاى: وبوخز فيه. فلأضع رأسى فى حجرك 


يا تلميذى. إنى رجل عجوز لكنى لم أتحرر من العاطفة... لابد أن نفكر فى 
52 الأشياء“. 


"أعطه بطانية. لن نجرؤ على إشعال نار وإلا شاهدنا الأجنبيان“. 


"الأفضل أن نذهب إلى ”شملة' (وهى بلدة 'شاملى“» شمال دلهى) فلن 
يتبعنا أحد إلى كتملة . 


"كنك رضنياذا" بعتة النسية. افوستوعه..و انا اليو صنتاذ: الشية بالكلني: بوكان 
ينبغى أن أكون مع السيد يانكلنج الآن لولا هذه السّخرة الملعونة. فليراقب 
رجلان المنطقة السفلى حاملين البنادق خشية أن يرتكب الأجنبيان حماقات 
أخرى. أما أنا فلن أترك هذا الرجل الربانى". 


وجلسوا على مسافة قريبة من اللاماء وبعد أن أصغوا قليلا أتوا بشيشة 
كانه يهان ها قازوو تنوم من توازر ون السينفة انيدان القد قتهن ١‏ تتريكة د اين 
ومارتن» ركم شدوا الأنفاس منها توهج الجمر فوق التبغ» وهى تنتقل من 
مدخن إلى مُدّخن؛ وكان ضوء الجمر يضئ العين الضيقة التى تطرف» وعظام 
الخدود البارزة الصينية؛ والرقاب التى تشبه رقاب الثيران والتى تذوب فى 
طيات الأوشحة المصنوعة من الصوف الغليظ التى تلف الأكتاف. كانوا 
يشبهون العفاريت التى خرجت من منجم مسحور ماء أو الأقزام الخرافية 
الخزلية”فن. :منظقة ‏ محصورة: .وأتقاء: بحديكيه كانف: ارات قلات الما 
الساقطة من الثلوج حولهم تخفت وتتوقف صوتا صوتا كلما خنق صقيع الليل 
إحدى القنوات وجمدها. 

وقال رجل من طائفة سبيتى فى إعجاب ”انظر كيف تحدانا! مازات 
اذكو كف ككدانا: وعل عدو ة حكن هذا القسد مد نهد أن أطلقة كتليف النان» السدة 
دييون فى طريق 'لاداخ' فلم يصبه وهو يسند البندقية إلى كتفه منذ سبعة 
مواسم. وكان السيد دييون صيادذا ماهرا". 


وقال المنغولى “ليس فى مهارة السيد يانكلنج“ ورشف رشفة من زجاجة 





26 





الويسكى وأمَرّها على الآخرين» مضيفا ”أصغوا إلىّ» إلا إن كان أحدكم يظن 
أنه يعرف المزيد . 

ولم يتقدم أحد زاعمًا ذلك فقال المنغولى: 

"أقترح أن نذهب إلى '*شملة2 عند بزوغ القمر. وهناك نتولى توزيع 
الأمتعة بالعدل بيننا. وأكتفى أنا بهذه البندقية الصغيرة الجديدة بكل ذخيرتها من 
الخوطورس”. 

وقال أحد رفقائه ومبسم الغليون فى فمه ”هل الدببة مفترسة فى أرضك 
أنت فقط؟". 

”لا ولكن غدد المسك فى الغزلان تباع الواحدة منها بست روبيات اليوم, 
ويمكن لنسائك الحصول على أقمشة الخيام وبعض معدات الطهى. وسوف 
نفعل ذلك كله فى 'شملة' قبل انبلاج الفجر. ثم نفترق ونمضىء على أن نتذكر 
أننا لم نر هذين الأجنبيين من قبل أو خدمناهماء. فقد يزعمان حقا أننا سرقنا 
امتعتمينا. 

”لا بأس بهذا لك ولكن ما عسى أن يقول حاكمنا الراجا؟". 

"ومن ذا الذى يشى بنا إليه؟ هذان الأجنبيان اللذان لا يستطيعان الحديث 
بلغتنا أم البنغالى الذى أعطانا النقود لتحقيق غاياته الخاصة؟ وأى أدلة سوف 
قلقي اهيا" لا تدكا عه دوف تاديد فد تقاية التيطلة؟ «القن لم “تك اها "قدو يشت من 
قبل . 

"ومن يعيش فى 'شملة' هذا الصيف؟” لم يكن المكان غير مركز للرعى 
ولا يزيد عدد الأكواخ فيه عن ثلاثة أو أربعة. 

"امرأة 'شملة2. وهى لا تحب السادة الأجانب» كما نعرف. والآخرون 


نستطيع إرضاءهم بهدايا صغيرة» وفى الأمتعة ما يكفى الجميع“. وربت بيده 
على الجوانب المنتفخة لأقرب السلال إليه. 


'ولكن»ه لكر . 


"قلت إنهما ليسا من السادة الحقيقيين» فجميع الجلود والرؤوس معهم 
مشتراة من السوق فى 'ليه“. أعرف سماتها المميزة. وقد أريتها لك فى مارس 
الماضبى . 
أصحيح. إنها جلود ورؤوس مشتراة. بل إن بعضها أصابته العثة". 
كانت الحجة قائمة على رأى ثاقبء كما كان المنغولى يعرف رفاقه خير 
المعرفة. 


"فى أسوأ الظروف سوف أخبر السيد يانكلنج» فهو ذو روح مرحة وسوف 
يضحك. إننا لا نسئ إلى أى أجنبى نعرفه» وهذان من ضاربى الكهنة. أخافونا 
ففررنا! من ذا الذى يعلم أين وضعنا الأمتعة؟ هل تظن أن السيد يانكلنج سوف 
يسمح لشرطة السهول بالتجوال فى الجبال لتفتيشها فتعكر صفو رياضته؟ 
فالمسافة هائلة ما بين سيملا وشينىء وأطول وأشق ما بين 'شملة”* وموقع 
قفامة ‏ قملة: 

"فليكن؛ على أن أخذ أنا السلة الكبيرة» السلة ذات الغطاء الأحمر التى 
يتولى الأجنبيان تعبئتهما بأيديهما كل صباح”. 

وقال الرجل ابن 'شملة“' بلباقة ”وهكذا ثبت أنهما سيدان لا وزن لهما. من 
ذا الذى سمع بالسيد فوستومء أو السيد يانكلنج» أو السيد ييل الصغير الذى 
يسهر الليالى لصيد الأيائل الآسيوية... أقول من ذا الذى سمع عن هذين 
الأجنبيين اللذين دخلا الجبال من دون طباخ من السهول» ومن دون حمال» 
وفى أذيالهم شتى ضروب الرجال الظالمين القساة ذوى الأجور المرتفعة؟ 
كيف يستطيع هذان إثارة المتاعب؟ والآن ما شأن تلك السلة؟". 

"لا شىء. لكنها مليئة بالكلمات المكتوبة» كراسات وأوراق كتبوا فيها 
أشياء» وبعض الأدوات الغريبة» مثل التى تستخدم فى العبادة". 


اقناهة شيل تمع لها اكلا 


20 





"صحيح! ولكن ألا يحتمل أن نسىء بذلك إلى أرباب الأجنبيّيين؟ لا أحب 
أن أعامل الكلمة المكتوبة بهذا الأسلوب. وأصنامهما النحاسية تستعصى على 
إدراكى. إنها ليست من الأسلاب فى نظر أبناء الجبال البسطاء“. 

"مازال العجوز نائمًا. هُسْ. سنسأل تلميذه“. وجدد المنغولى نشاطه وقد 
امتلأ فخرا بتوليه الزعامة. 

وشمس قائلا "لدينا هنا سلة ١‏ جه طببعتها . 

وقال كيم بحذر ”لكنى أعرف"». وهو يسمع أنفاس اللاما فى نومه الطبيعى 
المطمئنء وآخر كلمات أهورى" تشغل فكرهء وباعتباره لاعبًا فى اللعبة 
الكبرى كان يميل فى تلك اللحظة تحديدا إلى احترام البنغالى» فأضاف "إنها 
الجلة :زاك الخطاف :الأكمين؟ الملزنة راكوا ونبالقة الرزوغق نو تحب الامتدوضى لها 
الحمقى“. 

وصاح الرجل الذى كان مكلفا بحملها ”هذا ما قلته! هذا ما قلته! هل تظن 
أنها 'سنوف» تكشف:شزنا؟” 

"كلا اذا أعطيتمونى إياهاء إذ أستطيع إخراج السحر منها وإلا تسبيت فى 
أذى عظيم” 3 

وقال المكد وان لاقن نت الوضكى فى مفقدى: "الكا وق زاتما نكال الصنينة” : 

وأجاب كيم بمكر وطنه الأم ”الأمر لا يعنينى» تقاسموها بينكم وانظروا ما 
يحدث لكم!". 

"لق أففق "أنا ذلك كنت" اكه وبحساد. افيدق امم بيورهة ينا يكن 

وا ستغرقوا ساعة فى وضع خططهم | لصغيرة الساذجة وتعديلهاء وكيم 
يرتعد بردا وزهوا. كان العنصر الفكاهى فى الموقف مثيرا للجانبين الأيرلندى 


20 








مكانتهما رفيعة فى وطنهم مثل محبوب أو العقيد كرايتون» وقد أصيحا فجأة 
بلا حؤل ولا طؤل. وكان يعرفء دون غيره؛ أن أحدهما سيستمر عرجه فترة 
ما. كانا قد قدما الوعود لبعض الملوك. وفى هذه الليلة كانا يرقدان فى مكان 
ما أسفل موقعهء بلا خرائطء؛ وبلا طعام؛ وبلا خيام» وبلا أسلحة؛ وبلا مرشد 
سوى هورى البنغالى. كما إن هذا الانهيار للعبتهما الكبرى (وتساءل كيم فى 
نفسه عمَّ عساهما أن يبلغا رؤوساهما بعدما حدث) أو هذه الصاعقة المحفوفة 
بالدعر التى نزلت بالليل» لم يكن الفضل فيها لمهارة هورى أو لتدبير كيم بل 
حلت ببساطة وجمال وحتمية»: مثل القبض على 'الفقيرين* المتآمريْن على 
محبوب بأيدى رجل شرطة جرفه الحماس فى أومبالا. 

وقال فى نفسه ”إنهما هناك: مجرديّن من كل شىء! وأقسم إن الليلة باردة! 
وها أنذا هنا ومعى كل أمتعتهم . أوه؟ لسوف يغضبان؟ يؤسفنى موقف هورى 
البنغالى“. 

وربما كان على كيم ألا يأسف على هورى» فعلى الرغم من أنه يعانى 
بَدَنِيًا معاناة شديدة فقد كان يشعر بالزهو والرفعة. كان الجميع على مسافة ميل 
أسفل الجبل» على حافة إحدى غابات الصنوبرء وكان اثنان منهما يكادان أن 
يتجمدا برذاء وأحدهما يشكو المرض الشديد على فترات متقطعةء وكانا 
يتجاذبان اتهامات متبادلة» ويقذفان البنغالى بشتائم حادة لاذعة» وقد بدا عليه 
حقيقة أن ظلا فى قيد الحياة» وأن عمالهماء إذا لم يكونوا يتربصون بهما الآن 
فمن المحال استرجاعهم؛ وأن سيده الراجا بعيد عنهما بمسافة ١6٠١‏ 
كيلومتراء ومن ثم فهو أبعد ما يكون عن إقراضهما المال والحاشية اللازمة 
للرحلة إلى 'سيملا*, ولسوف يُدْخِلهُما السجن قطعًا إذا سمع أنهما ضيربا 
كاهنا. وبالغ هورى فى تضخيم هذه الخطيئة وعواقبها حتى طلبا منه تغيير 
موضوع الحديث. فقال إن أملهما الوحيد أن يفرا فى خفاء من قرية إلى قرية 
حتى يصلا إلى الحضترء وانطلق يبكى للمرة المائة سائلا النجوم العليا عن 
سبب “ضرب السيدين للرجل الربانى . 
527 








كان بوسع هورى أن يخطو عشر خطوات وسط الظلام الذى يئز أزيزا 
فيستحيل عليهما قطعًا الوصول إليه» فيجد المأوى والطعام فى أقرب قرية: 
حيث يندر وجود الأطباء ذوى الألسنة الذربة» ولكنه فضل أن يكابد البرد» وأن 
يعضه الجوع بنابه» وأن يسمع الشتائم» ويتلقى اللكمات من حين إلى آخر فى 
صحبهة رفيقه المكرّمين» فقبع مستندًا إلى جذع شجرة ينشج نشجا مؤسيا. 

وقال الرجل الذى لم يُصَبْ بالجروح منهما بانفعال ”وهل خطر لك كيف 
يبدو منظرنا ونحن نجوس خلال تلك الجبال بين هؤلاء السكان الأصليين” لم 
يكن هورى البنغالى قد خطر له شىء آخر تقريبًا لعدة ساعات» ولكن 

وقال الذى ضربه كيم ” لن ندهش لذلك! لا أكاد أ ستطيع السير . 

'"ربما أبدى الرجل الربانى الومكمنة با وزكر امنيا سقف ار ل 

تقافق :القفافة «المافيكة اإووان: المسيكية "عاك للب دان الخد ماتخ 
خاصة فى تفريغ مسدسى فى رأس الكاهن البوذى الشاب عندما نلتقى مرة 
خرف" 

"المسدسات! الانتقام! كهان البوذية الشبان!”“ وزاد هورى من انكماشه 
حيث يقبع. كانت الحرب توشك أن تندلع مرة أخرى. "ألم تنظر فى خسارتنا! 
المتاع!” كان يستطيع أن يسمع المتحدث وهو يتلوى دون مبالغة فوق الكلا. 
"كل ما كنا نحمله! كل ما حصلنا عليه! مكاسبنا! عمل ثمانية أشهر! هل تعرف 
ما يعنى هذا؟ هل نسيت قولك: 'إنما نحن الذين نستطيع التعامل مع 
لشو قيين !9 أواه! كا القه أحسقت في 

وانطلقا يتحدثان بعدة لغات» وهورى يبتسم. كان كيم مع السلالء وفى 
السلال يكمن نتاج ثمانية أشهر من الدبلوماسية الفعالة. لم يكن أمام هورى 
سبيل للاتصال بالصبى؛ لكن الصبى يمكن الوثوق به. وأما البقية» فيستطيع 
هورى تدبير أمر الرحلة خلال الجبال حتى تستطيع ولايتا هيلاس وبونارء 


5١7 


و640١‏ كيلومترا من الطرق الجبلية أن تحكى القصة على مدى جيل كامل. 
فالذين لايستطيعون السيطرة على عمالهم لا يحظون باحترام فى الجبال» وابن 
الجبال يتمتع بحس فكاهى بالغ الحدة. 

وقال هورى فى نفسه "لو كنت دبرت هذا بنفسى ما أتيت بنتيجة أفضلء 
وأقسم, إذا تأملت ما حدث فى الواقعء إننى اتخذت الترتيبات اللازمة بنفسى... 
طبعًا! ما أسرع بديهتى! خطرت لى الخطة وأنا أهرع هابطا الجبل! لقد وقعت 
الإساءة البالغة عرضناء ولكنى أنا الذى كفل نجاحها - آه - بغض النظر عن 
شية للق قلق :الخلو كن الأ المعو ى الا تركذ شاف التلعوه الجاهلة! 
لامعاهداتء لا أوراقء لا وثائق مكتوبة على الإطلاقء وأنا وحدى الذى يترجم 
ويفسر لهم. كم سأضحك مع العقيد! ليتنى حصلت على أوراقهم أيضاء لكنك لا 
تستطيع أن تشغل مكانين فى الفضاء فى وقت واحد. هذا بديهى”. 


الفصل الرابع عشر 


تقول شاعنا 'كبين“ قذ جنا أَخِى 
ُ 2 ٍِ 7 ع 7 
لكننى سَمِعْت فى صؤات أَخِى 
انا نالك كينا فد امن اراك 
قَمَا قضنت أقذارة به عَلَيِهِ ربّهُ الخايبى 
و كحضي ة كل الكالمية مناد ين 
(البحر والجبال) 
غنذها أقق 3 'الكمن. اتطلق: 'الحمال- الحويصفون: سناترين : اما اللدما الذدى 
أنعشه النوم و'الروح“» فلم يكن يحتاج إلا إلى أن يستند إلى كتف كيم حتى 
ينطلق صامتا مسرعًا واسع الخطوات. وسارا على الكل الذى تناثرت فيه 
الأحجار ساعة» ثم دارا حول أحد أضلاع صخرة خالدة» صاعديّن فى منطقة 
جديدة لا يرى السائر فيها أى أثر من آثار وادى شينى. وشاهدا ساحة مرعى 
شاسعة صاعدة على شكل مروحة إلى الثلوج الحية. وكان فى قاعدتها ما 
يقرب من نصف فدان من الأرض المنبسطة» وفوقها ينتصب عدد ضئيل من 
الأكواخ المبنية بالطين والأحجار. كانا يجلسان مثل أهل الجبال على حافة 
أعلى مكان» وتمتد من خلفهما الأرض هابطة إلى مسافة تصل إلى نحو "٠0‏ 
مترا حتى موقع قمامة 'شملة“»: وهو المكان الذى لم تطأه من قبل قدم بشر. 
ولم يُبْدِ الرجال أية بادرة لتقسيم الغنائم حتى شاهدوا اللاما ينام فى فراشه 
فى أفضل غرفة فى الكوخ, وكيم يغسل قدميه ويدلكهما وفق عادة المسلمين. 
وقال المنغولى "سنرسل لكما الطعام والسلة ذات الغطاء الأحمر. وبحلول 
الفجر لن يبقى إنسان يشهد على ما فعلناه بأية صورة من الصور. وإذا لم 
تكونا تحتاجان إلى شىء فى السلة - فانظر!!“. 


الف 


وأشار من النافذة - التى كانت تطل على الساحة التى يغمرها ضوء القمر 
الذى انعكس من الثلوج - ثم رمى منها زجاجة الويسكى الفارغة. 

وواعل ميته قاقد "ل داع للاتقماغ إلى ,نوك المنقوظة هذا احن بج 
من حدود العالم“ ثم خرج. وأطل اللاما من النافذة» واضعا يديه على قاعدتهاء 
وعيناه تتلألآن مثل العقيق الأصفر. وفى الهوة التى لا قاع لها تحته كانت 
ترتفع قمم بيضاء مشتاقة إلى ضوء القمرء وأما سائر المكان فكان فى ظلمة 

وقال ببطء "هذه 59 حاتي هكدا ينبعى أ يعيش المرع. جائمًا فوق 
الدنياء منفصلاً عن المباهجء متأملا ذ فور لاضع 

"نعمء إن كان لديه تلميذ يتولى إعداد الشاى له. ويطوى البطانية فوق 
رأسه. ويطرد البقرات الحوامل”. 

كان مصباح له دخان مشتعلاً فى كوة ولكن نور القمر الغامر غلبه 
سطوعاء وكان كيمء مهتديًا بضوء هذا وذاك» ينحنى على أطباق الطعام وعلى 
الحقائب ويتنقل مثل الشبح. 
وطبولء» وأحس أن حبلا يلتف حول قفاى”. 

”لا غرابة فى ذلك فقد كانت لطمة شديدة. ألا ليت الذى سددها...“ 

"لولا انفعالاتى أنا ما وقع الشر". 

”أى شر؟ لقد أنقذت الأجنبيين من الموت الذى كانا يستحقانه مائة مرة“. 

الم تتعلم الدرس جيدا يا تلميذى" . وأتى اللاما ليستريح َل بطانية 
مطوية؛ وكيم يواصل ما اعتاد فعله كل مساء. ميقع الإطمة الات علي 
ظل. أما الشر نفسه - ما أسرع ما تكل ساقاى فى الأيام الأخيرة! - فقد التقى 
بشرً فى نفسى: : بغضب وحنق وشهوة إلى رد الشر. وقد أثارت هذه الانفعالات 


631 








دمى» وأيقظت الصخب فى بطنىء وأذهلت أذنى”“. وهنا شرب كوبًا من 0 
الأسود الذى يغلى» بأسلوب رسمىء متناولا الكوب 0 من يد كيم. ” 

كنت بلا بلا انفعالات» لاقتصر تأثير اللطمة الشريرة على الشر البدنى 0 
ع - وهو وهم. ات اندفكت افيه نهر اشرو 
شهوة لترك رجال “سييتى” يرتكبون القتل. وفى غمار مجالدتى لهذه 
الشهوة تمزقت روحى وانخلعت بصورة تتجاوز ألف لطمة. ولم أستطع 
استعادة السكينة حتى تلوت البركات“ - وكان يقصد التطويبات البوذية - 
"ولكن الشر الذى غرس فى نفسى بسبب لحظة الإهمال المذكورة لايزال يفعل 
فعله حتى النهاية. ما أعدل العجلة! إنها لا تنحرف فيد شعرة! فَتَعلَمْ الدرس يا 
0 


وتمتم كيم ”إن ذلك يتجاوز مداركى سموّاء ومازلت مضطربّاء ويسعدنى 
أنى آذيت ذلك الرجل”". 

"كنت أشعر بذلك وأنا نائم فوق ركبتك فى الغابة السفلى. واضطرابك أدى 
إلى إقلاقى فى أحلامى؛ إذ إن الشر فى نفسك كان ينفذ إلى نفسى. ومع ذلك 
كله“ - وأطلق هنا مسبحته - "فقد اكتسبت امتيازا بإنقاذ روحين» أى روحى 
اللذين أساءا لى. والآن على أن أنظر فى سبب الأشياء. فإنَ قارب روحى 

"نم تكتسب القوة. هكذا أحكم ما ينبغى". 

"بل أستغرق فى التأملات. فحاجتى إليها أكبر مما تعلم“. 

وساعة من بعد ساعة حتى مطلع الفجرء حتى شحب ضوء القمر على 
القمم العالية واتضح أن السواد الذى كان يجلل جوانب الجبال البعيدة غابة ذات 
لون أخضر رقيقء ظل اللاما يحدق بثبات فى الحائط» ويئن من وقت لآخر. 
وأما خارج الباب الموصدء حيث جاءت الأبقار القلقة تطلب. حظيرتها القديمة: 
فكانت 'شملة* تشارك العمال الانهماك فى النهب والصخب والهياج. كا 
زعيم الرجال هو المنغولى» وما إن فتحوا علب الطعام المحفوظ فى أمتعة 


2 








الأجنبيين ووجدوه شهى المذاق حتى انطلقوا يأكلون دون أن يجرؤ أحدهم على 
التوقف. وكانوا يلقون العلب الفارغة ولوازم تغليف المتاع فى قمامة المطبخ. 

وعندما تسلل كيمء بعد ليلة من الأحلام المفزعة؛ لتنظيف أسنانه بالفرجون 
فى برد الصباحء جِرّتهُ من يده امرأة شقراء على رأسها وشاح محلى 
بالفيروز. 

وقال المرأة ”ذهب الآخرون وتركوا هذه السلة وفاءً بالوعد. أنا لا أحب 
الأجانب؛ لكنك سوف تصنع لنا تميمة فى مقابل هذا. لا نريد إساءة سمعة 
اولةة ميت" الحادكقي أذ الت ادضى اهو ال شملة . وبسفلت. تسكن ١‏ انه عرقي 
براقتين جسورتين: نظرات تختلف عن اللمحات المختلسة المعتادة من عيون 
نساء الجبال. 

"بكل تأكيد. ولكن لابد أن يكون ذلك سرًا". 

ورفعت السلة الثقيلة كأنها لعبة وألقتها فى كوخها. 

وقال كيم ”اخرجى وأغلقى الباب! لا تدعى أحدًا يقترب حتى تنتهى”“. 

"لكننا يمكن فيما بعد... أن نتكله؟” 

وأمال كيم السلة على الأرضء فتدفق منها شلال من أدوات المساحة؛ 
والكفنيه»» ى المفكو اك :والخطاناك»: :الهو اقطا. :وض اناذة: مخلية ذات:. هذا 
غريب. وفى قاع السلة حقيبة مطرزة فى داخلها وثيقة مزركشة ملونة ومغلقة 
بخاتم من الشمع؛ كالتى يرسلها ملك إلى ملك آخر. والتقط كيم أنفاسه المتهدجة 
من الفرحة؛ وجعل يستعرض الموقف من وجهة نظر أحد 'السادة' . 

”"الكتب لست فى حاجة إليها. أضف إلى ذلك أنها لوغاريتمات... كتب فى 
علم المساحة فى ظنى“. فنحّاها جانبًا. ”الخطابات لا أفهمها ولكن العقيد 
كرايتون سوف يفهمها. يجب الاحتفاظ بها جميعًا. والخرائط؟ إنهما أبرع منى 
الملكى“. وتشمم الحقيبة المطرزة قائلا ”لابد أن الخطاب من هيلاس أو بونار: 


6غ 








وصدق هورى البنغالى فيما ذكره. أقسم إنه كنز عظيم. كم أتمنى لو عرف 
هورى... ولابد من إلقاء الباقى من النافذة”. وتحسس بوصلة دقيقة رائعة» 
والرأس اللامع لمقياس الزوايا. ولكنه لا يجوز للسادة أن يسرقواء وقد تصبح 
هذه الأشياء أدلة تثير المتاعب فيما بعد. فانكب يصنف كل قطعة من 
المخطوطاتء والخرائط؛ والخطابات المحلية. وجمعها معًا فى ربطة متماسكة 
لينة. وأما الدفاتر المغلقة ذات الظهر الحديدى فقد نحّاها جانبًا مع خمس 
كراسات بالية. 


الآبد: أن أحفل الخطابات والخطاب الملكى داخل سترتى وتحت حزامى؛ 
وأن أضع الكراسات المكتوبة بخط اليد فى حقيبة الأغذية. وي قر 
كلا. زه أعقة. أن بالنئلة شين الخو ولق كاق 'فيها غير هذا كقة. الفا العمال في 
الوادى العميق» وإذن» فلا بأس. وحان الآن وقت الخلاص منك أنت أيضتا!” 
وأعاد إلى السلة كل ما قرر التخلص منه ورفعها إلى قاعدة النافذة. وكان أسفل 
النافذة على مسافة تزيد على تق كل ضن الحتسان: كان ,طويلة لا زيكا 
يتحرك وذا أركان مستديرة ولم تصل إليه بعد شمس الصباح. وتحت هذا 
الضباب بمسافة ٠٠١‏ متر أخرى غابة صنوبرية عمرها مائة عام. وكان 
يستطيع أن يلمح القمم الخضراء فى صورة حوض من الطحالب عندما تهب 
ريح دوامية فتخفف من كثافة الضباب. 

"ا لا أظزة أن أحذااسيو فعيهار ل العتود غلك" 

وار عك الله متحتزياقها انا بتقريطه) اللتبروية» رو راطو :ونقيافنن: اللاوايا 
بطرف صخرة ناتئة فانفجر كالقذيفة» وكانت الكتب والمحابر وصناديق الألوان 
والبوصلات والمساطر تبدو مثل سرب من النحل لثوان معدودة» ثم اختفت 
وعلى الرغم من أن كيم كان يشحذ أذنيه اليافعتين وقد تَدَلى إلى نصفه من 
النافذة» فلم يصعد إليه صوت واحد من الهوة السحيقة. 

القن تنموك ا" دكين تسيفاثة وويقة وال" الفه و وني > لخو انها 
كان إهدارً!ا شديداء لكننى أخذت كل شىء عندهما - وثمرة كل ما فعلاه - 


505 








فيما أرجوه! مشكلتى الآن كيف أخبر هورى البنغالى» .وماذا على أن أفعل؟ 
أفعله أولاء وإلا بللها العرق. وأنا وحدى!“” وربط الخطابات فى حزمة مُحكمة. 
مغلقا أطراف المشمع اللزج ولاصقا إياه عند الأركان» إذ جعلته حياة التجوال 
منهجيًا مثل الصياد الخبير فى كل ما يتعلق بالمسير فى الطرق. ثم ضاعف 
من عنايته وحرصه عند وضع الدفاتر فى قاع حقيبة الأغذية. 

وطرقت المرأة الباب. 

وجعلت تتفحص الغرفة ثم قالت "لكنك لم تصنع التميمة". 

قرن ل "تزع نيا" ركان تودقها دك صسانا زور افعض ادر 
ولكن المرأة ضحكت على ارتباكه ضحكة لا تنم على الاحترام قائلة: 

”لا داعى؛ من وجهة نظرك. فأنت تستطيع عمل السحر بمجرد غمزة من 
عينك. ولكن انظر إلينا نحن الفقراء بعد رحيلك! لقد لعبت الخمر برؤوس 
الجميع ليلة أمس فمنعتهم أن يصغوا لامرأة. لست سكران؟". 

قال كيم ”أنا كاهن“. كان قد استعاد رباطة جأشه؛. ولما كانت المرأة فاتنة: 
فقد قرر أن يلتزم بوظيفته "الرسمية'. 

وقالت المرأة "حذرتهم من غضب الأجنبيين اللذين سوف يجريان التحقيق 
ويرفعان تقريرا! إلى الراجا. والبنغالى معهما أيضنا. والموظفون الكتابيون 
أ دض لليقة”. 

وقال كيم ”هل هذا ما يقلقك كله؟*” وبرزت الخطة فى ذهنه بكل تفاصيلها 
فابتسم ابتسامة الظفر. 

"ليس كله" ومدت المرأة يدا سمراء صلية مغطاة بفصوص الفيروز 
المركب فى الفضة. 


و 


وقال بسرعة "أستطيع أن أنتهى من ذلك بكلمات معدودة: البنغالى هو 


5 


الطبيب نفسه - ألم تسمعى عنه ؟ - الذى كان يتجول فى الجبال بجوار 
'زيجلاور . وكا أعرفه“. 
"سوف يُفشى السر فى مقابل مكافأة. والأجانب لا يستطيعون التمييز بين 
رجال الجبال؛ ولكن البنغاليين لهم نظرات صادقة فى الرجال... والنساء“. 
”احملى رسالة منى إليه . 


"لأيوحة ها لا أفعله هن أحلك . 


وتقبل مديحها بهدوءء كما ينبغى للرجال فى البلاد التى تفاتح المرأة الرجل 
بحبها فيهاء وقطع ورقة من كراسة والتقط قلم رصاص خطه واضح لا يُمْحى؛ 
وكتب بحروف منفصلة كبيرة - مثل الحروف التى يستخدمها الصغار 
المشاغبون عندما يكتبون كلمات قذرة على الجدران - “عندى كل شىء كتباه: 
صورهما للبلاد» ورسائل كثيرة» وخصوصا الخطاب الملكى. قل لى ماذا أفعل. 
أنا فى 'شملة'-تحت- الثلوج. والرجل العجوز مريض"“". 

"خذى هذا إليه. فسوف يغلق فمه تمامًا. لا يمكن أن يكون قد ابتعد“. 

“لم ةفعلا :مان الوا فى “العانة عون التو السان. ,وقة ذهب أطقالنا 
لمشاهدتهم عندما أشرق النورء وجعلوا يذيعون النبأ وهم يتنقلون”. 

وبدت دهشة كيم على وجهه؛ لكنه سمع نداءً حادًا يشبه صوت الحدأة 
يصعد من حافة مرعى الأغنام؛ وكان الطفل الذى يشرف على الأبقار يردده 
بعد أن سمعه من أخ له أو أخت فى الجانب الأقصى للجبل الذى يطل على 
وادى شينى. 

"خرج زوجاى أيضنًا إلى تلك المنطقة لجمع الحطب“. وأخرجت حفنة من 
ثمار الجوز من صدرهاء وقسمت إحداها إلى نصفين كاملين» وبدأت تأكل 
لبّها. وتظاهر كيم بالجهل التام. 
وقالت بدلال ”ألا تعرف معنى الجوز أيها الكاهن؟” ثم أعطته نصفى 
القشرة. ظ 





"١ 





وقال لها" احيفث لكين" ف وضع قضداضية الوق تيفينا “فاقلة '"الذيك 
بعض الشمع حتى أغلق النصفين على هذا الخطاب؟“ 

واتأوافت المرأة بصوت عال فلان موقف كيم وقال: 

"لا يكون الدفع إلا بعد تأدية الخدمة. احملى هذا إلى البنغالى وقولى له إنه 
مرسل من عند ابن الْتمدٍ لتميمة . 

كنم قات ناد اهن لاسر ررم ووقيه الات 

”لا بل من ابن التميمة. واسألى إن كان لديه رد على الخطاب”". 

”ولكن إذا عرض أمرا قبيحًا؟ إنى... إنى خائفة". 

وضحك كيم وقال ”لا شك أنه شديد التعب شديد الجوعء والجبال تصنع 
رفقاء فراش باردين. فعلا يا...“ كان يوشك أن يقول يا أمى ثم غيرها إلى يا 
أختى ”أنت امرأة حكيمة ذكية. أترين أن القرى جميعًا قد علمت بما حدث 
للأجنبيئك؟" 

"صحيح. كانت الأنباء قد بلغت 'زيجلاور' بحلول منتصف الليل» وبحلول 
الغد تكون فى بلدة 'كوتجارث' (شمالى سيملا). والقرى خائفة وغاضبة”". 

”لا داعى لذلك. أخبرى القرى أن تطعم السيديْن وتَيَسّرَ لهما المرور فى 
سلام. ينبغى أن نجعلهما يبتعدان عن ودياننا فى هدوء. فالسرقة شىء والقتل 
شىء آخر. وسوف يفهم البنغالى ذلك» ولن نسمع شكاوى لاحقة. أسرعى. 
ولابد أن أبقى لرعاية أستاذى عندما يصحو“. 

"فليكن. بعد أداء الخدمة تأتى المكافأة؟ ألم تقل هذا؟ إننى امرأة 'شملة'. 
وقد وهبنى الراجا عقارًا وسلطة؛ فلست امرأة عادية ممن يحملون الأطفال. 
'شملة' ملك يمينك؛ بأظلافها وقرونها وجلودهاء ولبنها وزبدها. خذها أو 
اتركها". ظ 


50 





تقعقع فوق صدرها العريضء لمواجهة شمس الصباح فى موقع يعلوها 
بخمسمائة مترء وجرت الأفكار فى ذهن كيم هذه المرة باللغة المحلية وهو 
يغلق بالشمع أطراف المشمع الذى يكسو لفائفه. 

"كيف يستطيع المرء أن يتبع الطريق أو يلعب اللعبة الكبرى ما 
دام يتعرض للإزعاج دائمًا من جانب النساء؟ جاءت أولا فتاة 
'أكرولا-ذات -المخاضة'» وتلتها زوجة مساعد الطاهى خلف برج الحمام - 
إذا لم نحسب الأخريات - وأخيرا تأتى هذه! عندما كنت طفلاء لم يكن فى ذلك 
بأسء؛ لكننى غدوت الآن رجلا ولا يُرِدْنَ اعتبارى رجلا! ثمار الجوز حقا! 
هُو! هُو! إنه اللوز فى السهول!” ْ 

وخرج ليحصل على الطعام من القرىء» لا بقصعة التسول التى قد تصلح 
للسهول بل بأسلوب أحد الأمراء. لم يكن سكان 'شملة* فى الصيف يزيدون 
على ثلاث أسرات: أربع نساء وثمانية رجال أو تسعة. وكانوا جميعًا متخمين 
باللحوم المعلبة والمشرودات المختلطة» من الكوينين الفوار إلى الشودكا 
البيضاءء إذ كانوا جميعًا قد حصلوا على نصيبهم كاملا من غنائم الليلة 
البارحة. وأما الخيام الووؤوركة ‏ الكفكلة فق سرت :و نكا نميا الكل اقكة ررقيف 
طويل» وظهرت فى المساكن أوان ألومينيوم براقة. 

ولكنهم كانوا يعتبرون أن وجود اللاما يحميهم حماية كاملة من أية عواقب 
وخيمة» ودون إحساس بالندم قدموا أفضل ما لديهم إلى كيم» حتى مشروب 
أشانج'» وهو جعة الشعير المجلوبة من طريق “لاداخ“'. ثم استلقوا يستدفئون 
فى الشمسء جالسين بأرجل مدلاة فوق مهاو لا قاعَ لهاء وهم يثرثرون 
ويضحكون ويدخنون. كانت أحكامهم على الهند لا تستند إلا إلى خبرتهم 
بالسادة الجوالين الذين كانوا يستخدمونهم أنه امستكدموة أصدقاءهم صيادين. 
وأصغى كيم إلى قصص رويت عن طلقات لم تصب الأيائل أو الوعول أو 
الماعز البرى» وكان من أطلقها سادة ماتوا ودفنوا منذ عشرين سنة» وكان كل 
من هذه التفاصيل يومض خلفه مثل الأغصان على دَوَابَات الأشجار إن 


207 





شوهدت لحظة وميض البرق فى السماء. حدثوه عن أمراضهم الصغيرة.» 
وعما هو أهم منهاء ألا وهو أمراض أيقار هم الضئيلة ذات الخطو الثابت» 
وعن الترحال حتى 'كوتجار“'؛ حيث يعيش المبشرون غريبو الأطوار» وحتى 
سيملا الرائعة نفسهاء حيث رصفت الشوارع بالفضة. قائلين إن أى فرد يمكنه 
أن يحصل على عمل مع السادة الذين يتنقلون فى عربات ذوات عجلتين 
وينفقون النقود بالجاروف. وبعد فترة جاء اللاماء جاد الملامح وقد بدا عليه 
التحفظ وهو يمشى بتثاقل شديدء فالتحق بموقع الثرثرة تحت طنف الأسقف. 
فأفسحوا له مكانا كبيرا» وشعر بالانتعاش فى الهواء الخفيف وجلس على حافة 
الهوة مع أفضلهمء وعندما تراخت الأحاديث أخذ يلقى الحصى فى الفراغ. 

كانت سلسلة الجبال التالية تقع على مسافة خمسين كيلومتراء لمن يطير إليها 
كالعُقاب فى خط مستقيم؛ وكانت جبالاً مضمومًا بعضها إلى بعضء تجرى فيها 
القنوات» وتنتثر فيها أجمات صغيرة من النباتات البرية» غابات طول كل منها 
مسيرة يوم كامل. وكان جبل 'شملة* ينتصب خلف القرية فيحجب الرؤية تمامًا 
عن مناطق الجنوب. كان الموقع يشبه الجلوس فى عش طائر الخطاف تحت 
مالكو نالعال 

وكان اللاما يمد يده من حين لآخرء وبعد تشجيعه قليلا بصوت منخفض 
يشير إلى الطريق الخارج إلى منطقة 'سييتى“ وشمالاً عبر 
'بارونجولاا". 

وقال "وخلف ذلك حيث تتكدس الجبال يقع دير 'ديشن'», وكان يقصد 
'هائلى*'» ذلك الدير العظيم الذى بناه 'تانجستان راسشين"'» الذى يحكون 
حكايته التالية“ وانطلق يحكيهاء وكانت قصة خيالية متراكمة الأحداث حافلة 
بالسحر والمعجزات التى جعلت 'شملة' تشهق دهشة. واستدار إلى الغرب 
قليلا تجاه الجبال الخضراء فى كولو؛ وجعل يبحث بعينيه عن 'كايلونج' تحت 
الأنهار الجليدية» قائلا ”إذ إننى ذهبت إلى هناك فى وقت مضت عليه دهور. 
جئت من آليه'؛ فوق ممر 'بارالاشى' (على حدود كشمير)". 


20 








وقال أهل 'شملة“ الذين يسافرون لمسافات شاسعة "نعم نعم» نعرفه“. 

"وبت ليلتين مع كهنة 'كايلونج' . هذه جبال بهجتى بتى! ظلال مباركة فوق كل 
الظلال الأخرى! وهناك تفتحت عيناى على هذه الدنياء وهناك فتحت عيناى 
غلن “هذه الذنيا» :ؤهناك- وحدت” التنوين: وهناك: شمرت: .عن ساعدئ: للقيام 
ببحثى. من الجبال خرجتء من الجبال الشاهقة والرياح العاصفة. أوه! ما 
أعدل العجلة!“ وجعل يبارك كل شىء تفصيلاء الأنهار الجليدية العظمىء 
والجلاميد الجرداء؛ والصخور الركامية» والأحجار المتساقطة. والمرتفعات 
الجافة» والبحيرة المالحة الخفية»ء والأخشاب التى مرت عليها عصور 
وعصورء ووادى الفاكهة الذى يتساقط فيه الماء؛ وكان يبارك كلا منها على 
النزالن مما عار فدويدل كه أكف وهل كم تخد عق فاطق الاذنا: 

وقال أبناء 'شملة' "نعم؛ نعم؛ لا مكان يضارع جبالنا". وجعلوا يتعجبون 
كيك يمكن أن يعيش رجل فى السهول الحارة الفظيعة؛: حيث تكبر الماشية 
حتى تصبح فى حجم الأفيال فلا تصلح لجر المحراث على جوانب الجبال؛ 
وحيث تلامس القرى بعضها بعضناء كما سمعواء لمسافة مائة ميل» وحيث 
يخرج الناس عصابات للسرقةء فما يفلت من أيدى اللصوص تستولى عليه 
الشوطة, 

وهكذا مر الضحى الساكنء وعندما انتهى عادت رسول كيم» هابطة من 
المرعى السامقء هادئة النفس كما انطلقت. 

كان كنم مورطيكا" (رنتاية متشي الففبوي ل لقاع لوقه الشتعيك لاما 

هل التحق بالكفار؟ لا! أذكر أنه عالج أحدهم. لقد اكتسب امتيازاء على 
الرغم أن من شْفِئَ استخدم قوته فى الشر. ما أعدل العجلة! ماذا قلت عن 
الطبيب؟". 

ل كيم "خشيت أن تكون مصابًا بكدمات و... كنت أعلم أنه حكيم". ثم 

0 قشرة الجوزة الملصقة بالشمع وفتحها قر ما كتب بالإنجليزية على 





2 





ظهر رسالته: "تلقيت هديتك. لا أستطيع التخلى عن رفيقى المصاحبين لى فى 
الوقت الحاضرء لكننى سوف أصحبهما إلى سيملا. وبعدها أرجو أن ألحق 
بك. ملاحقة الغاضبيّن غير مستحبة. ارجع بالطريق نفسه الذى أتيت منه. 
وسوف ألحق بك. سعيد إلى حد بعيد بشأن المراسلات؛ بسبب بعد نظرى”". 
وقال كيم "يقول أيها الربانى إنه سوف يهرب من الكافريْن ويعود إلينا. هل 
ننتظر قليلة فى 'شملة” إذن؟ . 

وجعل اللاما يتطلع طويلاً وبحب إلى الجبال ثم هن رأسه. 

"اك عفان :ران ساق أروف للك فعا هف أشماق» دام بالكنة د 
فلقد رأيت سبب الأشياء”. 

”ولماذا؟ ما دامت الجبال تعيد إليك قوتك يومًا بعد يوم؟ تذكر أننا كنا 
نشعر بالضعف والخور هناك فى وادى 'ضون” ” 

'زالت ا قواتى على فعن. 'الشن .والسياق, كنت ايد من المتشاجرين 
المتفاخرين على جوانب الجبال”. وعض كيم شفته ليحبس بسمة. فعاد اللاما 
يقول ”ما أعدل العجلة وما أكملهاء لا تنحرف قيد شعرة. عندما كنت شابًا - 
منذ زمن بعيد - قمت بالحج إلى جورو (المرشد الروحى) شوان (دير على 
حدود بوتان) بين أشجار الحور“ وأشار تجاه مملكة بوتان الهندوسية شبه 
المستقلة» على الحدود بين الهند والتيبت “حيث يحتفظون بالحصان المقدس". 

وقال أهل 'شملة2ء في صوت واحد ”الصمت! اسكتوا! إنه يتحدث عن 
جاملين - نينكور“ الحصان الذى يستطيع أن يلف العالم فى يوم واحد”". 

وقال اللاما فى عتاب رقيق ”إننى لا أتحدث إلا إلى تلميذى“. فتفرقوا مثلما 
ينقشع الصقيع على طنف الجنوب فى الصباح. "لم أكن أنشد الحقيقة فى تلك 
الأيام بل الحديث عن العقيدة. كله وهم! شربت الجعة وأكلت خبز جورو 
شوان. وفى اليوم التالى قال أحدهم سنذهب لمحاربة 'سنجور جوتوك'2 فى 
الوادى حتى نكتشف أى رئيس للدير سوف يتولى الحكم ويظفر بأرباح 





2 





الصلوات التى يطبعونها فى سنجور جوتوك! فانظر من جديد كيف ترتبط 
الشهوة بالغضب! وذهبتء وتقاتلنا يوما . 

"ولكن كيف أيها الربانى؟" 

"بعلب أقلامنا الطويلة كما كان يمكن أن أبين... أقول» تقاتلنا تحت أشجار 
الحور» رئيسا الديرين وجميع الرهبان» وشق أحدهم شقا فى جبينى حتى بدا 
العظم. انظر!”“ وأزاح قبعته إلى الخلف فأظهر ندبة فضية التأمت فيها البشرة. 
.”ما أعدل العجلة وأكملها! كنت أشعر يوم أمس بحكة فى الندبة. وبعد خمسين 
2ن تتكررس كيف أضينك هيا ور كه الى احنافى إنياء إن عقف اباد كن 
الوهم. وقد تبع ذلك م' رأيت من الصراع والغباء. ما أعدل العجلة. جاءت 
لطمة الكافر على الندبة» وعندها أحسست بهزة فى نفسىء» وأظلمت روحىء 
وجعل زورق روحى يتخبط فى مياه الوهم. لم أستطع قبل القدوم إلى شملة أن 
أستغرق فى تأملاتى حول سبب الأشياء؛ أو أن أرصد مسار جذور الشر 
وأصله. وكافحت على امتداد الليل الطويل كله“. 

"ولكنك أيها الربانى برىء من كل شر. فلأكن قربانك!". 

كان كيم يشعر بالكرب حقا لحزن الرجل العجوزء وأفلتت عبارة محبوب 
على منه دون أن يدرى. 

وواصل اللاما حديثه بنبرات جادة أعمق والمسبحة تعلو قعقعتها بين 
عبان ايل :الطليكة قامد عام التوو" (قة اهكان نوكل هر بده لات قن 
الجبال» وتغذيت فى الجبال» ولم أجلس بين الجبال قط... قضيت ثلاثة أعوام 
فى الترحال فى ربوع الهند ولكن هل يمكن أن يكون التراب أقوى من الأرض 
الأم؟ كان جسدى الغبى يتوق للجبال وثلوج الجبال من مكانى أسفلها. قلت. 
وهو صحيح. إن بحثى مؤكد النجاح. وهكذا يممت وجهىء فى منزل امرأة 
كولوء صوب الجبالء. بل بالغت فى إقناع نفسى. لا لوم على الطبيب. فإنه - 
متَبِعَا الرغبة - تنبأ بأن تمنحنى الجبال القوة. فزادت من قوتى على فعل 
الشنة:وان. أليين يخت» لكذ وحدت: المقعة فى الحياة وشهوة الحياةه وز غنيت 


ع 








فى تسلق مرتفعات شاقة» وجعلت أطلبها هنا وهناك» وأقيس قوة جسدىء وهذا 
لون قوف «الهيال. ١لا‏ سف وسهوت: وك قن" تدك : الفاينت.. تحت 
الوط رض 7و سكف عه وفطت ور العا فارج العدن ليان 

اولكوييا لبون قلف اناو وشو امل اكليعنقلتيت مه اكات الال 
وأحببتك لقوتك الجديدة". 


وقاك لافنا انه عدو ند عن وان اذكو" انقى : كلل بمو قرف كنت لق 
المديح منك ومن الطبيب لمجرد قوة ساقىَ. وهكذا تلاحقت الشرور حتى 
امتلأت الكأس. ما أعدل العجلة! إن الهند كلها جعلت تَكَرّمُنِى لمدة ثلاث 
سنوات. من نبع الحكمة فى بيت العجائب إلى“ - وابتسم - ”طفل صغير يلعب 
بجوار مدفع كبير. لقد أَعَدّت الدنيا طريقى. ولماذا؟“ 

”لأننا أحببناك. هذه حُمَّى اللطمة وحسب. وأنا نفسى لا أزال أشعر 
بالغثيان والصدمة . 


”لا! بل لأننى كنت على الطريقء: منضبط النغمة مثل الصنج لما يقصده 
القانون. وانحرفت عن ذلك الفرض. فانكسرت النغمة وتلا ذلك العقاب. ففى 
جبالى نفسهاء على حافة موطنى نفسه؛ وفى المكان نفسه الذى شهد رغبتى 
الشريرة» جاءت اللطمة... هنا!“ ولمس جبينه ”ومثلما يُضرب الغلام عندما لا 
يضع الأكواب فى مكانها ضئربت أناء وأنا الذى كنت رئيس دير سوخزين. 
لاحظ أنها لم تكن لكمة بل لطمة يا تلميذى”. 

"ولكن الأجنبيين لم يكونا يعرفانك أيها الربانى؟". 

"كنا فى كفتين متعادلتين» فالجهل والشهوة قابلاة الجهل والشهوة على 
الطريق» وأنجبا الغضب. كانت اللطمة إشارة لى - ولست أفضل من ثور 
برى - بأن مكانى ليس هنا. من يستطع إدراك سبب فعل يقطع نصف الطريق 
إلى الحرية! اللطمة تقول لى 'عد إلى الطريق القويم. ليست الجبال لك. لا 
تستطيع أن تختار الحرية ثم تنحدر إلى عبودية متع الدنيا' “. 


57 








"ليتنا اما :قايلكا :ذلك اووس الملعون قذ!*. 

"مولانا نفسه للا يستطيع أن يجعل العجلة ترجع إلى الخلف. وبسيب 
الامتياز الذى حققته اكتسبت علامة أخرى“. وأدخل يده فى صدره فأخرج 
فجلة العياة قاكاد "انظر ار أيك.هذ ا نفد الاتكوا .من تامااقق: لح ينل فق 
تمزيق الكافر إلا عرض ظفر من أظافرى”. 

0 ض‎ ١ 

"هذا إذن مدى قِصر حياتى فى هذا الجسد. لقد خدمت العجلة طول 
عمرى. والآن تخدمنى العجلة. لولا الامتياز الذى اكتسبته بهدايتك إلى 
الطريق» لأضييفت إلى حياة أخرى قبل عثورى على نهرى. هل هذا واضح يا 
تلميذى؟ . 

وجعل كيم يحدق فى الخريطة الممزقة بوحشية. كان القَطعْ يجرى مائلا 
من اليسار إلى اليمين» من المنزل الحادى عشر حيث تلد الرغبة الطفل - فى 
الرسم الذى وضعه أهل التيبت - عبر عالم الإنسان وعالم الحيوان» إلى 

”قبل أن يفوز مولانا بالتنوير“ - وطوى اللاما كل شىء وأبعده فى إجلال 
- ”تعرض للإغراء. وتعرضت أنا للإغراء أيضناء لكن هذا انتهى. لقد سقط 

”ألا ننتظر الطبيب على الأقل؟“". 

"أعرف مدى العمر الذى ساحياة قو هذا أ لجسدء فماذا ل ُ يستطيع أ بد لطبيب ذا 
يفعل؟ . 


'لكنك مريض مضطربء ولا تستطيع السير”". 


"كيف أكون مريضنا وأنا أرى الحرية؟” ونهض فوقف فى غير ثبات على 
قدميه. 


فقال كيم ”إذن لابد أن أحضر الطعام من القرية. يالمشاق المسير!“ كان 
كيم يحس أنه يحتاجء هو أيضاء للراحة. 
”هذا مشروع. فلنأكل ونذهب. سقط السهم فى السهول... لكننى استسلمت 
للرغبة. فلتستعد يا تلميذى . 
رغاد كيم إلى المر أكاذات الوضاع المح بالفين وو ير كافك تس .عقاف 
الحصى من فوق الصخرة السامقة» فابتسمت له فى حنان بالغ. 
وقالت المرأة ”وجدته مثل جاموس شارد فى حقل قمحء ذلك البنغالى. 
ينخر ويعطس من البرد. كان جائعًا ل الحد الذى جعله ينسى وقاره.ء 
ويغازلنى. لا يملك الأجنبيان شيئا”. وبسطت راحتيها الفارغتين. ”أحدهما 
يعانى من مرض شديد فى بطنه. وعملك؟ . 
وأومأ كيم» ببريق فى عينيه. 
”كلمت البنغالى أولاء وأهالى قرية قريبة بعد ذلك. سيقدمون للأجنبيين 
ما يحتاجانه من طعام ولن يطلبوا نقودًا منهم. سبق توزيع الغنائم. والبنغالى 
يكذب على الأجنبيين. لم لا يتركهما؟". 
”لأن له قلبًا كبيرا”. 
"لم يُخلق بنغالى قط بقلب أكبر من ثمرة جوز جافة. ولكن هذا غير مهم. 
والآتى تأتى مسألة الجوز. قلت إن الدفع بعد أداء الخدمة. وقلت أنا القرية ملك 
ا 
فقال كيم ”إن فى هذا خسارة لى إذ كنت» حتى لحظة قريبة» أتأمل فى 
قلبى سُتَّعَا ولذائ نابعة من -“ ولا حاجة بنا إلى تفصيل القول فى الغزل اللازم 
لهذه المناسبات - وتأوه آهات حرتى وقال "ولكن أستاذى جاءته رؤيا تأمره 
6 
ل 3 


”هه! ماذا تستطيع عيونه العجوز أن ترى إلا قصعة تسول مليئة؟”. 


5 


”بأن يغادر هذه القرية عائدًا إلى السهول”“. 

”اطلب منه أن يبقى . 

فق كيم .اسه قائلذ "اعرت: شنديقى الزماتئن. كين المعو دف بواعررف 
مره فضته [ذا غازفية أحد". :فى :وات فاظعة تكاسية ضيف "لعتاقة تهز 
الجبال . 

"لقي للد لقند م الارانططف سر ننج در أسنة1 شف أنه قنقا تصنا عي" فلن 
النمر الذى ضرب الأجنبى. دعه يحلم فترة أطول. ابق هنا!”“. 

وقال كيم بصرامة لم تستطع أن تنال من رقة ملامح وجهه الفتى 
البيضاوى: ”هذه أمور سامية تتجاوز مداركك”". 

الاففنق الأرناسديها وض لذ يقنم الوهان رزالساء الأتويهالا وف" 

”الكاهن كاهن. ويقول إنه يرحل فى هذه الساعة. وأنا تلميذه وأرحل معه. 
نحتاج إلى طعام نتناوله فى طريقنا. إنه يحل ضيفا مُكرمًا فى كل القرى 
ولكن...“ وافتر ثغره عن بسمة طفولية صافية - ”الطعام هنا طيب. أعطنى 
قليلاه 007 

”وماذا لو أننى لم أعطك؟ إننى امرأة هذه القرية“”. 

ع ّ اك ع 

"إذن سألعنك - قليلا - لا كثيراء ولكن بما يكفى لتذكره". ولم يستطع أن 
يغالب الابتسام. 

”"لقد لعنتنى فعلاً بالأهداب المسبلة والذقن المرفوعة. اللعنات؟ لم أكترث 
لمجرد كلمات؟" وعقدت يديها المقبوضتين على صدرها وأضافت "لكننى لن 
أرضى أن ترحل غاضيّاء وأن تقسو فى خاطرك علئ» باعتبارى جامعة 
للروث والكلأ فى 'شملة*» وإن كنت كذلك امرأة ذات ثراء“. 

وقال كيم "ليس فى خاطرى شىء سوى حزنى الشديد على الرحيلء فلقد 
بلغ بى الإرهاق ميلغه. ونحن نريد الطعام, هذه هى الحقيبة . 


2*١ 


واختطفتها المرأة بغضب قائلة "كنت حمقاء. ما نوع نساء السهول؟ 
شقراوات أم سمراوات؟ كنت شقراء ذات يوم. هل تضحك؟ ذات يوم» من 
زمن بعيدء إذا استطعت التصديق» أحبنى أحد السادة.» وذات يوم» من زمن 
بعيد» لبست ملابس أوروبية فى دار البعثة (التبشيرية) هناك“. وأشارت بيدها 
إلى مدينة 'كوتجارث'. ”وذات يوم» من زمن بعيدء كنت مسيحية وأتحدث 
الإنجليزية؛ مثلما يتحدثها السادة. نعم» وقال حبيبى الإنجليزى إنه سوف يعود 
ويتزوجنى - نعم يتزوجنى. وسافر - كنت أقوم على رعايته عندما مرض - 
لكنه لم يعد قط. وعندها رأيت أن أرباب المسيحيين يكذبون» فرجعت إلى 
عشيرتى... ولم تقع عينى على أجنبى منذ ذلك الحين قط! لا تضحك منى. 
فالنوبة انتهت أيها الكاهن الصغير! إن وجهك ومشيتك وأسلوبك فى الحدي” 
ذكرتى بحبيتى. الإنجليزى» :ولو أنك مجرد شحاذ جوال أتصدق أنا عليه. تريد 
أن تلعننى؟ أنت لا تستطيع أن تلَعَنَ أو تبارك!”» ووضعت يديها على رذقيها 
وسكت بمرارة. ”أربايّك أكاذيب؛ أعمالك أكاذيب؛ كلماتك أكاذيب. لا توجد 
رياف ته كل الستغاوات»: و أنا وائقة فن..هذا:. لكتنى ظننت- فترة ها أن 
حبيبى الإنجليزى قد عاد» وكان ربى أنا. نعم» كنت ذات يوم أعزف الموسيقى 
على البقائق فى :ذان . النمقة فى كو ها ريف بلاق | خطلي. الحسوذفات للقيدة 
الوثنيين" واختتمت حديثها بالكلمة الإنجليزية» ثم ربطت فتحة الحقيبة الكبيرة. 

ل اللاما مستندًا إلى عمود الباب ”إنى أنتظرك يا تلميذى". 


الهؤزمة؟". 

كان كيم مرتبكا بسبب تدهور صحة اللاما وإدراكه لتقل الحقيبة» وعندما 
سمع مأ قالته المرأة فقد السيطرة على أعصابه فصاح قائلا: 

"وما الذى يعنيك أيتها المرأ أ ة المشئومة و المكان الذى يمضى إليه؟ . 

"لا أشءة ولكقه :غنيك انك بها“ الكاهرن. :ذو : الوه الأحندى. هل ستحمله 
على كتفيك؟". 


57 





"سأمضى إلى السهول» ولن يعوق شىء عودتى إليها. لقد صارعت نفسى 
حتى نفدت قوتى. الجسد الغبى مستهلك؛ ونحن بعيدان عن السهول . 

وقالت المرأة ببساطة ”انظر!”“ وانتحت جانبًا حتى تتيح لكيم أن يرى 
عجزه التام. “العننى! فريما وهب ذلك القوة له. اصنع تعويذة! ادع ربك 
العظيم» فأنت كاهن". ثم استدارت وخرجت. 

كان اللاما قد جلس القرفصاء بصعوية وهو لايزال قابضنًا لق عمود 
الباب. من المحال أن يتلقى رجل عجوز لطمة شديدة ثم يستعيد قوته بسرعة 
مثل الشباب فى ليلة واحدة. كان الضعف يُقَعِدُهُ ولكن عينيه اللتين تعلقتا بكيم 
كانتا براقتين تتوسلان وترجوان. 

قال كيم ”كل شىء على ما يرام. الهواء ا ل بعد 
قليل نمضى! إنه ذوار الجبال» وأنا أيضًا أشعر بغثيان فى بطنى... واتحني 
وخعل واس اللتما بالقلماك» الهزيلة التق زويف" أو لآ إلى شق ثم بعادت 
المرأة بقامة أشد انتصابًا عن ذى قبل. 


وقالت ”أربابك لا نفع لها؟ هه؟ جرب أربابى! انف امرأة 7 ونادت 
ببصوت مبحوح فخرج من حظيرة أبقار زوجا المرأة وثلاثة آخرون وأقبلوا 
يحملون مِحفة» وهى هود سنا ع متجلى ستكدامونه: فى الجبال لنقل المرضى 
وفى الزيارات الرسمية. وقالت ”هؤلاء الثيران“ دون أن تتعطف فتنظر إلى 
الرجال "ملك يمينك ما دمت محتاجا إليهم". 

وصاح الزوج الأول *لكننا لن نذهب إلى طريق سيملا. لن نقترب من 
الأجانب". 

لصساية 'لن يفروا هاربين مثل الآخرين ن ولن يسرقوا '' و عر 
مسرعين. ”اهبطوا بالمحفة الآن وارفعوا الرجل العجوز وأجلسوه فيها. 
وسوف أشرف على القرية وعلى زوجاتكم الفاضلات حتى ترجعوا“. 


5 





”ومتى بكون ذلك؟". 

"الوا الكاهنين. لا تضايقونى. ضعوا حقيبة الطعام ؤ فى المؤخرة. الإحكام 
الحو اف 

وصيات: :كيو "نيا الرزناني! عالقا انع تخطده نف ونمو لحان كن 
ملكئىّ فعلا... مكان تكريم وراحة. ونحن ندين به إلى...“ 

”امرأة مشئومة! إنى أحتاج إلى بركاتك مثلما أحتاج إلى لعناتك. وهو ما 
آمر به أنا لا أنت. ارفعوا وانطلقوا! اسمع! هل لديك نقود لمصاريف الرحلة؟” 

وأشارت إلى كيم فتبعها إلى كوخها حيث انحنت على صندوق نقود 

وقال كيم ”لا أحتاج إلى شىء“ وبدا عليه الغضب حيث كان ينبغى 
الاأفقنا قدنف مترائف "لق :عمو عي مداق لوه سبال قئلة الى خودر محل" 

ونظرت اليه وقد ارتسمت بسمة غريبة على شفتيها ووضعت يدها على 
كتفه قائلة ”إذن فاشكرنى على الأقل. إنى ذات وجه قبيح ومن نساء الجبال 
ولكننىء كما تقولان بتعبيركماء قد اكتسبت الامتياز. هل أريك كيف يقدم 
الأجانب الشكر؟“ ولانت حدة النظرة فى عينيها الجامدتين. 

وفنجال كدو عضا موقاة تناه تايف "ليت (لوااكاهنا بخوالا .انث 
لا تحتاجين إلى بتركاتى أو لعناتى”. 

"اصبر. ابق معى لحظة قصيرة - تستطيع أن تدرك المحفة فى عشر 
كلو اكوح لق كنت بمدد! احنددا فيل أرراف وا كناف أن قعل" . 

وقال كيم أوكيف بى إذا 0 إذن؟" وهو يحيط 0 يذو عه كم 


5 








التقبيل مجهول بصورة شبه مطلقة بين الاسيويين» وربما كان هذا هو 
السبب الذى جعلها تميل بجذعها إلى الخلف وقد فتحت عينيها فى دهشة 
وارتسم الذعر على وجهها. 

وواصل كيم حديثه قائلاً ”فى المرة المقبلة» ينبغى ألا تثقى كل الثقة 
بكهانك الوثنيين. والآن أقول وداعًا لك"“. ومد يده بالأسلوب الإنجليزى 
وصافحته بطريقة آلية. "الوداع يا عزيزتى”". 

"الزرة اع اهنويد" كنك اشتذكر. الناليا الانليزية: لذعلا تققد :"لفوت 
تعود مرة أخرى؟ الوداع و... بارك الله فيك”. 

وبعد نصف ساعة؛ والمحفة لاتزال تصعد بحركات متقطعة وأصوات 
قعقعة فى الدرب الجبلى الذى يخرج من 'شملة» فين اتجاه الجنوب الشرقىء 
لمح كيم شخصًا ضئيلا على البعد عند باب الكوخ يلوح بخرقة بيضاء. 

و غمغم كيم 50000 ا الماضىء فقال فى نفسه “ربما كنت 
اكتسبت امتيانًا أنا أيضنا... على الأقل لم تعاملنى معاملة الأطفال". وشد 
مقدمة توبه. حيث كان يحفظ حزمة الوثائق والخرائط. وأعاد وضع حقيبة 
الأغذية عند قدمى اللاماء ووضع يده على طرف المحفة»ء ثم تباطأ ليجارى 
سرعة الزوجين المتاففين. 

وبعد خمسة كيلومترات قال اللاما ”وهذان أيضًا يكتسبان الامتياز”“. 

وقان كين "لل ” لكان ررم الك تومه دقعم اكور هنا نض" كافك مر اه 
شملة قد أعطته النقود الفضية» وقال كيم فى نفسه إن العدل يقضى بأن. يعمل 
الوتجان: حت :يعيذا اكنبات المال:. 


256 


الفصل الخامس عشر 
لن أُخْلِى الطريق ابر اطور يمر - 
ولن أحيد إكرامًا لمالك عن الستّبيل الخر. 
ولن تَرَانِى رَآكِعًا أَمَامَ صاحِب التاج الما قف 
لكنّ ما أمَامى ها هُنا أَمْنٌ مُخالف! 
ولَسْت عَازمًا على قِتَال أ من قَوَى الهواء! 
"أخلوا له الطريق أَيُها الحُرَاسُ كئ يمت فى هنا 
"مدُوا لَهُ جدشر العُبُور إِنَهُ يَسُودْنَا بالحق كلنا 
"فإنةُ لَحَالمٌ تحققت أخلامُه ونال أطيب المُنى 
(البحر والجبال) 
على مسافة "٠١‏ كيلومتر!ا شمالى شينى» وعلى الأحجار الزرقاء فى 
لاداخ» كان يرقد السيد يانكلنج» ٠‏ الرجل المرح» وهو يتطلع بمنظاره المقرب فى 


عضيف يغبن التذوواك: المبكرية نيفنا عق المتعو لي الس حضية و الى يعمل لديد 
باقتفاء آثار الحيوان. ولكن ذلك 'الخائن* المزود ببندقية ألمانية جديدة ومائتى 
خرطوشة كان فى مكان آخرء مشغولا بصيد غزلان المسك ليبيعها فى السوق, 
وسوف يحكى للسيد يانكلنج فى الموسم المقبل عن مدى المرض الذى كان 
يعانيه. 

كاك :رودل بغ الى يضيعة الحد ‏ أولانة تون بون ويفا تهدانه اونا :دالت 
البصر الحاد تحوم فوق مظلته المثقوبة ذات اللونين الأبيض والأزرقء» وقد 
نكل اتكيييلة وهم :كيردي فكد ستاتن وحن أن كان وك ١‏ بك ني المكون اونا 
ما. وكان قد تلقى الشكر لتوه من أجنبيين رفيعى المكانة؛» بعد أن هداهما 
باقتدار إلى .نفق 'ماشبرا"» شمالى سيملاء الذى يؤدئ إلى عاصمة الهندء تلك 
المدينة العظمى البهيجة. كان قد تبرأ من الخطأ الذى وقع فيه حين حاصرته 





251 


سجوف الضباب فتجاوز فى مسيرته معهما مكتب التلغراف» ومستعمرة 
'كوتجارث' الأوروبية. كما تبرأ من خطئه؛ مُرجعا إياه إلى الأرباب الذين 
كا رقكاظ» عذيى جعدرن اا ساعر اع ”جو كل عونا خفن ياد “ناهان + شنال 
شرقى أمبالاء حيث ظن الراجا حاكم الولاية أنهما جنديان بريطانيان هاربان. 
وأوضح هورى البنغالى ما يتمتع به رفيقاه من مجد ومن سؤود فى وطنهماء 
حتى ابتسم الملك الصغير الذى كان النعاس يغالبه. وكان يوضح ذلك لكل من 
يسأل» عدة مرات» بصوت مرتفعء وبألفاظ مختلفة. وكان يتسول الطعام 
ويتولى ترتيب المبيت لهماء وأتبت مهارته فى علاج جرح أصيب به أحدهما 
بين فخذيه» بسبب ما تعرض له وهو يتدحرج على جبل تغطيه الصخور فى 
. الظلام» كما غدا لا غنى عنه فى كل شىء. وكان المنطق الذى يستند إليه 
وداده مُشرفاء إذ قال إنه تعلم مع الملايين غيره من أقنان الأرض أن يتطلع 
إلى روسيا بصفتها المُحَلّْصَ العظيم فى الشمال. وقال إنه رجل 'خواف»؛ فكان 
يخاف أن يعجز عن إنقاذ الشهيرين اللذين يعمل لديهما من غضب الفلاحين 
الهائجين. وقال إنه هو نفسه لا يمانع فى ضرب رجل ربانى ولكنه... كان 
يشعر بامتنان عميق وفرح صادق لأنه استطاع بذل 'جهوده المحدودة“ لإنجاح 
مغامرتهماء باستثناء فقدان الأمتعة. وقال إنه نسى الضربات التى تلقاهاء بل 
وأنكر توجيه أية ضربات لأحد فى تلك الليلة القبيحة تحت أشجار الصنوبر. 
وقال إنه لا يريد معاش تقاعد أو مكافأة على العمل لكنه يرجو أن يكتبا له 
خطاب تزكية إن كانا يريانه جديرا بها. وأوضح أن ذلك قد يفيده فى المستقبل» 
إذا أقبل آخرونء من أصدقائهماء إلى الممرات الجبلية. وتوسل إليهما أن 
يذكراه فى المستقبل الزاهر الذى ينتظرهماء إذ إنه كان بعتقد أنه - وزعم أن 
اسمه 'موهندرو لال دوط'. حامل الماجستير من جامعة كالكتا - قد أدى 
للدولة بعض الخدمات. 

وأعطياه شهادة يمتدحان فيها أدبه واستعداده للمساعدة ومهارته التى لا 
تخطئ فى الإرشاد. ووضع الشهادة فى حزام خصره وأخذ ينهنه فى انفعال؛ 
قائلا إنهم تعرضوا لأخطار كثيرة معاء ثم قادهما عندما انتصف النهار عبر 





5ع 





سوق سيملا المزدحم إلى مصرف "لايانس* فى سيملاء حيث أرادا إثبات 
هويتهماء ثم اختفى فجأة مثل سحابة فجر فوق مدينة جاكو. 

وها هو ذاء صاعدا جبل شملة؛ لا يسمح له توتره بأن يعرق» ولا وقت 
لديه للتباهى بالعقاقير فى صندوقه المغلف بالنحاس» كأنما هو رجل بر بلغ 
الكمال. وانظر إليه وقد تنحى تمامًا عن صفته البنغالية» يدخن فى الظهيرة 
أمام كوخ؛ وامرأة تضع على رأسها وشاحًا مزركشا بالفيروز وتشير إليه أن 
يذهب فى اتجاه الجنوب الشرقى فوق الكلاً. وهى تقول إن المحفات لا تسير 
سوعة الرحال. المفودين» ولكن: طليتة لأبد. ‏ أن :تكون: الآن. 'فن.: السهول. 
وأضافت إن الرجل الربانى رفض البقاء على الرغم من إلحاحها. وزفر 
البنغالى زفرة ثقيلة» وشمر عن ساعديه؛ واستأنف رحلته. لم يكن يريد المسير 
بعد غروب الشمسء ولكن ترحاله النهارى» وإن لم يسجله أحدء كفيل بإدهاش 
الذين يسخرون من جنسه. وها هم أولاء القرويون الطيبون يذكرون بائع 
العقاقير الذى طاف بديارهم قبل شهرين؛ وها هم أولاء يوفرون له المأوى 
الذى يحميه من شياطين الشر فى الغابة. وهو يحلم الآن بأرباب بنغالية» بكتب 
التعليم الجامعى» وبالجمعية الملكية فى لندن» بانجلترا. وعند الفجر إذا بالمظلة 
ذاث اللونين الأنيكن والازوق تمحيى قكدمًا. 

وعلى حافة وادى "ضون” استقرت المحفة» وكان الركب قد ابتعد كثيرًا 
عن 'موسورئ'» فامتدت أمامه السهول بترابها الذهبى. وكان يرقد فى المحفة 
البالية - بشهادة الجبال كلها - لاما مريض يبحث عن نهر يشفيه. وكان 
القرويون يكادون يتقاتلون فى سبيل الفوز بشرف حمل المحفة» إذ لم يكونوا 
ينالون البركات من اللاما فقط بل الأجور المجزية من تلميذه أيضتاء ثلث ما 
يتفاضونه من الأجانب تمامًا. وكانت المحفة تقطع مسافة ١4‏ كيلومتر!ا كل 
يوم» كما تشهد على ذلك أطراف عموديها التى أبراها طول الاحتكاك وكساها 
العرق» فى طرق لا يكاد يستخدمها الأجانب. وعبر الركب ممر 'نيلانج* وسط 
جبال الهيملايا (فى كشمير) أثناء هبوب عاصفة ثلجية عاتية ملأت كل طية 
من طيات ملابس اللاما بنثار الثلج دون أن يُعَلّقَ؛ كما سار الركب بين قرنى 


577 








'راينج» الأسودين حيث سمع أفراده صفير الماعز البرى وسط السحاب؛ 
واندفع مكافحا ليعبر المنطقة الحجرية السفلى؛ وجعل حاملو المحفة يشددون 
قبضتهم عليها فوق أكتافهم يصيوين على أسنانهم وهم يذرعون المنحنيات 
البشعة فى الطريق الدع سو اتدل ل 
جبال الهيملايا (قرب الحدود الصينية): وكانوا يتمايلون مصدرين صوتا 
كالصرير المتناغم مع هرولتهم وهم يهبطون فى وادى المياه» ثم يواصلون 
زحفهم على طول سهول ذلك الوادى المغلق؛ ويعودون للصعود مرة أخرى 
لمواجهة هدير الرياح بالقرب من "كيدارناث'؛ ويستريحون ظهر كل يوم فى 
الظلام الدامس لغابات البلوط الحانية» منتقلين من قرية إلى قرية فى برد 
الفجرء حين كان يمكن الصفح عن الجميع حتى الأتقياء إذا شتموا رجال الدين 
ناقدى الضصبر؟ أو يتقدمون فى-ضوء المشاعل .حين :كان أقلهم خوفا يفكن فى 
الأشباح. وهكذا وصلت المحفة إلى مرحلتها الأخيرة. فإذا برجال الجبال ذوى 
القافات العتتيلة .يسصيدون. ضر نا فى 'الكو ا النشفية” المناطق السنفان. هذ 
'سيواليك': ويلتفون حول الكاهنين لنيل بركاتهم وأجورهم. 

ويقول اللاما "لقد اكتسبتم امتيازاء وهو امتياز أكبر مما تعرفون”“ ثم يتأوه 
قائلا "وسوف تعودون إلى الجبال . 

ويجىء الرد “قطعا. الجبال السامقة وبأسرع وقت ممكن“ . ويحك الرجل 
الذى كان يحمل المحفة كتفه» ويشرب بعض الماء ثم يبصقه ويصلح صندله 
الخفيف. ويقوم كيم - بوجهه الشاحب مشدود القسمات إرهاقا - بدفع قطع 
فضية بالغة الصغر من حزامه ثم يرفع حقيبة الأغذية» ويضبط وضع اللفافة 
التى يكسوها المشمع - فهى كتابات مقدسة - فى صدره.؛ ويساعد اللاما على 
الوقوف. لقد عاد الاطمتنان مرة أخرى إلى عينى العجوز ولم يعد يتمنى أن 
تسقط الجبال فوقه فتسحقه كما تمنى فى تلك الليلة الرهيبة التى فاض فيها 
النهر فأخرهم 

ويحمل الرجال المحفة ويختفون عن الأنظار بين الأحراج الملتفة. 





20 





ويرفع اللاما يده تجاه حافة جبال الهيملايا قائلا "لم يسقط بينكن أيتها 
الجبال المباركة سهم مولانا! ولن أنشق ف أنسامكق ما عشت!“ 

ويقه كيد “القنك: افر فشن مراك فى +132 الور اع لتقي أ برف رت 
السهول الشفوق العامرة بالمحاصيل كانت تبدو جذاية لنفسه المنهكة. ويضيف 
”"هناء في مكان ماء سقط النسنهم؛ نعم. سوقف نتقدم ببطء شديد» وربما كتف 
فوسخ واحددفى اليوة: قالتحخد منوكه الماع ولكن الحقرية طيلةة: 

"لفون بح يرو كله التساع: لقن خويمت ون قوانة ارد 


7 3# د 


لم يعودا يقطعان أكثر من ثلاثة كيلومترات فى اليوم الآن» وكانت كتف 
كيم تتحمل ثقل ذلك كله - عبء رجل عجوزء وعبء حقيبة الأغذية المثقلة 
بالكتب الموصدة؛ وعبء الكتابات الرازحة على صدره وتفاصيل نظام الحياة 
اليومية: كان يتسول فى الفجرء ويبسط البطاطين اللازمة لتأملات اللاماء 
ويحتمل الرأس المرهقة على ركبته فى أوقات الظهيرة الحارة» مستخدما 
المروحة فى طرد الذباب حتى يؤلمه معصماه؛» ويعود للتسول فى المساء. 
وتدليك قدمى اللاما الذى كان يكافئه بوعد بالحرية اليومء» أو غداء أو على 
الأكثر بعد غد. 

"ما شهدت الدنيا لس املك مف قال: أشك أحيانا إن كانت وعانة أناندا 
لمولانا تفوق رعايتك إياى. والشارمن الواذف كندها عنت يعاد من ومن نه 
كنت أنسى ذلك. والآن كثيرا ما أتطلع إليك وأذكر فى كل مرة أنك من السادة. 
أمر غريب”“. 

"قلت ذات مرة لا يوجد أسود ولا أبيض. فلماذا تبتلينى بهذا الحديث أيها 
الربانى؟ فاحُدكك قدمك الأخرى. هذا الحديث يغيظنى. لست من السادة؛» بل 
تلميذك,ؤراسى كيل افوق كنفي”. 

"فس : قلواذا' شوق تعمل :إلى الخورة سكا :عند ها نكف يفا آنا و أدت: 


5 








على الضفة البعيدة للنهرء ونستعرض ما فات من حياتنا مثلما رأينا فى الجبال 
مسي اننا فو سورك انا ريهز كفت" [نااتهو الاق يورا ينا" : 

"لم يوجد قط أجنبى مثلك» وأقسم“". 

"إنى واتق أن حارس الصورء أمين بيت العجائب» كان فى حياة سابقة 
رئيسا بالغ الحكمة لأحد الأديرة. ولكننى لا أستطيع الإبصار حتى بنظارته؛ إذ 
تمتد الظلال حين أنظر بثبات. لا يهم. تعرف ألاعيب الجسد المسكين الغبى؛ 
فالظل يتحول إلى ظل آخر. وأنا محدود بوهم الزمان والمكان. ما طول 
المسافة التى قطعناها اليوم بأبداننا؟”. 

ايا صو نري لات أ كدق راع معنن وكا شوو نامرهك 

"نصف فرسخ؟ ها! لقد قطعت عشرة آلاف ألف بالروح. كو لدان يت 
واتخضيونا هذه الأتساء الصماء!“ ونظر إلى يده النحيلة ذات العروق الزرقاء 
التى تستثقل المسبحة وقال "تلميذى. داقر اودلكه يوخا ما الررظية فى ترك" 

وتذكر كيم الم لكيه 0 والكتب فى حقيبة الأغذية. وقال فى 
تفش الى آم أحدا يتمتع بالتفويض !| للازم قد تولى توضيل: هذه الأشناء لما 
اكترثت بما تؤول إليه اللعبة الكبرى! كان مرهقا يشعر بارتفاع درجة حرارة 
و لقعم كلها سوك عا نيار مو نكي 

وقال فى صرامة ”لا! لست كلبًا أو ثعبّانا حتى أعض بعد أن تعلمت 
الحب“. 


"أنت تبدى الرقة البالغة تجاهى". 

”لا! ولا ذلك أيضنًا! لقد اتخذدت خطوة فى أمر ما دون استشارتك» إذ 
أرسلت رسالة إلى امرأة كولوء وحملتها المرأة التى أعطتنا لبن الماعز هذا 
الصباحء أقول فيها إنك تعانى من بعض الوهن وتحتاج إلى محفة. إنى ألوم 
نفسى الآن لأننى لم أفعل ذلك عندما دخلنا وادى 'ضون“'. وإذن نبقى فى هذا 
المكان حتى تأتى المحفة“. 








”أنا راض. إنها امرأة ذات قلب من ذهبء كما تقولء؛ لكنها ثرثارة» أو قل 
فكب النرتوة" . 

"لن ترهقك. فقد توليت هذا الأمر أيضنا. يا أيها الربانى! إن حزنا بالغا 
رين على. قلبى بسبب. إهمالى رعايتك. مرات 5-0-6 وتهدج صوته كأنما 
عط نه لق يوقي الات وه نتوا اوناك تمشى مسافات طويلة» ولم أكن 
آتيك بأطيب الأطعمة فى كل مرة:؛ ولم أعمل حسابًا لحرارة الجو؛ وكنت 
أحافت لفان قاع النتمون تان كا | القدو حداف كرا ليمي اليه الاق اننم 
لكننى أحبك... وقد تأخرت أكثر مما ينبغى... كنت طفلا... أوه» لم لم أكن 
هذا واوا كد عت لقان الترق ,انهه واو الذقه كداز د ستوات 
عمره؛ فسقط ينهنه عند قدمى اللاما. 


وقال العجوز بنبرات رقيقة "ما هذا اللغط الآن؟ لحل لح تر راك 
عن طريق الطاعة. تجاهلتنى؟ اسمع يا ولدىء لقد عشت على قوتك مثلما 
تعيش شجرة عجوز على أحجار جدار جديد. كنت أسلبك القوة يومًا بعد يوم 
منذ أن غادرنا 'شملة“. ولذلك فأنت لم تضعف بسبب أية خطيئة ارتكبتها أنت. 
إن الجسد - الجسد الأبله الغبى - هو الذى يتكلم الآن. لا الروح الواثقة. 
اطمئن! اعرف على الأقل الشياطين التى تحاربها. إنها لدت فى الأرضء» 
وهى فق أبقاء الوهم. سوف نذهب إلى امون أه تكوالو وشافة» تكسي امقناذ ١‏ 
باستضافتناء وخصوصنا برعايتى. فانطلق دون قيود حتى تستعيد قوتك. إنى 
نسيت الجسد الغبى. وإن كان ثم ملام فأنا أتحمله. لكننا اقتربنا من أبواب 
الخلاص اقترابًا لا يسمح بحساب الملام. لى أن أمتدحك؛ ولكن ما الحاجة 
لذلك؟ فبعد قليل» بل بعد قليل جداء سوف نتجاوز الحاجة بشتى ضروبها . 


وهكذا أخذ يلاطف كيم ويسرى عنه بالحكم والأمثال والنصوص الجادة 
عن ذلك الحيوان الذى لا نفهمه الفهم الكاملء أى جسدناء الذى لا يزيد عن 
وهم خادعء. ويصر على التظاهر بأنه الروحء وذلك ما يؤدى إلى إظلام 
الطريقء وتكائر أعداد الشياطين التى لا لزوم لها تكاثرا هائلا. 








00 امرأة كولو. هل تظن أنها ستطلب تميمة أخرى 
لأحناذ ها كندها كس كدان مر رمك سحيق» كنت ا قا الأبخرة - 
وغيرها - فذهبت إلى رئيس أحد الأديرة. وكان رجلا بالغ الربانية وباحثا عن 
الحقيقة» وإن كنت حينذاك أجهل ذلك. اجلس واستمع يا طفل روحى! 
وقصصت قصتى. فقالت لى ”اعلم هذا يا تلميذى: فى الدنيا أكاذيب كثيرة: 
وعدد غير قليل من الكذابين» ولكنه لا يوجد كذابون مثل أجسادناء إلا إن كانت 
أحاسيس أجسادنا“. وتفكرت فى هذا فوجدت التسرية والسلوى» وغمرنى 
بعطف بالغ إذ سمح لى بشرب الشاى فى حضرته. وأرجو أن تسمح لى الآن 
بشرب الشاىلاننى عطشان!“. 

وببسمة وسط الدموع قبّل كيم قدمى اللاما وشرع فى إعداد الشاى 

”أنت تستند إلى جسديًا أيها الربانى لكننى أستند إليك فى أمور أخرى. هل 
تعرف ذلك؟ . 

"ريما وسنت ذلك“ وأضاف بعينين تتلألآن ”لابد من تغيير ذلك“. 

وهكذا بدأ اللاما يتخذ تدابيره الخاصة؛. عندما وصل الهودج المفضل نفسه 

للسيدة المهيبة. قاطعًا مسافة تزيد على ثلاثين كيلومتراء مصحوبًا بالمنازعات 
والاحتكاكات والأصوات العالية الموحية بالأهمية» وعلى رأس حامليه الخادم 
الهرم ذو الشعر الأشيب من طائفة أوريا (الأوريسى) نفسه» ودخل الجميع 

الأبيض الطويل الذى تنتشر أطرافه دونما نظام محدد خلف 
سهارنيور. 

وقالت السيدة المهيبة بنغمة مرحة من شباك بالطابق العلوىء بعد الإطراء 
الغا "ذا قاقد السدية الامو زه تشهو ةا الج رودك تو تنك لقن لج فعاد 
لك أن تراقب التلميذ. فكيف فعلت ذلك؟ لا تجبنى قط! فأنا أعرف. كان يخالط 
النساء. انظر إلى العيون الجوفاء الغائرة» وإلى الغضّن الكاشف من الأنف إلى 
أنتقل الوه ! القذ: هتضة تنام[ نذا له اضا لذ! وهو إلى ذلك كاه" . 








ورفع كيم بصره إليهاء وإرهاقه الشديد يمنعه من الابتسام» وهز رأسه 

وقال اللاما ”دعك من الهزل. فات وقت ذلك. فنحن هنا لأمور عظمىء إذ 
اجتاحنى مرض الروح فى الجبال» واجتاحه مرض الجسد. ومنذ ذلك الحين 
أعيش على قوته» ألتهمه التهامًا“. 

ونشقت قائلة "طفلان معاء صغير وكبير“ لكنها كفت عن المزيد من 
الفكاهات؛ وأضافت “ليت كرم ضيافتى الحاضر يشفيكما معًا. انتظرا قليلا 
وسوف أعود للثرثرة حول الجبال السامقة الصالحة". 


التفتيش فى المزرعة؛ بل دخلت إلى لب الموضوع الذى شرحه اللاما بصسوت 
منخفض. وكان الرأسان العجوزان يومئان معًا إيماءات حكيمة. وأما كيم فقد 
أهر ع إلى غرفة فيها سريرء وجعل يغالب النوم كأنه سكران. وكان اللاما قد 
نهاه عن بسط البطاطين أو الحصول على الطعام. 

وقالت المرأة ”أعرف؛ أعرفء؛ ومن سواى يدرى؟ نحن الذين اقتربنا من 
محرقة الجثث نتشبث بأيدى الخارجين من نهر الحياة بقوارير ماء ممتلئة. 
نعمء ممتلئة إلى الحافة. لقد أسأت إلى الصبى. تقول إنه أعارك قوته؟ صحيح 
أن الكبار يأكلون الصغار كل يوم. وإذن علينا الآن أن نشفيه”". 


”لقد اكتسبت أنت الامتياز عدة مرات...“. 

"الامتياز لى أنا؟ وما هو؟ إنى عجوز نحيلة أطهو الطعام الشهى لرجال 
لا يسألون من طها هذا؟ لكننى لو كنت ادخرته لحفيدى...". 

”الذى فسنت بالمغخص؟ . 


"كيف تذكر الرجل الربانى ذلك؟ لابد أن أخبر أمه. إنه لشرف رفيع فريد! 
قال الربانى 'الذى أصيب بالمغص؟' مباشرة؛ فلقد كان الربانى يذكره. لسوف 
تعتز بهذا وتزهو . 





"تلميذى فى نظرى بمنزلة الولد عند غير المتنورين . 

"بل بمنزلة الحفيد. لا تتمتع الأمهات بحكمة شيخوختنا. فإذا بكى الطفل 
َلْنَ إن السماوات تتهاوى. ولكن الجدة تبتعد بمسافة كبيرة عن آلام الحمل 
ومتعة الرضاعة بحيث تستطيع أن ترى إن كان البكاء ثمرة شر خالص أو 
بسبب ريح فى الأمعاء. وما دمت عدت للحديث عن المغص الناشىء عن 
الريح؛ عندما كنت أيها الربانى هنا آخر مرة؛ فربما كنت أسأت إليك بإلحاحى 
غلى «الكطدول على تمائم : 

وقال اللاما ”اسمعى يا أخت“ مستخدما اللفظ الذى يخاطب الراهب البوذى 
بده أهواداة أحفم ان اماق "ا كانكه الغياكم تر كك ” 

"إنها أفضل من عشرة آلاف طبيب". 

"قلت إن كنت تجدين فيها الراحة فإننى» وقد كنت رئيس دير سوخزن» 
سوف أصنع لك أى عدد ترغبين فيه. لم أشاهد وجهك قط...“ 

"يعتبر ذلك مكسبًا حتى فى نظر القرود التى تسرق الفواكه الصينية! هئ 
هئ هى! . 

وقاك لقنا عومنا :الى النانك< لعفاف لخو فك لحي فد هو “الققاع :! فاضي 
"ولكنك؛ كما قال الراقد هناك» تتمتعين بقلب من ذهب... وهو روحيًا 'حفيد' 

فقالت ”جميل! وأنا إذن بقرة الرجل الربانى“. كانت تلك لفتة هندوسية 
خالصة ولكن اللاما لم يعرها أدنى اهتمام. فعادت تقول ”إننى عجوزء. حملت 
أبناء فى جسدىء نعمء وكنت يوما أستطيع إرضاء الرجال! وأستطيع اليوم أن 
أشفيهم“. وسمع اللاما صليل الأساور فى ساعدها كأنما شمرت عنه للعملء إذ 
كالكة اسنامول رعاية الصبى وأعطيه الجرعات اللازمة» وأملاً بطنه طعاماء 
وأعية إلية العافية: .هذا نحنا! ما رلنا'تحة العجائق 'تحيط بغضن :العل“: 

وهكذا فعندما فتح كيم عينيه» شاعر! بالألم فى عظام جسمه كلهاء وأراد 


5ع 


أن يذهب إلى باب الطاهى ليحضر طعام عامقا ومح رقير ا للبدية حرطي 
وشاهد عجوزًا على وجهها خمار لدى الباب» وبجانبها الخادم ذو الشعر 
الأبيضء وكانا ينهيانه بكل دقة عما يجب أن يمتنع عن عمله امتناعًا تاما. 

اقلت نلك اترتيدفة الع فذاق اكنيكا ان امدق حا ديف قط كنذا 
مقدسة؟ ١م:.‏ :هذا أمن ‏ آحن .لأ قدورت. الستماواتت” أن اأخولييخ. الكاهن: .وبين 
صلواته! لابد من إحضاره لك إذن» وعليك الاحتفاظ بمفتاحه”. 


ودفعا الصندوق تحت سريرهء حيث وضع كيم فيه مسدس محبوبء» 
وربطة الخطابات الملفوفة فى المشمعء والكتب المغلقة والمذكرات.» مصدرا 
آهة تنم عن ارتياحه. ولسبب لا يدريه كان يشعر أن ثقلها على كتفيه لم يكن 
شيئًا إن قورن بثقلها على ذهنه المكدود. بل إن رقبته كان يوجعها ذلك العبء 
أثناء الليل. 

وقالت السيدة: ”مرضك غير مألوف فى شبان هذه الأيام منذ أن توقف 
الصغار عن رعاية من هم أفضل منهم. وعلاجه النوم» وبعض العقاقير". 
و أسعدة أت يستسلم لحرا الذى كان يتهدده ويريحه فى أن واحد. 


وقامت بتخمير بعض المشروبات فى غرفة تحفها الأسرار وتعتبر المعادل 
الآسيوى لغرف التقطير الأوروبية» فأعدت جرعات رائحتها بشعة ومذاقها 
أبشع. وكانت تقف عند رأس كيم حتى يشربهاء وتسأل أسئلة مستفيضة بعد أن 
تصعد إلى حلقه. وفرضت على الفناء الأمامى حَظرا دعمته بحارس مسلح. 
صحيح أنه كان فى السبعين من عمره. وأن سيفه المغمد كان لا يتجاوز 
اده الكقة. كاق وملل: منظان ١‏ السيذة * العفدة؛. ,زركانكه الشزررانت ٠‏ المحملف 
والخدم المثرثرونء والعجولء. والكلاب؛ والدجاج» وما إلى ذلك ينتشر انتشارًا 
واسعًا فى تلك الأرجاء. وعندما تمائل الجسد للشفاء - وكان هذا أفضل ما 
فعلته - اختارت من بين كل الأقارب الفقراء الذين تكدسوا فى مؤخرة المبنى 
- وندعوهم باسم “كلاب المنزل* - أرملة ابن عم لهاء ماهرة فيما يسميه 
الأوروبيونء الذين لا يعرفون أى شىء عنه»ء 'التدليك'. وهكذا وضعتاه ممددًا 








من الشرق إلى الغربء بحيث يكون لمجرى التيارات الأرضية الغامضة التى 

تمنح الحيوية لصلصال الجسد تأثير" مُوات لا معوق. وهكذا انقضتا عليه ذات 

يوم فى ساعات العصر الطويلة» فدلكتاه عظمًا عظمًا وعضلة عضلة ومفصلا 

ملصيا: وأخيراء عصبًا عصبًا. أحس بأنه قد عُْجِنَ فأصبح هُلامًا لا شكل له 

وكان شبه مُخِدْر بالحركات المستمرة وإعادة ضبط القادون فوق أعينهماء 

0 مترزة" لاقمو جدسى وق رو ييا ةبت 
كان نوما بليلا كالمطر بعد الجفاف. 


ثم جاءته بالطعام»ء وضج المنزل بالحركة أمام صرخاتها. أمرت بذبح 
لطيور اسل تطلب الخضراواتء وكان البستانى العاقل البطىء التفكير 
الذى تقترب سنه من سنها يتصبب عرقا فى غضون ذلك؛ وجاءت بالبهارات 
واللين والبضل وقليل من أسماك الجداولء» ثم أتت بالليمون لإعداد المشروبات» 
وبالسمان السمين من الأوجارء وتلت ذلك أكباد الدجاج المشوية مع شرائح 
الزنجبيل فى أسياخ على الفحم. 

لالد هديا تنك الضيو اتن : القن تكدمينتقنيا الكتلينة انا فذق الكو 
فى هذه الدنيا التى لا تضم إلا نوعين من النساء: نوع يسلب الرجال قوتهم. 
ونوع يعيدها إليهم. كنت يومًا ما من النوع الأو لوالا أطسية ةا انوع 
الآخر. لا! لا تلعب دور الكاهن معى. كنت أتفكه وحسب. فإذا لم تثبت لك 
صحة ما أقول الآن؛ء فسوف يثبت ذلك عندما تعود إلى الترحال“. ونظرت إلى 
قريبتها الفقيرة التى لا تمل من إطراء إحسان مضيفتها قائلة *انظرى يا بنت 
العم! إن بشرته تكتسب نضرة حصان حديث التدريب. وإنما يشبه عملنا صقل 
ل ان الراقصات. صحيح؟". 

واعتدل كيم فى جلسته وابتسم. كان قد تخلص من ضعفه الشديد كأنه 
حذاء قديم. ولسانه يتحرق شوقا إلى الانطلاق من جديدء بعد أن كانت أخف 
كلمة تَعْقِدُهُ مثل الرماد. وكان الألم فى رقبته - ولابد أنه انتقل إليه من اللاما 
- قد زال مع حُمّى المستنقعات بأوجاعها الشديدة ومذاقها الخبيث فى فمه. 


2 








انق احج فكاو الأ <قادا كار كت اتضمون عو ضهط على الخماوء : أخذما 
تقيقان مَرَحًا مثل الدجاجات التى دخلت من الباب المفتوح لالتقاط الطعام 
بمناقيرها. 

وقال كيم ”أين صديقى الربانى؟". 

وكا عض لمر اد تون اش هاده القع با وول الوتكن الوماتن يكير 
وإن كان موقفه لا يكسبه هو امتيازا. لو كنت أعرف طريقة لمنحه الحكمة 
لبعت جواهرى واشتريتها! إنه رفض الطعام الطيب الذى طهوته بنفسى» 
وانطلق يتجول فى الخلاء ليلتين طاوى البطن؛ ثم سقط فى جدول آخر الأمرء 
فهل تسمى ذلك قداسة؟ وبعدهاء عندما كاد يحطم ما بقى من فؤادى قلقا عليه؛ 
عاد ليقول إنه اكتسب امتياز!! أوه» ما أشبه الرجال بعضهم ببعض! لا لم يكن 
الأمر كذلك؛ بل إنه يقول لى إنه تحرر من جميع الخطايا. كان يمكن أن أخبره 
بذلك قبل أن يغمره ما غمره من البلل. لقد تحسن حاله الآن» إذ حدث ذلك منذ 
أسبوع. ولكن أبئس بهذه القداسة! إن طفلاً فى الثالثة لا يفعل فعله. لا تقلق 
على الربانى. فإنه لا يرفع بصره عنك إن لم يكن يخوض فى جداولنا . 

نا أذكر أنى و أيقة: أذكق: أن الفهان. :و الليل" كأنا: فتدا بعاق -هتن: أبوزا من 
اللونين الأبيض والأسود تنفتح وتنغلق. لم أكن مريضنًا بل مرهقا"“. 

'إنه الخمول الطبيعى الذى يصيب المرء بعد عقود طويلة. لكنه ذهب 
ار 

وناداها كيم قائلا ”أيتها المهرانية“ أولاء لكنه عندما لمح نظرات الحنان فى 
عينيها عاد يقول "والدتى! إنى مدين لك بحياتى. كيف أشكرك؟ عشرة آلاف 
بركة على بيتك وعلى...' 

اقليكرة البيت من البركة!" والواقع أن نقل ما قالته المرأة على وجه الدقة 
عتبوق: :و أضنافت: '"اككر” الأريات تصتكك: كاهنا اذا أردت, ولكن اشكرنى إذا 
أرقت :يصفكك» أبن لى». واللسماوات: الغلا .كل: كنك. تفلك :و أررفخك: بو ايوب 





مع 





وألوى أصابع رجليك العشرة حتى تلقى النصوص على رأسى؟ لابد أن امرأة 
حملتك فى مكان ما حتى تحطم قلبها. ماذا كنت لها - ابنا؟". 

فقال كيم ”ليس لى أم يا أمى. يقولون لى إنها ماتت وأنا صغير". 

”هكذا! إذن لا يستطيع أحد أن يقول إننى سلبتها أى حق إذا... أقصدء 
عندما تعود د للترحال من جديد؛ ويصبح هذا البيث وتاحذا :مق الف نيت يوويك 
وقكبذا ف مفة مه نر كه ملكا سد ٠‏ غير مهم. لشت فى كاحة الى »يرركاتة. 
ولكن... ولكن...“ ودقت الأرض بقدمها تجاه قريبتها الفقيرة صائحة ”أعيدى 
الصوانى إلى المنزل. ما فائدة وجود الطعام البارد فى الغرفة أيتها المرأة 
المشكومة , 

وقالت القريبة الفقيرة فى نشيج متقطع وقد بدت فى صورة الأخت من 
كلقب الشافوى ويه تتتهنيى لقكقية الامو "لق حملت فى حيطت طلفلة يوها ما أنا 
أيضاء لكنه مات. وتعرفين أنه مات! لم أكن أنتظر إلا أن تأمرى بإعادة 
الصوانى . 1 

وقالت المرأة العجوز بنبرات الندم ”إننى أنا المرأة المشئومة. إن الذين 
يوشكون على الذهاب اك محرقة الحثث يتعلقون بشدة بحاملى ماء الحياة من 
الشباب. وعندما لا يستطيع المرء أن يرقص فى المهرجان فلا ينبغى له أن 
يطل من النافذة. والقيام بعمل الجدة يستغرق وقت المرأة كله. الآن يقدم لى 
مُعَلمك كل التمائم التى أطلبها لابن بنتى الأكبرء والسبب - هل هو السبب؟ - 
أنه تحرر تمامًا من الخطيئة. وأما الطبيب فقد انخفض شأنه كثيرً!ا هذه الأيام 
إذ يصف 'السم* لخدمى لأنه لم يجد أفضل منهم". 

”أى طبيب يا أميى؟” 


”الرجل ابن مدينة داكا نفسه الذى أعطانى الحية التي قسمتنى ثلاثة أقسام. 
حل لدينا مثل البعير الشارد منذ أسبوع. وأخذ يقسم إنك كنت أخا صادقا له فى 
طريق كولوء وتظاهر بالقلق الشديد على صحتك. كان بالغ النحول شديد 
الجوع فأصدرت أوامرى بأن يُتخم بالطعام والشراب أيضنا! بُعدَا له ولقلقه!"“. 


1ع 





د أن أراه إن كان هنا" . 

”إنه يأكل خمس مرات فى اليوم» ويكثر من سباب خدمى حتى لا تصيبه 
سكتة دماغيةء بل لقد اشتد قلقه على صحتك حتى غدا يلتصق بباب المطبخ 
ويقيم أوده بالفتات. لسوف يبقى. لن نستطيع التخلص منه أبدا“. 

وقال كيم: وقد عاد البريق الى غينة لخظة و احدة "أرسليه ل هنا يأ أمى» 
تضوف أخاوق”: 

"سوف أرسله. لكننى لا أحبذ طرده. فلقد أبدى من العقل؛ على الأقل؛ ما 
جعله يخرج الرجل الربانى من الجدول؛» وهكذا - كما لم يقل الربانى - 
اكتسب امتيازا! . 

"إنه طبيب بالغ الحكمة. أرسليه يا أمى”. 

أكاهق نديد قاس معدوة1 ,[1إدكاق. بهنا'امق “أضيدقائك: جد يبد أن 
تشاجرتما فى لقائكما الأخير - فلسوف أَجْرّه إليك جنا بحبال الخيل» وأقدم له 
عشاءً فاخرا فيما بعد. يا ولدى... انهض وشاهد الدنيا! هذا الرقاد فى الفراش 
أم لسبعين شيطانا... ولدى! ولدى!”. 

وأسرعت خارجة لتثير زوبعة فى المطبخ. وما لبث أن دخل البنغالى؛ 
وملابسه حتى الكتفين ملابس امبراطور رومانىء بفك يشبه فك الامبراطور 
تيتوس» ورأس عارء وحذاء من الجلد اللامع» وجسم امتلاً شحمّاء ويفيض 
سعادة وتحايا. 

”أقسم يا مستر أوهارا ما أسعدنى برؤيتك. لو سمحت لى سأغلق الباب. 
يؤسفنى أنك مريض. هل مرضك شديد؟“. 

وقال كيم ”الأوراق... الأوراق التى كانت فى السلة - الخرائط والخطاب 
الملكى!“ ودفع إليه بالمفتاح بصبر نافدء إذ كان ما يحتاجه الآن نفسيًا هو 
التخلص من الغنيمة. 


مي 6 





”أنت محق تمامًا. هذه هى النظرة الحكومية الصحيحة. هل لديك كل 
شىع؟” 

وقال كيم ”أخذت كل ما كان مكتوبًا بخط اليد فى السلة. ورميت الباقى من 
الجبل“. وكان يستطيع أن يسمع صرير المفتاح وهو يدور فى القفل» وصوت 
تمزيق المشمع اللزج ببطءء وخشخشة الأوراق التى يتفحصها الرجل. إذ كان 
كيم يشعر بضيق فاق كل الحدود المعقولة لإدراكه أنها كانت قابعة تحته طيلة 
أيام مرضه العاطلة» وكانت تمثل لف هيا" لا يفكفة القعويز .عكة: .لهذا :النشيت 
أندذفعت الدماء فى عروقه عندما وثب هورى كالفيل إليه وصافحه مرة أخرى. 


"هذا بديع! بل هذا أبدع ما يمكن! يا مستر أوهارا! لقد اختلست - ها! ها! 
- كل ما كان فى الجعبة» بقضه وقضيضه! قالا لى إن عمل ثمانية أشهر قد 
أفكر !انو اقم كم لقيت فين كدوت 1 اانظر ع هذا فى التفكلاب. العوسل. غزد 
هيلاس!“ وأخذ يقرأ بالنغم الصحيح سطرا أو سطرين من الكلمات المكتوبة 
بالفارسية الخاصة بالبلاط الملكعى» و هى اللغة المستخدمة فى الدبلوماسية 
امسر ما وين المسموح بهاء قاتلا "قد وقع السيد الراجا المحترم بقدمه 

فى الحفرة تقريبًا. وسوف يكون عليه أن يفسر سبب كتابته خطابات غرامية 
ا وهذه خرائط بألغة البراعة.. 00 هذه المراسلات 

ثة أو أربعة من رؤساء وزارات تلك المناطق. قسما بالله يا سيدى! لسوف 
تغيّر الحكومة البريطانية من كانا قد غَيّنا لخلافة ملكى هيلاس وبونار وتعين 
ولى عهد جديد لكل منهما. 'خيانة بالغة البشاعة*!... لكنك لا تفهم» هه؟". 


وقال كيم ”هل هى فى يديك لم يكن يعبأ بغير ذلك. 


7 مى 


فقال هورى م ل ل ا 
جسدهء بالأسلوب الذى لا يستطيعه غير الشرقيين» مضيفا ”"وسوف ترفع 
جميعها إلى المكتب. السيدة العجوز تظن أننى مَعلمٌ ثابت من معالم المكان» 
لكننى سأرحل فورا بكل هذه مباشرة» ودون إبطاء. سيشعر المستر لورجان 


بالفخر. أنت رسميًا مرؤوس لىء لكننى سوف أبرز اسمك فى تقريرى 





ه١‎ 





الشفوى. من المؤسف ألا يسمحوا لنا بكتابة تقارير. فنحن البنغاليين نتفوق فى 
ذلك العلم الدقيق”. وألقى بالمفتاح داخل الصندوق الذى أفرغ مما فيه. 

لعزم نالحدل قلف اقديد الزريها قن ركاف الودات فداحيس نوك 
يدا قن اتن عن لس ناي 

"فعلاً! وكنت له نعم الصديق» ثق فى ذلك. كان سلوكه بالغ الغرابة عندما 
جئت أطلبك» وقلت فى نفسى ربما كانت الأوراق معه. تابعته فى تأملاته: 
وكذلك لمناقشة بعض المسائل العرقية. فأنا كما ترى شخص ضثئيل المكانة إلى 
حد بعيد هنا فى هذه الأيام» بالمقارنة بصاحب التمائم الكثيرة. وأقسم لك يا 
أوهارا إنه مصاب بمرض ينتابه من آن لآخر. نعم» وأؤكد لك. إنها نوبات 
تشنج» إن لم تكن أيضًا صرعًا. عثرت عليه ذات مرة فى هذه الحال تحت 
شجرة فى لحظة الوفاة فإذا به ينهض ثم يثب فى مياه الجدول ويسير فيه حتى 
كاد أن يغرق لولا أن تدخلت وأخرجته“. 

وقال كيم ”لأننى لم أكن موجودًا! كان من المحتمل أن يموت". 

”نعم كان يمكن أن يموتء لكنه قد جف الآن» ويزعم أنه قد تعرض لتغيير 
صورته“. ونقر البنغالى بأصبعه على جبهته وقال بلهجة العليم ”سجلت أقواله 
فى مفكرتى حتى أكتب عنها للجمعية الملكية» أو قل إنى قد أفعل ذلك. لابد أن 
تسرع باسترداد عافيتك وتعود إلى سيملاء وسوف أقص عليك قصتى فى 
منزل لورجان. كان ذلك رائعًا! كانت ذيول سراويلهما ممزقة؛» وظن الراجا 
ناهان العجوز أنهما كان من الجنود الأوروبيين الهاربين من الجيش“. 

”آه! تقصد الروسييْن؟ كم يومًا قضيا معك؟". 

"كان أحدهما فرنسيًا. أوه! أيامًا وأيامًا وأيامًا! أصبح الآن جميع أهل 
الجبال يعتقدون أن الروس كلهم متسولون! وأقسم! لم يكن معهما شىء واحد لم 
أعطه لهما. وكم ذكرت للعامة من قصص وحكايات! وسوف أروى لك فى 
منزل لورجان كل شىء عند قدومك. قل إننا سوف نستمتع بليلة عطلة! 





١ 





ستكون غرة فى جبينى وجبينك معًا! نعم ومنحانى شهادة. وتلك فكاهة ما 
بعدها فكاهة. ليتك شاهدتهما فى مصرف "لايانس»2 وهما يثبتان هويتهما! 
والحمد لله القدير أنك حصلت على أوراقهما بهذه البراعة! أنت لا تضحك 
كثيراء لكنك سوف تضحك عندما تتعافى. والآن سأذهب مباشرة إلى محطة 
السكة الحديدية وأنطلق. لسوف تلقى شتى ألوان التقدير لمهارتك فى اللعب. 
متى تنتوى القدوم؟ إننا نعتز كثيرًا بك وإن كنت قد تسببت فى لحظات رعب 
شديد لنا»ء وخصوصا لمحبوب . 

ال مع دي او 

"يبيع الخيول فى هذه الناحية بطبيعة الحال". 

"هنا؟ لماذا؟ تكلم ببطء. مازال فى عقلى ضباب"“. 

وخفطن' البنغالى:بضره :فى خكل وقال "يعنى: كما تعلمة: أناا وجل خواف 
ولا أحب المسؤولية. وكنت أنت مريضتاء تفهمنى؟ ولم أكن أعرف مكان تلك 
الأوراق جميعاء وإذا كانت موجودة فكم عددها. وهكذا فعندما أتيت إلى هنا 
أرسلت برقية سيرًا إلى محبوبء» وكان إذ ذاك فى ملعب سباق الخيل فى 
'ميروط' (شمال شرقى دلهى) وأخبرته بتفاصيل الوضع الراهن. فحضر مع 
رجاله» وجعل يتحدث مع اللاماء ثم إذا به يتهمنى بالحمقء ويُغلظ لى فى 
القول...”. 

"ولكق :لمانا لماذ]؟ة 

”هذا ما أريد أن أعرف. لم أقل إلا إنه إذا سرق الأوراق أحدء فأود 
أهميتها الحيوية. ولم يكن محبوب م يعرف أين أن 

وقال كيم فى غضب “تريد أن يسطو 'محبوب علي“ على منزل السيدة 
الفاضلة؟ أنت مجنون يا بنغالى“. 

”كنت أريد الأوراق. فلنفترض أنها سرقتها؟ لم يكن ذلك إلا اقتراحًا 
عمليّاء فى نظرى. لا يسرك هذاء هه؟". 


مع 








واستعان كيم بمثل شعبى - لا يليق إيراده - للدلالة على عمق رفضه. 

بد بفووات اقفوه اناد "لحقين الوق 0 تمتطاة القن كا هيوس فاضا 
هو الآخر. لقد باع الخيول فى كل مكان هناء ويقول إن العجوز امرأة بالغة 
الكمال ولا تهبط إلى مستوى هذه الأفعال التى يأنفها السادة. الأمر لا يهمنى؛ 
فقد حصلت على الأوراق» وسرنى كثيرا أن ألقى الدعم المعنوى من محبوب. 
أقول لك إننى رجل خوافء ولكن الغريب هو أننى كلما ازداد خوفى ازدادت 
المازق التى أقع فيها. وهكذا مررت بأن أتيت معى إلى شينى؛ ويسزنى أن 
محبوب كان قريبا. وأكيانا تلظ الحيذة العهة القول لى وتبدى غضبها على 
حَبُوبى الجميلة . 


وقال كيم مستندا إلى مرفقه "فليرحمنا الله!“ وأضاف فى مرح ”ما أشد ما 
يشبه البنغالى حيوانا غريبًا! بل إن هذا الرجل قد سار وحده - إن كان قد سار 
وحده - مع اثنين من الأجانب اللذين تعرضا للسرقة ويشعران بالغضب!". 

اوكا لأسن عدا ابقة أن فسان :ضنووى: نال كنت اضف 
الأوراق فلابد أن تكون العاقبة وخيمة» بل كاد محبوب يضربنى هو الآخرء 
وذهب وجعل يتحدث مع اللاما حديثا لا نهاية له. لسوف أقتصر منذ الآن على 
بحوثى العرقية. دعنى أودعك الآن يا مستر أوهارا. أستطيع أن أستقل قطار 
السناعة ١6‏ , اليا :إن أرميالة ذا متدراكت سق توك تقس :قتا وتمتما 
عندما نقص جميعا هذه القصة فى منزل المستر لورجان. لسوف يكون 
تقريرى الرسمى عنك أفضل. إلى اللقاء يا صديقى العزيزء وعندما تغلبك هذه 
المشاعر مرة أخرى أرجوك ألا تستخدم مصطلح الدين الإسلامى وأنت ترتدى 
ثياب التيبت . 

وصافح كيم مرتين - فهو بنغالى أصيل حتى كعب حذائه الطويل - وفتح 
الباب. وقال كيم فى نفسه "لقد خدعهما. وكذب عليهما شأن كل بنغالى. ومنحاه 
شيادذة اتزكية: او حعلهماأحوكة مقاط را جهياتة نفسها» بو أما :دا “فكان م 
المحال أن أعود إليهما بعد طلقات المسدسء وبعد هذا يقول (قهخو افتاه وهو 
قعل كوات: لك أن أدخل: الذنيا م حديد' . 





كانت رجلاه فى البداية تنحنيان انحناء جذع الغليون» وكان التعرض 
المفاجيئ للهواء الدافق الذى غمره ضوء الشمس يبهر عينيه. فجلس القرفصاء 
تكائت» الهدذ از الأنيكن :: والذقة: طن الأحدات “الى :ضماحيتة: ويكلة المحقة 
الطويلة» وحالات ضعف اللاماء وإلى جانب هذا - بعد زوال الدافع على 
الكلام- كان الرثاء لحاله» وكان لديه كالمرضى مخزون كبير منه. وابتعد 
ذهنه الخائر عن العالم الخارجى كله؛ مثتل حصان لم يروضء ما إن يهمز 
حتى يتفادى المهماز. كان يكفيه» بل يكفيه إلى حد كبيرء. أن غنيمة السلة قد 
انطلقت - ولم تعد فى يديه - وغير معهود بها إليه. حاول التفكير فى اللاماء 
والتعجب من تعثره فى الجدول» ولكن ضخامة الدنيا البادية بين أبواب الفناء 
الأمامى أطاحت بكل خاطر يتعلق باللاما. ثم جعل ينظر إلى الأشجار والحقول 
المترامية» والأكواخ المسقوفة بالقش مختبئة وسط المحاصيلء وكان يبصر 
بعينين غريبتين عاجزتين عن استيعاب أحجام الأشياء ونسبها وما جُعلت له 
فأخذ يحدق فى سكون نصف ساعة. وكان يشعر فى ذلك الوقت» وإن لم يكن 
يستطيع التعبير عن ذلكء بأن روحه لم تكن متناغمة مع ما يحيط بهاء فكأنها 
ترس غير مرتبطة بأية آلة» مثل الترس المُسَنن لعجلة سق السكر العاطلة 
ون نوت عيدة؟ 1 :ألو افذة افتى از اورجه «الفناع كافك للشلا كزنب كام يلاوت 
تصيح حوله؛ والأصوات فى المسكن الذى تقيم فيه الأسرة خلفه - من 
المهاض ات إلى. الأوامز “والمعاقات عهاتصل" إلى أذن صماء: 

ثم قال: ”أنا كيم» أنا كيم» فما كيم؟* وكررت روحه ذلك عدة مرات. لم 
يكن يشعر بالحاجة إلى البكاء؛ بل لم يكن أشد عزوفا عن البكاء مما كان فى 
هذه اللحظة» ولكنه فجأة وجد عبرات بلهاء تنسابُ فى يُسئْر على أنفه» وأن 
عجلات كيانه عادت بصوت يكاد يسمع إلى الارتباط من جديد بالعالم 
الخارجى. فإذا بالأشياء التى كانت *تركب* بلا معنى متن عينيه منذ لحظة 
وَاخْدة قد اتخذث: أيعاذها الضتحيحة. فالطرق قد جعلت: للمشى :فيها» واالمساكة 
(اأكإمكام بو الماشي” لققاق 4 ور عفرل السلعه بو الزيهان.بوالنساء. اللمدريك مهد 
أصبم 3لك كله كقيةة ررهناذنال#معروما شاف تمك كمه مقهوينا خرن اليد 


5ه : 








صلصالا من صلصاله. لا أكثر ولا أقل. وانتفض جسده انتفاض كلب فى أذنه 
برغوثء وانطلق خارجا من الباب يتجول. وعندما أبلغت العيون التى كانت 
ترقبه ما فعل إلى السيدة المهيبة قالت "دعوه يذهب. ساهَمت بما أستطيع وعلى 
أمّنا الأرض أن تقوم بالباقى. وعندما يعود الرجل الربانى من التأمل؛ 
أخبروه". 

كايك: عور “كالية يق “الغروياك: التو تجونها الفواة بواقفة فرق كفن 
صغير على مسافة نصف ميلء ومن خلفها شجرة تين هندى يافعة» كأنها موقع 
مراقبة يعلو بعض الأراضى المنبسطة التى حُرئت من عهد قريبء» فأحس أن 
جفنيه يثقلان فى الهواء العليل وهو يقترب منها. وكان يكسو الأرض تراب 
نظيف طيبء وكان خاليًا من الأعشاب النابتة التى ما إن تعرف الحياة حتى 
تشرف على الموتء لكنه كان ترابًا عامرًا بالأمل قادرًا على احتضان بذور 
الحياة كلها. وأحس به بين أصابع قدميه» وربت عليه براحتيه» ثم استلقى 
عضوا عضوا على الأرضء زافرًا زفرة تنعُم» وتمدد طوليًا فى ظل العربة 
المربوطة إلى الوتد الخشبى. وكانت الأرض الأم مخلصة إخلاص السيدة. 
فنفخت فيه من روحها ليستعيد ما فقده من اتزان أثناء رقاده فى سرير حرم 
تياراتها الطيبة. ألقى برأسه دون حراك على صدرهاء واستسلمت يداه 
المفتوحتان لقوتها. كانت الشجرة ذات الجذور الكثيرة من فوقه؛ بل والأخشاب 
الميتة التى صنعها البشر إلى جواره» تعرف ما يسعى إليه» وهو ما لم يكن 
يعرفه. ومرت الساعات عليه وهو راقد فى حال أعمق من النوم. 

وعندما اقترب المساءء والأبقار العائدة تثير الغبار الذى ملأ الآفاق جميعا 
بالدخان» جاء اللاما ومحبوب علىء سيرا على الأقدام. كانا يمشيان بحذرء إذ 
أخبرهما من فى المنزل بالمكان الذى قصده. 

وتمتم تاجر الخيول ”ياالله! أى لعبة حمقاء يلعبها هذا فى الخلاء! يمكن 
إطلاق النار عليه مائة مرة؛ ولكننا لسنا على الحدود هنا“. 


وقال انافاه كور با :ودع كقيرة) "لم تفنيف الأركن امد ان كيذ 1 قنذ! 


665 





حليم: عطوف» حكيم ؛ لا يضمر حقداء مرح أثناء المسير: لا ينسى» مثقف. 
صادقء مهذب. ما أعظم ثوابه!”. 

”"أعرف الصبىء كما قلت من قبل". 

"كان يتضيف هذه الضيفات: كلها ؟” . 

'ببعضها. لكننى لم أعثر بعد على تميمة ربانى ذى قبعة حمراء تجعله 
يكثر من الصدق» لا شك أن لقى الرعاية الصحيحة فى مرضه . 

وقال اللاما بنبرات الجد ”السيدة ذات قلب من ذهب. تعتبره ولدا لها . 

وغمغم محبوب قائلاً "يبدو أن نصف الهند تشاركها ذلك. لم أكن أريد إلا 
الاطمئنان إلى أن الصبى لم يُصَبْ بسوء وحْرٌ فيما يفعل. فأنت تعرف أننا كنا 
أصدقاء خلصاء فى الأيام الأولى لرحلتكما". 

وجلس اللاما وهو يقول ”هذا رباط بينى وبينه. وقد بلغنا خاتمة الرحلة . 

"لم يكن لك فضل فى عدم أنقطاع حبل حياتك إلى الأبد منذ أسبوع! 
سمعت ما قالته السيدة لك عندما حملناك إلى الفراش"“ وضحك محبوب مداعبًا 
لحيته التى صبغها من جديد. 

"كنت أتأمل أمور!ا أخرى فى ذلك الوقت. كان الطبيب البنغالى هو الذى 
قطع حبل تأملاتى”. 

وقال محبوب بلغة الياشتو الأفغانية من باب الأدب ”وإلا لأنهيت 
تأملاتك على الجانب الخانق من الجحيم»؛ ما دمت كافر! ووثنيّاء برغم بساطة 

وأجاب اللاما ببطىع. والكلمات تنبض برنة النصر فى هذه الليلة نفسهاء 
بنواقة يككزى /مثلن مكل شائية: للفطيكة» مكلمتنا نلا تعندها ‏ يتر لك :هذا 
الجسدء إلى التحرر من عجلة الأشياء. عندى علامة* ‏ ووضع يده فوق 
الخريطة الممزقة فى صدره ‏ "تقول إن أجلى قصيرء لكننى سأكون قد حميته 


/اهع 








على مر الأعوام. تذكر أننى بلغت المعرفة؛ كما قلت لك منذ ثلاث ليال فقط“". 

وقال محبوب فى نفسه "لابد أن يكون صحيحا - كما قال كاهن عقيدة 
'طيره“ عندما رقت زوجة ابن عمه - أننى ذو فكر حر؛ فها أنذا جالس 
أجرع جرعات تجديف فى الدين لا يقبلها العقل... أذكر القصة. وعلى ذلك 
إذن يدخل هذا جنات عدن. ولكن كيف؟ هل ستقتله أم تغرقه فى ذلك النهر 
الرائع الذى أخرجك منه البنغالى؟". 

وقال اللاما ببساطة “لم يخرجنى أحد من أى نهر. أنت تنسى ما حدث. 
إنى وجدته من طريق المعرفة. 

وتمثم محبوب قائلاً نعم نعم صحيح . وكان يتناز عه الغعضب الشديد 
والمرح الطاغى. ”نسيت التسلسل الدقيق للأحداث. فلقد عثرت أنت عليه 
بالمعرفة“". 

"والقول بأننى أزهق روحًا قول... ليس خطيئة بل جنون وحسب. إذ إن 
تلميذدى ساعدنى علي بلوغ النهر. ومن حقه أن يتطهر من إل لخطيئة.. معى ". 

"”نعم. يحتاج إلى التطهر. ولكن ماذا بعد ذلك أيها العجوز.. بعد ذلك؟“ 

"وماذا يهم ذلك تحت كل السماوات؟ لقد بلغ التنوير قطعًا... مثلى". 

"أحسنت: كنت أخقس "أن يركب البراق النبوى:ويطير!”: 


- 


"كنيل لاة ينطاق امقانع ملا 

"أهاة فييك الآن1 هذه عن المدنة الفكاتبعة لصيل ابالقظم الايد, أن يقطلق 
سنن عل رافق الدواقة فى بقاكة االلكة ليها الخ الل كاف لسكا : 

الف اكقدلء هذ انه اليةه :العاذةة ب اكفنييت امراك ' ناكد عمد تيمم اهل 
العمل الصالح لا يموت: ساعدنى فى بحثى وساعدته فى بحثه. ما أعدل العجلة 
يا تاجر الخيول ابن الشمال! فليصبح معلما أو يصبح كاتبّاء ما أهمية ذلك؟ 
لسوف يكون قد حقق الحرية فى النهاية. والباقى وَهم". 


2 








أن أخيرة :ذلك عيب واكك مارها هبه مشن: لورفا وو ام كلايع 
ستة أشهر؟ إنى حضرت بعشرة خيول عرجاء وثلاثة رجال أشداء - بسبب 
البنغالى الجبان - حتى أخرج غلامًا مريضنا من منزل امرأة عجوز. يبدو أننى 
لا بد أن أقف مكتوف اليدين أثناء قيام صاحب القبعة الحمراء الهرم برفع 
صبى إنجليزى إلى سماء وثنية لا يعلمها إلا الله! وأنا أعتبر نفسى لاعبًا فى 
هذه اللعبة أيضنًا! ولكن المجنون مغرم بالصبى؛ ولابد أن أكون أنا أيضا 
متجلو ا شن بكدزرة المعقول جِدًا!". 

تقار لقان #وما النة 94" انام هونية الأفعاكى اننكل السك لمان 


”لا شىء على الإطلاق. لكننى وقد فهمت أن الصبى بعد أن ضمن الجنة 
يستطيع مع ذلك الالتحاق بخدمة الحكومة؛ أشعر بالاطمئنان - لابد أن أذهب 
الن. كيؤلن: .يدأ الظلام يهيظ: لأافرقظة. لا أررعب فى أن اسه :يناديك يلكت 
المعلم”. 

الكدة: المي نفعلا .وهل اهو خون .اذلف" 
ناك "لست كه الإطلاق من أتباع دينك» يا صاحب القبعة ا إذا 
كانت هذه المسألة التافهة تهمك". 


ذلك نا تسو دش :نمق قل افق قافن انف مقط أن كر لك الخولاناء 
وتطهرت بالماء وكنت على وشك الغرق أيضاء أن أصفك بالصلاح؛: بل 
بالصلاح البالغ. لقد تحادثنا معًا أربع أمسيات أو خمسء وعلى الرغم من كل 
ما يقال عن تجار الخيول؛ مازلت أستطيع - كما يقولون - أن أدرك القداسة 
فيه تتكا و قوائم الخيل. نعمء وأستطيع أن أدرك أيضا كيف وضع صاحيّناء 
صديق العالم أجمع؛. يده فى يدك فى البداية. 00 طيبة» واجتهد حتى 
يعود إلى الذنذا معلماء موق تاذ ارم 2 رجليه. إذا كان ذلك هو العلاج 





ا 2222 


”ولماذا لا تتبع الطريق أنت نفسكء وهكذا تصاحب الصبى؟". 

وحدق محيوب مشدوها من الوقاحة 'الجليلة* التى أدّسم د بها السؤال» ولو 
وقع ذلك عبر 00 اا كن ركيم ثم وجدت فكاهة الموقف 

وقال محبوب "بهدوءء بهدوءء» خطوة خطوة” أثناء مرور حصان اللاما فى 
طريق أومبالا الوعرء وأضاف ”يمكن أن آتى الجنة فيما بعد فلدىً مهام عظمى 
فى ذلك السبيلء أفكار” عظمىء وأنا أدين بها إلى بساطتك. ألم تكذب فى حياتك 
قط؟ . 

"وما حاجتى إلى الكذب؟". 

"يا الله! اسمع ما يقول! 'ما حاجتى* فى عالمك هذا؟ ألم تؤذ رجلا قط؟" 

”مرة واحدة. بعلبة أقلامى» قبل بلوغ الحكمة“. 

'"وإذن؟ لمتكي تيور فر فى تسروف تعاليمك صالحة. وَلقك. ضرفت 
رجلاً أعرفه عن طريق الصراع“" وضحك ضحكا شديدًا وأضاف "كان قد جاء 
إلى هنا ليرتكب السطو المصحوب بالعنف. نعمء للاقتحام والسطو والقتل 
والظفر بما يبغى . 

"حماقة كبرى!". 

أانعم! ! وعار أسود أيضمًا . وهذا ما خطر له بعد أن رآك» ولفيفا من 
الآخرين» ذكورا اناا وهكذا تند مشروعه وانصرف ليهزم بنغاليًا سيدا 


كه ارم 

”لا أفهم". 

0 فدر أنه ذلك! د بعض الرجال أقوياء بالمعرفة با صاحب القبعة الحمراء. 
ولعن قوتك أكبر. 00 عليهاء وتعاظن أنلك ستنجح قو ذلك. وإذا لم يُحسين 
خدمتك فاملخ أذنيه". 





51٠ 


وقد الأفشائن مز امه العزيمن: .على :ويطة واتطلق :سسخنو : فن: الحسق) 
وهبط اللاما من سحابه إلى الحد الذى أتاح له أن ينظر إلى ظهره العريض. 

”هذا الشخص يفتقر إلى الأدب». ويخدعه ظل المظاهر. لكده امتدع ميدي 
الذى حان له أن يظفر بمكافأته. فلأود الموراكة اللازمة!. : نفل ار ل 
سعده سعد كل من ولدته امرأة. أصح الان! لقد اله عليه! . 


وخرج كيم من تلك الآبار العميقة» وشهد اللاما تثاؤبه فى سرور» ثم 
أصدر اللاما فرقعة بأصابعه لحراسة كيم من الأرواح الشريرة. 

الم وان ولف اك مدل نصبييف" انها الررساقى وفنا طوود هنا كت 
خرجت لأبحث عنك» ولكنى” وضحك ضحكة يغالبها النعاس ”نمت فى 
الطريق. أصبحت الآن بخير تمامًا. هل أكلت؟ فلنذهب إلى المنزل. أهملت 
رعايتك منذ أيام كثيرة. وهل كانت السيدة تأتيك بالطعام الكافى؟ من كان يُدَلك 
قدميك؟ وما شأن أوجاعكء فى البطن والرقبة» والطنين فى الأذنين؟". 

”"ذهبت. كلها ذهبت. ألا تعرف؟". 

"اه أفرو تان زه امف لع إخرا هذل نه زمره كران عر نان 3 

”غريب ألا تبلغك المعرفة» وأفكارى كلها مركزة عليك 

”لا أستطيع أن أرى الوجهء ولكن الصوت يدوى مثل الصنج. هل أحالتك 
السيدة شابًا بفنون طهوها؟ . 

والظلع ؛محد قافن القتخطرع الذق يكلين:الكرفصا ع «بوكل تنبت الرحل 
الأخرى» وقد ظهرت خطوط ظله الأسود الفاحم أمام الضوء ذى اللون 
الليمونى» كأنه تمثال بوذا الحجرى الذى يطل على المداخل الدوارة البراقة؛ 
ذات التسجيل الداتئ» لمتحف لاهور. 

وصمت اللاماء وباستثناء قعقعة المسبحة الخافتة» وأصوات أقدام محبوب 
المبتعدة» كان صمت المساء الحانى الذى يغشاه الدخان فى الهند يلفهما تماما. 


1١ 








”أصغ إلىً! أحمل أنباءً لك". 

الك هنا + 

وامتدت فجأة اليد الصفراء الطويلة لتفرض الصمت. وأطاع كيم وهو 
يغطى قدميه بأطراف ثوبه. 

"أصغ إلىّ. أحمل أنباء لك. انتهى البحث. والآن تأتى المكافأة. وهكذاء 
عندما كنا وسط الجبال» كنت أعيش على قوتك حتى انحنى الغصنْ الفتى وكاد 
ينكسر. وعندما خرجنا من الجبال كنت مهمومًا عليك وعلى أمور أخرى 
كتمتها فى صدرى. كان زورق روحى ضالاء إذ لم أكن قادرًا على النفاذ 
ببصرى إلى سبب الأشياء. وهكذا أسلمتك تمامًا إلى المرأة الفاضلة. لم أتناول 
أى طعام»؛ ولم أشرب أى ماء. ومع ذلك فلم أكن أرى الطريق. كانوا يلحون 
على فى تناول الطعام ويصرخون عند بابى المغلق. فانتقلت إلى منخفض فى 
الأرض تحت شجرة. لم أتناول طعامًا. لم أشرب ماء. وجلست فى حالة التأمل 
يومين بليلتين» مجردا دهنى»؛ مواظبًا على الشهيق والزفير بالأسلوب 
المطلوب... وفى الليلة الثانية - ما أعظم ما كان ثوابى! - تحللت الروحٌ 
الحكيمة من عقال الجسد الأبله وانطلقت حرة. ولم أكن قد أنجزت ذلك من قبل 
قطء رغم بلوغى عتبته. فانظر وتأملء إنها أعجوبة!". 

وقال كيم بصوت خفيض "أعجوبة حقا. يومان بليلتين من دون طعام! أين 
كانت السيدة؟ . 

'تعم, تخزررت راوج 9< جعلت تحلق مدل عقاب» تقلت قعل من عدم 
وجود اللاما ولا غيره! ومثلما تقترب القطرة من الماء اقتربت روحى من 
الروح العظمى التى تتجاوز كل شىء. وفى تلك اللحظة» التى رفعتنى تأملاتى 
فيهاء رايت الهند كلهاء من سيلان فى البحر إلى الجبال»ء وصخورى الملونة 
نفسها فى سوخزن؛ فرأيت كل مخيم وقرية حللنا فيها للراحة؛ حتى أصغرها 
حجماء ورأيتها فى وقت واحد ومكان واحدء إذ إنها كانت داخل الروح. ومن 
ذلك عرفت أن الروح قد تخطت فتجاوزت وهم الزمان والمكان والأشياء. 


2 








ومن هذا عرفت أننى حر. رأيتك راقدا فى سريركء ورأيتك وأنت تهوى على 
الجبيل تحت الكافرء فى وقت واحدء ومكان واحد؛ فى روحىء وهى التى 
كانت» كما قلت؛ قد لامست الروح العظمى. وشاهدت الجسد الغبى للاما تيشو 
راقداء والطبيب البنغالى راكعًا بجواره». يصرخ فى أذنه. ثم أصبحت روحى 
وحدها تماماء ولم أعد أرى شيئاء لأننى كنت كل شىءء بعد أن بلغت الروح 
العظمى. واستغرقت فى التأمل ألف ألف عامء دون انفعال واعيًا كل الوعى 
دأعناف خميه ا لانطالو' فى مسد نقاتقت “هذا شدي ال حولت للصيين |1 امك 
أنت؟” فجعلت أنتفض إلى الأمام وإلى الخلف فى نفسى إشفاقا عليك. وقلت 
'سوف أعود إلى تلميذى خشية أن يتوه عن الطريق“. وعندها وجدت روحىء 
وهى روح اللاما تيشوء تنسحب من الروح العظمى بما لا يحصى من الأشواق 
والمجالدة والتهوع والألم. ومثلما تخرج البيضة من السمكة» والسمكة من 
الماع و الناك نه الهاج و الثيكاض) مره اليواع الكفيق احادت لو اين 
انسحبت» بل تبخرت روح اللاما تيشو من الروح العظمى. ثم صاح بى صوت 
يقول ”النهر! انتبه إلى النهر!“ فألقيت نظرة على العالم كله» فإذا هو كما كنت 
أشاهده من قبلء واحدا فى الزمن واحدًا فى المكان» ورأيت بوضوح نهر 
السهم عند قدمى. فى تلك الساعة كان يعوق روحى شرٌ لم أكن تطهرت منه 
تمامّاء وكان يَجْتُمُ على ذراعئُ ويلتف حول وسطىء لكننى طرحته جانباء 
وانطلقت كالعقاب فى طيرانه إلى الموقع عينه فى النهر. وجعلت م عالمًا 
من فوق عالم من أجلك. شاهدت النهر يجرى من تحتىء نهر ا 
نزلته غمرتنى المياه» فإذا بى من جديد فى جسد اللاما تيشو. ولكن متحرر من 
الخطيئة» ورفع الطبيب البنغالى رأسى فوق سطح ماء النهر. إنه هنا! 0 
خلقة أعنة أتحان الناكدق هذا .هذا د . 


"الله كردم [التحمة يله أ الننغالق كان 'قويًا! حل أضيتك باليلل: الشندية»”. 

ولهاذا اكتف نذلك؟ اذكو أن الطدييب كان اقلق" كت ته اللانا نيقيو 
فأخرجه من المياه المقدسة بيديه» ثم جاء بعد ذلك تاجر الخيول ابن الشمال 
بنقالة وبعضص الرجال» ثم وضعوا الجسد م النقالة وحملوه إل منزل 





"ومَاذا قالت السيدة؟ . 

"كنت نسككرقا فى تاملا ابو أنا ف "ذلك الحمنيد» فلم استسى. .و هكذا ‏ انقهين 
البحثء. ولقاء ما أحرزت من امتياز وجدت نهر السهم. بل إنه تفجر تحت 
أقدامناء كما قلتء: لقد وجدته. يا ابن روحىء إنى انتزعت نفسى انتزاعًا من 
عتبة الحرية عائدًا إليك لتحريرك من كل الخطاياء ما دمت حُرَاء وبلا خطيئة! 
ما أعدل العجلة! خلاصنا مؤكد! هيا!". 

وعقد يديه فى حجره وابتسم» مثلما يحق لرجل فاز بالخلاص لنفسه 
ولحبيبه أن يبتسم. 


قائمة المراجع الأجنبية 
التى استشهد بها أو ورد ذكرها فى المقدمة 
إه وناطاما! عطا سه عتمم[ ٠١‏ اتطهى و امال .5عامقطن) ,معااهم 
بعلته لا تتتعلظ ريعا800 كدموعء5) ,عام ءا 7ر111 
ا 


: لا0لملطعطآ .لم17 15 مه ع اما مترونرو ]1 .لاعادع ملسا ,5 لطم 
ر اهقلط 20ج دعمططتهطا 1 


”.(18 ام نكا 110960ظ1) التاعصصع !اعمط 01 اعمط عط 1“ ../اا ,معلنم 
لم1 0]/ط! .0ه ,وء 471221 17 هام نمه ء]1 !1 0[ ١5.‏ 
-5255 ,يمرم ١535,‏ رلآالة ,لاع]] .قلع 0 زاعط20 اع10310 

516 


0 كتنوناعء لزه[ ١‏ ك2 11لة 2071 1م7710 .أت 1لعمع8 ,رمهدورع 0 دم 
: لاملحامط) .تمد ةأومة نو زه موء "تمك مده «رنو 01 1116 
]١ 145‏ 15 رموع 17 


”ركقوع10 01 137ماو1لط عطا صا ععواط وعم لامكا" راع0ل]آ ,مفصحلم 
4غ 5515-7 رمم ١! )١ 505-1١53‏ دو وى برو]درماء نا 

6 10تك ,آم ,د65 77د أومط ١‏ ععن[2 [إه 114 .132 ,مامعسصوظ 
جاماع 28111 ,.[.لآ[ ماماععط 1 ) ,نو أامءل1[ 07 110115هء10 
-65 ,مم (553؟؟١‏ رووعرط اإاأزومع م رلا 

لله دعكا 786 ”.عصلاملا 01 و5ع221ا عط1]*“ .مطمل ,لإاعانقو28 
117 17 (107 ج51١[‏ تبره مراةمرزا  ٠١‏ 011 1وامار] 


0١-41‏ بوم ثتلا5١‏ ,يعمتلاا : عاعملا بترعام 


ه6اغع 


0100-5 ا 
اعمط ١‏ بلقم[ 11 «رمتامء :0ن أوقء 50 0110 


١5531‏ رووعن2 لإازوتاع كلملا عع108تطصهن : عع#10طصضوت) 


علا 01 هال أتامم]آ عطا لدنج 201115 1هغوه2' .2011© ,ناماع 1 لممء 3 
يم ,نرم لسرن( مدر 02110715/ 111 , 2100لا 

“7 أده 17071 11[ , 21011 لاللمطة 0155" .للضم مقططقطظر 
1 هه 1 

طوااعصظ مز - 2018] أنامط كلاذ أوعص]ز ا عط 1" .101120 ,انحل تقطن 
كط ,عل 7116 : عدناما “ا [0 عع4 ©7176 12 .[مط1كا | 
عازه لا نتاتعل ل[ .01055) تنطهل .لع ,نام |[ ك5ا8 ونه ررممر 
58-15" 86 يدا 


اوعنطوهومء0 117 ١‏ ء«امردرط 1ه ع7أممملا .11 تتتعطكد كط ,لإعصلط 
0ع لطن ) ١٠١ ١5-١15 ١‏ ,وألمم][ [د] ا 8 0 رمناءتاكودر20) 
5١8-5١6‏ ,مم ١1317(‏ رووعع2 معووعلطن) 01 اوه 117ملا 

أوء:مادا8 4 ١‏ كاله 8:0 0ه 1817705171 .دع تقطن ,8110]1آ 
١1515,1١38(‏ ,رمعم )١151١,‏ .7015 ؟ ,إعاءع 35/6 

5 عرنأماكا /[0 01 4 111 ,”1مك 0730 ا" ,.1.5 ,امنا 
1ع طشك 1001161039 : 17خ ,لان عليه )١3151:‏ عورم[ 
١1١1١‏ ركامه8 

01 1112761116 16/121015 1/6 01 1[122) مكل .ل.ل تتقطناونتة] 
ب(3585١‏ بمعم) ١1107‏ رونمدر] 

كاك : علزه كا تعالا .]1 م) 186 تنه ع امال .له ,1أ10لاظا تنعط 01 


1 رووعم2 [ا1[ولع117مل] 


لمع صب سس سي سي سس 





[0 ء/17[ا أه ةعجر[ 116 : أمارهاددءء 122 10192 1/76 .0870/10آ ,01110101 
"0١5‏ عازه لا وى لحا) عمستام كا ل تونره 1 


ا / 01 1 ,””... لامكا ممه مصتعا" .لعقطء 8/1 ,مهاعم 1 ااه1] 
كم 


عا ما ععاتحرعق أع«رعء5 ل ١‏ تررق 0 0201 16 بتاعاع2 ب كام 0 
لكا نطول : هاما .هدوم 


مو 07 5 عترااماكءا إن تاء ننمءذ5 دل ١‏ 1اءا “مر |05 .ناماع ,عا عام ه10 
١3531١5١ 11‏ ,لإ نالا متطمل : 0601م ط) 7ه 0 


تعلط .عدااماءا عاطم201 1176 10 12110010111012 .متالار] ,عامط 
01 1-0172 .مم ,145 ١‏ متناممعط : عامرملا 


٠ 40 11001121011 010‏ 005171 .35 تطأواغطن) ,دلإعنتطم مضت 
121 ,ناشطع ,0106011 [ط) 01106 


ع1 01 لالمتمطمعط عط]!"“ .]1 أنالطخث ,لعصسقطهك84 صول 
ما ععمدعقع]011آ 121ع1]2 01 زماأعسلط عط[1 : لتزمعه11م 
017ل بنوننتوس[ أوء :0 ,”عتلطوتعائاً أوالأهامهاه 0 

55-81 ,مم ١1465,‏ لاللتتلطناث ١,‏ .ملم 


كنك انك )1 أ210ك كنرك دكا 00.١‏ عل 1107ل بودةاماكا .الهلصة خا ,ااعنول 
ب01101076) 310 5019115 ,تولاتة 1 : عإنزه لا بوع لآ ١772-1775‏ 
7537-5 رورم ١980,‏ 


صا ,”واع810 5اع128أام لكا 10 م1وا/ا“ .عايدك/8 روععاعء 117 -20ع مك1 
00 ل1لعطددكا لتاعتلصط عله ,انل ته لتقلل[ اع دادعا 
١515‏ رووع” /إالورع 0107لا 10م ]مهاد :له 0 ,01010ة5) 

5378-75 ,رم ١9555(,‏ .امم 


لااءع 





ك1 بابز مط ٠‏ [أء درطل 07 5071:1112 .0310لتكآ رع ص1ام ا[ 
لا ,ل1ن) معلمهةت)) «مرممو/جرز ‏ 0ه 70110711 
١171(.‏ رضهترهنآ ,/إهلع61ن1ه20آ] 


1610ل عالالملاء0آ ,ءكمء1 عاءام 00 .151107:310 ,1108م 1س[ 
عخلط117 عط[ عروم) ١585‏ بعرملا عاط روكاموظ8 اماعمم 
.(١55.م,‏ معلضباظ و ”مدك83 


10[ 171:5 كل طلا ,”اع 1م00 1115011631 م1 نوكل" .8 'للماظ 108ل[ 
5107-6 .زم يقة1[102[ناك 6 5١١5,‏ .ملع 


[0 م0101 4 10 101001161105 .أعورعجرهذ ./اا ,متقطع 83/4 
دا .مم ١125‏ رطةالتصاء 1/2 : 000.] .ءكمم 5 مامكا 
2 

8 : ”0316 عط ]0 15 طنط عط 1“ .اعقطء1 34 .4 ,متخت ك3 
أه1قءمطط] عط ططامط ,ع1 ماعطا ع8/111221501 5ع نامك[ 
©1121 نهم -550 3 ,*اعاطع 0 10221 ول8 عطا 0غ لإتاعطم معط 
-/ا١؟‏ رمرم ب(كة5١‏ [لوط) ؟ ”١.‏ وحمل مز رز ع أونتاى 111 
555-65 بممر(كةة5١‏ ترعامزر/اا) ؟ لمج اه 


أننره 0ن ©1717 ١‏ أمس :رمن مدنت ص اودتعا .ذل نطول رع 3/01 
رووع 21‏ لإأأواع كلملا هقط :.1355 ,عع10:طمتنة0) 
5.8 م [للفك ١‏ 


/[0 ك510712 اماي اكء8 ©7117 10 00111101 ام1] .لزع 1ع[ روترع نزع3/4 
مم ١5161‏ بأعمعاذ : عالره لا بتعلا .عمنام ءا س1 
1711-1 

عاط0ل! عت وعصعو8) نل 10 *مه0 اع لل متم“ .لزع 1ع[ ,وترعنء 1/4 
3١١ 5(‏ بعاتملا بتتعلط روم1و0135 


2110 





07 من1اء 00/1 4 م[ ١117.‏ .”عمستام كا ها“ .عع 0601 ,ااعتر0 
01م سه 1 ل[ ,8ق01). 2ع03310) .كنزددوط 
١+ ,0 1011‏ ,80015 


72 جره كوأولةا5 ١‏ ووأ«وناو 10150 ونبه كتروتعناء2 .قاتمء8 ,سوط 
ممه[ مال 1710107 8715/1 176 ١‏ 
لكر ون 757-١55‏ .مم ,1175 ١‏ رغصم[ مع1ام 

31191117[ 320 31012آل طا *”2 82102 2 15 غقط/8ا “ .أوعغصاط ,مقمع ]1 
: عااملا بتاعا 320 2هل0طمط) مططقط8ظ .>[ [صرمط .0ء 
.م53١‏ رععل»ع0011] 


١‏ 1107م 01 جز و6 1األب10 ١‏ 177976 :714107 .8 تتقتة 2 ,لإمر 
: الاعأععلةء8) .11171172 أموتددمامءاو20 تنه أ أتره/60) 
ب(554١‏ رووة1 21110110198 01 لإأأواء تاملا 

اع تدطصتل8 م تبه داز د ود اصع .له ,لاعلصم ,10م عع طان؟] 

7١75-4‏ ,وم ١554,‏ ,لنزه8 ممه 011762 : ممكدم.آ لمة 
0111 

ه515 هه ص 11) 171 6 ”ونع دط مم1“ .77 موك ,5310 
ع1 ) 5١-51.‏ .مم ١341(,‏ ,رعامه8 ملتبجومءط :عمط 
.(100 160 وتوم 

أده ه810 4 ٠‏ ع71اأصاكا نات .لاتتهل/8 ,لااخلصدذ- تناه لاعت 

31" يمرزكة8؟ ١‏ رووعة و'ستامد381 .56 : علزملا عول2) 2 

8ع نط0 ) 1014 [كاأعاط /0 :22210601 7776 .طوعهك ,معانك 

١١7-17‏ .مم ١557١,‏ رووععظ معوعءلطن) 01 117ولء ألملا 


6 





مغامرات صبى 


11 ©116ه6071ال .٠‏ #ررتكر .0ه ,.1 طعقطمي ,ضه1110ناك 
.ةا : 1ر70" برعل! ‏ .««ردوقء )01]1‏ ,كو اممرع 21 
0ك 


مزء””2 ركز 01 مقط عط غ3 قمعم مقط غقط 7لا" ,1 طععتطمتك ,مه 1 اياك 
55١-567‏ .مم 1١١",‏ رتولا ل[أنا5 .لع كر 


1 رع :171 أورا ءا 0 نر 12 لزه ]برل 77:6 . 3/1.5. ل ,دماعام ره‎ ١61١ 


1ا 211 ملتاالطط .0» ,م10 كترمع12 عامل عأ 1و2 رقحصطة 1171111 
51116 مم ١545‏ 


ع171أمتءا 1/0074 زه 1106 عع517271 ©7176 .كلناعصث ,ه1115 


)127 1101 رعاموظ برتبييويرء8 : “0 ضاسو‎ ١115(, رورم‎ ٠٠- 
4 


12 ”,120 8105009 أقطا عسمتامكا[ عط1" .لالظ ,رمه15 1171 
6 11 دولناد روبد ء 5 ٠‏ 8011 126 2710 01770 1[ 


)١551١ عإزملا بولح‎ : 071010 101115119 055 
١9156١ 


070 عاع هلآ ١‏ 1712217161107 أه 7712671 7772 .0آ واتاعرا ,الوع متا 
تلطه ,نانتا0]ة )8/11001‏ .1م17 كنودر امك 17 ابل 
,55-55 ررم ١585(,‏ رووعع لإ)زؤورء/اامل1] صولاعاوهء1717 

له 


٠ 176 4715/0-‏ 077-7085077 عطب2 .اأعصعا8 .ىم ل0ة ,تفط رعايطا 
: عقلط5 1716151010 ,ععة1717 ,14471 ,لرإمهمه 10111 110107 
1ر770 


1ت 5 و7177 ا ا و 211 لقتل 7 117173717 مع 


المؤلف فى سطور 


0 رديارد كيبلنج: )١1985-1856(‏ أول كاتب 
إنجليزى يفوز بجائزة نوبل فى الآداب )١1007(‏ وقد اشتهر بأنه 
'شاعر الإمبراطورية' الذى يتغنى بأمجادها فى شعره ونثره» الأمر 
الذى جعله خلافيًا من الزاوية العقائدية فى القرن العشرين» فكثرت 
الدراسات التى تتناول فكره وفنه؛ أحدثها كتاب كامل عنه صدر عام 
41.» وتعددت وجهات النظر إلى شعره ونثره ما بين مادح 
وقادح؛ على امتداد ما يزيد على قرن كامل» حتى بعد أن تغير موقفه 
يعدن عن فكره القديم. 

ويختلف كييلنج عن غيره فى أنه شاعر وناثر معاء لا 
يستطيع الفصل بين هذا وذاكء؛ ولذلك لا تخلو رواياته من أشعار 
يكتبها من وحى أحداث العمل المنثورء كما تظهر فى شعره آثار 
مذهبه الروائى القائم على الوصف الحىّ 'الواقعى 2 والمذهب ٠‏ 
'الرمزى * الوليد (آنذاك). 


اع 


المترجم فى سطور 


د. محمد عنانى:» ولد عام 2١9475‏ أستاذ الأدب الإنجليزى 
بجامعة القاهرة» والأديب والناقد» له خمسة دواوين شعرية وثمانى 
عشرة مسرحية» وأصدر نحو 75 كتابًا ما بين مؤلف ومترجم من 
بينها تسع عشرة مسرحية لشيكسبيرء ترجمها شعر! ونثرا وفقا 
للأصل» وملحمتى . الفردوس المفقود وعودة. الفردوس للشاعر 
ميلثون» وملحمة دون جسوان للشاعر بايرون» وتتضمن كل من هذه 
مقدمة وافية وحواشى ضافية. وله كتب فى النقد الأدبى أهمها 
المصطلحات الأدبية الحديثة» ومجموعة كتب. قيمة فى مبحث 
دراسات الترجمة؛ من أهمها نظرية الترجمة الحديثة. 


قات يوسان السلود ربو الققوة ذفان #الطليقة: الا ليه (2)154 ار 
خبيرا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة 2)١995(‏ وفاز بجائزة التفوق 
فى الآداب )١115(‏ وجائزة الدولة التقديرية فى الآداب .)35٠١7(‏ 


ع 


رواية "كيم" المنشورة عام 101 تحكى قصة صبى يتيم ولد 
فى الهند فى عهد الاستعمار, فنشأً ممزقًا بين حبه الراسخ للهند 
التى ينتمى إليها مولدا ونشأة وبين واجب ولائه لانتمائه العرقى 
(الأيرلندى - الإنجليزى) الذى يفرض عليه العمل لصالح جهاز 
الاستخبارات البريطانى فى آسياء ومن نّم يصور المؤلف رديارد 
كيبلنج ذلك الصراع فى نفسه بين دوافع الانتماء الثقافى 
(الهندى) والانتماء العرقى (البريطانى) وكيف كان فى الحقيقة 
يمثل البحث عن هويته. وتعتبر الرواية افضل ما كتبه المؤلف» 
كما كانت العامل الأساسى فى حصوله على جائزة نوبل فى 
الآداب عام 1907 . 
والنص مترجم بدقة متناهية: تتيح للقارئ أن يتذوق أسلوى 
الكاتب لا فكره فحسب. ويقد م المترجم للنصر بمقدمة وافية 
عن المؤلف والرواية اا 0 آنذاك (فى أواخر 
القرن التاسع عشر) وأديان الهند وما إلى ذلك ؛ ؛ مما يساعده على 


التمتع بالرواية. 


تصميم الغلاف: عبد الحكيم صالح